دور البرنامج القومي لتنمية وتطوير القري المصرية في التنمية المحلية خلال الفترة (2014 -2021) بالإشارة لأهم نماذج تقييم السياسات

نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة

المؤلف

مرکز التنمية الإقليمية - معهد التخطيط القومي - القاهرة

المستخلص

بذلت الحکومة المصرية جهوداً حثيثة من أجل التنمية الإقليمية والمحلية وذلک بتطوير القرى في مصر عبر إعداد الخطط ورسم السياسات وتخصيص الموارد خلال العقود الماضية. لکن الفوارق الاجتماعية والاقتصادية الإقليمية استمرت قائمة بما انعکس علي مجمل الأوضاع للقرية المصرية. ما أثار اهتمام الحکومة لتبديل طرق تعاملها عبر طرح عدد من المبادرات الجديدة تنوعت ما بين القانونية والاستراتيجية والتنظيمية خلال الفترة (2014 – 2021) في محاولة لتجسير الفجوة التنموية علي الجانب المکاني للأقاليم والقري. وتجيء تلک الأنشطة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030م Sustainable Development Goals (SDGs) خصوصاً الهدفين الأول والذي ينص علي "إنهاء الفقر" والعاشر الذي ينص علي الحد من أوجه عدم المساواة وکذا رؤية مصر 2030. وتسعي هذه الدراسة الي تسليط الضوء علي أبرز تلک الأنشطة والمشاريع بالترکيز علي الأبعاد الإدارية والمالية للبرنامج القومي لتنمية وتطوير القرى المصرية وانعکاساته الاقتصادية والمجتمعية والبيئية مع الإشارة الي أهم نماذج تقييم السياسات العامة لتحسين سياسات التنمية المحلية في مصر کمنطلق لتعزيز العائد التنموي.

الكلمات الرئيسية


مقدمة

بذلت الحكومة المصرية جهوداً حثيثة من أجل التنمية الإقليمية والمحلية وذلك بتطوير القرى في مصر عبر إعداد الخطط ورسم السياسات وتخصيص الموارد خلال العقود الماضية. لكن الفوارق الاجتماعية والاقتصادية الإقليمية استمرت قائمة بما انعكس علي مجمل الأوضاع للقرية المصرية. ما أثار اهتمام الحكومة لتبديل طرق تعاملها عبر طرح عدد من المبادرات الجديدة تنوعت ما بين القانونية والاستراتيجية والتنظيمية خلال الفترة (2014 – 2021) في محاولة لتجسير الفجوة التنموية علي الجانب المكاني للأقاليم والقري. وتجيء تلك الأنشطة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030م Sustainable Development Goals (SDGs) خصوصاً الهدفين الأول والذي ينص علي "إنهاء الفقر" والعاشر الذي ينص علي الحد من أوجه عدم المساواة وكذا رؤية مصر 2030. وتسعي هذه الدراسة الي تسليط الضوء علي أبرز تلك الأنشطة والمشاريع بالتركيز علي الأبعاد الإدارية والمالية للبرنامج القومي لتنمية وتطوير القرى المصرية وانعكاساته الاقتصادية والمجتمعية والبيئية مع الإشارة الي أهم نماذج تقييم السياسات العامة لتحسين سياسات التنمية المحلية في مصر كمنطلق لتعزيز العائد التنموي.

الأدبيات السابقة

تنوع اهتمام الدراسات السابقة بالتنمية المحلية حيث ركزت دراسة د.رندا حسين علي دور البرامج والأنشطة الاقتصادية المحلية في الحد من الفقر ، وكذلك دراستها الأخرى علي أهمية تحديد المؤشرات التي يمكن من خلالها قياس القدرات التنموية لصياغة سياسات تنمية محلية . واهتم البعض الآخر بدور الإدارة المحلية في التنمية الاقتصادية المحلية المستدامة ، واعتنت دراسة الشريف بالبحث في تحليل أسس التقسيم الإداري في الخبرة الدولية كمدخل للتنمية المحلية في محاولة للتوصل الي أبرز العوامل العلمية والعملية للتقسيم الإداري وأثره المباشر أو غير المباشر علي معدلات التنمية المحلية .

وتختلف هذه الدراسة عن الدراسات السابقة في سعيها نحو استكشاف البرنامج القومي لتنمية وتطوير القري المصرية من حيث الأبعاد الإدارية والمالية والتوقيتات الزمنية والمستهدفات وآليات التنفيذ، والدور المأمول من البرنامج في التنمية المحلية وهو ما لم يذكر في الدراسات السابقة بعد. فضلا عن استعراض أبرز 13 نموذج من نماذج تقييم البرامج والسياسات العامة والتي يمكن الاستفادة منها في أعمال البرنامج.

المشكلة البحثية

لما وصلت نسبة سكان الريف المصري الي 57.2% منهم 52% من سكان ريف الوجه القبلي عام 2017م /2018م لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، فيما وصل توزيع السكان في ريف الوجه البحري 31.6% من إجمالي السكان في جمهورية مصر العربية لنفس العام شكل الفقراء نسبة 26.5% من إجمالي نسبة الفقر على مستوي الجمهورية، فضلا عن ارتفاع معدلات الأمية وعلي وجه الخصوص في ريف الوجه القبلي وثلة أخري من مشكلات البنية التحتية والاقتصادية والبيئية المزمنة وهو ما يعني أنها مشكلات عامة مست قطاعات ضخمة من السكان، ما جعلها تكتسب اهتماماً متزايداً لتصعد علي أجندة صناع السياسات لإصلاح عيوب التنمية المحلية في القري المصرية. من أجل ذلك كله أطلقت الحكومة المصرية "البرنامج القومي لتنمية وتطوير القري المصرية".

وعلى الرغم من كون البرنامج إحدى الوسائل التي تتبانها الدولة المصرية لمواجهة التحديات السابقة إلا أنه ومن خلال مراجعة الدراسات السابقة تبين ندرة الدراسات التي تناولت البرنامج بالاستكشاف والايضاح.

لذا تتمثل المشكلة البحثية في التساؤل الرئيسي التالي: إلى أي مدي يساهم البرنامج القومي لتنمية وتطوير القرى المصرية في تحسين التنمية المحلية خلال الفترة 2014 حتي 2021؟

التساؤلات البحثية

تطرح الدراسة عدداً من التساؤلات كالتالي:

1- ما هي أهم الملامح والتدابير (الاستراتيجية والمؤسسية والقانونية) التي تبنتها الحكومة المصرية للتنمية المحلية؟

2- ما هي الأبعاد الإدارية والمالية لبرنامج تنمية وتطوير القري المصرية؟

3- ما هي أهم الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتوقعة من تنفيذ البرنامج القومي لتنمية وتطوير القرى المصرية؟

4- ما هي أبرز ملامح التغير والاستمرارية في التنمية المحلية منذ عام 2014 حتي 2021؟

5- هل يمكن أن تساهم نماذج تقييم السياسات العامة في تحسين جودة البرامج التنموية المحلية؟

أهمية وأهداف الدراسة

تنبع أهمية الدراسة من عدد من الاعتبارات الآتية:

1- تناقش الدراسة موضوعاً من الموضوعات الضرورية وهو تأثير البرنامج القومي لتنمية وتطوير القري المصرية في التنمية المحلية خصوصاً في ظل الجدل بين الباحثين حول أولويات الإنفاق المركزي والمحلي وقدرة هذا البرنامج في مساعد القري المصرية علي مواجهة التحديات التي تعاني منها.

2- قلة الأبحاث والدراسات التي تناولت أثر البرنامج القومي لتنمية وتطوير القري المصرية علي التنمية المحلية وبالتالي يرجو الباحث أن تكون هذه الدراسة من الدراسات التي تقدم إسهاماً في هذا الصدد.

3- تترافق هذه الدراسة مع المجهودات التي تقدمها الحكومة المصرية للتنمية المحلية وتقليل الفجوات بين الأقاليم الاقتصادية وتحسين سبل الحياة في القري المصرية.

أما من ناحية الأهداف فتسعي الدراسة الي تحقيق أربعة أهداف رئيسية كالتالي:

1- تسليط الضوء علي مفهوم التنمية المحلية وحالة الريف المصري خلال العقود السابقة عبر معرفة أجزاء من الحالة الكمية للتنمية الريفية باستعراض أهم المؤشرات في ذلك.

2- التعرف علي أوجه قصور التنمية المحلية في قرى الريف في مصر وأهم الاستراتيجيات المتبعة لتطوير الوضع التنموي المحلي في القري المصرية.

3- دراسة البرنامج القومي لتنمية وتطوير القرى المصرية بالاهتمام بالأبعاد الإدارية والمالية لهذا البرنامج وإبراز أهم المخرجات المترتبة عليه.

4- محاولة الاستفادة من النماذج التي تطرحها أدبيات السياسات العامة في تقييم البرامج، وقد دعانا الي استعراضها ثلاث أمور: أولا أن طرق تقييم السياسات تعد أداة للتعرف علي نقاط القوة والضعف فيها واستخلاص الدروس المستفادة منها وتطويرها والبحث عن بدائل جديدة لضمان ترشيد تنفيذ البرامج والمشاريع في الريف المصري، وثانيا سيادة اعتقاد لدي البعض أنه بمجرد صدور قرارات أو اعتماد ميزانية أو إقرار مشروع فإن الأهداف سوف تتحقق لدي الفئات المستهدفة بيد أن نتائج كثير منها كان متواضعاً في انجاز المرجو منها، وثالثا وصول الجدول الزمني لتنفيذ البرنامج القومي لتنمية وتطوير القري المصرية الي مرحلته الثالثة.

منهج الدراسة

اعتمدت الدراسة علي المنهج الوصفي التحليلي والذي يتم استخدامه في إطار عرض وتحليل مجموعة السياسات التي تناولت التنمية الريفية خلال العقود السابقة عموماً والتركيز علي مشروع تطوير القرى خصوصاً وذلك في إطار رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة. ولما كان للمنهج الوصفي أسلوبين أساسيين هما: المسح الاجتماعي ودراسة الحالة، فإن هذه الدراسة تستخدم أسلوب دراسة الحالة والذي يتناول حالة معينة بالدراسة قد تكون مشروع أو فرد أو مجتمع أو مؤسسة "بشكل مستفيض ووافي يتناول كافة المتغيرات والظواهر المرتبطة بها" وفي حالتنا سيكون البرنامج القومي لتنمية وتطوير القرى المصرية.

تقسيم الدراسة

تنقسم الدراسة إلى أربعة أجزاء رئيسية. يتناول الجزء الأول مفهوم التنمية المحلية وتطور الاهتمام بالتنمية في الريف المصري خلال العقود السابقة بشكل مقتضب. ويعرض الجزء الثاني للوضع الراهن للتنمية المحلية في الريف المصري. ويليه الجزء الثالث والذي يستكشف الأبعاد الإدارية والمالية واستراتيجيات الدولة المصرية لعلاج أوجه القصور في التنمية الريفية وأهداف مشروع تطوير القري المصرية ومخصصاته وآثاره الاجتماعية والاقتصادية والصحية ثم الجزء الرابع والذي يقدم نماذج يمكن أن تساهم في تفعيل مشروع تطوير القري المصرية عبر الاستفادة من الأدب النظري في مجال تقييم برامج السياسات العامة.

أولاَ: مفهوم التنمية المحلية والريف المصري خلال العقود السابقة

مر مفهوم التنمية المحلية بعدد من التطورات تنوعت في محتواها، واتسم كل تطور بنقص ما حاولت المرحلة التي تليها أن تُعالجها.

 ففي عقد الخمسينيات أُطلقت علي أنشطة تنمية المناطق الريفية مصطلح تنمية المجتمع وذلك استجابة لتوصيات مؤتمري كامبردج عام 1948 ومؤتمر أشردج Ashridge والذي ناقش المشكلات الإدارية في المستعمرات البريطانية. ترافق معه مفهوم التنمية الريفية ليشير الي الخدمات الاجتماعية والاقتصادية ونظراً لفشل حصر التنمية الريفية في البعد الاجتماعي والاقتصادي فقط فقد أشار تقرير البنك الدولي الي أن غالب سكان الريف يفتقرون الي الخدمات حيث ذهبت ثمار التنمية الريفية الي الأثرياء.

لذا ظهر الطور الثاني لمفهوم التنمية الريفية بإضافة كلمة "المتكاملة"، فبات هناك ما يعرف بالتنمية الريفية المتكاملة بحيث تحوي تحديث الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لفقراء الريف عبر محاولات خلق فرص عمل جديدة وزيادة الإنتاج وتحسين الخدمات.

ولما طغي الاهتمام بالمناطق الريفية فحسب دون وصلها بالمناطق الحضرية ظهر الطور الثالث وتم صياغة مفهوم التنمية المحلية في محاولة لتركيز التنمية علي الوحدات المحلية في الريف والحضر علي السواء.

وإزاء التعاريف الكثيرة لمفهوم التنمية المحلية يمكن انتخاب تعريف بأنها "عملية التغيير التي تتم في إطار سياسة عامة محلية تعبر عن احتياجات الوحدة المحلية (ريفية أو حضرية أو صحراوية)، من خلال القيادات المحلية القادرة علي استغلال الموارد المحلية، وإقناع المواطنين المحليين بالمشاركة الشعبية والاستفادة من الدعم المادي والمعنوي الحكومي، وصولا الي رفع مستوي معيشة المواطن المحلي ودمج جميع الوحدات المحلية في الدولة" .

وتميز أحد الدراسات بين أربع طرق للنظر الي التنمية هي: التنمية كعميلة As Process، والتنمية كمنهج As Method، والتنمية كبرنامج As Program، والتنمية كحركة اجتماعية.

(أ) فحين ننظر الي تنمية المجتمع كعملية As Process "فهي تسير من مرحلة إلى أخرى موقف إلى موقف، وهي تشمل على عدد من التغيرات الصاعدة نحو تحقيق أهداف محددة، وهي قبل كل شـيء تغير واقعي من مرحلة كان يقوم فيها عدد محدود بتقدير الأمور إلى مرحلة يقرر فيها الناس أنفسهم الحلول لمشاكلهم التي يشعرون بها ويتفاعلون معهـا عبر السنين، تلك المرحلة التي يساهم فيها الغالبية بالشعور بالحاجة والسعي نحو اكتشاف قدراتهم وذوات أنفسهم وترتيب الأولويات وتلمس أسباب العلاج وتحديد المعونة الفنية المطلوبة من قبل الهيئات الرسمية والأهلية وممارسـة عمليات التنفيذ (المجتمع نفسه أساس عمليات تنمية المجتمع وفي هذا الـرأى تعتمد الممارسة على نظريات التغير الاجتماعي Social change, theory".

(ب) أما التنمية كمنهج As Method فهي منهج لغاية الوصول إلى أهداف محددة، وهذه النظـرة تعتبـر الوسائل الأخرى كوسائل التعليمية، والمحاولة والخطأ والتجريب، وسـائل مساعدة لوسيلة تنمية المجتمع التي تسعى خلال العمليات المختلفة للوصول إلى الهدف الذي حدده المختصون (في الحكومات، في الهيئات الأهلية، في الحكومة المحلية) وهذه النظرة تؤكد العلاقة بين الوسيلة والغاية، فهي وسيلة يقودون بها العلمية وأهم النظريات التي تخدم هذه النظرة هي تلك المتعلقـة بالضبط الاجتماعي والتي يجب أن تفسر الدوافع والتنشئة الاجتماعية والرأى العام في المجتمعات المحلية من جهة والسلطة المنظمة للدولة وتشريعاتها من جهة أخرى وكل منها يقود إلى تحقيق الهدف.

(ج) تنمية المجتمع كبرنامج As Program فهي برنامج مفصل الأجزاء ومحدد الإجراءات والتركيز هنا علـى الأنشطة التي يضمنها البرنامج ويكون البرنامج في هذه النظرة هو الهدف دون النظر لتغير اتجاهات الناس الذين يشملهم المشروع ومن هنـا كـانـت أهمية تشكيل البرنامج وتخطيطه كما هو الحال في برنامج السنوات الخمـس للتنمية ويلعب التخصص دوره في تصميم البرامج فتجيء أهمية الخبرة فـي النواحي الصحية والاجتماعية والزراعية والصناعية والترويحية. وهذا الاتجاه في تعريف تنمية المجتمع يجب أن يفـسـر فـي ضـوء نظريـات التنظیم الاجتماعي Social Organization فيجب أن يضاف إلى نظريات التغيـر الاجتماعي والضبط الاجتماعي، المعلومات التي يجب أن تتوافر عن التركيب الاجتماعي والوظيفي للمجتمعات، فالبرنامج لا وجود له بدون تحديد الطريق الذي يسلكه العاملون حتى يأتي بنتائجه المرجوه، فيجب أن تكون هناك قيادة تحقق الهدف وأن يكون هناك دور محدد لكل من القيادات الشعبية والرسمية لتحقيق أهداف البرنامج.

(د) تنمية المجتمع كحركة اجتماعية As social Movement

فهي حركة يلتزم الناس بها جميعا، فهي لا تهـدأ ولا تـهـادن فهـي مجموعة من الإجراءات تترجم انفعالات الناس وأحاسيسهم إلى برامج وهي رغبات تتبلور في واقع من الخدمات وهذه الحركة تبدأ أو تسير لتصبح نظاما في مجموعة النظم الاجتماعية التي تعمل على بقاء وحدة المجتمع وتماكـسـه ويلتزم بها الأفراد والجماعات والمجتمعات المحلية التي تؤلف جسد المجتمع وتوحد الأمة نحو تحقيق أهداف التنمية قبل صدرها. ولكي نفهم هذا المعنى لتنمية المجتمع ينبغي أن نفسره فـي ضـوء نظريات علم الاجتماع السياسي Political Sociology من خلال ما يلتزم به رجال السياسة من اهتمام واضح بتحقيق برامج تنمية المجتمع مستفيدين ذلك من ثقلهم السياسي وإمكانيات الدولة المادية وموظفيها وتشريعاتها .

وفي الحالة المصرية يمكن القول بأن بداية الاهتمام الحقيقي بالقرية المصرية بدأ مع ثورة يوليو 1952م حيث "حرصت الثورة على توفير الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية لأهل الريف فأنشأت الوحدات المجمعة والجمعيات التعاونية وأعادت تخطيط القرى وأنشأت المساكن القروية، ووضعت نظام للائتمان الزراعى التعاونى أملا فى خلق مجتمع ريفى جديد" . ولا نبالغ إذا قلنا بأن الحكومة من فرط اهتمامها بالفلاح خصصت يوم التاسع من سبتمبر كل عام كعيد للفلاح المصري.

وفي السبعينيات وتحديداً في عام 1973م صدر قرارين جمهوريين متتابعين حملا رقم 890 و891 بإنشاء كل من جهاز بناء وتنمية القرية المصرية وجهاز الصناعات الحرفية والتعاون الإنتاجي، وظل الجهازين حتى دمجهما عام 2016 في وزارة التنمية المحلية.

وركز جهاز بناء وتنمية القرية المصرية على إعادة بناء القرية وتحسين المستوي المعيشي وزيادة الناتج القومي وفتح فرص للتصدير وتحقيق المزيد من الاكتفاء الذاتي من الناتج المحلي، وذلك عن طريق تنمية وتوفير فرص عمل جديدة للشباب وفتح آفاق من الاستثمار في السوق المحلية المصرية، من خلال توفير قروض ميسرة وسهلة الإجراءات للأفراد والمنظمات الأهلية لدعم إنشاء المشروعات التنموية ذات عائد مالي. وتولي الجهاز ضمن اختصاصاته تنفيذ السياسات العامة للدولة فيما يتعلق ببناء وتنمية القرية المصرية بالتنسيق مع الوزارات والمحليات والجهات المعنية وذلك من خلال اقتراح الخطة العامة لتنمية القرية، والعمل علي تنفيذ الخطة العامة لبرامج زمنية معتمدة، ومتابعة خطوات التنفيذ وتقديم تقارير دورية لوزير الدولة للتنمية المحلية مع اقتراح الحلول الكفيلة بتذليل العقبات التي تعترض برامج تنمية القرية، وتقييم الإمكانيات المتاحة لدي وحدات الحكم المحلي وتحديد متطلبات دعمها سواء من الناحية المالية او من ناحية الخبرات الفنية، وإجراء الدراسات والبحوث المتعلقة بتنمية القرية في النواحى الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والفنية وتنفيذها بالتعاون مع الجهات المعنية والخبراء المتخصصين، وإعداد وتنفيذ البرامج الإعلامية والتدريبية وغيرها من البرامج اللازمة لتنفيذ خطة إعادة بناء القرية .

وانبثق عن الجهاز في التسعينيات البرنامج القومي للتنمية الريفية المتكاملة والذي عُرف بـ(شروق) هو اسم أطلق على البرنامج القومي للتنمية الريفية المتكاملة في جمهورية مصر العربية والذي يهدف إلى تحقيق التنمية الريفية المتكاملة وإطلاق حركة وقوى النمو الذاتي بما يحقق ارتقاء وتحسينا مستمرين لنوعية الحياة لمواطني الريف وذلك من خلال المشاركة الإيجابية الفعالة. وضم خططا زمنية علي النحو التالي: خطة الإرساء (1992م – 1997) والذي تضمن البدء ب26 وحدة محلية قروية بمعدل وحدة واحدة بكل محافظة يتم اختيارها شرط أن تكون الأكثر حرماناً من الخدمات والأكثر استعداداً للمشاركة الشعبية في التنمية، ثم (1997-2002) خطة الانطلاق، (2002 -2007) خطة التوهج، (2007-2012)، وخطة الاستدامة (2012 -2017)، وكان ومن المتوقع أن يسهم البرنامج في تحقيق آثار على المستوى الوطني وفي مقدمتها زيادة الدخل القومي وقيمة الصادرات وخفض قيمة الواردات وذلك من خلال تحسين مواصفات الإنتاج. كما عمل البرنامج على خفض أعباء الدولة المالية بزيادة نسب المساهمة الشعبية ورفع معدلات تشغيل القوى العاملة من خلال إتاحة مزيد من فرص العمل المستقر والمنتج. ومن جهة أخرى عمل البرنامج على تعميق وتفعيل الممارسات الديمقراطية في المجتمع من خلال توسيع قاعدة المشاركة الشعبية وإرساء أدوار مجتمعية للمنظمات الأهلية ومكونات المجتمع المدني وإدماج المرأة والشباب والفئات المهمشة في حركة تنمية المجتمع .

ثم جاءت مبادرة الانتعاش الاستراتيجي للمحليات خلال الفترة من 2004 حتي 2005 في محاولة لتنمية عشر قري بتمويل محلي ومن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبعض الجهات المانحة الأخرى . وفي عام 2007 بدأ مشروع الألف قرية الأكثر احتياجا لكنه لم يكتمل لأسباب سياسية واقتصادية.

وأُنشئت الهيئة العامة لكهربة الريف واختُصت بجميع الأعمال المتعلقة بمشروعات كهربة الريف وتدعيم شبكات التوزيع القائمة ثم ألغيت ونقلت أصولها الي شركات نقل وتوزيع الكهرباء عام 2007. وفي ذات العام أصدرت الحكومة المصرية –آنذاك- برنامج قومي للقرى الأكثر احتياجاً، بالتعاون مع جهات محلية ودولية.

ثانيا - أوجه قصور التنمية المحلية في قرى الريف المصري

وفقاً للمسح الشامل الذي أعده الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2015م بلغ عدد القرى في مصر حوالي 4655 ووصل نسبة سكان الريف المصري 57.2% وفقاً للبيان الذي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 11 يوليو 2020 مقابل 42.8% يعيشون في الحضر. يوضحه الشكل رقم (1) التالي.

ورغم هذه النسبة العالية من السكان في الريف إلا أنهم يعانون - وفقاً للمسح الذي أجراه الجهاز عام 2015م لخصائص الريف المصري - من مشكلات مثل: تعدي 53.9% من القري على المساحات الخالية، وحوالي 70% من القري في حاجة الي إنشاء مشروعات صرف صحي بها ويعود التقرير في جانب آخر منه ليؤكد أن ثلاثة أرباع القري لا يوجد بها شبكة صرف صحي، 66.3% من القري تحتاج لمشروعات رصف طرق وإنشاء جسور، 59.4% في حاجة الي إنشاء مدارس بها، 53.6% في حاجة الي إنشاء مشغل للبنات. 40.5% تحتاج الي إنشاء مستوصف، وحوالي ثلث القري في حاجة الي إنشاء نادي ثقافي، مخابز، مركز شباب وفصول محو الأمية. كما أن نسبة مساكن الحضر 91.5% للحضر مقابل 89% للريف.

وعلى الرغم من تأكيد المسح أن 44.1% من القري بها مبادرات تنموية بغرض تحسين البيئة إلا أن التقرير يعود ليؤكد أن حوالي 71% من القري التي يوجد بها ترع أو مصارف زراعية تحتوي علي قمامة! وحوالي 44% تحتوي أيضا علي حيوانات ميتة! وحوالي 86% من القري يوجد بها رشاح حالته مفتوح، و76% من القري بها رشاح ترمي به القمامة! وهو ما يستدعى التساؤل عن فاعلية عمل تلك المبادرات المجتمعية التنموية بالقري. وعن وسائل النقل فإن أغلب ما يتوفر في القري من الميكروباصات الخاص بنسبة 68.6%، وحوالي 78.2 للتوك توك، و48%.2 عربات نصف نقل مهيأة للاستعمال، و48.2% لا تتوفر وسائل النقل العام إلا لنسبة قليلة من القري بلغت 2.9% للأتوبيس أو الميني باص التابع للوحدة المحلية، 2.1% للميني باص التابع لهيئة النقل العام. وحوالي 97.1% من القري لا يوجد بها وصلات للغاز الطبيعي.

ويؤكد ما ذُكر سابقاً الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية في بُعد التحديات السكانية التي تواجه مصر "استمرار درجة التفاوت في المؤشرات السكانية والتنموية بين المناطق الجغرافية (الحضر مقابل الريف، وجه بحري مقابل وجه قبلي، المناطق الحضرية المخططة مقابل العشوائيات)". وارتفاع معدلات الأمية وعلي وجه الخصوص في ريف الوجه القبلي وبين الإناث.

وبناءً علي دراسة أعدتها الدكتورة هبة الليثي لتحليل مؤشرات الفقر من واقع مسوح الدخل والإنفاق والاستهلاك في مصر توصلت الي ارتفاع معدلات الفقر في الريف فلا يزال 52% من سكان ريف الوجه القبلي عام 2017م /2018 لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، ولا يزال ثلثي الفقراء يسكنون في الريف، ويسكن 40.3% من إجمالي الفقراء في ريف الوجه القبلي بينما يعيش به 25.2% فقط من سكان الجمهورية. فيما وصل توزيع السكان في ريف الوجه البحري 31.6% من إجمالي السكان في جمهورية مصر العربية لعام 2017/2018م شكل الفقراء نسبة 26.5% من إجمالي نسبة الفقر علي مستوي الجمهورية. بينما وصل توزيع السكان في ريف الوجه القبلي 25.2% من إجمالي توزيع السكان في جمهورية مصر العربية لعام 2017/2018 بلغ نسبة توزيع الفقراء فيها 40.3% من إجمالي نسبة الفقر علي مستوي الجمهورية في نفس العام. وهو ما يدل علي أن ما يقرب من 66% من إجمالي نسبة الفقر علي مستوي الجمهورية لعام 2017/2018 تتركز في ريف الوجه البحري والقبلي.

وإزاء ذلك تتبني مصر خطط طموحة تسعي "لزيادة المساحة المأهولة الي حوالي 14% مقابل 6.8% في 2018 وذلك من خلال إنشاء وتوسعة 34 مدينة تستوعب حوالي 27 مليون نسمة بحلول 2030 – 2050 باستثمارات تصل الي حوالي 200 مليار جنيه لمشروعات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة".

ويتم تغطية 84% من الأسر المصرية في منظومة الدعم، وترتفع هذه النسبة في الريف لتصل الي 91.1% بينما تقل في الحضر لتصل الي 74.9%.

ويستفيد ما نسبته 91.5% من أسر ريف الوجه البحري من منظومة الدعم مقابل 64.6% في المحافظات الحضرية، وبلغت نسبة تغطية بطاقات التموين للأسر 90.7% في ريف الوجه القبلي و84.8% في حضر الوجه البحري و79.5% في حضر الوجه القبلي و84.1% في محافظات الحدود. ويحذر بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك من إلغاء دعم الغذاء والبوتجاز والكهرباء وإلا سترتفع نسبة الفقراء بمقدار 10 نقاط مئوية، وسيزيد عدد الفقراء بمقدار 10 ملايين فرد .

وأشار تقرير السكان بحوث ودراسات الصادر من الجهاز المركزي للتعبية العامة والإحصاء الي أن حجم الهجرة الداخلية بمصر عام 2017 بلغ إجمالي المهاجرين حوالي 8.3 مليون مهاجر، وهي تمثل حوالي 8% من السكان منهم حوالي 5 مليون مهاجر من الحضر بنسبة 60.1% من إجمالي المهاجرين بالجمهورية مقابل 3.3 مليون مهاجر بنسبة 39.9 من إجمالي المهاجرين الذين انتقلوا الي ريف المحافظة (السكان بحوث ودراسات، الجهاز المركزي للتعبية العامة والإحصاء، 2021، ص 58).

لذا شهدت المرحلة (2014 – 2021) عدداً من المعالجات القانونية والاستراتيجية والتنظيمية للقضية. فمن الناحية القانونية صدر في العام 2014 قانون التأمين الصحي للفلاحين والعاملين بالزراعة، وعُدلت بعض أحكام كل من اللائحة التنفيذية لقانون التعاون الزراعي، وأحكام القانون رقم 31 لسنة 1966 بإنشاء نقابة المهن الزراعية. وقانون رقم 84 لسنة 2016 بتحويل بنك التنمية والائتمان الزراعي إلى البنك الزراعي المصري. ويهدف البنك الزراعي المصري إلى توفير التمويل اللازم لمختلف أنواع أنشطة التنمية الزراعية والريفية وفقاً للنظم المصرفية المعمول بها في إطار السياسة العامة للدولة، كما يسهم في توفير التمويل اللازم لمستلزمات الإنتاج سواء بالاستيراد أو بالإنتاج المحلي. وللبنك إنشاء وتأسيس الشركات بأنواعها التي من شأنها المساهمة في تحقيق التنمية الزراعية والريفية أو لخدمة الاقتصاد القومي، أو المشاركة فيها. وتعظيم ثقافة الادخار للمساهمة في توفير التمويل اللازم لمشروعات التنمية الزراعية والريفية، كما عُدل القانون رقم 17 لسنة 2019 بشأن التصالح فى بعض مخالفات البناء وتقنين الأوضاع والمعدل بقرار رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 2020.

وعُلق قانون ضريبة الأطيان الزراعية لمدة عامين منذ 22 مارس 2020م لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، وكان رئيس الجمهورية منذ 2017م قد أوقف العمل بضريبة الأطيان علي الأراضي الزراعية لثلاث سنين لتقليل أثقال الضريبة.

وعلى الجانب الاستراتيجي جاءت رؤية مصر 2030 لتؤكد علي التنمية الإقليمية المتوازنة. وأطلقت رئاسة الجمهورية مبادرة حياة كريمة ضمت مشروع قومي لتطوير القرى المصرية. ودشنت الحكومة برنامج عملها تحت شعار: مصر تنطلق حوت عدد من البرامج لعلاج الفجوات التنموية والنهوض بالقري المصرية وكذلك اعتماد المخططات الاستراتيجية والتفصيلية والأحوزة العمرانية.

وفي يونيو 2020 انتهي وزير التنمية المحلية من اعتماد المخطط الاستراتيجي لعدد 4388 قرية، وجارى استكمال إجراءات الاعتماد بالمخططات الاستراتيجية للباقي. كما تم إعداد واعتماد الحيز العمراني لـ 4482 قرية، وإعداد واعتماد المخططات التفصيلية لعدد 3675 قرية. وتم الانتهاء من اعتماد الحيز العمراني لـ 18989 منها من مجموع 30890 عزب وكفور ونجوع.

 وعلي الجانب التنظيمي أنشئ بقرار جمهوري رقم 126 لعام 2014م كل من صندوق التكافل الزراعي والذي هدف الي تغطية الأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية وغيرها من مخاطر الآفات التى تتعرض لها الحاصلات الزراعية النباتية، والحد من آثارها بما يحقق التنمية الزراعية المستدامة، والمحافظة على مستوى الدخل الزراعى للمستفيدين في كافة المناطق والمجتمعات الزراعية وتشجيع وتوعية المستفيدين باتباع تكنولوجيا الإنتاج الحديثة لتقليل المخاطر الزراعية وتدعيم مركز المزارعين والمنتجين لدي مصادر التمويل لضمان حصولهم علي الائتمان اللازم. كما أنشئ المجلس التخصصي لتنمية المجتمع في عام 2015 م واختُص بأهداف خمسة كان منها المساهمة في تطوير برامج المؤسسات المعنية بتنمية المجتمع في كافة المناحى الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والثقافية والسياسية، مع التركيز على أنشطة التنمية المجتمعية الريفية وذلك في إطار خطة التنمية الشاملة للدولة.

ولا يعني ذلك أن مشكلات الريف المصري قد حُلت، فلا تزال تحتاج الي جهود كبرى من الفاعلين بشكل يستدعي وضع سياسات متنوعة ومستجيبة لتنمية القرية المصرية في إطار من الحوكمة. ورغم أن صندوق تطوير العشوائيات ينص في استراتيجيته طويلة المدي علي التنمية العمرانية الشاملة لوقف الهجرة من الريف للمدن ومنع ظهور مناطق عشوائية جديدة إلا أنه أغفل الحديث عن الريف المصري.

واستمراراً للجهود التنظيمية للأحوزة العمرانية في القري المصرية يتولي المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية الجمع بين جميع مؤسسات الدولة المعنية بالعمران، ومن اختصاصات المجلس إقرار واعتماد مخططات وبرامج وأولويات وآليات التنفيذ ومصادر التمويل لمشروعات التنمية العمرانية الجديدة التى يتم إنشاؤها خارج حدود الحيز العمراني المعتمد للمدينة أو القرية طبًقا للمخططات الاستراتيجية للمحافظات والأقاليم التخطيطية والمعتمدة بالمخطط الاستراتيجي القومي، ويتخذ الإجراءات اللازمة لإصدار قرار إنشائها من رئيس الجمهورية. ويعتمد المجلس المناطق ذات القيمة المتميزة بناء على عرض الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، وإذا تبين وجود مناطق متميزة عند اعداد المخطط الاستراتيجي العام للمدينة أو القرية، بناء على الضوابط والمعايير التي اقرها المجلس بعد اعداد المخططات الاستراتيجية للمدن والقرى، يتم اخطار الجهاز القومي للتنسيق الحضاري ليقوم بالدراسة وعرض تحديد المنطقة على المجلس لإقرارها.

ولما كانت قضية تطوير القرية المصرية متعددة الأوجه حيث تجمع بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسكانية والبيئية والصحية والثقافية والأمنية استندت سياسات تنمية القري المصرية علي ما ورد في المادة ٤١ من دستور 2014م من التزام "الدولة بتنفيذ برنامج سكاني، يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكاني والموارد المتاحة، وتعظيم الاستثمار فى الطاقة البشرية، وتحسين خصائصها، وذلك فى إطار تحقيق التنمية المستدامة" . وقد أخذت الحكومة علي نفسها تنفيذ تلك المسئولية للتصدي لمشكلات التنمية الريفية. ووزعت هذه المسئولية علي رئاسة الجمهورية وعدد من الوزارات مثل وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية ووزارة التنمية المحلية ووزارة الصحة ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ووزارة الصحة ووزارة الشباب والرياضة ووزارة النقل ووزارة التربية والتعليم ووزارة التضامن الاجتماعي، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة والمحافظات ومؤسسة حياة كريمة.

ثالثاَ – الأبعاد الإدارية والمالية لبرنامج تنمية وتطوير القري المصرية

لما جاء نص المادة 151 من الدستور المصري علي أن (يضع رئيس الجمهورية بالاشتراك مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة ويشرفان على تنفيذها) فقد أبدي الرئيس عن رغبته في تطوير وجه القري المصرية وتتمثل الإصلاحات الجارية في إنشاء كل من: صندوق تحيا مصر بعدد من المبادرات وتدشين مشروع تطوير القرى المصرية ضمن المبادرة الوطنية - حياة كريمة للعناية بالقري وذلك ضمن التشارك مع الفاعلين الآخرين بهدف التغلب علي المشكلات.

1) صندوق تحيا مصر

صدر قرار جمهوري رقم 84 لعام 2015م بإنشاء صندوق تحيا مصر وهو صندوق ذو طبيعة خاصة يتبع رئيس الوزراء وله إنشاء فروع ومكاتب في المحافظات. ويتمتع بصفة خاصة برعاية رئيس الجمهورية وعنايته. واستهدف 4 أبعاد وفق موقعه الرسمي هي: أولا النمو الاقتصادي المستمر والشامل والحد من الفقر. وثانيا تلبية احتياجات الفئات الأكثر فقراً، وثالثا الدخول في شراكات بين القطاعات المحلية والإقليمية والدولية كمدخل للتنمية المستدامة. ورابعا تشجيع مشاركة القطاع الخاص كمحور أساسي لدفع عجلة التنمية بالاشتراك مع الجهات الحكومية المسئولة . وضمن أنشطة الصندوق جاءت عدد من المبادرات المتنوعة والمراكز لتنمية الريف نقتصر هنا علي أهمها وهي: برنامج التمكين الاقتصادي وبرنامج التنمية العمرانية ومبادرة بالهنا والشفا ومكافحة السحابة السوداء.

أ‌) برنامج التمكين الاقتصادي: ويعول هذا البرنامج علي دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في التنمية الاقتصادية. ويأتي هذا المحور لضمان رعاية الأسر والمجتمعات الريفية وتحسين سبل المعيشة به، وينبثق عنه برنامج مستورة والذي يوفر حوالي 19500 مشروع متناهي الصغر للسيدات المعيلات بقيمة ٣٢٥ مليون جنيه، ويسلم التمويل في صورة معدات أو وسائل إنتاج وليس كمبالغ مالية. ويوفر برنامج "مستورة" تمويلاً تتراوح قيمته ما بين 4 آلاف و20 ألف جنيه، لمساعدة المرأة المعيلة القادرة على العمل، لإنشاء مشروع صغير ومتناهي الصغر. وينبثق عنه مشروع لتوزيع 1000 تاكسي في 10 محافظات مستهدفة ومشروع لتوزيع سيارات النقل المبرد وذلك بنظام القرض الدوار بفائدة 5 % وتقسيط على 6 سنوات، حيث تم تأسيس شركات أفراد، كما تم توفير عقود توريد سلع غذائية مع وزارة التموين بأسعار مخفضة لسد احتياج المواطن المصري. مما يوفر فرص عمل للشباب. وكذلك إنشاء عدد 200 وحدة تجارية موزعة على 5 أسواق في محافظة الوادي الجديد.

ب‌) برنامج التنمية العمرانية: ويستهدف معونة مؤسسات الدولة في توفير المسكن الملائم متكامل الخدمات لقاطني المناطق العشوائية والقري الأكثر احتياجاً وتحسين المستوي الاجتماعي والمعيشي لمواطنيها. وانبثق عن البرنامج عدد من المشاريع الخاصة بتنمية سيناء ومدن بشائر الخير في الإسكندرية ومراكز محافظة أسوان وبعض الأحياء في القاهرة كمنطقة العسال بحي شبرا وحي الأسمرات. وضم البرنامج مشروع رفع كفاءة المنازل المتدهورة بالقري بتكلفة 200 مليون جنيه، وبلغ عدد القري التي تم تطويرها 232 قرية وعدد المستفيدين 75 ألف مواطن، وتم إعادة إعمار 7264 منزل بإجمالي عدد 15 محافظة.

ت‌) مبادرة بالهنا والشفا: هي إحدى مبادرات الصندوق التي تســتهدف توفيــر المــواد الغذائيــة للفئــات الأكثــر احتياجـاً مـن أهالي قـرى ونجـوع مصـر بالمجـان، ...حيــث يتــم تنظيــم قوافــل تجـوب محافظـات الجمهوريـة لتوصيـل المـواد الغذائيـة إلـى مســتحقيها، بالتعــاون مــع مؤسســات المجتمــع المدني. ومن ذلك مثلا مشروع الاستفادة من لحوم الهدي والذي بلغ عدد المستفيدين 5.5 مليون أسرة .

ث‌) مكافحة السحابة السوداء: حيث قام الصندوق بتحمل فوائد القروض الممنوحة لكافة متعهدي جمع المخلفات الزراعية للحفاظ على البيئة من ظاهرة السحابة السوداء بتكلفة 6 مليون جنيه.

2) المبادرة الوطنية - حياة كريمة

ضمن مبادرة حياة كريمة لتحسين مستوى الحياة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا على مستوى الدولة جاء مشروع تطوير القرى المصرية باهتمام مباشر من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في ٢ يناير عام ٢٠١٩. ويساهم فيها ممثلين حكوميين كوزارات التضامن الاجتماعي والتنمية المحلية والقوي العاملة والتخطيط والتنمية الاقتصادية، وجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وفاعلين من المجتمع المدني والجامعات الخاصة والقطاع المصرفي وبيت الزكاة والصدقات المصري.

وتأتي المبادرة بالتزامن مع أهداف التنمية المستدامة 2030م خصوصاً الهدف الأول والذي ينص علي "إنهاء الفقر بجميع أشكاله وأبعاده بحلول عام 2030. ويشمل هذا الجهد استهداف الفئات الأكثر ضعفا، وزيادة فرص الوصول إلى الموارد والخدمات الأساسية، ودعم المجتمعات المحلية المتضررة من النزاعات والكوارث المرتبطة بالمناخ" وكذلك الهدف العاشر (الحد من أوجه عدم المساواة) والذى يذكر بأن "المنطقة العربية ثاني أعلى نسبة بين جميع المناطق النامية للفقر بين الحضر والريف (3.5 ضعف)" وضرورة الاستثمار في المناطق الأكثر احتياجاً وسد الفجوات المتزايدة.

ويستهدف المشروع التدخل العاجل لتحسين جودة الحياة لمواطني الريف المصري من خلال تطوير ٤٥٨٤ قرية تقع في 175 مركز و20 محافظة يمثلون نسبة ٥٨٪ من إجمالي سكان الجمهورية، وبلغت جملة الاعتمادات الموجهة لقرى المرحلة الأولي 260 مليار جنيه وتقع في 52 مركز في 20 محافظة، ويهدف المشروع الي تحقيق الأهداف وتنفيذ الأنشطة التالية خلال الفترة من 2020م الي 2023م تشمل الآتي:

 خدمات المرافق والبنية الأساسية (الطرق والنقل - الصرف الصحي ومياه الشرب - الكهرباء والإنارة العامة - الغاز الطبيعي - تطوير الوحدات المحلية - الشباب والرياضة - الخدمات الصحية والتعليمية).

 التنمية الاقتصادية وتوفير فرص عمل (إنشاء مجمعات صناعية – تأهيل مهني – توفير مشروعات ذات عائد اقتصادي – تشغيل أهل القرية لبناء بيوتهم – تدوير مخلفات - تنمية زراعية وسمكية).

 التدخلات الاجتماعية وتوفير سكن كريم (محو أمية وتعليم – سكن كريم – حملات توعية وثقافية ورياضية وتأهيل نفسي واجتماعي – تجهيز عرائس وسداد ديون).

استهدفت المرحلة الأولى من المشروع تنمية القرى الأكثر احتياجًا بإجمالي ٣٧٥ تجمعًا ريفيًا، يشتملون على ٤,٥ مليون مستفيد بإجمالي استثمارات ١٣,٥ مليار جنيه لتنفيذ ٢١٨٠ مشروعًا، حيث تم الانتهاء من ٦٠٠ مشروع، وجاري تنفيذ ١٥٨٠ مشروعًا، وتستهدف المرحلة الثانية من المشروع تنمية كافة المراكز الريفية بإجمالي ٤٢٠٩ قرية، بالإضافة إلى ٣٠٩٠٠. ويتم تنفيذ المشروع بإجمالي استثمارات ٥٠٠ مليار جنيه، ويستفيد منه ٥٠ مليون مستفيد .

وتم تقسيم القري الي ثلاث مراحل لتحديد القري الأكثر احتياجاً كضعف الخدمات الأساسية وانخفاض نسب التعليم وارتفاع نسب الفقر بالاستناد الي مسوح الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بالتنسيق مع الوزارات والهيئات المعنية .

ووضعت عدد من المعايير لألويات المراكز للانضمام للمشروع مثل (نسبة سكان ريف المركز من جملة سكان المركز – نسبة فقراء ريف المركز من جملة سكان ريف المركز - نسبة فقراء أفقر ألفين قرية من جملة سكان ريف المركز – نسبة تركز قري مراكب النجاة – نسبة الأسر التي يرأسها إناث "معدل الإعالة" – نسبة الأميين من الافراد الذين عمرهم 15 عاما أو أكثر – نسبة تراكز القري ذات الطبيعة الأمنية – نسبة الأسر المحرومة من الاتصال بشبكة عامة للصرف الصحي – نسبة الأسر المحرومة من شبكة مياه عامة).

وحددت أهم المخرجات الاستراتيجية المتوقعة للمشروع في انخفاض متوسط معدل الفقر وتحسين مؤشر جودة الحياة (معدل إتاحة الخدمات الأساسية)، وتحسن في معدل التغطية بالخدمات الصحية والخدمات التعليمية وتحسن الإدارة المستدامة والتغطية لخدمات مياه الشرب والصرف الصحي وإتاحة قروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير الآلاف من فرص العمل.

وجدير بالذكر أن الأمم المتحدة قد أدرجت مبادرة حياة كريمة "ضمن أفضل الممارسات الدولية للعديد من الأسباب: المبادرة لديها مستهدفات كمية واضحة، قابلة للقياس وتتبع مستوي الإنجاز، قابلة للتحقق لدخولها حيز التنفيذ، توافر الموارد التي تضمن تنفيذها، لها نطاق زمني محدد، وتتلاقي مع العديد من أهداف التنمية المستدامة" .

 وضمن مبادرة حياة كريمة جاء مشروع (سكن كريم) والذي يهدف للتحسين المُستدام للأوضاع الصحية والبيئية للأسر الفقيرة الأولى بالرعاية وبصفة خاصة أسر "تكافل وكرامة"، بتحسين البنية التحتية لمنازلهم ليكون السكن كريماً آمناً من خلال تركيب وصلات الصرف الصحي ومياه الشرب وإنشاء أسقف وتأهيل المنازل، وذلك بالقرى الأكثر احتياجا بالمحافظات المستهدفة. وكان من معايير اختيار الأسر: القرى الأكثر فقراً طبقاً لخرائط الفقر ، والقرى التي بها شبكات عمومية لمياه الشرب والصرف الصحي. ويشترك في تنفيذ هذه المبادرة جهات حكومية مثل وزارة الأوقاف، وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، وزارة التنمية المحلية، ووزارة التضامن الاجتماعي، والقطاع الخاص كشركة بالم هيلز، ومؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية. وتم تأهيل وإنشاء أسقف لمنازل 2129 أسرة من الأسر الأولى بالرعاية كما تم تنفيذ 2229 وصلة منزلية لمياه الشرب بقرى بمحافظات المنيا وأسيوط وسوهاج وقنا و 1792 وصلة للصرف الصحي بقرى بمحافظات المنيا وسوهاج. كما تم تغطية متطلبات محافظتي قنا و الأقصر من الوصلات المنزلية للصرف الصحي بتمويل من وزارة التخطيط من خلال الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، وتم تغطية متطلبات إحدى القرى بمحافظة المنيا بواسطة جمعية أهلية ،وبذلك يكون إجمالي عدد الأسر التي تم تزويدها بوصلات الصرف الصحي 21768 أسرة، وبلغ إجمالي عدد الأسر التي تم أو جاري تنفيذ الخدمات المستهدفة لها بالخطة الأصلية حتى تاريخه أكثر من 26000 أسرة وجاري حاليا تأهيل 280 منزلا بمحافظات سوهاج والشرقية وأسوان كمرحلة أولى من بروتوكول تعاون بين الوزارة و شركة بالم هيلز وجمعية الأورمان.

وفى ختام عام 2020 ومطلع العام 2021 وجه الرئيس بتبني برنامج متكامل لتطوير الريف المصرى أُطلق عليه (البرنامج القومي لتطوير الريف المصري) من خلال نهج شامل يتضمن توفير كافة خدمات البنية الأساسية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية فضلا عن مد مظلة الرعاية والحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجا داخل كل قرية. ويسعي البرنامج لإنجاز الأهداف التالية:

• تصميم تدخلات البرنامج بحيث تتعامل مع كافة جوانب الفقر وأبعاده.

• تخصيص موازنة استثمارية للبرنامج تقدر بحوالى 700 مليار جنيه خلال ثلاث سنوات.

• يتم العمل من خلال 4 مستويات متكاملة من التدخلات وهى: توفير ورفع كفاءة الخدمات والبنية الأساسية، توفير ورفع كفاءة خدمات التنمية الاجتماعية، التنمية الاقتصادية، تدخلات تستهدف الفئات الأكثر احتياجا داخل القرى المستهدفة.

• يشمل مستوى رفع كفاءة الخدمات والبنية الأساسية، تغطية القرى بخدمات مياه الشرب والصرف الصحى بنسبة 100%، ومد شبكات الغاز الطبيعى ورفع كفاءة خطوط الاتصالات وخدمات الكهرباء، رصف الطرق الرئيسية وتثبيت الشوارع الفرعية الصغيرة، تبطين الترع والمجارى المائية وتحسين خدمات إدارة المخلفات.

• يشمل محور توفير ورفع كفاءة خدمات التنمية الاجتماعية، من خلال إنشاء مدارس جديدة ورفع كفاءة المدارس القائمة، تطوير الوحدات والمراكز الصحية والمستشفيات وفقا لنموذج التأمين الصحى الشامل، رفع كفاءة الخدمات الشبابية والمنشآت الرياضية وغيرها.

• يشمل محور التنمية الاقتصادية، رفع مستوى الدخل الحقيقى لسكان الريف وتوفير فرص عمل مؤقتة ودائمة عن طريق التوسع فى المشروعات الإنشائية كثيفة العمالة وتشغيل المقاولين المحليين

• هناك تدخلات تستهدف الفئات الأكثر احتياجا داخل القرى المستهدفة وتركز على الفئات الأولى بالرعاية كتوفير مساكن بديلة أو رفع كفاءة المساكن القائمة للأسر التى تعيش فى منازل غير لائقة

• يتم تنفيذ البرنامج خلال ثلاث مراحل، تشمل المرحلة الأولى حوالى 1400 قرية موزعة على 51 مركز إدارى فى 20 محافظة.

• لا يتضمن البرنامج المحافظات الحضرية الثلاث "القاهرة -بورسعيد – السويس".، وكذا المحافظات الحدودية ذات الطبيعة الخاصة "شمال وجنوب سيناء – مطروح – البحر الأحمر"

• تم استهداف المحافظات غير المدرجة في البرنامج، ببرامج تنموية موازية تراعى طبيعتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية .

وعلاوة علي هذا فقد كان الإعلان المبكر عن الاهتمام بتعمير القرية المصرية مدرجاً ضمن برنامج عمل الحكومة المسمي بـ(مصر تنطلق)، حيث أشرفت وزارة التنمية المحلية على مبادرة حياة كريمة، وأسست وحدة مركزية ووحدات تابعة بالمحافظات للتنسيق ومتابعة تنفيذ التكليف، وقامت بإعداد واعتماد المخططات الاستراتيجية للقري وإعداد واعتماد الأحوزة العمرانية لها، كما تتبني الحكومة برنامج للتنمية المحلية للحد من الفقر خصوصاً في محافظتي سوهاج وقنا.

3) القرية في برنامج عمل الحكومة مصر تنطلق

استند (برنامج عمل الحكومة: مصر تنطلق) علي ست ركائز رئيسية جاء منها: ..مد شبكات الصرف الصحي لعدد كبير من القري و"يستهدف البرنامج توجيه حوالي 7.3 مليار جنيه لتطوير 208 قرية (ضمن مشروع تنمية وتطوير القري المصرية) بإنشاء 145 كم شبكات مياه، و40 خزان مياه شرب، و20 محطة مياه شرب، و10 محطات معالجة صرف صحي، فضلا عن توصيل 500 ألف وصلة نهائية للصرف المنزلي بعدد 302 قرية لخدمة 2 مليون مواطن... كما يأتي علي أولويات الحكومة تطوير مستوي خدمات مياه الشرب بتنفيذ 265 مشروع بطاقة 4.3 مليون م3 / يوميا، وتنفيذ 594 مشروع صحي بطاقة 5 مليون م3/ يومياً تعمل علي زيادة نسبة تغطية الصرف الصحي في المدن الي 100%، والي نسبة 60% في القري بعدد 1152 قرية بتكلفة إجمالية تبلغ حوالي 100 مليار جنيه".

وللتصدي للفجوات التنموية بين الأقاليم انقسم البرنامج الرئيسي الثالث لبرنامج عمل الحكومة الى اثني عشر برنامجاً فرعياً. ولما وصلت القري المصرية الي 4741 قرية وتوابعها البالغة 30888 عزبة وكفر ونجع اعتني البرنامج الفرعي السادس بتنمية وتطوير القري المصرية. وقسم برنامج تنفيذ المشروع الي ستة مراحل زمنية. اختصت كل مرحلة بمجموعة من القرى والمشروعات بتكلفة زمنية مرتبطة بها. وشملت مستهدفات البرنامج عند المرحلة الأولي والثانية أي خلال الفترة (2015/14-2022/21) تطوير عدد من القري في مشاريع مياه الشرب والصرف الصحي ورصف الطرق وأعمال الكهرباء وكباري السيارات والمشاة ورفع كفاءة عدد من الوحدات الصحية وتطوير عدد من المدارس ومراكز الشباب.

وضم البرنامج الفرعي السابع تنفيذ وصلات الصرف الصحي المنزلية للأسر الأولي بالرعاية مستهدفاً تنفيذ 500 ألف وصلة نهائية منزلية للصرف الصحي بعدد 302 قرية لخدمة 3 ملايين مواطن بتكلفة استثمارية 500 مليون جنيه كصندوق دوار بالتقسيط علي المشتركين.

ويستهدف البرنامج الفرعي الثامن تطوير مزلقانات السكة الحديد الأشد خطورة، فيما هدف البرنامج الفرعي التاسع الي تحسين الظروف البيئية في القري الأكثر فقراً من خلال توفير المعدات اللازمة للتخلص من المخلفات وزيادة محطات معالجة الصرف الصحي المتنقلة وتقدر تكلفة هذا البرنامج بنحو 248 مليون جنيه، ويركز البرنامج الفرعي العاشر علي رفع كفاءة وتطوير المجازر بالمحافظات بإجمالي (479 مجزراً) بإغلاق جميع المجازر ونقاط الذبيح غير الصالحة وتشجيع القطاع الخاص علي الاستثمار في مجال المجازر. ويحاول البرنامج الفرعي الحادي عشر تنمية دخل الأسر في المجتمعات الريفية عبر استهداف 30 معصرة زيوت في خمس محافظات تعمل علي توفير فرص عمل ل60 شاب بتكلفة 3.5 مليون جنيه، وكذا تنفيذ 12 مشروع انتاجي بتكلفة كلية 8 مليون جنيه تعمل علي تحسين وزيادة دخل حوالي 2000 أسرة بنطاق محافظة كفر الشيخ. وفي ذات السياق من المستهدف إنشاء 32 منفذ ثابت لشباب الخريجين (200 فرصة عمل) بتكلفة كلية 1.5 مليون جنيه وذلك في 15 محافظة، وكذا إقامة معرض دائم للسلع في بني سويف بتكلفة كلية 150 ألف جنيه، ومصنع للتعبئة والتغليف للمواد الغذائية بتكلفة 4.5 مليون جنيه بمحافظات القاهرة وسيناء. ومن المستهدف التوسع في الدور الاجتماعي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وذلك من خلال مساعدة ألف أسرة سنوياً لتوفير بيئة مجتمعية ملائمة، وتنفيذ 300 مشروع خلال سنوات البرنامج الأربع في مجال تطوير البنية الأساسية للمجتمعات الفقيرة بما يشمل توصيلات المياه والصرف الصحي .

4) مشروعات وزارة التنمية المحلية

كُلفت وزارة التنمية المحلية من قبل كل من رئيس الجمهورية برسم برنامج قومي هادف لتنمية وتطوير جميع القرى المصرية علي الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية وتحسين جودة حياة أهل القري بمشاركتهم الفعلية" ، ثم جاء تكليف رئيس مجلس الوزراء في نوفمبر 2019 للوزارة بالإشراف على مبادرة حياة كريمة والتنسيق مع الفاعلين الآخرين. وتشمل أهداف البرنامج تحسين مستوي خدمات البنية الأساسية وتحسين مستوي الخدمات العامة وتحسين مستوي الدخول وتدعيم مؤسسات المشاركة الشعبية. كما يوضحها الجدول رقم (1) التالي.

جدول رقم (1) أهداف البرنامج القومي لتنمية وتطوير القري المصرية

أهداف البرنامج تفاصيل أهداف البرنامج

تحسين مستوى خدمات البنية الأساسية يشمل: مياه الشرب – الصرف الصحي – الطرق – الاتصالات – المواصلات – الكهرباء – النظافة والبيئة – الإسكان – وغيرها

تحسين مستوى الخدمات العامة يشمل: التعليم – الصحة – الشباب – المرأة – الطفل – ذوي الاحتياجات الخاصة – الثقافة – التدريب وإكساب المهرات وغيرها .

تحسين مستوى الدخول يشمل: زيادة الإنتاج، وفرص العمل، وتنويع مصادر الدخل، والاستفادة من كل معطيات التنمية الاقتصادية زراعياً وصناعياً وتجارياً وسياحياً وخدمياً، واستخدام أساليب إنتاج متقدمة فنياً، تتوافق مع البيئة ، وتحفظ حق الأجيال القادمة في الرصيد المتوارث من الموارد الطبيعية والمادية.

تدعيم مؤسسات المشاركة الشعبية يشمل: تدريب وتأهيل المواطنين على المشاركة الشعبية، وإتاحة فرص أوسع لكافة فئاتهم في هذه المشاركة في كل مراحل تخطيط وتنفيذ وإدارة وتشغيل المشروعات والخدمات .

المصدر: الموقع الرسمي لوزارة التنمية المحلية، متاح علي الرابط التالي: https://mld.gov.eg/ar/projects/details/1020، والجدول من الباحث.

ويلاحظ أن عدداً من أهداف البرنامج عامة وطموحة ومتنوعة بشكل كبير من أجل التغلب علي الاختلالات في التنمية الإقليمية، وكأنها خارطة طريق طويلة الأمد. كما أنها تمثل استمراراً تصويبياً لمواجهة القضايا والمشكلات المزمنة في القري المصرية. وقد تحتاج الي تعمق أكثر وتحديداَ أدق لبلوغ هذه الغايات.

وجاءت آلية تحقيق البرنامج عبر مراحل خمسة هي الاستكشاف والتعرف علي الوضع الحالي لكل قرية ثم مرحلة استنهاض قيادات المجتمع ثم مرحلة التخطيط وتحديد الأولويات ثم مرحلة تنفيذ الخطة التي وضعها أهل القرية وتليها المرحلة الخامسة وهي تقييم ما تحقق. يوضحها جدول رقم (2) التالي.

جدول رقم (2) آلية تحقيق البرنامج القومي لتنمية وتطوير القري المصرية

مراحل تنفيذ البرنامج خطوات تنفيذ البرنامج

الاستكشاف والتعرف وهي مرحلة تجميع المعلومات والبيانات عن الوضع الحالي في كل قرية بكافة جوانبه، بما يشمله ذلك من موارد طبيعية والسكان وحالتهم التعليمية والصحية والخدمات الموجودة بكل صورها، والمنظمات والمؤسسات القائمة ونشاطها، والقيادات المؤثرة في أفكار الناس والقادرة على إقناعهم. وهذه المرحلة تسمى رسم الخريطة الاجتماعية الاقتصادية للقرية والتي تعتبر الأساس الذي نبني عليه التنمية المستقبلية لمواطني القرية .

 استنهاض المجتمع وهذه المرحلة يتم فيها إستنهاض قيادات ومواطني القرية للمشاركة الشعبية في تنمية مجتمعهم .

التخطيط من خلال تحديد للأولويات والمطالب الهامة بالنسبة للناس والمجتمع ويليها المطالب الأقل أهمية، ويتم إعداد الخطة في هذا الإطار من خلال دراسة جدوى بسيطة تشمل كل نواحي المشروع فنية ومالية واجتماعية وبيئية لنستطيع أن نضع خطة محددة لتحسين أحوال القرية .

تنفيذ الخطة التي وضعها أهل القرية في هذه المرحلة يتم البدء في تنفيذ المشروعات التي ثبت جدواها وفي مقدورنا تدبير تكلفتها ويتم توزيع الأدوار والمسئوليات فيما بين أهل القرية والفنيين والمتخصصين وفق الجدول الزمني للتنفيذ مع المتابعة الدورية المستمرة لضمان كفاءة التنفيذ ومواصفاته والتزامه بالجدول الزمني دون تأخير .

تقييم الإنجاز على ما تحقق في هذه المرحلة يتم تقييم أداء الأعمال التي تم تنفيذها والتأكد من أن الخطة والمشروعات والتكاليف التي خصصت أدت إلى تحقيق الهدف الذي طالب به أبناء القرية وطالبوا بإنجازه ويكون التقييم متصلاً ومستمراً طوال مراحل المشروع لكي نكشف الأخطاء أولاً بأول ونصحح المسار عند الحاجة .

المصدر: الموقع الرسمي لوزارة التنمية المحلية، متاح علي الرابط التالي: https://mld.gov.eg/ar/projects/details/1020، والجدول من الباحث.

ويلاحظ اهتمام مراحل التنفيذ بالإلمام بالوضع الحالي للقري المصرية كما هي، والبحث عن طرق استثمار الموارد المتاحة ومعرفة جوانب القوة والضعف والفرص التي يمكن اقتناصها. ثم استدعاء المواطنين المحليين للمشاركة في عمليات التنمية المحلية وهو أمر محمود، ولكن لم نجد إصدارات تتناول مرحلة هامة وهي استطلاع الاحتياجات المحلية، ووصفها، وتحليلها Needs Analysis، وقياسها، وتقييمها والأدوات العلمية الحديثة المستخدمة في اكتشافها.

لكن تظهر مرحلة ترتيب الأولويات وهي لازمة من أجل وضع الخطة التنفيذية للقرية وترتيب النشاطات والمفاضلة بين الخيارات والأفضليات المختلفة الأمر الذي يساعد في تخصيص الموارد للبرامج التنموية بشكل احترافي، وتحديد ما هي الأنشطة التي سنعمل علي تنفيذها والأخري التي سنؤجلها.

وقد يكون من المفيد أن يعتمد ترتيب الأولويات علي رأي كل من: الخبراء ومتلقي الخدمة وصناع القرار. وذلك بالاستناد الي منهج تشاركي لكل هؤلاء بحيث يتم منح أوزان نسبية لكل واحد وبناء عليه يتم ترتيب الأمور داخل كل قرية. أو يمكن وضع الأولويات في كل قرية بعد إجراء تحليل الاحتياجات شريطة أن يُقسم مثلا الي (أولوية مرتفعة – أولوية متوسطة – أولوية منخفضة).

وأظهرت المراحل آلية التنفيذ والتي هي عبارة عن – وفق العالمان مازمينيان وساباتير Mazmanian and Sabatier - شكل قانون أو أوامر تنفيذية أو قرارات من السلطات. ويحدد هذا الأمر أو القرار المشكلة أو المشكلات التي يجب معالجتها، وينص على الهدف أو الأهداف التي يجب متابعتها، بطرق متنوعة، وعن شكل واضح لعملية التنفيذ. وتمر عملية التنفيذ عادة من خلال عدد من المراحل تبدأ بمرور النظام الأساسي، تليها مخرجات السياسة (قرارات) الجهة المنفذة، وامتثال الجهات المستهدفة لتلك القرارات، والتأثيرات الفعلية –المقصودة وغير المقصودة - لتلك القرارات والمخرجات، والآثار المتصورة للقرارات، وأخيراَ التنقيحات المهمة والمراجعة للنظام الأساسي .

ثم جاء الحديث عن التقييم لكن لم يذكر أي من الوسائل العلمية المتبعة سوف يتم استخدامها في عملية التقييم، كما يلاحظ دمج عملية المتابعة مع التقييم والتقويم من خلال قوله "ويكون التقييم متصلاً ومستمراً طوال مراحل المشروع لكي نكشف الأخطاء أولاً بأول ونصحح المسار عند الحاجة "علي غير ما تنصح به أدبيات التقييم والمتابعة والتقويم من ضرورة الفصل بينهم من أجل تلافي المحاباة واستخلاص الدروس المعززة أو المقوضة لأي مشروع أو برنامج.

وسوف يتم العمل علي تنفيذ البرنامج عبر 6 مراحل زمنية تستهلك كل مرحلة 4 أعوام مالية لعملية استنهاض المجتمع وتحديد المشروعات التنموية المطلوبة، بحيث يكون عدد القري في كل مرحلة أكبر من التي سبقتها، وتنتهي المرحلة السادسة والأخيرة بحلول 30-6-2030. يوضحها الجدول رقم (3) التالي.

جدول رقم (3) البرنامج الزمني لتنفيذ تنمية وتطوير القري المصرية

البرنامج الزمني للتنفيذ

المرحلة عدد القري المستهدف تاريخ التنفيذ

الأولي 78 تبدأ إعتباراً من 1-10-2014 وتنتهي في 30-6-2019

الثانية 130 تبدأ إعتباراً من 1-7-2018 وتنتهي في 30-6-2022

الثالثة 520 تبدأ إعتباراً من 1-7-2021 وتنتهي في 30-6-2025

الرابعة 1040 تبدأ إعتباراً من 1-7-2023 وتنتهي في 30-6-2027

الخامسة 1300 تبدأ إعتباراً من 1-7-2025 وتنتهي في 30-6-2029

السادسة 1672 تبدأ إعتباراً من 1-7-2026 وتنتهي في 30-6-2030

المصدر: الموقع الرسمي لوزارة التنمية المحلية، متاح علي الرابط التالي: https://mld.gov.eg/ar/projects/details/1020، والجدول من الباحث.

وأسست وزارة التنمية المحلية وحدة مركزية ووحدات تابعة بالمحافظات للتنسيق ومتابعة تنفيذ التكليف الرئاسي بناء على قرارات رئيس الوزراء في 3 نوفمبر 2019، كما تم إنشاء وحدة تابعة في كل محافظة من المحافظات الـ11 المستهدفة. ووضعت خطة للتنسيق مع المحافظات والوزارات الشريكة لنهو الإطار المؤسسي وتوفير التمويل المخصص للمشروعات المدرجة ورصد الموقف التنفيذي بدقة وإعطاء دفعة لعملية التمويل والتنفيذ بالمحافظات.

وتتبني الوزارة مشروعين، الأول يهتم بإعداد المخططات التفصيلية للقرى والمدن التى تم الانتهاء من مخططاتها الاستراتيجية بهدف توطين الخدمات العامة وتوفير المسكن الملائم وتحسين فرص المعيشة وتشجيع الاستثمار العقارى لمواطنى القرى والمدن بالمحافظات والحد من هجرة مواطنى الريف إلى المدن.

والمشروع الثانى: تحديد الحدود الخارجية للحيز العمرانى لكل مدينة / قرية / عزبة بثوابت أرضية يتم رصدها على الشبكة الجيوديسية للجمهورية للتسهيل على المختصين بالمحافظات فى تحديد ورصد التعديات المخالفة على الأراضي الزراعية. ولذا انتهي وزير التنمية المحلية من اعتماد المخطط الاستراتيجي لعدد 4388 قرية، وجارى استكمال إجراءات الاعتماد بالمخططات الاستراتيجية للباقي. كما تم إعداد واعتماد الحيز العمراني لـ 4482 قرية، وتم إعداد واعتماد المخططات التفصيلية لعدد 3675 قرية. وتم الانتهاء من اعتماد الحيز العمراني لـ 18989 منها من مجموع 30890 عزب وكفور ونجوع .

وأطلقت الوزارة كذلك المشروع القومي للتنمية المجتمعية والبشرية والمحلية (مشروعك) والذي يهدف إلى عدد من الأهداف منها القضاء علي الفقر وتحويل القري من قري مستهلكة الي قري منتجة وتنمية مجتمعية في جميع محافظات ومراكز وقرى ونجوع مصر بالتوازي من خلال خلق فرص تنموية ومشروعات صغيرة ومتناهية الصغر في هذه الاماكن وبالتالي خلق فرص عمل وتشغيل للمواطن وخصوصاً الشباب والمرأة، عن طريق التعاون بين المواطن والدولة والبنك وتشجيع الشباب للتوجه إلى المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وعدم انتظار الوظيفة الحكومية. واعتمد المشروع علي مبدأ (التنمية بالمشاركة) مما يجعل أهل القرية/النجع أو القسم او المركز بالتعاون مع المحافظات وأجهزة الدولة يتمكنون من المشاركة في صناعة خارطة تطوير وتنمية مجتمعهم وتحديد أولويات التطوير والتنمية المطلوبة لهم باستخدام المشروعات النموذجية والاستفادة من التجارب وتفادي العقبات السابقة.

5) تقليل الفقر لمحافظتي سوهاج وقنا

خلال الفترة الزمنية من 2016-2021 نفذت الحكومة المصرية برنامج التنمية المحلية فى صعيد مصر لتقليل من الفقر في كل من محافظتي سوهاج وقنا. وبلغت نفقاته حوالي 957 مليون دولار أمريكي، ويهدف البرنامج الي دعم التنمية المحلية في صعيد مصر عن طريق رفع القدرة التنافسية والاقتصادية ورفع كفاءة الوحدات المحلية لتقديم الخدمات الأساسية. وتم اختيار محافظتي سوهاج وقنا من باقي محافظات الصعيد بناء على ستة معايير هي: عدد السكان، ومعدلات الفقر، والقرب الجغرافي، والقدرات الاقتصادية ومدى توافر الخدمات الأساسية واستعداد المحافظات.

وينقسم البرنامج الي قسمين، يحاول الأول دعم القدرة التنافسية للقطاعات الاقتصادية (تنمية القطاعات ذات القدرة التنافسية - تطوير المناطق الصناعية - تطوير الخدمات الحكومية المقدمة لقطاع الأعمال)، ويسعى الثاني الي رفع الكفاءة المؤسسية للمحافظات (معالجة تحديات التنسيق المؤسسي والإداري - تحسين تقديم خدمات البنية الأساسية). وذلك بالتشارك مع المواطنين، ويقدم البنك الدولي للإنشاء والتعمير قرضاً قدره 500 مليون دولار أمريكى للبرنامج .

 ورغم كل هذه الجهود إلا أن أحد الدراسات أشارت الي أن "مشاركة الأطراف غير الحكومية يقتصر فقط على مجرد القيام بتنفيذ ما توكله لهم الحكومة دون أن تتجاوز المهمة ذلك إلى أبعاد أخرى ذات صلة بالحوكمة. كما يتضح أن التخطيط والتنفيذ ذي طابع مركزي، وأنه لا دور للأجهزة المحلية فيه، وهذا هو ذات الخطأ الذي وقع فيه مشروع تطوير الألف قرية الاكثر فقرا قبل ثورة يناير 2011"

ومع أن البرنامج القومي لتنمية وتطوير القري المصرية يعد خطوة ناجعة لتنمية القري المصرية إلا أن هناك بعض الملاحظات علي البرنامج كالتالي:

- طموح البرنامج العالي وما يستدعيه ذلك من أنشطة عديدة في رفع الاحتياجات ووضع الأولويات والتنفيذ ورصد الميزانيات والمتابعة والتقييم والتقويم وضرورة التنسيق المستمر بين كافة الفاعلين.

- استند البرنامج وفق جدوله الزمني علي زيادة أعداد القري المستهدفة التي سيتم تنميتها الي أن تصل لنهايتها عام 2030 ما يستلزم وجود الميزانية الكافية لذلك وفق البرنامج الزمني المقرر.

- البحث عن مصادر جديدة للتمويل سواء من متبرعين محليين أو عبر تشجيع رجال الأعمال المحليين في المحافظات.

- استدعاء المواطنين للمشاركة في مشروعات البرنامج باعتبار أن تنمية القرية هي حركة تعاونية مجتمعية مستمرة يساهم فيها كل الفاعلين المحليين (الجمعيات التعاونية الزراعية – مراكز الشباب والأندية – المدارس والجامعات – المراكز الصحية – وحدات الإدارة المحلية – بنك التنمية والائتمان الزراعي..الخ) وليست جهوداً حكومية فقط.

- الاستفادة من تجارب القرى النموذجية التي حققت نجاحات في القضاء الذاتي علي البطالة باعتبارها مرتكزاً للتنمية الريفية وتطوير معطياتها ومكاسبها.

رابعا – نماذج تقييم السياسات العامة كأداة لتحسين جودة البرامج التنموية

لما كان الجدول الزمني لتنفيذ برنامج تطوير القري المصرية قد وصل الي المرحلة الثانية والثالثة جاء هذا الجزء من الدراسة والذي يحاول أن يستثمر النماذج الخاصة بتقييم السياسات العامة لتحسين البرامج والمشاريع التنموية وتطوير سياسات التنمية المحلية والإقليمية والتي ينبغي أخذها في الحسبان عند صنع وتنفيذ السياسات المحلية. ويحاول هذا الجزء أن يقدم تصوراً متكاملاً لنماذج تقييم السياسات العامة كما تطرحه أدبيات السياسات العامة للمساهمة في تصميم وإعادة النظر في المشاريع التنموية المحلية الأمر الذي يجعلها تستند الي منطق شمولي.

وأحصي العالم هاوس ما يزيد عن 100 نوع من مناهج التقييم ونماذجه وقام بتحليلها وفقاً للجمهور ودرجات الاجتماع والمنهج المستخدم والنتيجة والأسئلة المطروحة وزعها في ثمان أنواع هي:

- منهج تقييم الأنظمة لقياس النتائج ومقارنتها مع المتغيرات في البرامج.

- منهج الأهداف السلوكية (المدعو أيضا بمنهج الاعتماد علي الأهداف) الي تحديد ما إذا كانت الأهداف المرجوة من البرنامج قد تحققت.

- منهج اتخاذ القرار لتقديم معلومات تفيد الزبون، أو متخذ القرار باستخدامها في تقرير ما إذا كان البرنامج فعالاً أم لا.

- طريقة الهدف المفتوح والتي تسعي الي تحديد كل آثار البرنامج ليس فقط المرجو منه.

- منهج النقد الفني والذي ينقد آراء الخبراء في البرامج.

- منهج الاطلاع المهني والذي يقيس أثر وفعالية البرنامج بمعايير مهنية.

- المنهج شبه القانوني والذي يستخدم لمعرفة ما إذا كان من المتوجب الاستمرار في البرنامج أو إيقافه.

- منهج دراسة الواقع ويسعي لوصف عمليات البرنامج كما يفهمها المشاركون.

وينقسم التقييم الي تقييم مسبق (ex -ante evaluation) ويعني تحليل السياسات والبرامج والمشاريع قبل أن تُنفذ ودراسة كل الخيارات الممكنة، وتقييم لاحق (ex-post evaluation) أي التقييم بعد التنفيذ. لتعلم الدروس الرئيسية التي يمكن تطبيقها علي التدخلات في المستقبل . ومن أجل القيام بتقييم جدي علينا أن نتأكد من أن السياسة تنفذ كما تم التخطيط لها، وأنها تعدل بسبب عملية التقييم اللاحق، إن تم تنفيذ السياسة جزئياَ فقط، لا يمكن الحكم علي نجاحها أو فشلها قبل معرفة أسباب عدم تنفيذها بالكامل .

ويعتبر تقييم السياسات آخر مراحل عملية صنع السياسات العامة، وذلك لأن السياسة العامة ما هي إلا محاولة لإحداث تغيير ايجابي في واقع معين، ولذلك يجب أن تتضمن السياسة نفسها المقاييس التي سوف تستخدم للتأكد من درجة نجاح السياسة في مرحلة التنفيذ في تحقيق أهدافها... والتقييم هو عملية التأكد من أن البرنامج (السياسة) قد حقق أهدافه كما هو متوقع منه وبصورة تحقق نوايا صانع السياسات. وتتميز هذه المرحلة عن بقية مراحل عمليات صنع السياسات الأخري التي غالباً ما تكون نظرتها مستقبلية، بأنها تتجه بنظرها الي الماضي وذلك لأنها تركز على ما تم انجازه فعلا. كما أن التقييم يمكن أن يستخدم كأداة تهتم بعمليات تشغيل البرنامج لتقديم معلومات راجعة (تغذية عكسية) للمشاركين في عمليات صنع السياسات العامة في المراحل السابقة. وتساعد هذه التغذية العكسية في تعديل محتوي السياسة حتي في مرحلة التنفيذ إذا اقتضي الأمر وذلك لتحسين فاعليتها وكفاءتها. ومن جانب آخر فإن التقييم بحدد أيضا الآثار السيئة غير المقصودة للسياسة ويساعد بذلك علي إجراء الترتيبات التي تساعد في تجنب تلك الآثار في عملية التنفيذ. كما أنه يساعد في تدقيق عمليات الصرف علي البرنامج للتأكد من مشروعية صرفها بالصورة التي تم تقريرها في القانون. و"تشير الموسوعة الدولية للعلوم الاجتماعية الي أن بحوث التقييم هي نشاط بحثي يسعي الي الموضوعية والمصداقية والصلاحية ويتوجه نحو الفعل Action في البرامج والسياسات، مستخدماً تكنيكات العلوم الاجتماعية، وقد حدد مفهوم التقييم من خلال علاقته بتحليل السياسات باعتباره أي نشاط يستند علي أساس علمي يهدف الي تقييم العمليات المرتبطة بالسياسات العامةـ، وآثارها والبرامج الفعلية المصاحبة للتنفيذ" . ويعرف التقييم علي أنه "جهد منظم وموضوعي لقياس نتائج المشروع والبرامج والسياسات بهدف تقدير وقياس مدي ترابطها وكفاءتها، فعاليتها، موائمتها، استدامتها إضافة لآثارها، فهو مراجعة دورية موضوعية لبرنامج ما لتحديد الي أي مدي كانت الأهداف والنتائج المتوقعة وغير المتوقعة متفقة مع ما كان مخطط لها. ويفيد التقييم في تحقيق المعرفة المفيدة والتعلم واستدامة الأنشطة لتحقيق الأهداف المحددة للمشروع أو البرنامج وإنجاز الحكم الرشيد وتحقيق الشفافية والمساءلة في تنفيذ برامج السياسات ، فضلا عن كونها تساهم في ترشيد عمليات رسم السياسات وتنفيذ المشاريع.

ومع تتعدد مستويات وطرق ومناهج تقييم السياسات والبرامج سوف ينتخب منها الباحث ثلاثة عشر نموذجاً، من ذلك علي سبيل المثال خمسة محاور قدمها الدكتور كمال المنوفي لتقييم السياسة العامة هي:

1 ـ أثر السياسة على الموقف أو الجماعة المستهدفة (= هي ذلك الجزء من السكان الذين وضعت السياسة من أجلهم: الفقراء، المرضي، الأميون، المحتاجون للسكن ..الخ).

۲ ـ أثر السياسة على مواقف أو جماعات غير تلك المستهدفة.

3 ـ أثر السياسة على الأوضاع الحالية والمستقبلية.

4 ـ التكاليف المباشرة للسياسة معبرا عنها بالموارد المخصصة للبرنامج.

5ـ التكاليف غير المباشرة التي يدخل فيها نفقة الفرص البديلة.

بعد ذلك لابد من تحديد الأثر المرغوب للسياسة: هل هو رفع دخول الفقراء أو توفير الرعاية الصحية الأولية للمرضى أو محو أمية الكبار، أو هل هو تغير اتجاهات واهتمامات وسلوكيات هؤلاء الأفراد؟ كما يجب تقدير أثر السياسة على الجماعة المستهدفة بالنسبة للاحتياج الكلي، بالإضافة إلى قياس آثارها الجانبية المحتملة. أما الجماعات غير المستهدفة فهي تلك التي ينالها، على نحو غير مقصود، شيء من تأثير السياسة العامة في صورة فوائد أو تكاليف أو كلتيهما. وليس من السهل تحديد هذه الجماعات، وبالتالي قياس أثر السياسة. ولقياس التكاليف المباشرة والمادية للسياسة العامة تستخدم صيغ مختلفة لتحليل التكلفة – العائد، مثل نظم الموازنة والتخطيط والبرمجة وبحوث العمليات إلا أنه من الصعوبة بمكان قياس التكاليف غير المباشرة والمعنوية للبرامج العامة. ومن الصعب كذلك تقدير عوائد السياسة العامة على الرفاه الاجتماعي. والأصعب من هذا حساب الأثر الصافي أو النهائي للسياسة العامة، ذلك الذي ينتج من خصم مجموع التكاليف المادية والمعنوية المباشرة والمستقبلية من مجموع المادية والمعنوية الحالية والمستقبلية. وعلي فرض معرفة كافة العوائد والنفقات، يظل حساب الأثر الصافي أمراً شاقاً لصعوبة التحويل الكمي للفوائد والنفقات المعنوية. ويوضح الجدول التالي رقم (4) بعض التفاصيل في ذلك:

جدول رقم (4) صافي تأثير السياسة

الفوائد التكاليف

حاضرة مستقبلة حاضرة مستقبلة

مادية مادية مادية مادية

معنوية معنوية معنوية معنوية

مادية مادية مادية مادية

معنوية معنوية معنوية معنوية

مجموع + مجموع مجموع + مجموع

كل الفوائد - كل التكاليف = صافي تأثير السياسة

المصدر: د. المنوفي، كمال (2010)، أصول النظم السياسية المقارنة، الكويت، شركة الربيعان للنشر والتوزيع، ط2، ص 312. والجدول من الباحث.

وهناك من جعل التقييم علي ثلاث مستويات هي: مستوي أداء الأفراد العاملين في المشروع، وتقييم للمنظمة أو الوحدات الإدارية العاملة في المشروع، وتقييم للمشروع ذاته. يوضحها الجدول رقم (5) التالي:

جدول رقم (5) مستويات تقييم السياسات

اهتماماته المستوي

يركز علي أداء الأفراد داخل المشروع وتكون عملية دورية عقب الأنشطة وفي نهاية السنة، وثمة أهداف إدارية وأخري تطويرية، ويتم من خلال: أولا القدرات فيما إذا كانت ملائمة للاحتياج الوظيفي، وثانيا كفاءة الأداء من خلال الجهد باستغلال الوقت والإلتزام وغيرها والفاعلية وتوضيح جودة المنتج وتطوير العمل وبث روح الفريق، وثالثا الإنجاز عبر بيان حجم المنتج ونتائجه وآثاره. ولا بد لنجاح التقييم الفردي من توافر: اهتمام قيادة المؤسسة بالتقييم ونتائجه، واقتناع العاملين والمشرفين بالعدالة في تطبيقه، واعتماد معايير ثابته وموضوعية، والشراكة في وضع المعايير والاستفادة من النتائج وبيان ما يمكن تعزيزه أو تطويره. المستوي الفردي

أي متابعة وتقييم أداء المنظمة أو الوحدات الإدارية داخل المشروع، وعادة تتم كل ثلاث سنوات أو أقل وفقاً للظروف. ويمكن إجراء التقييم المؤسسي من خلال: مدي ملائمة الاحتياجات للواقع، ومدي ملائمة الأهداف للاحتياجات والمؤشرات والمعايير المتوافرة، وكيف تمت صياغتها، ودرجة معرفة الأعضاء بها،. بالإضافة الي بعض الأسئلة من قبيل: كيف تعمل المؤسسة؟ ومدي اتساق الهيكل التنظيمي مع الرؤية ومقدار الشفافية والمحاسبة وكفاءة الأداء، وجودة المنتج والالتزام وملائمة الأدوار وكفاية الموارد وملائمتها. ومن القضايا الهامة هنا:

- مقدار التكامل بين القيادة الرشيدة والموظفين، وأساليب المتابعة والتقييم المتبعة. وكفاءة العاملين وتطابقهم مع أدوارهم، ومقدار تطوير العاملين وبيئة التعلم.

- العلاقات بين الأطراف المعنية، أي التوافق مع توقعات الأطراف المعنية، ووضوح الرسالة ووصولها، والشفافية والتواصل مع الفئات المستهدفة، وهل يتم ذلك في اتجاه واحد أو اتجاهين؟

- إدارة وإنجاز المشاريع والبرامج من حيث المخرجات: بحيث يتم بيان حجم الإنتاج المادي المباشر مقابل التكلفة وحجم التغطية والجودة والالتزام بالخطة الزمنية، والنتائج أي التطورات في الفئات المستهدفة الناتجة عن خطة المشروع، والنتائج الثانوية غير المخططة لها، وآثار المشروع علي الفئات المستهدفة، وعلي واقعهم. المستوي المؤسسي / التنظيمي

أي مقدار انعكاسات المشروع علي المجتمع ككل "الآثار"، وعادة ما تكون نهاية المشروع بشكل مرحلي منتصف الفترة، ودوري "متابعة ورصد". وإذا كان للمشروع أهداف طويلة فسيكون من غير المجدي قياس الأثر سريعاً قبل أقل من عامين، أما إذا كان المشروع قصير المدي "كدورة تدريبية" فيتم إجراء التقييم عند انتهاء تنفيذ المشروع. ولأي مشروع دورة حياة تبدأ بمبررات المشروع أي "الاحتياجات المجتمعية المشكلة العامة"، وصولاً للأثر المتوقع. مستوي البرنامج / المشروع

المصدر: خيرية رضوان رضا، تقييم سياسات مكافحة الفساد الإداري في دولة فلسطين، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2016، ص ص 160-162. والجدول من الباحث.

 وهناك تقسيم آخر لنماذج تقييم السياسات وفقاً لنقاط التركيز. حيث نجد علي سبيل المثال نماذج شاملة مثل (النموذج الاقتصادي الاجتماعي المتكامل لتقييم السياسات)، وستة نماذج جزئية كـ (نموذج التكلفة والعائد، ونموذج الفعالية، ونموذج الكفاءة، ونموذج العدالة والإنصاف ونموذج الاختبار الاجتماعي ونموذج المؤشرات الاجتماعية). وأربع نماذج لتقييم برامج السياسات، هى (نموذج تقييم الأثر، ونموذج نظرية البرنامج، ونموذج الإطار المنطقي، ونموذج الإطار المنطقي المطور). يوضحهم جدول رقم (6) التالي.

جدول رقم (6) نماذج تقييم السياسات العامة

مقولاته أنواعه النموذج

يحلل عدداً من القضايا مثل: كيف يؤثر الإنفاق على كل من الصحة والتعليم على الأداء الاقتصادي؟ وكيف تؤثر السياسات الاقتصادية محل التنفيذ على السكان والبيئة؟ وما هي أفضل السياسات التي تساهم في تحقيق الدولة لأهدافها التنموية. كما يساعد في معرفة النتائج المستقبلية للسياسات قبل تطبيقها، وصياغة الحلول البديلة ومعرفة الآثار الإيجابية والسلبية لكل بديل والنقاط الفعالة لجعل السياسات أكثر فعالية ومعرفة الآثار غير المتوقعة الناتجة عن مقاومة بعض العناصر. ويقوم النموذج على خبرات متراكمة لأكثر من عشرين عام في تجميع وتطوير النماذج المماثلة. ويتكون النموذج من جزئيين. الجزء الأساسي ويتكون من القطاعين الحكومي والخاص ويستخدم نموذج توازن عام لتوليد الأسعار النسبية وتوزيع الاستثمار على قطاعات الإنتاج المختلفة مفصل لكل جنس ومرحلة عمرية ودمج الأبحاث الديموغرافية للخصوبة وقطاعات توزيع الدخل والأسعار النسبية وقطاعات التلوث. ويتكون الجزء المكمل من قطاعات تلوث المياه والهواء ومتابعة البيئة وقطاعات التنمية البشرية والنوع والطاقة والأراضي.

ومن أهداف النموذج دمج العناصر الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في منظومة متكاملة وتحديد سياسات التنمية من خلال محاكاة الآثار المختلفة. ويستخدم لإعداد الوثائق كخطط التنمية القومية والموازنة المحلية وخفض الفقر. الاقتصادي الاجتماعي المتكامل النموذج الشامل

يتم التقييم من خلال 5 خطوات هي: تحديد المشروع محل التقييم، وتحديد كل آثار المشروع المرغوبة (كعوائد) وغير المرغوبة (كتكاليف) على المجتمع، وتحديد قيم مادية نقدية للآثار، وحساب صافي العائد، واختيار البديل الذي ينتج أكبر عائد صافي. ويصعب تقدير الآثار الاجتماعية للسياسات العامة أو وضع قيم مادية. نموذج التكلفة والعائد الجزئي

يتم سؤال: هل تم تحقيق النتائج المستهدفة؟ بحيث يشمل جودة النتائج والعوائد والآثار التي تم الوصول اليها، وقدرتها علي تحقيق الإشباع المطلوب وتحسين الظروف المصاحبة للسياسة. نموذج الفعالية

يتم سؤال: ما هو حجم التكلفة اللازمة لتحقيق النتائج المستهدفة، وبأية موارد تم التنفيذ؟ ومدي تحقيق النتائج بشكل صحيح. نموذج الكفاءة

يمكن تعريفها بإحدي ثلاث: مقدار إتاحة الفرص للجميع أو لفئات محددة، ومقدار أداء السياسة وأسلوب معالجة أهداف السياسة العامة وهي تتغير باختلاف القيم الاجتماعية، ومقدار مخرجات السياسات العامة حيث يتم تطبيق معيار البعد التوزيعي. نموذج العدالة والإنصاف

يعد نموذجاً حكمياً، ناتج عن ضغط مجموعات المصالح التي تدافع عن مصالح أعضائها الاجتماعية والاقتصادية ويخضع لتقديرات المحللين بصدد قضايا كالحفاظ علي البيئة وحقوق العمال والمستهلكين، ويكون النموذج ناجحاً بشكل وصفي، لوصف النتائج إذا ما تم تحديد نطاق القياس والتحليل بدقة، ويوضح مدي ملاءمة النتائج السياسية لإشباع بعض المصالح الاجتماعية ويستخدم مقاييس تبين درجة التقدم والتخلف الاجتماعي للمجتمع بما يساعد في عملية التقييم الشامل لفعالية السياسات العامة. نموذج الاختبار الاجتماعي

تسليط الضوء علي الأوضاع الاجتماعية والسماح بإصدار أحكام أكثر دقة وموضوعية حول أولويات السياسات العامة للدولة. بالإضافة الي تطور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية عبر الزمن بما يمكن من تقييم نجاح البرامج العامة، وتتعلق المؤشرات مثلا بالدواء والشرب والصرف الصحي والإسكان والمواصلات و..الخ. ويهتم النموذج بالمتوسطات والكم علي حساب الكيف ولا يخلو من تحيز سياسي من الحكومات. نموذج المؤشرات الاجتماعية

إلي أي مدي تتفق أهداف المشروع/ البرنامج مع متطلبات المستفيدين، وسياسات الدولة، وأولويات الجهات المانحة، ورسالة وأهداف المنظمة، بالإضافة الي الاتساق بين الأنشطة المنفذة والنتائج المستهدفة، والاتساق بين الأنشطة المنفذة والأثر المتوقع. نموذج الارتباط

أي استمرارية الاستفادة من المشروع بعد انتهاء فترة التمويل، وتضمن استمرار النتائج والاستمرارية المؤسسية والاستمرارية المالية. نموذج الاستدامة

يقوم علي مصطلحات خمسة هي: المدخلات والأنشطة والعمليات والمخرجات أو النواتج المباشرة والعوائد الإيجابية والسلبية والأثر. تقييم الأثر تقييم البرامج

وهو نموذج مطور من تقييم الأثر وينقسم لأربع مكونات، هي: المحتوي – المدخلات، العمليات – المخرجات. وقد استخدم سوشمان عناصر خمسة مشابهة لتقييم برامج السياسات هي: جهد البرنامج الذي يدرس المدخلات، والأداء الذي يحدد المخرجات، والكفاية الذي يدرس فعالية البرنامج، والكفاءة التي تدرس مدي تحقيق الأهداف والعملية التي تركز علي أسلوب تشغيل المدخلات وتحويل الجهد الي ناتج ومخرجات. التقييم الشامل للبرامج

يقدم وسيلة لرسم العلاقات بين العناصر الأساسية بحيث يربط بين الأنشطة، والنتائج، والغرض والأهداف في شكل هرمي أو هيراركي، ويقوم مقيمو البرامج بتحديد المؤشرات المطلوبة والموارد والافتراضات الخاصة بكل مكون باعتبار أن البرنامج آلية تدخلية مقصودة لتغيير الظروف. الإطار المنطقي

يربط بين اقتراب الأثر والإطار المنطقي ويستند الي أربع مكونات هي: تحليل الموقف، وتحديد المدخلات وتقدير المخرجات، وقياس العوائد على المستوي القريب والمتوسط والبعيد. باعتبارها علاقات منطقية ليوضح الظروف التي تربط الأثر بالنتيجة باستخدام تحليل النظم. الإطار المنطقي المطور

المصدر: د.أحمد دسوقي إسماعيل، تحليل السياسات العامة الدوائية في جمهورية مصر العربية، أطروحة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2007، ص ص 46- 58. د.معاذ الجزائرلي، ورغداء بلال، تقييم أداء مشاريع التعاون الدولي في سورية وفقاً لمعايير OECD – DAC تطبيق علي برنامج التحديث والتطوير الصناعي (IMUP –SYRIA)، مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية، سلسلة العلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 40، العدد 1، 2018م، ص ص 328-329. والجدول من الباحث.

ويقسم عالم السياسات العامة ويليام دان مناهج التقييم الي ثلاثة، هي: التقييم الوهمي، والتقييم الرسمي، والتقييم النظري للقرارات. يوضحها الجدول التالي رقم (7).

جدول رقم (7) مناهج تقييم السياسات

المنهج الأهداف الافتراضات الأشكال الرئيسية

التقييم الوهمي يستخدم أساليب وصفية لإنتاج معلومات موثوقة وذات مصداقية تخص نتائج السياسات. تعد مقاييس الجدارة أو القيمة بديهية أو غير مثيرة للجدل. التجريب الاجتماعي، محاسبة الأنظمة الاجتماعية، التدقيق الاجتماعي، توليف البحث والممارسة

التقييم الرسمي يستخدم أساليب وصفية لإنتاج معلومات موثوقة وذات مصداقية تخص نتائج السياسات المعلن عنها رسمياً كأهداف للسياسة أو البرنامج تعد غايات وأهداف صانعي السياسات والمدراء المعلن عنها رسميا مقاييساً ملائمة للجدارة أو القيمة. التقييم التطويري.

التقييم التجريبي.

تقييم العمليات بأثر رجعي.

تقييم النتائج بأثر رجعي.

التقييم النظري للقرارات يستخدم أساليب وصفية لإنتاج معلومات موثوقة وذات مصداقية تخص نتائج السياسات التي يقيمها أصحاب المصلحة المتعددين بوضوح. تعد غايات وأهداف أصحاب المصلحة (المعلن عنها – رسمياً – والخفية) مقاييساً ملائمة للجدارة أو القيمة. تقييم قابلية التقييم.

تحليل منافع الصفات المتعددة.

المصدر: دان، ويليام، (2016)، تحليل السياسات العامة، ترجمة: رشا عمر السدحان، الرياض، معهد الإدارة العامة، ط1، ص 538، والجدول من الباحث.

النتائج

- يمثل برنامج تطوير القري المصرية استجابة هامة من الحكومة المصرية لمشكلات القري أي أنها بمثابة الإعلان عن المدخلات، وتظل عبارة عن تخصيص للموارد والمصادر واستجابة للمطالب برفع مستوي المعيشة في القري المصرية ومحاولة تحويلها الي مخرجات نافعة في صور مشروعات.

- هناك عدد من الصعوبات التي تواجه عمليات تقييم البرامج والسياسات منها ما يتعلق بعدد من الإجراءات الفنية والموارد البشرية والمالية الكافية لكن يبقي لوظائف التقييم ما يدفع للحرص علي إجرائها والاستفادة من نتائجها.

- النظر الي المخرجات الكلية الملموسة ودراسة آثارها والتغذية المرتجعة حيالها والتي تمثل ردود أفعال المواطنين إزاء المخرجات حيث أن ما يهم القري المصرية وساكنيها جودة الخدمات وديمومتها وفاعلية أدائها. وتمثل دراسة المخرجات الفاصل بين ما تعلنه الحكومة من وعود وما تنفذه بالفعل والذي يمكن قياسه وتقييمه.

- إذا كان البرنامج القومي لتنمية القري المصرية بكُلفتها الحالية فرصة تاريخية لن تتوفر بسهولة مرة أخري فينبغي أن تُستثمر هذه الفرصة لاستبدال جوهري في بناء القرية المصرية من حيث سد الفجوات بين الريف والحضر وتحسين الخدمات الأساسية في القري وتقليل الهجرة الي الحضر وخلق فرص عمل للأفراد والشركات العاملة في تلك المشاريع وتحسين وضع مصر في المؤشرات الدولية.

التوصيات

- أهمية بناء قاعدة بيانات الكترونية تحوى الوضع الراهن للقري المصرية بما فيها المسوح الاجتماعية والعمرانية والاقتصادية والبيئية والاحصائية عن كل قرية وتوابعها.

- أهمية الاستمرار في تنمية القرية المصرية باعتبارها الوحدة الأولي للمجتمع المصري بحيث تكون منبعاً للإنتاج والتصدير ومناطق جاذبة لاستقرار السكان.

- إعادة اكتشاف المبادأة المحلية والقدرات الذاتية للمجتمع المحلي المصري باعتبار التنمية المحلية عملية تربوية ذات دروس مستفادة بحيث يتحقق لأفراد المجتمع مواجهة قضاياهم بأنفسهم.

- عدم الاعتماد علي كون البرنامج هو الهدف في حد ذاته بل الأهم تغيير اتجاهات المواطنين الذين يستهدفهم البرنامج بحيث تتحول التنمية المحلية الي حركة مجتمعية.

- صياغة أطر مساعدة للتمويل المجتمعي للتنمية المحلية بحيث تُسند إدارته للمجتمع المحلي.

- الاهتمام بقياس كفاءة أجهزة الخدمات العامة في الريف المصري لتتحول الي أجهزة جاذبة لا طارده.

- تفعيل دور المجالس الشعبية المحلية في عملية التنمية المحلية إن في وضع الخطط أو ترتيب الأولويات أو التنفيذ أو التقييم والتقويم.

قائمة المراجع