دور الاستثمار الأجنبي المباشر في نقل التکنولوجيا إلى مصر: دراسة قياسية على قطاع الطاقة المصري

نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة

المؤلف

کلية التجارة جامعة دمياط

المستخلص

يهدف هذا البحث إلى دراسة دور صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (والتي تنطوي على نقل التکنولوجيا) في إنتاج الکهرباء من مصادر الطاقة المتجددة (غير المائية) في مصر خلال الفترة (1974- 2018) باستخدام کل من المنهجين الوصفي والقياسي. وقد تم تقسيم البحث إلى ثلاثة أجزاء: الجزء الأول ويتمثل في استعراض الإطار النظري وأهم الأدبيات الاقتصادية السابقة، الجزء الثاني ويتمثل في العلاقة بين صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر ونقل التکنولوجيا وقطاع الطاقة في مصر، الجزء الثالث ويتمثل في قياس دور صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في نقل التکنولوجيا بالتطبيق على قطاع الطاقة المصري باستخدام منهجية الانحدار الذاتي للفجوات الزمنية الموزعة ARDL. وتوصلت الدراسة إلى أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر (والتي تنطوي على عملية نقل التکنولوجيا إلى الاقتصاد المصري (ITT تؤثر إيجابيًا ومعنويًا على إنتاج الکهرباء من مصادر الطاقة المتجددة. This research aims to study the role of net foreign direct investment flows (which involve technology transfer) in the production of electricity from renewable energy resources (non-hydro) in Egypt during the period (1974-2018) using both descriptive and econometric approaches. The research has been divided into three parts: the first part is a review of the theoretical framework and the most important previous economic literature, the second part is the relationship between net foreign direct investment, .

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


مقدمة:

تعتبر التكنولوجيا من أهم العناصر الفعالة في عملية التنمية الاقتصادية، حيث تساهم في دعم القدرة الإنتاجية للاقتصاد القومي من خلال ابتكار أساليب جديدة في الإنتاج وتطوير الأساليب الإنتاجية القائمة ومن ثم تخفيض تكاليف الإنتاج، بالإضافة إلى دعم رأس المال البشري المُستخدم في العملية الإنتاجية عن طريق إمداده ببرامج التعليم والتدريب المطلوبة ومن ثم زيادة كفاءته ورفع معدل النمو الاقتصادي في الدولة. وتعاني العديد من الدول النامية من تفاوت كبير في المستوى التكنولوجي المسجل بها ونظيره المسجل في الدول المتقدمة، ويتضح ذلك عندما تعجز الأولى عن استثمار ما لديها من رؤوس أموال بسبب نقص القدرات التكنولوجية والقوي العاملة ذات الكفاءة العالية وهو ما يُطلق عليه الفجوة التكنولوجية أو فجوة الطاقة الاستيعابية The absorptive Capacity Gap تودارو( 2009).

لذلك اتجهت معظم الدول النامية ومن أهمها مصر في العقود الأخيرة إلى نقل التكنولوجيا من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر ((FDI، فهو ليس مجرد وسيلة لتمويل برامج التنمية الاقتصادية بل يمكن استخدامه أيضًا كآلية لنقل التكنولوجيا سواء تمثلت تلك التكنولوجيا في الجزء المادي المتضمن للآلات والمعدات والأجهزة التي تنطوي على التكنولوجيا الحديثة أو الجزء المتمثل في استقدام الخبراء الأجانب من الخارج لتنمية مهارات وقدرات العنصر البشري وإمداده بالمعرفة اللازمة لأداء المهام التطبيقية.

وبسبب توافر مصادر الطاقة المتجددة في مصر وعلى رأسها طاقة الرياح والطاقة الشمسية أُنشأت هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة المصرية عام (1986) لتوليد الطاقة الكهربائية وإجراء اختبارات تحسين كفاءة الطاقة وترشيد استخداماتها، حيث تم إصدار كل من أطلسي الرياح والشمس لتحديد أكثر المواقع الملائمة من الناحيتين الاقتصادية والفنية لإنشاء مشروعات توليد الطاقة الكهربائية من هذين المصدرين للطاقة المتجددة.

وقد تزايد اهتمام الدولة المصرية في الآونة الأخيرة بضرورة استخدام مصادر الطاقة المتجددة (غير المائية) في توليد الطاقة الكهربائية، ويرجع ذلك إلى العديد من العوامل من أهمها عدم استقرار أسواق الطاقة التقليدية، حيث قررت إحدى الدراسات أن احتياطيات الاقتصاد المصري من النفط الخام ستنفذ خلال الأعوام الخمسة عشر القادمة (Salah et al ( 2022، بالإضافة إلى ارتفاع معدل الطلب على خدمات الكهرباء، فقد ازداد الطلب على الكهرباء بنسبة كبيرة تطلب إضافة قدرات مركبة من (5,1 -6) جيجاوات سنويًا (التقرير السنوي لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة 2019/2020)، وكذلك حماية البيئة من التلوث الناتج عن حرق الوقود الأحفوري وذلك تماشيًا مع أهداف التنمية المستدامة المتمثلة بشكل أساسي في تلبية الاحتياجات المتزايدة لكل من الأجيال الحالية والمستقبلية، فمن المتوقع حدوث زيادة في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة (125%) خلال الفترة من (2012) حتي (2035) إذا تم مقابلة احتياجات الطلب المصري على الطاقة من مصادر الطاقة التقليدية Salah et al., previously mentioned (2022). وانطلاقًا من أهمية توليد الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة وإمكانية استخدام (FDI) في نقل التكنولوجيا إلى الاقتصاد المصري يمكن دراسة دور (FDI) في نقل التكنولوجيا إلى قطاع الطاقة المصري بالتركيز على قطاع الكهرباء.

مشكلة الدراسة:

أدي تطبيق سياسة الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي التي ينصح بها صندوق النقد الدولي في مصر وتحرير أسعار معظم السلع والخدمات وصولاً إلى الأسعار الاقتصادية إلى ارتفاع أسعار خدمة الكهرباء في مصر بسبب سياسة إزالة الدعم التدريجي عن المواد البترولية (فقد بلغت قيمة دعم المواد البترولية في الموازنة العامة للدولة عام 2021/2022 حوالي 18.4 مليار جنيه مقابل 120,8 مليار جنيه عام 2017/2018) (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، مجلس الوزراء المصري)، لذلك يتحتم على الدولة البحث عن إنتاج هذه الخدمة بتكاليف أقل، حتى يمكن تقديمها بأسعار تتناسب مع الدخول الحقيقية للمواطنين- مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الخدمة من الخدمات الضرورية- وتستطيع الحكومة المصرية القيام بذلك من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة خاصةً في ظل زيادة صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الاقتصاد المصري في الآونة الأخيرة. ومن هنا تتمثل مشكلة الدراسة في مدى مساهمة صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر (والتي تنطوي على نقل التكنولوجيا) في زيادة إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة (غير المائية).

فرضية الدراسة:

تفترض الدراسة أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (والتي تنطوي على نقل التكنولوجيا) قد تؤثر إيجابيًا إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة (غير المائية) في مصر خلال الفترة (1974- 2018).

هدف الدراسة:

يهدف هذا البحث إلى اختبار فرضية الدراسة المذكورة من خلال قياس دور صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (والتي تنطوي على نقل التكنولوجيا) في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة (غير المائية) خلال الفترة (1974- 2018).

ويرجع اختيار تلك الفترة إلى تبني مصر سياسة الانفتاح الاقتصادي وفتح الأبواب للاستثمار الخاص المحلي والأجنبي في السنوات التالية لحرب أكتوبر لتنشيط الاستثمار في الدولة، بينما كان هناك قصور في البيانات بعد عام (2018) على قاعدة بيانات البنك الدولي.

 وقد تم التركيز على إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة وليست النفطية بسبب الضغوط المتزايدة على مصادر الوقود الأحفوري (مصادر الطاقة غير المتجددة)، ومن ثم التأثير سلبيًا على البيئة المحلية والعالمية والذي يمثل أحد أهم أسباب التغيرات المناخية في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى حاجة الاقتصاد المصري إلي التوجه إلى مصادر طاقة أنظف غير ملوثة للبيئة وهو ما يواكب أهداف التنمية البيئية المستدامة، وكذلك رغبة الحكومة المصرية في تنويع مصادر الطاقة لذلك اعتمدت الحكومة المصرية على مصادر الطاقة المتجددة وخاصة طاقتي الرياح والشمس في إقامة مشروعات لتوليد الكهرباء سواء كانت مشروعات حكومية تقدمها هيئة الطاقة المتجددة أو مشروعات مشتركة مع القطاع الخاص.

منهجية الدراسة:

يستخدم البحث المنهج الاستنباطي في تحديد أهم ما يتعلق بالاستثمار الأجنبي المباشر ودوره في عملية نقل التكنولوجيا وكذلك قطاع الطاقة المصري بالتركيز على قطاع الكهرباء، بالإضافة إلى قياس دور صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (والتي تنطوي على نقل التكنولوجيا) في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة غير المائية في مصر خلال الفترة محل الدراسة (1974- 2018) وذلك بالاعتماد على البيانات الواردة على قاعدة بيانات البنك الدولي.

خطة الدراسة:

ينقسم البحث إلى ثلاثة أجزاء بخلاف المقدمة كما يلي:

الجزء الأول: الإطار النظري وأهم الأدبيات الاقتصادية السابقة.

الجزء الثاني: الاستثمار الأجنبي المباشر ونقل التكنولوجيا وقطاع الطاقة في مصر.

الجزء الثالث: قياس دور الاستثمار الأجنبي المباشر في نقل التكنولوجيا بالتطبيق على قطاع الطاقة المصري.

الجزء الأول: الإطار النظري وأهم الأدبيات الاقتصادية السابقة:

يمكن استعراض الإطار النظري للبحث وأهم الأدبيات الاقتصادية السابقة كما يلي:

 الإطار النظري للبحث:

إن هدف الدول النامية من الحصول على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر ليس فقط سد فجوة الموارد المحلية التي تعاني منها هذه الدول، بل أيضًا وسيلة لحصول اقتصادات تلك الدول على التكنولوجيا الحديثة.

ويشير مصطلح الاستثمار الأجنبي المباشر ( (FDI بشكل عام إلى مشاركة طويلة الأجل من جانب دولة ما لدولة أخرى، وتكون هذه المشاركة في الإدارة، والمشروعات، ونقل التكنولوجيا، والخبرات. وقد تعدد تعريفات الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث يرى صندوق النقد الدولي بأنه " قيام شركة بالاستثمار في مشروع يقع خارج حدود الدولة الأم بهدف التأثير على عمليات هذا المشروع، ويكون الاستثمار الأجنبي مباشر إذا كان المستثمر الأجنبي يمتلك (10%) أو أكثر من أسهم رأس المال المشروع على أن ترتبط تلك الملكية بالمشاركة في إدارة المؤسسة"، في حين تعرف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الاستثمار الأجنبي المباشر بأنه " النشاط الذي يقوم به مستثمر من أجل الحصول على منفعة دائمة وتأثير يسمح له بإدارة وحدة الأعمال خارج بلده الأصلي"، أما منظمة التجارة العالمية تقرر أن "الاستثمار الأجنبي المباشر يتحقق عندما يمتلك مستثمر ما ينتمي إلى دولة معينة (الدولة الأم Home country) أصلاً إنتاجيًا في دولة أخرى (Host country)" (الدسوقي، 2019).

وهناك نوعان من ((FDI وهما تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل، وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الخارج والذي ينتج عنهما صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (سواء كان موجبًا أو سالبًا) . Osano and Koine (2016) ويأخذ ((FDI عدة أشكال من حيث الملكية تتمثل أهمها فيما يلي (سعد الدين، ونايف، 2015):

 الاستثمارات المملوكة بالكامل للمستثمر الأجنبي Wholly Owned FDI: تعتبر أكثر أنواع الاستثمار الأجنبي المفضل لدى الشركات متعددة الجنسيات، حيث يتيح هذا النوع من الاستثمارات للمستثمر الأجنبي إنشاء فروع للإنتاج داخل الدولة المضيفة وتنظيم العلاقة بين الشركة الأم في المركز الرئيسي والفرع في الدولة المضيفة من حيث اختصاصات الفرع ونوعية النشاط وفقًا لما تم الاتفاق عليه مع الدولة المضيفة. وغالبًا ما تتردد الدولة المضيفة (خاصةً النامية) في الدخول في هذا النوع من الاستثمارات بسبب تخوفها من الوقوع في التبعية الاقتصادية للدولة الأجنبية المستثمِرة، وعلى الرغم من ذلك تم استخدام هذا النوع من الاستثمارات في الدول النامية كوسيلة لجذب المزيد من (FDI) إليها.

 الاستثمار في مشروعات البنية الأساسية Building Operating Transfer (BOT): ويُقصد به تولي مستثمر من القطاع الخاص تمويل مشروع من مشروعات البنية الأساسية مثل بناء محطات الكهرباء، والمطارات، والطرق حيث يقوم بتشغيله وإدارته لمدة متفق عليها مع الدولة المضيفة يستطيع خلالها تغطية كل التكاليف التي تحملها، بالإضافة إلى تحقيق أرباح من خلال العوائد والرسوم التي يدفعها مستخدمو هذا المشروع، وبعد انتهاء مدة الامتياز يتم نقل المشروع إلى الدولة، لذلك يعتبر نظام BOT آلية لتمويل مشروعات البنية الأساسية بعيدًا عن موارد الدولة.

 الشركات متعددة الجنسيات Multinational Companies: يمكن القول الشركات متعددة الجنسيات الصورة الواضحة للاستثمار الأجنبي المباشر، حيث تتميز بانتشار فروعها في جميع أنحاء العالم وكذلك ضخامة إنتاجها وتنوع أنشطتها واحتكارها لأحدث وسائل التكنولوجيا الحديثة.

أما عن أنواع ((FDI من حيث كيفية دخوله إلى السوق المحلي للدولة المضيفة فتتمثل أهمها فيما يلي (Zeqiri and Bajrami (2016:

 عمليات الدمج والاستحواذ Mergers and Acquisitions: تتم عمليات الدمج والاستحواذ عند نقل الأصول الحالية للشركات المحلية للدولة المضيفة إلى الشركات الأجنبية، وبعبارة أخري يتم تجميع أصول وعمليات الإنتاج لشركات من مختلف دول العالم لتأسيس كيان قانوني جديد. ويمكن ألا يعود هذا النوع من ((FDI بفوائد على اقتصاد الدولة المضيفة على المدى الطويل، ويرجع ذلك إلى أنه في معظم عمليات الدمج والاستحواذ يحصل مالكوا الشركة المحلية على نصيب من أسهم الشركة مما يعني أن الأموال التي يتم الحصول عليها من البيع يمكن ألا تصل لاقتصاد الدولة المضيفة، ويمكن أن تكون الفائدة الوحيدة من هذا النوع من ((FDI هو زيادة إنتاجية القوة العاملة نتيجة اكتساب الخبرات والمهارات.

 المشروع المشترك Joint Venture: ويمكن تعريفه على أنه الاستثمار الذي تتكون فيه الكيانات الاقتصادية العابرة للقوميات من دولتين على الأقل. ويكون هذا الاستثمار في ملكية المشروع، لذلك تكون المشاركة في قرارات الإدارة وعمليات الإنتاج والتسويق وغيرها من العمليات الخاصة بالمشروع، وأهم ما يتضمنه هذا الاستثمار ما يلي أحمد (2008):

 اتفاق طويل الأجل بين طرفين أحدهما محلي والآخر أجنبي لممارسة نشاط إنتاجي معين داخل الدولة المضيفة مما يتيح الفرص لاكتساب الخبرات المطلوبة.

 لابد من التأكيد على أن المشاركة لا تعني فقط المشاركة في رأس المال، ولكن أيضًا تتضمن مشاركة الخبرات، والمعلومات، والإدارة، والتكنولوجيا.

 قد يكون المستثمر المحلي شخصية معنوية سواء كانت تابعة للقطاع العام أو الخاص.

ومن أهم العوامل يتحدد على إثرها القيام بهذا النوع من (FDI) بخلاف الربح هي حجم السوق، والمستوى التكنولوجي، والاختلاف الثقافي، وسعر الفائدة، والاستقرار السياسي وكذلك حماية حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع في الدولة المضيفة.

ولابد من ملاحظة أن الدول المضيفة (خاصةً النامية) تفضل هذا النوع من الاستثمار الأجنبي المباشر لقدرتها على مراقبة الشركة متعددة الجنسية التي تعمل على أرضها، وتخفيض درجة تحكم المستثمر الأجنبي في الاقتصاد المحلي للدولة المضيفة.

 الاستثمارات في المجالات الخضراء :Greenfield Investments ويحدث هذا النوع من الاستثمارات عندما تقوم الشركات الأجنبية بتوسيع حجم استثماراتها أو إنشاء قدرات إنتاجية جديدة في الدولة المضيفة. ويُرحب بهذا النوع من الاستثمارات بشدة من قِبل الدولة المضيفة خاصةً عندما يكون الهدف الرئيسي لهذه الدولة تخفيض معدل البطالة، ويعتبر هذا النوع من الاستثمارات الهدف الأساسي للدول المضيفة، ويرجع ذلك إلى خلق طاقة إنتاجية جديدة، والحصول على التكنولوجي، وإمكانية المنافسة في السوق العالمي للدولة المضيفة.

أما عن أهم محددات الاستثمار الأجنبي المباشر فتنقسم إلى محددات اقتصادية، ومحددات سياسية وتنظيمية، وأخري اجتماعية ( Ta et al(2021. يمكن استعراض أهمها كما يلي:

 المحددات الاقتصادية: وتتمثل تلك المحددات في مجموعة من المؤشرات من أهمها:

• البنية الأساسية Infrastructure: تشير البنية التحتية إلى البنية التحتية المنظورة Hard وتتمثل أهمها في الطرق والسكك الحديدية والموانئ وأنظمة الاتصالات السلكية واللاسلكية، والبنية التحتية غير المنظورة Soft والتي تتمثل أهمها في مؤسسات أكثر شفافية وإصلاحًا وإدارة محَسنة وبيئة مشجِعة على أداء نشاط الأعمال (Osano and Koine, previously mentioned (2016، فجودة البنية التحتية تعتبر من أهم العوامل الجاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر لأن البنية التحتية المتطورة تُمكن الشركات الأجنبية في الدولة المضيفة من تخفيض تكاليف النقل والاتصالات للأنشطة الإنتاجية التي تقوم بها تلك الشركات، وبالتالي زيادة الإنتاجية التي يُحتمل أن تتولد من تدفقات الاستثمار الأجنبي في الدولة المضيفة.

• مزايا الموقع :Locational Advantages تعتبر المزايا المكانية من أهم العوامل المحفزة للشركات متعددة الجنسيات، حيث تبحث تلك الشركات عن الموارد الاقتصادية المتمثلة في الأرض والعمل ورأس المال والموارد الطبيعية في الدول المضيفة للحصول على أقل تكاليف لمدخلات الإنتاج مقارنةً بنظيرتها في الدولة الأم، بالإضافة إلى وجود عوامل أخري تؤثر في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر للدولة المضيفة مثل الموقع الاستراتيجي للدولة، المزايا الخاصة بالدولة المضيفة مثل كبر حجم السوق المحلي، وقوة العمل الماهرة، السياسات الاقتصادية الكلية، اقتصادات التكتل والتي تنشأ بسبب الفوائد الناتجة عن اقتراب الموقع من المستثمرين الأجانب.

• رأس المال البشري Human Capital: تعرف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية رأس المال البشري بأنه " المعرفة والمهارات والكفاءات وجميع الصفات التي تتجسد في الأفراد والتي تُمكن الدولة من خلق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية ". يمكن القول إن تواجد العمالة ذات المهارة المرتفعة، والقادرة على التعامل مع الآلات والتكنولوجيا بشكل أكثر كفاءة، والتكيف مع التغييرات الجديدة بسهولة يؤدي إلى ارتفاع إنتاجية عنصر العمل، وكل ذلك يؤثر إيجابيًا على تدفقات FDI الواردة إلى الدولة المضيفة.

• التكنولوجيا Technology: تري الدول النامية أن الاستثمار الأجنبي المباشر أحد أهم قنوات نقل التكنولوجيا إليها من اقتصادات دول العالم المتقدم. فيعتبر نقل التكنولوجيا من دولة لأخرى أحد المصادر الهامة لنمو الإنتاجية المحلية ورفع مستويات المعيشة في الدول المضيفة (Tocar (2018، ويرجع ذلك إلى سببين الأول: تُحسن الشركات المحلية من إنتاجيتها نتيجة تقليد التكنولوجيا المستخدمة في الإنتاج للشركات متعددة الجنسيات التي تعمل على أراضيها (بعد الحصول على التراخيص اللازمة)، والثاني: قد تزداد حدة المنافسة بين الشركات المحلية والشركات متعددة الجنسيات الأمر الذي قد يجبر الشركات المحلية على زيادة الإنتاجية (في حين أنه قد تؤدي المنافسة إلى العكس أي انخفاض الإنتاجية للشركات المحلية إذا كانت التكاليف الحدية المنخفضة للشركات متعددة الجنسيات تحفز على زيادة الإنتاجية مقارنةً بنظيرتها المحلية، ففي هذه الحالة دخول الشركات الأجنبية السوق المحلي يجعلها تستحوذ على طلب*السوق المحلي مما يجبر الشركات المحلية على خفض إنتاجها).

• سياسات جذب الاستثمار الأجنبي المباشر FDI Attraction Policies: يمكن تقسيم سياسات الحكومة تجاه FDI من حيث الهدف إلى ثلاثة أقسام: (1) جذب FDI (2) رفع مستوى FDI (3) تعزيز روابط FDI بالشركات المحلية. وهناك العديد من السياسات التي يمكن أن تتبعها الحكومة لجذب FDI مثل الحوافز الضريبية، وتخفيض الضرائب الجمركية، والإجراءات الإدارية الفعالة.

• مستويات المعيشة :Standards of Living يشير مصطلح مستويات المعيشة إلى كمية ونوعية السلع والخدمات المتاحة لأفراد المجتمع. وبشكل عام يتضمن هذا المصطلح الدخل، الناتج المحلي الإجمالي، نمو الاقتصاد القومي، الاستقرار السياسي والاقتصادي، وجودة البيئة والمناخ وغيرها. ويعتبر مستويات المعيشة من أهم محددات FDI لأنه مؤشر على مدي قدرة الدولة على المنافسة والتي تعني مستوى عالٍ من الإنتاجية، وبالتالي ارتفاع معدل العائد على الاستثمار (وهو الهدف الأساسي عند اختيار المستثمر الأجنبي للبلد المضيف).

 المحددات سياسية وتنظيمية Political and Institutional Factors: تؤثر البيئة السياسية والتنظيمية على عملية اتخاذ المستثمر الأجنبي لقرار الاستثمار في البلد المضيف، ومن أهم أمثلة المحددات السياسية والتنظيمية: الاستقرار السياسي والفساد، فقد وجدت منظمة الشفافية الدولية أنه كلما ارتفعت درجة الاستقرار السياسي ومؤشر مدركات الفساد دل ذلك على بيئة أعمال أقل فسادًا، مما يشير إلى زيادة تدفق FDI الوارد. وهناك محددات أخري للبيئة السياسية والتنظيمية مثل معدلات الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات، ومستوى تدخل الدولة المضيفة في النشاط الاقتصادي اللذان يؤثران سلبيًا على تدفقات FDI، أما عن عامل حقوق الملكية الفكرية كأحد العوامل التنظيمية فنجد أنه يؤثر إيجابيًا على تدفقات .FDI

 المحددات الاجتماعية Social Determinants: وتتمثل في العادات والتقاليد السائدة في مجتمع البلد المضيف، ومدي تفضيل المواطنين للمنتج المحلي وكذلك قدرتهم على استيعاب المنتج الأجنبي (بن سمينة، 2008، مرجع سبق ذكره).

أما عن التكنولوجيا فيُقصد بها بشكل عام التطبيق العملي للابتكارات والاختراعات العلمية في المجالات والأنشطة الاقتصادية. وقد شاع استخدام مصطلح المعرفة محل مصطلح التكنولوجيا والعكس وهو أمر غير دقيق، حيث إن الأولي جزء أساسي من الثانية، فالتكنولوجيا تشير إلى جميع المعارف والمنتجات والعمليات والطرق والأدوات التي تُستخدم في إنتاج السلع والخدمات Khalifa and Hashim 2012)). واستُخدم مصطلح الفن ليحل محل مصطلح التكنولوجيا والعكس، وهو أيضًا غير صحيح، فالفن هو المنهج المستخدم في الإنتاج (طريقة الإنتاج)، أما التكنولوجيا فهي مجموع الخصائص المتعلقة بالمعدات ((Hard والبرامج ((Soft والمعارف وتنظيم الإنتاج فهي تطبيق للمعارف (الجيلاني، 2011). ويمكن توضيح أهم العوامل التي يجب توافرها لانتشار التكنولوجيا في اقتصاد دولة ما من خلال الشكل التوضيحي رقم (1) كما يلي:

شكل رقم (1). شكل توضيحي لمحددات انتشار التكنولوجيا في الدولة

استراتيجية الشركات في الدولة

• يجب أن تتضمن التشجيع على الاستثمار

في الأنشطة المتعلقة بالابتكار

الشروط التي يجب توافرها في الطلب الشروط التي يجب توافرها في عناصر الإنتاج

• أن يكون الطلب لدى العملاء متطورًا، وتستطيع الدولة تلبية • موارد بشرية ذات كفاءة عالية خاصةً من احتياجات العملاء المتوقعة. الفنيين، والعلميين والإداريين، بنية أساسية

                                                                       بحثية قوية، وبنية أساسية معلوماتية ذات جودة مرتفعة.

الصناعات المرتبطة والداعمة

• توافر الموردين المحليين القادرين

على مواكبة التطور التكنولوجي.

Source: Osano and Koine, previously mentioned, 2016.

وتهدف الدول النامية من عملية نقل التكنولوجيا إلى تقليص الفجوة التكنولوجية، وزيادة نمو الإنتاجية المحلية لاقتصادات تلك الدول. ويُقصد بنقل التكنولوجيا ((TT العملية التي تتضمن نقل الأجهزة، والمعرفة العلمية والمهارات من كيان لآخر، فيمكن أن يكون ذلك محليًا أي من شركة لأخري أو من قطاع لآخر، أو قد يكون عبر الحدود الوطنية (نقل التكنولوجيا الدولية ITT) مثل نقل تكنولوجيا تصنيع المركبات من شركة Ford Motor في الولايات المتحدة إلى شركة Chang'an Motors في الصين Manyuchi 2016))، ولابد من التأكيد على أن هذا التعريف يشمل نقل المعرفة من خلال التعليم والتدريب والذي يتضمن التدريب على كيفية إدارة العملية التكنولوجية بفعالية. وتحتوي عملية نقل التكنولوجيا على خمس خطوات يمكن تلخيصها كما يلي (Khalifa and Hashim, previously mentioned (2012:

 تحليل الاحتياجات Need Analysis: ويقصد بها تحليل احتياجات الدولة الراغبة في الحصول على التكنولوجيا من حيث مدى توافر الموارد المتاحة، الهيكل الاجتماعي، وجميع الجوانب الاقتصادية بشكل عام لأنه بتحليل احتياجات الدولة المستقبِلة للتكنولوجيا يمكن تحديد الخطوات اللاحقة بشكل أكثر نجاحًا.

 تحديد التكنولوجيا Identification of the Technology: أي تحديد الخيارات المتاحة من التكنولوجيا على أساس الاحتياجات التي تم تحديدها في الخطوة السابقة، وذلك بالاستعانة بالخبراء سواء من البلد المالك للتكنولوجيا أو من البلد المستقبِل لها.

 اختيار التكنولوجيا المناسبة Selection Appropriate Technology.

 النقل والتكيف Transmission and Adaptation: وفيه يتم بالفعل نقل المعرفة والتي يمكن أن تتوافق مع احتياجات الدولة بالإضافة إلى تبني العمليات المألوفة للبيئة المحلية (بيئة الدولة المستقبِلة).

 التقييم Evaluation: أخيرًا يكون هناك حاجة للمراقبة المستمرة والقيام بالمزيد من تحليل احتياجات الدولة المستقبِلة للتأكد من ملاءمة التكنولوجيا لاقتصاد تلك الدولة وتقديم التوصيات والتحسينات المستمرة. ويوضح الشكل رقم (2) مراحل نقل التكنولوجيا كما يلي:

شكل رقم (2). شكل توضيحي لمراحل نقل التكنولوجيا

Need Analysis Evaluation

Identification of the Technology Transmission and Adaptation

Selection Appropriate Technology

Source: Khalifa and Hashim, previously mentioned, 2012.

ومن أهم القنوات والمؤشرات المحدِدة لحجم التكنولوجيا التي يتم انتقالها على الصعيد الدولي لأي دولة فيمكن تلخيصها في الجدول رقم (1) كما يلي (Kasych and Medvedeva (2019:

جدول رقم 1. أهم قنوات ITT والمؤشرات المحدِدة لحجم ITT

قنوات ITT المؤشرات

التجارة الدولية في السلع مرتفعة التكنولوجيا (تكنولوجيا منظورة) • حصة كل من المنتجات مرتفعة التكنولوجيا، و معدات الاتصالات والمعلومات، و منتجات الهندسة الميكانيكية في هيكل صادرات وواردات الدولة.

التجارة الدولية في الخدمات مرتفعة التكنولوجيا (تكنولوجيا غير منظورة) حصة كل من الخدمات الهندسية والاستشارية، والتقنية في هيكل صادرات وواردات الدولة.

التجارة الدولية في الملكية الفكرية براءات الاختراع، وتراخيصها (مشتريات ومبيعات)، المعرفة (غير الحاصلة على براءة اختراع)، التصميمات، العلامات التجارية.

الاستثمار الأجنبي المباشر الحجم الإجمالي لصادرات وواردات الاستثمار الأجنبي المباشر، نصيب الفرد من قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر في السنة، تكلفة عمليات الدمج والاستحواذ.

الهجرة الدولية للطلاب والقوي الماهرة ذات الكفاءة العالية. حصة المؤهلين تأهيلاً عاليًا إلى إجمالي الهجرة الدولية للعمل، نسبة الشباب الذين سافروا للخارج للدراسة، متوسط معدل النمو السنوي للشباب الذين يغادرون من أجل الدراسة.

Source: Kasych and Medvedeva (2019), " International technology transfer as a mechanism of activating the innovative development of a country", Littera Scripta, Vol. 12, Issue. 2.

ويتضح من الجدول رقم (1) أهم وسائل نقل التكنولوجيا من دولة لأخري والتي من بينها الاستثمار الأجنبي المباشر. ومما لا شك فيه أن عملية جذب FDI إلى الدول النامية لا تؤدي مباشرةً إلى تطور تلقائي في القاعدة التكنولوجية لإدارات R&D لهذه الدول، حيث تحاول كل مؤسسة أجنبية احتكار المعرفة التقنية وحماية أسرار صناعة التكنولوجيا، وعلى الرغم من ذلك عادة ما يتم FDI من خلال الشركات متعددة الجنسيات التي توفر بالإضافة إلى الموارد المالية المعدات الحديثة والخبرة والمعرفة المصحوبة بنقل التكنولوجيا، وبالتالي يجب على الدولة المضيفة عند وضع أهدافها المستقبلية أن تضع السياسات اللازمة لجذب FDI((2019 Kasych and Medvedeva, previously mentioned).

 إن التكنولوجيا القابلة للنقل الدولي من خلال FDI يمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات هي: نقل المواد، ونقل المهارات والمعرفة، ونقل القدرات. فهناك فئة من التكنولوجيا التي يكون نقلها من دولة لأخري أسهل من فئة أخري. على سبيل المثال يمكن نقل فئة التكنولوجيا الخاصة بالقدرات عبر FDI في حالة توافر بعض الشروط في الدولة المضيفة أهمها: القدرة على الامتصاص، وجود تكنولوجيا قومية متقدمة، بنية أساسية صناعية وتعليمية قوية، وسياسات واضحة لتعزيز التكنولوجيا. فعدم وجود أو نقص الشروط التي تم ذكرها يكون من الصعب النقل الدولي لهذا النوع من التكنولوجيا Manyuchi, previously mentioned (2016). ويمكن توضيح أنواع التكنولوجيا التي يمكن نقلها من خلال FDI في الجدول رقم (2) كما يلي:

جدول رقم 2. أهم أنواع التكنولوجيا التي يمكن نقلها من خلال FDI

المتغير الرئيسي Flow A

نقل المواد الأساسية Flow B

نقل المهارات والمعرفة Flow C

نقل القدرات

المحور الأساسي لعملية النقل

السلع الرأسمالية

المهارات وكيفية الإنتاج المعرفة، وتوليد وإدارة التغير التكنولوجي للشركة وتغيير الأنظمة التكنولوجية

نوع التكنولوجيا المنقولة المعدات، ومواد المعدات، والمنتجات النهائية، أجزاء المعدات التكنولوجيا المجسدة في شكل مهارات الأفراد، والتعليم والتدريب والأفراد القادرين على التعامل مع الآلات الحديثة، وتشغيلها وإصلاحها، والقيام بالتصميمات

معرفة سر صناعة التكنولوجيا: المهارات والبرامج

مخرجات عملية النقل بدء التشغيل وتعزيز الإنتاج المهارات والمعرفة والخدمات التي تؤثر على الإنتاج تعديل النظم القائمة، والحصول على الأنظمة الجديدة

متلقي التكنولوجيا عادةً يكون سلبي (مجرد استيراد لهذا النوع من التكنولوجيا) يكون نشط (حيث يقوم بتقليد ومحاكاة التكنولوجيا التي حصل عليها) نشط جدًا (بحيث يستطيع تطوير وتحديث التكنولوجيا التي حصل عليها)

Source: Manyuchi, previously mentioned (2016).

وتنتقل التكنولوجيا من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر إما نقلاً رأسيًا أو أفقيًا، ويقصد بالنقل الرأسي للتكنولوجيا أي نقل التكنولوجيا وتطبيقها لأول مرة، أما النقل الأفقي للتكنولوجيا فيقصد به نقل التكنولوجيا المطبقة بالفعل الأعسر، والبيلي (1993).

ويكون انتقال التكنولوجيا رأسيًا من خلال FDI عن طريق الروابط الأمامية والروابط الخلفية. وتحمل الشركات متعددة الجنسيات التكنولوجيا إلى المنتجين المحليين للدولة المضيفة من خلال الروابط الخلفية بواسطة التدريب، وبالتالي يمكن لهذه الشركات بناء القدرات الإنتاجية للمنتجين المحليين، الأمر الذي يؤدي إلى إنتاج السلع والخدمات بالجودة والكمية المطلوبة وزيادة القدرة التصديرية للشركات المحلية للدولة المضيفة. ويؤدي انتقال التكنولوجيا من الشركات متعددة الجنسيات إلى المنتجين المحليين من خلال الروابط الأمامية إلى إمكانية حصول المستهلكين على سلع وخدمات ذات جودة أعلى وسعر مناسب. ويتوقف نقل التكنولوجيا من خلال الروابط الأمامية على العديد من العوامل من أهمها حجم السوق في الدولة المضيفة، وجودة السلع الوسيطة، ومستوى التكنولوجي المتوفر لدي الشركات المحلية ومدي قدرتها على امتصاص التكنولوجيا الأجنبية (Manyuchi, previously mentioned (2016.

 أما عن انتقال التكنولوجيا المطبقة فعليًا (أفقيًا) من الشركات متعددة الجنسيات إلى منتجي الدولة المضيفة فيرجع إلى عدة عوامل من أهمها الأعسر والبيلي، مرجع سبق ذكره (1993):

• اضطرار الشركات المحلية في الدولة المضيفة تحديث التكنولوجيا المستخدمة من أجل مواكبة التكنولوجيا التي تستخدمها الشركات متعددة الجنسيات.

• المنافسة، حيث تخرج الشركات المحلية التي لا تحدث التكنولوجيا الخاصة بها من السوق بفعل مزاحمة الشركات متعددة الجنسيات التي تحمل التكنولوجيا الحديثة لها.

• ترك العاملين العمل في الشركات متعددة الجنسيات والالتحاق بالعمل في شركات محلية أو تأسيس شركات محلية خاصة، وعلى الرغم من أن ذلك أحد أهم وسائل نقل التكنولوجيا عن طريق FDI، إلا أنه من الصعب حدوثه لأن العاملين في تلك الشركات العابرة للقوميات يحصلون على حوافز ومرتبات مغرية، بالإضافة إلى صعوبة تأسيس العاملين في الشركات متعددة الجنسيات شركات خاصة بهم بسبب ارتفاع التكلفة (خاصةً في قطاع الطاقة).

 وبالتطرق إلى أهم المفاهيم الأساسية المتعلقة بالطاقة فيمكن استعراض ما يلي (كمال وآخرون، 2015):

• الطاقة المتجددة Renewable Energy: هي الطاقة التي يمكن الحصول عليها من الموارد الطبيعية المتجددة غير القابلة للنفاذ مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة المد والجزر وطاقة حرارة باطن الأرض، وتتميز تلك الطاقة عن طاقة الوقود الأحفوري أنها غير قابلة للنفاذ وغير ملوثة للبيئة، فلا ينشأ عن استخدامها انبعاث غازات ضارة بالبيئة مثل ثاني أكسيد الكربون وما يترتب عليها من ظاهرة الاحتباس الحراري. ويُطلق على الطاقة المتجددة أيضًا الطاقة النظيفة أو الطاقة البديلة أو الطاقة الخضراء.

• الطاقة الجديدة New Energy: تتضمن الطاقة الجديدة الطاقة المتجددة وطاقة الوقود النووي. وقد أثار تصنيف طاقة الوقود النووي جدلاً كبيرًا حول ما إذا كان هذا النوع من الطاقة يندرج تحت مسمي الطاقة المتجددة أم الطاقة غير المتجددة، حيث تقرر إحدى وجهات النظر أن طاقة الوقود النووي التي يتم الحصول عليها من اليورانيوم طاقة غير متجددة لأن اليورانيوم موجود بكميات ثابتة في الطبيعة ولابد أن يؤول في النهاية إلى النفاذ، بينما تقرر وجهة النظر الأخرى أن طاقة الوقود النووي متجددة لأنه من المتوقع أن اليورانيوم سينفذ بعد مرور فترة زمنية طويلة جدًا تصل إلى حوالي 5 بليون عام.

• فقر الطاقة Energy Poverty: يُقصد به حرمان نسبة كبيرة من السكان في الدولة من الحصول على خدمات الطاقة الحديثة مثل خدمة الكهرباء والمواقد غير الملوثة للهواء.

• استدامة الطاقة Sustainable Energy: ويعني توفير الدولة لمصادر الطاقة اللازمة للأجيال الحالية دون المساس بحقوق الأجيال المستقبلية.

• أمن الطاقة Energy Security: حتى يمكن تحقيق أمن الطاقة لابد من توافر ثلاثة شروط: (1) توفير الطاقة بكميات تتناسب مع الطلب المحلي عليها، (2) إمكانية تحمل تكلفة الطاقة من كل من المنتج والمستهلك، (3) أن تكون مصادر الطاقة آمنة وموثوق في استمرارية إمداداتها.

• كفاءة الطاقةEnergy Efficiency: ويقصد بها تخفيض استهلاك الطاقة في العملية الإنتاجية دون الإخلال بمستوي الإنتاج سواء من حيث الجودة أو التكلفة أو الكمية، ويقصد بها أيضًا رفع مستوى مخرجات العملية الإنتاجية باستهلاك نفس القدر من الطاقة.

 أهم الأدبيات الاقتصادية السابقة:

يمكن استعراض أهم الأدبيات الاقتصادية السابقة المتعلقة بموضوع البحث كما يلي:

أولاً: أدبيات اقتصادية متعلقة بالدول النامية:

تهدف دراسة بن سمينة ( 2008) إلى تحديد دور الاستثمار الأجنبي المباشر في نقل التكنولوجيا إلى الدول النامية، حيث تناولت تلك الدراسة المفاهيم المتعلقة بالاستثمار الأجنبي المباشر ومحدداته وكذلك الجهود المبذولة لخلق بيئة أعمال مناسبة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية التي تنطوي على التكنولوجيا الحديثة. وقد توصلت إلى أن فعالية التكنولوجيا المنقولة إلى الدول النامية بواسطة FDI تتوقف بدرجة كبيرة على مدي ملاءمة تلك التكنولوجيا ومدي تناسبها مع خصائص وأهداف الدولة المضيفة وكذلك مدي توافر البنية الأساسية واليد العاملة في الدولة المضيفة، كما توصي الدراسة بضرورة تحقيق التنمية التكنولوجية المحلية في الدول النامية بدرجة تحقق لها الاستقلال حتى لا تقع تلك الدول في مشكلة التبعية التكنولوجية للدول المتقدمة، وقد حدد كل من (Mulder and Pohl (2013 العوامل المؤثرة في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة (غير المائية) NHRE في دراستهما عن مدى انتشار التقنيات لتوليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة غير المائية في 108 دولة نامية في الفترة 1980 حتي 2010. ووجدا أن أهم هذه العوامل هي متوسط نصيب الفرد من الدخل، ومستوي التعليم، والاستقرار السياسي وأنظمة الحكم الديمقراطي والتي تؤثر إيجابيًا على NHRE، بينما يؤثر كل من الانفتاح التجاري، والمساعدات، وبرامج التصحيح التي تنصح بها المؤسسات الدولية، ونمو استهلاك الطاقة، وزيادة إنتاج الوقود الأحفوري سلبيًا على NHRE.

وتناولت دراسة (Manyuchi (2016 كيف تساهم تدفقات FDI في نقل التقنيات الحديثة إلى قطاع الطاقة في أنجولا، وقد توصلت هذه الدراسة إلى نتيجة هامة وهي أنه على الرغم من انتقال التكنولوجيا المتمثلة في كل من الآلات والمعدات (flow A)، إلا أنه لا يوجد دليل فعلى على أن FDI حفز أو أنتج تكنولوجيا التصميم (flow B المتمثلة في كيفية الإنتاج)، وتكنولوجيا التطوير (flow C مثل تعديل النظم الموجودة بالفعل أو الحصول على نظم جديدة)، وكذلك لا يوجد أي دليل على انتقال العمالة من الشركات الأجنبية داخل الدولة إلى الشركات المحلية أو قيام العمالة المحلية التي كانت تعمل لدي الشركات الأجنبية بإنشاء الشركات المحلية الخاصة بهم في قطاع الطاقة، ويرجع ذلك إلى ارتفاع تكاليف إنشاء المشروعات في قطاع الطاقة و الحوافز المغرية التي تقدمها الشركات الأجنبية للعاملين لديها، وقد حاول كل من (Osano and Koine (2016 أيضًا دراسة أثر الاستثمار الأجنبي المباشر علي نقل التكنولوجيا ومعدل النمو الاقتصادي في كينيا بالتركيز علي قطاع الطاقة في الفترة (2014-2001)، واعتمدت هذه الدراسة على نتائج الاستبيانات التي تم توزيعها على حوالي 60 مديرًا، ولم تتفق تلك الدراسة مع دراسة (Manyuchi (2016 حيث وجدت الأولى أن هناك علاقة بين كل من المتغيرات المتعلقة بالاستثمار الأجنبي المباشر مثل البنية الأساسية، ونشر التكنولوجيا، وإدارة المعرفة ونقل التكنولوجي ومعدل النمو الاقتصادي، فالاستثمار في قطاع الطاقة أدى إلي نقل تكنولوجيا جديدة في الدولة من خلال نقل التكنولوجيا إلى المستثمرين المحليين عن طريق مشاركة المعرفة والابتكارات الجديدة في الإنتاج والبحوث والتطوير، بالإضافة إلى زيادة المنافسة في التجارة، ومن ثم زيادة الكفاءة والفاعلية في الصناعة. وقد وجدت دراسة (Malikane and Chitambara (2018 أن الاستثمار الأجنبي المباشر يؤثر تأثيرًا إيجابيًا على نمو الإنتاجية الكلية ولكنه تأثير ضعيف وذلك عند دراسة أثر FDI على نمو الإنتاجية الكلية لدول متخلفة نسبيًا متمثلة في 45 دولة إفريقية خلال الفترة من 1980 حتى 2012، وقد تم قياس هذا التخلف النسبي بعاملين هما: الفجوة التكنولوجية، وفجوة الدخل. وهذه النتائج تتعارض مع الفرض النظري الذي يقرر أنه كلما ازداد التخلف النسبي للدولة (أي اتسعت الفجوة التكنولوجية، واتسعت فجوة الدخل) ازداد نمو الإنتاجية الكلية بسبب تبني التكنولوجيا الأجنبية الأكثر تطورًا والمنبثقة من صافي الاستثمار الأجنبي المباشر.

وكذلك حاولت دراسة عطيل (2019) توضيح كيفية تحويل التكنولوجيا إلى الدول النامية من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر، وماهي العوامل اللازم توافرها لنجاح هذه العملية مع الاسترشاد بالتجربة الصينية في ذلك. وقد توصلت الدراسة إلى أن الشركات الأجنبية تميل إلى تحويل التكنولوجيا الأكثر تعقيدًا، أو الأقل تطورًا إلى الدول النامية والاقتصار على الحديثة منها في بلد المنشأ، بالإضافة إلى أن عملية نقل التكنولوجيا إلى الدول النامية بواسطة الاستثمار الأجنبي المباشر تتطلب جهدًا كبيرًا من جانب تلك الدول خاصةً فيما يتعلق بتحسين قدرات العنصر البشري من خلال برامج التعليم والتدريب، مع ضرورة توافر سياسات محفزة للاستثمار الأجنبي المباشر في مجال نشر التكنولوجيا وتحسين أنشطة البحوث والتطوير في الدول النامية، حيث أن هذه الأنشطة تعتمد بشكل أساسي على الدعم المقدم إليها من حكومات تلك الدول، وتوصي الدراسة بضرورة توفير المناخ الاقتصادي والسياسي المناسب لجذب هذا النوع من الاستثمارات، مع تقديم الحوافز اللازمة لإنشاء مراكز البحوث والتطوير محليًا وكذلك الأخذ بالتجارب الدولية الناجحة كنماذج يمكن الاستعانة بها في استخدام FDI كآلية لنقل التكنولوجي للدول النامية، وقد اتفقت دراسة ((Benzaim et al (2021 مع Malikane and Chitambara (2018) حيث حاولت الأولي دراسة أثر الاستثمارات الأمريكية على نمو إنتاجية العامل الإجمالية ((TFP و القدرة على الابتكار في الدول المضيفة وذلك لــ 61 دولة في الفترة من عام 1988 حتى عام 2017. وفيما يلي أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة: (1) يؤثر FDI سلبيًا على TFP في جميع الدول المضيفة، ومن ثم تقرر هذه النتيجة أن FDI لا يعزز نمو الإنتاجية في الدول المضيفة (2) تم استخدام الإنفاق على البحوث والتطوير للشركات متعددة الجنسيات كمتغير بديل لـ FDI لفصل أي أثر تكميلي لـ FDI (المتمثل في نقل التكنولوجي)، وقد وجدت الدراسة أن R&D الخاص بالشركات متعددة الجنسيات يؤثر سلبيًا على نمو الإنتاجية في دول OECD ولكن يؤثر إيجابيًا في الدول النامية، ووُجد أيضًا أن الفجوة التكنولوجية -عندما تقاس بإنتاجية العمل- تعزز النمو في TFP في دول OECD فقط، بينما تعمل تلك الفجوة على تخفيض النمو في TFP في الدول النامية - وذلك عندما تقاس بالقدرة على الابتكار- وبالتالي تتعارض تلك النتائج مع الفرض النظري الذي يقرر أنه مع ارتفاع الفجوة التكنولوجية (زيادة التخلف النسبي) في الدول المضيفة يزداد نمو الإنتاجية الكلية، بينما تهدف دراسة (الحسنين، 2021) إلى دراسة أثر استهلاك الطاقة المتجددة على النمو الاقتصادي في المغرب خلال الفترة (2015-1971) باستخدام منهجية NARDL، وقد أشارت نتائج الدراسة إلى أن هناك علاقة توازنية طويلة الأجل أي علاقة تكامل مشترك وموجبة بين استهلاك الطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي في المغرب، وقد اتفقت دراسة Espoir et al (2021) مع دراسة الحسنين( 2021) في وجود تكامل مشترك بين المتغيرات، وأن كل من استهلاك الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة وغير المتجددة لها أثر إيجابي ومعنوي على النمو الاقتصادي، حيث تهدف الأولى إلى فحص أثر استهلاك الكهرباء من المصادر المتجددة وغير المتجددة على النمو الاقتصادي في 48 دولة إفريقية خلال الفترة من 1980 إلى 2018 ، وتوصي الدراسة بضرورة القيام باستثمارات مشتركة بين القطاعين العام والخاص للحصول على مزيج متوازن بين الاستهلاك من مصادر الطاقة المتجددة وغير المتجددة.

وقد درس Djellouli et al (2022) أثر كل من الطاقة غير المتجددة والطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي والاستثمار الأجنبي المباشر على التدهور البيئي (معبرًا عنه بانبعاثات غاز CO2) في عشرين دولة إفريقية خلال الفترة (2015-2000)، وبتطبيق منهجية ARDL نظرًا لاختلاف مستويات سكون المتغيرات الاقتصادية محل الدراسة، وُجد أن جميع المتغيرات المستقلة تؤثر إيجابيًا على التدهور البيئي (مع ملاحظة أن FDI موجب ومعنوي فقط في الأجل الطويل) عدا الطاقة المتجددة التي وُجد أنها معنوية وتؤثر سلبيًا على انبعاثات غاز CO2.

ثانيًا: أدبيات اقتصادية متعلقة بمصر:

تناولت دراسة الأعسر، والبيلي (1993) دور الاستثمار الأجنبي المباشر في دعم القدرة التكنولوجية في مصر من خلال توضيح التوزيع القطاعي للمشروعات المنشأة وفقًا لقانون الاستثمار، وأثر FDI والتكنولوجي على تطور هيكل الاقتصاد المصري، وكذلك على فجوة التجارة الخارجية، بالإضافة إلى الأثر على دعم القدرة على الابتكار.

وقد توصلت الدراسة إلى أن قوانين الاستثمار خلال عقدي السبعينيات والثمانينات لم تنجح بدرجة كبيرة في جذب FDI ومن ثم التكنولوجيا الحديثة من الخارج إلى السوق المصرية، وبالتالي كان دور FDI محدودًا في نقل التكنولوجيا الحديثة، وإصلاح الخلل الهيكلي في الاقتصاد المصري وعلاج فجوة التجارة الخارجية (فالتكنولوجي الحديث يساهم في زيادة إنتاجية عناصر الإنتاج التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة الصادرات و/أو خفض الواردات)، بالإضافة إلى انخفاض عدد الطلبات المقدمة للحصول على براءات الاختراع في منتصف الثمانينيات (أحد مؤشرات التقدم التكنولوجي في المجتمع) وقد يكون السبب في ذلك حالة الكساد التي شهدتها الأسواق المحلية والعالمية في ذلك الوقت، وتوصي الدراسة بضرورة اتخاذ الحكومة بعض الإجراءات التي من شأنها أن تجعل FDI وسيلة لنقل التكنولوجيا إلى الاقتصاد المصري والتي من أهمها الاستفادة من جهود ودراسات المنظمات الدولية، وتحديد القطاعات التي يمكن أن يوجه إليها FDI، مع وضع حوافز مالية وضريبية وتشريعية لـ FDI ودعم الصناعات ذات التكنولوجيا المتطورة، وإقامة مشروعات البنية الأساسية وأخيرًا الاهتمام بالتنمية البشرية، وقد بحثت دراسة (Ibrahim (2015 في العلاقة بين استهلاك الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة والاستثمار الأجنبي المباشر والنمو الاقتصادي في مصر باستخدام منهجية الانحدار الذاتي للفجوات الزمنية الموزعة ARDL خلال السلسلة الزمنية (2011-1980). وقد وجدت الدراسة وجود علاقة توازنية طويلة الأجل بين المتغيرات محل الدراسة، بالإضافة إلى أن كل من استهلاك الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة والاستثمار الأجنبي المباشر يؤثران إيجابيًا على النمو الاقتصادي في الأجل الطويل، أما عن دراسة Ibrahim and sameh (2021) فقد بحثت في تقييم تأثير كل من الموارد الطبيعية والاستثمار الأجنبي المباشر، والتعليم على التنمية المالية في مصر خلال الفترة (2014-1971). وقد توصلت تلك الدراسة إلى وجود تكامل مشترك بين المتغيرات وكذلك وجود تأثير إيجابي لجميع المتغيرات على التنمية المالية عدا متغير الثروات الطبيعية، علاوة على ذلك توجد علاقة تغذية عكسية بين تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والتنمية المالية في مصر خلال الفترة محل الدراسة، كما قدمت دراسة Salah et al(2022) مراجعة لتوقعات الطاقة في مصر وتحليل لوضع الطاقة في الدولة ومقارنتها بالوضع العالمي وكذلك التحديات التي تواجه قطاع الطاقة المتجددة المصري فقد احتلت مصر المرتبة 31 في استخدام الطاقة الشمسية في الوقت الذي حصلت فيه الدولة على حوالي 0.16% فقط من إجمالي إنتاج الكهرباء باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، على الرغم من أن هذه المصادر يمكن أن تساهم بقدر أكبر في سد احتياجات الدولة من الكهرباء، وخرجت الدراسة ببعض التوصيات لتوفير أمن الطاقة في مصر.

الفجوة البحثية:

بعد فحص أهم الدراسات التي تناولت الاستثمار الأجنبي المباشر ودوره في نقل التكنولوجيا إلى قطاع الطاقة وُجد الآتي:

• اقتصرت معظم تلك الدراسات على التحليل الوصفي لدور FDI في ITT في الدول النامية عدا دراستى Manyuchi (2016)، Osano and Koine (2016)اللتان حاولتا دراسة دور FDI في ITT في قطاع الطاقة كميًا في كل من أنجولا وكينيا على الترتيب.

• تندر الدراسات التي تناولت قياس دور FDI في ITT في مصر، وكذلك ندرة التطبيق على قطاع الطاقة (خاصةً قطاع الكهرباء) أيضًا في مصر عدا دراسة Ibrahiem (2015) التي تناولت أثر استهلاك الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة والاستثمار الأجنبي المباشر على النمو الاقتصادي في مصر، حيث يتمثل المتغير التابع هنا في معدل النمو الاقتصادي وتتمثل المتغيرات المستقلة في كل من استهلاك الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة، صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.

لذلك تتمثل الفجوة البحثية في عدم وجود دراسة قياسية لتحديد دور FDI في ITT كميًا في قطاع الطاقة المصري وخاصةً قطاع الكهرباء، وبالتالي يدرس هذا البحث دور FDI في نقل ITT بالتطبيق على قطاع الكهرباء المصري، ويختلف البحث محل الدراسة عن دراسة Ibrahiem (2015) في أن متغيرات البحث الحالي هي: المتغير التابع يتمثل هنا في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة غير المائية NHRE)) Non Hydro- Renewable Energy، بينما تتمثل المتغيرات المستقلة هنا في كل من صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، الناتج المحلي الإجمالي، الإنفاق على التعليم، الإنفاق على البحوث والتطوير، استهلاك طاقة الوقود الأحفوري، انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بفعل إنتاج الكهرباء من مصادر الوقود الأحفوري.

الجزء الثاني: العلاقة بين صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر ونقل التكنولوجيا وقطاع الطاقة في مصر:

 أدى تبني مصر لسياسة الانفتاح الاقتصادي فور صدور القانون رقم (43) لسنة 1974 إلى إنشاء بيئة قانونية أكثر ملاءمة لنقل التكنولوجيا الدولية، من خلال موافقة الحكومة المصرية على طلب المستثمرين الأجانب لتكوين مشروعات مشتركة مع المشروعات المحلية.

 وتعتبر الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة الجهة المنوطة بفحص واعتماد مشروعات FDI، ومن أهم شروط حصول المستثمر الأجنبي على الموافقة على إنشاء المشروع هو نقل التكنولوجيا إلى الاقتصاد المصري، حيث تشترط الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة تقديم وصف كامل لنوع التكنولوجيا المنقولة من الخارج خاصةً فيما يتعلق بكونها كثيفة الاستخدام لعنصر العمل أم عنصر رأس المال، وكذلك وصف تفصيلي عن الآلات والمعدات المخطط استيرادها، وأيضًا الخبرات الفنية والإدارية التي ستتوافر في العمالة الأجنبية والمحلية .Kadah (2003)

 وفيما يلي أهم التطورات التي شهدها كل من صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) كنسبة مئوية من GDP وإنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة (عدا الطاقة الكهرومائية) (NHRE) كنسبة مئوية من إجمالي إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة خلال الفترة محل الدراسة (2018-1974):

 الفترة (1974- 1984): اتسمت صافي تدفقات صافي الاستثمار الأجنبي المباشر بعدم الاستقرار خلال تلك الفترة، فقد ازدادت تدريجيًا منذ بداية تلك الفترة بصدور القانون رقم (43) لسنة (1974) لتصل إلى أقصي قيمة لها عام (1979) لتمثل (6,7%)، ولم تلبث أن تنخفض في أوائل الثمانينيات لتمثل (2,5%) عام (1980) لتنخفض إلى (2,1%) عام (1984). أما عن إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة (عدا الطاقة الكهرومائية) فقد كان (0(% خلال تلك الفترة.

 الفترة (1985- 1995): مع منتصف الثمانينيات عادت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الارتفاع ولكن بنسبة طفيفة، حيث وصلت إلى أقصى قيمة لها خلال تلك الفترة عام (1988) لتمثل (3,4(%، ثم انخفضت تلك التدفقات تدريجيًا لتصل إلى أقل قيمة لها عام (1991) لتمثل (0,7%)، ثم تزداد زيادة طفيفة في السنوات التالية لتمثل (1%) عام (1995). ويتضح أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لم تكن بالقدر الذي يتناسب مع الإعفاءات والمزايا الممنوحة لتلك الاستثمارات خلال الفترة المذكورة ويرجع ذلك إلى العديد من الأسباب من أهمها: تعدد سعر صرف الجنيه المصري، وارتفاع معدل التضخم، وزيادة العجز في ميزان المدفوعات، بالإضافة إلى ارتفاع عبء الدين الخارجي خلال تلك الفترة (بسيوني، 2010)، بينما ظل إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة (0%).

 الفترة (2006-1996): ازدادت صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر زيادة طفيفة في الثلاث سنوات الأولى بداية من عام (1996) ثم انخفضت لتصل إلى أقل قيمة لها عام (2004) حيث مثلت حوالي (0,5%) في ذلك العام، ثم ازدادت زيادة ملحوظة منذ عام (2005) لتصل إلى أقصي قيمة لها خلال الفترة المذكورة عام (2006) لتمثل (6(% أي بفارق خمس نقاط ونصف نقطة مئوية عن العام السابق، ويرجع ذلك إلى سياسة الإصلاح الاقتصادي التي طبقتها مصر في بداية عام (2004). أما عن إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة فقد ظل (0%) حتى عام (1999)، ثم بدأ يزداد في مطلع الألفية الجديدة تدريجيًا من (0,2%) عام (2000) ليصبح (0,5%) عام (2006).

 الفترة (2018-2007): ازدادت صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر عام (2007) لتمثل (9,3%)، ثم انخفضت تدريجيًا في الأعوام التالية لهذا العام إلى أن أصبحت سالبة عام (2012) حيث مثلت (-0,2%) ويرجع ذلك للأحداث ثورة يناير (2011) وحالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي مرت به البلاد، إلى أن بدأت تلك التدفقات في التحول إلى قيمة موجبة مرة أخري بدايةً من عام (2013) ثم ازدادت نسبيًا في الأعوام التالية لهذا العام لتصل إلى أقصى قيمة لها خلال الفترة المذكورة عام (2018) لتمثل (2,1(%. أما عن إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة فقد ازداد نسبيًا في بداية تلك الفترة حيث وصل إلى أقصى قيمة لها عام (2010) ليمثل (2,1%) من إجمالي إنتاج الكهرباء، ثم انخفض نسبيًا في نهاية السلسلة الزمنية ليمثل (0,9%) من إجمالي إنتاج الكهرباء عام (2018). ويوضح الشكل رقم (3) أهم تطورات كل من FDI و NHRE في مصر خلال الفترة (2018-1974):

شكل رقم (3). أهم تطورات كل من FDI و NHRE في مصر خلال الفترة (2018-1974)

المصدر: بيانات البنك الدولي، بنك البيانات، مؤشرات التنمية العالمية، جمهورية مصر العربية.

 ويوضح الشكل رقم (4) توزيع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على القطاعات الرائدة في الاقتصاد القومي خلال الفترة محل الدراسة (2018-1974) وفقًا لبيانات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة كما يلي:

شكل رقم (4): توزيع الاستثمار الأجنبي المباشر على أهم قطاعات الاقتصاد المصري خلال الفترة محل الدراسة (2018-1974)

المصدر: الموقع الالكتروني للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المصرية، قطاعات الاستثمار الرائدة.

وبقراءة الشكل التوضيحي رقم (4) يتضح أن قطاع الخدمات التمويلية يستحوذ على الجزء الأكبر من صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة (32.22%)، يليه الفحم والبترول والغاز الطبيعي بنسبة (25%)، ثم قطاع الصناعة بنسبة (16.5%)، ثم إنتاج الكهرباء من مصدري الشمس والرياح بنسبة (13.58%)، ثم قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بنسبة (5.1%)، ثم قطاع التشييد والبناء بنسبة (3,9%)، ثم كل من قطاعي الزراعة والسياحة بنسبة (2,7%)، (1%) على الترتيب.

وعلى الرغم من امتلاك مصر قاعدة قوية من رأس المال البشري ودعمها لمؤسسات العلوم والتكنولوجيا المحلية ومن ثم زيادة قدرتها على امتصاص التكنولوجيا المتقدمة، إلا أن هناك اهتمام منخفض نسبيًا بانتقال التكنولوجيا الدولية. ويتضح ذلك من حصول كل من قطاعي الكهرباء من مصدري الرياح والشمس والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على المركزي الرابع والخامس من صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة إلى الاقتصاد المصري كما في الشكل رقم (4)، حيث تقتصر أنشطة ITT بواسطة المستثمرين الأجانب في مصر إلى حد كبير على المحتوي التكنولوجي المنخفض، وتتبلور أغلبها حول عمليات التجميع. وتعمل الشركات متعددة الجنسيات على استغلال الحجم الكبير للسوق المصري ولا تولي إلا اهتمام ضئيل بالتصدير أو نقل التكنولوجيا المتطورة (Kadah, previously mentioned (2003 لذلك تعتمد مصر شأنها شأن معظم الدول النامية في المرتبة الأولى على الواردات من السلع الرأسمالية في الحصول على التكنولوجيا الدولية، يليها الاستثمار الأجنبي المباشر في المرتبة الثانية.

ويرجع انخفاض اهتمام الدولة المصرية بانتقال التكنولوجيا عبر الحدود إلى وجود إدارة تكنولوجية قومية غير فعالة، وعدم كفاية مصادر البحوث والتطوير العامة والخاصة، وضعف التكامل بين مؤسسات البحوث والتطوير. فيمكن القول إن مصر تستثمر بشكل كبير في رأس المال البشري ومؤسسات البحوث والتطوير ولكنها تنفق مبالغ ضئيلة جدًا على الأنشطة الفعلية للبحوث والتطوير فقد مثل الإنفاق على البحوث والتطوير كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة (1995-1974) ما يعادل (0%)، ثم بلغ في المتوسط في الفترة (2018-1996) ما يعادل (0,4%) (البنك الدولي، بنك البيانات، مؤشرات التنمية العالمية).

نظرة عامة على قطاع الطاقة في مصر (بالتركيز على الكهرباء كقطاع فرعي):

 يواجه قطاع الطاقة في مصر العديد من التحديات من أهمها: ارتفاع معدل النمو السكاني وما يترتب عليه من ارتفاع الطلب المحلي على الطاقة، واستخدام الطاقة مؤخرًا في تحلية مياه البحر لمواجهة الانخفاض في الكميات المتاحة من المياه العذبة، وكذلك ضرورة الحفاظ على حقوق الجيل القادم في نصيبه من موارد الطاقة غير المتجددة وهو ما يعد أحد شروط التنمية المستدامة، بالإضافة إلى ضعف الإمكانيات المحلية في تصنيع ونشر استخدام تكنولوجيا الطاقة المتجددة (كمال، نيفين وآخرون، مرجع سبق ذكره، 2015)، لذلك تحاول مصر تحقيق ثلاثة أهداف أساسية هي الأمن: من خلال تحسين كفاءة استخدام الطاقة، الاستدامة: من خلال معالجة تراكم الديون والتخلص التدريجي من الدعم، والحوكمة: ويقصد بها تحسين وتحديث قطاعي النفط والغاز وتشجيع الاستثمار الخاص.

وقد اتجهت الحكومة المصرية إلى تبني السياسات التي من شأنها تنمية مصادر الطاقة المتجددة لتحقيق العديد من المنافع المترتبة على الاعتماد على تلك المصادر بشكل عام ولسد احتياجات استهلاك الفرد من الطاقة الكهربائية بشكل خاص. وتتمثل أهم المنافع الاقتصادية المترتبة على الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في مصر فيما يلي حسين (2015):

 الحد من الانبعاثات وتحسين مستوي الصحة، ويتضمن ذلك: تحسين نوعية الهواء، وخفض معدلات الوفيات.

 تعزيز الاقتصاد القومي: من خلال خفض تكاليف الطاقة، وزيادة الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة ومن ثم زيادة فرص العمل المتاحة، وزيادة دخول الأفراد.

 المنافع الاجتماعية: متمثلة في تخفيض تكاليف العلاج الناتجة عن انبعاثات الغازات المترتبة على استخدام مصادر الطاقة غير المتجددة والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وخفض معدلات غياب العاملين، وزيادة الإنتاجية، وكذلك الإنفاق.

 تحسين نظام الكهرباء بسبب خفض تكلفة تلك الخدمة وتقليل المخاطر.

 وتعتمد مصر في توليد الكهرباء على الغاز الطبيعي بما يعادل (85%)، و(15%) فقط من كل من السد العالي بأسوان والنفط ومصادر الطاقة المتجددة Selim (2009)، وبالتالي يعتبر قطاع الكهرباء أكبر مستهلك للغاز الطبيعي في الدولة. وقد نشأت أزمة الكهرباء في السنوات الأخيرة في مصر (خاصةً في السنوات التالية لثورة يناير 2011) بسبب مجموعة من العوامل المتداخلة من أهمها: ارتفاع الطلب على الكهرباء بسبب ارتفاع معدل النمو السكاني، فقد بلغ متوسط استهلاك الفرد من الطاقة الكهربائية خلال الفترة محل الدراسة أي في الفترات (1984-1974)، (1995-1985)، (2006-1996)، (2007-2018) حوالي (399.3)، (662.9)، (1148.9)، (2116.6) كيلو وات/ ساعة على الترتيب، ويتضح من ذلك تزايد متوسط استهلاك الفرد من الكهرباء خلال الفترة محل الدراسة وهو ما يوضحه الشكل رقم (5).

شكل رقم (5): متوسط استهلاك الفرد من الكهرباء خلال الفترة محل الدراسة

المصدر: البنك الدولي، بنك البيانات، مؤشرات التنمية العالمية، جمهورية مصر العربية.

بالإضافة إلى انخفاض الكميات المتاحة من الغاز الطبيعي، وتقادم البنية التحتية، وتذبذب الاستقرار السياسي.

لذلك عهدت الدولة تنفيذ استراتيجية متكاملة للكهرباء حتى عام (2027) مضمونها التنفيذ الواسع لسياسات كفاءة الطاقة، وتنويع مصادر إنتاج الكهرباء من خلال التوسع في استخدام الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء، وكذلك تحسين وتعظيم المكون المحلي في عملية تصنيع شبكات الكهرباء، وقطع إمدادات الغاز الطبيعي عن بعض مصانع الأسمنت لتوجيه تلك الإمدادات لمحطات الطاقة، وكذلك توجيه استثمارات ضخمة نحو قطاع الكهرباء، والقيام بإصلاحات ملموسة في عملية دعم الطاقة متمثلة في استبعاد المصانع والشركات وأصحاب الثروات من الاستفادة من الكهرباء المدعومة، بالإضافة إلى القضاء على ممارسات الاستهلاك المفرط مثل إضاءة الشوارع نهارًا وساعات العمل المتأخرة بشكل مفرط (خاصةً في الأماكن الترفيهية) Hegazy (2015).

 وقد استهدفت استراتيجية الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر الوصول بنسبة مساهمة الطاقة الجديدة في إنتاج الطاقة الكهربائية عام (2035) إلى حوالي (42%) وذلك على النحو التالي (فروح، 2015):

• (3%) طاقة نووية.

• (42%) طاقة متجددة.

• (55%) محطات حرارية.

ومن ثم، أُنشأت العديد من المحطات لتوليد الكهرباء في مصر باستخدام طاقة الرياح مثل محطة توليد الكهرباء بالزعفرانة عام (2001) بقدرة (545ميجاوات) من خلال بروتوكولات تعاون حكومي مع ألمانيا والدنمارك وإسبانيا واليابان، وكذلك محطة رياح قطاع خاص بخليج السويس بقدرة (250 ميجاوات) والتي تم بنائها بنظام BOT عن طريق شركة رأس غارب لطاقة الرياح والتي تضم تحالف أحد الشركات الفرنسية وأوراسكوم المصرية وتويوتا اليابانية، بالإضافة إلى محطة رياح جبل الزيت بقدرة (580 ميجاوات)، وذلك بخلاف محطات الرياح تحت الإنشاء والتي من المتوقع أن تولد كهرباء بأكثر من حوالي (2400 ميجاوات) (وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، مصر، مرجع سبق ذكره).

أما عن استخدام الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء فقد تم الاعتماد على نقل المعرفة والتكنولوجيا بواسطة شركة أوراسكوم ومجموعة أخري من الشركات الأجنبية وبتمويل من كل من بنك اليابان للتعاون الدولي لإنشاء المحطة الشمسية الحرارية بالكريمات جنوب الجيزة بقدرة حوالي (140ميجاوات) حيث تم بدء تشغيل المحطة عام (2011)، وكذلك مجمع بنبان الشمسي في أسوان بقدرة (1465ميجاوات) وتم تشغيله في إبريل (2018)، بالإضافة إلى محطة الخلايا الشمسية بكوم امبو جنوب أسوان بقدرة (26ميجاوات) والتي تم تشغيلها في فبراير (2020) وذلك بخلاف المشروعات تحت الإنشاء والمتوقع أن تولد طاقة كهربائية بأكثر من (170ميجاوات) (وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، مصر، مرجع سبق ذكره).

 الجزء الثالث: قياس دور الاستثمار الأجنبي المباشر في نقل التكنولوجيا بالتطبيق على قطاع الطاقة المصري:

 يهدف هذا الجزء إلى التحديد الكمي لدور صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (والتي تنطوي على نقل التكنولوجيا) في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة غير المائية خلال الفترة (1974- 2018)، ومن ثم يتضمن هذا الجزء ما يلي:

أولاً: توصيف النموذج القياسي:

 يمكن صياغة النموذج القياسي لهذه الدراسة كالآتي:

NHRE= β0+β1FDI+β2GDP+β3EE+β4RD+β5FC+β6CO2E +µ

حيث يمثل كل من:

NHRE: إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة (الشمس والرياح) عدا الطاقة الكهرومائية كنسبة مئوية من إجمالي إنتاج الكهرباء.

FDI: صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي (والتي تنطوي على نقل التكنولوجيا).

GDP: معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي.

EE: الإنفاق على التعليم كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي.

RD: الإنفاق على البحوث والتطوير كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي.

FC: استهلاك طاقة الوقود الأحفوري كنسبة مئوية من إجمالي استهلاك الطاقة.

CO2E: انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بفعل إنتاج الكهرباء كنسبة مئوية من إجمالي حرق الوقود.

µ: الخطأ العشوائي.

ثانيًا: التوقعات المسبقة لمعلمات نموذج الدراسة وفقًا للنظرية الاقتصادية:

يُفترض، وفقًا للنظرية الاقتصادية أن كل من β2، β3، β4، β5، β6، β7 أكبر من الصفر، مما يشير إلى وجود علاقة طردية بين كل من معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي، والإنفاق على التعليم، والإنفاق على البحوث والتطوير، واستهلاك طاقة الوقود الأحفوري، وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بفعل إنتاج الكهرباء كمتغيرات مستقلة وإنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة (الشمس والرياح) عدا الطاقة الكهرومائية كمتغير تابع.

 ولابد من الإشارة إلى أنه من المفترض أن تكون β2>0)) لأنه مع زيادة معدل النمو في GDP تزداد القدرة على إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، و (β3>0) لأنه مع زيادة الإنفاق على التعليم والتدريب ترتفع مستوى كفاءة الأفراد وتزداد القدرة على اكتساب المعارف ويزداد الإنتاج في قطاع الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة ، و (β4>0) لأنه مع زيادة الإنفاق على عمليات البحوث والتطوير تزداد القدرة على تطوير التكنولوجيا المستخدمة بأقل التكاليف ويزداد إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة الخضراء، وكذلك (β5>0) لأنه مع زيادة استهلاك طاقة الوقود الأحفوري، يزداد القلق حول نفاذ مصادر الطاقة غير المتجددة ويزداد الحافز نحو إنتاج الكهرباء من المصادر البديلة للطاقة وهي المصادر المتجددة، وأيضًا (β6>0) لأنه مع زيادة انبعاثات غاز CO2 بسبب حرق الوقود الناتج عن إنتاج الكهرباء من المصادر غير المتجددة (كالفحم والبترول) تصبح البيئة أكثر تلوثًا وهو ما يتعارض مع أهداف التنمية المستدامة، الأمر الذي يدفع إلى الابتعاد عن مصادر الوقود الأحفوري في إنتاج الكهرباء والتحول إلى مصادر أنظف للطاقة، أما عن β1)) فلم يتم حتى الآن ثبوت الأثر الإيجابي أو السلبي لــ FDI على .NHRE

ثالثًا: اختبار سكون بيانات السلاسل الزمنية:

 يتم اختبار سكون بيانات السلاسل الزمنية للمتغيرات الاقتصادية محل الدراسة للتأكد من سكون تلك البيانات عند مستواها الصفري، أو غير ذلك لأن عدم سكون بيانات السلاسل الزمنية يؤدي إلى الحصول على نتائج انحدار زائف Spurious Regression فمن أهم مؤشراته معامل تحديد مرتفع، معاملات انحدار ذات معنوية إحصائية مرتفعة، وجود ارتباط ذاتي في حد الخطأ العشوائي، لذلك يُستخدم اختبار ديكي فوللر الموسع (Augmented Dickey –Fuller) ADF للتأكد من سكون بيانات السلاسل الزمنية المستخدمة في النموذج القياسي، وتتمثل الصيغة العامة لاختبار ADF ما يلي:

∆Y_t=B_1+ B_2 t+ƱY_(t-1)+α_i ∑_(i=1)^n▒〖∆Y〗_(t-i) +u_t ……. Equation (1)

حيث يمثل كل من ∆yt، Β1، t، ∆y_(t-i)، الفروق الأولى للسلسلة y، والثابت، الزمن، الفروق الأولى المبطأة للمتغير التابع yعلى الترتيب، ويمكن معالجة مشكلة الارتباط الذاتي في الحد العشوائي بإضافة عدد مناسب من حدود الفروق المبطأة (the augmentation)لأنها تؤدي إلى تحويل سلسلة البواقي إلى سلاسل ساكنة (white Noise)، وهو ما يميز اختبار ADF عن اختبار ديكي فوللر العادي DF.

وتتمثل فروض الاختبار فيما يلي:

H0: There is a unit root (Not Stationary).

H1: There isn't a unit root (Stationary).

ومع إجراء اختبار ADF للسلاسل الزمنية للمتغيرات الاقتصادية محل الدراسة، يمكن تلخيص النتائج في الجدول رقم (3) كما يلي:

جدول رقم 3. نتائج اختبار ADF

First Difference Level

Variable

Result ADF Result ADF

Stationary** -2.5303 Non-stationary 0.13821 NHRE

Stationary** -6.1459 Non-stationary -1.7396 FDI

- - Stationary** -3.8577 GDP

- - Stationary** -3.5056 EE

- - Stationary** 3.1322 RD

- - Stationary** 2.5975 FC

- - Stationary** 2.7638 CO2E

Source: Author's Computations by using e-views program, lags were selected according to Schwarz information criterion.

وبقراءة الجدول رقم (3) يتضح أن جميع السلاسل الزمنية للمتغيرات الاقتصادية محل الدراسة ساكنة عند المستوى الصفري level عدا سلسلتي المتغيرات الاقتصادية التالية: إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة NHRE، وصافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر FDI، لذلك أُخذت الفروق الأولي لتلك المتغيرات، ومن ثم تم التخلص من مشكلة الجذور الأحادية.

  ستُستخدم منهجية ARDL حيث تتوافر شروط تطبيق تلك المنهجية على بيانات المتغيرات الاقتصادية محل الدراسة، وتتمثل هذه الشروط فيما يلي: (1) أن تكون جميع المتغيرات المستخدمة لتقدير النموذج مستقرة في المستوى، أو متكاملة من الدرجة الأولى أو مزيج بينهما. (2) يجب أن يكون المتغير التابع متكامل من الدرجة الأولي. (3) يجب ألا تقل عدد المشاهدات عن 30 مشاهدة (الحسنين، مرجع سبق ذكره، 2021). ولابد من الإشارة إلى أن علامة (**) تشير إلى مستوى معنوية (5%)، وتأتي الخطوة التالية وهي التأكد من عدم وجود ارتباط خطي بين المتغيرات المستقلة محل الدراسة من خلال إجراء اختبار عامل تضخم التباين Variance Inflation Factor .(VIF)

رابعًا: اختبار عامل تضخم التباين:VIF

يُستخدم اختبار VIF للتعرف على ما إذا كانت هناك علاقة خطية بين المتغيرات المستقلة للنموذج القياسي أم لا، ويمكن حساب VIF من خلال تطبيق الصيغة الرياضية التالية:

VIFi = 1/(1-R2)

ويرمز كل من VIFi، R2 إلى عامل تضخم التباين للمتغير المستقل ((i ومعامل التحديد لنموذج انحدار المتغير المستقل (i) على بقية المتغيرات المستقلة على الترتيب. فإذا كانت قيمة عامل تضخم التباين موجبة وأقل من (10) يمكن القول إنه لا يوجد ارتباط خطي بين المتغيرات المستقلة محل الدراسة، ويوضح الجدول رقم (4) نتائج تطبيق (VIF) كالآتي:

جدول رقم 4. نتائج (VIF) للمتغيرات المستقلة محل الدراسة

Un- centered VIF Coefficient variance Variable

2.84 0.0001 FDI

8.62 0.0001 GDP

176.53 0.004 EE

8.36 0.045 RD

384.69 2.24 FC

99.10 3.85 CO2E

Source: Author's Computations by using e-views program.

وبالنظر إلى الجدول رقم (4) نجد أن قيم VIF لكل من EE، FC، CO2E تتجاوز القيمة (10) مما يشير إلى وجود مشكلة ارتباط خطي بين المتغيرات المستقلة، لذلك يمكن حذف كل من FC، و EE لأنه مع زيادة الاستهلاك من مصادر الطاقة من الوقود الأحفوري تزداد انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء الجوي، وكذلك مع زيادة الإنفاق على التعليم والتدريب تزداد القدرة على ابتكار طرق وتكنولوجيا أنظف يمكن استخدامها في الإنتاج ومن ثم تنخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. ويوضح الجدول رقم (5) قيم VIFبعد حذف كل من FC، EE كما يلي:

جدول رقم 5. نتائج (VIF) للمتغيرات المستقلة محل الدراسة بعد حذف كل من FC، EE

Un- centered VIF Coefficient variance Variable

2.34 0.0001 FDI

4.07 6.09 GDP

3.69 0.02 RD

9.07 3.57 CO2E

Source: Author's Computations by using e-views program.

وبقراءة الجدول رقم (5) يتضح عدم وجود ارتباط خطي بين المتغيرات المستقلة محل الدراسة حيث يأخذ (VIF) لجميع المتغيرات المستقلة محل الدراسة بعد إسقاط كل من FC، EE قيمًا أقل من (10)، وتأتي الخطوة التالية وهي تقدير معلمات نموذج الانحدار.

خامسًا: استخدام نموذج تصحيح الخطأ غير المقيد (UECM) في تقدير معلمات نموذج الدراسة وتطبيق اختبار التكامل المشترك وفقًا لمنهجية الانحدار الذاتي للفجوات الزمنية الموزعة (ARDL) باستخدام إجراء تحليل الحدود (Bounds analysis procedure):

سُمي بنموذج تصحيح الخطأ لأن المتغير التابع يأخذ قيمًا مختلفة في الفترات الزمنية قصيرة الأجل والتي تختلف عن قيمته التوازنية في الأجل الطويل، ويمثل الفرق بين القيمتين عند كل فترة زمنية خطأ التوازن Equilibrium Error والذي يأخذ قيمة سالبة لأنه بمثابة انحراف لقيمة المتغير التابع في الأجل القصير عن قيمته التوازنية في الأجل الطويل. فالقاعدة الأساسية التي يقوم عليها نموذج تصحيح الخطأ هي وجود علاقة طويلة الأجل يمكن من خلالها تحديد القيمة التوازنية للمتغير التابع وفقًا للمتغيرات المستقلة محل الدراسة، لذلك ينطوي هذا النموذج على نوعين من العلاقات هما: علاقة توازنية طويلة الأجل، وعلاقة قصيرة الأجل بين المتغير التابع والمتغيرات المستقلة محل الدراسة.

 وتتمثل فروض الاختبار فيما يلي:

H0: No long run relationship exists.

H1: There is a long run relationship.

وبصياغة نموذج UECM ضمن إطار نموذج ARDL نصل إلى معادلة واحدة تضم معالم نموذج الانحدار في كل من الأجلين القصير والطويل كالتالي:

∆NHRE_t= B_0+∑_(i=1)^n▒b_i ∆〖NHRE〗_(t-1)+∑_(i=1)^n▒c_i ∆FDI_(t-1)+ ∑_(i=1)^n▒d_i ∆GDP_(t-1)+∑_(i=1)^n▒e_i ∆RD_(t-1)+∑_(i=1)^n▒f_i ∆〖CO2E〗_(t-1)+λ_1 NHRE_(t-1)+λ_2 FDI_(t-1)+λ_3 GDP_(t-1)+λ_4 RD_(t-1)+λ_5 〖CO2E〗_(t-1)+µ_t

حيث تمثل كل من b_i، c_i، d_i، e_i، f_i معلمات المتغيرات المستقلة في الأجل القصير، بينما تمثل كل من λ_1، λ_2، λ_3، λ_4، λ_5 معلمة التعديل أو معلمة تصحيح الخطأ، ومعلمات المتغيرات المستقلة في الأجل الطويل على الترتيب.

وبإدخال النموذج محل الدراسة على برنامج e-views 9، يتم التأكد أولاً من قيمة إحصائية (F) من خلال إجراء اختبار تحليل الحدود Bounds Test. ويوضح الجدول رقم (6) نتائج اختبار تحليل الحدود كما يلي:

جدول رقم 6. نتائج اختبار تحليل الحدود

I(1) Bound I(0) Bound Significance

3.52 2.45 10%

4.01 2.82 5%

F = 4.227

Source: Author's Computations by using e-views program.

يتضح من نتائج الجدول رقم (6) أن قيمة F المحسوبة تساوي 4.227 وهي أكبر من القيم المناظرة للحد الأعلى عند مستوى معنوية 5%، 10% حيث مثلت تلك القيم الأخيرة 4.01، 3.52 على الترتيب، مما يشير إلى وجود علاقة توازنية طويلة الأجل بين المتغيرات المستقلة محل الدراسة والمتغير التابع المتمثل في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، وهو ما يخالف فرضية الدراسة. وبتقدير العلاقة بين المتغيرات التفسيرية والمتغير التابع باستخدام نموذج تصحيح الخطأ غير المقيد تظهر النتائج التالية كما يوضحها الجدول رقم (7):

جدول رقم 7. نتائج تقدير نموذج UECM لمحددات إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة

Long Run Short Run

Variable

p- value Coefficient p- value coefficient

0.02 0.047 0.54 -0.0049 FDI

0.34 0.036 0.27 -0.0084 GDP

0.034 0.934 0.99 -0.0019 R D

0.017 0.025 0.36 -0.0081 CO2E

0.08 -1.108 C

0.0013 -0.3783 λ_1 معلمة التعديل

 0.923 R2

 2.18 D.W

Source: Author's Computations by using e-views program.

Cointeq=NHRE-(0.0474*FDI+0.0366*GDP+0.9348*RD+0.0253*CO2E-1.1081). (This equation represents the long-run regression results using e-views- 9 program).

سادسًا: أهم نتائج الدراسة:

بقراءة الجدول رقم (7) يتضح ما يلي:

• في الأجل القصير:

يتضح من الجدول رقم (7) التأثير السلبي وغير المعنوي لكل من الاستثمار الأجنبي المباشر (والذي ينطوي على نقل التكنولوجيا)، والناتج المحلي الإجمالي، والإنفاق على البحوث والتطوير، وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بفعل إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة غير المتجددة على إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، حيث أخذت p- value قيمًا أكبر من (0.05)، فقد مثلت 0.54، 0.27، 0.99، 0.36 للمتغيرات الاقتصادية المذكورة على الترتيب، مما يعني أن هذا التأثير السالب لن يستمر أثره في الأجل الطويل.

• في الأجل الطويل:

بالاطلاع على الجدول رقم (7) يتضح التأثير الموجب والمعنوي لكل من الاستثمار الأجنبي المباشر(والذي ينطوي على نقل التكنولوجيا)، والإنفاق على البحوث والتطوير، وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بفعل إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة غير المتجددة على إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، حيث أخذت p- value قيمًا أقل من (0.05)، فقد مثلت 0.02، 0.034، 0.017، للمتغيرات الاقتصادية المذكورة على الترتيب، وعلى الرغم من التأثير الموجب للناتج المحلي الإجمالي على إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، إلا أن هذا التأثير غير معنوي في الأجل الطويل، ويمكن أن يرجع ذلك إلى أن نسبة كبيرة من النمو في GDP لا تُوجه إلى إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، لأن إنتاج الكهرباء من تلك المصادر يتطلب تكنولوجيا أكثر تطورًا (يستطيع القطاع الخاص المحلي والأجنبي جلبها للدولة)، بالإضافة إلى توجيه ثمار هذا النمو إلى المجالات ذات الأولوية الاقتصادية من وجهة نظر الحكومة المصرية، حيث يُوجه حوالي (38%)، (35(%، (27%) من ثمار هذا النمو إلى القطاعات السلعية (الزراعة والصناعة والتشييد والبناء)، والخدمات الإنتاجية (النقل والتخزين وتجارة الجملة والتجزئة)، والخدمات والرعاية الاجتماعية والطاقة (التعليم والصحة وخدمات اجتماعية أخري) على الترتيب، أي تستحوذ الطاقة على نسبة منخفضة نسبيًا من النمو في GDP (وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، جمهورية مصر العربية).

أما عن λ1 (معلمة تصحيح الخطأ أو معلمة التعديل) التي بلغت قيمتها ( -0.3783) فيلاحظ الإشارة السالبة المتوقعة ومعنوية تلك المعلمة عند مستوى (0.05) مما يشير إلى أنه عندما ينحرف NHRE في الأجل القصير (الفترة t-1) عن قيمته التوازنية في الأجل الطويل فإنه يتم تصحيح ما يعادل (37.83%) من هذا الانحراف في الفترة (t)، ولابد من الإشارة إلى أن تلك النسبة من التصحيح تدل على أن سرعة التعديل نحو وضع التوازن منخفضة حيث أنها تستغرق أكثر من عامين حتى تتجه نحو قيمتها التوازنية في الأجل الطويل.

كما يتضح عدم وجود ارتباط ذاتي في الحد العشوائي، فقد مثلت إحصائية D.W حوالي (2.18)، حيث أنها تتجاوز القيمة (2)، مع ملاحظة أن القدرة التفسيرية للنموذج مرتفعة حيث مثلت R2 حوالي (0.923) أي أن حوالي (92.3%) من التغير في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة (المتغير التابع) يرجع إلى التغير في المتغيرات المستقلة محل الدراسة (FDI، GDP، RD، CO2E) وحوالي (7.7%) من التغير في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة ترجع إلى الخطأ العشوائي.

الاستنتاجات:

 مما سبق نستنتج أنه يمكن للاستثمار الأجنبي المباشر جلب التكنولوجيا المطلوبة لإنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة غير المائية في الاقتصاد المصري، حيث أنه يؤثر تأثيرًا إيجابيًا ومعنويًا على NHRE، وهو ما يتفق مع فرضية الدراسة المتمثلة في أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (والذي يتضمن انتقال التكنولوجيا) يؤثر إيجابيًا على إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة غير المائية خلال الفترة (2018-1974).

أهم توصيات الدراسة:

توصي الدراسة بما يلي:

 القيام بالإصلاحات السياسية والاقتصادية اللازمة حتى يمكن جذب الاستثمار الأجنبي المباشر والحصول على التكنولوجيا اللازمة في مجال الطاقة المتجددة.

 يمكن للحكومة المصرية توجيه الدعم الذي يتم إلغاؤه تدريجيًا من الوقود الأحفوري إلى الاستثمار في توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، وهو ما يُطلق عليه الدعم الأخضر.

 الاستفادة من التجارب الدولية في مجال الاستثمار في توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، مثل التجربة الصينية، فيمكن للحكومة المصرية أن تسلك مسار الحكومة الصينية فيما يتعلق بتمويل الاستثمار في توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة من خلال الإيرادات الضريبية والقروض التي يمكن أن يحصل عليها المستثمر في تلك المشروعات بمعدلات فائدة منخفضة، وبالفعل تسعى الحكومة المصرية إلى نقل تكنولوجيا إنتاج ألواح الطاقة الشمسية من الصين وكذلك تبادل الخبرات والمساعدة في الإنتاج المحلي ونقل المعرفة لإنتاج الكهرباء بواسطة الخلايا الشمسية المصنعة من السليكون (حسين، مرجع سبق ذكره، 2015).

المراجع

أولاً: مراجع باللغة العربية:

 الأعسر، والبيلي، (1993)، " دور الاستثمار الأجنبي الخاص المباشر في دعم القدرة التكنولوجية للبلاد النامية مع إشارة خاصة للتجربة المصرية"، مجلة كلية التجارة للبحوث العلمية، جامعة أسيوط، مجلد 13، عدد 19.

 الحسنين، مروة، (2021)، " تحليل العلاقة بين استهلاك الطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي في المغرب باستخدام نموذج الانحدار الذاتي للإبطاء الموزع غير الخطي NARDL"، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، المجلد الثاني والعشرون، العدد الثاني.

 الجيلاني، بوضراف، (2011)، " التجديد ونقل التكنولوجيا"، أبحاث اقتصادية وإدارية، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التيسير، جامعة محمد خيضر بسكرة، عدد 9.

 أحمد، فايز، (2008)، " الاستثمار الأجنبي المباشر: دراسة تطبيقية على مصر"، مجلة البحوث الإدارية، أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، مركز البحوث والاستشارات والتطوير، مجلد 26، عدد2.

 الدسوقي، محمود، (2019)، " الاستثمار الأجنبي المباشر: المفهوم، الأنواع، النظريات"، المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة، جامعة عين شمس، عدد4.

 بسيوني، إيمان، (2010)، " تجربة الاقتصاد المصري في تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية خلال الفترة (2007-1975)، المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، عدد 3.

 بن سمينة، دلال، (2008)، " الاستثمار الأجنبي المباشر ودوره في نقل التكنولوجيا إلى الدول النامية"، مجلة مركز صالح عبد الله كامل للاقتصاد الإسلامي، جامعة الأزهر، مجلد 12، عدد 35.

 تودارو، ميشيل، (2009)، " التنمية الاقتصادية"، دار المريخ للنشر.

 سعد الدين، ونايف، (2015)، " الاستثمار الأجنبي المباشر وأثره في القيمة المضافة للقطاع الصناعي في تركيا للمدة (2010-1980)، كلية الإدارة والاقتصاد، مجلة جامعة كركوك للعلوم الإدارية والاقتصادية، مجلد 5، عدد2.

 حسين، داليا، (2015)، " نحو تنمية الطاقة المتجددة في مصر لتحقيق التنمية المستدامة"، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، دراسات اقتصادية، مجلس الوزراء المصري.

 عطيل، آسيا، (2019)، " الاستثمار الأجنبي المباشر كآلية لتحويل التكنولوجيا إلى الدول النامية: إضاءة على تجربة الصين"، دراسات اقتصادية، عدد 31.

 فروح، هند، (2015)، " الطاقة الشمسية.. خطوة نحو مدن ومجتمعات عمرانية مستدامة في مصر"، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، دراسات اقتصادية، مجلس الوزراء المصري.

 كمال، نيفين وآخرون، (2015)، " إطار لرؤية مستقبلية لاستخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر"، سلسلة قضايا التخطيط والتنمية رقم (261)، معهد التخطيط القومي، مصر.

ثانيًا: مراجع باللغة الإنجليزية:

 Benzaim et al., (2021), "US Foreign Investments: Technology Transfer, Relative backwardness and the Production Growth of Host Countries", The Quarterly Review of Economics and Finance.

 Djellouli et al., (2022), " The effects of non- renewable energy, renewable energy, economic growth and foreign direct investment on the sustainability of African countries, Renewable energy, Vol. 183.

 Espoir., (2021), " Economic Growth, renewable and non-renewable electricity consumption: A fresh evidence from a panel sample of African countries", Leibniz information Centre for Economics, WP.

 Hegazy., (2015), " Egypt’s Energy Sector: Regional Cooperation Outlook and Prospects of Furthering Engagement with the Energy Charter", Knowledge Center.

 Ibrahiem. D., (2015), " Reneweble Electricity Consumption, Foreign Direct Investment and Economic Growth: An ARDL Study", Procedia Economics and Finance, Vol. 30.

 Ibrahiem. D and Sameh. R., (2022), " Financial development and natural resources nexus in Egypt: the role of clean energy sources and foreign direct investment", International Journal of Energy Sector Management", vol. 16. No. 4.

 Kadah. M., (2003), " Foreign Direct Investment and International Technology Transfer to Egypt", Economic Research Forum, WP No. 0317.

 Khalifa. O and Hashim. A., 2012, " Technology Transfer in Developing Countries", Advances in Natural and Applied Sciences, Vol. 6.

 Malikane. C and Chitambara. P., (2018), " Foreign Direct Investment, Productivity and Technology Gap in African Economies", Journal of African Trade, Vol. 4.

 Manyuchi A., (2016), " Foreign Direct Investment and Transfer of Technologies to Angola’s Energy Sector", Africa Spectrum, vol. 51, Vo.1.

 Mulder. P and Pohl. B., (2013), " Explaining the Diffusion of Renewable Energy Technology in Developing Countries", German Institute of Global and Area Studies, WP No. 217.

 Osano. H and Koine. P., (2016), " Role of Foreign Direct Investment on Technology Transfer and Economic Growth in Kenya: A case of Energy Sector", Journal of Innovation and Entrepreneurship.

 Selim T., (2009), " On the Economic Feasibility of Nuclear Power Generation in Egypt", the Egyptian Center for Economic Studies, W.P No. 143.

 Salah et al., (2022), " Towards a Sustainable Energy Future for Egypt: A Systematic Review of Renewable Energy Sources, Technologies, Challenges and Recommendations", Cleaner Engineering and Technology, vol. 8.

 Ta et al., (2021), " Factors Affecting FDI Intentions of Investors: Empirical Evidence from Provincial-Level Data in Vietnam", Journal of Asian Finance, Economics and Business, Vol. 8, No. 4.

 Tocar S., (2018), " Determinants of Foreign Direct Investment: A Review", Review of Economic and Business Studies, Vol. 11, Issue. 1.

 Zeqiri. N and Bajrami. H., (2016), " Foreign Direct Investment Types and Theories: The Significance of Human Capital", International Conference on Management, Business and Economics.

ثالثًا: مواقع الكترونية:

 البنك الدولي، مؤشرات التنمية العالمية www.worldbank.org

 الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة www.gafi.gov.eg

 وزارة التخطيط والتعاون الدولي www.mped.gov.eg

 وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة www.nrea.gov.eg