أثر تراکم الدَّيْن العام على النمو الاقتصاديّ دراسة حاله الاقتصاد المصريّ

نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة

المؤلف

المستخلص

يعتبر النمو المستدام هو أحد أهم الأهداف الرئيسة لأيَّة حکومة، کذلک فإن لتراکم الدَّيْن العام آثار إيجابيَّة أو سلبية على النمو؛ وهذا ما يضع الکثير من العبء على واضعي السياسات في التعامل مع مُسبِّبات الدَّيْن العام والمشکلات الناجمة عن تراکمه بشکل متزامن، مع الأخذ في الاعتبار أولوية کل مشکلة؛ وهو ما دفع الباحثين إلى الاهتمام بمستويات الدَّيْن العام کمُحدِّد ضروري للنمو.
تهدف هذه الدراسة إلى تقييم وتحليل أثر الدَّيْن العام الإجماليّ على النمو الاقتصاديّ، من خلال تقييم وتحليل أثر الدَّيْن العام بشقيه: الداخليّ والخارجيّ على النمو الاقتصاديّ في الأجَلين: الطـويل والقصـير، باستخـدام نمـوذج الانحـدار الذاتي لفترات الإبطاء الموزعة (ARDL) بالتطبيق على الاقتصاد المصريّ خلال الفترة 1990- 2016.
وقد خلُصت الدراسة إلى أن اللجوء إلى الدَّيْن العام له آثار إيجابيَّة على النمو الاقتصاديّ في الأجَل القصير؛ نتيجة تدفق أموال القروض إلى الاقتصاد القوميّ مما يساعد الحکومة على زيادة الإنفاق العام الاستثماريّ وبالتالي زيادة حجم الطلب الکُليّ، وفى الوقت نفسه له آثار سلبية في الأجَل الطويل عندما تبدأ الموازنة العامة في تحمل التدفقات النقدية لخدمة الدَّيْن الخارجيّ والداخليّ، ويتحول إلى خطر إذا وصل الأمر لاقتراض الحکومة لسداد مدفوعات خدمة الدَّيْن. وعند تحليل الدَّيْن العام إلى مُکوِّناته الرئيسة من دَيْن عام داخليّ ودَيْن عام خارجيّ، وجد أن لکل منهما أثراً سلبيّاً بعد تجاوزهما المرحلة الحرجة؛ إلَّا أنه رغم الأثر السلبى لشِقَّي الدَّيْن العام، فإن اللجوء للدَّيْن العام الخارجيّ يؤدي إلى تراجع النمو الاقتصاديّ بمعدل أکبر من اللجوء إلى الدَّيْن العام الداخليّ.
الکلمات المفتاحية: الدَّيْن العام المصريّ - الدَّيْن العام الداخليّ - الدَّيْن العام الخارجيّ - الانحدار الذاتي لفترات الإبطاء الموزعة .(ARDL)

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


المُقدِّمة

   تُعدُّ قضیة الدَّیْن العام من أهم القضایا التی لها تأثیر مباشر على اقتصادیّات الدول، ومستوى معیشة أبنائها، ومستقبل الأجیال الحالیة والقادمة فیها. ولهذا؛ یثیر ارتفاع الدَّیْن العام فی العدید من الدول النامیة والمتقدمة، المخاوف بشأن تأثیر تراکم الدَّیْن العام على النمو الاقتصادیّ، وقدرة الحکومة على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالدیون دون أن تتأثر معدلات النمو الاقتصادیّ المستهدفة. ولهذا أصبح تراکم الدَّیْن العام من المشاکل ذات الأهمیة القصوى؛ خاصة فی الدول النامیة والناشئة رغم اختلاف أسباب تراکم الدَّیْن العام، واختلاف المشکلات الناتجة عن تفاقم وضع الدَّیْن العام فی کل دولة.  

   وقد شهدت السنوات الأخیرة ازدیاد حجم الدَّیْن العام فی الاقتصاد المصری، فقد ارتفع إجمالیّ الدَّیْن العام من 115 ملیار جنیه عام 1990 لیصل إلى 1.1 ترلیون جنیه عام 2010، ثم ارتفع بشکل دراماتیکیّ بعد عام 2011 لیصل إلى 3.2 ترلیون جنیه عام 2016، یبلغ منه الدَّیْن العام الداخلیّ 2.6 ملیار جنیه والدَّیْن العام الخارجیّ 67.2 ملیار دولار کما یتضح من الشکل (1)، وهو ما یمثل 121% من الناتج المحلیّ الإجمالیّ؛ حیث نلاحظ ارتفاع نسبة الدَّیْن العام الداخلیّ من إجمالی الدَّیْن العام من 55.7% عام 1990 إلى 80% عام 2016. بما یمثل 97% من الناتج المحلی الإجمالی للعام نفسه، بینما بلغ الدَّیْن العام الخارجیّ 20% من إجمالی الدَّیْن العام للعام نفسه.

 

 

 

   هذا النمو المستمر فی الدَّیْن العام هو ما أثار مخاوف جدیة بشأن الارتفاع الحاد فی مستویات الدَّیْن العام، بما یعکس إمکانیة التعرض للتأثیرات الضارة للدین العام على النمو الاقتصادیّ، وأثر ازدیاد الدَّیْن العام على الاقتصاد وقدرته على سداد هذه الدیون المتراکمة والوقوع فی مصیدة الدَّیْن والاحتیاط لمنع أی خطر للتخلف عن السداد.

   والهدف الرئیس من هذه الورقة هو تقییم وتحلیل أثر الدَّیْن العام الإجمالیّ على النمو الاقتصادیّ، ثم تقییم وتحلیل أثر الدَّیْن العام بشقیه: الداخلیّ والخارجیّ على النمو الاقتصادیّ فی الأجَلین: الطویل والقصیر، باستخدام نموذج الانحدار الذاتی لفترات الإبطاء الموزعة (ARDL) بالتطبیق على الاقتصاد المصریّ خلال الفترة 1990- 2016؛ ومن ثَمَّ تحدید ما إذا کان السلوک العام للدَّیْن یتفق مع مسار وتوجُّهات النمو المستدام أم لا.

الدراسات السابقة

   احتل موضوع الدَّیْن العام نقطة محوریة فی الأدب الاقتصادیّ منذ فترة طویلة، واختلفت الآراء ما بین مؤید لاستخدامه کمصدر مهم وأساس من مصادر تمویل عملیة التنمیة، وما بین معارض. فنجد أن الدراسات النظریة المَعنیَّة بالعلاقة بین الدَّیْن العام والنمو الاقتصادیّ تؤکد على طبیعة الآثار الإیجابیَّة عند المستویات المعقولة للدَّیْن على مستوى الرفاهیة والنمو؛ ففی الأجَل القصیر وطبقاً لوجهة النظر التقلیدیة، یمکن للدین العام أن یُسْهم فی زیادة الاستثمار وتحفیز الطلب الکلی؛ استناداً إلى فرضیة ریکاردو بحیث تؤدی زیادة الإنفاق الاستهلاکی المرتبط بزیادة الإنفاق الحکومی والمُموَّل من خلال القروض العامة إلى زیادة الطلب على السلع والخدمات، وهو ما سیؤدی إلى زیادة کل من الإنتاج والتوظیف؛ بینما یتبنى الرأی المعارض الآثار السلبیة فی الأجَل الطویل عند وصول الدَّیْن إلى مستویات عالیة، بحیث ستکون له آثار سلبیة تؤدی إلى تراجع النمو الاقتصادیّ Elmendorf & Mankiw (1999).

   فنجد العدید من الدراسات تناولت العلاقة بین الدَّیْن العام الخارجیّ والنمو الاقتصادیّ؛ ودراسات أخرى تناولت العلاقة بین الدَّیْن العام الداخلیّ والنمو الاقتصادیّ، وفیما یلی استعراض لأهم هذه الدراسات.

فیما یتعلق بالدراسات التی تناولت العلاقة بین الدَّیْن العام الخارجیّ والنمو الاقتصادیّ، مثل دراسات[Pattillo et al. (2002); Clements et al. (2003); Pattillo et al. (2004); Presbitro (2005); Adesola (2009); Wang (2009); Ogunmuyiwa (2011); Uzun (2012); Sichula (2012) ; Lee & Ng (2015)]؛ فقد استهدفت بحث تأثیر تراکم الدَّیْن العام الخارجیّ على النمو الاقتصادیّ وذلک من خلال إختبار العلاقة بین الدَّیْن العام الخارجی ومعدل النمو فی نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی، وتحلیل تأثیر سداد مدفوعات خدمة الدَّیْن الخارجی على النمو الاقتصادیّ، وذلک بالتطبیق على الدول الفقیرة والدول النامیة المُثْقلة بالدیون والدول التی تمر بمرحلة انتقالیة، من خلال بیانات تغطی فترات زمنیة مختلفة ما بین أعوام 1970 إلى 2012. وتوصلت هذه الدراسات إلى وجود علاقة إیجابیَّة معنویة بین الدَّیْن العام الخارجیّ فی حدوده الآمنة ومعدل النمو فی الدول محل الدراسة على المدى القصیر، أما فی الأجَل الطویل فإن تراکم الدَّیْن العام الخارجیّ له تأثیر سلبی على الناتج المحلی الإجمالی. کما أنه یؤثر على النمو الاقتصادیّ بشکل مباشر من خلال تأثیره على کفاءة استخدام الموارد، وبشکل غیر مباشر من خلال تأثیره السلبی على کل من تراکم رأس المال المادی ونمو الإنتاجیة الکلیة لعوامل الإنتاج والاستثمار الخاص. کما اتضح من هذه الدراسات أن مضاعفة متوسط رصید الدَّیْن الخارجی فی الدول محل الدراسة، من شأنه إبطاء نصیب الفرد من النمو السنوی المتوسط بنسبة تتراوح بین 0.5% و 1%. کما توجد علاقة معنویة سالبة مع أعباء خدمة الدَّیْن؛ حیث أن زیادة حجم الدیون الخارجیة إلى المستوى الذی یجاوز قدرة الدولة على السداد سیجعل من أعباء خدمة الدَّیْن دالَّة متزایدة فی حجم إنتاجیة هذه الدولة؛ بحیث یمکن النظر إلیها باعتبارها ضریبةً مستقطعةً من معدل العائد على الاستثمار تجاه الدائنین الخارجیین. وهو ما ینعکس فی وجود أثر المزاحمة Out effect - Crowding الذی تتضح آثاره مع وصول نسبة أعباء خدمة الدَّیْن إلى الناتج المحلی الإجمالی إلى المرحلة الحرجة، وهى تتراوح بین 35% - 40% من الناتج المحلی الإجمالی، وأن زیادة بنسبة 1% فی أعباء خدمة الدَّیْن تؤدی إلى انخفاض معدل النمو بنسبة 0.1%.

بالإضافة إلى أن زیادة حجم الدیون الخارجیة سیؤثر على حجم رؤوس الأموال الأجنبیة الوافدة، بل یمکن أن یقترن بهروب رؤُوس الأموال إذا ما توقع القطاع الخاص تخفیضاً فی قیمة العُملة الوطنیة أو زیادة فی الضرائب، کإجراء من قِبل الحکومة المحلیة لسداد هذه الدیون؛ بالإضافة إلى أن الآثار السلبیة للدین الخارجی قد لا ترتبط بحجم الدَّیْن فقط وإنما بتغیر الظروف المحیطة بالدولة، والتی قد تؤثر على قدرتها على مواجهة الأعباء المرتبطة بهذه الدیون. سواء بسبب الصدمات الاقتصادیَّة أم التغیرات السیاسیة والاجتماعیة غیر المواتیة، والتی قد تُزید المخاطر لدى الدائنین الحالیین بعدم قدرة الدولة على سداد ما علیها من التزامات؛ والنتیجة، تسارع هؤلاء الدائنین للمطالبة باستحقاقاتهم فضلاً عن انسحاب الدائنین المحتملین من الاکتتاب فی قروض جدیدة. وهو ما یؤدی فی النهایة إلى انخفاض معدل النمو الاقتصادیّ، وهذا ما یتفق مع دراسة (1988) Krugman  و Serven (1997) و (1995) Oks و Arslanalp .and Henry (2004)

   أما الدراسات التی تناولت العلاقة بین الدَّیْن العام الداخلیّ والنمو الاقتصادیّ، فنجد أن کثیراً من الدراسات تبنَّت النسبة التی تم التوصل إلیها فی إطار اتفاقیة ماسترخت للوحدة الأوروبیة، وهو وصول الدَّیْن العام إلى 60% من الناتج المحلیّ الإجمالیّ بحیث یصبح تجاوز هذه النسبة یهدد الاستقرار الاقتصادیّ القومیّ. إلا أن هذه النسبة یؤخذ علیها عدة أمور؛ أولها أن هذه النسبة وُضِعت فی إطار الاتفاق على التوحید النقدیّ؛ أی إنشاء عُملة أوروبیة موحدة، وهو أمر یختلف تماماً عن تقییم أثر الدَّیْن العام. ثانیاً أن هذه الدول تختلف اختلافاً کبیراً من حیث مستوى التطور الاقتصادیّ والاجتماعى بها والدول النامیة؛ وبالتالی لا یجوز اللجوء إلیها باعتبارها المرجعیَّة الأساسیة فی هذا المجال.

   فمن خلال استهداف تحدید المستوى الأمثَل للدین العام الداخلیّ والآثار المرتبطة بتراکمه على النمو الاقتصادیّ فی الأجَلین: الطویل والقصیر ، وذلک بالتطبیق على مجموعة مختلفة من الدول المتقدمة ودول منطقة الیورو والدول منخفضة الدخل والدول الناشئة ودول منظمة التعاون الاقتصادیّ والتنمیة (OECD)، فی فترات زمنیة مختلفة ما بین أعوام 1970 إلى 2012 - یرى کل من: Abbas & Christensen (2010); Kumar & Woo (2010); Reinhart and Rogoff (2010); Cecchetti (2011); Checherita & Rother (2012); Herndon et al (2013)، أن تخطی الدَّیْن العام کنسبة من الناتج المحلی الإجمالی المرحلةَ الحرجةَ للدین وهى نسبة ما بین 85% الى90% ستکون له آثار سلبیة على النمو الاقتصادیّ لکل من الدول المتقدمة والناشئة، فزیادة الدَّیْن العام الداخلیّ بنسبة 1% سیؤدی إلى انخفاض متوسط معدل النمو بنسبة 1%، بینما ستکون هذه النتائج متباینة عند مستویات أقل. کما أیدت نتائج الدراسات عدم وجود علاقة خَطیَّة بین تراکم الدَّیْن والنمو الاقتصادیّ؛ وهو ما یعنی أن تخطّی الدَّیْن حاجز المرحلة الحرجة ستکون له آثار سلبیة على النمو الاقتصادیّ. أما المستویات المعتدلة من الدَّیْن المحلی غیر التضخمی کنسبة من الناتج المحلی الإجمالی؛ فستکون لها آثار إیجابیَّة على النمو الاقتصادیّ.

ومن ثَمَّ؛ فإن تحدید مستوى معین للدین العام یتوقف على طبیعة کل دولة على حِدَة، ومدى التطور الاقتصادیّ والاجتماعى والظروف المحیطة بها.

   ویمکن إجمال النتائج التی توصلت إلیها الدراسات السابقة بأن الدَّیْن العام الداخلیّ فی حدوده الآمنة ممکن أن یکون له آثار إیجابیَّة على النمو الاقتصادیّ، إلا أن تراکم الدَّیْن ووصوله إلى مستویات عالیة سیُضعف من قدرة الحکومة على مواجهة التزاماتها بحیث تصبح أکثر حساسیة للتغیرات غیر المواتیة، والتی قد تنشأ بسبب الصدمات الاقتصادیَّة أو التغیرات السیاسیة والاجتماعیة غیر المتوقعة؛ وهو ما سیخفض تدریجیّاً من قدرة الحکومة على سداد استحقاقات الدائنین؛ ومن ثَمَّ ازدیاد المخاطر لدى الدائنین الحالیین بعدم قدرة الحکومة على سداد ما علیها من التزامات، وهو ما قد یدفع بمعدلات الفائدة إلى الارتفاع فی محاولة لإقناع الدائنین الحالیین للمحافظة على تمویل العجز الحکومی. وفی حالة أن یکون ارتفاع معدل الفائدة المقترن بمعدل نمو متباطئ فی الناتج سیؤدی إلى نمو غیر مستقر فی نسبة الدَّیْن إلى الدخل القومیّ، بحیث سیؤدی أثر المزاحمة إلى أزمات اقتصادیَّة ینتج عنها انخفاض حاد فی کل من الناتج والاستهلاک. [Cecchetti (2011); Tobin (1986)].

 ونتیجة لارتفاع معدل الفائدة، کثیراً ما یُنظر إلى الدَّیْن العام المحلی بأنه أکثر تکلفة من التمویل الخارجی؛ حیث تستحوذ معدلات الفائدة المرتفعة المدفوعة لخدمة الدَّیْن العام المحلی، على الجانب الأکبر من الإیرادات الحکومیة بما قد یمثل ضغطاً على الإنفاق العام الاستثماریّ وتتطلب تحصیل المزید من الضرائب، وهو ما سیکون مکلفاً سیاسیّاً حیث تؤدی زیادة الضرائب المفروضة إلى تراجع شعبیة الحکومة. وحتى فی حالة عدم اهتمام الحکومة بالتکالیف السیاسیة المرتبطة بزیادة فرض الضرائب، ستظل المخاطر قائمة فی حالة عدم کفایة هذه الضرائب على تمویل فوائد القروض العامة المستحقة، وهو ما سیدفع الحکومة إلى مزید من الاقتراض لسداد أعباء الدَّیْن المتراکمة؛ ومن ثم، الدخول فی مصیدة الدَّیْن. [Abbas& Christensen (2010); Geys & Vermeir (2008); Sobel (1998); Nannestad & Paldam (1994); Becker (1983)].

کما أن تراکم الدَّیْن یمکن أن یؤثر على النمو الاقتصادیّ وفقاً لمبادئ التحلیل الکینزیّ، عن طریق التأثیر على الأرصدة القابلة للإقراض والحد من الاستثمار الخاص أو تغییر عناصر الإنفاق العام؛ فزیادة الأعباء المرتبطة بخدمة الدَّیْن، قد تزید من عجز المیزانیة ومن ثَمَّ تقلیص حجم المدخرات العامة؛ وهو ما سیؤدی إلى رفع معدلات الفائدة وإزاحة الائتمان المتاح للاستثمار الخاص وتقلیص الموارد المتاحة للاستثمار العام فی مشاریع البنیة التحتیة ورأس المال البشری، بما یمثل عنصر إزاحة فی غیر صالح الفقراء. Beaugrand et al (2002), Irons & Bivens (2010), Giovanna et al (2014).

بالإضافة إلى أن أحد أهم آثار تراکم الدَّیْن العام المحلی على النمو الاقتصادیّ هو انخفاض الإنتاجیة الإجمالیة؛ نتیجة عدم الیقین بشأن الإجراءات والسیاسات التی ستتخذها الحکومة فی مواجهة هذه الدیون والأعباء المرتبطة بها؛ خاصة فی فترات الأزمات، حیث تزداد التوقعات بتبنِّی الحکومة مجموعةً من التدابیر الانکماشیة التی تؤدی إلى خفض الاستثمار الکُلیّ؛ مما یدفع المستثمرین المحتملین إلى الانتظار وعدم المجازفة. وحتى إذا لم ینخفض ​​الاستثمار الکلی بدرجة کبیرة، فإنه قد یدفع المستثمرین إلى تفضیل الاستثمار القصیر الأجَل والمنخفض المخاطر عن مشاریع طویلة الأجَل ومحفوفة بالمخاطر؛ وهو ما لا یدعم النمو الاقتصادیّ. Agenor & Montiel (2008)  Barro (1979),،  Serven (1997).

وکذلک دراسة (El-Mahdy, 1999) التی بحثت فی قدرة الاقتصاد المصریّ على أن یتحمل الاستمرار فی ازدیاد الدَّیْن العام وازدیاد أعبائه، من خلال دراسة حالة المدیونیة المصریة فی الفترة من 1984 إلى 1998، وخلُصت الدراسة إلى أن النسبة الفعلیة للدین العام إلى الناتج قد تعدت السقف الذی کان من الممکن تحمله، وارتفاع أعباء خدمة الدَّیْن بما نسبته 18% من إجمالیّ الإیرادات العامة للدولة. وتوقعت عدم قدرة الاقتصاد المصریّ على تحمل الدَّیْن العام المحلیّ مستقبلاً إلا فی حالة استقرار عجز الموازنة العامة للدولة کنسبة من الناتج المحلیّ الإجمالیّ، مع تحقیق معدل نمو للناتج المحلیّ الإجمالیّ یفوق معدل الفائدة. وهذا ما أکَّدته دراسة (El-Mahdy & Torayeh (2009)) التی بحثت آثار استمرار نمو الدَّیْن العام الداخلی على النمو الاقتصادیّ فی مصر، خلال الفترة من 2000 إلى 2006. ورغم أن مستوى الدَّیْن المحلی العام نما فی مسار ثابت، فإن نسبة الدَّیْن إلى الناتج المحلی الإجمالی لم تتخطَّ الحد الأقصى خلال تلک الفترة، وهو ما یعنی أن الدَّیْن العام فی مصر کان على مستوى المقبول. وتوقعت أن تسجل أسوأ النتائج عندما ینخفض ​​معدل النمو الاقتصادیّ بنسبة 10 %، بمعدل فائدة یزید على 10 %، والعجز الأوَّلی بنسبة 3.7 %، والدَّیْن العام کنسبة من الناتج المحلی الإجمالی بنسبة 101 % وهذا مسار دیون شدید الانفجار ومفرغ لمصر. مما یدل على عدم قدرة الاقتصاد المصریّ على تحمل المزید من الدیون، وأن الدَّیْن العام المحلی العام فی مصر له تأثیر سلبی قوی على النمو.

   ولکن لا توجد الکثیر من الدراسات التی تبحث العلاقة بین إجمالیّ الدَّیْن العام الخارجیّ والداخلیّ معاً والنمو الاقتصادیّ.

   ودراسة (Cottarelli et al. (2010)) التی بحثت کیفیة تنفیذ استراتیجیَّات التکیُّف المالی الهادف لضبط السیاسة المالیة وتخفیض الدَّیْن العام دون تقویض للانتعاش الاقتصادیّ، فکثیر من إجراءات التکیف یمکن أن یعیق النمو. ولذا؛ ینبغی تصمیم الاستراتیجیات المالیة لتکون متسقة مع متطلبات النمو القصیرة الأجَل والطویلة الأجَل. وقدمت الدراسة توصیات لتمکن الدول من الضبط المالیّ وتقلیل الدَّیْن العام بما لا یؤثر على متطلبات النمو؛ من أهمها أن یکون لدیک خطة مالیة ذات مصداقیة ( یتم تحقیقه فی غضون 4-5 سنوات)؛ لأن الوعود بالعمل فی المستقبل لن تکون کافیة. یجب أن تستهدف الخطة انخفاضاً طویل الأمد فی نسبة الدَّیْن العام إلى الناتج المحلی الإجمالی، ولیس فقط استقرارها فی مستویات ما بعد الأزمة. فالدیون العامة المرتفعة تمیل إلى رفع أسعار الفائدة، وانخفاض النمو المحتمل، وتعیق المرونة المالیة. کما یجب أن ترکز علی أدوات ضبط أوضاع المالیة العامة التی تفضی إلی نمو محتمل قوی. وسیتطلب ذلک تحیزاً نحو تخفیض الإنفاق بما لا یهمل حمایة الفقراء ورفع الإیرادات، مع الأخذ فی الاعتبار تبعات وجود مستویات ضریبیة شدیدة التشویه وعدم إضافة ضرائب جدیدة. وهو أمر غیر واقعی. یجب أن تکون التسویة المالیة منصفة وعادلة وتعمل على الحفاظ على شبکة أمان اجتماعی مناسبة، وتوفیر الخدمات العامة التی تتیح مجالاً متکافئاً بغضِّ النظر عن الظروف. کما أن مکافحة التهرُّب الضریبی عنصر بالغ الأهمیة فی الإنصاف.

   ودراسة صندوق النقد الدولیّ Cottarelli & Jaramillo (2013))) التی بحثت 26 دولة تعرضت سابقاً لمشکلة تفاقم الدَّیْن العام خلال القرن الماضی؛ حیث بحثت أفضل السبل لتخفیض الدَّیْن العام خاصة فی وجود جدل حول کیفیة تخفیض الدَّیْن العام من خلال تقیید الموازنات العامة، وتنفیذ سیاسات للتقشف المالی أو تنشیط النمو عن طریق زیادة الإنفاق الحکومى أو اللجوء لاستراتیجیة الکبح المالی، وهی سیاسة تعتمد على دور أکبر للحکومات فی توجیه الأموال والتخطیط المالی للإنفاق. وقد أوصت الدراسة بأن استخدام أسلوب الضبط المالی یجب استکماله بتدابیر تتخذها السیاسة الاقتصادیَّة لدعم النمو مع استدامة واستمراریة التدابیر المالیة المتخذة، والأخذ فی الاعتبار أن اتِّباع سیاسات ضبط عجز المالیة العامة أمر لا یسهل تصویبه؛ ولذا یجب وضع سیاسات طویلة الأجَل للعلاج حتى لا تؤثر على مستوى معیشة الشعب. وهو ما أکَّدت علیه تجربة بلجیکا وکندا وإیطالیا التی نفذت إجراءات لتصحیح مالیاتها العامة؛ لکنها لم تتمکن من تخفیض الدَّیْن إلا بعد هبوط أسعار الفائدة الحقیقیة وتفعیل إصلاحات فی آلیَّات تحدید الأجور، أدت إلى کسر الحلقة المفرغة التی تعاقبت فیها ارتفاعات الأجور والأسعار وجاء انخفاض سعر الصرف لیدعم الطلب الخارجی والنمو. إلا أن هذه الإجراءات عندما تراجعت عنها بعد فترة قصیرة من تحقیق هدفها وتخفیض الدَّیْن العام عادت المشکلة للظهور مرة أخرى وهو أمر یستغرق وقتاً طویلاً، فمثلاً استغرقت بلجیکا 10 سنوات لتقلیص عجز موازناتها من7% الی4% فقط.

   إلا أنه توجد نظرة مغایرة للدراسات التی تؤکد سلبیة العلاقة بین الدَّیْن العام والنمو الاقتصادیّ بأن الأمر یتوقف على کیفیة تکوین الدَّیْن العام وأهمیة الغرض منه، وتؤکد على عدم خطیة العلاقة بینهما. ویرى البعض مثل Modigliani et al (2002), Creel and Fitoussi (2002), Le Cacheux (2002) and Blanchard and Giavazzi (2002) ، أن الاقتراض العام یمکن أن یعزز الاقتصاد عندما یُقصد به الاستثمار العام. وهو ما یؤید فکرة القاعدة الذهبیة للتمویل العام ."Golden Rule of Public Finance (GRPF)" الفکرة الرئیسة وراء القاعدة الذهبیة هی أن الاقتراض العام فی حد ذاته لیس ضارّاً؛ ولکنه یکون ضارّاً فقط عندما یُستخدم الاقتراض فی تمویل النفقات الجاریة ولیس عندما یتم استثماره فی مشروعات مُدرَّة للعائد. Balassone and Franco (2011), Buiter (2001), Buti et al. (2003), and Minea and Villieu (2009).

   وباختصار، فإن الأدبیات المتعلقة بالعلاقة بین الدَّیْن العام والنمو الاقتصادیّ غنیة ومتنوعة جدّاً. غیر أن هناک إجماعاً ضئیلاً حول تأثیر إیجابی للدَّیْن العام على الأداء الاقتصادیّ، فی حین أن غالبیة الدراسات السابقة تدعم تأثیراً سلبیّا. وهذا یعنی أن هناک مجالاً لإجراء مزید من الدراسات للتحقیق فی التأثیر .

 لمحة تاریخیة عن بدایة الدَّیْن العام فی مصر

   قبل البدء فی تحلیل أثر الدَّیْن العام على النمو الاقتصادیّ فی مصر، نستعرض لمحة تاریخیة عن بدایة الدَّیْن العام فی مصر.

بدایة الدیون: عرفت مصر الدیون للمرة الأولى بعد ثلاث سنوات من تولِّی الخدیوِی سعید الحکم فی 1854؛ حیث اقترض من بعض البنوک الأجنبیة فی الإسکندریة کما قام بإصدار أذونات على الخزانة، تراوحت مدتها ما بین شهرین و 3 سنوات، بسعر فائدة یتراوح ما بین %27 -  29% بینما کان سعر الفائدة السائد %7، ثم اقترض عام 1860 مبلغ 1.2 ملیون جنیه إسترلینی بمعدل فائدة 6% من أحد البنوک الفرنسیة بضمان حصیلة جمارک الإسکندریة، تسلَّم منه 75% بعد خصم عمولات وأتعاب ومصروفات القرض. ثم اقترض عام 1862 مبلغ 2.5 ملیون جنیه إسترلینی بمعدل فائدة 11% من بنک أوبنهایم الألمانی، بضمان حصیلة ضریبة الأطیان على أراضی الدلتا. تسلَّم منه 84% بعد خصم العمولات والمصروفات. عندما مات الخدیوِ سعید عام 1863، کانت مصر مدینة بنحو 8 ملایین جنیه إسترلینی مستحقة السداد خلال ثلاثین عاماً، وملیون جنیه إسترلینی مستحقة السداد خلال ثلاث سنوات بالإضافة إلى دیون قصیرة الأجَل تبلغ نحو 9 ملایین جنیه، أی أن إجمالی حجم الدَّیْن بلغ نحو 18 ملیوناً بما یعادل خمسة أمثال إیرادات الحکومة المصریة فی هذا العام. المشکلة الأساسیة التی واجهها سعید هو استخدامه لهذه القروض فی أوجه استخدامات استهلاکیة غیر استثماریة ودفع مرتبات الموظفین.

الإغراق فی الدیون : رغم أن بدایة عصر الخدیوِ إسماعیل شهدت طفرة فی الموارد المالیة نتیجة ارتفاع أسعار القطن بنسبة 100% بسبب الحرب الأهلیة الأمریکیة مما أدى إلى زیادة حصیلة الصادرات المصریة من 17 ملیون ریال إلى 51 ملیون ریال، فإن عصر الخدیوِ إسماعیل شهد ازدیاد الاعتماد على القروض الخارجیة، فبعد 13 عاماً من حکم إسماعیل بلغت الدیون الخارجیة نحو 91 ملیون جنیه بزیادة قدرها 73 ملیون جنیه عن آخر عهد سعید، وبلغ حجم خدمة الدَّیْن أکثر من ستة ملایین جنیه، بما یمثل نحو80% من إجمالی إیرادات الدولة فی تلک العام، وهو ما أغرق مصر فی الدیون وأخرج الإدارة المالیة المصریة عن سیطرة الحکومة المصریة، وبدأ التدخل الأجنبی فی مصر من خلال اضطرار إسماعیل عام 1876 إلى قبول إنشاء صندوق الدَّیْن المکون من مراقبین أوروبیین یمثلون أهم الدول الدائنة، تکون مَهمَّتهم تسلیم وتوزیع ما تضعه الحکومة تحت تصرفهم من إیرادات بغرض تسدید الدیون، وإلى أن یقبل فی نفس السنة شروط التسویة التی فرضها مُمثِّلَا الدائنین (جوشین الإنجلیزی وجوبیر الفرنسی) بإعادة جدولة الدیون، فیما یشبه الآن نادی باریس، وتکوین لجنة التحقیق 1878 التی تقدم توصیاتها المُلزمة لتنظیم إیرادات ونفقات الحکومة المصریة، بما یوفر فائضاً لسداد خدمة الدیون، وهو یشبه ما یقوم به صندوق النقد الدولی حالیّاً تحت اسم إجراءات التصحیح والتکیف، أو ترشید السیاسة الاقتصادیَّة. وبرغم من وجود هذه اللجنة زادت الدیون خلال السنوات التالیة لتکوینها، حتى بلغت 116ملیون جنیه فی عام 1900م .

تمصیر الدَّیْن: وفی عام 1940، تم إقرار قانون تمصیر الدَّیْن، وذلک بتحویل الدَّیْن الخارجی إلى دین داخلی، من خلال سندات تُطرح للاکتتاب العام للمصریین والأجانب المقیمین فی مصر. وتم الاکتتاب فی السندات بالکامل وبالتالی تم إغلاق ملف الدَّیْن الخارجیّ الذى فُتح فی عهد سعید، وکان من أهم أسباب الاحتلال البریطانی لمصر بذریعة حمایة حقوق الدائنین الأوروبیین.

   ورغم سداد الرأی بأن تحویل الدَّیْن من دین خارجیّ إلى دین داخلیّ یؤکد السیادة الوطنیة، فإن ذلک فتح المجال للأجانب المقیمین فی مصر للاکتتاب فی السندات، وهو ما یعنی انتقال الدَّیْن من أیدی الأجانب المقیمین فی أوروبا إلى الأجانب المقیمین فی مصر، بل أیضاً لأیدی الأجانب المقیمین بالخارج من خلال اکتتابهم فی تلک السندات بواسطة ممثلیهم فی مصر. وبنهایة الحرب العالمیة الثانیة عام 1943، خرجت مصر دائنة لبریطانیا بمبلغ 340 ملیون جنیه. ظلت مصر حتى نهایة یونیه 1958 غیر مَدِینة للخارج، وفی الوقت نفسه أصبحت بریطانیا مدینة لمصر بمبلغ 80 ملیون جنیه إسترلینی بعد أن کانت مدینة بـ 340 ملیون جنیه إسترلینی، إلا أنه بدءاً من عام 1964 بدأت مصر فی الاقتراض قصیر الأجَل حتى بلغ إجمالی مدیونیة مصر الخارجیة 1.8 ملیار دولار عام 1970، ووصلت إلى 19.13 ملیار دولار عام 1980م.

   غیر أن التاریخ لا زال یذکر أن عصر محمد علیّ هو عصر التنمیة بلا دیون، فبالرغم من معدلات التنمیة الملحوظة وتأسیس صناعات حدیثة فإنه اعتمد على النفس فی بناء المصانع وإقامة الخزانات والسدود وإرسال البعثات، وتکوین جیش یحمی نظامه، ولم یتورط فی الدیون، وکان یتجنب دائماً التورط فی مشروعات تفوق أعباؤها موارد البلاد المالیة؛ حتى إنه فی السنوات الصعبة التی کان یحتاج فیها لمزید من المال لتمویل حملاته العسکریة، کان یستغنی عن کل الواردات غیر الضروریة، وکان یرفض رفضاً مطلقاً عروض القروض من الأجانب مقابل تخصیص إیرادات بعض المدیریات لضمان السداد، وقد رحل فی عام 1849م دون أن تکون مصر مَدِینة لأحد.

 

 

الأداء الاقتصادیّ لمصر خلال فترة الدراسة

   اتسم معدل نمو الناتج المحلیّ الإجمالیّ للفرد خلال فترة الدراسة بالتذبذب، فبینما وصل إلى أعلى مستویاته عام 2008 إلا أنه وصل إلى نقطة معدل النمو السالب فیما بین الأعوام من 2011 إلى 2013 ثم عاود الارتفاع لیصل إلى 2% عام 2015، وهو ما یتضح من الشکل (2) بالملحق. مع استمرار الزیادة المُطَّردة للسکان خلال فترة الدراسة، وهو ما یتضح من الشکل (3) بالملحق، وتراوحت معدلات التضخم (مؤشر أسعار المستهلکین) حول 20% وفقاً للأرقام الرسمیة التی قد تختلف عما یشعر به المواطن من ارتفاع حاد فی الأسعار، وهو ما یتضح من الشکل (4) بالملحق. بینما اتسم صافی الاستثمارات غیر النقدیة کنسبة من الناتج المحلیّ الإجمالیّ خلال فترة الدراسة بالتذبنب، وبلغ أعلى مستویاته عام 2002 إلا أنها ذات اتجاه متناقص وبلغت أقل مستویاتها عام 2012، وهو ما یتضح من الشکل (5) بالملحق. کما اتسم إجمالیّ الإنفاق العام بأنه کان دائماً أعلى من الإیراد العام خلال فترة الدراسة، وهو ما یمثل عجز الموازنة العامة. ویُلاحظ زیادة الفجوة بین النفقات والإیرادات ابتداءً من عام 2006، وهو ما یعکس الازدیاد المُطَّرد فی عجز الموازنة العامة، ویتضح من الشکل (6) بالملحق. واتسمت واردات السلع والخدمات بأنها کانت دائماً أعلى من صادرات السلع والخدمات خلال فترة الدراسة، وهو ما یمثل عجز الحساب الجاری فی میزان المدفوعات مع ازدیاد الفجوة بینهما ابتداء من عام 2009. ویُلاحظ انهیار فی صادرات السلع والخدمات بدءاً من عام 2014، وهو ما یعکس الازدیاد المطَّرد فی عجز میزان المدفوعات، ویتضح من الشکل (7) بالملحق. ونتیجة لزیادة عجز الموازنة وعجز الحساب الجاری وانخفاض نسبة الاستثمارات غیر النقدیة نجد أنه من المنطقى زیادة الدَّیْن العام؛ فقد تراوح خلال فترة الدراسة ما بین 78% إلى 122% من الناتج المحلیّ الإجمالیّ، وهو یتجاوز المرحلة الحرجة للدین التی حددتها کل الدراسات السابقة.

النموذج المستخدم فی الدراسة

یعتمد النموذج المستخدم فی الدراسة على النموذج النیوکلاسیکی للنمو لـ "سولو" 1956، والذی تم تطویره بواسطة بریبیتیرو وباندیرا عام 2005 Presbitero & Bandiera . بإضافة الدَّیْن العام ومجموعة أخرى من عوامل التحکم المرتبطة بتطور نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی، تتحدد المعادلة القابلة للتقدیر على النحو التالی:

LGDPPt = a0 + a1 LInvt + a2 LHCt + a3 LPDt + a4 LPopt + a5 LM3t + a6 LOpnt + a7 LHCt + a8 LBDt + et               (1)

حیث یمثل GDPPt نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی (کمتغیر تابع)، أما المتغیرات المستقلة فتتمثل فی Inv صافی الاستثمارات غیر المالیة کنسبة من الناتج المحلی الإجمالی (کمؤشر للاستثمار فی رأس المال المادی)، HC تعبر عن نسبة الملتحقین بالتعلیم الثانوی (کمؤشر للاستثمار فی رأس المال البشری)،  PDتعبر عن نسبة إجمالیّ الدَّیْن العام إلى الناتج المحلی الإجمالی، Pop تعبر عن معدل نمو السکان (کمؤشر لمعدل نمو القوة العاملة)، M3 تعبر عن إجمالی السیولة المحلیة (کمؤشر للتطور المالی)، Opn تعبر عن درجة الانفتاح الاقتصادیّ ویُقاس بنسبة إجمالی الصادرات والواردات إلى الناتج المحلی الإجمالی، BD تعبر عن عجز الموازنة العامة کنسبة من الناتج المحلی الإجمالی، et تعبر عن عنصر الخطأ العشوائی. ویُفترض فی هذا النموذج (المعادلة 1) - بناء على نموذج النمو النیوکلاسیکی- أن نصیب الفرد من الناتج المحلی یزید بزیادة کل من الاستثمار والاستثمار فی رأس المال البشری وزیادة درجة التطور المالی والانفتاح الاقتصادیّ، بینما ینخفض مع زیادة معدل نمو السکان وزیادة عجز المیزانیة وحجم الدَّیْن العام کنسبة من الناتج المحلی الإجمالی.

الدراسة التطبیقیة للنموذج

تعتمد الدراسة على بیانات سلسلة زمنیة للفترة 1990 - 2016. مستخدمین قاعدة بیانات مؤشرات التنمیة الدولیة WDI، وبیانات صندوق النقد الدولى ((IFS بالإضافة إلى بیانات البنک المرکزی المصری.

لتقدیر المعادلة رقم (1) سوف نستخدم اختبار (ARDL) Autoreg Ressive Distributed Lag Models  طبقاً لـ Pesaran ؛ حیث أن أحد ممیزات نموذج ARDL یکمن فی إمکانیة استخدامه بغض النظر عن درجة تکامل المتغیرات، سواءً أکانت من الرتبة I(0) أم I(1) أو کانت فی علاقة تکامل متبادلة Mutually Cointegrated . کما یمکن أن نحصل من نموذج ARDL على نموذج تصحیح الخطأ Error) (correction term عن طریق التحویل الخطیّ البسیط، وهو یساعدنا فی قیاس العلاقة قصیرة الأجَل بین متغیرات النموذج. بالإضافة إلى ما سبق، فإن نموذجARDL  یُعدُّ ملائماً مع الدراسات التی تحتوی على عدد قلیل من المشاهدات؛ ومن ثم فهو یُعدُّ ملائماً مع حجم العینة المستخدمة فی هذا البحث.

وتعتمد إجراءات تقدیر المعادلة السابقة وفقاً لنموذج ARDL  على خطوتین أساسیتین: الخطوة الأولى، اختبار وجود علاقة طویلة الأجَل بین متغیرات الدراسة co-integration relationship  باستخدام اختبار Wald Test ((F-statistic version of the bound testing approach ؛ حیث نختبر الفرض العدمیّ بعدم وجود علاقة طویلة الأجَل بین متغیرات النموذج    H0: x0=x1=x2……. Etc.=0       من خلال مقارنة قیمةF المحسوبة مع مجموعتین من القیَم الحرجة، وهو ما یعطینا ثلاثة احتمالات: الأول: أن تقع قیمةF  المحسوبة قبل أدنى قیمة جدولیة وفی هذه الحالة لا یمکن رفض الفرض العدمی، بما یعنی عدم وجود علاقة طویلة الأجَل بین متغیرات النموذج. الثانی: أن تقع قیمة F المحسوبة أعلى من أعلى قیمة جدولیة وفى هذه الحالة یُرفض الفرض العدمی، بما یعنی وجود علاقة طویلة الأجَل بین متغیرات النموذج. الثالث: أن تقع قیمة F  المحسوبة بین الحدین: الأدنى والأعلى وفى هذه الحالة فإن النتیجة ستکون غیر حاسمة inconclusive .

الخطوة الثانیة، فی حالة وجود علاقة تکامل مشترک بین متغیرات النموذج، فإننا نستطیع إکمال التحلیل وقیاس علاقة التکامل قصیرة الأجَل ECM بین متغیرات النموذج.

بناء على ما سبق سوف یتم تقدیر المعادلة (1) طبقاً لنموذج ARDL وفقاً للصیاغة التالیة :

 ΔGDPPt = α0 +Σα1iΔGDPPt-1 + Σα2iΔInvt-1+ Σα3iΔHCt-1+ Σα4iΔPDt-1+ Σα5iΔ Popt-1+ Σα6iΔM3t-1+ Σα7iΔOpnt-1+ Σα8iΔHCt-1+ Σα9iΔBDt-1+ ɳ1GDPPt-1 + ɳ 2Invt-1+ ɳ 3HCt-1+ ɳ4PDt-1+ ɳ 5Popt-1+ ɳ 6M3t-1+ ɳ 7Opnt-1+ ɳ 8HCt-1+ ɳ 9BDt-1 + ut                 (2)

نتائج الدراسة التطبیقیة

اختبار السکون stationarity: قبل البدء فی عملیة تقدیر النموذج یجب عمل اختبار تمهیدی حتى نحدد ما إذا کانت المتغیرات فی المعادلة (2) متکاملة من الرتبة  I(0)أو I(1)،  وذلک باستخدام اختبار جذر الوحدة Unit root test من خلال اختبارَیْ  Augmented Dickey-Fuller (ADF)   و Phillips-Perron (PP). وتشیر النتائج فی الجدول (1 بالملحق) إلى وجود درجات مختلفة من التکامل بین المتغیرات محل البحث. وبناءً علیه، فإن تقدیر النموذج یمکن إجراؤه باستخدام نموذج ARDL .

اختبار التکامل Co-integration: من الجدول (2 بالملحق) نجد أن قیمة F المحسوبة أعلى من أعلى قیمة جدولیة (2.604، 3.746) من جدول Pesaran & Pesaran 1997  عند مستوى معنویة 5%. ولهذا نرفض الفرض العدمیّ بما یشیر إلى وجود علاقة تکامل مشترک طویلة الأجَل بین متغیرات النموذج ومعدل نمو نصیب الفرد من الناتج المحلیّ الإجمالیّ.

یوضح الجدول (3 بالملحق) النتائج المستقاة من تقدیر المعادلة 2 ؛ حیث أظهرت النتائج أن إشارات المعاملات المقدرة لکل من الدَّیْن العام وعجز الموازنة والاستثمار والانفتاح الاقتصادیّ والسکان، تتفق مع الإشارات المتوقعة فی ضوء التحلیل المتقدم. کما أنها ذات دلاله إحصائیَّة فیما عدا کل من عجز الموازنة والاستثمار اللذین لم یکونا ذَوَیْ دلالة إحصائیَّة حتى عند 10%. وطبقًا لنتائج التقدیر، فإن زیادة بنسبة 1% فی الدَّیْن العام تؤدی إلى تراجع فی معدل النمو الاقتصادیّ بنسبة 0.80%

وعلى عکس ما هو متوقع، فإن المُعامِلات المقدرة لکل من درجة التطور المالی والاستثمار فی رأس المال البشری لها آثار سلبیة على النمو الاقتصادیّ، وخلافاً لرأس المال البشریّ فإن المعامل المقدر لدرجة التطور المالى کان ذا دلالة إحصائیَّة؛ مما قد یشیر إلى ضعف کفاءة السوق المالى وعدم تطوره بالقدر الکافی، بالإضافة إلى أن الاستثمار فی رأس المال البشری لم یکن له النتائج المرجوَّة على النمو الاقتصادیّ؛ مما قد ینعکس على عدم جودة مُخرَجات نظام التعلیم.

بالنظر إلى مُعامِل تصحیح الخطأ ECT والذی یمثل قوة التعدیل نجد أنه سالب الإشارة؛ کما أنه معنوی وذو دلالة إحصائیَّة عند 5%، وهذا یدل على صحة علاقة التوازن على المدى الطویل بین المتغیرات فی المعادلة (2).

ونظراً للأثر السلبیّ الکبیر للدین العام على النمو الاقتصادیّ، فإننا سنحاول فی الجزء المتبقی من هذه الدراسة أن نحدد الأثر المرتبط بکل من شقَّی الدَّیْن العام: الداخلیّ والخارجیّ کل على حدةٍ؛ حتى نحدد أی منهما له الأثر الأکبر على النمو الاقتصادیّ بما یمکِّننا من مساعدة متخذی القرر على اتخاذ الإجراءات المناسبة حیال الآثار المرتبطة بتراکم الدَّیْن؛ وعلیه سیتم إعادة تقدیر المعادلة (2) بعد الاستعاضة عن الدَّیْن العام بشقیه: الداخلیّ والخارجیّ بحیث تصبح المعادلة على النحو التالی:

 

ΔGDPPt = α0 +Σα1iΔGDPPt-1 + Σα2iΔInvt-1+ Σα3iΔHCt-1+ Σα4iΔDDt-1+ Σα5iΔ EDt-1+ Σα6iΔ Popt-1+ Σα7iΔM3t-1+ Σα8iΔOpnt-1+ Σα9iΔHCt-1+ Σα10iΔBDt-1+ ɳ1GDPPt-1 + ɳ 2Invt-1+ ɳ 3HCt-1+ ɳ4DDt-1+ ɳ 5EDt-1+ ɳ 6Popt-1+ ɳ 7M3t-1+ ɳ 8Opnt-1+ ɳ 9HCt-1+ ɳ 10BDt-1 + ut                 (3)

من الجدول (4 بالملحق) نجد أن قیمة F المحسوبة أعلى من أعلى قیمة جدولیة (2.467، 3.614) عند مستوى معنویة 5%. ولهذا نرفض الفرض العدمیّ بما یشیر إلى وجود علاقة تکامل مشترک طویلة الأجَل بین متغیرات النموذج ومعدل نمو نصیب الفرد من الناتج المحلیّ الإجمالیّ. کما أظهرت نتائج إعادة التقدیر الموضحة فی الجدول (5 بالملحق) أن المعاملات المقدرة لکل من الدَّیْن العام الداخلیّ والخارجیّ لها إشارات تتفق مع ما تم توقعه کما أنها ذات دلالة إحصائیَّة، وتشیر النتائج بأن زیادة بنسبة 1% فی الدَّیْن العام الداخلیّ والخارجیّ تؤدی إلى تراجع فی النمو الاقتصادیّ بنسبة 0.36%، 1.15% لشقَّی الدَّیْن على التوالی. تؤکد النتائج السابقة إلى المخاطر الکبیرة المرتبطة بازدیاد حجم الدَّیْن العام الخارجیّ. وأخیراً، فإن معامل تصحیح الخطأ ECT أظهر إشارة سالبة وأنه معنوی وذو دلالة إحصائیَّة عند 5%، وهذا یدل على صحة علاقة التوازن على المدى الطویل بین المتغیرات فی المعادلة (5).

الخلاصة والنتائج

یتفق بعض الاقتصادیِّین على أن لجوء الدولة إلى الدَّیْن العام له آثار إیجابیَّة على النمو الاقتصادیّ فی الأجَل القصیر نتیجة تدفق أموال القروض إلى الاقتصاد القومیّ؛ مما یساعد الحکومة على زیادة الإنفاق العام الاستثماریّ وبالتالی زیادة حجم الطلب الکُلیّ، وفی الوقت نفسه له آثار سلبیة فی الأجَل الطویل عندما تبدأ الموازنة العامة فی تحمل التدفقات النقدیة لخدمة الدَّیْن الخارجیّ والداخلیّ؛ وخاصة إذا وصل الأمر لاقتراض الحکومة لسداد مدفوعات خدمة الدَّیْن. إلا أن هذا الأمر لا ینطبق على الحالة المصریة. فقد أوضحت البیانات السنویة للفترة 1990- 2016، أن الدَّیْن العام قد تجاوز المرحلة الحرجة للدین العام التی حددتها الدراسات السابقة؛ حیث ارتفع الدَّیْن العام کنسبة من الناتج المحلیّ الإجمالیّ من 78% إلى 122%. ویثیر ارتفاع الدَّیْن العام لمصر تحدیات حول تأثیر الدَّیْن العام ومستوى النمو الاقتصادیّ، فقد أکَّد التحلیل التجریبی لنموذج ADRL الأثر السلبیّ للدین العام فی الأجَل القصیر والأجَل الطویل. فالزیادة بنسبة 1% فی الدَّیْن العام الإجمالیّ تؤدی إلى تراجع فی معدل النمو الاقتصادیّ بنسبة 0.80%، ومن ناحیة أخرى أکَّدت الدراسةُ النتائجَ المتوقعة للأثر الإیجابیّ لزیادة الاستثمار وزیادة الانفتاح الاقتصادیّ على معدل النمو الاقتصادیّ، والأثر السلبی لزیادة عجز الموازنة العامة وزیادة معدل السکان وزیادة حجم الدَّیْن العام کنسبة من الناتج المحلی الإجمالی على معدل النمو الاقتصادیّ. إلا أن غیر المتوقع هو الأثر السلبی لزیادة الاستثمار فی رأس المال البشری، وهو ما یمکن إرجاعه إلى عدم جودة مُخرَجات نظام التعلیم والتدریب والأثر السلبی لزیادة درجة التطور المالی على معدل النمو الاقتصادیّ، وهو إن دل فإنما یدل على عدم تطور السوق المالی وضعف کفاءته. وعند تحلیل مُکوِّنات الدَّیْن العام إلى مُکوِّناته الرئیسة من دین عام داخلیّ ودین عام خارجیّ، وجد أن لکل منهما أثراً سلبیّاً. فزیادة الدَّیْن العام الداخلیّ بنسبة 1% تؤدی إلى تراجع فی النمو الاقتصادیّ بنسبة 0.36%، وزیادة الدَّیْن العام الخارجیّ بنسبة 1% تؤدی إلى تراجع فی النمو الاقتصادیّ 1.15%. وهو ما یشر إلى أنه رغم الأثر السلبی لشقَّی الدَّیْن العام، فإن اللجوء للدین العام الخارجیّ یؤدی إلى تراجع النمو الاقتصادیّ بمعدل أکبر من اللجوء إلى الدَّیْن العام الداخلیّ.

التوصیات

حتى یمکن تجنب الآثار السلبیة الناجمة عن ازدیاد الدَّیْن العام وما یرتبط به من أعباء، فإن ذلک یستلزم اتخاذ مجموعة من التدابیر والسیاسات للعمل على:

  1. زیادة الاستثمار وضرورة تبنِّی سیاسات اقتصادیَّة داعمة للاستثمار والنمو الاقتصادیّ بعیدا عن الإجراءات المشوهة. فزیادة معدل النمو فی الاستثمار الإنتاجی عادة ما یولِّد المزید من العوائد الضریبیة، دون اللجوء إلى رفع معدلات الضریبة.
  2. زیادة الانفتاح الاقتصادیّ مع العمل على خفض عجز الحساب الجاری، من خلال تبنِّی سیاسات تهدف إلى زیادة الصادرات للسلع ذات القیمة المضافة المرتفعة والحد من الواردات الرفاهیة والاستفزازیة، والعمل على زیادة صادرات الخدمات وتهیئة البیئة المناسبة لزیادة الدخل السیاحی، من خلال العودة إلى اجتذاب سیاحة الأثریاء وزیادة الوعی السیاحی لدى المواطنین.
  3. خفض عجز الموازنة من خلال تحسین کفاءة النفقات العامة وترشید الإنفاق الحکومیّ، ومنع مظاهر الترفیَّة للوظائف العامة کوسیلة لوقف الزیادة المستمرة فی نسبة الإنفاق إلى الناتج المحلی الإجمالی. وإعادة هیکلة سیاسات الدعم والعمل على تغییرها ورسمها بما یحقق العدالة والإنصاف، ومراعاة حق الفقراء فی العیش الکریم عن طریق وصول الدعم لمستحقیه ومنعه عن غیر مستحقیه، مع ضرورة عدم المساس بمخصصات الإنفاق الرأسمالی والتی قد تؤدی فی حالة خفضها إلى تراجع معدلات النمو. وعلى الجانب الآخر، یجب الاهتمام بزیادة الإیراد العام من خلال رفع کفاءة تحصیل الضرائب والرسوم، من خلال منع التهرب الضریبى وإدماج القطاع غیر الرسمیّ فی القطاع الرسمی، ولیس من خلال زیادة أنواع ومعدلات الضریبة؛ حتى لا یؤدی ذلک إلى خفض الاستثمار وتراجع معدلات النمو، آخذین فی الاعتبار نتائج منحنى لافر.
  4. اتِّباع سیاسات تحدُّ من النمو السکانیّ، رغم أن النمو السکانی نعمة تفتقدها دولٌ کثیرة، بل فی بعض الأحیان یکون نقص السکان أحد عوائق النمو بها. إلا أنه یمثل لدینا عائقاً من عوائق النمو؛ ولهذا نوصی باتِّباع سیاسات تحد من النمو السکانى أو زیادة الاهتمام بالصحة والتعلیم خاصة التعلیم الفنى؛ لیتحول الفائض فی السکان إلى قوة منتجة دافعة للنمو بدلاً من کونها معیقاً له.
  5. خفض نسبة الدَّیْن العام إلى GDP من خلال البحث عن بدائل أخرى لتمویل عجز المیزانیة وخاصة الإنفاق الاستثماری؛ مثل  BOTوصکوک التمویل.
  6. إعادة هیکلة نُظم التعلیم والتدریب لتخریج مواطن بالمواصفات العلمیة والمهنیة التی یطلبها سوق العمل، وتعطی أثراً إیجابیّاً على النمو الاقتصادیّ.
  7. إعادة هیکلة التطور المالی لدعم وتطویر سوق رأس المال؛ وخاصة السوق الثانویة لأدوات الدَّیْن المحلی.

وأخیراً ینبغی تنفیذ جمیع هذه التدابیر بالتوازی مع تحسین مناخ الأعمال وتحقیق بیئة مواتیة لجذب الاستثمار الأجنبی المباشر، وتشجیع الادخار المحلیّ فضلاً عن الإصلاحات الهیکلیة؛ مثل الإصلاح اللازم لنظام الإعانات، والإصلاحات المُؤسَّسیة التی تضمن الشفافیة وتعمل على الحد من الفساد.


الملاحق الإحصائیَّة

 

 

جدول (1): اختبار جذر الوحدة

 

Augmented Dickey-Fuller

Phillips-Perron

GDPP

-3.29

(-3.24)***

I(0)

-3.65

(-2.98)**

I(1)

Pd

-5.57

(-3.72)*

I(1)

-5.57

(-3.72)*

I(1)

DD

-4.60

(-3.72)*

I(1)

-4.57

(-3.72)*

I(1)

ED

-3.00

(-2.98)**

I(1)

-3.14

(-2.98)**

I(1)

Inv

-4.60

(-3.75)*

I(1)

-5.92

(-3.72)*

I(1)

HC

-4.40

(-3.72)*

I(1)

-4.93

(-3.72)*

I(1)

Pop

-4.73

(-3.73)*

I(1)

-2.68

(-2.62)***

I(0)

M3

-5.00

(-3.75)*

I(0)

-1.93+

(-1.60)***

I(1)

Opn

-3.49

(-2.98) **

I(1)

-3.54

(-2.98)**

I(1)

Bd

-3.83

(-3.72)*

I(1)

-3.77

(-3.72)*

I(1)

-          الأرقام بین الأ قواس تشیر إلى إحصائیَّة T.

-          *، **، *** تشیر إلى مستوى المعنویة 1%، 5%، 10% على التوالی.

-          + تشیر إلى قیمة إحصائیَّة ADF بدون تقاطع أو مُتَّجه.

-          I(0)، I(1) تشیر إلى قیمة إحصائیَّة ADF فی المستوى والفرق الأول على التوالی.

                 

 

جدول (2):  Wald Test

Test Statistic

Value

df

Probability

 

 

 

 

F-statistic

 5.882216

(8, 7)

 0.0153

Chi-square

 47.05772

 8

 0.0000

 

 

 

 

 

 

 

جدول (3) نتائج تقدیر النموذج لإجمالیّ الدَّیْن العام طویل الأجَل    

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Variable

Coefficient

Std. Error

t-Statistic

Prob.  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

GDPP

-1.003480

0.304727

-3.293045

0.0132

PD

-0.802816

0.297402

2.699426

0.0307

BD

-0.318705

0.209828

1.518888

0.1726

INV

0.097790

0.051798

1.887889

0.1010

M3

-2.752733

0.737243

-3.733819

0.0073

OPN

0.609629

0.202193

3.015078

0.0195

POP

-0.975840

0.416537

-2.342743

0.0516

HC

-0.457759

0.564411

-0.811039

0.4440

ECT

-1.625242

0.691528

-2.350219

0.0352

 

 

 

 

 

 

جدول (4):  Wald Test

Test Statistic

Value

df

Probability

 

 

 

 

F-statistic

 11.40891

(9, 5)

 0.0077

Chi-square

 102.6802

 9

 0.0000

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جدول (5): نتائج تقدیر النموذج للدین الداخلیّ والدَّیْن الخارجیّ طویل الأجَل  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Variable

Coefficient

Std. Error

t-Statistic

Prob.  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

GDPP

0.198332

0.316507

0.626628

0.5584

DD

-0.362061

0.102163

3.543959

0.0165

ED

-1.153120

0.295509

3.902146

0.0114

BD

-0.108273

0.124024

0.872997

0.4226

INV

-0.049282

0.054081

-0.911261

0.4040

M3

-1.632275

0.406641

-4.014043

0.0102

OPN

0.338859

0.180782

1.874407

0.1197

POP

-1.506816

0.438595

-3.435551

0.0185

HC

0.096025

0.416621

0.230485

0.8268

ECT

-2.448097

1.130398

-2.165695

0.0495

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ملاحق الأشکال

(شکل 2)

 

(شکل 3)

 

 

 

 

 

 

(شکل 4)

 

(شکل 5)

 

 

 

 

 

 

(شکل 6)

 

(شکل 7)

 

 

 

 

 

 

References

  1. Abbas, A., and Christensen, J., 2010, “The role of domestic debt markets in economic growth: An empirical investigation for low-income countries and emerging markets”, IMF Staff Papers 57(1), pp.209-255.
  2. Adesola, W. A. (2009). Debt servicing and economic growth in Nigeria: An empirical investigation. Global Journal of social sciences, 8(2), 1.
  3. Agenor, P., and Montel, P. J., 2008, “Development macroeconomics”, Princeton University Press.
  4. Arnone, M., Bandiera, L., & Presbitero, A. F. (2005). External debt sustainability: Theory and empirical evidence. Catholic University of Piacenza Economics Working Paper33.
  5. Arslanalp, S., & Henry, P. B. (2004). Helping the poor to help themselves: debt relief or aid (No. w10230). National Bureau of Economic Research.
  6. Balassone, F.; Francese, M.; Pace, A. 2011 Public Debt and Economic Growth in Italy; Economic History Working Papers No. 11; Banca d’Ltalia: Rome, Italy .
  7. Barro, R., 1979, “On the determinants of the public debt”,  Journal of Political Economy, Vol. 85, No. 5, pp.940–71.
  8. Beaugrand, P., B. Loko and M. Mlachila., 2002, “The choice between external and domestic debt in financing budget deficits: The case of central and west African countries”, IMF Working Paper, No. 02/79.
  9. Becker, G.S., 1983, “A theory of competition among pressure groups for political influence”, The Quarterly Journal of Economics 98, pp371–400.

10. Blanchard, O.; Giavazzi, F. 2004 Improving the SGP through a Proper Accounting of Public Investment; Discussion Paper No. 4220; Centre for Economic Policy Research (CEPR): London, UK,.

11. Buiter, W. 2001 Notes on a Code for Fiscal Stability. Oxf. Econ. Pap. , 53, 1–9.

12. Buti, M.; Eijffinger, S.; Franco, D. 2003 Revisiting the SGP: Grand Design or Internal Adjustment? Discussion Paper No. 3692; Centre for Economic Policy Research (CEPR): London, UK.

13. Cecchetti, S. G., M. S., Mohanty, and F. Zampolli, 2011, “The real effects of debt”, Bank for International Settlements,  BIS Working Paper 352.

14. Checherita-Westphal, C., and Rother, P., 2012, “The impact of high government debt on economic growth and its channels: An empirical  investigation  for the euro area”, European Economic Review 56,  

15. Cottarelli, C., & Jaramillo, L. (2013). Walking hand in hand: fiscal policy and growth in advanced economies. Review of Economics and Institutions, 4(2),

  1. 16.    Cottarelli, C., Dell’Ariccia, G., & Vladkova-Hollar, I. (2010). Early birds, late risers, and sleeping beauties: Bank credit growth to the private sector in Central and Eastern Europe and in the Balkans. Journal of banking & Finance, 29(1), 83-104.

17. Creel, J., & Fitoussi, J. P. (2002). How to Reform the European Central Bank. Centre for European Reform.

18. El-Mahdy, A. M., & Torayeh, N. M. (2009). Debt sustainability and economic growth in Egypt. International journal of Applied Econometrics and quantitative studies, 6(1), 21-55.

19. El-Mahdy, Adel, The Local Public Debt Scope and Economic Growth in Egypt, 1999, The Scientific Journal of Studies and Business Research, Zagazig University                                     .

20. The impact of public debt accumulation on economic growth.

21. Geys, B., and Vermeir, J., 2008, “The political cost of taxation: New evidence from German popularity ratings”, Elsevier, Electoral Studies, Vol. 27, No. 4, pp.633–648

22. Giovanna, B., Juan, P., and Andrea, P., 2014, “Domestic public debt in low-income countries: Trends and structure”,  Review  of  Development  Finance, Vol. 4, Issue 1, 1–19

23. Herndon,  T.,  Ash,  M.,  and  Pollin,  R.,  2013,  “Does  high  public  debt  consistently  stifle growth? A critique of Reinhart and Rogoff”, Political Economy Research Institute, University of Massachusetts Amherst, , Working Paper Series N°332. International Journal of Applied Econometrics and Quantitative studies, Vol. 6-1.

24. Irons, J. and Bivens, J., 2010, “Government debt and economic growth, overreaching claims of debt “Threshold” suffer from theoretical and empirical flaws”, EPI briefing paper, July 26, briefing paper 271.

25. Krugman, P. (1988) Financing versus forgiving a debt overhang. Journal of Development Economics 29(3): 253–268.

26. Le Cacheux, J. A 2002 golden rule for the euro area? In Proceedings of the CDC-IXIS & CEPII Fiscal Discipline Workshop, Paris, France, 27 November.

27. Lee, S. P., & Ng, Y. L. (2015). Public debt and economic growth in Malaysia. Asian Economic and Financial Review5(1), 119-126.

28. Mankiw, G.N.; Elmendorf, D.W. Government Debt. In Handbook of Macroeconomics; Elsevier: New York, NY, USA, 1999.

29. Mankiw, N., and Elmendorf, D., 1999, “Government Debt”, in J. B. Taylor and M. Woodford (eds.), Handbook of Macroeconomics, Vol. 1C, Amsterdam,  North Holland.

30. Minea, A.; Villieu, P. 2009 Borrowing to Finance Public Investment? The Golden Rule of Public Finance Reconsidered in an Endogenous Growth Setting. Fisc. Stud. , 30, 103–133.

31. Modigliani, F.; Fitoussi, J.P.; Moro, B.; Snower, D.; Solow, R.; Steinherr, A.; Labini, P. 2002 ‘An economists’ manifesto on unemployment in the European Union. Banca Naz. Lav. Q. Rev. 1998, 51, 327–361.

32. Nannestad, P., Paldam, M., 1994, “The VP-function: A survey of the literature on vote and popularity functions after 25 years”,  Public Choice 79, pp213-245.

33. Nguyen, T. Q., Clements, M. B. J., & Bhattacharya, M. R. (2003). External debt, public investment, and growth in low-income countries (No. 3-249). International Monetary Fund.

  1. 34.  Ogunmuyiwa, M. S. (2011). Does external debt promote economic growth in Nigeria?. Current Research Journal of Economic Theory3(1), 29-35.

35. Oks, D., & Van Wijnbergen, S. (1995). Mexico after the debt crisis: is growth sustainable?. Journal of Development Economics47(1), 155-178.

36. Pattillo, C. A., Poirson, H., & Ricci, L. A. (2002). External debt and growth International Monetary Fund. (No. 2002-2069).

37. Pattillo, C., Poirson, H., & Ricci, L. (2004). External debt and growth: Implications for HIPCs. In Debt relief for poor countries (pp. 123-133). Palgrave Macmillan UK.

38. Reinhart, C., and Rogoff, K., 2010, “Growth in a time of debt”, American Economic Review 100, pp.573-578.

39. Serven, L. (1997) Irreversibility, uncertainty and private investment: Analytical issues and some lessons for Africa. Journal of African Economies 6(3): 229–268.

40. Serven, L., 1997, “Uncertainty, instability and irreversible investment: Theory, evidence and lessons for Africa”, World Bank Policy Research, Working Paper No. 1722.

41. Sichula, M. (2012). Debt overhang and economic growth in HIPC countries: The case of Southern African development community (SADC). International Journal of Economics and Finance4(10), 82.

42. Sobel, R. S., 1998, “The political costs of tax increases and expenditure reductions: Evidence from state legislative turnover”, Public Choice, Vol. 96, pp. 61-79.

43. Tobin, J., 1986, “The monetary-fiscal mix: long –run implications”, Cowles Foundation for Research in Economics, Yale University.

44. Uzun, A., Karakoy, C., Kabadayi, B., & Emsen, O. S. (2012). The impacts of external debt on economic growth in Transition economies. Chinese Business Review, 11(5).

45. Wang, F. (2009). "The Effects of Foreign Borrowing Policies on Economic Growth: Success or Failure? ", Journal of Economic Policy Reform, December 12(4), Pp273-284.

46. Woo, J.; Kumar, M.S. Public Debt and Growth. Economica 2015, 82, 705–739.

 

Case of Egyptian economy

Dr. Osama Mohamed Badr

 

Sustainable Economic growth is one of the main objectives of any government. sometimes, public debt accumulation has positive or negative effects on growth, which places a lot of burden on policy makers when they deal  with the causes of public debt and problems arising from its accumulation, taking into account the importance and priority of each problem. This prompted researchers to pay attention to public debt levels and its effects as a necessary determinant of growth.

This paper aim to evaluate and analyze the impact of public debt on economic growth by assessing and analyzing the effect of both domestic public debt and External public debt on economic growth in the long and short term by using autoregressive distributed lag (ARDL) technique applied to the Egyptian economy during the period 1990-2016.

The study concluded that using public debt to finance the financial deficit has positive effects on economic growth in the short term due to the loan funds flow to the national economy, which helps the government to increase public investment spending and increase the total demand volume. At the same time, has negative effects in the long term when start to pay off and bear public budget the cash flows to serve the external and internal debt. But it can become a high risk situation, if government borrows to pay the debt service payments and fall in debt trap.

Analyzing the public debt to its main components domestic public debt and External public debt, both have found a negative impact after passing the critical stage. But, using the external public debt leads to a decline in economic growth at a higher rate than using the domestic public debt.