التنافس الدولي وتأثيره على العلاقات العربية الأفريقية (2010- 2017)

نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة

المؤلف

أستاذ مساعد ورئيس قسم العلوم السياسية والإدارة العامة بجامعة بورسعيد، مصر

المستخلص

تعد کل من المنطقة العربية، والقارة الأفريقية مرکزي جذب للقوى العالمية والإقليمية المحيطة بتلک الدول، وذلک لما يتمتعا به من موارد وقدرات وثروات اقتصادية. لذا تحاول الدول الکبرى والعظمي اتباع سياسات عديدة مثل سياسة فرق تسد وسياسة شد الأطراف وسياسة الإدارة بالأزمات؛ بهدف منع قيام وحدة بين تلک الدول والعمل على وجود توتر دائم في علاقاتها ببعضها البعض، وذلک بالرغم مما لديها من عوامل ومقومات مشترکة للاتفاق والوحدة. کما تهدف القوى العظمى والإقليمية إلى بقاء تلک الدول في حالة من الضعف، واستمرار حاجة تلک الدول سواء العربية أو الأفريقية إلى تلک القوى العظمى والإقليمية.
وهنا تبرز إشکالية الدراسة في: ما هو تأثير وانعکاس التنافس الدولي على العلاقات العربية الأفريقية؟ وهذه الإشکالية تبرز دور القوى الدولية، ووسائلها الحديثة للبقاء على عدم وحدة تلک الدول، بل وإثارة الأزمات لها. وتبرز عدة تساءولات وهي: ما هي عوامل الوحدة المشترکة بين الدول العربية والأفريقية؟ ما هي استراتيجيات وأدوات القوى العظمى لإدارة تلک العلاقات؟ کيف يمکن للدول العربية والأفريقية مقاومة هذا التدخل الدولي؟ هل يمکن وضع استراتيجية للتعاون بين الدول العربية والأفريقية؟

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


المبحث الأول: مفهوم التنافس الدولی وأثره على البیئة الدولیة

أولاً: مفهوم التنافس الدولی:

1-المفهوم اللغوی للتنافس:

مصطلح تنافسCompete باللغة العربیة تعنى تبار، وتزاحم، والمنافسة هی نزعة فطریة تدعو إلى بذل الجهد فی سبیل التفوق. أوسباق بین الأفراد والجماعات، والأمم، وما إلى ذلک من أجل بقعه جغرافیه، أو مکاناً أو موقعاً للموارد أو لقب معین أو سلطه، وتنشأ المنافسة بین اثنین أو أکثر من الأطراف یباشرون السعی من أجل هدف التفوق لیفوز طرف على آخر.

وتحمل کلمة المنافسة من جانب آخر معنى مستوحى من الشیء ذو القیمة النفیسة، الذی یدفع أطرافاً ( أفراداً أو جماعات) للتسابق والتزاحم بهدف بلوغ هذه القیمة، وکما ورد ذکر ذلک فی القرآن الکریم فی الآیة 26 من سورة المطففین فی قول الله تعالى مخاطبا عباده یحثهم على بذل الجهد والتسابق النبیل لنیل الجزاء الحسن: "خِتَامُهُ مِسْکٌ وَفِی ذَلِکَ فَلْیَتَنَافَّسِ المُتَنَافِسُونَ"، فالتسابق فی الخیرات هو منبع النفع ومصدر التقدم فی المجتمع حسب المعنى القرآنی للتنافس.

وهکذا فإن تنافس کفعل تعنی تسابقا، ورغب کل منهما فی الفوز، وتباریا، ویقال نافس بعضُهم بعضًا ، تسابقوا وتباروا فیها دون أن یَضرّ أحدهم بالآخر.([1])

وکلمة دولی مأخوذة من ارتباط هذا التنافس بوحدات سیاسیة تسمى الدول، والتی نشأت بعد عقد معاهدة وستفالیا عام 1648م.

2-المفهوم الاصطلاحی للتنافس الدولی:

یعتبر التنافس الدولی هو صورة من صور الصراع السیاسی إلا أنه یقع تحت مسمى الصراع غیر العنیف، فالصراع السیاسی قد یتخذ صورة صراع عنیف، ویقصد به الحرب أو الصراع المسلح الذی تلجأ فیه  الدول إلى العنف والقتال دفاعا عن مصالحها الحیویة، وقد یخذ صورة صراع غیر عنیف، وهذا یشمل کافة أشکال الصراع الأخرى بخلاف الحرب، أو ما یعرف عادة بوسائل التنافس السلمی کالدیبلوماسیة بصورها المختلفة، وإجراءات القسر الدولیة الأخرى باستثناء الاستخدام الفعلی للعنف أو القوة المسلحة. ([2])

وعلى ذلک یمکن تعریف التنافس الدولی على أنه: وضع وحالة تجمع بین طرفین دولیین أو أکثر یقرران خوض التنافس، وفق حسابات عقلانیة، مرکزین جهودهم وإمکانیاتهم نحو تحقیق فوائد ومصالح توفرها بیئة معینة فی النظام الدولی، دون اللجوء لاستخدام القوة العسکریة والعنف لتحصیل هذه الفوائد والوصول لهذه الأهداف.([3])

ثانیا: التنافس وعلاقته بهیکل النظام الدولی:

یرى البعض أن العلاقات الدولیة تتشکل وفقا لتفاعل قدرات الدول المختلفة. کما تتسم البیئة الدولیة بالفوضویة والصراع فی فترات کثیرة. ([4])

لذا وصفها هوبز بأنها تشبه حالة الطبیعة حیث حرب الکل ضد الکل. وذکر فی کتابه التنین: "أن العداء فی البیئة الدولیة إنما یرتد إلى تعارض مصالح الدول. ([5])

وقد وضع Glaser نظریة للصراع والتعاون، ترکز على ثلاثة أنواع من العوامل التی تشکل الاستراتیجیات الأمنیة للدول وهی: دوافع الدولة، وقدراتها المادیة، والمعلومات التی لدیها حول قدرات ونوایا الآخرین. ومن بین هذه المتغیرات، وضعت النظریة العقلانیة التی تستنتج الظروف التی تسعى الدول بموجبها إلى التعاون أو التنافس. ([6])

وفى ظل النظام الاستعمارى التقلیدی نلاحظ سیادة نمط الاستغلال حیث تنافست الدول والإمبراطوریات العظمى فی استغلال الدول التى استعمرتها، فی وقت تمیز فیه الهیکل الدولی بالتعددیة القطبیة، فعقب نشأة الدولة القومیة فى القرن السابع عشر وتحدیداً عقب عقد معاهدة "وستفالیا" عام 1648م، سیطر على الهیکل الدولى خمسة أقطاب عظمى تتمثل فى بریطانیا وفرنسا وروسیا وبروسیا وإمبراطوریة النمسا والمجر حتى قیام الحرب العالمیة الأولى، عرف النظام الدولى بأنه متعدد الأقطاب Multipolar System.([7])

وکانت معظم الأقطاب العظمى تترکز فى أوروبا لأن معظمها کانت دول مستقلة، بینما باقى دول العالم کانت مقسمة إلى مستعمرات تخص واحدة أو أکثر من الإمبراطوریات الأوروبیة.([8])

ولذلک کانت تلجأ هذه الدول العظمى إلى العنف أو الحرب کأداة نهائیة لحسم المنازعات الدولیة أو إلى عقد محالفات تحقق بها توازن القوى. وظل مبدأ التوازن الأوروبى موجهاً للسیاسات الأوروبیة منذ عقد معاهدة "وستفالیا" عام 1648م .([9]

وهکذا کانت علاقة الدولة العظمى بالصغرى علاقة استعماریة استغلالیة. فالدول الصغرى کانت تُستَغَل إما للسکن إذا کانت مناطق خالیة السکان. أو تُستَغَل للحصول على مواردها إذا کانت آهلة بالسکان.([10])

وفی فترة الحرب الباردة، وسیادة هیکل ثنائی القطبیة، تنافس کل من القطبین لزیادة قوته واستقطاب أکبر قدر ممکن من الدول التابعة، فی حین سعت الدول الصغرى والمستعمَرَة آنذاک إلى المطالبة باستقلالها، خاصة بعد تدهور قوة فرنسا ثم بریطانیا التى کانت تملک معظم المستعمرات، وسعت الدول الصغرى إلى الارتباط بأحد القطبین العظمیین؛ لمساندتها فى الحصول على الاستقلال أو للحصول على مساعدات تستخدمها فى التنمیة وإعادة البناء، وبدأ کل طرف من أطراف قمتى النظام العالمى یسعى ویتنافس مع الآخر لترسیخ قیادته وزعامته العالمیة؛ لیحقق التفوق على الطرف الآخر، مع تجنب المواجهة النوویة المباشرة، وتحول الصراع بینهما إلى ما یسمى "الحرب بالوکالة"، وترکزت أدوات الصراع بین الطرفین فى أداتین رئیسیتین هما: الأداة الاقتصادیة، والأداة العسکریة.([11])

وعقب سقوط الاتحاد السوفیتى أصبحت الساحة الدولیة مهیأة لتنفیذ الولایات المتحدة لاستراتیجیة الهیمنة، مما جعل البعض یرى أننا نعیش "اللحظة الأمریکیة". وهذه اللحظة الأمریکیة تتطلب ضرورة التکیف مع زعامة وقیادة الولایات المتحدة للنظام العالمى الجدید، والاستجابة لمطالبها، واحترام إرادتها .([12])

إلا أنه بعد أحداث الحادی عشر من سبتمبر 2001م فی الولایات المتحدة الأمریکیة تغیرت البیئة الدولیة، وظهر التحالف الدولی لمحاربة الإرهاب، إلا أن ذلک لم یمنع من ظهور وبروز منافسین للولایات المتحدة مثل الصین، ثم بدأت تستعید روسیا لعناصر قوتها وبروزها فی البیئة الدولیة، خاصة بعد بروز الأزمة السوریة.

ومثلت فترة الربیع العربی فترة ضعف بالنسبة للنظام العربی، وفترة مناسبة لکل من القوى الدولیة کالولایات المتحدة وروسیا، والقوى الإقلیمیة کإیران وترکیا وإسرائیل للتدخل فی شئون المنطقة العربیة، ولعب أدوار ما کانت تستطیع لعبها فی ظروف أخرى، بالإضافة إلى محاولة تلک القوى تدعیم نفوذها فی دول القارة الأفریقیة وذلک للتحکم فی الأمن القومی العربی، والضغط على الدول العربیة للقبول بمواقف ما کانت لتقبلها فی ظروف الاستقرار السیاسی، کما عملت بعض القوى الدولیة والإقلیمیة على زیادة الفرقة بین الدول العربیة والأفریقیة، کتدخل إسرائیل فی أزمة میاه النیل، وتدخل ترکیا فی جزیرة سواکن السودانیة، والإضرار بالعلاقات المصریة الإثیوبیة أو العلاقات المصریة السودانیة.

المبحث الثانی: سیاسات واستراتیجیات القوى العظمى لإدارة العلاقات العربیة الأفریقیة.

أولاً: سیاسات الدول الکبرى تجاه المنطقة العربیة والأفریقیة:

1-سیاسة فرق تسد:

ویعنی تفریق قوة الخصم الکبیرة إلى أقسام متفرقة لتصبح أقل قوة وهی غیر متحدة مع بعضها البعض مما یسهل التعامل معها، کذلک یتطرق المصطلح للقوى المتفرقة التی لم یسبق أن اتحدت والتی یراد منعها من الاتحاد وتشکیل قوة کبیرة یصعب التعامل معها. أی تفریق قوة الخصم الکبیرة إلى أقسام متفرقة لتصبح أقل قوة وهی غیر متحدة مع بعضها البعض مما یسهل التعامل معها، وهذا ما یتم مع الدول العربیة والأفریقیة عن طریق تشجیع حرکات التمرد والانفصال.([13]) کما حدث فی قضیة انفصال جنوب السودان بقیادة سیلفاکیر، والذی کان یتلقى دعماً وتشجیعاً من إثیوبیا وأوغندا وإریتریا وکینیا، فضلاً عن المساندة الصهیونیة والأمریکیة، ویظهر ذلک بوضوح فی «اتفاق مشاکوس للسلام» الذی تم توقیعه فی کینیا فی 20 یولیو 2002م بین حکومة الخرطوم والجیش الشعبی لتحریر السودان آنذاک؛ بمساندة أطراف خارجیة مع تهمیش أی دور عربی.

وینطبق الشیء نفسه على الوضع الداخلی المعقد فی الصومال، نتیجة لضعف الحکومة المرکزیة فی مقدیشیو، واندلاع الحرب الأهلیة بین القبائل الصومالیة التی تسعى کل منها للسیطرة على السلطة منذ عام 1991م، بعد سقوط نظام الرئیس السابق (محمد سیاد بری)، وعدم تمکن أی جماعة محلیة من فرض سیطرتها الشاملة على البلاد، وهو ما أدى إلى تقطیع أوصال الدولة الصومالیة وتمزیقها، ومما أشعل الأوضاع تدخل الأطراف الخارجیة، سواء کانت إقلیمیة أو دولیة، مثل: کینیا وإثیوبیا والولایات المتحدة.

2- سیاسة شد الأطراف:

وهی أحد المبادئ التی اتبعتها وتتبعها القوى المعادیة للوطن العربی هو «مبدأ شدّ الأطراف»، ویعنی أن محاولة إضعاف الجسد العربی یجب أن تأخذ طریقین مختلفین فی آن واحد؛ أحدهما یتجه إلى القلب والثانی إلى الأطراف، ویتم إضعاف الأطراف من خلال عملیة جذب سیاسیة محورها إبعاد الأطراف عن مساندة منطقة القلب، ولا بد أن تؤدی هذه  العملیة فی النهایة إلى إضعاف القلب واختلال توازن الجسد السیاسی، ومن ثم تسهیل عملیة الانهیار.([14]) وتلک القوى الأجنبیة قادرة على أن تخترق معظم دول الجوار العربیة، مثل: المغرب العربی، والقرن الإفریقی، وجنوب شبه الجزیرة العربیة.

-     کما أن تلک القوى قد أسهمت بشکل بارز فی افتعال مشکلة الصحراء الغربیة وتصعیدها، والصراع فی جنوب السودان، والنزاع الیمنی – الإریتری.

- أن الوجود الأجنبی فی القارة، متمثلاً فی فرنسا والولایات المتحدة وإسرائیل، على سبیل المثال یسبّب مخاطر عدة على الأمن القومی العربی، وهو ما یثیر الحساسیة والریبة لدى الطرف العربی من نیات بعض الدول الإفریقیة. وهذا الوجود یتمثل فی کثرة القواعد العسکریة، الترکیز على دبلوماسیة التجارة بصفتها أداة لاختراق القارة الإفریقیة، بالإضافة إلى دعم قادة أفارقة جدد، ورفع شعار إدماج إفریقیا فی الاقتصاد العالمی، وقد تم إنشاء وحدة القیادة الأمریکیة لقارة إفریقیا "أفریکوم" فی الأول من اکتوبر 2007م فی عهد الرئیس جورج دبلیو بوش، وهی مسئولة عن العملیات العسکریة الأمریکیة وعن العلاقات العسکریة مع 53 دولة أفریقیة فی أفریقیا ما عدا مصر. وکان من أسباب إنشاء تلک الوحدة نمو العلاقات بین الصین والدول الأفریقیة، حیث تعتبر الصین المستورد الرئیسی للنفط الأفریقی، کما ساهمت الصین بقوات عدیدة فی بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام فی أنحاء القارة عام 2004م.

وهذا التدخل یؤثر على العلاقات العربیة الأفریقیة کما یلی:

أ -  ترکّز هذه الدول فی مناطق إقلیمیة معینة، وتدعم قادة موالین لها، فالسلوک الأنجلو أمریکی یدعم الأقلیات الحاکمة فی کل من رواندا وبوروندی وأوغندا، والحرص على إیجاد مناطق نفوذ فی منطقة القرن الإفریقی یعرض المصالح العربیة للخطر، خصوصاً فیما یتعلق بقضیة المیاه واستخدامها ورقة ضغط فی مواجهة کل من مصر والسودان.

ب - أن الوجود الأمریکی یرتبط دائماً بالوجود الإسرائیلی، ویوجد الآن تمثیل دبلوماسی رفیع المستوى لإسرائیل فی نحو 48 دولة إفریقیة، کما تسعى إسرائیل لبناء شبکة من العلاقات فی إفریقیا لتحقیق النفوذ والهیمنة فی القارة، وذلک عن طریق العدید من الأدوات؛ منها على سبیل المثال:

-إقامة تحالفات مع الدول والجماعات الإثنیة والدینیة المعادیة للعرب، خصوصاً فی منطقة حوض نهر النیل، لفتح ثغرة فی خطوط الأمن القومی والمائی العربیین.

- تحاول إسرائیل مساعدة الدول الإفریقیة فی میادین الاستخبارات والتدریبات العسکریة.

ج - أن هذه القوى الأجنبیة تثیر قضایا الفرقة والنزاع بین العرب والأفارقة، ویتضح ذلک جلیاً من الموقف الأمریکی والأوروبی من قضیة الإسلام السیاسی التی یتم وصفها بالإرهاب، ونظراً لأن هذه الحرکات الإسلامیة تنتشر فی العدید من الدول الإفریقیة غیر العربیة، مثل: کینیا ونیجیریا وجنوب إفریقیا، فإن ثمة محاولات دؤوبة لترویع هذه الدول من محاولات بعض الحکومات والجماعات الإسلامیة الموجودة فی الدول العربیة لاختراقها وزعزعة أمنها.

3- سیاسة الإدارة بالأزمات:

تعتمد الإدارة بالأزمات على صناعة الأزمة بصورة حقیقة أو مفتعلة، ویکون ذلک من خلال التخطیط لخلق الأزمة، واستثمارها، أو استثمار الفرص التى یمکن أن تنتج من أزمة حقیقیة، لتحقیق بعض الأهداف التى کان یصعب تحقیقها فى الظروف العادیة. مثل استغلال الولایات المتحدة الفرص التی نتجت عن ثورات الربیع العربی فی کل من تونس ومصر، واستغلت ذلک بالتخطیط للثورة اللیبیة، والتدخل فی المنطقة العربیة سواء فی مصر أو لیبیا أو سوریا أو الیمن. وکذلک استغلال إسرائیل لأزمة میاه النیل بین مصر وإثیوبیا لإثارة الأزمات بین الطرفین.

ثانیاً: أدوات الدول المتنافسة للسیطرة على الدول العربیة والأفریقیة:

تتعدد أدوات القوى المتنافسة ویمکن تقسیمها إلى:

1-أدوات عسکریة: تتمثل فی إقامة قواعد عسکریة، وعمل تدریبات، أو مناورات مشترکة، وتبادل خبرات وخبراء عسکریین، وبیع أسلحة، تدخل عسکری مباشر.

2- أدوات اقتصادیة: تتمثل فی تبادل تجاری، ومنح وقروض ومساعدات.

3- أدوات سیاسیة: تتمثل فی تغییر نظم الحکم بنظم موالیة، وتدعیم أطراف معادیة للعرب، وخلق أزمات للدول العربیة.

4- أدوات إعلامیة: تتمثل فی تشویة صورة العربی والأفریقی کل لدى الآخر.

وسنتناول فیما یلی استراتیجیة وأدوات کل من القوى الدولیة والإقلیمیة تجاه أفریقیا والدول العربیة:

1-استراتیجیات وأدوات القوى الدولیة:

أ-الاستراتیجیة الأمریکیة:

یرى البعض أن أمریکا قد نشأت على کارثتین لا مثیل لهما فی التاریخ البشری، وهما: تدمیر السکان الأصلیین من الهنود الحمر، وتخریب إفریقیا بتجارة العبید، وعقب الحرب العالمیة الثانیة قام نظام دولی جدید عبر عنه ونستون تشرشل بأن حکم العالم یجب ألا یکون فی متناول الجیاع لما یمثله من خطر على الحضارة. ([15])

وإذا کان النمط العام للسیاسة الأمریکیة تجاه أفریقیا قبل بدایة الحرب الباردة یتسم بالعزلة وکف الأیدی عن التدخل فی الشئون الداخلیة للقارة، إلا أن المتغیرات الدولیة التی سارت باتجاه العولمة الأمریکیة أدت إلى إعادة توجیه السیاسة الأمریکیة نحو أفریقیا من خلال الترکیز على دبلوماسیة التجارة کأداة للاختراق، بالإضافة إلى دعم قادة أفارقة. ([16])

وتسعى الإدارة الأمریکیة إلى تقسیم العالم إلى مناطق اقتصادیة تخدم کل منها على حدة أغراض الشرکات الأمریکیة، کما سعت من خلال مجموعة الثمانیة، وصندوق النقد والبنک الدولی ومنظمة التجارة إلى إنشاء منظومة لحکم العالم بشکل غیر مباشر أعطیت فیها للنخب السیاسیة ورجال الأعمال وقادة الرأی فی العالم النامی حق المشارکة فیها والاستفادة منها بشرط الدفاع عن اللیبرالیة بالمفهوم الأمریکی، وطلب من أکثر من مائة دولة من دول العالم الثالث فتح أسواقها أمام الشرکات المتعددة الجنسیات والابتعاد عن السیاسات المساندة للقطاع الوطنی تحت شعار حریة التجارة، ویسعی النظام الأمریکی إلى احتکار المستقبل لصالح منظومة " الشرکات الأمریکیة: فی حریة دخول الأسواق واستغلال الموارد واحتکار التکنولوجیا والاستثمار والإنتاج العالمی. ([17])

وتعمل الولایات المتحدة الأمریکیة بجهد متواصل غیر منقطع من أجل بسط نفوذها على کل مناطق العالم التى تحتوى على الموارد الطبیعیة المهمة، ومصادر الطاقة وبالأخص البترول (وفقاً لنظریة الجغرافیا الحیویة، تکمن الرؤیة الکلیة للاستراتیجیة الأمریکیة القائمة على نظریة الجغرافیا الحیویة، عدم الالتزام بحدود معینة، فالحدود وفقاً لهذه النظریة مفتوحة، حیث أن الولایات المتحدة ترى أن حدودها وفق هذه النظریة هی حدود مصالحها الحیویة التى تتمثل فی الموارد والثروات الحیویة بکل أنواعها فى أى مکان )، وهذا یتفق مع رؤیة برجنسکی أنه مع نمو قوة الصین وتنافس قوى أخرى کالهند والبرازیل مثلا حول الموارد، والأمن والمزایا الاقتصادیة فإن إمکانیات سوء التقدیر والصراع تتزاید، وبناء على هذا فإن الولایات المتحدة یجب أن تعمل على صیاغة أساس جیوبولیتیکی أوسع لتعاون بناء فی الساحة الدولیة فی الوقت الذی تستجیب فیه للآمال المتصاعدة لسکان العالم القلقین بشکل متزاید. ([18])

لذا توظف الولایات المتحدة الأمریکیة سیاستها الخارجیة والداخلیة لتحقیق هذا الهدف القومى، وعلیه فإن مجمل التحولات فى الإستراتیجیة الأمریکیة تجاه القارة الأفریقیة هى جزء من إستراتیجیة أمریکیة سیاسیة وعسکریة شاملة تعمل على وضع کل مقدرات القارة الأفریقیة من موارد طبیعیة وبشریة وبالأخص البترول (استراتیجیة الطاقة القومیة الأمریکیة  American National Energy Policy- أو ما یعرف بتقریر دیک شینى  Cheney Report  الذى یشیر فیه إلى ضرورة إنشاء قواعد عسکریة فى جمیع مناطق النفط فى العالم من کازخستان الى أنغولا لضمان أمن الطاقة الأمریکى) تحت تصرفها إسوة بمناطق العالم الأخرى، عبر إتباع استراتیجیة تعمل على إقصاء القوة الأخرى المنافسة لها (الصین، الإتحاد الأوربی، الهند، البرازیل)، وتطویع المجتمعات والدول الأفریقیة بصورة تخدم النفوذ والمصالح الأمریکیة على المدى الطویل والقصیر (الاستراتیجیة الأمریکیة تجاه أفریقیا جنوب الصحراء 14 یونیو 2012 م). ([19])

ب- الاستراتیجیة الصینیة:

منذ انتهاء الحرب الباردة وبروز نمط من الهیمنة الأمریکیة على النظام الدولی أصبحت الصین تبدی اهتماماً متزایداً بدعم اقتصادها، وحل مشاکلها الإقلیمیة، والانفتاح قی المجالین الدبلوماسی والاقتصادی على العالم العربی لخدمة سیاساتها الجدیدة، ودعمها فی مواجهة التکتلات الاقتصادیة العملاقة، إلا أن هذا التوجه الصینی قد نالت منه إسرائیل حظاً وافراً بتنامی العلاقات الصینیة الإسرائیلیة فی المجالات الاقتصادیة والعسکریة والدبلوماسیة؛ الأمر الذی أضعف التحالفات العربیة على الصعید الدولی لصالح القضایا العربیة.([20])

أما بالنسبة لأفریقیا فإنها تمثل مجالاً استراتیجیاً للصین ولهذا اتخذت الصین العدید من الآلیات السیاسیة والأمنیة والاقتصادیة لتدعیم نفوذها فی أفریقیا، والحفاظ على مصالحها الاقتصادیة ولاسیما البترول والمواد الخام، وتنتهج ما یسمی بدبلوماسیة النفط والتی تهدف إلى ضمان حصول الصین على وارداتها من البترول. ([21])

وتمثل الصین ثالث أکبر شریک لإفریقیا فی الوقت الذی أصبحت فیه إفریقیا مقصدا مهما للاستثمارات الخارجیة التی تقوم بها الشرکات الصینیة. وتحرص الصین على انتهاج مسار ممیز فی علاقاتها مع افریقیا حیث تقدم نموذجاً مقبولا فی بناء التعاون المشترک الذی یعود بالفائدة على کل الاطراف. وتعمل على تعزیز علاقاتها الثنائیة بالدول الافریقیة وفی مقدمتها جنوب افریقیا وأثیوبیا والسودان ومصر. واهتمام الصین المتزاید بالاستحواذ على الاسواق الافریقیة یقابله فی حقیقة الأمر اهتماماً جاداً بتعزیز قدرات المنافسة والتصدیر لدى الدول الافریقیة، وذلک عبر الاهتمام بقطاعات الصناعات الاستخراجیة، وتسویق المنتجات الافریقیة فی السوق الصینیة. فی حین أن الصادرات الصینیة إلى أفریقیا هی فی معظمها منتجات تامة الصنع ومنسوجات، فضلاً أیضا عن استثمارات کبیرة فی مجالات: الاتصالات السلکیة واللاسلکیة والنقل، والبنیة التحتیة، ومصاید الأسماک.

وقد قامت الصین بتشجیع الصادرات الافریقیة إلى السوق الصینیة وللتصدیر إلى مناطق أخرى فی العالم عبر إنشاء معرض دائم للسلع الافریقیة بمدینة "ییوو" بمقاطعة موک، حیث یقیم فیها اکثر من ألف أفریقی بشکل دائم، وذلک بهدف تشجیع تسویق المنتجات الأفریقیة ومساعدة الشرکات الأفریقیة والتجار للاستفادة من السوق الصینیة، وتعزیز تجارة الترانزیت، ورفع سمعة المنتجات الأفریقیة فی الصین. ([22]

وأهداف الصین بإفریقیا هی أهدافًا اقتصادیة خالصة، غایتها الوصول إلى المواد الأولیة والمنتوجات الفلاحیة التی تشکو الصین من نقص کبیر فیها. ولذلک، فهی تهدف إلى اقتناء المقاولات المستخرجة لهذه الموارد، أو تستخلص رُخصًا لاستغلال الأراضی والغابات، مع العمل على ضمان تغطیة تکالیف هذه الموارد، ببیع إفریقیا کمیات ضخمة من السلع المصنعة أو السلع الاستهلاکیة بأثمان زهیدة للغایة.

     ومن الجدیر بالذکر أن الصین تتبع فى علاقتها مع الدول الافریقیه مبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلیه وتقدم نفسها دائما على أنها بلد نام للتقرب للدول والشعوب الافریقیة؛ لذا عقدت الدول الأفریقیه اتفاقیات تعاون اقتصادى مع الصین ودون الارتباط بشروط سیاسیه، کما تحرص الصین على الحصول على دعم الدول الإفریقیه فى المحافل الدولیه فیما یتعلق بوضع تایوان وبمسأله حقوق الإنسان فى الصین.

وعلى الرغم من أن الاستثمارات التی تمت على سبیل المثال عام 2013 غالبها فی مجال النفط، إلا أن الصین استغلت حاجة إفریقیا الصارخة إلى البنى التحتیة الأساسیة، ففتحت لمقاولاتها وشرکاتها سُبُلًا جدیدة فی التدویل، من خلال الاستثمار فی بناء الطرق وتشیید الموانئ والسدود وشبکات السکک الحدیدیة والاتصالات والمطارات، ومجال الزراعة. ([23])

وباتت أهدافًا استراتیجیة وجیوسیاسیة فی جزء کبیر منها، إذ تتطلع الصین لیس فقط لإثبات أنها القوة الاقتصادیة الثانیة فی العالم، بل تطمح أیضًا إلى أن تکون البدیل القادم لشرکاء إفریقیا التقلیدیین، أوروبیین وأمیرکیین، وحتى شرکائها الآخرین فی آسیا أو فی أمیرکا اللاتینیة.([24])

وأمام تنامی الدور الصینی فی أفریقیا، کان من الطبیعی أن تنظر الدول الغربیة إلى ذلک بقلق کبیر، وهو ما جعلها توجه مجموعة من الانتقادات إلى الصین، منها أن الصین تدعم نظماً تسلطیة وقمعیة، ولا تربط بین قروضها وضرورة احترام حقوق الإنسان، وأنها استعمار جدید للقارة، وتتهم الصین بأنها مسئولة عن تیسیر عملیات الإبادة العرقیة فی دار فور فی السودان، إذ أن 60 % من نفط السودان یصدر إلى الصین وتذهب عوائده لدعم الإرهاب. ([25])

ج- الاستراتیجیة الأوروبیة:

العلاقات الأوروبیة-الأفریقیة علاقات ذات جذور تاریخیة، فإلى جانب المحددات الأساسیة التی تتحکم فی العلاقات الأوروبیة - الأفریقیة والمتمثلة أساسا فی المحدد التاریخی، والمحدد الجغرافی، والمحدد الثقافی، الذی یربط بین الطرفین نتیجة استمرار التبعیة الثقافیة للدول الأفریقیة لبعض الدول الأوروبیة  کفرنسا ‏من خلال الرابطة الفرانکوفونیة، وقد تطورت العلاقات الأوروبیة-الأفریقیة ‏إلى مستوى "الشراکة الاستراتیجیة" بسبب التحدیات الجدیدة التی فرضها النظام العالمی الجدید مع بدایة الألفیة الثالثة، وذلک بإفراز بیئة جدیدة یطغى علیها التنافس الاقتصادی الدولی، المتمثل أساسا فی التنافس على فتح الأسواق لتصریف المنتجات الصناعیة وضمان مصادر الطاقة. 

‏واستجابة لهذه التحدیات التی فرضها "النظام العالمی الجدید" على المستوى الدولی، خصوصا فی أفریقیا، إذ ازداد التنافس حول ثرواتها بشکل کبیر مع بدایة الألفیة الثالثة بین الولایات المتحدة الأمریکیة والقوى الآسیویة، اتجه الاتحاد الأوروبی إلى بلورة إطار جدید ‏ینظم علاقاته مع الدول الإفریقیة یضاف إلى سلسلة الإطارات المنظمة لهذه العلاقات، و‏ضمن هذا الإطار عقدت قمتان بین الدول الأوروبیة والأفریقیة: الأولى فی القاهرة سنة 2000م، والثانیة فی لشبونة عاصمة البرتغال سنة 2007م. وقد صدر عن القمة الأولى إعلان القاهرة الذی تضمن صیاغة مستفیضة لمختلف الموضوعات والقضایا الخاصة بالتعاون بین الطرفین الأوروبی والأفریقی، التی ترمی إلى إضفاء بُعد استراتیجی على الشراکة الجدیدة بین أفریقیا وأوروبا.

ورکزت دول الاتحاد الأوروبی فی شراکتها مع الدول الأفریقیة على البعد السیاسی، وذلک بدعم حقوق الإنسان وتطبیق الدیمقراطیة وتعزیز سیادة القانون، بحسب الرؤیة الأوروبیة، لتحقیق مصالحها الاقتصادیة فی القارة الأفریقیة. ([26])

کما استخدمت بعض الدول الأوروبیة القوة العسکریة فی دعم بعض الدول ففی 14 ینایر/کانون الثانی 2013 أعلن وزیر الخارجیة الفرنسی لوران فابیوس فی تصریح لتبریر الهجوم على مالی حیث قال " لقد کانت المصالح الأساسیة بالنسبة لنا ولأوروبا ولأفریقیا على المحک، لذلک کان علینا التحرک بسرعة". وفی 28 نوفمبر 2013م أعلنت فرنسا تدخلها عسکریاً فی أفریقیا الوسطى بعد تدخلها فی مالی، وقال وزیر الدفاع الفرنسی  جان ایف لودریان أن هدف نشر القوة العسکریة هو إرساء الأمن من خلال دعم قوة إفریقیة.

لا شک أن هناک مصالح استراتیجیة واقتصادیة هائلة لفرنسا فی إفریقیا، ولعل على رأس تلک المصالح الفرنسیة مسألة الوصول إلى الیورانیوم فی الصحراء الأفریقیة. إذ تعتمد فرنسا فی تلبیة نحو 75% من احتیاجاتها من الکهرباء على الطاقة النوویة. ویشیر بعض المراقبون إلى أن شرکة أریفا الفرنسیة  (Areva)  ظلت على مدى القرون الأربعة الماضیة تهیمن على حقوق استغلال الیورانیوم فی النیجر إلى أن قامت حکومة النیجر بمنح تراخیص للتنقیب لشرکات هندیة وصینیة وأمیرکیة وکندیة وأسترالیة. وأصبح الخوف الفرنسی من النفوذ الصینی وغیره هو المحرک لتحرک فرنسا. ([27])

د -الاستراتیجیة الروسیة:

مثلت مبیعات الأسلحة الروسیة أهم الأدوات التی دعمت بها روسیا علاقاتها مع الدول الأفریقیة، فقد باعت روسیا أسلحة إلی مالی عام 2012م بموجب عقد بلغ تکلفته الإجمالیة حوالی 12ملیون دولار، ویتم بمقتضاه تسلیم مالی بنادق ومدافع رشاشة وذخائر، ولعل ما قاله فلادیمیر بوتین فی بدایة تدخله فی الأزمة السوریة "أن هذه الحرب ستکلف روسیا أموالاً باهظة إلا أنها فیما بعد ستعود بالنفع علی روسیا وخاصة فی مجال صادرات السلاح، حیث سینتعش سوق السلاح الروسی إلی معظم دول العالم".

وتشیر بعض التقاریر الصادرة عن وکالة سبونتیک الروسیة للمعلومات“ أنه فی عام 2013م إزداد الرواج الکبیر للأسلحة الروسیة فی أفریقیا، حیث وقعت أنغولا علی عقد بقیمة تتجاوز الملیار دولار للتزود بمعدات منها مقاتلات سوخوی، ووقعت کل من روسیا ونامبیا عقداً تحصل بمقتضاه نامبیا من روسیا علی صواریخ مضادة للدبابات وقذائف الهاون وذخیرة، وعقداً آخر وقعته روسیا مع غانا لتسلیم غانا مروحیات ومقاتلات سوخوی بلغت کلفتها الإجمالیة 66 ملیون دولار.

کما تم التوقیع علی اتفاقیة بین مصر وموسکو فی عام 2013م لتحدیث نظام الدفاع الجوی المصری، وفی عام 2016م قامت مصر بشراء حاملات الطائرات الفرنسیة المستیرال(جمال عبد الناصر– أنور السادات) وتزویدهما بطائرات التمساح الروسیة، وتوقیع عقود مع الجزائر وتونس علی شراء بعض المقاتلات من طراز سوخوی 30 .وفی الفترة من 15 حتى 26 أکتوبر 2017تم عمل مناورات عسکریة بین مصر وروسیا.

ولم یقتصر الحضور الروسی فی أفریقیا علی المجالات العسکریة والاقتصادیة فقط بل اتسع لیشمل المجال الفکری والثقافی حیث أصبح لروسیا 40 سفارة ومقر دبلوماسی وبعثات تجاریة فی الدول الأفریقیة، ولقد ازدادت العلاقات الدبلوماسیة بین روسیا ودول أفریقیا وبدأت تشهد زیارات رسمیة من قبل عدد من المسؤلین الروس إلی أفریقیا، وبدأت روسیا فی إنشاء العدید من المراکز الثقافیة الفکریة الروسیة من جدید فی الدول  الأفریقیة، وأرسلت نخبة من مثقفیها من أجل تدریس وتعلیم اللغة الروسیة فی دول أفریقیا، وهذا وتوفر روسیا سنویاً العدید من المنح التعلیمیة إلی بعض البلدان النامیة ومنها الدول الأفریقیة من أجل الدراسة فی روسیا، وهذا تزداد القوة الناعمة الروسیة فی التأثیر علی العلاقات الروسیة الأفریقیة، وتعتبر دول شمال أفریقیا ومنها مصر ولیبیا والجزائر من حلفاء موسکو.

کما إزداد النشاط التجاری بین روسیا وبعض الدول وعلی رأسها جنوب أفریقیا، وإرتفعت الإستثمارات بین روسیا وجنوب أفریقیا، بالإضافة إلی زیادة الصادرات الروسیة لها، وکان الجزء الأکبر منها خاص بالمواد الغذائیة والمواد الخام الزراعیة والمنتجات الکیمیائیة بینما تستورد روسیا من جنوب أفریقیا المعادن، وتسعی روسیا إلی تعویض العقوبات المفروضة علی روسیا من خلال التعاون مع عدد من الدول منها جنوب أفریقیا فی مجالات التصدیر والإستیراد بالإضافة إلی توقیع عقود مع بعض الشرکات الروسیة العالمة فی مجال الطاقة النوویة السلمیة لإنتاج الطاقة النوویة فی جنوب أفریقیا. ([28])

2-استراتیجیات وأدوات القوى الإقلیمیة:

أ- الاستراتیجیة الإسرائیلیة:

تمثل أفریقیا أهمیة عظمى بالنسبة لإسرائیل للأسباب التالیة:

1 – تمثّل إفریقیا البدایة التی من خلالها تستطیع إسرائیل إقامة دولة إسرائیل الکبرى؛ وذلک لوجود منابع النیل فیها الذی یمثّل حلم إسرائیل.

2 – تحتاج إسرائیل للاعتراف بها کدولة من قبل الدول الإفریقیة لکسب الشرعیة السیاسیة والقانونیة.

3 – تهدف إسرائیل إلى عزل الدول العربیة وتطویقها؛ إذ ترى أنها قد طوّقتها بإیران وترکیا من جهة وإفریقیا من جهة أخرى.

4 – الحیلولة دون قیام تکتل (عربی – إفریقی) ضد إسرائیلی.

5- تمثل أفریقیا سوقاً ضخمة تساعد على زیادة الصادرات الإسرائیلیة لأفریقیا، وفتح الأسواق الأفریقیة للمنتجات الإسرائیلیة، ومن ثم منافسة المنتجات العربیة فی الأسواق الأفریقیة المختلفة، کما تخلق القارة الأفریقیة فرصا عدیدة لزیادة الاستثمارات الإسرائیلیة التی توفر فرص عمل للشباب الأفریقی، ومن ثم تستطیع التغلغل داخل المجتمع الأفریقی، وفرض سیطرتها على القوة العاملة.([29])

وتقع إثیوبیا فی مقدمة اهتمامات الاستراتیجیة الإسرائیلیة فی أفریقیاً؛ حیث لعبت العوامل الجیو-استراتیجة دوراً محوریاً فی علاقة إثیوبیا بإسرائیل، حیث تعد إثیوبیا أهم دولة فی منطقة القرن الأفریقی، ودولة منبع رئیسیة فی حوض النیل. وقد جعلت هذه الأبعاد الجیو- استراتیجیة العلاقات الإثیوبیة الإسرائیلیة ذات صبغة عسکریة وأمنیة بالأساس، مع إمکانیة توظیفها فی الوقت المناسب فی تهدید الأمن القومی العربی، ولا سیما الأمن القومی لدولتی وادی النیل. ([30])

لذا تحاول إسرائیل دائما استغلال وتعمیق الخلافات العربیة مع بعض الدول الأفریقیة، وتهدید أمن الدول العربیة المعتمدة على نهر النیل بمحاولة زیادة نفوذها فی الدول المتحکمة فی میاه النیل من منابعه، لذا تحاول خلق وجود قوی تنفذ منه إلى مجموعة دول حوض النیل، والتی تعتبر عمق استراتیجی للدول العربیة وخاصة مصر، وتحقیق وجود عسکری فعال فی المنطقة. ([31]) مع الترکیز على إقامة مشروعات زراعیة تعتمد على سحب المیاه من بحیرة فکتوریا. وهی تستغل فی ذلک العداء التاریخی بین إثیوبیا والعرب وإمکاناتها فی التأثیر فی السیاسة الأوغندیة.

ویلاحظ أنه فی حقبة التسعینیات قامت حکومة مصر و إثیوبیا و السودان بدراسة إقامة أکبر مشروع مشترک لإنتاج الطاقة الکهرومائیة، واقترحت الدراسات المصریة موقعین لإنشاء السد؛ الموقع الأول فى الهضبة الإثیوبیة بالقرب من الحدود السودانیة، والموقع الأخر فى منطقة دال فى شمال السودان وأسفرت الدراسة المشترکة عن تحدید الموقع الأول باعتباره الأفضل، وبدأت مجموعة سکوت ویلسون الفرنسیة التابعة لهیئة الکهرباء الفرنسیة بالتعاون مع شرکة استشاریة مصریة بتمویل من البنک الإفریقی فى دراسة المشروع.

إلا أن المشروع المشترک قد توقف بضغوط إسرائیلیة وصینیة. وقامت إثیوبیا منفردة بوضع خطة عام 2000 لتنتهی فى عام 2020 لإنشاء أربعة سدود بما فیها سد النهضة، ورصدت الحکومة الإثیوبیة 12 ملیار دولار بتمویل صینی إیطالی ومنح من بعض دول الإتحاد الأوروبی وإسرائیل لتولید کهرباء بمقدار 51 ملیار میجا وات فى الساعة یومیا. وبالفعل نجحت إثیوبیا فى إقامة سدود على بعض الأنهار الفرعیة بنفس التمویل بما فیها أموال المنح الإنشائیة واتجهت للنیل الأزرق لإقامة سد النهضة. ([32])

 هذا إلى جانب قیام إسرائیل بتشجیع الحرکات الانفصالیة فی جنوب السودان، کما تسعى إلى خلق تیار مناهض للعرب وخاصة فی المناطق المطلة على الساحل الشرقی فی أفریقیا. ونشر الأسلحة حیث ساهمت إسرائیل فی تسلیح عدة أنظمة أفریقیة، وتعمیق أزمات دول من بینها الصومال، والسودان، وإریتریا، وجنوب أفریقیا، وأوغندا، والکامیرون، والکونغو الدیمقراطیة، وجیشی رواندا وبوروندی، وتعد الصادرات العسکریة الإسرائیلیة من الأدوات الأساسیة لتنفیذ السیاسة الخارجیة الإسرائیلیة فی القارة الأفریقیة.

کما تستخدم شرکات المرتزقة، والشرکات التی تتولى تنفیذ المخططات الإسرائیلیة مثل شرکة "بول باریل"، وشرکة "أباک"، وهما شرکتان فرنسیتان مملوکتان لعناصر یهودیة، حیث تتبنى إسرائیل سیاسة تهدف لإشعال وتصعید الصراعات فی القارة الأفریقیة، وذلک بهدف إسقاط أنظمة تسعى للتقارب مع الدول العربیة من جانب، وإحکام السیطرة الاقتصادیة والسیاسیة الإسرائیلیة على هذه الدول من جانب آخر.

کما تستغل وجود الخبراء الإسرائیلیین فی المجالات العسکریة والأمنیة والاستخباراتیة داخل المؤسسات الوطنیة للدول الأفریقیة، حیث تسعى إلى استغلال الدول الأفریقیة للتجسس على مصر والسودان والصومال وجیبوتی ومنطقة البحر الأحمر وشمال أفریقیا، ومن ثم تتواجد مکاتب للموساد الإسرائیلی فی العدید من الدول الأفریقیة مثل: اریتریا، وأوغندا، وکینیا، وإثیوبیا، والکونجو الدیمقراطیة، ورواندا، وذلک وفق اتفاقیات مبرمة بین الجانبین. ([33])

کما کست إسرائیل مطامعها بثوب الإنسانیة حیث تدعی أنها تدعم المجتمع المدنی والدیمقراطی فی أفریقیا، وأقامت مراکز طبیة فی الأماکن الصحراویة فی بنسوانا وغیرها من الدول الأفریقیة. ([34])

وتعددت زیارات رئیس الوزراء الإسرائیلی لأفریقیا، وترکزت تلک الزیارات على أربع دول وقعت على اتفاقیة عنتیبی المتعلقة بإعادة توزیع حصص میاه النیل، وهی کینیا، وأوغندا ورواندا وإثیوبیا، کما تمت لقاءات مع عدد من القادة الأفارقة مثل: تنزانیا، وزامیبیا، وجنوب السودان، ویتعلق بذلک إثارة السودان لأزمة حلایب وشلاتین لتبریر التعاون مع إثیوبیا، وکذلک اطمئنت إثیوبیا إلى الحمایة الإسرائیلیة والرعایة الأمریکیة.([35])

ب-الاستراتیجیة الإیرانیة:

تسعى إیران فی سیاستها فی أفریقیا عمومًا وشرق أفریقیا على وجه الخصوص، إلى نشر المذهب الشیعی تمهیدًا لتصدیر الثورة الإسلامیة، کما یفتح التواجد الإیرانی فی مضیق باب المندب المجال أمام إیران للسیطرة على اثنین من أهم المضایق فی العالم، وهما مضیقا باب المندب وهرمز، کما یفسح لها المجال أمام التواجد الفعال فی میاه البحر الأحمر، ومن ثم تطویق الأمن القومی العربی – وتحدیدًا الخلیجی – فی المنطقة.

وتسعى إیران إلى التموضع فی مکانة إقلیمیة تتواءم مع إمکانیاتها وفقًا لإدراکها الإستراتیجی، لذا تحاول بسط نفوذها على مناطق عدة لا سیما فی منطقة القرن الأفریقی، بشکل جعلها تزاحم القوى الدولیة والإقلیمیة على حد سواء. فالتواجد الإیرانی فی هذه المنطقة یسمح لها بالتواصل مع أتباعها الحوثیین فی الیمن، کما یسهل إمداد هذه الجماعات بالأسلحة الإیرانیة وفی بعض الأحیان بالأفراد المسلحین.

کما أبدت إیران اهتمامًا کبیرًا بمنطقة شرق أفریقیا، لا سیما القرن الأفریقی، خلال الفترة الأخیرة؛ من أجل المزید من الانفتاح على دوائر إقلیمیة لکسب المزید من التأیید الإقلیمی والدولی لمواقفها الأخیرة، خاصة فی ظل العزلة الدولیة التی فُرضت علیها قبل توقیع الاتفاق النووی مع الغرب فی 2015. ([36])

وتهدف إیران إلى تدعیم العلاقات الاقتصادیة والتجاریة مع دول منطقة شرق أفریقیا والقرن الأفریقی. ومن ثم، قامت بإبرام العدید من الاتفاقیات التجاریة والصناعیة، وإطلاق عدد من المشروعات الاستثماریة فی المنطقة لا سیما فی کینیا وإریتریا وأوغندا وغیرها.

کذلک فإن الوجود الإیرانی، متمثلا فی الحوثیین فی الیمن، یعنی سیطرة مؤجلة شبه کاملة على مضیق باب المندب، الأمر الذی یعنی أن تتحول الیمن والدول المطلة على البحر الأحمر لمشاریع تنازع طائفی وسیاسی، کی یتمدد النفوذ والدور الإیرانی فی بعض الدول الأفریقیة، خاصة ما یسمى بالحزام الإسلامی الغربی للقارة، والذی یشمل موریتانیا والنیجر ونیجیریا، والذی یهدف فی المقام الأول للحفاظ على المصالح الإیرانیة، بمفهومها الضیق، فضلا عن التمدد المذهبی الشیعی.

ج-الاستراتیجیة الترکیة:

العلاقات الترکیة الأفریقیة علاقات تاریخیة قدیمة ترجع إلى زمن الدولة العثمانیة، إلا أن العلاقات الحدیثة ترجع الی عام 1998 عندما أعدت ترکیا ما یسمى بـ "خطة الانفتاح على أفریقیا"، وفی عام 2003م أعدت ترکیا ما یسمى بـ" استراتیجیة تطویر العلاقات الاقتصادیة مع الدول الأفریقیة"، وفی آذار مارس قام رئیس الوزراء الترکی آنذاک رجب طیب أردوغان بزیارة رسمیة إلى إفریقیا الجنوبیة، وفی عام 2008م حصلت ترکیا على عضویة بنک التنمیة الأفریقی وصندوق التنمیة الأفریقی کما استضافت فى أغسطس 2008م “قمة التعاون الأفریقی- الترکی”.

ویمکن النظر إلى الانخراط الترکی المتزاید فی القارة الأفریقیة بوصفه جزءًا من رؤیة ترکیا الجدیدة لنفسها بأنها دولةٌ مرکزیةٌ وفاعلٌ دولى ذو سیاسة خارجیة معقدة ومتشابکة الأبعاد، فى إطار نظریة العمق الاستراتیجی التى تعدّ المحرِّک الأبرز للسیاسة الترکیة منذ عام 2002م، التی تقوم فلسفتها الرئیسیة على أنّ ترکیا دولة متعددّة الأحواض القاریة؛ مما یمنحها عمقًا استراتیجیًّا فی القارة الأفریقیة.

وقدمت ترکیا مساعدات عدیدة لدول صحراء أفریقیا، بلغت 782.7 ملیون دولار فی 2013م، وقدمت ترکیا حوالى 3.3 بلیون دولار کمنح ومساعدات فی عملیات الإغاثة فی أفریقیا عام 2014م، مما یجعلها ثالث أکبر داعم للإغاثة هناک خلال عامی 2013 و2014م.

وجاءت زیارة الرئیس الترکی رجب طیب أردوغان فی فبرایر 2016م إلى غانا ونیجیریا وغینیا ضمن سیاسة تعمیق العلاقة الاستراتیجیة مع الدول الأفریقیة حیث تم توقیع عدة اتفاقیات فی مجالات مختلفة. ([37]) وزادت الصادرات الترکیة إلى أربعة أضعاف من 40 ملیار دولار عام 2002م إلى 158 ملیار دولار فی عام 2014م، بینما ارتفع إجمالی التجارة بین ترکیا وأفریقیا مرتین ونصف لیصل فی عام 2015م إلى قرابة  18 ملیار دولار ووصل عام 2017م 67 ملیار دولار. فی ظل اهتمام القطاعات الاقتصادیة الترکیة بالمخزون الاحتیاطی للسوق الأفریقیة. وعلى ذلک ازدادت الاستثمارات الترکیة المباشرة فی أفریقیا بمقدار 10 أضعاف (تراوحت وفقا لبعض المصادر بین 5 و 8 بلایین دولار)، وترکزت فی المقام الأول فی الشرکات الصغیرة والمتوسطة (البناء، والصناعة الخفیفة، وإنتاج السلع المنزلیة)، مع انخفاض ضغط المنافسة من الشرکات الکبیرة من الصین، وقد اضطلع المتعهدون الأتراک حتى نوفمبر 2017  بأکثر من 1150  مشروعًا فی أفریقیا تقدر بـ6.2 ملیار دولار فی عموم القارة الأفریقیة، کما تسیّر الخطوط الجویة الترکیة رحلات إلى 48 جهة فی 31 دولة أفریقیة، وأصبحت اسطنبول مرکزًا مهمًا ونقطة انطلاق للمسافرین الأفارقة المتجهین إلى العدید من الدول.

أما فیما یتعلق بالمجال الزراعی الذی تتمیز به القارة عمومًا فإن ترکیا بدأت تصنع المبادرات فی هذا المجال حیث استضافت ولایة أنطالیا الترکیة، الاجتماع الأول لوزراء الزراعة فی ترکیا وأفریقیا، ومنتدى الأعمال الزراعیة، بمشارکة قرابة 300 ممثل أفریقى بینهم نحو 50 وزیرًا.

وأعلن الرئیس أردوغان فی تأکیده على عمق العلاقة بین ترکیا وأفریقیا، إن بلاده لا تنظر إلى أفریقیا على أنها قارة بکر، ولا تسعى إلى استغلال مواردها “بل تعتبر نفسها صدیقة للقارة السمراء یوم الضیق، وأکد حرص بلاده على بناء تعاون طویل الأمد مع أفریقیا على أساس المساواة، والربح والاحترام المتبادلین. ([38])

وفی ینایر 2018 کانت زیارة الرئیس الترکی للسودان، ویعتبر الوجود الترکی فی جزیرة سواکن السودانیة مما یعنی من وجهة نظر البعض إقامة توازن استراتیجی فی البحر الأحمر مع إسرائیل، وأمن البحر الأحمر یعنی أمن مصر والسودان والیمن والسعودیة والأردن والصومال وجیبوتی. إلا أن تلک الزیارة کانت سببا من أسباب توتر العلاقات المصریة السودانیة.

المبحث الثالث: وضع نموذج مستقبلی للعلاقة بین الدول العربیة والأفریقیة فی ظل التنافس الدولی

لوضع نموذج للعلاقات المستقبلیة یجب أن نرصد الواقع الحالی من حیث الإمکانیات والتحدیات، بالإضافة لرصد فرص تعظیم الإمکانیات ومواجهة التحدیات مستقبلا.

إمکانیات الدول العربیة والإفریقیة:

1-علاقات تاریخیة وتجاریة مشترکة.

2- موارد لدى کل من الطرفین.

التحدیات: ([39])

1-قضیة المیاه

2-التداخل العرقی والإثنی.

3-مشکلات الحدود.

4-مشکلة اللاجئین والنازحین.

5-حرکات التمرد والانفصال.

6-الصورة السلبیة لکل طرف لدى الآخر.

ونلاحظ أن العامل الخارجی یؤدی دوراً کبیراً فی زیادة الخلافات، لذا یجب إیجاد حلول جذریة لتلک التحدیات

أولاً: الإمکانیات:

1-أهمیة القارة الأفریقیة بالنسبة للقوى الدولیة:

برز الاهتمام الدولی بقارة أفریقیا بعد إنتهاء الحرب الباردة، ویرجع هذا الإهتمام نتیجة لما تحتویه أراضیها من مواد خام وموارد طبیعیة لم تستغل بعد، فهی تعد ثانی أکبر قارة فى العالم من حیث الحجم بعد قارة آسیا، ومساحتها تقدر بحوالى 30 ملیون کم2، وهى تشکّل 20% من مساحة الیابسة فی الکرة الأرضیة، ویعیش فى أفریقیا نحو 15% من سکّان الکرة الأرضیة أى ما یعادل 800 ملیون نسمة، وتضم 53 بلداً مستقلاً، بعد انفصال جنوب السودان.

وتتمیز بأنها هضبة شاسعة، تقطعها القلیل من السلاسل الجبلیة. ویحیط ببعض جهاتها سهل ساحلی ضیق. وفی القارة أطول نهر فی العالم، هو نهر النیل، الذی یجرى من هضبة الحبشة مروراً بالسودان، إلى مصر لیصب شمالاً فی البحر الأبیض المتوسط.

وتتمتع القارة الأفریقیة بثروات طبیعیة ضخمة أغلبها غیر مستکشف حتى الآن، ففیها تکوینات ضخمة من النحاس والألماس تبلغ 40%  ومن البلاتین 80 % المنتج فى العالم ونسبة 25% من الذهب العالمى و 27% من الکوبالت،  کما تمتلک القارة ثروة غابیة قیمة. هذا بالإضافة إلى إمکانیة استعمال عدد من الأنهار الأفریقیة لإنتاج الطاقة الکهرومائیة.

کما تنتج إفریقیا معظم الإنتاج العالمی من الکاکاو والبقولیات. وتمتلک ثروة حیوانیة هائلة، وأراضی زراعیة شاسعة، وقدرات هائلة على تلبیة احتیاجات المنطقة بأسرها من القمح والخضراوات والزیتون والحمضیات ومختلف أنواع الفواکه، والاحتیاجات الأساسیة الأخرى من الغذاء.

 کما تمتلک القارّة الأفریقیة مخزون إستراتیجى ضخم من الموارد الطبیعیة والمواد الأولیّة، مما جعلها تدخل فى إطار التنافس الدولى الکبیر الذى یستهدف هذه الموارد إثر ازدیاد الطلب العالمی علیها ونقصان الاحتیاطیات العالمیة من هذه الموارد فی أماکن ومناطق أخرى من العالم. فیوجد فى قارة إفریقیا وحدها حوالی 12% من احتیاطی النفط العالمی، کما تبلغ احتیاطیات الغاز الطبیعى فی القارة الإفریقیة بما یقدر بحوالی 10% من إجمالى الإحتیاطى العالمى، ومن ممیزات النفط والغاز الطبیعى الأفریقی سهولة استخراجه وتسویقه نتیجة لموقع قارة إفریقیا الاستراتیجی بین قارات العالم، وترکّز کمیات کبیرة من النفط على السواحل والمیاه الإقلیمیة لدول القارة.

وتشیر العدید من الإحصائیات أنّ نسبة الاحتیاطیات من البترول والغاز الطبیعى فی القارة الإفریقیة آخذة فى النمو فى ظل الإستکشافات والمسوحات التى أجریت أخیرا على العدید من دول القارة. أما بالنسبة لموارد المیاه العذبة فتشیر أغلب الإحصائیات والتقدیرات إلى أن قارة أفریقیا تمتلک ما یقدر بحوالی أربعة آلاف کم3 من مصادر المیاه العذبة المتجدّدة سنویاً، أی ما یعادل حوالی 10% من مصادر المیاه العذبة المتجددة فی کل العالم. ([40])

2-أهمیة موقع الدول العربیة والأفریقیة للقوى الدولیة:

بمقارنة موقع القارة الأفریقیة والمنطقة العربیة نلاحظ إن السعودیة تقع على الطرف الغربی لقارة آسیا. وعلى هذا الأساس، فإن المملکة من بین الدول الأکثر جواراً للقارة الإفریقیة. فهی تشاطئ القارة فی البحر الأحمر من جهته الشرقیة، بینما تشاطئ إفریقیا هذا البحر من جهته الغربیة. ولهذا البحر أهمیة قصوى فی مجرى الملاحة العالمیة، حیث یربط بحر العرب، بالبحر الأبیض المتوسط، ویکون بذلک نقطة وسط بین القارات القدیمة الثلاث: آسیا وإفریقیا وأوروبا.

ومنذ اکتشاف طریق رأس الرجاء الصالح، باتت إفریقیا عنصراً استراتیجیاً فی الربط بحریاً بین عالم الشرق والغرب. وتضاعفت هذه الأهمیة بعد شق قناة السویس، التی قصرت الطرق بین القارات البحریة الثلاث. کما تکمن أهمیتها الاستراتیجیة فی مشاطأة القارة لمضیقین حیویین هما: مضیق باب المندب الذی تقع ضفته الشرقیة فی قارة آسیا، وضفته الغربیة فی إفریقیا، ومضیق جبل طارق، الذی تقع ضفته الشمالیة فی إسبانیا، وضفته الجنوبیة فی المغرب العربی فی أفریقیا. والممران معبران دولیان مهمان لقوافل النفط العملاقة، وللأساطیل التجاریة البحریة، وأیضا للأساطیل العسکریة. وإذا ما أضفنا لهما قناة السویس، بدت بجلاء الأهمیة الاستراتیجیة القصوى للقارة الإفریقیة. ([41])

ثانیاً: تحدیات العلاقات العربیة الإفریقیة:

للعلاقات العربیة الأفریقیة امتدادات تاریخیة عمیقة، منذ فجر التاریخ وما قبل ظهور الإسلام، وبعد ظهوره حتى العصر الحدیث، فقد أقام الإسلام روابط دینیة وثقافیة بین العرب ومعظم دول الجوار الإفریقی.([42]) إلا أن الموروث الاستعماری قام بالتفرقة بین العربی والإفریقی؛ فقد استخدم الاستعمار سیاسة "فرق تسد" بین العرب والأفارقة، فصورة العربی لدى الإفریقی هی صورة سلبیة؛ وقد خلّف الاستعمار البریطانی حاجزاً مصطنعاً بین العربی والإفریقی فی السودان، کما قام الاستعمار الفرنسی فی موریتانیا بمحاباة الأقلیة الزنجیة على حساب الأغلبیة العربیة؛ إذ فتحت لهم أبواب التعلیم فی المدارس الفرنسیة التی کانت تؤهلهم لتسلم المناصب الإداریة والترقی فی الخدمات العامة، وهو ما جعلهم یتغلغلون فی کثیر من مناصب المستعمرة الموریتانیة، ومن ثم فی الدولة الموریتانیة بعد الاستقلال، حتى أن نسبتهم کانت فی الوظائف السیاسیة والاقتصادیة أعلى من نسبتهم العددیة بالنسبة لسکان موریتانیا، کما عملت الإدارة الفرنسیة على نشر اللغة والثقافة الفرنسیة بین الزنوج، وفی الوقت نفسه اجتهدت فی إضعاف التعلیم باللغة العربیة بهدف استیعاب الزنوج الموریتانیین وإبعادهم عن الثقافة العربیة والتأثیرات الإسلامیة المنتشرة بین القبائل العربیة، وقد أدت هذه السیاسات بالفعل إلى تعمیق الفروق والخلافات العرقیة بین العرب والزنوج. کما قامت الإدارة الاستعماریة الفرنسیة بتشجیع "فکرة الزنوجیة"، ومساندة المفکرین الذین آمنوا بها مثل الرئیس السنغالی الأسبق "لیو بولد سنغور"، وخطورة "فکرة الزنوجیة" أنها تفرز سیاسات عنصریة سلبیة تترکز فی وحدة الزنوج دون العرقیات الإفریقیة الأخرى، وبخاصة عرب الشمال الإفریقی.

إلا أن القتال المشترک ضد الاستعمار ومحاولات نشأة الدول المستقلة قد دعم هذه العلاقات فی العصر الحدیث مرة أخرى، والانضمام إلى دول عدم الانحیاز، بالإضافة إلى الاهتمام بقضایا التنمیة الاقتصادیة– الاجتماعیة. ([43])

     وقد حقق التعاون العربی الأفریقی انطلاقات قویة سواء منذ بدایة ستینیات القرن الماضی أو فی أعقاب تدشینه مؤسسیاً فی مؤتمر القمة العربی الأفریقی الأول عام 1977م وحتى أواخر السبعینیات. إلا أن ذلک التعاون ما لبث أن شهد تراجعات ملحوظة فی ظل التصدعات العدیدة التی خلفتها الظروف السیاسیة المعقدة التی مرت بها المنطقة العربیة بصفة خاصة.

      ومع بدایة التسعینیات فی ظل التحولات الحاسمة التی أصابت هیکل النظام الدولی، ومع تزاید دور سیاسة المعونات والقروض والمنح کأداة مؤثرة فی صیاغة طبیعة علاقات الدول النامیة بالدول الکبرى ومؤسسات التمویل والإقراض الدولیة کالبنک الدولی وصندوق النقد الدولی، بدأت الاصوات تتعالى فی الإطار الإفریقی متسائلةً عن جدوى الحدیث عن تعزیز  التعاون العربی الافریقی فی ظل الحسابات النسبیة لحجم المساعدات المقدمة من الجانب العربی مقارنة بتلک المقدمة من المجتمع الدولی بدوله ومؤسساته المختلفة، وکذا الأعباء السیاسیة التی تفرضها طبیعة الالتزامات الجیوستراتیجیة المفترضة على الجانب الأفریقی إزاء القضایا العربیة المصیریة کقضیة فلسطین والتدخل الدولی فی العراق والصومال وقضیة میاه النیل، بالإضافة إلى مدى منافسة ذلک التعاون فی الأساس لطبیعة العلاقات الانمائیة المؤثرة التی أصبحت تربط البلدان الأفریقیة بالدول الکبرى (الولایات المتحدة الامریکیة – الصین – فرنسا – بریطانیا)، وما أصبح یبدو شبه غیابٍ لأی رؤیة استراتیجیة لدى الجانبین لتخطیط علاقاتهما وفقاً للأسس الاستراتیجیة والأیدیولوجیة التی تتفق وضرورات الأمن والمصالح الوطنیة المشترکة. ([44])

وبالرغم أنه فی 10أکتوبر2010م عقدت القمة الأفریقیة العربیة الثانیة فی سرت بالجماهیریة العظمى والتی تضمنت خطة تنفیذ إستراتیجیة الشراکة الأفریقیة – العربیة، فی المجالات ذات الأولویة فى اهتمامات المنطقتین العربیة والأفریقیة، وهى التعاون السیاسى والأمنى، والتعاون الأقتصادى، والمالى، والتبادل التجارى، والاستثمار، والطاقة، والموارد المائیة، والبنیة الأساسیة، والموارد البشریة، والتعاون فى مجال الزراعة، والأمن الغذائى، والتعاون فى المجالین الاجتماعى والثقافى. ([45])

وتضمنت استراتیجیة الشراکة بین الجانبین العربی والأفریقی التی اعتمدتها القمة تعمیقا للتعاون السیاسی والاقتصادی والاجتماعی والثقافی بین الجانبین أحد عشر بنداً، هما:

أولا : اعتماد استراتیجیة الشراکة الأفریقیة والعربیة وخطة العمل( 2011-2016) .

ثانیا: هذه الاستراتیجیة هی الوسیلة الوحیدة لإحیاء ودفع التعاون الأفریقی العربی فی خضم التحدیات الدولیة والإقلیمیة الراهنة.

ثالثا : هذه الاستراتیجیة تعتمد إطارا مرشدا لمسار ومضمون العمل المشترک فی مختلف المجالات.

رابعا :العزم على تنفیذ تلک الاستراتیجیة لمساعدة البلدان الأقل نموا للإسراع بوتیرة تحقیق الأهداف الإنمائیة للألفیة بحلول عام 2015 .

خامسا: یتم تکلیف الوزراء المختصین لبلورة خطط تنفیذیة، واختیار أولویات قصوى للخروج بنتائج ملموسة وسریعة حتى تجعل الشراکة العربیة الأفریقیة خیارا جاذبا ومرغوبا لشعوبنا.

سادسا: یحث الجهات الفاعلة فی دول المنطقتین بما فی ذلک الجهات الرسمیة کالحکومات والوزارات بها، وغیر الرسمیة من منظمات مجتمع مدنی، والمنظمات الإقلیمیة لأخذ هذه الاستراتیجیة فی الحسبان أثناء صیاغة برامجها وأنشطتها وبذل الجهود الفردیة والجماعیة لتنفیذ تلک الأهداف .

سابعا: العزم على تعبئة الموارد البشریة والمالیة اللازمة لتنفیذ تلک الاستراتیجیة بما فی ذلک المصادر المالیة القائمة والجدیدة واستغلال إمکانات القطاع الخاص الضخمة.

ثامنا: دعوة المجتمع الدولی، ومجموعة الثمانی خاصة للوفاء بتعهداتها لإصلاح النظام المالی والنقدی العالمی وتحسین شروط التجارة الدولیة، وتخفیف عبء المدیونیة وزیادة المساعدات التنمویة لصالح الدول النامیة والأقل نمواً لتحقیق التنمیة المستدامة لشعوبها.

تاسعا: الالتزام بتفعیل آلیات المتابعة والتنفیذ وتعدیل مساراتها إذا اقتضى الأمر والعمل على تذلیل الصعوبات التی تعترضها .

عاشرا: الموافقة على مشارکة وفدی مفوضیة الاتحاد الأفریقی والأمانة العامة للجامعة فی کافة الجلسات التی تعقدها المنظمتان، وتوفیر الإمکانیات اللازمة للمفوضیة وللأمانة العامة لتعزیز کوادرهما فی الإدارات المعنیة بالتعاون العربی الأفریقی لتمکینهما من لعب الدور المرکزی فی تنفیذ الاستراتیجیة.

حادی عشر: مطالبة رئیس مفوضیة الاتحاد الأفریقی والأمین العام للجامعة العربیة تقدیم تقریر مشترک للدورة القادمة للقمة الأفریقیة العربیة فی 2013م، ویشمل استعراض مسیرة التعاون الأفریقی العربی والتقدم المحرز فی تنفیذ الإعلان والاستراتیجیة، وخطة العمل، وأداء آلیات التنفیذ، والمتابعة، وتوصیات بشأن ماینبغی القیام به مستقبلا.

إلا أن نشوب الثورات العربیة مثلت بدایة للتغییر فی المنطقة العربیة، کما هیأت فرصاً لتدخل القوى الدولیة فی المنطقة العربیة والأفریقیة للتدخل ووقف تنفیذ تلک الاستراتیجیة، فعلى سبیل المثال کان قرار تدخل حلف الناتو فی لیبیا بمبارکة جامعة الدول العربیة فی 17مارس 2011، والقضاء على نظام القذافی.

کما أصبحت سوریا ساحة مفتوحة لتدخل کل من الولایات المتحدة الأمریکیة وروسیا بعد اندلاع الثورة السوریة. وکذلک تدخل الولایات المتحدة وقوات التحالف العربی فی الیمن. کما توترت العلاقة بین مصر وإثیوبیا والسودان بسبب أزمة میاه النیل وتدخل إسرائیل والولایات المتحدة.

          فی الوقت التی شُغِلَت به المنطقة العربیة بأزماتها سواء الفعلیة أو المختلقة، کانت الدول المتنافسة تدعم من علاقاتها مع الدول الأفریقیة سواء بعقد اتفاقیات شراکة، أو بإقامة قواعد عسکریة، أو مزید من التبادل التجاری بین تلک الدول المتنافسة والدول الأفریقیة، وذلک على حساب علاقات الدول العربیة بالأفریقیة، فقد استغلت إیران على سبیل المثال انشغال المملکة العربیة السعودیة بقضایا إقلیمیة مثل الیمن وسوریا، وحاولت توسیع نفوذها فی الدول الأفریقیة إذ سعت لنشر أفکارها الخمینیة من خلال وسائط متعددة مثل المنح الدراسیة والتزوید بالکتیبات، وتکثیف نشاطها الثقافی من خلال مراکزها الثقافیة بهدف کسب حلقات نفوذ فی مواقع مختلفة من القارة الأفریقیة.

إلا أن إدراک السعودیة لذلک جعلها تقوم بعمل تحولات إستراتیجیة فی سیاستها الخارجیة تجاه منطقة شرق أفریقیا والقرن الأفریقی عقب صعود الملک سلمان إلى السلطة، حیث أدرکت السعودیة أهمیة المنطقة الجیواستراتیجیة لاعتبارات عدة، خاصة فی ظل قیادتها للتحالف ضد جماعة الحوثی على الجانب الآخر من البحر الأحمر، ومن ثَم سعت لإیجاد موطئ قدم جدید لها فی المنطقة، لملء الفراغ الذی خلفه التراجع العربی عن هذه المنطقة بالغة الأهمیة للأمن القومی العربی.

ونجحت السعودیة فی التأثیر على التواجد الإیرانی فی المنطقة من خلال ترسیخ وجودها بمشروعات استثماریة ومساعدات اقتصادیة وزیارات متبادلة؛ الأمر الذی دفع بعض دول المنطقة مثل السودان إلى المشارکة فی عاصفة الحزم ضد الحوثیین فی الیمن، وتقدیم التسهیلات اللوجیستیة والعسکریة، بالإضافة إلى قرارها بإغلاق المراکز الثقافیة الإیرانیة فی السودان، وقطع علاقاتها الدبلوماسیة بإیران إلى جانب جیبوتی والصومال، بعد الاعتداء على السفارة السعودیة فی طهران.

وتشیر بعض الإحصائیات إلى أن صادرات أفریقیا نحو العالم العربی بلغت 6.5  %‏ من إجمالی صادراتها، کما بلغت صادرات العالم العربی إلى أفریقیا نحو 5.3%.([46]) ونلاحظ أن تلک النسب ضئیلة جداً.

ویلاحظ کثرة القمم واللقاءات واللجان التی یتم الاتفاق على عقدها بین الدول الأفریقیة والعربیة إلا أن الدول العربیة والأفریقیة تحتاج إلى الإرادة، والاستمراریة؛ حیث توجد عدم قدرة للجانبین العربی والأفریقی على المحافظة على انتظام اجتماعات وأعمال لجان التعاون الفنیة المتخصصة بعیداً عن التجاذبات والصراعات السیاسیة وبصفة خاصة اللجنة الدائمة للتعاون الأفریقی العربی التی تشکل محور التعاون بین الطرفین، وذلک على عکس ما هو حاصل فی کثیر من أُطر التعاون الدولیة القائمة بین العدید من الفرقاء السیاسیین فی العالم؛ إذ غالباً ما یحرص أولئک على إبقاء الباب موارباً أمام أی إمکانیة للتواصل واللقاء بغیة التمهید لإیجاد حلول لحالات التجاذب والصراع السیاسی فیما بینهم.

کما یجب تفعیل التعاون العربی مع الاتحاد الافریقی بخصوص نزاعات الحدود فی افریقیا، والتوصل لتفاهمات ومواقف متناسقة معه بخصوص القضایا السیاسیة والأمنیة الرئیسیة التی تهم الطرفین مثل قضایا: مکافحة التطرف والإرهاب، ومکافحة الفساد، وحقوق الانسان، ومشاکل النازحین، واللجوء الإقلیمی، واتفاقیة الاتحاد للتعاون العابر للحدود المعروفة باتفاقیة "نیامی".

وکذلک التعاون العربی مع الاتحاد الأفریقی فی إقامة "مرکز الاتحاد الافریقی لإعادة الإعمار والتنمیة فی فترة ما بعد النزاعات". ([47])

الخاتمة:

التنافس الدولی هو وضع وحالة تجمع بین طرفین دولیین أو أکثر یقرران خوض التنافس، وفق حسابات عقلانیة، مرکزین جهودهم وإمکانیاتهم نحو تحقیق فوائد ومصالح توفرها بیئة معینة فی النظام الدولی، دون اللجوء لاستخدام القوة العسکریة والعنف لتحصیل هذه الفوائد والوصول لهذه الأهداف. ویرتبط التنافس الدولی بهیکل النظام الدولی ارتباطاً وثیقاً، حیث تسعی الدول من خلال علاقاتها الخارجیة وتنافسها لتحقیق أهدافاً أمنیة واقتصادیة، وتحقیق مصلحتها القومیة.

ونظراً لأهمیة کلا من المنطقة العربیة والقارة الأفریقیة سواء جغرافیا أو اقتصادیاً أوسیاسیاً فقد سعت کل القوى الدولیة والإقلیمة لوضع استراتیجیات تمکنها من البقاء والمنافسة فی المنطقتین، واتبعت القوى الدولیة کالولایات المتحدة الأمریکیة، وروسیا، والصین، والاتحاد الأوروبی وکذلک القوى الإقلیمیة کإیران وترکیا وإسرائیل عدة سیاسات تمکنها من السیطرة على المنطقتین، وتمثلت تلک السیاسات فی سیاسة فرق تسد، وسیاسة شد الأطراف، وسیاسة الإدارة بالأزمات.

وتعددت أدوات القوى المتنافسة ما بین أدوات عسکریة تتمثل فی إقامة قواعد عسکریة، وعمل تدریبات، أو مناورات مشترکة، وتبادل خبرات وخبراء عسکریین، وبیع أسلحة، تدخل عسکری مباشر، وأدوات اقتصادیة تتمثل فی تبادل تجاری، ومنح وقروض ومساعدات، وأدوات سیاسیة تتمثل فی تغییر نظم الحکم بنظم موالیة، وتدعیم أطراف معادیة للعرب، وخلق أزمات للدول العربیة، وأدوات إعلامیة تتمثل فی تشویة صورة العربی والأفریقی کل لدى الآخر.

ونلاحظ أن تنفیذ تلک السیاسات یصب جمیعها فی مصلحة الدول الکبرى والمتنافسة، إلا أن الدول العربیة والأفریقیة تجنی القلیل من العوائد، فالقروض والمساعدات والمنح تذهب مرة أخرى ثمناً لأسلحة تشتریها من تلک القوى الکبرى، أو أجور لخبراء ومستشارین لتلک الدول الکبرى لى الدول العربیة أو الأفریقیة، بالإضافة إلى الأزمات العدیدة التی یتم خلقها أو استغلالها لوقف عملیة التنمیة أو الوحدة لدى الدول العربیة والأفریقیة، بل یصل الأمر للإضرار بالأمن القومی لبعض الدول مثلما نتج عن استراتیجیة إسرائیل والولایات المتحدة الأمریکیة فی قارة أفریقیا فیما یتعلق بأزمة میاه النیل.

والدول العربیة والأفریقیة بالرغم مما بینهما من تاریخ مشترک، وبلدان مشترکة عربیا وأفریقیا، وموقع جیو استراتیجی، وإمکانیات وموارد عدیدة، إلا أنها تواجه العدید من الأزمات والقضایا التی تمثل تحدیات فی علاقاتهم وتحتاج تلک التحدیات إلى وضع استراتیجیة لمواجهة تلک التحدیات.

وتلک الاستراتیجیة یجب أن تقوم على عنصری الإدراک والاستمراریة، فلابد لکل من الدول العربیة والأفریقیة أن تدرک وتؤمن بضرورة العمل المشترک معاً، وأن یدرکوا الخطر علیهما من تنافس القوى الدولیة، وأن یضعوا آلیة للتواصل المستمر، وبناء مؤسسات مشترکة لتنسیق العمل حتى فی أوقات الأزمات، وتغییر الصورة الإعلامیة لکل طرف لدى الآخر، کما تحتاج الدول العربیة والأفریقیة إلى زیادة التبادل التجاری وأن تکون هناک أولویة ومعاملات تفصیلیة بین الدول العربیة والأفریقیة.

کما یجب تفعیل التعاون العربی مع الاتحاد الافریقی بخصوص نزاعات الحدود فی افریقیا، والتوصل لتفاهمات ومواقف متناسقة معه بخصوص القضایا السیاسیة والأمنیة الرئیسیة التی تهم الطرفین مثل قضایا: مکافحة التطرف والإرهاب، ومکافحة الفساد، وحقوق الانسان، ومشاکل النازحین، واللجوء الإقلیمی.



[2] - د. ممدوح محمود مصطفی منصور، سیاسات التحالف الدولی، دراسة فی أصول نظریة التحالف ودور الأحلاف فی توازن القوى واستقرار الأنساق الدولیة، مکتبة مدبولی، القاهرة، 1997، ص. 39.

[3] - حمدی محمد نذیر، ظاهرة التنافس الدولی فى العلاقات الدولیة، المرکز الدیمقراطی العربی،

http://democraticac.de/?p=1775

[4]-Conway W.Henderson, “International Relations: Conflict and cooperation at the turn of the 21st century, The McGraw-Hill companies, Inc., Printed in Singapore, 1998, P. 21.

[5] - د. ممدوح محمود مصطفی منصور، مرجع سابق، ص. 17.

[6]- Charles L. Glaser, Rational Theory of International Relations: The Logic of Competition and Cooperation, foreign affairs, November/December 2010,

 https://www.foreignaffairs.com/reviews/capsule-review/2010-11-01/rational-theory-international-relations-logic-competition-and

[7]- David Held, “Democracy and the Global Order: From the Modern State to Cosmopolitan Governance”, Polity Press, London, 1995, P.p.77-78.

[8]- Gabriel A. Almond& G. Bingham Powell, JR., Comparative Politics Today: A World View, Library of Congress, U.S.A., 3ed ed., 1984, P.14.

[9]- د . ممدوح محمود مصطفى منصور، مرجع سابق، ص 16 . وانظر أیضاً:

-Alexander Clackson, Conflict and Cooperation in International Relations, Feb 1 2011, 32484 views, http://www.e-ir.info/2011/02/01/conflict-and-cooperation-in-international-relations/

[10]- شریفة فاضل محمد بلاط، أنماط العلاقة بین الدول الکبرى والدول  الصغرى مع التطبیق على نموذج أزمة لوکیربى، رسالة ماجستیر، مکتبة کلیة التجارة جامعة بورسعید، 2003، ص. 50.

3 - أمین هویدى، "إدارة الأزمات فى ظل النظام العالمى المراوغ"، السیاسة الدولیة، القاهرة، عدد113، أبریل1993، ص177 -180، ص 177.

[12]- د. عبد الخالق عبد الله، النظام العالمى الجدید..الحقائق والأوهام، السیاسة الدولیة، القاهرة، عدد 124، أبریل 1996، ص 36– 59، ص 42. وانظر أیضاً:

-Norrin M. Ripsman, T.V. Paul, Globalization and the National Security State, Foreign affairs, November/December 2010 Issue,

https://www.foreignaffairs.com/reviews/capsule-review/2010-11-01/globalization-and-national-security-state

[13] -   هشام الهبیشان ، سیاسة فرق تسد (نظره تاریخیه)، الحوار المتمدن، العدد: 4343 – 23/1/ 2014،

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=397238

[14] -  نورا أسامة عبد القادر، مرجع سابق.

[15] -  شریف دلاور، السطو على العالم: التنمیة والدیمقراطیة فی قبضة الیمین المتطرف، الهیئة المصریة العامة للکتاب، القاهرة، 2012، ص. 130.

[16] -  د. حمدی عبد الرحمن، السیاسة الأمریکیة تجاه أفریقیا من العزلة إلى الشراکة، السیاسة الدولیة، مرکز الأهرام للدراسات السیاسیة والاستراتیجیة، القاهرة، عدد 144، أبریل 2001، ص.ص. 192- 198، ص. 193.

[17] -  شریف دلاور، مرجع سابق، ص. 151.

[18] - د. السید أمین شلبی، الجدل حول مستقبل القوة الأمریکیة فی الفکر الاستراتیجی الأمریکی، الهیئة المصریة العامة للکتاب، القاهرة، 2014، ص.18.

[19] - عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج، السیاسة الأمریکیة الجدیدة تجاه أفریقیا: "الفرص والتحدیات"، بوابة إفریقیا الإخباریة، Jan 18, 2014،                                                                       http://afrigatenews.net/node/1569

[20] - سهرة قاسم محمد حسین، الصعود الصینی وتأثیره على الهیمنة الأمریکیة فی الشرق الأوسط، مکتبة جزیرة الورد، القاهرة،2013، ص. 84.

[21] - صوفی هارمان، وویلیام براون، المکانة المتغیرة للقارة الأفریقیة فی العلاقات الدولیة، ترجمة: على الحداد، فی: دوریة آفاق أفریقیة، الهیئة العامة للاستعلامات، القاهرة، المجلد 12، العدد 41، دیسمبر 2014، ص.ص131- 136، ص.134.

[22] - د. سامی محمد السیاغی، د. سامی محمد السیاغی، التعاون الاقتصادی والتجاری بین أفریقیا والعالم العربی: "بین تحدیات الواقع وفرص بناء المستقبل"، ورقة عمل مقدمة لاجتماع غرف التجارة والصناعة فی أفریقیا والعالم العربی، الرباط - المملکة المغربیة، 2012، ص. 25.

[23] - محمود عراقی، الوجود الصینی فی أفریقیا: رؤیة تحلیلیة للعلاقات الصینیة- الأفریقیة، فی: آفاق أفریقیة، الهیئة العامة للاستعلامات، القاهرة، المجلد 12، العدد 41، دیسمبر 2014 ، ص.ص. 137- 144، ص. 138.

[24] - أمنیة محسن عمر أحمد الزیات، السیاسة الخارجیة الصینیة تجاه إفریقیا “1991-2015”، المرکز الدیمقراطی العربی، 19 أغسطس 2016،  http://democraticac.de/?p=35916 

[25] - الحسن الحسناوی، التنافس الدولی فی أفریقیا.. الأهداف والوسائل ، 01 مایو 2011،

http://estqlal.com/article.php?id=31728

[26] - الحسن الحسناوی، مرجع سابق.

[27] -  أطماع فرنسا فی إفریقیا تعود من جدید، 29 نوفمبر 2013،

https://www.noonpost.org/content/1106

[28] -  حسنی عماد حسنی العوضی، روسیا وإعادة إکتشاف أفریقیا من جدید: سیناریوهات”التعاون والمصالح والمخاطر”، المرکز الدیمقراطی العربی،3 فبرایر 2017،                                http://democraticac.de/?p=43279

[29] - تمیم هانی خلاف، العلاقات الأفرو- إسرائیلیة بین الأهداف والمصالح، السیاسة الدولیة، مرکز الأهرام للدراسات السیاسیة والاستراتیجیة، القاهرة، عدد 144، أبریل 2001، ص.ص. 199- 204، ص. 201.

[30] - د. سامی صبری عبد القوی سید، العلاقات الإثیوبیة- الإسرائیلیة وانعکاساتها على الأمن القومی العربی 1961- 1993م، الاستقلال، مرکز الاستقلال للدراسات الاستراتیجیة والاستشارات، العدد السادس، ینایر 2017، القاهرة، ص.ص. 134- 138، ص. 134.

[31] - د. زبیدة محمد عطا، الأطماع الإسرائیلیة فی أفریقیا والنیل، عین للدراسات والبحوث الإنسانیة والاجتماعیة، القاهرة، 2016، ص. 29.

[32] -  د. عادل عامر، الدور الإسرائیلی فی أثیوبیا وتأثیرها علی سد النهضة، ١٤ نیسان (أبریل) ٢٠١٥،

 http://www.diwanalarab.com/spip.php?article41424

[33] - د. سمر إبراهیم محمد، السیاسة الإسرائیلیة تجاه أفریقیا: حالة القرن الأفریقی، الجزیرة للنشر والتوزیع، القاهرة، 2009، ص. 136.

[34] - د. زبیدة محمد عطا، مرجع سابق، ص. 31.

[35] - د. جمال على زهران، مصر تقول لا وتتجه شرقاً: تحولات السیاسة الخارجیة المصریة بعد ثورتی 25 ینایر، 30 یونیو، مرکز الاستقلال للدراسات الاستراتیجیة والاستشارات، القاهرة، 2017، ص. 211.

[36] -أحمد عسکر، السعودیة وإیران وترکیا: صراع النفوذ فی شرق أفریقیا، 4/5/ 2017،

https://www.ida2at.com/saudi-arabia-iran-and-turkey-influence-in-east-africa/+&cd=6&hl=ar&ct=clnk&gl=eg

[37] -  مظفر مؤید العانی، ترکیا والقارة الأفریقیة.. علاقات متنامیة، 3 أبریل 2016،

https://www.turkey-post.net/p-122206/

[38] - مصطفى صلاح، الدور الترکی فی أفریقیا.. اقتصاد یحرک السیاسة، مرکز البدیل للتخطیط والدراسات الاستراتیجیة، 11 نوفمبر 2017،

https://elbadil-pss.org/2017/11/11/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D9%8A%D8%AD%D8%B1%D9%83-%D8%A7%D9%84/

[39] -  نورا أسامة عبد القادر، مرجع سابق.

[40] -  عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج، التنافس الدولى على موارد القارة الإفریقیة، 03 - 07 – 2010،

https://www.sudaress.com/sudanile/16577

[41] -  د. یوسف مکی، العلاقات العربیة – الإفریقیة، تاریخ النشر: 24/10/2017،

http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/17E36814-2F0A-4E41-8400-C1A76CF500CD 

[42] -  د. عبدالله درامی، نشأة وتطور العلاقات العربیة الأفریقیة ونموذج العلاقات بین السنغال والمملکة العربیة السعودیة، المکتبة المکیة، السعودیة، 2000، ص. 25.

[43] -  نورا أسامة عبد القادر، العلاقات العربیة – الإفریقیة.. عوامل الصراع ومستقبل التعاون، 2017-03-12،

http://www.qiraatafrican.com

[44] - د. سامی محمد السیاغی، مرجع سابق، ص. 7.

[45] - إستراتیجیة الشراکة الأفریقیة  العربیة، القمة الأفریقیة العربیة الثانیة، سرت – الجماهیریة العظمى – 10/10/2010، خطة عمل الشراکة الأفریقیة العربیة 2011 – 2016.       JUX Mega Menu - модуль joomla Видео

وانظر أیضاً: موسوعة التکامل الاقتصادی العربی الأفریقی، 15کانون1/دیسمبر 2014،                                                 

       https://www.enaraf.org/page/12

[46] -  جریدة الشرق الأوسط، الأحد - 4 ذو الحجة 1438 هـ - 27 أغسطس 2017 م، رقم العدد 14152.

[47] - د. سامی محمد السیاغی، مرجع سابق، ص. 8.

  1. قائمة المراجع

    أولاً: المراجع العربیة:

    أ-الکتب:

    1. د. السید أمین شلبی، الجدل حول مستقبل القوة الأمریکیة فی الفکر الاستراتیجی الأمریکی، الهیئة المصریة العامة للکتاب، القاهرة، 2014.
    2. د. جمال على زهران، مصر تقول لا وتتجه شرقاً: تحولات السیاسة الخارجیة المصریة بعد ثورتی 25 ینایر، 30 یونیو، مرکز الاستقلال للدراسات الاستراتیجیة والاستشارات، القاهرة، 2017.
    3. د. زبیدة محمد عطا، الأطماع الإسرائیلیة فی أفریقیا والنیل، عین للدراسات والبحوث الإنسانیة والاجتماعیة، القاهرة، 2016.
    4. سهرة قاسم محمد حسین، الصعود الصینی وتأثیره على الهیمنة الأمریکیة فی الشرق الأوسط، مکتبة جزیرة الورد، القاهرة،2013.
    5. د. سمر إبراهیم محمد، السیاسة الإسرائیلیة تجاه أفریقیا: حالة القرن الأفریقی، الجزیرة للنشر والتوزیع، القاهرة، 2009.
    6. شریف دلاور، السطو على العالم: التنمیة والدیمقراطیة فی قبضة الیمین المتطرف، الهیئة المصریة العامة للکتاب، القاهرة، 2012.
    7. عبدالله درامی، نشأة وتطور العلاقات العربیة الأفریقیة ونموذج العلاقات بین السنغال والمملکة العربیة السعودیة، المکتبة المکیة، السعودیة، 2000.
    8. ممدوح محمود مصطفی منصور، سیاسات التحالف الدولی، دراسة فی أصول نظریة التحالف ودور الأحلاف فی توازن القوى واستقرار الأنساق الدولیة، مکتبة مدبولی، القاهرة، 1997.

    ب- البحوث والدراسات:

    1-  أمین هویدى، "إدارة الأزمات فى ظل النظام العالمى المراوغ"، السیاسة الدولیة، القاهرة، عدد113، أبریل1993، ص177 -180.

    2-  تمیم هانی خلاف، العلاقات الأفرو- إسرائیلیة بین الأهداف والمصالح، السیاسة الدولیة، مرکز الأهرام للدراسات السیاسیة والاستراتیجیة، القاهرة، عدد 144، أبریل 2001، ص.ص. 199- 204.

    3-  د. حمدی عبد الرحمن، السیاسة الأمریکیة تجاه أفریقیا من العزلة إلى الشراکة، السیاسة الدولیة، مرکز الأهرام للدراسات السیاسیة والاستراتیجیة، القاهرة، عدد 144، أبریل 2001، ص.ص. 192- 198.

    4-  د. سامی صبری عبد القوی سید، العلاقات الإثیوبیة- الإسرائیلیة وانعکاساتها على الأمن القومی العربی 1961- 1993م، الاستقلال، مرکز الاستقلال للدراسات الاستراتیجیة والاستشارات، العدد السادس، ینایر 2017، القاهرة، ص.ص. 134- 138.

    5-  د. سامی محمد السیاغی، التعاون الاقتصادی والتجاری بین أفریقیا والعالم العربی"بین تحدیات الواقع وفرص بناء المستقبل"، ورقة عمل مقدمة لاجتماع غرف التجارة والصناعة فی أفریقیا والعالم العربی، الرباط - المملکة المغربیة، 2012.

    6-  د. شریفة فاضل محمد بلاط، أنماط العلاقة بین الدول الکبرى والدول  الصغرى مع التطبیق على نموذج أزمة لوکیربى، رسالة ماجستیر، مکتبة کلیة التجارة جامعة بورسعید، 2003.

    7-  صوفی هارمان، وویلیام براون، المکانة المتغیرة للقارة الأفریقیة فی العلاقات الدولیة، ترجمة: على الحداد، فی: دوریة آفاق أفریقیة، الهیئة العامة للاستعلامات، القاهرة، المجلد 12، العدد 41، دیسمبر 2014، ص.ص131-136.

    8-  د. عبد الخالق عبد الله، النظام العالمى الجدید..الحقائق والأوهام، السیاسة الدولیة، القاهرة، عدد 124، أبریل 1996، ص 36– 59.

    9-  محمود عراقی، الوجود الصینی فی أفریقیا: رؤیة تحلیلیة للعلاقات الصینیة- الأفریقیة، فی: آفاق أفریقیة، الهیئة العامة للاستعلامات، القاهرة، المجلد 12، العدد 41، دیسمبر 2014 ، ص.ص. 137- 144.

    ج-مواقع الکترونیة عربیة:

    [1] - https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%d8%aa%d9%86%d8%a7%d9%81%d8%b3/

    2-أحمد عسکر، السعودیة وإیران وترکیا: صراع النفوذ فی شرق أفریقیا، 4/5/ 2017،

    https://www.ida2at.com/saudi-arabia-iran-and-turkey-influence-in-east-africa/+&cd=6&hl=ar&ct=clnk&gl=eg

    3-الحسن الحسناوی، التنافس الدولی فی أفریقیا.. الأهداف والوسائل ، 01 مایو 2011،

    http://estqlal.com/article.php?id=31728

    4-أمنیة محسن عمر أحمد الزیات، السیاسة الخارجیة الصینیة تجاه إفریقیا “1991-2015”، المرکز الدیمقراطی العربی، 19 أغسطس 2016،                                                        http://democraticac.de/?p=35916

    5-حسنی عماد حسنی العوضی، روسیا وإعادة إکتشاف أفریقیا من جدید: سیناریوهات”التعاون والمصالح والمخاطر”، المرکز الدیمقراطی العربی،3 فبرایر 2017،                                         http://democraticac.de/?p=43279

     

    6- حمدی محمد نذیر، ظاهرة التنافس الدولی فى العلاقات الدولیة، المرکز الدیمقراطی العربی،

    http://democraticac.de/?p=1775

    7 -  عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج، التنافس الدولى على موارد القارة الإفریقیة، 03 - 07 – 2010،

    https://www.sudaress.com/sudanile/16577

    8- ـــــــــــــــ، السیاسة الأمریکیة الجدیدة تجاه أفریقیا: "الفرص والتحدیات"، بوابة إفریقیا الإخباریة، 18یونیو 2014                                                                            http://afrigatenews.net/node/1569

    9 -مصطفى صلاح، الدور الترکی فی أفریقیا.. اقتصاد یحرک السیاسة، مرکز البدیل للتخطیط والدراسات الاستراتیجیة، 11 نوفمبر 2017،

    https://elbadil-pss.org/2017/11/11/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D9%8A%D8%AD%D8%B1%D9%83-%D8%A7%D9%84/

    10- مظفر مؤید العانی، ترکیا والقارة الأفریقیة.. علاقات متنامیة، 3 أبریل 2016،

    https://www.turkey-post.net/p-122206/

    11- نجم الدین محمد عبدالله جابر، الوجود الإسرائیلی فی إفریقیا دوافعه وأدواته (دراسة)،الصحراوی، 18 یونیو 2017،                              

    http://www.saharawi.net/?p=22063

    12-  نورا أسامة عبد القادر، العلاقات العربیة – الإفریقیة.. عوامل الصراع ومستقبل التعاون، 2017-03-12،

    http://www.qiraatafrican.com

    13-  د. یوسف مکی، العلاقات العربیة – الإفریقیة، تاریخ النشر: 24/10/2017،

    http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/17E36814-2F0A-4E41-8400-C1A76CF500CD 

    14 -   هشام الهبیشان ، سیاسة فرق تسد (نظره تاریخیه)، الحوار المتمدن، العدد: 4343 – 23/1/ 2014،

    http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=397238

    15-إستراتیجیة الشراکة الأفریقیة  العربیة، القمة الأفریقیة العربیة الثانیة، سرت – الجماهیریة العظمى – 10/10/2010، خطة عمل الشراکة الأفریقیة العربیة 2011 – 2016.          JUX Mega Menu - модуль joomla Видео

    16-موسوعة التکامل الاقتصادی العربی الأفریقی، الإثنین، 15 کانون1/دیسمبر 2014،

    https://www.enaraf.org/page/12

    ثانیاً: المراجع الأجنبیة:

    A)Books:

    1-  Conway W.Henderson, “International Relations: Conflict and cooperation at the turn of the 21st century, The McGraw-Hill companies, Inc., Printed in Singapore, 1998.

    2-  David Held, “Democracy and the Global Order: From the Modern State to Cosmopolitan Governance”, Polity Press, London, 1995.

    3-  Gabriel A. Almond& G. Bingham Powell, JR., Comparative Politics Today: A World View, Library of Congress, U.S.A., 3ed ed., 1984.

    B) Sides of Internet:

    1-Alexander Clackson, Conflict and Cooperation in International Relations, Feb 1 2011, 32484 views, http://www.e-ir.info/2011/02/01/conflict-and-cooperation-in-international-relations/

    2-Charles L. Glaser, Rational Theory of International Relations: The Logic of Competition and Cooperation, foreign affairs, November/December 2010,

     https://www.foreignaffairs.com/reviews/capsule-review/2010-11-01/rational-theory-international-relations-logic-competition-and

    3-Norrin M. Ripsman, T.V. Paul, Globalization and the National Security State, Foreign affairs, November/December 2010 Issue,

    https://www.foreignaffairs.com/reviews/capsule-review/2010-11-01/globalization-and-national-security-state