الدروس المستفادة من تجربة دول شرق آسيا فى تنمية الصادرات

نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة

المؤلف

مدرس بقسم الاقتصاد والتجارة الخارجية بکلية التجارة وإدارة الأعمال جامعة حلوان

المستخلص

يرکز هذا البحث على الجانب المثير للجدل فى تجربة "معجزة دول شرق آسيا" اقتصاديات حديثة التصنيع وهو دور نمو الصادرات والسياسة الصناعية بهذه التجربة، وذلک على نطاق واسع ليشمل مجموعة التدخلات للتغيير الهيکلى ورفع نمو الصادرات. ويشير البحث إلى أن هناک بعض الدروس المستفادة بالنظر في التاريخ الاقتصادي الحديث، تختلف باختلاف الاقتصاديات في مراحل التطوير المختلفة. فبالنسبة للاقتصاديات الناشئة ذات الدخل المنخفض تميل الصادرات للمنتجات الأولية ويسير التصنيع ببطء شديد. لذلک يعتبر الدرس المستفاد لهذه الاقتصاديات، هو أن بعضًا من مقاييس السياسة الصناعية التى استخدمت بنجاح في دول حديثة التصنيع (مثل دعم التصدير ودعم المنتجين الجدد)، لديهم دور يلعبونه في المرحلة المبکرة نسبيا من التصنيع ويمکن استخدامها بفعالية لتشجيع تنويع الصادرات وتوسيع المصنوعات الجديدة، وهذا لا يخالف لوائح منظمة التجارة العالمية. أما بالنسبة للاقتصاديات الناشئة ذات الدخل المرتفع، فإن جدول الأعمال لديهم سوف يختلف وسيتغير الهدف ليکون درجة نجاح اعلى لهيکل التصدير والتحرک على سلم الميزة التنافسية. وتشير التجربة في التسعينات بقوة إلى أن المبادرات الحکومية لدعم القطاع الصناعي سوف تظل هامًة، ولکن يجب أن يرکز الآن بشکل أساسي على إجراءات مثل توفير البنية التحتية، خاصة فيما يتعلق بتکنولوجيا الاتصالات والمعلومات، والتعليم وتطوير المهارات وتعزيز الابتکار في التکنولوجيات الحدودية.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


1ـ مـقـدمـة البحث:

برز الإهتمام بقضایا التنمیة الاقتصادیة فى الدول النامیة بعد الحرب العالمیة الثانیة، حیث حصلت العدید من الدول على استقلالها السیاسى، وبدأ إدراکها یتزاید لأهمیة دعم هذا الإستقلال بجهود متواصلة لتحقیق الإستقلال الاقتصادى من خلال الإسراع فى خطواتها على طریق التنمیة الاقتصادیة. ویتضح أن غالبیة الدول النامیة اتجهت بعد الحرب العالمیة الثانیة إلى إتخاذ القطاع الصناعى محورا ارتکازیا فى جهودها نحو تحقیق التنمیة الاقتصادیة لزیادة دخلها القومى، وزیادة متحصلاتها من النقد الأجنبى، والتخفیف من حدة البطالة التى تعانیها تلک الدول، وترجع أهمیة هذا القطاع بصفة أساسیة لارتباطه بقطاعات هامة داخل الاقتصاد القومى من جانب، وارتباطه بالتجارة الخارجیة من جانب آخر.

وتعتبر تجربة دول شرق آسیا فى تنمیة الصادرات ذات خصائص ومعالم تجعل منها تجربة جدیرة بالدراسة والاهتمام، فقد تمکنت هذه الدول من تحقیق هدف النمو السریع خلال الفترة مابین الستینات والتسعینات، ثم تحولت إلى دول متقدمة فى بدایة القرن الحادى والعشرین. الأمر الذى یتطلب مناقشة هذه التجربة على نطاق واسع، والوقوف على عوامل نجاحها والتحدیات التى واجهتها وکیفیة تخطیها والمضى فى مسار النمو السریع، بالإضافة إلى دراسة إمکانیة الاستفادة من هذه التجربة فى تنمیة الصادرات باقتصادیات الدول النامیة الاخرى.

وعلى الرغم من أن التمییز بین الاقتصادیات الأقل نموا وغیرها من الدول النامیة أو الناشئة تعسفی إلى حد ما، لکنه یعکس الاختلافات فی نطاق الهیکل الصناعی بینهم. ففی اقتصادیات الدخل المنخفض تمیل الصادرات للمنتجات الأولیة ویسیر التصنیع ببطء شدید. فالاحتیاجات المختلفة للدول الأقل نمواً الیوم، یتم إدراکها من خلال معاملتها التفاضلیة فی منظمة التجارة العالمیة. أما بالنسبة للاقتصادیات الناشئة ذات الدخل المرتفع، فإن جدول الأعمال سوف یختلف وسیتغیر الهدف لیکون درجة نجاح اعلى لهیکل التصدیر وتحریک سلم المیزة التنافسیة.

1ــ 1 إشکالیة وأهمیة البحث:

تنبع أهمیة البحث من حیویة قطاع التصدیر فى أى اقتصاد، وخاصة الاقتصادیات النامیة. فقد أصبحت قضیة تنمیة الصادرات من الأهداف الرئیسیة لخطة التنمیة الاقتصادیة لکافة الدول النامیة، حیث تعتبر الصادرات هى المسئولة بشکل أساسى عن تمویل عملیة التنمیة الاقتصادیة وذلک عن طریق استیراد السلع الوسیطة والرأسمالیة والتى تحتاجها هذه العملیة، لذلک لابد من توفیر حصیلة الصادرات لتمویل الواردات، کما أن الصادرات تضمن الاستفادة من الطاقات الإنتاجیة غیر المستغلة، ووفورات الحجم، ومواکبة التقدم التکنولوجى، وخلق فرص عمل، وزیادة إنتاجیة العامل، وجذب الاستثمار الأجنبى إلى الداخل. ومع وجود رغبة قویة فى تحقیق هذه الأهداف تبنت العدید من الدول سیاسة تشجیع الصادرات، والتى اعتمدت على توفیر کافة العوامل المساعدة على زیادة الصادرات ورفع القدرة التنافسیة لها.

وقد زاد الاهتمام بهذه القضیة باختلاف البیئة الدولیة الآن عما کانت علیه فی أوائل الستینیات، عندما بدأ النمو السریع للصادرات المصنعة من الطبقة الأولى من الاقتصادیات حدیثة التصنیع لتصل الى الأسواق العالمیة. حیث أن قوى العولمة فی کل من التجارة وتدفقات رأس المال أصبحت الآن قویة جدا، وأصبحت التجارة الأقلیمیة أکثر أهمیة کما أن شرکات النقل أصبحت تنشئ شبکات إنتاج مدروسة ومتقنة، سواء على المستوى العالمی أو الاقلیمى. وقد تم تعزیز قواعد وإجراءات النزاع التی تحکم التجارة الدولیة بظهورمنظمة التجارة العالمیة (WTO). بالاضافة إلى أن الأفکار المتعلقة بالسیاسة الاقتصادیة والوسائل الاکثر فعالیة لتحفیز التنمیة الاقتصادیة تختلف الآن بدرجة وعى کبیرة بالتکالیف المحتملة للتدخلات من أجل السیطرة على الأسواق. ویشیر البحث إلى أن هناک بعض الدروس المستفادة من هذه النظرة إلى التاریخ الاقتصادی الحدیث، والتی تختلف بالنسبة للاقتصادات فی مراحل مختلفة من التنمیة.

وفى هذا الإطار تتمثل مشکلة البحث فى التساؤلات التالیة:

1-    هل کانت السیاسة الصناعیة المتبعة فى دول شرق آسیا، مصدرا رئیسیا للنمو فى هذه الاقتصادیات؟

2-    ما هى مقومات نجاح نماذج دول شرق آسیا فى تنمیة الصادرات؟ وأثر السیاسات الاقتصادیة الکلیة التى اتبعتها هذه الدول على صادراتها؟

3-    هل یمکن تکرار هذا النجاح فى الاقتصادیات الناشئة الأخرى؟

4-    ماهى الدروس المستفادة التى یمکن استخلاصها من تجارب دول شرق آسیا؟

1ــ2 هدف البحث:

یمکن إیجاز هدف البحث فى دراسة وتحلیل تجربة دول شرق آسیا فى تنمیة الصادرات ودور السیاسة الصناعیة بها، واستنباط أهم عناصر نجاحها وحدود وإمکانات الإستفادة من هذه التجربة لتنمیة الصادرات باقتصادیات الدول النامیة.

1ــ3 المنهج والأسالیب المستخدمة:

اعتمد البحث على منهج تحلیلى وصفى کمى، حیث اعتمدت الأجزاء الأولى منه على الإسلوب الوصفى لعرض أهم الدراسات التى تناولت بالتحلیل السیاسات المطبقة فى بعض دول شرق آسیا وتقییم تأثیرها. وفى الأجزاء التالیة تم تناول تجارب دول شرق آسیا فى تنمیة الصادرات، وتحلیل السیاسات التى اتبعتها هذه الدول لنمو صادراتها. وذلک لتحقیق أهداف البحث والوصول إلى الدروس المستفادة من هذه التجارب.

1ــ4 أجزاء البحث:

تنقسم الورقة البحثیة إلى ستة أجزاء بعد المقدمة والتى شکلت الجزء الأول، وتشمل، (إشکالیة وأهمیة البحث، هدف البحث، والمنهج والأسالیب المستخدمة، وأجزاء البحث)، یذهب الجزء الثانى إلى إستعراض أهم الدراسات السابقة التى تناولت بالتحلیل تجربة دول شرق آسیا والسیاسات المطبقة بها وتقییم تأثیرها، ویتم فى الجزء الثالث استعراض نمو الصادرات فى دول شرق آسیا والسیاسة الصناعیة المتبعة بها وذلک کمحاولة للربط بین وتفسیر العلاقة بین السیاسة الصناعیة ونمو الصادرات بهذه الدول، کما یعرض الجزء الرابع دراسة موجزة عن تجارب دول شرق آسیا مع الترکیز على جمهوریة کوریا وتایبیه والصین وسنغافورة، أما الجزء الخامس فیتم فیه تحلیلللسیاسات المتبعة لنمو الصادرات فى هذه الدول للوقوف على مقومات نجاح هذه التجربة والآلیات اللازمة لتطبیقها فى اقتصادیات الدول الناشئة الأخرى، وأخیرا یذهب الجزء السادس إلى عرض الدروس المستفادة من تجارب دول شرق آسیا فى نمو الصادرات، ویتمثل الجزء السابع فى قائمة المراجع.

2- الدراسات السابقة فى تحلیل تجربة التنمیة بدول شرق آسیا

حاول عدد من الدراسات التی تستخدم مجموعة متنوعة من المنهجیات تقییم تأثیر السیاسات المطبقة بدول شرق آسیا. فقد استخدم عدد من الدراسات نماذج الانحدار لدراسة تأثیر تدخلات السیاسة الصناعیة إما على نمو TFP[1] على المستوى القطاعی،[2] أو فی الحالة الیابانیة بشأن تغییر شروط التجارة الدولیة.[3] لا تکشف هذه الدراسات عن أی دلیل ثابت على أن تدخلات السیاسة الصناعیة أثارت TFP أو القطاعات الاستراتیجیة المنتقاة، لکن یمکن قراءة نتائجها للإشارة إلى أن تدخلات السیاسة الصناعیة أبطأت بالفعل نمو الإنتاجیة. فى حین تمیل الدراسات التی رکزت على الدعم العام للبحث والتطویر الأساسی إلى استنتاجات أکثر إیجابیة.[4]

وبالمثل، فی حالة کوریا الجنوبیة، تحاول توثیق التدخلات لالتقاط العوامل الخارجیة بین الصناعات وبالتالی توسیع مجموعة الإنتاج من الاقتصاد، ویتم تقییمها إما مباشرة من خلال جدول المدخلات والمخرجات،[5] أو بشکل غیر مباشر عبر تحلیل الاقتصاد القیاسی للسلسلة الزمنیة،[6] وتشیر إلى أن هذه الظروف لم تکن واسعة الانتشار بشکل عام. بالرغم من أن تدخلات السیاسة الصناعیة کان لها تأثیر إیجابی فی بعض الحالات، إلا أنها لم تکن التفسیر الرئیسی لأداء النمو الاستثنائی لکوریا الجنوبیة خلال هذه الفترة. وکان السبب فی معظم النمو هو تراکم رأس المال.

کما ان هناک عدد کبیر من دراسات الحالة لمختلف الصناعات والمشروعات والمبادرات، التی وصلت إلى مجموعة من الاستنتاجات غیر المحددة والمتناقضة بشکل متوقع. وتتمتع دراسات الحالة بمیزة الکشف عن تفاصیل مؤسسیة کبیرة، ولکن یعاب علیها أنها محدودة فی قدرتها على طرح الحقائق المضادة.

باختصار، یوجد عدد من الدراسات التی تستخدم مجموعة متنوعة من المنهجیات التی تحاول تقییم السیاسات الصناعیة التی تنتهجها بعض دول شرق آسیا. والمراجعة الشاملة لهذه الدراسات تتجاوز نطاق هذا البحث، لکن یمکن القول أن الأدلة الداعمة لوجود التأثیر المتسارع للنمو للسیاسات الصناعیة متواضعة.[7] فی حین أنه من السهل نسبیًا توثیق التأثیر الذی أحدثته تدخلات السیاسة الصناعیة على تکوین الناتج والتجارة (أی أنه تم بالفعل تحویل الموارد)، فإن المحاولات الرسمیة لنمذجة تأثیر تدخلات السیاسة الصناعیة لا تکشف إلا القلیل من التأثیر الإیجابی على الإنتاجیة أو النمو أو الرفاهیة. قد یکون هذا مفاجئًا بالنظر الرأی التقلیدی القائل بأن هذه الحکومات تتدخل بطریقة نشطة وبناءة إلى حد ما، وأداء النمو الواضح لهذه الاقتصادات.

3-  نمو الصادرات فى دول شرق آسیا والسیاسة الصناعیة بها

أکدت العدید من الدراسات أن أسباب معجزة شرق آسیا لا یمکن ارتکازها على عامل واحد بسیط لمجموعة متنوعة من التجارب.[8] ومع ذلک، هناک حقیقة واضحة وهى أن اقتصادیات هذه المعجزة شهدت نموسریع للغایة للصادرات المصنعة، والتی یمکن اعتبارها متغیر حاسم فی "الإقلاع الاقتصادی" منذ عام 1960 للطبقة الاولى من اقتصادیات حدیثة العهد بالتصنیع (جمهوریة کوریا وتایبیه والصین وهونغ کونغ وسنغافورة). ولاحقا الطبقة الثانیة (مالیزیا وتایلاند واندونیسیا) والتى شهدت أیضا نموا سریعا فی عام 1980. على سبیل المثال، ارتفعت حصة الطبقة الاولى فی الصادرات العالمیة من السلع الصناعیة من 1.5 ٪ فی عام 1965، إلى 5.3٪ فی عام 1980 وإلى 7.9٪ فی عام 1990؛ حصة مجتمعة من مالیزیا وتایلاند واندونیسیا ارتفعت من 0.4 ٪ فی عام 1980 إلى 1.5 ٪ بعد عقد من الزمان.[9]

کما یتضح أنه یوجد تشابه کبیر فی الأنواع للصناعات التصدیریة التی تتخصص فیها الدول فی المراحل المماثلة فی التنمیة للدولة. فقد بدأت جمیع الدول بالترکیز على السلع کثیفة العمل ذات التکنولوجیا البسیطة. على الرغم من أن سرعة الخروج من هذا قد تباینت، إلا أنه تم الانتقال دائمًا إلى مجموعة من العناصر الأکثر کثافة من حیث رأس المال والتکنولوجیا المتطورة. هذا النمط الشائع من التخصص الأولی فی الأنشطة کثیفة العمالة أو کثیفة الاستخدام للموارد متبوعة بالانتقال على سلم المیزة النسبیة، مع تغیر وفرة الموارد النسبیة، هو بالضبط التسلسل المنصوص علیه فی "مراحل المیزة النسبیة" منذ سنوات عدیدة فى (Balassa 1977).[10]

کما اختلفت الآلیات المؤسسیة لهذا النمو فی الصادرات، على سبیل المثال کانت الشرکات المحلیة أو الأجنبیة هی المحرک الرئیسی، سواء استخدمت مناطق تجهیز الصادرات، أو مدى الدعم المرتفع المطلوب للتصدیر ومدى تدخل الحکومة من خلال الائتمان الموجه لترقیة هیکل التصدیر. ویلخص الجدول(1) توقیتات التحولات فی السیاسة التجاریة فی هذه الاقتصادیات. ویتضح أنه عندما انصرفت الاقتصادیات الأربعة الأولى من أسواق التصدیر، امتلأت بها المجموعة الثانیة، کذلک فى الجدول(2) والذى یستعرض حصة إجمالی الصادرات التی حصلت علیها فئات معینة من المنتجات خلال الفترة من منتصف الستینیات إلى أوائل التسعینیات.

جدول(1) توقیت التحولات فى السیاسة التجاریة لبعض دول شرق آسیا

Singapore

Thailand

Taipei,china

Malaysia

R.of korea

Indonesia

1959-1964

بدائل استیراد مکثفة

1955-1970الصادرات القائمة على الموارد الطبیعیة

1953-1957

إحلال الواردات

1950-1970الصادرات القائمة على الموارد الطبیعیة

1961-1973إقلاع التصدیر الأولی

1948-1966القومیة الاقتصادیة تأمیم الشرکات الهولندیة

1967-73

تشجیع تصدیر العمالة المکثفة

1971-80 استبدال الواردات

1958-72 ترویج الصادرات

1971-85 استیراد بدائل وترویج صادرات

1973-1979 الصناعات الثقیلة والکیمیائیة

1967-1973

بعض تحریر التجارة

1973-1984

تطویر هیکل التصدیر

1980-

وما بعده تحریر التجارة وتشجیع الصادرات

 

1973 - 76

التوحید الصناعی

 

1986-

وما بعده التحریر التدریجی للتجارة وتشجیع الصادرات

1980-1990

تحریر تدریجی والتحرک إلى أقل انتقائیة

1974-1981

النفط وازدهار السلع

1985-

ومابعده تعزیز الصادرات من التکنولوجیا العالیة والخدمات

 

1981 -

ومابعده تصنیع التکنولوجیا العالیة

 

1990-

وما بعده تحریر التجارة والصادرات المتطورة

1986-

وما بعده التحریر التدریجی للتجارة وتشجیع الصادرات

Source: World Bank (1993) The East Asian Miracle, Washington DC.

جدول(2) تغیر ترکیبة الصادرات للطبقة الاولى والثانیة من اقتصادیات حدیثة التصنیع (الصادرات المختارة % من اجمالى الصادرات غیر النفطیة)

1994

1985

1975

1965

Republic of Korea

2.8

4.4

14.1

17.5

Food

22.7

32.1

43.9

30.9

Textiles, clothing, footwear

1.1

0.7

5.6

11.1

Wood and paper products

5.7

2.0

0.7

1.5

Non-electrical machinery

20.8

7.2

6.4

0.3

Electrical machinery

7.1

3.6

1.6

0.2

Chemicals and pharmaceuticals

4.0

2.1

1.0

0

Computer and office equipment

6.7

5.7

3.0

0.9

Communications equipment

1994

1985

1975

1965

Taipei,China

4.0

6.2

16.6

53.0

Food

19.4

32.6

38.9

15.8

Textiles, clothing, footwear

1.7

2.9

5.2

7.3

Wood and paper products

8.2

4.5

2.8

1.4

Non-electrical machinery

15.1

9.1

5.1

1.4

Electrical machinery

6.1

2.9

2.0

4.9

Chemicals and pharmaceuticals

13.5

4.5

1.6

0

Computer and office equipment

6.6

7.7

9.0

1.3

Communications equipment

1994

1985

1975

1965

singapore

4.8

7.6

11.8

21.2

Food

4.0

6.5

7.8

9.1

Textiles, clothing, footwear

1.0

2.4

3.1

1.3

Wood and paper products

7.5

8.6

8.6

4.6

Non-electrical machinery

23.4

19.0

13.2

1.8

Electrical machinery

6.9

8.7

6.0

5.7

Chemicals and pharmaceuticals

27.6

9.3

2.6

0.3

Computer and office equipment

10.4

8.6

4.9

0.5

Communications equipment

1994

1985

1975

1965

Hong kong, china

2.9

2.1

1.9

4.7

Food

44.8

46.7

60.4

64.2

Textiles, clothing, footwear

1.5

0.6

0.3

0.5

Wood and paper products

3.3

1.6

0.6

0.6

Non-electrical machinery

13.1

9.0

6.1

3.1

Electrical machinery

4.0

1.1

0.9

1.3

Chemicals and pharmaceuticals

7.1

5.7

1.7

0

Computer and office equipment

4.5

6.9

7.0

3.6

Communications equipment

1994

1985

1975

1965

indonesia

11.7

14.6

22.7

27.0

Food

24.7

6.1

0.3

0.2

Textiles, clothing, footwear

17.3

10.0

0.1

0

Wood and paper products

0.6

0.2

0.8

2.5

Non-electrical machinery

2.1

0.8

0.6

0

Electrical machinery

3.2

5.9

1.4

0.5

Chemicals and pharmaceuticals

0.9

0

0

0

Computer and office equipment

2.5

0

0.1

0

Communications equipment

1994

1985

1975

1965

malaysia

3.6

6.1

7.7

6.9

Food

6.2

4.5

2.7

0.5

Textiles, clothing, footwear

4.1

1.5

2.6

0.7

Wood and paper products

3.6

2.1

1.6

0.7

Non-electrical machinery

24.5

17.9

3.1

0.2

Electrical machinery

3.1

1.6

1.0

1.1

Chemicals and pharmaceuticals

10.0

0.2

0.9

0

Computer and office equipment

13.8

3.3

0.6

0

Communications equipment

1994

1985

1975

1965

Thailand

22.7

47.4

64.0

55.2

Food

20.4

16.7

6.6

0.5

Textiles, clothing, footwear

1.1

1.3

1.3

0.1

Wood and paper products

3.7

1.8

0.2

0

Non-electrical machinery

12.7

6.3

1.0

0.1

Electrical machinery

3.0

1.4

0.6

0.1

Chemicals and pharmaceuticals

9.5

0.8

0

0

Computer and office equipment

4.2

0.1

0.1

0

Communications equipment

Source: UNCTAD, Trade and Development Report 1996, Geneva, 1996.

من البیانات المدرجة فی جدول (2) تتضح العدید من الاتجاهات یمکن إیضاحها فى النقاط التالیة:-

  • · انخفاض الأهمیة النسبیة لصادرات المنتجات الأولیة (الغذاء أساسا) للطبقة الاولى من اقتصادیات حدیثة التصنیع من منتصف 1960، والتی کانت مهمة فی البدایة فی جمیع الحالات، باستثناء هونغ کونغ، الصین.
  • · الأهمیة الأولیة والانخفاض النسبی اللاحق فی صادرات المنسوجات والملابس والأحذیة من هذه الاقتصادات.
  • · الظهور خلال الثمانینیات من الطبقة الاولى لاقتصادیات حدیثة التصنیع بتحقیق صادرات کبیرة من السلع کثیفة رأس المال والتکنولوجیا، مثل الآلات الکهربائیة والکیمیائیة و المستحضرات الصیدلانیة والحاسوب ومعدات الاتصالات.
  • · نمط مماثل إلى حد کبیر للطبقة الثانیة من اقتصادیات حدیثة التصنیع مع بعض الاختلافات فی التوقیت والمحتوى؛ حیث أصبحت صادرات المنسوجات والملابس والأحذیة مهمة کنسبة من الصادرات بعد حوالی 20 سنة مما کانت علیه فی حالة الفئة الأولى، فی وقت متأخر من عام 1980 بدلا من أواخر 1960 (على الرغم من أنها لم تصبح ذات أهمیة کبیرة فی مالیزیا)؛
  • · تأخر مماثل لمدة 20 سنة تقریبًا فی المستوى الثانی من اقتصادیات حدیثة التصنیع فی الارتفاع فی نصیب الصادرات من بعض المنتجات کثیفة التکنولوجیا والمهارة، مثل الالات غیر کهربائیة والکیماویات والمستحضرات الصیدلانیة.
  • · خطوات سریعة ومبکرة فی تغییر ترکیبة الصادرات نحو بعض الأنشطة المکثفة تقنیًا - بشکل أساسی أجهزة الکمبیوتر ومعدات الاتصالات فی کل من مالیزیا وتایلاند (ولکن لیس إندونیسیا)؛ هاتین الفئتین کانت 24٪ من إجمالی الصادرات غیر النفطیة فی مالیزیا و 14٪ فی تایلاند فی عام 1994، مقارنة مع 11٪ فی جمهوریة کوریا، و 20٪ فی تایبیه، والصین، و 39٪ فی سنغافورة و 12٪ فی هونغ کونغ، الصین.

الانتقال إلى قطاعات التکنولوجیا العالیة خلال التسعینات فی اقتصادیات المستوى الثانی کانت مدفوعة بأنشطة الاستثمار الأجنبی المباشر حیث قامت الشرکات الدولیة بتحویل أجزاء من سلسلة القیمة الخاصة بها إلى مواقع الأجور المنخفضة. وکانت مخرجات هذه القطاعات من بین أکثر المنتجات دینامیکیة فی التجارة العالمیة على مدى العقدین الماضیین. ومع ذلک، تعکس البیانات، بالنسبة لاقتصادات المستوى الثانی، أن معظم صادراتها من هذه السلع سوف تغطى عناصر المهارة المنخفضة لعملیة الإنتاج المتعلقة بالتجمیع أو التصنیع البسیط لـلأجزاء والمکونات، لاستخدامها فی مکان آخر فی السلسلة.

ویمکن توسیع نطاق البیانات الواردة فی جدول (2) بالترکیز على تصنیف الصادرات على نطاق واسع من الفئات التکنولوجیة. حیث یبین جدول (3) البنیة التکنولوجیة المتغیرة للصادرات من اقتصادیات حدیثة التصنیع فی 1985 و 1998 باستخدام شکل معروف من تصنیف التکنولوجیا.

جدول(3) صادرات الصناعة التحویلیة (وفقا للفئة التکنولوجیة 1985 و1998)

High tech

Medium tech

Low tech

Resource based

Country 1985

12.8

37.2

41.4(27.2)

8.6(3.5)

R.of korea

16.2

21.1

52.9(29.6)

9.9(5.8)

Taipei,China

24.5

23.4

8.6(4.0)

43.5(8.0)

Singapore

26.9

11.4

8.0(5.4)

53.7(46.4)

Malaysia

4.7

22.0

35.4(26.8)

37.9(28.2)

Thailand

11.0

0.9

24.1(14.5)

56.0(43.1)

Philippines

3.0

6.4

15.5(13.1)

75.2(43.8)

Indonesia

14.8

19.1

63.0(44.1)

3.2(1.7)

Hong kong, China

High tech

Medium tech

Low tech

Resource based

Country 1998

29.8

38.5

21.0(11.3)

10.7(3.9)

R.of korea

36.6

27.5

30.4(13.5)

5.5(2.6)

Taipei,China

60.2

18.7

7.0(2.2)

14.1(3.4)

Singapore

52.1

20.3

11.0(5.0)

16.7(14.5)

Malaysia

34.8

20.5

25.3(15.2)

19.3(12.4)

Thailand

67.4

10.9

14.5(10.6)

7.2(5.5)

Philippines

9.7

18.5

33.0(20.5)

38.8(26.6)

Indonesia

26.0

13.2

56.3(47.8)

4.5(2.9)

Hong kong, China

Source: S.Lall, “The Technological Structure and Performance of Developing Country Manufactured Exports 1985-98” Oxford Development Studies, vol 28,no 3, 2000.

ملاحظات:

Resource based: الأرقام بین الأقواس مخصصة للمصنوعات الزراعیة بما فی ذلک المنتجات الغذائیة والکحول والتبغ. Low tech:الأرقام بین الأقواس هی للمنسوجات والملابس والأحذیة.

بحلول أواخر التسعینیات، شهدت جمیع هذه الاقتصادیات تنویعًا کبیرًا فی صادراتها والانتقال إلى خطوط المنتجات المتطورة على نحو متزاید (حتى لو کان هذا یرجع لدمجهم فی سلاسل القیمة العالمیة فی نهایة التجمع من السلسلة).

فی معظم التفسیرات لقصة المعجزة الاسیویة، یُنظر إلى هذا النمو السریع للصادرات على أنه یوفر حافزًا رئیسیًا للطلب لبدء عملیة تراکمیة من الاستثمارات العالیة والأرباح المرتفعة والمدخرات العالیة والنمو المرتفع. وقد تساءل Rodrik[11] عما إذا کانت الصادرات المصنعة تمثل حصة کبیرة بما یکفی من إجمالی النشاط الاقتصادی فی جمهوریة کوریا وتایبیه، الصین، لأنهم لعبوا هذا الدور فی بدایة فترة النمو العالیة فی أوائل عام 1960.[12] وکانت وجهة نظره أن طفرة النمو الرئیسیة کانت بسبب زیادة الاستثمار، وحتى فی هذا التفسیر، یظهر أن ارتفاع الطلب على الصادرات قد یوفر جزءًا من الحافز لزیادة الاستثمار. على سبیل المثال، یستشهد (Quibria 2002) بدراسة حول کوریا، تدعی أن الاستثمار المحلی فی الستینیات، والذی رکز علیه رودریک فی شرحه للنمو الکوری، لم ینمو بقوة إلا بعد التحول نحو اتجاه تصدیر أکبر.[13] وفی الاقتصادات الأصغر والأکثر انفتاحاً فی هونغ کونغ والصین وسنغافورة، فإن مثل هذه الشروط غیر ضروریة بالنظر إلى الحجم النسبی الکبیر لصادرات الناتج المحلی الإجمالی فی أوائل الستینیات. وفی أوائل الثمانینیات من القرن الماضی، فی بدایة فترات النمو المرتفعة فی إندونیسیا وتایلاند ومالیزیا، کانت معدلات التصدیر إلى الناتج المحلی الإجمالی أعلى بکثیر مما کانت علیه فی جمهوریة کوریا وتایبی بالصین فی أوائل الستینیات، بحیث کان التأثیر الکلی لتوسع الصادرات هناک کانت أکبر نسبیا.

ویمکن تحدید بعض الآلیات التی یمکن من خلالها للدول التی تبدأ على طریق النمو السریع وزیادة الصادرات:

أولاً، هناک طریق لتوسیع الطلب، وذلک إذا تمکنت الاقتصادیات من اقتحام أسواق التصدیر، فستکون قادرة على التغلب على قیود المبیعات التی یفرضها الحجم المطلق ودینامیکیة السوق المحلیة. وفیما یتعلق بالمصنّعین، یشار غالبًا إلى أن هناک مرحلة مناسبة لاستبدال الواردات عندما یمکن للإنتاج المحلی أن یستحوذ على السوق الذی تخدمه الواردات أولاً. علاوة على ذلک، سیتم تحدید توسع المبیعات من خلال نمو تلک السوق المحلیة، والتی قد تکون منخفضة نسبیًا.[14] وبقدر أهمیة زیادة العوائد فی الإنتاج، فإن هذا سیعزز میزة التشغیل عند مستویات إنتاج أعلى بسبب التصدیر، ویمکن أن تؤدی تخفیضات التکلفة اللاحقة بسبب التخصص إلى المزید من المکاسب التراکمیة فی حصة سوق التصدیر.

ثانیاً، یؤدی التصدیر من خلال مواجهة الشرکات للمنافسة الأجنبیة والتکنولوجیا والتسویق، إلى تحقیق مکاسب إنتاجیة لا یمکن الحصول علیها من المبیعات فی السوق المحلیة. حیث أن الاتصالات مع المشترین الأجانب، على سبیل المثال فی قطاع الملابس ومؤخراً فی فروع الإلکترونیات، تعنى أن شرکات شرق آسیا حصلت على إمکانیة الوصول إلى التصمیمات أو التقنیات الأجنبیة التی سمحت لها بترقیة إنتاجها وفقًا للمعاییر الدولیة، وبالتالی تعزیز الإنتاجیة. وقد تم ممارسة ضغوط تنافسیة قویة على الموردین المحلیین الذین ینتجون بموجب عقود مع مشترین فی الخارج لأنه للحفاظ على عقودهم، کان علیهم مراقبة التکالیف باستمرار لأن المشترین الأجانب کانوا "یبحثون باستمرار عن مصادر أحدث وأقل تکلفة".[15]

ثالثًا، تسمح الصادرات بالوصول إلى الواردات التی یمکن شراؤها بالعملة الأجنبیة التی تنتج عنها. وبالنسبة لمکاسب المنتجین الفردیین من الواردات، یمکن أن تکون استاتیکیة (إذا کانت تکلفتها أقل من الإنتاج المحلی المتنافس)، ودینامیکیة (حیث تجسد الواردات الرأسمالیة والوسیطة تکنولوجیا فائقة تسمح بمکاسب إنتاجیة). وسوف یستفید المستهلک أیضًا من الوصول إلى منتجات جدیدة أو أرخص.[16]

رابعًا، فی حالة أن نمو الإنتاج الصناعی أکثر قیمة فى الهامش من نفس النمو فی الزراعة أو الخدمات، بسبب العوامل الخارجیة والعوائد الدینامیکیة المتزایدة الحجم، والتحول فی تکوین الصادرات فی الدول النامیة غیر المنتجة (لا سیما مالیزیا وتایلاند وإندونیسیا حیث کانت الصادرات الأولیة مهمة فی البدایة) سیکون لها فی حد ذاتها آثار نمو إیجابیة.

خامساً، إذا اجتذبت الاستراتیجیة الموجهة نحو التصدیر الاستثمار الأجنبی المباشر الذی لم یکن لیأتی للاقتصاد فی ظل نظام احلال الواردات، وهذا الاستثمار الأجنبی المباشر أدى إلى ظهور عوامل خارجیة إیجابیة للاقتصاد المحلی، فستکون هناک فوائد أخرى تتجاوز القیمة النقدیة للزیادات فی الصادرات. وقد تباین دور الاستثمار الأجنبی المباشر فی المنطقة بدرجة کبیرة مع اعتماد بعض الاقتصادات (سنغافورة والفلبین ومالیزیا) بشکل کبیر على الشرکات الأجنبیة المملوکة لنمو الصادرات وغیرها (جمهوریة کوریا وتایلاند وتایبیه بالصین) اعتمدت بدرجة أقل.[17]

اهتمت الدراسات التطبیقیة لربط نمو الصادرات بنمو الناتج المحلی الإجمالی بمشاکل السببیة والتطور الذاتی. ویمیل (Quibria 2002) فی شرق آسیا إلى اقتراح دور سببی مستقل مهم لنمو الصادرات المرتفع، وبالتالی إثبات الحجج الأولیة المذکورة سابقا.[18] ومع ذلک، فی حین أن نمو الناتج المحلی الإجمالی المرتفع یمیل بشکل عام إلى أن یرتبط بالنمو السریع للتجارة والصادرات الخارجیة، فإن الاتجاه المعاکس لا یصمد دائمًا، بحیث لا تنمو جمیع الاقتصادیات التی تمثل فیها الصادرات حصة متزایدة فی إجمالی النشاط بسرعة. على سبیل المثال، کان هناک عدد من أقل الدول نمواً التی شهدت ارتفاعاً فی معدلات الصادرات إلى الناتج المحلی الإجمالی فی التسعینیات، والتی نمت ببطء فقط من حیث نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی.[19] وبالتالی فإن ما یبدو مهمًا أیضًا هو بیئة السیاسة المحلیة المصاحبة وبنیة او تکوین الصادرات، بالاضافة الى أن الصادرات الصناعیة العامة توفر إمکانات أکثر دینامیکیة.

4-  تجارب دول شرق آسیا

عند التفکیر فی تجارب الاقتصادیات حدیثة العهد بالتصنیع، من المهم ملاحظة الاختلافات فیما بینها، حیث أن الاختلاف لیس فقط الاجراءات المستخدمة ما بین الدول، ولکن ایضا یختلف المستفیدون من هذه الاجراءات. على سبیل المثال فی جمهوریة کوریا کان المستفیدون هم التکتلات الکبیرة فی chaebol، وفی تایبیه کانت الشرکات الوطنیة الصغیرة والمتوسطة الصینیة هى الجهات المتلقیة الرئیسیة، وفی مالیزیا الشرکات المملوکة لمالیزیا وبعض الشرکات متعددة الجنسیات هم المستفیدین الرئیسیین. وفی إندونیسیا، حیث کانت المحسوبیة منتشرة وتحدد العلاقات السیاسیة والعائلیة الوصول إلى العوائد. وفی سنغافورة کانت الشرکات الأجنبیة هی المستفیدة الرئیسیة. وبالنظر إلى هذا التنوع والاختلاف، فلیس من المستغرب أن یکون استخدام الإیجارات نفسه متنوع، وکذلک فعالیتها فی تولید مزید من الصادرات والاستثمار.

وسوف یتناول هذا الجزء دراسة موجزة عن هذه التجارب مع الترکیز على جمهوریة کوریا وتایبیه والصین وسنغافورة. فی هذه الدول، على الرغم من أن السیاسة الصناعیة مرت بمراحل مختلفة وتم التراجع فی التسعینات، هناک دلیل واضح لیس فقط للترکیز على التصدیر، ولکن محاولة منهجیة لتغییر نمط التخصص فى الاقتصاد والتحرک على سلم المیزة النسبیة. وقد وجد أن هناک بعض أوجه التشابه فی الاقتصادیات حدیثة التصنیع (باستثناء هونغ کونغ، الصین)، کان هناک تدخل فی السیاسة أقل منهجیة وأقل انتشارًا.

فیما یتعلق بجمهوریة کوریا یتضح أن السیاسة الصناعیة بها مرت بمراحل مختلفة.[20] رکزت الجهود الأولیة للتصنیع منذ أوائل الستینیات على زیادة وتوسیع صادرات الصناعات التحویلیة، خاصةً فی السلع التکنولوجیة البسیطة کثیفة العمالة، مثل الأطعمة المصنعة والملابس والأحذیة والسلع الریاضیة ولعب الأطفال (انظر الجدولین (2)،(3) لمعرفة الترکیب المتغیر للصادرات). خلال هذه الفترة کانت هناک حمایة للسوق المحلیة ونظام تحکم کمی للواردات وتخصیص العملات الأجنبیة. کما تضمن توجیه الحکومة للقطاع المصرفی أن یذهب الائتمان إلى المجالات ذات الأولویة، والتی أصبحت الصادرات أهمها. وشملت إجراءات ترویج الصادرات ائتمانات مدعومة للعمل ورأس المال الاستثماری، والوصول التفضیلی إلى تراخیص الواردات والصرف الأجنبی، والمدفوعات النقدیة المباشرة، والوصول المعفى من الرسوم على المدخلات المستوردة المستخدمة فی الصادرات. ومنذ منتصف الستینیات فصاعداً، تم تحدید الشرکات لأهداف محددة للتصدیر وارتبط استلام الائتمان طویل الأجل ارتباطًا مباشرًا بالإنجازات السابقة فی تحقیق هذه الأهداف. وکانت هذه المجموعة من الحوافز متاحة للشرکات التی کانت مبیعاتها المحلیة محمیة بموجب تعریفات الاستیراد، وذلک لتجنب أو الحد من التحیز ضد التصدیر.[21] وحتى عندما کانت تتمتع الصناعات الأکثر کثافة فی رأس المال والمنافسة للاستیراد بحمایة إیجابیة قویة فی السوق المحلیة، کان هناک ضغط من الحکومة على هذه الشرکات المنافسة للاستیراد لاقتحام أسواق التصدیر. فی هذه المرحلة، کانت الصادرات بشکل عام هى المستهدفة بدلاً من شرکات أو قطاعات معینة، بحیث کانت التدخلات فعالة إلى حد کبیر ولیست انتقائیة.

منذ أواخر الستینیات من القرن الماضی، تحولت المناقشات السیاسیة فی جمهوریة کوریا إلى اهتمام بتوسیع القاعدة الصناعیة فی الدولة من خلال الانتقال إلى إنتاج الصناعات الوسیطة والصناعات کثیفة رأس المال فی حملة الصناعات الثقیلة والکیمیائیة التی صیغت بمرسوم رئاسی صدر عام 1973. کان هذا جزءًا من خطوة لتنویع هیکل الصادرات وتحدیثه جذریًا. وتم اختیار ستة قطاعات للترویج (الصلب والبتروکیماویات والمعادن غیر الحدیدیة وبناء السفن والالکترونیات والآلات). وکانت هذه الاهداف قصیرة الاجل للتصدیر المعطاه والبیانات الرسمیة توضح بأنه من المتوقع تحقیق القدرة التنافسیة الدولیة خلال فترة قصیرة مدتها عشر سنوات. فی هذه المرحلة، أصبحت التدخلات الحکومیة أکثر انتقائیة من السابق، حیث تم الترویج لشرکة Chaebol الفردیة على أساس أن الشرکات الکبیرة کانت مطلوبة لدعم الإنتاج على نطاق تنافسی.[22] استخدمت سیاسة القروض - آلیة ائتمانیة موجهة لتوجیه الأموال إلى القطاعات ذات الأولویة - على نطاق واسع فی هذا الوقت، وکانت فی ذروتها عام 1978 حیث قدرت بما یزید قلیلاً عن نصف إجمالی الائتمان فی الاقتصاد.[23] کانت قروض رأس المال العامل بالمعدلات المدعومة متاحة لأی مصدر، ولکن فقط الشرکات والقطاعات ذات الأولویة یمکنها الحصول على تمویل طویل الأجل بهذه المعدلات. وقد أدت الاجراءات المتعمدة لتوجیه المجموعات الکبیرة إلى قطاعات معینة ودعمها مالیاً إذا واجهت مشاریعها صعوبات، إلى خلق مفهوم "Too-Big-Too-Fail"[24] الذی کان یلعب دورًا مهمًا فی جمهوریة کوریا فی الأزمة المالیة لعام 1997.

ابتداءً من عام 1980 تقریبًا، أصبحت الاجراءات الانتقائیة مخففة وأکثر فعالیة، ولکن لم یتم اتباع استراتیجیة الحکومة أقل تدخلاً. وقد تم الإعلان عن برنامج الاستقرار الشامل فی ذلک الوقت باعتباره السعی وراء "الاقتصاد الذی یقوده القطاع الخاص"،[25] على الرغم من أن مشارکة الحکومة ظلت أعلى بکثیر منها فی العدید من الاقتصادات الأخرى. خلال الثمانینیات من القرن الماضی، کانت هناک عملیة تدریجیة ومدروسة لتحریر الواردات تشمل الإلغاء التدریجی لترخیص الاستیراد وخفض التعریفات الجمرکیة على الواردات. تم تخفیض حوافز التصدیر من النوع المستخدم سابقًا، وکذلک التحیز لصالح الأنشطة والشرکات ذات الأولویة. وتحول ترکیز الحوافز المالیة تدریجیاً إلى أساس غیر تمییزی یهدف إلى أنواع محددة من الاستثمار، مثل الإنفاق على البحث والتطویر. کان الترکیز على البحث والتطویر حملة فی الثمانینیات من القرن الماضی لتعزیز أنشطة التکنولوجیا المتقدمة، والتی أصبحت الأولویة الجدیدة بعد مرحلة الصناعة الثقیلة والکیمیائیة. وتم تخفیف قیود الاستثمار الأجنبی المباشر خلال الثمانینات کوسیلة للوصول إلى التکنولوجیا الأجنبیة. وکان تخصیص الائتمان المصرفی فی هذا الوقت لا یزال متأثراً بالحکومة، على الرغم من تقلیص دور قروض السیاسات. ومع ذلک، کانت القروض لا تزال موجهة إلى بعض المجالات والشرکات ذات الأولویة، على الرغم من تحول أولویاتها فی الثمانینات، مع ترکیز جدید على المؤسسات الصغیرة والمتوسطة، وأنشطة التکنولوجیا المتقدمة والشرکات التی تحتاج إلى إعادة الهیکلة. وفی قانون التنمیة الصناعیة الذی أصبح ساری المفعول فی عام 1986، تم تحدید صناعات الشحن والبناء الأجنبی والمنسوجات والسبائک الحدیدیة والأصباغ والأسمدة للترشید. کما تضمنت الاجراءات المتاحة لهذه الشرکات الائتمان المدعوم لتحدیث المعدات وتمویل عملیات الدمج، وکذلک فرض المزید من القیود فی القطاعات الهامة.

حتى أوائل التسعینیات لم تکن الحکومة انسحبت فعلیا من النشاط الاقتصادی ولم تنتهى السیاسة الصناعیة "القدیمة" بالفعل، حیث أن هناک بعض الاجراءات بعد أزمة عام 1997، اتخذت فی إجبار chaebol على التخلی عن خطوط معینة من النشاط للترکیز على مجالاتها الأساسیة، مما یظهر جوانب من التدخل الصناعی. ویلخص الجدول (4) السمات الرئیسیة للسیاسة الصناعیة فی جمهوریة کوریا.

جدول (4) مراحل السیاسة الصناعیة فى جمهوریة کوریا

الفترة

الانشطة ذات الأولویة

الادوات الرئیسیة

1960-73

الصادرات فی القطاعات الرئیسیة العامة - الصناعات کثیفة العمالة

حمایة الواردات ودعم الصادرات بما فی ذلک عیوب الرسوم ومخصصات الائتمان المدعومة واستهداف الصادرات

1973-80

الصناعات الثقیلة والکیمیائیة - القطاعات ذات الأولویة الصلب والبتروکیماویات. المعادن غیر الحدیدیة وبناء السفن والالکترونیات والآلات؛ الشرکات ذات الأولویة اختیار الشرکات الکبیرة

بالاضافة إلى الآلیات السابقة، الاستخدام الواسع النطاق لقروض السیاسة لتوجیه الأموال إلى الشرکات والقطاعات ذات الأولویة. حوافز الاستثمار من خلال الإعفاءات الضریبیة.

1980-90

الصادرات المصنعة، الشرکات التى تحتاج إلى إعادة الهیکلة، الشرکات الصغیرة والمتوسطة. الاولویة لأنشطة التکنولوجیا العالیة

تحریر الواردات على مراحل، وإنهاء قروض السیاسة. لا یزال نفوذ الحکومة على تخصیص الائتمان. حوافز الاستثمار للبحث والتطویر وتخفیف القیود المفروضة على FDI

1990 فصاعدا

التنمیة التی یقودها القطاع الخاص؛ إعادة هیکلة chaebol بعد أزمة 1997

تحریر القطاع المالی؛ فتح حساب رأس المال.

Source: K.Kim and D.Leipziger, “Korea: a case of government-led development” in D.Leipziger (editor) Lessons from East Asia, University of Michigan Press, Ann Arbor, 1997.

إذا کانت جمهوریة کوریا، غالبًا ما یتم اعتبارها نموذجًا أولیًا للسیاسة الصناعیة، فهناک العدید من أوجه التشابه الواسعة بینها وبین تجارب تایبیه، الصین. فکان فیهما ترکیز قوی على الصادرات إلى جانب الحمایة المبکرة فی السوق المحلیة والاجراءات اللاحقة التی اتخذتها الحکومة لرفع مستوى الهیکل الصناعی. ویتمثل الاختلاف الرئیسی فی الدور الأکبر نسبیًا فی تایبیه والصین للمؤسسات الصغیرة والمتوسطة والمؤسسات العامة بدلاً من الشرکات الخاصة الکبیرة والهامة، ولکن کان هناک هیمنة أقل، فی الإقراض الموجه فی شکل قروض سیاسیة. فی تایبیه والصین معظم مناقشات السیاسة الصناعیة تشیر إلى تسلسل یبدأ بفترة قصیرة من إحلال الواردات فی عام 1950(1953-1957).[26] وشمل ذلک مزیج من القیود الکمیة على الواردات والتعریفات الجمرکیة لحمایة السوق المحلیة، وکذلک استخدام نظام سعر صرف متعدد مع تحدید قیمة العملة الأجنبیة بشکل مختلف للصادرات والواردات. وکان المستفیدون الرئیسیون عبارة عن الأنشطة کثیفة العمل البسیطة.

فی معظم التفسیرات، فی أواخر الخمسینیات من القرن الماضی، تم اتخاذ قرار حاسم للتحول نحو المزید من الترویج للصادرات؛ ما أطلق علیه "مرحلة احلال الصادرات" (1958-1972)، حیث تحولت ترکیبة الصادرات بشکل کبیر إلى الصناعات کثیفة العمل.[27] کما تضمنت أدوات السیاسة المستخدمة نظام الخصم للسماح بالوصول المعفى من الرسوم للمدخلات المستوردة التی یحتاجها المصدرون، والقروض المدعومة المتاحة للمصدرین فقط، وسعر صرف موحد مقوم بأقل من قیمته، ونظام استهداف الصادرات لصناعات معینة. وبالإضافة إلى ذلک، اتخذت اجراءات لتشجیع الاستثمار الأجنبی المباشر الموجه نحو التصدیر، بما فی ذلک الاعفاءات الضریبیة وحریة إعادة الأرباح للبلاد. ومع ذلک، تم فرض متطلبات المحتوى المحلی (بحد أقصى 70٪ من القیمة المضافة) على الشرکات الأجنبیة فی بعض القطاعات لتطویر الروابط المحلیة. فی عام 1965 کجزء من هذا التوجه، تم إقرار القانون الأساسی لإعداد مناطق تجهیز الصادرات. بحلول عام 1970 کانت هذه المناطق تمثل بالفعل 10 ٪ من إجمالی الصادرات. کان نمو الصادرات خلال هذه المرحلة فی السلع التکنولوجیة البسیطة الکثیفة العمالة ولکنها توسعت لتشمل الالکترونیات الاستهلاکیة البسیطة، مثل أجهزة الرادیو والثلاجات ، وکذلک السلع مثل الساعات والساعات ولعب الأطفال. یتضح من ذلک أن ترویج الصادرات کان أکثر فعالیة من کونه انتقائیًا، على الرغم من وجود بعض الانتقائیة فیما یتعلق بتخصیص الائتمان بین القطاعات. ومع ذلک، ظلت حمایة السوق المحلیة کبیرة، بحیث ظهر فی جمهوریة کوریا هیکل ثنائی لشرکات التصدیر والاستیراد.[28]

کما هو الحال فی جمهوریة کوریا خلال سبعینیات القرن العشرین، کانت الحاجة إلى الارتقاء بالصناعة هام جدا من قبل صانعی السیاسة، مما أدى إلى مرحلة من "التوحید الصناعی" (1973-1980). وتضمن ذلک تحولًا فی الإستراتیجیة فیما تم اعتباره مرحلة من "احلال الواردات الثانویة" وذلک بالإنتاج المحلی للوسائط الصناعیة والسلع الرأسمالیة - مثل الحدید والصلب والبتروکیماویات والأدوات الآلیة والآلات الکهربائیة - لاستخدامها فی صناعات التصدیر. کما أن کثافة رأس المال للعدید من هذه الأنشطة، منحت المؤسسات العامة دورًا مهمًا. بالإضافة إلى ذلک، کان هناک استثمارات عامة ضخمة فی مشاریع البنیة التحتیة الکبیرة. کان عنصر الدعم فی القروض المقدمة للمصدرین مرتفعًا جدا فی السبعینیات، حیث انخفض بنسبة 20٪ تقریبًا من قیمة الصادرات فی منتصف سبعینیات القرن العشرین إلى 5٪ فی عام 1980.[29]

على الرغم من أن اجراءات تشجیع الصادرات السابقة منذ الستینیات ظلت ساریة فى حمایة الواردات واستخدام الائتمان الموجه لتشجیع الأنشطة التنافسیة للاستیراد.[30] فی هذا الوقت بدأ الدعم الحکومی لأنشطة التکنولوجیا العالیة الجدیدة.

شهدت ثمانینیات القرن العشرین عملیة تحریر تدریجی للتجارة، ومع ظهور منافسة الاجور المنخفضة فی أماکن أخرى، استهدفت الحکومة، کما حدث فی جمهوریة کوریا، أنشطة التکنولوجیا المتقدمة کأولویات جدیدة للتصدیر. وتتمثل المجالات الاستراتیجیة التی تحظى بأولویة الدعم فى تکنولوجیا المعلومات والآلات والتکنولوجیا الحیویة والبصریات الکهربائیة وصناعات التکنولوجیا البیئیة. وقد تم تحدیدها من خلال قائمة من المعاییر، والتی لم تشمل فقط کثافتها التکنولوجیة العالیة، ولکن أیضًا مستویات تلوثها المنخفضة، واستخدامها المنخفض للطاقة، والقیمة المضافة العالیة لها وإمکاناتها السوقیة.[31] ومما شجع عملیة إعادة الهیکلة هذه استخدام القروض التفضیلیة بأسعار فائدة مدعومة متاحة لفئات واسعة من النشاط بدلاً من الشرکات الفردیة .[32] وبالإضافة إلى ذلک، جاء دعم البحث والتطویر المحلی من مجموعة من الائتمانات الضریبیة لهذا الشکل من الإنفاق، والاستثمار الحکومی فی المختبرات العامة وإنشاء حدائق علمیة قریبة من الجامعات والمراکز الفنیة. وقد استمر المصدرون بوجه عام فی الحصول على إمکانیة الوصول إلى القروض التفضیلیة خلال الثمانینیات، لکن عنصر الدعم فی هذا التمویل انخفض بشکل کبیر خلال عشر سنوات. ومع ذلک، استمرت أیضا الإعفاءات الضریبیة المستلمة متاحة للمبیعات المحلیة.

کما هو الحال فی جمهوریة کوریا، شهدت التسعینیات نهایة معظم عناصر الانتقائیة فی السیاسة الصناعیة. وتم استکمال تحریر الواردات والصرف الأجنبی بشکل کبیر؛ کما تم تحریر القطاع المالی مع إلغاء التحکم فی أسعار الفائدة وإنهاء الائتمان الموجه؛ وأصبحت الحوافز الضریبیة محایدة فیما بین القطاعات الممنوحة للأنشطة العامة مثل البحث والتطویر، ومکافحة التلوث والحفاظ على الطاقة، بدلاً من الاستثمار فی قطاعات معینة. کما أصبح الدعم الحکومی لمبادرات التکنولوجیا المتقدمة، من حیث الإنفاق العام على التکنولوجیات الجدیدة وإنشاء حدائق علمیة جدیدة هو محور السیاسة الصناعیة.

وبالنظر إلى دولة مثل سنغافورة لدیها دائما العدید من السمات الممیزة. فنجد أنه على الرغم من أنها کانت تعتمد بشکل کبیر على الاستثمار الأجنبی المباشر من جمهوریة کوریا أو تایبیه، وکان نظام التجارة الحرة متبع منذ أوائل سبعینیات القرن العشرین، إلا أن هناک بعض عناصر التشابه فی محاولة الحکومة لتغییر ترکیبة الصادرات و نمط المیزة النسبیة بها. وقد تم اتباع ذلک بشکل أساسی عن طریق الإعفاءات الضریبیة، والتی میزت بین القطاعات التی تعطی الأفضلیة للأنشطة التکنولوجیة المتقدمة والقائمة على المهارات والمعرفة. ولم یتم استخدام الائتمان الموجه والمدعوم على نطاق واسع کأداة للسیاسة، على الرغم من أن مجلس التنمیة الاقتصادیة أنشأ صندوق رأس المال الاستثماری لتمویل الاستثمارات المشترکة فی الأنشطة کثیفة التکنولوجیا الجدیدة.[33]

جدول (5) مراحل السیاسة الصناعیة فى تایبیه والصین

الفترة

الانشطة ذات الأولویة

الادوات الرئیسیة

1953- 57

احلال الواردات - القطاعات الرئیسیة المنسوجات والملابس وغیرها من الصناعات کثیفة العمل

حمایة الواردات من خلال التعریفة الجمرکیة ونظام الحصص

1958- 72

تشجیع الصادرات/ الاحلال- القطاعات الرئیسیة الصناعات کثیفة العمل وخاصة الملابس والإلکترونیات.

احلال الواردات فی بعض السلع الوسیطة - المعادن الأساسیة والمواد الکیمیائیة

سعر صرف تنافسی موحد؛ تخفیض رسوم الاستیراد؛ الإعفاءات الضریبیة، قروض مدعومة، مناطق تجهیز الصادرات. تشجیع الاستثمار الأجنبی المباشر؛ استهداف التصدیر. حمایة الواردات من خلال التعریفات الجمرکیة ونظام الحصص.

1973- 80

احلال الواردات فى السلع الوسیطة والرأسمالیة بالإضافة إلى الصادرات - القطاعات الرئیسیة البتروکیماویات والصلب وبناء السفن والسیارات والأدوات الآلیة والآلات الکهربائیة والإلکترونیات.

الاستثمار العام فی مؤسسات الدولة؛ الإعفاءات الضریبیة، قروض سیاسیة تخفیضات التعریفة الجمرکیة. حمایة محدودة للاستیراد

1981- 90

تشجیع الصادرات والأنشطة التکنولوجیة - القطاعات الاستراتیجیة تکنولوجیا المعلومات، والآلات، والتکنولوجیا الحیویة، والبصریات الکهربائیة، والتکنولوجیا البیئیة

تحریر التجارة؛ قروض سیاسیة للصناعات الاستراتیجیة؛الإعفاءات الضریبیة، الاستثمار العام فی مرافق البنیة التحتیة ووسائل البحث؛ تشجیع الاستثمار الأجنبی المباشر.

1990 فصاعدا

التنمیة بقیادة القطاع الخاص

التحریر المالی - تحریر معدل الفائدة؛ إنهاء القروض السیاسیة؛ القطاع العام للعلوم والتکنولوجیا، تشجیع الاستثمار الأجنبی المباشر؛ الاستثمار فی التعلیم

Source: C.Dahlman and O.Sananikone, “Taiwan, China: Policies and Institutions for Rapid Growth” in D.Leipziger (editor) Lessons from East Asia, University of Michigan Press, Ann Arbor, 1997.

فی کل من هذه الاقتصادیات الثلاثة، تم تسلیط الضوء على دعم الدولة للتحدیث التکنولوجی من خلال تطویر "أنظمة وطنیة للابتکار" باعتباره جانبا رئیسیا فی السیاسة الصناعیة. ویعتبر أحد المؤشرات البسیطة لمدى هذا الدعم هو نسبة الإنفاق على البحث والتطویر إلى الناتج المحلی الإجمالی، وکان للاقتصادیات الثلاثة قیم لهذه النسبة أعلى بکثیر من الاقتصادیات الناشئة الأخرى، (حیث فى أواخر التسعینیات، بلغت نسبة الإنفاق على البحث والتطویر إلى الناتج المحلی الإجمالی 2.9 ٪ لکوریا، 1.9 ٪ لتایبیه، الصین و 1.5 ٪ لسنغافورة، مقارنة مع 2.9 ٪ للیابان، 2.6 ٪ للولایات المتحدة اما بالنسبة لمالیزیا وتایلاند وإندونیسیا، تقل النسبة عن 0.5٪).[34] یعکس کل منها نهجا مختلفا بعض الشیء تجاه السیاسة الصناعیة للتنمیة التکنولوجیة المحلیة. ففی جمهوریة کوریا، ترکز بناء القدرات التکنولوجیة فی chaebol. وتم توفیر الدعم العام من خلال الدعم المقدم لمؤسسات البحث والتطویر الخاصة، وذلک من خلال تدفق المعرفة والعاملین بین مختبرات الأبحاث فی القطاع العام وهذه الشرکات وایضا بالاستثمار فى التعلیم فی المواد التکنولوجیة المطبقة. على سبیل المثال، على مدار الفترة من 1960 إلى منتصف الثمانینیات، تم تقدیر أن ثلثی القطاع الخاص R و D تم تمویلهما بالائتمان المدعوم من الدولة.[35] کذلک، وکمثال بسیط على درجة الدعم من الاستثمار فی التعلیم عندما تم إنشاء نظام وطنى للابتکار فی الثمانینیات، کانت حصة طلاب الهندسة من إجمالی السکان أعلى بأربعة أضعاف فی جمهوریة کوریا مقارنة بالبرازیل، (وهو اقتصاد ناشئ تمت مقارنته مع جمهوریة کوریا).[36]

فی تایبیه، الصین کانت الجهات الفاعلة الرئیسیة فی القطاع الخاص هى الشرکات الصغیرة والمتوسطة، وکثیر منهم کانت ناجحة فی إنشاء أسواق متخصصة فی الأنشطة التکنولوجیة المتقدمة وفی إجراء البحث والتطویر المتعلق بذلک.[37] وکان هناک ﻣؤﺳﺳﺎت ﺑﺣث عاﻣﺔ لها دور أﮐﺛر ﻧﺷﺎطﺎً فى کل من نشر وتطویع التکنولوجیا المستوردة، کما لعبت المصانع التجریبیة المملوکة للقطاع العام فی خطوط جدیدة من النشاط دوراً محفزا فی تطویر تقنیات محلیة جدیدة، قبل بیعها فی وقت لاحق إلى القطاع الخاص. وفی السنوات الأولى من صناعة أشباه الموصلات، دخلت الشرکات العامة فی مشاریع مشترکة مع شرکاء أجانب مثل Motorola، Phillips،IBM.

تقدم سنغافورة نموذجًا ثالثًا متمیزًا. فکانت الشرکات متعددة الجنسیات هی الجهات الفاعلة الخاصة الرئیسیة وکان دور الحکومة الرئیسی هو حث هذه الشرکات على إجراء البحوث والتطویر والتغیرات التکنولوجیة المختلفة فی سنغافورة بدلاً من أی مکان آخر فی شبکتها العالمیة. وقد تطلب ذلک مزیجًا من الإعانات الثقیلة للبحث والتطویر - مقابل کل دولار من نفقات البحث والتطویر الخاصة، وتشیر التقدیرات إلى أن الحکومة قدمت ما یقرب من 30 سنتًا - کاستثمار عام کبیر فی التعلیم العالی وإنشاء معاهد بحث عامة عالیة المستوى لتقدیم خدمات الدعم لمختبرات القطاع الخاص. وکان جزء کبیر من البحث والتطویر المحلی من جانب الشرکات متعددة الجنسیات موجها نحو الإنتاج والسوق، بدلاً من توجیهه نحو تطویر الملکیة الفکریة من خلال البحوث الأساسیة، لکن لا یقل نجاح الحکومة فی تحفیز البحث والتطویر المحلی فى سنغافورة عن الاقتصادات الاخرى، بالاضافة الى تمتعها بوجود استثمار أجنبی مباشر قوى.[38]

فی أماکن أخرى من المنطقة، على الرغم من استخدام السیاسة الصناعیة على نطاق واسع، إلا أن تأثیرها کان أقل وکانت تفتقر إلى المبررات الاقتصادیة الواضحة. حیث استخدمت مالیزیا بعض جوانب السیاسة الصناعیة، ولکنها کما أشارت بعض الدراسات لم تکن بطریقة منهجیة أو مترابطة.[39] بعد فترة من ستینیات القرن العشرین والتى کانت فیها احلال الواردات الصناعیة هى محور الاهتمام الرئیسی، أصبح ترویج الصادرات هو الشاغل الرئیسی للسیاسة الصناعیة. ولتحقیق ذلک، تم استخدام مجموعة من الحوافز، بما فی ذلک إنشاء مناطق تجهیز الصادرات، لجذب رؤوس الأموال الأجنبیة، بحیث هیمنت الشرکات الأجنبیة منذ عام 1970 على الصادرات المصنعة، وخاصة فی مجال الإلکترونیات. فی وقت من الأوقات، کان توزیع الإیجارات من التدخل الحکومی مرتبطًا بشکل وثیق بقضایا التوزیع العرقی، بدلاً من الکفاءة الاقتصادیة، حیث سعت السیاسة الاقتصادیة الجدیدة لعام 1971 إلى تغییر میزان الثروة والقوة الاقتصادیة بین مجتمعی ملاوی والصین.[40] هذه السیاسة، التی تم التخلی عنها إلى حد کبیر فی منتصف الثمانینیات من القرن الماضی، اعتُبرت تدخل حکومى دون مبرر اقتصادی واضح. وقد کان لمالیزیا، فی أوائل الثمانینیات من القرن الماضی، نظیرها محرک الصناعة الثقیلة والکیمیائیة الکوریة مع محاولة لتعمیق الهیکل الصناعی من خلال احلال الواردات فی السلع الرأسمالیة والوسیطة، وبالتالی زیادة الروابط داخل الصناعة التحویلیة بین قطاعی المنافسة التصدیر والاستیراد. وقد تضمنت هذه الاستراتیجیة بشکل رئیسی الاستثمارات العامة فی الحدید والصلب والأسمنت ومشروع سیارة بروتون ومحرکات الدراجات الناریة والبتروکیماویات واللب والورق. ولکن کانت النتائج بشکل عام مخیبة للآمال أکثر مما کانت علیه فی جمهوریة کوریا، حیث عانت مؤسسات القطاع العام المعنیة من خسائر مالیة کبیرة وبطء فی تولید الصادرات، وبالتالى تمت خصخصة العدید من هذه المنتجات فی التسعینیات.[41]

وقد تم الإشادة بالدور الحالی للوکالة المالیزیة لتطویر الاستثمار (MIDA) فی تشجیع الاستثمار الأجنبی المباشر الداخل فی المجالات ذات الأولویة العالیة القیمة، مثل الإلکترونیات، وفی إنشاء مجموعات جغرافیة للموردین المحلیین حول هذه الشرکات الأجنبیة.[42] ومع ذلک، جادل آخرون بأنه على الرغم من النمو المذهل للصادرات المصنعة من مالیزیا على مدار الخمسة عشر عامًا الماضیة، أدى الافتقار إلى سیاسة صناعیة سلیمة إلى اعتماد مفرط على صادرات الإلکترونیات التی تهیمن علیها الشرکات متعددة الجنسیات، وهیکل صناعی ضعیف مع وجود روابط محلیة قلیلة بین قطاعات التصدیر والاقتصاد المحلی وقاعدة تکنولوجیة وطنیة ضعیفة.[43]

کما قامت تایلند ببناء تصنیعها منذ عام 1980 على ترویج الصادرات مع وجود مکثف للشرکات متعددة الجنسیات. وبینما سیاسة سعر الصرف التنافسیة والإدارة الکلیة السلیمة عززت نمو الصادرات بشکل کبیر، فقد وصفت تدخلات السیاسة الصناعیة بأنها "سیاسة المحسوبیة " بدلاً من أن تکون استراتیجیة واضحة لرفع مستوى الصناعة.[44] وقد تم استخدام حوافز تصدیر مختلفة مثل الإجازات الضریبیة وإنشاء مناطق تجهیز الصادرات.[45] کما کانت الائتمانات المدعومة متاحة أیضًا للمصدرین ولکن لم تظهر على نطاق واسع ولا ترتبط ارتباطًا وثیقًا بمعاییر الأداء. کما أن الائتمان الموجه من خلال القروض السیاسیة للقطاعات الاستراتیجیة من قبل البنوک التجاریة لم یکن مهمًا من الناحیة الکمیة. ومع ذلک، فإن الوصول المتمیز إلى التراخیص ساعد المجموعات المحلیة الخاصة الکبیرة على التوسع.[46]

ربما تکون إندونیسیا حالة أوضح لارتباط تدخلات السیاسة الانتقائیة بها ارتباطًا وثیقًا بـ "المحسوبیة". حیث تم تلقی مخصصات ائتمانیة من قبل الجماعات المفضلة سیاسیاً والجهود المبذولة لرفع مستوى القدرة التکنولوجیة، بالرغم من ذلک فإن المراقبین اعتبروا أن الاستثمارات فی النشاط التکنولوجی العالی - وعلى الأخص مشروع الطائرات الوطنیة - فشلت فشلًا کبیرًا فی التکلفة.[47]

اما بالنسبة لدول جنوب شرق آسیا بشکل عام، فقد کان للسیاسة الصناعیة تأثیرات سلبیة فى هذه الاقتصادیات، مقارنة بالنتائج الإیجابیة فی جمهوریة کوریا وتایبیه، الصین.[48] ویرون أن التصنیع فی جنوب شرق آسیا مدفوع لیس من جانب الحکومات، ولکن بشکل أساسی بقرارات الشرکات فی الیابان وجمهوریة کوریا وتایبیه، الصین لنقل الإنتاج هناک استجابة لارتفاع سعر الصرف وارتفاع تکالیف العمالة فی اقتصادیاتها. من ثم، لم تلعب تدخلات السیاسة الصناعیة فی هذه الاقتصادیات المضیفة - مثل الحوافز الضریبیة وإنشاء مناطق تجهیز الصادرات – إلا دورًا بسیطًا فقط، وبخلاف سنغافورة، لم تنجح الحکومات فی مالیزیا وتایلاند وإندونیسیا فی حث الشرکات متعددة الجنسیات على رفع مستوى أنشطتها، لأنها لم توفر بیئة داعمة لها بما فیه الکفایة.[49]

5-  تحلیل السیاسات المتبعة لنمو الصادرات فى دول شرق آسیا

تشیر الحقائق الأساسیة الموضحة سابقا إلى أن دول شرق آسیا قد خضعت لعملیة رئیسیة من رفع مستوى الصادرات فی خطوة صعود سلم المیزة النسبیة بعیدًا عن الید العاملة والسلع کثیفة الاستخدام للموارد مع التقنیات الناضجة إلى منتجات أکثر مهارة ومعرفة مکثفة، مع آفاق للطلب أکثر دینامیکیة. وقد ساعد التوسع السریع فی التجارة العالمیة فی الستینیات الطبقة الاولیة للاقتصادیات الاربعة، ولکن مع ذلک کانت الزیادة فی حصتها فی هذه التجارة مثیرة للدهشة. وکان شرح نجاح هذه الاقتصادیات لیس بالأمر البسیط لأنه لا یوجد نمط مشترک واحد لهذا النجاح، ومع ذلک، فإن بعض التعمیمات یمکن التوصل إلیها.

وقد تم التأکید على وجود بیئة داعمة بوجه عام للاستثمار الخاص، نظرًا لعوامل مثل دعم حقوق الملکیة والاستقرار الکلی والانفتاح العام على التجارة والاستثمار الأجنبی والتکنولوجیا الأجنبیة.[50] ومع ذلک، یجب الاعتراف بدور الحکومة فی توفیر الدعم للتصنیع فی المراحل التکوینیة لإنطلاق الصادرات، على الرغم من أن التدخل السیاسی اتخذ أشکالًا مختلفة فی الاقتصادیات المختلفة. وبصرف النظر عن الإدارة الاقتصادیة الکلیة التی تجنبت الاختلالات الخطیرة، کان التدخل حاسمًا فی إیجاد إیجارات (أی أرباح عادیة للغایة) للمصدرین فی قطاع الصناعات التحویلیة، مما وفر الحافز لإعادة الاستثمار وزیادة التوسع فی الصادرات. ویُطلق على إنشاء الإیجارات من خلال مجموعة متنوعة من الآلیات "السیاسة الصناعیة"، ویُشار دائمًا إلى تجربة شرق آسیا عند مناقشة الحلول التدخلیة.[51] وقد تباینت مجموعة التدخلات المستخدمة لتولید الإیجارات بشکل کبیر، وکذلک الأنواع الرئیسیة من المستفیدین. ومن بین الدول المعنیة تم العثور على جوانب السیاسة الصناعیة فی جمیع الحالات باستثناء هونغ کونغ، الصین، مع مجموعة التدخلات الأکثر شمولاً فی جمهوریة کوریا وتایبی، الصین، وأقل فی سنغافورة، کما تقع تایلاند وإندونیسیا ومالیزیا فی الوسط. وکانت النتیجة فی جمیع الحالات أن الربحیة فی التصنیع قد ارتفعت بالنسبة إلى الخدمات وفی معظم الحالات أیضًا بالنسبة للزراعة. وهذا أمر طبیعى، لأنه هو النتیجة القیاسیة فی ظل أنظمة استبدال الواردات. ما کان مختلفا فی المنطقة هو الترکیز القوی على الصادرات مع النتائج المفیدة المذکورة سابقا.

من الدراسات حول تجربة الاقتصادیات حدیثة التصنیع، هناک اتفاق عام على حزمة السیاسات الموصى بها للدول الراغبة فی زیادة نمو صادراتها. وتتمثل فى مزیج من:

-  الحوافز السعریة الکافیة، والمعروفة بأنها سعر الصرف الحقیقی التنافسی وإجراءات ضمان بقاء مستویات التحیز ضد التصدیر، الناشئة عن حمایة الواردات منخفضة.

-  الوصول إلى المدخلات المستوردة اللازمة لإنتاج الصادرات بالأسعار العالمیة، إما من خلال إجراءات مثل إزالة الرسوم الجمرکیة على الواردات، أو إنشاء مناطق تجهیز الصادرات المعفاة من الرسوم الجمرکیة (حیث أن الوصول الحر إلى الواردات من السلع الرأسمالیة له أهمیة خاصة فی خفض تکلفة الاستثمار والسماح للوصول إلى التکنولوجیا الأجنبیة).

-  قاعدة سلیمة للبنیة التحتیة المادیة (الموانى والطرق وإمدادات الطاقة)، والبنیة التحتیة الاجتماعیة (قوة عاملة متعلمة ومدربة).

-  التمویل الکافی لائتمانات تجارة التصدیر ولدعم إنتاج الصادرات.

یعتبر الاعتماد على هذه الحزمة من السیاسات شائع الآن وهذه الاجراءات واسعة النطاق ومعترف بها على أنها تعکس على نطاق واسع الوضع فی الاقتصادیات الحدیثة التصنیع الوطنیة خلال طفراتها التصدیریة.[52] ومع ذلک، کان هناک أیضا اختلافات وطنیة کبیرة فی الطریقة التی یتم بها تشجیع الصادرات واستخدمت حکومات الشرکات الوطنیة النامیة مجموعة من التدابیر الإضافیة لزیادة ربحیة التصدیر وتشجیع التصنیع. على سبیل المثال:

-  الحمایة الجمرکیة على الواردات الانتقائیة لمبیعات السوق المحلیة، والأرباح التی یمکن أن تستخدم فی دعم الصادرات (جمهوریة کوریا، تایبیه، الصین).

-  الوصول إلى الاعتمادات للمصدرین إما للاستثمار أو تمویل تجارة التصدیر  بأسعار الفائدة المدعومة (جمیع اقتصادیات حدیثة التصنیع).

-  تقدیم امتیازات للمستثمرین فی شکل إعفاءات ضریبیة أو تخفیض سریع البدلات (جمیع اقتصادیات حدیثة التصنیع).

-  استخدام أنظمة التحکم المباشر، والتخصیص التفضیلی للتراخیص للمصدرین، على سبیل المثال لواردات التکنولوجیا أو الاستثمار (جمهوریة کوریا، تایبیه، الصین).

-  التمویل الموجه لتعزیز وضع المؤسسات المختارة والمفضلة (جمهوریة کوریا، تایبیه، الصین).

-  توفیر مستلزمات البنیة التحتیة المدعومة ومساحات المصانع، على سبیل المثال کجزء من مناطق تجهیز الصادرات (مالیزیا وتایلاند وتایبیه والصین).

-  توفیر مرافق البحث والتطویر فی المعاهد الحکومیة، وکذلک الإعفاءات الضریبیة لمبادرات البحث والتطویر الخاصة (جمهوریة کوریا، تایبیه، الصین، سنغافورة).

-  تحدید الأجور الحقیقیة من خلال القیود المفروضة على المساومة العمالیة والنشاط النقابی (جمهوریة کوریا، تایبیه، الصین، مالیزیا) أو دعم الأجور من خلال برامج الإسکان العامة (سنغافورة).

فی بعض الأحیان کانت هذه التدخلات "وظیفیة"، بمعنى أنها متاحة لجمیع الشرکات أو لجمیع الشرکات فی خط معین من النشاط. فی حالات أخرى کانت انتقائیة صریحة مع بعض الشرکات من القطاع المختار للحصول على دعم خاص. وفی الاقتصادیات الناشئة الأخرى کانت تجربة هذه الاجراءات مخیبة للآمال بسبب البحث عن الإیجار والتکلفة العالیة، وغالباً ما تکون النتیجة عدم القدرة على المنافسة.[53] وبدراسة نتائج هذه السیاسات للمجموعة الاولى والثانیة من الاقتصادیات حدیثة التصنیع یبدو أنها کانت أفضل بکثیر فی جمهوریة کوریا وتایبی، الصین مقارنة لأتباعه من الطبقة الثانیة. توضح تفسیرات النجاح جانبین مهمین لتنفیذ السیاسة (مع اعتبار جمهوریة کوریا عادة المثال الذی یستند إلیه نموذج السیاسة الصناعیة لشرق آسیا). أحدهما هو طبیعة الدعم المحددة زمنیاً، والتی تم طرحها بشکل متعمد على أنها انتقالیة لمنح الشرکات حافزًا لتطویر القدرة التنافسیة بمرور الوقت. ربما یکون هذا هو الأوضح فی حالة حمایة التعریفة الجمرکیة الخاصة بالاستیراد على أساس الصناعة الناشئة. وهذا یتناقض بشکل مباشر مع الحمایة شبه الدائمة الشاملة التی یُنظر إلیها على أنها معروضة فی برامج استبدال الواردات المطبقة فی أماکن أخرى.[54] التفسیر الآخر یتعلق بفکرة أن الإیجارات لم تُمنح دون قیود، ولکن یجب التنافس علیها من خلال سلسلة من "المسابقات" التی تحاکی شکل المنافسة.[55] المثال الواضح هنا هو نظام استهداف الصادرات فی جمهوریة کوریا حیث تم منح الإیجارات من خلال الحصول على تراخیص نادرة أو ائتمانیة بشروط میسرة مقابل تحقیق أرقام مبیعات التصدیر المحددة. وقد استخدمت المسابقات، تحت عنوان "متطلبات الأداء" على نطاق واسع فی المنطقة وخارجها، وعلى مستوى المفرد حول القضیة الکوریة (وکذلک التایوانیة) وکان نجاحها واضح، ولکن على الرغم من ذلک مازال هناک تساؤلات حول الحکم فی هذه الاقتصادات دون إجابة.[56]

وقد رکزت التحلیلات الاقتصادیة لهذه التجربة لتشجیع الصادرات على هیکل الحوافز النسبیة التی تولدها هذه الحوافز. فیما یتعلق بمیزان الحوافز بین السلع القابلة للتداول وغیر القابلة للتداول فی العدید من الدول، یمکن تفسیر الإشارة إلى "سعر صرف تنافسی" على أنها سیاسة متعمدة للتقلیل من القیمة (أو "حمایة سعر الصرف") لتشجیع المنتجات غیر التقلیدیة، المصنعة ، والصادرات. وقد تم تحدید هذه الاستراتیجیة فی تایبیه بالصین وجمهوریة کوریا فی الثمانینیات من القرن الماضی، عندما کان لدى کل منهما فائض کبیر فی الحساب الجاری، وفی إندونیسیا فی أواخر سبعینیات القرن الماضی ومطلع الثمانینیات.[57] فی مکان آخر، بینما تم تجنب أسعار الصرف ذات القیمة الزائدة بشکل عام واستخدم تخفیض قیمة العملة بشکل متکرر، لم یتم اتباع محاولات واضحة لإدارة سعر الصرف لتشجیع الصادرات المصنعة من خلال التقییم الأدنى. کما تظهر درجة التباین الحقیقی فی سعر الصرف خلال فترات نمو الصادرات المرتفعة فقد اختلفت بشکل کبیر بین الدول مابین منخفضة فی جمهوریة کوریا وتایلاند وتایبیه والصین ومالیزیا، ومرتفعة نسبیًا فی إندونیسیا وهونج کونج، الصین.[58]  بشکل عام، فإن النقطة الرئیسیة هی أنه تم تجنب الإفراط فی تقییم سعر الصرف الحقیقی لأکثر من فترة نمو مرتفعة.[59]

تم الترکیز بشکل کبیر فی الأدبیات على تجنب مشکلة التحیز ضد التصدیر فی هذه الاقتصادیات، والتی تنشأ کلما ارتفعت الربحیة النسبیة للسوق المحلیة مقابل مبیعات التصدیر نتیجة للتدخل السیاسی. فی ظل وجود حمایة ضد الواردات، سیکون هذا التحیز أمرًا لا مفر منه، ما لم یتم استخدام إجراءات واضحة لدعم الصادرات.[60] وبصفة عامة، استخدمت هذه الإعانات على نطاق واسع فی هذه الاقتصادیات، لأن نظام التجارة الدولیة فی ذلک الوقت سمح بعدد من اجراءات تشجیع الصادرات التی یمکن أن تشوه التجارة بالنسبة لجمیع الدول باستثناء الدول الأقل نمواً بموجب قواعد منظمة التجارة العالمیة المعاصرة.

کما أوضحت الدراسات أنه فى جمهوریة کوریا وتایبی والصین وسنغافورة فی أواخر الستینیات فی المتوسط بالصناعات التحویلیة، کان هذا التحیز غائبًا بسبب مجموعة متنوعة من إجراءات دعم الصادرات؛ وإن کان هناک تحیز بسیط لصالح الصادرات فی أول اثنین من هذه الاقتصادیات.[61] بالنظر إلى الغیاب الفعلی لحمایة الواردات فی هونغ کونغ، لم یکن تحیز الصین ضد التصدیر یمثل مشکلة هناک على الإطلاق. هذا هو الدلیل الذی یشکل الأساس للحجة التی یسمع عنها کثیرًا والتی مفادها أن حیادیة الحوافز کانت ضروریة لنجاح التصدیر فی هذه الاقتصادیات وللمقارنة التی تتم فی کثیر من الأحیان مع مناطق أخرى مثل أمریکا اللاتینیة وجنوب آسیا، حیث یوجد تحیز ضد التصدیر منتشر على نطاق واسع.

النسب المذکورة هی عبارة عن متوسطات، لذا بالنظر إلى الطبیعة الانتقائیة للسیاسات فی جمهوریة کوریا وتایبی، الصین فی قطاع الصناعات التحویلیة، فمن المحتمل أن یکون هناک فروع خاصة حیث لم یتم تعویض الحمایة المحلیة المرتفعة نسبیاً بشکل کامل عن طریق الإعانات المقدمة للمصدرین. على سبیل المثال، فى تقدیرات تقاریر (Balassa 1982) عن أواخر ستینات القرن الماضى  تشیر إلى أنه فی حین کانت الحمایة فی تایبیه، الصین للتصنیع ککل منخفضة، کانت مرتفعة نسبیا بالنسبة للسلع الاستهلاکیة المعمرة ومعدات النقل، حیث کان هناک تحیز ضد التصدیر.[62] ومن ثم، حتى فی الطبقة الأولى من الاقتصادیات حدیثة التصنیع فی الستینیات والسبعینیات، کان لا یزال هناک هیکل صناعی مزدوج مع التصدیر الموجه وفروع الاستیراد المتنافس. ولکن على الرغم من التحیز ضد التصدیر فی بعض هذه الفروع الأخیرة، تم "تشجیع" الشرکات المحمیة للاستیراد بالرغم من أن هناک مجموعة من الضغوط الحکومیة لاقتحام أسواق التصدیر. مالیا هذا کان ممکنا بسبب الدعم عبر الصادرات من العائدات الاقتصادیة المولدة فی السوق المحلیة.[63]

فی المستوى الثانی من الاقتصادیات حدیثة التصنیع، کان هیکل التصنیع المزدوج أکثر هیمنة حیث یخدم قطاع واحد فى السوق المحلیة المحمیة والآخر مدفوعًا بالاستثمار الأجنبی المباشر، وغالبًا ما یکون مقره فی مناطق تجهیز الصادرات، ویخدم السوق الدولیة. فی هذا الهیکل المجزأ، کانت مسألة التحیز ضد التصدیر أقل أهمیة، حیث کان تبدیل المبیعات بین القطاعین نادرًا.[64] ومن هنا کان نوع الدعم المتبادل مع المبیعات فی السوق المحلیة المحمیة هو دعم الصادرات جزئیا وقد تواجد ذلک فی جمهوریة کوریا وتایبیه، أما الصین لم یحدث إلى أی حد کبیر.

وتکمن النقطة الهامة فیما یتعلق بالحوافز فى أن ربحیة التصنیع قد ارتفعت نسبةً لربحیة القطاعات الأخرى من خلال مجموعة من الحوافز المذکورة أعلاه، مع اتخاذ إجراءات مختلفة مهمة فی الاقتصادیات المختلفة وفی أوقات مختلفة. وبالتالی، سواء کانت التدابیر المستخدمة هی سعر الصرف فی ظل التقییم، أو التعریفة الحمائیة، أو الائتمان المدعوم، أو الوصول إلى الإیجارات المرتبطة بالتراخیص أو غیرها من الضوابط، فإن النتیجة کانت زیادة الربحیة فی التصنیع. أدى هذا التأثیر الواسع للحوافز إلى جانب الحافز العام للصادرات، سواء من خلال الحوافز المالیة أو "التشجیع المباشر"، إلى النمو السریع.[65]

6-  الدروس المستفادة من تجارب دول شرق آسیا:

لقد تغیر العالم منذ ازدهار السیاسة الصناعیة فی الطبقة الأولى من الاقتصادیات حدیثة العهد بالتصنیع (NIEs) ویشعر الکثیرون الآن أن لدیهم قلیل من الخبرة فى هذا المجال لتقدیمه الیوم لاقتصادیات الدخل المنخفض والاقتصادات الناشئة. [66] وهناک ثلاثة أسباب عادة ما یتم طرحها لتفسیر ذلک. أولا، غیاب البیروقراطیة الفعالة، التى یجب أن تکون معزولة بما فیه الکفایة عن الضغوط السیاسیة لمقاومة البحث عن الربح والفساد المرتبط به، وذلک فی جمیع الاقتصادات تقریباً. ثانیاً، إذا قبلت الدول عضویة منظمة التجارة العالمیة، فإن ذلک سیستبعد الکثیر من التدخلات الانتقائیة المطبقة فی الماضی، مثل ضوابط الاستیراد الکمیة، ودعم الصادرات، والائتمان التفضیلى الموجه لصالح مؤسسات معینة، ونسخ التکنولوجیا الأجنبیة وغیرها. ثالثا، مع التغیر التقنى السریع والانشطة التکنولوجیة المتطورة، فإن قدرة صناع القرار على تحدید الأولویات وتحقیق الأهداف المرجوة قد انخفضت بشکل کبیر، حیث أصبحت الأنشطة الدینامیکیة الجدیدة صعبة للغایة بالنسبة للمصادر غیر الصناعیة.

لهذه الأسباب، من المرجح أن تکون محاولات إعادة إنتاج النموذج الکوری للسیاسة الصناعیة فی الستینیات والسبعینیات مضللة. ومع ذلک، فإن تجربة دول شرق آسیا فی العقود القلیلة الماضیة تثبت نقطة بسیطة وهى أن النمو القوی للصادرات المصنعة مع غیاب الاختلالات الکلیة یمکنه تولید عملیة تراکمیة إیجابیة من ارتفاع الصادرات وزیادة الأرباح وتحقیق مدخرات عالیة ومن ثم ارتفاع معدلات الاستثمار وارتفاع الصادرات. والدرس الأساسی الأکثر فائدة من تجربة شرق آسیا هو أن تحقیق عوائد للتصنیع المعتمد على نجاح الصادرات وتوقیتها یوفر بیئة للتنافسیة المستدامة، حیث أنه إذا کانت العوائد منخفضة ولم تتحقق القدرة التنافسیة، فسوف تضطر المؤسسات إلى البحث عن أسواق أخرى. کما أن دعم المصدرین غیر المباشرین، یواجه عقبة فی السوق، حیث إذا فشل الموردون المحلیون فی الوصول إلى القدرة التنافسیة بسرعة فإن المصدرین سیفقدون الأسواق. وقد تغیرت الإجراءات التی رفعت ربحیة التصنیع مقارنة بالأنشطة الأخرى وشجعت الصادرات من المشارکة الخاصة مع الشرکات الفردیة إلى إجراءات أکثر عمومیة مثل الائتمانات الضریبیة المتاحة على نطاق واسع لجمیع استثمارات البحث والتطویر. کل هذا یعتبر جزء من السیاسة الصناعیة، ولا ینبغی التخلی عنه. حیث أن هذه التدابیر ستکون أکثر أهمیة بالنسبة للاقتصادات الأقل نمواً والدول ذات الدخل المنخفض التی ترغب فی التصنیع الموجه نحو التصدیر. [67]

لمثل هذه الاقتصادیات لا تمنع قواعد منظمة التجارة العالمیة تدخلات السیاسة الصناعیة. حیث تقوم WTO على المبادئ العریضة لعدم التمییز بین الواردات والصادرات والمبیعات المحلیة وبین المؤسسات والقطاعات. کما تفرض اتفاقیة TRIPs معاییر اقتصادیة متقدمة لحمایة البراءات والحد من نطاق النسخ والهندسة العکسیة. غیر أن هذه القیود لیست ملزمة بالنسبة للاقتصادیات ذات الدخل المنخفض. بالإضافة إلى أن دعم الصادرات مسموح به للدول الأقل نموا وللدول التى نصیب دخل الفرد بها أقل من1000 دولار فی عام 1994. کما أن معدلات التعریفة الجمرکیة لا تزید عن الحد الأقصى للتعریفة الجمرکیة فی الدولة التى وضعتها منظمة التجارة العالمیة، ویمکن تقدیم المعدلات التفاضلیة على أسس الصناعة الولیدة، ویمکن أیضا استخدام الضمانات المؤقتة لأغراض میزان المدفوعات کشکل من أشکال الحمایة. وبالنسبة للدول النامیة ذات مستویات الدخل الأعلى، یجب علیها إلغاء دعم الصادرات لمختلف الأنواع. إن الدعم المحدد المتحیز لصالح شرکات أو قطاعات معینة أصبحت الآن إما محظورة أو قابلة للتنفیذ، وهذا الأمر یفصل فی إطار منظمة التجارة العالمیة. ومع ذلک، فإن الدول النامیة ذات الأسهم الصغیرة فی أسواق الإستیراد الخاصة أو توضح ضرر جوهرى سوف یلحق بالمنافسین بشکل کبیر بها سیسمح لها بمثل هذه الاجراءات.[68] أیضا، فی التعاملات مع المستثمرین الأجانب، فی حین أن اتفاق إجراءات الاستثمار المتعلقة بالتجارة (TRIMs) یحظر فرض التصدیر أو أهداف المحتوى المحلی هناک العدید من التأخیر فی تنفیذ هذه الاتفاقیة مع عدد من الدول النامیة التی تطلب تمدید الفترة الانتقالیة.[69]  باختصار، فی حین أنه بموجب شروط عضویة منظمة التجارة العالمیة یبدو أن العدید من جوانب السیاسة الصناعیة قد تم حظرها رسمیاً، إلا أن نطاق التدخلات المجدیة أکبر مما یمکن التفکیر فیه.

لکن قبل الدعوة إلى هذا النوع من الاجراءات یجب أن یکون هناک عدد من التحذیرات تؤخذ فى الإعتبار. فالسیاسة الصناعیة فی البیئة الدولیة الحالیة تتطلب "رؤیة" أو استراتیجیة لقطاع الصناعات التحویلیة. لا یتطلب ذلک نوعًا من المعاییر التفصیلیة المستخدمة عندما أخذ المخططون فی جمهوریة کوریا فی الستینیات والسبعینیات الهیکل الصناعی الیابانی کنموذج وحاولوا ترتیب الاستثمار فی الصناعة لتکرار هذا الهیکل. إنها تتطلب رؤیة لکیفیة تنویع وتحدیث الصادرات ؛ وهذا سوف یشمل الحوافز السعریة بدلاً من التوجیهات والتعلیمات، ویعتبر نموذج سنغافورة هو الأقرب من جمهوریة کوریا. بدون تحدید تفاصیل ما یجب إنتاجه، یمکن أن تحاول الحکومات تشجیع المستثمرین من القطاع الخاص لتحدیث الإنتاج إما بالانتقال إلى أنشطة ذات قیمة مضافة أعلى أو من خلال تعمیق الهیکل الصناعی من خلال الروابط المحلیة. فی مرحلة تطور الاقتصادیات الأقل نموا فی العالم، سیکون الهدف هو بناء القدرة التنافسیة للتصدیر فی عدد من الفئات الواسعة للتصنیع الخفیف وأنشطة التجهیز الزراعی، مثل الملابس والأحذیة واللعب والسلع الریاضیة وبعض التجهیزات الغذائیة. بالإضافة إلى ذلک، قد یکون من المرغوب فیه تشجیع الروابط المحلیة لموردین المدخلات، فی مجالات مثل التعبئة والتغلیف والهندسة البسیطة والمنتجات المعدنیة. لیحقق هذا بعض من الجوانب "التقلیدیة" فی السیاسة الصناعیة قد یکون لها دور.

وینبغی توجیه أی دعم مالی إلى الشرکات المصنعة لخلق القدرة التنافسیة وتنویع الإنتاج. کما تشیر تجربة الاقتصادیات حدیثة العهد بالتصنیع، أنه یجب أن یکون الوقت محددا والأداء مترابط ومتسق (حتى إذا کانت أهداف التصدیر الرسمیة تخالف بوضوح ترتیبات منظمة التجارة العالمیة). یجب تجنب الاجراءات المحددة التی تستهدف الشرکات الفردیة، کما ینبغی أن یکون هناک تفرقة کبیرة فی معدلات الدعم الفعالة بین القطاعات.[70] ومن المعروف جیدا من نظریة التشوهات المحلیة (domestic distortions) أنه حتى لو کان یمکن تبریر الدعم للأنشطة الجدیدة على أساس "الصناعات الولیدة" ، فإن التعریفیة الجمرکیة للاستیراد تعتبر وسیلة متدنیة لتقدیم الدعم، وذلک بسبب تکالیف منتجها الأعلى. من حیث المبدأ، یجب أن تکون الاجراءات "ترویجیة" تهدف إلى معالجة مباشرة لفشل محدد فى السوق- على سبیل المثال توفیر الائتمان المدعوم للتعویض عن فشل سوق رأس المال أو الدعم المرتبط بالعمل أو التدریب على العمل للتعویض عن العوامل الخارجیة للتشغیل. فی الواقع، تم استخدام الحمایة التعریفیة فی العدید من الدول (وحققت نجاح واضح فی جمهوریة کوریا وتایبیه، الصین على الأقل) بسبب بساطتها النسبیة ولأن تکالیفها یتحملها المستهلکون مباشرة ولیس الحکومات.[71] سیاسة الدعم المزدوجة عن طریق التعریفة الجمرکیة للاستیراد أو الحمایة بالحصص فی السوق المحلیة، جنبا إلى جنب مع تشجیع الصادرات، والتی عملت بفعالیة فی جمهوریة کوریا وتایبیه، الصین، لا تحظى بقدر کبیر من الأهمیة فی الاقتصادیات ذات الأسواق المحلیة الصغیرة، وبالتالی لا تقدم نموذجًا یجب اتباعه.

التجربة فی الاقتصادیات حدیثة العهد بالتصنیع وأماکن أخرى تظهر أنه فی حین أن الروابط بین المصدرین والموردین المحلیین هامه، فإن الروابط الأولیة السابقة التی تعززها حمایة الواردات العالیة سوف تؤدى إلى معاقبة المصدرین وجعلها أکثر صعوبة فی الاحتفاظ بالقدرة التنافسیة. احتیاج المصدرین غیر المباشرین للدعم والخبرة یظهر ایضا أن الوصول إلى المدخلات المستوردة المعفاة من الرسوم یمکن أن یکون مهمًا بالنسبة لهم وکذلک المصدرین المباشرین. أی تعریفة حمایة تفاضلیة للصناعات الولیدة على الناتج النهائی للمصدرین غیر المباشرین، لتشجیع تطویر هذه الروابط، یجب أن تکون متواضعة (ربما بحد أقصى 25٪) ومؤقتة. اجراءات الدعم (مثل الائتمان المدعوم) التى تجنب فرض أسعار مدخلات أعلى على المصدرین هو الأفضل، على الرغم من ذلک من حیث المبدأ تأثیر هذه الزیادات فی الأسعار یمکن أن تقابل بحوافز أخرى للمصدرین، وهکذا لن یتأثر معدل الدعم الفعال. ستکون الواردات من التکنولوجیا الأجنبیة المتطورة هو أمر مهم، کما هو الحال فی الاقتصادیات حدیثة العهد بالتصنیع، والاستثمار الأجنبی المباشر للداخل والموقع ضمن سلاسل القیمة العالمیة ستکون بالتأکید مهمة لهذا الغرض. فی الأنشطة التی تکون فیها تکالیف الید العاملة هی العامل المسیطر، قد تساعد الحوافز الضریبیة من الاستثمار الأجنبی المباشر فی تحویل الاستثمار من موقع إلى آخر. ومن المرجح أیضا أن یکون تمویل ائتمانات التصدیر وخطط تأمین الصادرات مفیدًا. ومن المحتمل أن تحتاج الشرکات الصغیرة والمتوسطة إلى شکل من أشکال التشجیع الخاص، خاصة تهیئة المناخ لاصحاب المشاریع المحلیة.

فی المرحلة الثانیة من الاقتصادیات حدیثة العهد بالتصنیع والاقتصادیات الناشئة ذات الدخل المرتفع، أصبحت المشکلة الآن مختلفة نوعیا، کونها لیس فقط خلق کفاءة التصنیع الأساسیة ولکن الارتقاء بهیکل تصدیر التصنیع عن طریق الارتقاء إلى مستوى سلم المیزة النسبیة. ومع ذلک، لا یزال هناک قلق من عدم التکامل بین بعض ﻗﻄﺎﻋﺎت اﻟﺘﺼﺪﻳﺮ واﻟﻤﻮردﻳﻦ اﻟﻤﺤﻠﻴﻴﻦ، ﺣﻴﺚ ﻳﻠﺰم أن یکون هناک رواﺑﻂ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ. بالنسبة للاقتصادیات فی هذه المرحلة الأکثر تقدماً، یُنظر الآن إلى الدعم العام للتصنیع ورفع مستوى الصادرات بطرق أکثر غیر مباشرة، وأن لوائح منظمة التجارة العالمیة، إذا ما طبقت بشکل صارم، ستحد بشکل خطیر من نطاق السیاسات الأکثر تدخلاً. ​​حالیا متوسط التعریفات الجمرکیة على الواردات من أجل التصنیع منخفضة، حیث بلغت 11٪ فی إندونیسیا، و 15٪ فی تایلاند و 8٪ فی مالیزیا فی أواخر التسعینات.[72] وبدلاً من محاولة الدفع أو إنشاء مبادرات خاصة فی مجالات معقدة تقنیًا ، والتی قد لا یعرف عنها البیروقراطیون إلا القلیل ، فإن الدرس المستفاد من التجارب الحدیثة فی الاقتصادات الحدیثة التصنیع هو أن الحکومات بحاجة إلى تهیئة بیئة السوق ، الأمر الذی سیشجع على هذا التحدیث ویسمح به.

وترتبط مجموعة کبیرة من المبادرات الصناعیة الجدیدة بمسائل إصلاح القطاع المالی للسماح بتطویر مصادر تمویل طویلة الأجل للصناعة.[73] لکن بالإضافة إلى ذلک واستمرار السیاسات الاقتصادیة الکلیة السلیمة تم التأکید على ثلاثة أبعاد أخرى فی الأدبیات الحدیثة. واحد یتعلق بدور البنیة التحتیة المادیة. من الواضح بشکل بدیهی أنه فی عالم یتمیز بقدر أکبر من الحراک الدولی للعوامل، فإن نوعیة العوامل الجامدة غیر القابلة للتداول سوف تحمل أهمیة أکبر کوسیلة لجذب رؤوس الأموال المتنقلة وتأثیرها على الأداء الاقتصادی على المدى الطویل. مع زیادة مشارکة القطاع الخاص فی تمویل البنیة التحتیة، ظهرت تحدیات جدیدة من قبل الحکومات. ومع ذلک، بل وأکثر من فترة الاندفاع الأولی لنمو الصادرات المرتفع فی الستینیات والسبعینیات من القرن الماضى البنیة التحتیة ذات الجودة العالیة سوف تکون ضروریة إذا کانت الصناعات القائمة على المعرفة على حدود التکنولوجیا العالمیة والتی تتطلب قطاع اتصالات قوی، هی التی تهیمن على هیکل التصدیر لدولة ما. ومن الواضح فی هذه القطاعات الحدودیة أن القرارات المتعلقة بموقع الاستثمار الأجنبی المباشر ستتأثر بدرجة أقل بکثیر باعتبارات تکالیف الأجور والحوافز الضریبیة، مقارنة بنوعیة البنیة التحتیة فی الاقتصادات المضیفة المنافسة.

ویوسع البعد الثانی النقاش حول البنیة التحتیة من الناحیة المادیة إلى البنیة التحتیة الاجتماعیة. یتطلب تطویر الصادرات مستویات عالیة من المهارات فی القوى العاملة، وهو ما یعنی بدوره مستویات مناسبة من الاستثمار فی التعلیم والتدریب فی کل من المواضیع التقنیة والعلمیة. حققت جمهوریة کوریا وسنغافورة، على وجه الخصوص، من المستوى الأول فى NIEs تقدما کبیرا فی إنشاء نظام للتعلیم العالی قادر على انتاج طلاب الهندسة المعیاریین عالیة المستوى، وهذا النمط یجب أن یتکرر فی الاقتصادات الاخرى. هناک حاجة إلى روابط وثیقة بین معاهد البحوث والجامعات ومختبرات الشرکات، کما تم تطویرها فی سنغافورة، لتحقیق أقصى قدر من التطبیق التجاری للتطورات التکنولوجیة.هذا یؤدی إلى البعد الثالث والأکثر عمقا من السیاسة الصناعیة وهوالابتکار. بالنسبة إلى تقییمات NIEs، سیتطلب الیوم النجاح فی القطاعات ذات القیمة الأعلى أکثر من مجرد استیراد التکنولوجیا الأجنبیة وتکییفها. على الرغم من أن الدعم العام للبحث والتطویر فی الشرکات القائمة یعد جانباً مهماً من هذه العملیة، فمن الواضح أنه لیس العامل الوحید الجدیر بالاهتمام. فی عدد من مجالات التکنولوجیا المتقدمة تم تطویر ابتکارات المنتجات الهامة من قبل الشرکات الصغیرة المبتدئة - تایبیه، الصین تقدم أمثلة توضیحیة عن هذا ودور الحدائق العلمیة التی نجحت فی ربط مبادرة ریادة الأعمال والبحوث القیاسیة النقیة والتطبیقیة. إحدى الطرق التی یمکن بها للسیاسة العامة أن تحفز هذه العملیة هى من خلال توفیر رأس المال المخاطر لهذه الشرکات الجدیدة مع مغامرة الرأسمالیون إلى "أداء دور المدربین واختیار وتحفیز وتدریب رواد الأعمال الناشئین".[74] وینظر إلى نقص هؤلاء الأفراد فی شرق آسیا باعتباره عائقاً مهماً أمام الابتکار المستقبلی، وکذلک العقبات التی تحول دون التغییر التی تفرضها نماذج حوکمة الشرکات التقلیدیة القائمة على مراقبة الأسرة الصارمة. سیکون الابتکار أساسًا نشاطًا خاصًا بالقطاع الخاص، ولکن سیکون دور السیاسة الصناعیة الجدیدة هو تهیئة البیئة من حیث الاقتصاد الکلی، والتجارة، والتمویل، والسیاسة التکنولوجیة التی ستسمح للشرکات الدینامیکیة والمبتکرة بالازدهار. وهذا یعنی إزالة عیوب السوق الصارخة وفرض معاییر تنظیمیة مناسبة فی قطاعات احتکار واحتکار القلة، على الرغم من أن أفضل الممارسات فی مجال سیاسة المنافسة لا تزال غیر مؤکدة.



[1] (total-factor productivity) الإنتاجیة الکلیة للعوامل (TFP)، والتی تسمى أیضًا الإنتاجیة متعددة العوامل، وهی جزء من الإنتاج لا یفسره مدخلات العمل المقاسة تقلیدیًا ورأس المال المستخدم فی الإنتاج. ویتم حسابها بقسمة الناتج على المتوسط المرجح للعمل ومدخلات رأس المال.

[2] انظر:

- Beason, Richard, and David E. Weinstein, Growth, Economies of Scale, and Targeting in Japan (1955–1990). Review of Economics and Statistics 78, 1996, no.2: 286–95.

- Lawrence, Robert Z., and David E. Weinstein, Trade and Growth: Import-led or Export-led? Evidence from Japan and Korea. In Rethinking the East Asian Miracle, ed. Joseph E. Stiglitz and Shahid Yusuf, Oxford: Oxford University Press, 2001.

- Lee, Jong-wha, Government Interventions and Productivity Growth in Korean Manufacturing Industries. Journal of Economic Growth 1, 1996, no. 3: 391–414.

[3] Noland, Marcus, Industrial Policy and Japan’s Trade Pattern. Review of Economics and Statistics 75, 1993, no. 2: 241–48.

[4] انظر:

- Noland, Marcus,. Research and Development Activities and Trade Specialization in Japan. Journal of the Japanese and International Economies 10, 1996, no. 2: 150–68.

- Branstetter, Lee, and Mariko Sakakibara, When Do Research Consortia Work Well and Why? Evidence from Japanese Panel Data. American Economic Review 92, no.1: 143–59.

[5] Pack, Howard, Industrial Policy: Growth Elixir or Poison? World Bank Research Observer 15, 2000, no. 1: 47–68.

[6] Noland, Marcus, Selective Intervention and Growth: The Case of Korea. In Empirical Methods in International Trade, ed. Michael G. Plummer. Cheltenham, UK: Edward Elgar,2004.

[7] Noland, Marcus, and Howard Pack, Industrial Policy in an Era of Globalization. Washington: Institute for International Economics, 2003.

[8] راجع فى ذلک:

- World Bank, The East Asian Miracle, World Bank, Washington DC, 1993.

- D.Leipziger, (editor) Lessons from East Asia, University of Michigan Press, Ann Arbor, 1997.

- S.Yusuf, ‘The East Asian Miracle at the Millenium’ in J.Stiglitz and S.Yusuf, (editors) Rethinking the East Asian Miracle, Oxford University Press for the World Bank, New York, 2001.

- D.Rodrik, “King Kong meets Godzilla: the World Bank and the East Asian Miracle” in A.Fishlow, C.Gwin, S.Haggard, D.Rodrik and R.Wade Miracle or Design: Lessons from the East Asian Experience, Overseas Development Council, Washington DC, 1994.

- M.Quibria, ‘Growth and Poverty: lessons from the East Asian Miracle revisited’ ADB Institute Research Paper 33, Asian Development Bank Institute, Tokyo, 2002.

[9] World Bank, The East Asian Miracle, 1993, Op.Cit.

[10]B.Balassa, “A Stages Approach to Comparative Advantage” World Bank Staff Working Paper no 256, World Bank, Washington, 1977.

[11]D.Rodrik, The New Global Economy and Developing Countries: Making Openness Work, John Hopkins for Overseas Development Council, Washington DC, 1999, P.51.

[12] کانت الصادرات أقل من 5 ٪ من الناتج المحلی الإجمالی فی کوریا الجنوبیة حوالی عام 1960 وبالکاد أکثر من 10 ٪ فی تایوان. أى لم تکن الصادرات مسئولة عن أکثر من جزء صغیر من طفرة النمو الأولیة فی کلا الدولتین.

[13] M.Quibria, ‘Growth and Poverty: lessons from the East Asian Miracle, Op.Cit, P.27

[14] Ibid., P.28

[15] H. Pack, “Technological Change and Growth in East Asia: Macro versus Micro Perspectives” in J.Stiglitz and S.Yusuf (editors) Rethinking the East Asian Miracle, Oxford, Oxford University Press for the World Bank, 2001, P.127.

[16] راجع فى ذلک:

-D.Rodrik, The New Global Economy and Developing Countries: Op.Cit., P.27.

-S.Edwards, “Trade Orientation, Distortions and Growth in Developing Countries” Journal of Development Economics, vol 39, no 1, 1992.

-S-W Nam, ‘Family-based Business Groups: degeneration of quasi-internal organizations and internal markets in Korea’ ADB Institute Research Paper 28, Asian Development Bank Institute, Tokyo, 2001.

[17]H.Hill and P.Athukorala, “Foreign Investment in East Asia” Asain Pacifc Economic Literature, vol 12, no 2, 1998.

[18] M.Quibria, ‘Growth and Poverty: lessons from the East Asian Miracle,Op.Cit.,P.26-32.

[19] UNCTAD, The Least Developed Countries Report 2002, Escaping the Poverty Trap, Geneva, p.119, 2002.

[20]K.Kim and D.Leipziger, “Korea: a case of government-led development” in D.Leipziger (editor) Lessons from East Asia, University of Michigan Press, Ann Arbor, 1997,  table "1".

[21] بالرغم من أن نتائج (Balassa 1982) تؤکد دائما عدم وجود تحیز ضد التصدیر، إلا أن تقدیرات (Smith 2000) تظهر التحیز ضد الصادرات فى کوریا فى الأعوام 1975، 1980، 1985، 1990.

[22] راجع فى ذلک

- A.Amsden, Asia’s Next Giant, Oxford University Press, Oxford, 1989, p.73.

- P.Lim, The Evolution of Korea’s Development Paradigm: Old Legacies and Emerging Trends in the Post-Crisis Era, ADB Institute Working Paper 21, ADBI, Tokyo, 2001.

[23]K.Kim and D.Leipziger, “Korea: a case of government-led…., Op.Cit.,  p.183.

[24] تؤکد نظریة "Too-Big-Too-Fail" أن بعض الشرکات، وخاصة المؤسسات المالیة، کبیرة جدًا ومترابطة لدرجة أن فشلها سیکون کارثًة على النظام الاقتصادی الأکبر، وبالتالی یجب دعمها من قبل الحکومة عندما تواجه فشلًا محتملًا. وقد تم التعبیر بهذا المصطلح من قبل عضو الکونغرس الأمریکی ستیوارت ماکینی فی جلسة استماع فى الکونغرس عام 1984.

[25]H.Smith, Industry Policy in Taiwan and Korea in the 1980’s, Edward Elgar, Cheltenham, 2000, p.93.

[26]C.Dahlman and O.Sananikone, “Taiwan, China: Policies and Institutions for Rapid Growth” in D.Leipziger (editor) Lessons from East Asia, University of Michigan Press, Ann Arbor, 1997.

[27]G.Ranis, “Employment, Income Distribution and Growth in the East Asian Context: a comparative analysis” in V.Corbo, A.Krueger and F.Ossa (editors) Export Oriented Development Strategies, Westview Press, Boulder, 1985.

[28] J.Weiss, Industry in Developing Countries, Routledge, London, 1990, tables 5-3.

[29] H.Smith, Industry Policy in Taiwan and Korea, 2000, Op.Cit., table 2-7.

[30] راجع فى ذلک

- Ibid., table 2-2.

- R.Wade, Governing the Market, Princetown University Press, Princetown, 1990, pp.7-166.

[31] C.Dahlman and O.Sananikone, “Taiwan, China: Policies ...,  1997, Op.Cit.

[32] H.Smith, Industry Policy in Taiwan and Korea …, 2000, Op.Cit.

[33]Soon,T –W & Tan,C.S., Singapore: Puplic policy and Economic development, In: Leipziger, Danny M. (ed) Lessons from East Asia, University of Michigan Press, Ann Arbor, 1997,  p.232.

[34]S.Yusuf, “Remodeling East Asian Development” ASEAN Economic Bulletin, vol 19, no1, 2002,  table(3).

[35] A.Amsden, The Rise of ‘the Rest’, Oxford University Press, Oxford, 2001, pp.244 245.

[36]C. Freeman, “The National System of Innovation in Historical Perspective” Cambridge Journal of Economics, no 19, 1995,  table 4.

[37]S.Gee and W-J Kuo, ‘Export success and technological capability: textiles and electronics in Taiwan, Province of China’ in D.Ernst, T.Ganiatos and L. Mytelka (editors) Technological Capabilities and Export Success in Asia, Routledge, London, 1998.

[38]A.Amsden, T.Tschang.T and A.Goto., “Do Foreign Companies, 2001, Op.Cit., p.8.

[39] K.Jomo, South East Asia’s Misunderstood Miracle, Westview Press, Boulder, 1997.

[40]I.Salleh and S.Meyananthan, “Malaysia: Growth, Equity and Structural Transformation” in D.Leipziger (editor) Lessons from East Asia, University of Michigan Press, Ann Arbor, 1997.

[41] K.Jomo, South East Asia’s Misunderstood Miracle, Op.Cit., p.102.

[42] UNIDO, Industrial Development Report 2002/2003: Competing through Innovation and Learning, UNIDO, Vienna, 2002, p.120.

[43]S.Lall, “Malaysian Industrial Success and the Role of Government” Journal of International Development, vol 7, 1995,  no 5.

[44]S.Christensen, D.Dollar, A.Siamwalla and P.Vichyanond, “Thailand: the Institutional and Political Underpinnings of Growth” in D.Leipziger (editor) Lessons from East Asia, University of Michigan Press, Ann Arbor, 1997.

[45] A.Amsden, The Rise of ‘the Rest’, 2001, Op.Cit., pp.26.

[46] راجع فى ذلک

- K.Jomo, South East Asia’s Misunderstood Miracle, Op.Cit.

- M.Rock, “Thai Industrial Policy: How Irrelevant was it to Export Success?” Journal of International Development, vol 7, 1995,  no 5.

[47]H.Hill, “Indonesia from ‘Chronic Drop-out’ to ‘Miracle’ Journal of International Development, vol 7, 1995,  no 5.

[48]K.Jomo, “Rethinking the Role of Government Policy in South East Asia” in J.Stiglitz and S.Yusuf (editors) (2001) Rethinking the East Asian Miracle, Oxford University Press for the World Bank, New York, 2001,  pp. 473, 489.

[49]R.Wade, “Selective Industrial Policies in East Asia: is the East Asian Miracle Right?” in A.Fishlow, C.Gwin, S.Haggard, D.Rodrik and R.Wade Miracle or Design: Lessons from the East Asian Experience, Overseas Development Council, Washington DC, 1994.

[50] M.Quibria, ‘Growth and Poverty: lessons from the East Asian Miracle, Op.Cit.

[51]UNIDO, Industrial Development Report 2002/2003: Op.Cit.

[52] R.Cooper, “Growth and Inequality: the role of foreign trade and investment” World Bank European Annual Conference on Development Economics, World Bank, Washington DC, 2001, P.11.

[53] J.Weiss, Industrialisation and Globalisation: theory and evidence from developing countries, Routledge, London, 2002.

[54] S. Lall, “The East Asian Miracle Study: does the bell toll for industrial policy?” World Development vol 22, no 4, 1994.

[55]World Bank, The East Asian Miracle, Op.Cit.

[56] D.Rodrik, “King Kong meets Godzilla: the World Bank and the East Asian, Op.Cit.

[57] World Bank, The East Asian Miracle,Op.Cit., p.125-126.

[58] D.Rodrik, “King Kong meets Godzilla: the World Bank and the East Asian, Op.Cit.

[59] G.Bird and R.Rajan, “The Evolving Asian Financial Architecture” Princetown Essays in International Economics, forthcoming, 2002.

[60] راجع فى ذلک:

-   J.Bhagwati, ‘Export promoting trade strategy: issues and evidence’ World Bank Research Observer, vol 3, no 1, 1988.

-   B.Balassa, Development Strategies in Semi-Industrial Economies, John Hopkins Press, Baltimore, for the World Bank, 1982.

-   J.Weiss, Industry in Developing Countries, 1990, Op.Cit.

-   L.Westphal, “Empirical Justification for Infant Industry Protection” World Bank Staff Working Paper, no 445, World Bank, Washington DC, 1981.

[61] B.Balassa, Development Strategies in Semi-Industrial Economies, Op.Cit.

[62] J.Weiss, Industry in Developing Countries, Op.Cit.

[63]  راجع فى ذلک

- L.Westphal, “Empirical Justification for Infant Industry Protection”,1981, Op.Cit.

- L.Westphal, ‘The Pendulum Swings: an apt analogy’ World Development, vol 26, no12, 1998.

[64] راجع فى ذلک

- World Bank, The East Asian Miracle, 1993, figure3-4, Op.Cit.

- K.Jomo, South East Asia’s Misunderstood Miracle, 1997, Op.Cit., p.109.

- A.Bhattacharya and M.Pangestu, “Indonesia: Development Transformation and the Role of Public Policy” in D.Leipziger (editor) Lessons from East Asia, University of Michigan Press, Ann Arbor, 1997,  table 7-11.

[65] راجع فى ذلک

-J.Weiss, Industry in Developing Countries, 1990, Op.Cit., tables 5-4,5-5.

-H.Smith, Industry Policy in Taiwan and Korea, Op.Cit.

[66] راجع فى ذلک:

-D.Perkins, “Industrial and Financial policy in China and Vietnam: a new model or a replay of the East Asian experience” in J.Stiglitz and S.Yusuf (editors), Rethinking the East Asian Miracle, Oxford University Press for the World Bank, New York, 2001.

-S.Yusuf, ‘The East Asian Miracle at the Millenium’, 2001, Op.Cit.

-M.Quibria, ‘Growth and Poverty: lessons from the East Asian Miracle, Op.Cit.

[67] راجع فى ذلک:

- UNCTAD, The Least Developed Countries Report 2002, Op.Cit., p.127.

- B.Hoekman, A.Mattoo and P.English, (editors) Development , Trade and the WTO: a handbook, World Bank, Washington DC, 2002, table A.2.

[68]M.Pangestu, “Industrial Policy and Developing Countries” in B.Hoekman, A.Mattoo and P.English (editors) Development , Trade and the WTO: a handbook, World Bank, Washington DC, 2002.

[69]B.Bora, “Trade-Related Investment Measures”, in B.Hoekman, A.Mattoo and P.English (editors) Development, Trade and the WTO: a Handbook, World Bank,Washington DC, 2002.

[70]A. Mody, “Industrial Policy after the East Asian Crisis: from ‘outward orientation’ to new internal capabilities?” mimeo World Bank, Washington DC, 1999.

[71] M.Corden, Trade Policy and Economic Welfare, Clarendon Press, Oxford, 1974.

[72]B.Hoekman, A.Mattoo and P.English, (editors) Development , Op.Cit., table A.2.

[73] راجع فى ذلک:

-Asian Policy Forum, Policy Recommendations for Preventing Another Capital Account Crisis, Asian Development Bank Institute, Tokyo, 2000.

-Asian Policy Forum, Policy Recommendations for Designing New and Balanced Financial Market Structures, Asian Development Bank Institute, Tokyo, 2001.

[74]S.Yusuf , “Remodeling East Asian Development”, 2002, Op.Cit.