بطاقة الأداء المتوازن کمدخل لتحسين أداء المنظمات العامة -شرکة مياه الشرب بالأسکندرية نموذجاً

نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة

المؤلف

معهد اکتوبر العالى للاقتصاد

المستخلص

مستلخص :
کثر استخدام بطاقة الأداء المتوازن لتصحيح المسار الإستراتيجي للمنظمات. وتستهدف الدراسة الي تحديد الوضع الحالي لتقييم أداء شرکة الإسکندرية لمياه الشرب، وهل يتم مراعاة أبعاد هذه البطاقة. وکذا مناقشة مدى توافق الأبعاد الأربعة لبطاقة الأداء المتوازن مع المنظمات العامة مع التطبيق على شرکة الاسکندرية لمياه الشرب والصرف الصحي، واستخلصت الدراسة انه يفضل الاعتماد على خمس ابعاد لتقييم أداء هذه الشرکة والتي تتفق مع طبيعتها وکونها منظمة عامة تحتکر تقديم خدمة عامة حيوية للسکان وهي:
- الأهداف الاجتماعية المرسومة (تحقيق رسالة المنظمة بأعلى درجة من الفاعلية)
- رضاء العملاء (متلقى الخدمات العامة).
- کفاءة العمليات الداخلية وتبسيط اجراءات تقديم الخدمة.
- بعد التعلم والنمو.
- والبعد المالي (ترشيد استخدام المال العام).
واظهرت الدراسة الميدانية ان الشرکة أولت اهتمام بالأهداف الاجتماعية وتحقيق رسالتها بنجاح، حيث خدمات الشرکة من المياه النظيفة تغطى کافة مناطق وأحياء محافظة الإسکندرية ودون انقطاع ، إلا أنه لا يوجد اهتمام کافي بالبعد المالي وحسن استخدام المال العام، وذلک رغم انها استطاعت استرداد تکلفة انتاج المياه النظيفة وتحقيق هامش ربح، والذي قد يرجع إلى زيادة تسعير المياه وليس ترشيد النفقات. کما لا يوجد اهتمام کافي بالأبعاد الأخرى وهي: التعلم والنمو، العملاء، العمليات الداخلية، واوصت الدراسة بضرورة وضع خطة استراتيجية للشرکة يراعى فيها التوزان بين الأبعاد المشار اليها للأداء المتوازن

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


المقدمة:

قطاع مياه الشرب والصرف الصحي من أکبر القطاعات الخدمية التي لها تأثير على التنمية في أية دولة؛ لما تقدمة من خدمة حيوية ترتبط بمعيشة الإنسان وسلامة صحته، وتتأثر هذه الخدمة بعوامل النمو السکاني، وتوسع النشاطات الاقتصادية والمدنية مما يؤدي في النهاية الى تنامى الطلب عليها بشکل مضطرد. والذي يؤدي بدوره الى تفاقم مشکلة توفير الموارد المالية الکافية لإنتاج المزيد من کميات مياه الشرب وتسعيرها، والذي يتأثر بالبعد الاجتماعي، ويتضح ذلک من خلال التسعيرات المدعومة بمعظمها، والتي أحياناً ما تغطى تکاليف التشغيل والصيانة وأحياناً أخرى لا تغطي ذلک، وعادة ما تحتاج المرافق إلى مزيد من الدعم الحکومي الفنى والمالي. وفي هذا الصدد تظهر جلياً مشکلة ضعف الأداء الحکومي في إدارة هذه المرافق وعدم القدرة على توفير الخدمات بالمستوى الذى يتمناه المواطن.

ومن هنا عرفت مرافق مياه الشرب في مصر عدد من محاولات التطوير والتغيير لرفع الکفاءة الإدارية والفنية للعاملين ولتحسين الأداء المتعلق بإدارة الأصول والکفاءة في استخدام الموارد المتاحة وتقليل نسبة الفاقد ورفع مستوى الخدمة لذوي الدخل المحدود. فقد سعت الحکومة الي إعادة تنظيم قطاع مياه الشرب والصرف الصحي ليکون أکثر کفاءة وفعالية وصدر القرار الجمهوري 1639 لسنة 1968 بتحويل شرکة مياه الاسکندرية إلى هيئة عامة اقتصادية والحقت بمحافظة الاسکندرية تنظيمياً. وبموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 135 لسنة 2004 تم تحويل هيئات المياه والصرف الصحي الى شرکات وتکون تابعة للشرکة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي وهي بذلک تخضع لقانون شرکات قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991، وتعد شرکة مساهمة ذات طابع خدمي ربحي، وتختص بتوفير مياه الشرب النقية لکافة الاستخدامات.

المشکلة البحثية :

ظلت شرکات المياه تعاني من زيادة الفجوة بين المصروفات والإيرادات نتيجة تدنى التعريفة المقررة مقابل حصول المواطنين على مياه الشرب، فهي ثابته منذ عام 2009 ، وکان يتم تعويض هذا العجز من خلال الدعم الذي تقدمه وزارة المالية لشرکات المياه. وللتخفيف من حجم هذا الدعم تم تبنى سياسة تسعيرية جديدة بدءاً من العام المالي 2014/ 2015 على ان تلتزم الشرکات مقدمة الخدمة باستعادة التکاليف بهدف تحقيق الاستقلال المالي وتخفيـف الأعباء عن الموازنة العامة للدولة ، وقد أدى ذلک بدوره الى اهتمام قيادات شرکة مياه الاسکندرية بالبعد المالي للأداء، أملاً في تحقيق نسبة مناسبة من الأرباح باعتبارها تحولت الى شرکات مساهمة، خاصة وان قانون رقم 185 لسنة 2020 بتعديل قانون 203 لسنة 1991 الخاص بشرکات قطاع الأعمال العام قد ربط بين نظام منح حوافز العاملين واعضاء مجلس الإدارة بتحقيق الأرباح علي النحو الذي سنوضحه فيما بعد .

 وعلى ذلک لم تولى الشرکة الاهتمام الکافي للأبعاد الأخرى لبطاقة الأداء المتوازن غير المالية. وقد اشار تقرير جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي الصادر في يوليو 2020 الى ان شرکات مياه الشرب تعاني من ضعف في مستوى الاهتمام بعمليات الإحلال والتجديد والصيانة الدورية، وعدم انتظام الخدمة علاوة على نقص الخبرات الفنية والإدارية والذي أثر بدوره على مستوى الخدمة وتدنى جودتها، والعجز عن مد الخدمة للمناطق المحرومة وللفقراء، وبالتالي هناک انخفاض في مستوى رضاء المستفيدين، اي انها لا تلتزم بمراعاة الأبعاد المختلفة للأداء والتي حددتها بطاقة الأداء المتوازن.

ومن هنا تطرح هذه الدراسة عدد من التساؤلات هي:

- ماهي ابعاد بطاقة الأداء المتوازن وهل يمکن الاعتماد عليها في تقييم أداء المنظمات العامة.

- ما هو الوضع الحالي بالنسبة لمراعاة الأبعاد المختلفة عند تقييم نجاح الشرکة.

- وهل هناک اقتناع وإدراک لدى قيادات شرکة مياه الشرب بالإسکندرية بأن نجاح الشرکة في أداء رسالتها وتقييم مستوى أدائها يرتبط بمراعاة الأبعاد الأخرى غير المالية.

وتهدف الدراسة الى مناقشة مدى ملاءمة الأبعاد المطبقة في الشرکات الاقتصادية الخاصة لبطاقة الأداء التوازن بالنسبة للشرکات العامة والتي تحتکر تقديم بعض الخدمات العامة، والتعرف على الوضع الحالي بالنسبة لمستوى اهتمام قيادات شرکة مياه الشرب بالإسکندرية بالأبعاد الأخرى غير المالية، وابراز أهمية الموازنة بين الأبعاد المالية والأبعاد غير المالية عند تقييم مدى نجاح الشرکة في أداء رسالتها.

وبمراجعة الدراسات السابقة تبين ان هناک عدد من الدراسات اهتمت ببطاقة الأداء المتوازن على سبيل المثال: دراسة: أيمن رفعت عبدالرحمن الدسوقي، استخدام نظم قياس الأداء المتوازن في تقييم استفادة الشرکات من نظم تخطيط موارد المنشأة ، ودراسة : سيف محمد ذيب المبيضين، فارس أرشيد الخرابشة، ليث أکرم القضاة، أثر تطبيق بطاقة الأداء المتوازن على تعظيم الربحية في شرکات الاتصالات الأردنية ، ودراسة: رزق محمود عبدالفتاح إبراهيم، بطاقة قياس الأداء المتوازن کأداة لتقييم الإفصاح المحاسبي لمحتوى تقارير الأعمال ، ودراسة : محمد خليل عمر الأخرس، أثر البعد المالي کأحد أبعاد أسلوب الأداء المتوازن على التنمية المستدامة، ودراسة : محمد خليفة عبدالحميد محمد، أثر استخدام بطاقة القياس المتوازن للأداء على دعم آليات الحوکمة في الجهاز المصرفي المصري دراسة ميدانية ، وتجدر الإشارة أن غالبية الدراسات السابقة حسب ما توصل اليه الباحث انها تناولت تطبيقات بطاقة الأداء المتوازن بالشرکات الخاصة وذلک لاهتمامها المبالغ فيه بالنسبة للبعد المالي على حساب الأبعاد الأخرى ، کما يلاحظ ان هذه الدراسات لم تتناول تطبيق بطاقة الأداء المتوازن علي الهيئات العامة الخدمية ولم تناقش الي أي مدي يمکن تطبيق الأبعاد الأربعة علي المنظمات العامة وبصفة خاصة شرکات مياه الشرب .

وتعود أهمية هذه الدراسة الى أن شرکات المياه في مصر هي شرکات عامة تسعى الى القيام بأحد المهام العامة وخدمة مواطني الدولة. ومن هنا يصبح توجهها العام والرئيسي هو تقديم الخدمة بدرجة عالية من الجودة وحسن استخدام المال العام، والاقتصاد في النفقات العامة، أي ان الجودة والاقتصاد هي المبادئ العامة التي تحکم أداء مهامها المتنوعة، وهي بذلک ملتزمة بالسعي الدائم لتطوير مستوى أدائها، وتقييم مدى النجاح في تحقيق رسالتها بشکل دوري. ونظرا للمزايا التي تحققها استخدام بطاقة الأداء المتوازن فقد اتجهت العديد من المنظمات العامة بالدول المتقدمة الى تطبيقها بهدف تحسين مستوى الأداء وخدمة المواطنين بفعالية عالية. وتبدوا أهمية هذه الدراسة أيضا في ندرة الأبحاث حول تطبيق بطاقة الأداء المتوازن بالمنظمات العامة.

منهجية الدراسة:

 تتبنى الدراسة المنهج الوصفي التحليلي حيث تم مراجعة الأدبيات المتعلقة ببطاقة الأداء المتوازن للتعرف على الأبعاد التي يتم الاعتماد عليها بالنسبة للمؤسسات الخاصة والمعلومات والبيانات التي تصدرها وزارة الإسکان والمرافق والمجتمعات، وجهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلک، کما تم الاعتماد على مدخل النظم لتحديد مؤثرات البيئة الداخلية والخارجية على مستوى أداء شرکة الإسکندرية لمياه الشرب، کما سيتم الاعتماد على دراسة ميدانية للتعرف على الوضع الحالي لنشاط الشرکة ومستوى الأداء واختبار الفرض الاتي: توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين الموازنة بين الأبعاد المختلفة لبطاقة الأداء المتوازن و تحسين الأداء بشرکة مياه الشرب بالإسکندرية.

هذا وسنقسم الدراسة إلى الأجزاء التالية:

- مفهوم وابعاد بطاقة الأداء المتوازن

- ابعاد تقييم أداء المنظمات العامة

- شرکة مياه الشرب بالإسکندرية ومدي الاهتمام بأبعاد الأداء للمنظمات العامة

- نتائج الدراسة الميدانية .

1- الإطار النظري لبطاقة الأداء المتوازن والدراسات السابقة

1-1 المفهوم والأهمية

تم تطوير بطاقة الأداء المتوازن (BSC) Balanced Scorecard کنتيجة لدراسة قام بها& Robert S. Kaplan David P. Norton حول موضوع قياس الأداء في الشرکات. توصل نورتن وکابلان إلى أن أنظمة المنظمات التقليدية من ناحية تعکس الماضي دون التعامل مع العوامل المؤثرة ذات الصلة بالنجاح في المستقبل، ومن ناحية أخرى فهي تقتصر في الغالب على المنظور المالي للمنظمة، وبالتالي يتم تجاهل العوامل المؤثرة الأخرى ذات الأهمية الحاسمة. بافتراض أن المتغيرات غير المالية ليس لها نفس القدر من الأهمية لنجاح أي منظمة مثلها مثل المتغيرات المالية .

لذا ينظر الى بطاقة الأداء المتوازن على انها اداة متکاملة تقوم على اساس تکامل المعلومات المالية وغير المالية التي ترکز على اعتبارات الاداء الاستراتيجي للمنظمة، لقد تطور مفهوم بطاقة الاداء المتوازن حيث بدأ العمل بها کنظام لقياس الاداء في المؤسسات لمعالجة العجز الواضح في الانظمة التقليدية التي تعتمد على المؤشرات المالية فقط، لذا قٌدمت بطاقة الاداء المتوازن على أنها نظام مناسب لتقييم الاداء الاستراتيجي للمنظمة من خلال ابعادها الاربعة، حيث تعمل بطاقة الاداء المتوازن على مساعدة متخذي القرار على تنفيذ وتقييم وتعديل الاستراتيجية،

ولقد عرف کابلن ونورتن بطاقة الاداء المتوازن بانها نظام شامل متکامل يدمج بين کل من نظام قياس فعال يساعد على قيادة التغيرات في الجوانب المختلفة للإدارة والتي تعطى للمديرين صورة سريعة عن اعمال المنظمة، مثل المنتج والعمليات التشغيلية والعملاء والسوق وتطوير المنتجات، وان الاهداف الاستراتيجية لا يمکن ان تتکون من مجموعة عشوائية بل لابد من أن تتکون من مجموعة متوازنة من المقاييس المالية وغير المالية معاً . ويعرف Freed R. Davidبطاقة الاداء المتوازن بانها تقنية تقييم استراتيجية تستمد اسمها من حاجة المنظمات الى موازنة مؤشراتها المالية التي تستعمل في اغلب الاحيان وبشکل حصري في تقييم الاستراتيجية والرقابة مع المؤشرات الغير مالية مثل خدمة العملاء .

کما عرفت بطاقة الأداء المتوازن بأنها تعمل على تعزيز التوازن بين المقاييس الإستراتيجية في محاولة تحقيق الأهداف طويلة الأجل التي يستوجب على الشرکة تحقيقها بحيث تترجم البطاقة أهداف الشرکة وإستراتيجيتها إلى مجموعة من الإجراءات والتي تمثل إطار عمل تطبيق وتنفيذ هذه الإستراتيجية وتقيس أداءها من أربعة ابعاد وهى المالي والعملاء والعمليات التشغيلية الداخلية والتعلم والابتکار. ويرى المغربي ان بطاقة قياس الأداء المتوازن هي نظام إداري يهدف إلى مساعدة المنظمة على ترجمة رؤيتها وإستراتيجياتها إلى مجموعة من الأهداف والقياسات الإستراتيجية المترابطة .

کما عرف Robinson بطاقة الاداء المتوازن بانها نموذج يعرض طرق متنوعة لإدارة المنظمة لکسب عوائد مرضية من خلال صناعة قرارات استراتيجية تأخذ في الاعتبار الاثار المنعکسة على کل من البعد المالي والعملاء والعمليات الداخلية وتعلم ونمو الافراد، وان تحليل الاداء وقياس الاداء يعتمد على تحليل وتشخيص مقاييس اداء مالية وغير مالية لأهداف قصيرة وطويلة الاجل .

بناء على ما سبق يستنتج الباحثون ان بطاقة الأداء المتوازن :

- أنها نظام للإدارة الإستراتيجية ونوع من الأساليب الإدارية الحديثة .

- انها تعمل على ترجمة رؤية واستراتيجية المنظمة الى اهداف محددة ومقاييس ومعايير مستهدفة.

- تعتبر تقنية تقييم ورقابة استراتيجية وعملياتية من خلال تحقيق التوازن بين المؤشرات المالية والمؤشرات الغير مالية.

- انها نظام ادارى يعمل على نشر رؤية واستراتيجية المنظمة وتوصيلها للعاملين.

- کما تعمل على خلق التوازن بين جميع الابعاد داخل المنظمة.

1-2 ابعاد بطاقة الأداء المتوازن

کما سبق وأن أشرنا أن بطاقة الأداء المتوازن تتضمن أربعة ابعاد قد اتفق عليها الباحثون، علماً بأن هناک بعض الاجتهادات التي قد تعيد صياغة واولويات ابعادها واضافة بعداً أو أکثر بما يتفق مع طبيعة أنشطة المنظمة، فلم تعد مجرد أداة تقييم لأداء المنظمات بل هي وسيلة لتحديد الرؤية والأهداف الإستراتيجية للمنظمة بالنسبة لهذه الأبعاد وتتکون بطاقة قياس الأداء المتوازن من أربعة أبعاد رئيسة وهي کالاتي:

- البعد المالي Financial Perspective (العائد المالي للمساهمين).

- بعد العملاء Customer Perspective (الصورة الذهنية للمنظمة لدى العملاء).

- بعد العمليات الداخلية Internal Business Processes Perspective (القدرة على التطوير والتميز في العمليات الداخلية).

- بعد التعليم والنمو Learning and Growth Perspective (تعليم وتنمية القدرات الابداعية والابتکارية للعاملين).

ويوضح الشکل الاتي ابعاد بطاقة الأداء المتوازن:

Source: Niven, Paul R., Balanced Scorecard Diagnostics: Maximum Performance,U.S.A:John Wiley & Sons, Inc.,2005,p.14

حيث يقدم المقياس من خلال هذه الأبعاد توجهاً استراتيجياً يقود أداء المنظمة المستقبلي ومقاييس أدائها التشغيلي، إذ لا تقتصر مقاييس الأداء على مقاييس الأداء المالي فقط، بل تستخدم مقاييس الأداء غير المالية أيضاً مما يعطى صورة أوضح لأداء المنظمة والطريقة الأفضل للوصول إلى الأداء المرغوب.

ويوضح الشکل السابق وجود علاقة بين تطبيق ابعاد بطاقة قياس الأداء المتوازن، ومستقبل المنظمة وتحسين الأداء بما يتوافق مع المتغيرات البيئية واحتياجات العملاء، وکذلک وجود علاقات سببية بين مقاييس الأداء تتلخص في أن التحسن في التعلم والنمو يؤدى إلى تحسن کفاءة العمليات الداخلية، وبالتالي يؤدى إلى زيادة درجة رضاء العملاء، وفى النهاية يؤدى إلى تحسن النتائج أو الأداء المالي، ومن ثم زيادة الدعم للمجتمع. وسنتناول الأبعاد بشيء من التوضيح کما يلي:

البعد المالي: ويهتم هذا البعد بالأهداف قصيرة المدى للمنظمة المرتبطة بتحقيق الأرباح والحصة السوقية وتوليد التدفقات النقدية التي تحسن ربحية المنظمة والنمو وقيمة الأسهم ويتکون من مجموعة المقاييس مثل العائد على رأس المال المستثمر الناتج من النمو في المبيعات، وتخفيض التکاليف والقيمة الاقتصادية المضافة، وغير ذلک من المقاييس المالية.

فمقياس تحقيق الربح العادل هو هدف استراتيجي تسعى معظم المنظمات الى تحقيقه، ومعيار تخفيض التکاليف الى الحد الادنى سعياً من المنظمة لتحقيق اقصى فاعلية ممکنة، ومعيار النمو المتوازن لمزيج الايرادات من النشاطات الاستثمارية ومعيار تعظيم الثروة للمساهمين من خلال تحقيق عائد حقيقي على الاستثمار . وتبين المقاييس المالية مدى الالتزام بتنفيذ الخطط الاستراتيجية، ويتم التعبير عن الخطط الاستراتيجية بأهداف ومقاييس اداء والتي تبين مدى التحسن في النتائج النهائية للمنظمة . وأن استخدام هذه المقاييس مجتمعة تعطي صورة واضحة عن أداء المنظمة خلال فترة محددة والمقارنة مع أدائها المالي لفترة سابقة أو منظمات منافسة او الأداء المخطط .

بعد العملاء: ويشکل هذا البعد أهمية کبيرة لکافة المنظمات سواء الانتاجية أو الخدمية حيث يجب وضع متطلبات وحاجات ورغبات العملاء في صميم استراتيجيتها مما ينعکس على نجاح المنظمة والقدرة على مواجهة منافسيها وبقائها واستمرارية نشاطها في السوق ، ويستلزم ذلک المحافظة عليهم وارضائهم والاستحواذ على ولائهم والعمل على استقطاب عملاء جدد مما يؤدى لزيادة الايرادات والارباح ومعدلات النمو. ولا شک أن تحقيق مستوى عالي من رضا العملاء يعتمد على قدرتها على تقديم السلع والخدمات بجودة عالية وأسعار معتدلة وفى الوقت المناسب . وبعبارة أخرى يهتم هذا البعد بالصورة الذهنية لدى العملاء عن أداء المنظمة وجودة ما تقدمه من سلع أو خدمات .

بعد العمليات الداخلية: تشکل العمليات الداخلية حجر الزاوية في تکوين قدرة منظمات الأعمال الإدارية والتنافسية. حيث يرکز هذا البعد على العمليات الداخلية والإجراءات التشغيلية التي تمکن المنظمة من التميز، وبالتالي تحقيق رغبات العملاء بکفاءة وفعالية، وايضاً تحقيق نتائج مالية مرضية للمنظمة، ويتحقق ذلک من خلال تقييم :

 مصادر القوة والضعف في العمليات الأساسية للمنظمة.

 کيفية ترشيد التکاليف .

 العمليات المحورية ومدى قدرتها على الوفاء بمتطلبات العملاء .

ففي إطار بعد العمليات الداخلية مجمل هذه العمليات وتفصيلاتها تتجسد قدرة وإمکانية المنظمة على الأداء والإنجاز وتحقيق الأهداف والقدرة على تحقيق عمليات داخلية عالية المستوى التي تخلق قيمة للعملاء والمنظمة، على أنه من المفترض عدم تصور العمليات الداخلية بکونها الأنشطة الإنتاجية الفنية والتکنولوجية مضاف إليها الأنشطة التسويقية بل هي أکثر من ذلک، يقصد ببعد العمليات الداخلية بأنه جميع الأنشطة والفعاليات الداخلية الحيوية التي تتميز بها المنظمة عن غيرها من المنظمات التي من خلالها يتم مقابلة حاجات العملاء وغايات وأهداف المنظمة .

بعد التعلم والنمو: يعد بُعد التعلم والنمو البعد الرابع في بطاقة الأداء المتوازن وهو يعبر عن الأسس التي يجب أن تتبناها المنظمة لخلق النمو والتحسينات المطلوبة لتحقيق الأهداف في الأجل الطويل، کما يعکس هذا البعد قدرة المنظمة في الاستثمار في الموارد البشرية لتأهيلها تأهيلاً علمياً وعملياً وتطوير تقنيات إنتاج المعلومات المساندة وتغيير الإجراءات الروتينية التنظيمية .

وهکذا يرکز هذا البعد على القدرات والمهارات الداخلية الواجب تنميتها لتحقيق أهداف المنظمة في الأجل الطويل، حتى تتمکن من مواجهة المتغيرات المختلفة من تکنولوجية ورقمية واقتصادية، وسد الفجوة بين القدرات والمهارات الحالية، والقدرات والمهارات المطلوبة لتحقيق أهداف المنظمة في الأجل الطويل بتطوير آليات إدارة الموارد البشرية : من خلال سياسة الأجور والحوافز، حسن استثمار کفاءات الأفراد والمهارات الاستراتيجية والطاقات الکامنة لديهم، التحفيز والعمل الجماعي، کما قد تتطلب عمليات التطوير أيضاً تفعيل نظام المعلومات والبنية الأساسية التکنولوجية، وإدخال أنظمة المعلومات الحديثة وإعادة النظر في تصميم الوظائف.

2 – ابعاد الأداء بالنسبة للمنظمات العامة

رغم ان الأبعاد المشار اليها سابقاً يمکن الاستفادة منها عند تقييم أداء المنظمات العامة، إلا انه بالنسبة للمنظمات التابعة للجهاز الإداري للدولة فهي تهدف الى تحقيق الصالح العام ولا تهدف الى الربح فأنه من الأهمية إعادة صياغة هذه الأبعاد أو اضافة ابعاد أخرى أو وضع أوزان مختلفة لهذه المعايير لتتلاءم مع أنشطة المنظمات العامة وطبيعتها فهي في الأغلب تحتکر تقديم عدد کبير من الخدمات العامة الحيوية، کما أن البعض منها يتسلح بسلطات عامة لتمکنها من تنفيذ القوانين والمحافظة على النظام والأمن العام. وهکذا يمکن القول ان أبعاد تقييم أداء المنظمات العامة يفضل ان تصاغ کما يلي :

- بعد الأهداف الاجتماعية المرسومة (تحقيق رسالة المنظمة بأعلى درجة من الفاعلية).

- بعد العملاء (متلقى الخدمات العامة) .

- بعد العمليات الداخلية واجراءات تقديم الخدمة .

- بعد التعلم والنمو .

- البعد المالي.

وسنوضح هذه الأبعاد بشيء من التفصيل فيما يلي:

اولاً : بعد الأهداف الاجتماعية المرسومة ( تحقيق رسالة المنظمة):

لا جدال ان واجبات وأنشطة المنظمات العامة عرفت تغيرات عميقة، فلم تعد محصورة في المحافظة على الأمن والنظام العام، انما امتدت واجباتها الى تقديم العديد من الخدمات العامة الحيوية التي لا يمکن للإنسان الاستغناء عنها لکونها تتعلق بمعيشة الإنسان والصحة العامة مثل خدمة تقديم مياه الشرب النظيفة، والکهرباء، وبعض الخدمات الصحية الوقائية، وغيرها من خدمات عامة. وهذه الخدمات عادة تعزف المنظمات الخاصة عن تقديمها علي الوجه الأکمل، نظرا للتکلفة العالية والاستثمارات الضخمة اللازمة لإنتاجها وضعف العائد المادي لها . ومن هنا تلتزم الدولة بتقديم هذه الخدمة وتحافظ علي بقاء المنظمة القائمة على تقديمها وتدعمها مالياً. فمن المسلم ان ما تقوم الدولة به من واجبات وأنشطة يستهدف تحقيق أهداف وآثار اجتماعية تعود على المجتمع بالنفع العام للأفراد.

ويلاحظ انه لا يتوقف بقاء تلک المنظمات العامة على ما تحققه من إيرادات نتيجة تقديم هذه الخدمات حتى ولو کان هناک ضعف في الجدوى الاقتصادية من استمرارها، وإنما يرتبط استمرارها بتحقيق رسالتها في خدمة المجتمع، ومن ثم تقل أهمية البعد المالي مقارنة بالمنظمات الخاصة التي يتوقف بقائها واستمرارها بالسوق على حجم إيراداتها، وما تحققه من نسب مناسبة ومقبولة من الأرباح. وبالتالي يمکن النظر الي ان تحقيق الأهداف الاجتماعية المرسومة والمحددة برسالة المنظمة العامة عند إنشائها تعد أهم ابعاد تقييم أداء المنظمات العامة. ولا شک ان ارتفاع مستوي الرضاء العام عن أداء المنظمات العامة يضفي قدر کبير من الشرعية العامة للحکومة ويوفر دعم وتأييد افراد المجتمع لها.

وبعبارة اخري يجب عند تقييم أداء المنظمات العامة طرح التساؤلات التالية: هل الآثار المترتبة على نشاط المنظمة العامة بالنسبة لتحقيق الصالح والنفع العام وخدمة مصالح المجتمع تحققت؟ وما هو مستوي فعاليتها في تحقيق ذلک؟ فيجب ان تهدف المنظمة العامة الوصول الى درجات عالية من الفعالية في تحقيق الوظيفة الاجتماعية وخدمة الصالح العام وفقا للأهداف المرسومة بجودة عالية مع المواءمة والتطوير بما يتفق مع المتغيرات سواء الاجتماعية أو التکنولوجية أو السياسية أو الاقتصادية من خلال خطة إستراتيجية ورؤية وأهداف واضحة معلنة.

ثانياً: بعد العملاء :

ويرتبط بالبعد السابق بعداً آخر ألا وهو بعد العملاء وخدمة المواطنين . فيأمل أفراد المجتمع أن تنجح إدارة المنظمة العامة في توفير سلع وخدمات عامة بالقدر المناسب لاحتياجات المجتمع وفي الوقت المناسب، وبأسلوب يحفظ کرامة الإنسان وبأقل تکاليف ومشاق في الحصول على الخدمة وتقريبها للمواطن، والعمل على تحسينها بما يتفق مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية. ووضع حاجاتهم المتزايدة في صميم استراتيجيتها .

ويشکل هذا البعد أهمية کبيرة للمنظمات العامة نظرا لأنها تحتکر تقديم بعض الخدمات العامة ولا مفر امام افراد المجتمع من ان يقبلوا الخدمة کما تقدم لهم، ورغم انه من المفترض ان تعمل المنظمات العامة علي تقديم الخدمة لهم علي افضل وجه. إلا أن هناک بعض الدراسات التي تشير الي وجود إهمال وتهميش للمواطنين ومعاناة من صعوبة الحصول على الخدمات الأساسية کالصحة والمياه النظيفة والکهرباء بصفة خاصة في الريف المصري، مما أفقدهم الإحساس بالانتماء الوطني واستغلت الجماعات المتطرفة ذلک في تجنيدهم وتحريضهم علي ارتکاب جرائم الإرهاب، وتبذل الحکومة الحالية جهودا کبيرة من خلال مبادرة حياه کريمة لتقديم الخدمات الضرورية المشار اليها لهم ، ومن هنا تظهر اهمية هذا البعد وبصفة خاصة في الدول النامية عند تقييم أداء المنظمات العامة.

ويجب الإشارة الي ان العديد من الدراسات توصي بتبني المنظمات العامة تطبيق عناصر الحوکمة من شفافية ومساءلة والالتزام بالقانون، ويجب السعي لتوفير قدراً مناسباً من المشارکة المجتمعية عند صنع سياسيات وقرارات تقديم الخدمات العامة. ومن الأهمية کذلک ان يشعر المواطن بحسن استخدام السلطة الممنوحة لهذه المنظمات، واحترام مبادئ العدل والمساواة بين المواطنين، والوصول إلى مستويات عالية من الرضاء المجتمعي من خلال التطبيق الفعال للحکومة الإلکترونية، والمعاملة الکريمة مع متلقى الخدمة.

ثالثا : بعد العمليات الداخلية واجراءات تقديم الخدمة

تعتمد الحکومات المختلفة في الدول النامية على التنظيم البيروقراطي القائم على تقنين کافة خطوات العمل وتحديد شروط وإجراءات الحصول على الخدمات العامة مع التقيد بخطوط السلطة المحددة تنظيمياً مما أدى الى المبالغة في التعقيدات عند الحصول على الخدمة، وذلک رغم المحاولات المتعددة لتبسيط الإجراءات، لذا يعد بُعد العمليات وإجراءات الحصول على الخدمة العامة من الأبعاد الهامة لتقييم أداء المنظمة العامة . اذ يجب ان يکون موضوع تبسيط الإجراءات وتسهيل الحصول على الخدمة من الأهداف الاستراتيجية للمنظمة العامة، وذلک بما يتفق مع التطور الرقمي والتکنولوجي، وتفعيل المساءلة والمحاسبة عند اساءة استخدام السلطة وتدنى مستوى تقديم الخدمات العامة. ويجب الإشارة هنا ان بعد العمليات بالنسبة للشرکات العامة لا يقتصر على اجراءات تقديم الخدمة إنما يشمل نظم الإنتاج والتشغيل وتطويرها بما يتفق مع التطور التکنولوجي في هذا المجال.

رابعاً : بعد التعلم والنمو:

 يدور هذا البعد على الإجابة على التساؤل التالي: کيف يمکن رفع قدرة المنظمة على التغيير والتطوير حتى يمکن مسايرة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية والخارجية وتحقيق الأهداف الاستراتيجية في الأجل الطويل؟ إذ انه قد تتطلب المتغيرات السريعة للبيئة الداخلية والخارجية الحاجة الى تعلم أو ابتکار اساليب تقنية متقدمة في العمليات الداخلية والانتاجية وفى تقديم الخدمة العامة . ولا شک ان القدرة على التطوير والابتکار ترتبط بتوافر موارد بشرية مؤهلة لتقديم الأفکار والمبادرات الجديدة. وهذا يتطلب بدوره ضرورة تبني المنظمة نظام مناسب لإدارة الموارد البشرية يوفر اساليب حديثة للحوافز وللتدريب وتقييم الأداء لتنمية قدرات العاملين وتشجيعهم على الإبداع والابتکار، ووضع الخطط التي تساعد على تنمية القدرات الابتکارية والمعارف لدي العاملين وتحديث نظم المعلومات .

ولا حاجة للقول ان المنظمات العامة تواجه عدد من الصعوبات في التخطيط لعمليات التعلم والتطوير والتنمية فمن المعلوم أن إدارة الموارد البشرية في المنظمات العامة لا تملک الحرية الکاملة في التعيين و تحديد الأجور ومنح الحوافز وفي اختيار القيادات حيث انها مقيدة في ذلک إما بقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 بالنسبة للهيئات العامة والمصالح الحکومية التابعة للجهاز الإداري للدولة أو بقانون شرکات قطاع الأعمال العام، القانون رقم 203 لسنة 1991 والمعدل بقانون رقم 185 لسنة 2020 بالنسبة للشرکات العامة مثل شرکات مياه الشرب والصرف الصحي .

ولا شک أن هذا الإطار القانوني يقيد استقلال الإدارة في تحديد البرامج التي تهدف الي تنمية القدرات والمعرفة للعاملين بالمنظمات العامة وحريتها في وضع الخطط التي تعمل على مراعاة بعد التعلم والنمو.

ايضا تواجه المنظمات العامة صعوبات في حسن اختيار القيادات العليا حيث مازال نظام الأقدمية يسيطر الي حد کبير في الاختيار، لذا يجب أن تسعى المنظمات العامة الى تغيير مفاهيم الوظيفة العامة وثقافتها التي يجب أن تهدف إلى خدمة المواطنين والصالح العام وتطوير اساليب العمل ورفع معدلات الأداء.

خامسا: البعد المالي:

رغم ان بقاء واستمرار المنظمات العامة لا يرتبط بتوفير موارد مالية ذاتية، الا ان عليها تحقيق درجة عالية من الکفاءة الإنتاجية من خلال المحافظة على المال العام وترشيد الإنفاق والحد من فرص الفساد وإهدار الموارد المتاحة، والعمل على تنمية المنظمة والوفاء باحتياجات المواطنين المتزايدة.

3-شرکة مياه الشرب بالإسکندرية ومدي الاهتمام بأبعاد الأداء للمنظمات العامة

تأسست شرکة مياه الشرب بالإسکندرية عام 1860 کشرکة مصرية فرنسية تحولت الى شرکة انجليزية في عام 1879 حتى مارس 1954 حيث تم تمصير الادارة تحت إشراف أول مدير مصري، وصدر القانون رقم 117 لسنة 1961 بتأسيس مجلس إدارة الشرکة المؤممة برئاسة السيد محافظ الإسکندريــة، وصدر القرار الجمهوري رقم 1639 لسنة 1968 بتحويل شرکة مياه الإسکندرية إلى هيئة اقتصادية حکومية ثم قضي قرار رئيس الجمهورية رقم 2420 لسنة 1971 بتبعيه هيئة مياه الاسکندرية لمحافظة الإسکندرية ادارياً وتنظيمياً، وظلت هيئة مياه الاسکندرية تمارس نشاطها على هذا الوضع حتى صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 135 لسنة 2004 بتحويل هيئات المياه والصرف الصحي الى شرکات وتکون تابعة للشرکة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي. اي انها وفقا لهذا القرار تعد شرکة تابعة مساهمة مصرية من شرکات قطاع الأعمال العام ورأس المال المرخص به: خمسة مليارات جنيه ورأس المال المصدر والمدفوع يبلغ مليار و779 مليون جنيه. ويتبعها عدد 17 فرع إداري و11 محطة انتاج وتنقية مياه، يعمل بها حتي نهاية 2019 عدد 7407 عامل وموظف . وسنتناول مناقشة ابعاد تقييم اداء الشرکة کما يلي:

أ-بعد الأهداف الاجتماعية المرسومة: تتلخص رسالة الشرکة في توفير مياه الشرب النقية لکافة الاستخدامات داخل نطاق اختصاصها وما يقتضيه ذلک من إقامة شبکات ومحطات وتوصيل الخدمة للعملاء. إن قطاع مياه الشرب والصرف الصحي من أکبر القطاعات الخدمية التي لها تأثير على التنمية بأي دولة والتي يقاس بها مدى تحضر الدولة وتقدمها، وذلک نظراً لما تمثله من ضرورة في کافة قطاعات الدولة سواء الاجتماعية او الاقتصادية، فلا يمکن ان تحدث أي تنمية في الدولة بدون وجود خدمات مياه الشرب النقية، فهي تعد خدمة حيوية ترتبط بمعيشة الإنسان وسلامة صحته وقدرته على العمل والإنتاج، ومن هنا تلتزم الدول کافة بإتاحتها لجميع السکان ومد الخدمة والتوسع فيها بمناطق الدولة المختلفة، مع الالتزام بالمعايير والاشتراطات الصحية والبيئية . ومن هنا فإن هذا البعد يعد أهم الأبعاد لأداء شرکات مياه الشرب. ويجب وضع الخطط الإستراتيجية التي تضمن جودة مياه الشرب المقدمة للسکان واستمرارية توافرها دون انقطاع. ووفقاً للتقرير الإحصائي لجهاز مياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلک عام 2017/2018 فقد تميزت شرکة مياه الإسکندرية بالمقارنة ببعض الشرکات الأخرى بتغطية تقديم الخدمة بنظام 24 ساعة متصلة بنسبة 100%، بجودة عالية طبقا لمؤشر المطابقة الفيزيائية والکيميائية لعينات مياه الشرب، کما تصدرت الشرکة من حيث نصيب الفرد من المياه المباعة فقد بلغت 389.44 لتر/يوم. وإن کان هناک فاقد من کمية المياه المنتجة يقدر بنسبة 23.8% طبقا لما جاء في ذات التقرير .

ب-بعد العملاء: يرتبط نجاح أي شرکة أو منظمة واستمرار نشاطها برضاء العملاء، فهو المقياس الذي نسترشد به لقياس مدى نجاحها في الارتقاء بمستوى الأداء. إلا أن الأمر هنا قد يختلف بالنسبة لشرکة مياه شرب بالإسکندرية فهي تحتکر انتاج وتوزيع وتوصيل مياه الشرب لسکان مدينة الإسکندرية وقد بلغ عدد المشترکين 1831860 ، ويمکن القول ان العميل لن يجد بديل آخر للحصول على هذه الخدمة إذا ما کان غير راضياً عن أداء الشرکة ومن ثم لا يرتبط بقاء الشرکة برضاء العملاء. إلا ان الحکومة حرصت على کسب رضاء المواطن بشکل عام عن أدائها في کافة المجالات. وکان إنشاء جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلک وصدور القرار الجمهوري رقم 115 لسنة 2007، والذي منح هذا الجهاز مجموعة من الصلاحيات حتى يتمکن من تنظيم ومتابعة ومراقبة انشطة شرکات المياه، أثراً إيجابياً في اهتمام شرکات المياه بالجمهورية بالعملاء وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين. وبالفعل أولت إدارة شرکة الإسکندرية اهتماما في السنوات الأخيرة بالعملاء وتم تطوير نظام خدمة العملاء بإتاحة عدد من الخدمات الالکترونية مثل: استقبال شکاوى العملاء، وتسجيل قراءات العدادات الخاصة بالعملاء، والتعاقد مع المشترکين وذلک عبر وسائل التواصل الاجتماعي (What Sapp) کما تم تطوير موقع الشرکة الإلکتروني وتم توفير إمکانية الاستعلام عن المستندات المطلوبة للتعاقد. ورغم هذا الاهتمام بخدمة العملاء تلاحظ ان عدد الشکاوى المقدمة من العملاء تتزايد سنوياً، فقد بلغ عدد الشکاوى المقدمة من العملاء في عام 2017 للتضرر من نظم المحاسبة عدد 3037 وارتفعت الي عدد 30214 شکوى عام 2019، وتبرر قيادات الشرکة هذا الارتفاع الکبير بأن ذلک نتيجة اتاحة الفرصة للتقدم بالشکاوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ج- بعد العمليات الداخلية وإجراءات تقديم الخدمة : نظرا لأهمية جودة مياه الشرب لصحة المواطنين کان من الضروري العمل علي تحديث تکنولوجيا التشغيل وإنتاج المياه حيث تم تأهيل محطات إنتاج المياه بالشرکة للحصول علي الشهادة الدولية لإدارة محطات المياه (Technical Sustainable Management) وذلک بالتعاون مع هيئة المعونة الألمانية (GTZ) ، کما تم استيراد أجهزة حديثة لمراقبة وضبط جودة المياه، وفي مجال إجراءات تقديم الخدمة وتسهيل الحصول عليها فکما سبق وان أشرنا سلفاً تم إتاحة عدد من الخدمات الالکترونية لتسهيل تقديم الخدمة وتأسيس أماکن کافية لاستقبال العملاء الجدد، إلا انه مازال هناک العديد من الشکاوي يقدمها العملاء لمعانتهم عند التعامل مع العاملين المختصين بتقديم الخدمة، علاوة الي ارتفاع نسبة الفاقد من إجمالي کمية المياه المنتجة حيث بلغت 28% وبلغت نسبة الفاقد داخل المحطات لدي شرکة مياه الاسکندرية 6% .

د- بعد التعلم والنمو : لا شک ان نجاح شرکات مياه الشرب مثلها مثل کافة المنظمات يتطلب توافر رفع القدرات الابتکارية للعاملين للمساهمة في التطوير وتحسين الأداء إلا انها مقيدة بإطار قانوني او لائحى خاصة بالنسبة لنظام الأجور والحوافز والترقية فتخضع الشرکات العامة الي قانون 203 لسنة 1991 والمعدل بقانون رقم 185 لسنة 2020 الخاص بشرکات قطاع الأعمال العام والذي يحدد نظاماً للحوافز المادية ويقضي بمنح العاملين بها نصيب في الأرباح لا يتعدى 12% ولا يجوز تقدير مکافأة مجلس الإدارة بأکثر من (5٪) بالنسبة للشرکات القابضة و(10٪) بالنسبة للشرکات التابعة، وذلک من أرباح الشرکة السنوية القابلة للتوزيع مخصومًا منها نسبة (5٪) من رأس المال المدفوع .کذلک لا تملک الشرکة رفع اجور العاملين بها نظراً لکونها کانت مقيدة بقانون الهيئات العامة وتبعيتها التنظيمية لمحافظة الإسکندرية، ولذا تتضرر النقابات العمالية من مشروع لائحة الموارد البشرية الموحدة لشرکات قطاع الأعمال العام ويسعي الوزير المختص الي تعديل الراتب الأساسي بإضافة الأجر المتغير لتحسين مستوي الأجور . ايضاً تأثرت الشرکة بالسياسيات العامة المتعلقة بالحد من التضخم الوظيفي في المنظمات العامة حيث أصبح من الصعوبة لديها تعيين عمالة مهرة جدد کل ذلک أدي الي ضعف الاهتمام بهذا البعد، ويؤثر ذلک بدوره علي حسن التعامل المرغوب مع العملاء. وبالنسبة للتعلم لم يلقى تدريب العاملين وتنمية قدراتهم الفنية والإدارية الاهتمام الکافي من الادارة العليا کما سنوضحه في الدراسة الميدانية.

هـ- البعد المالي : کما سبق وأن اشرنا أولت الدولة اهتماما کبيرا بتطوير قطاع المياه والصرف الصحي وتم إنشــاء الشــرکة القابضــة لمياه الشـرب والصـرف الصحي وتحويـل الهيئـات العامـة الي شـــرکات تابعـــة تخضع للقـــانون (203) لســـنة 1991 ، وکذلک صدور القرار الجمهوري رقم ( 136 ) لســــنة 2004 بإنشــــاء جهــــاز تنظــــيم ميــــاه الشــــرب والصــــرف الصــــحي وحمايــــة المســــتهلک کجهــــة رقابيــة وکمــنظم للقطــاع وسعت الشرکة القابضة للتخفيف من حجم الدعم المالي لشرکات المياه، وتم تبنى سياسة تسعيرية جديدة بدءاً من العام المالي 2014/ 2015 على ان تلتزم الشرکات مقدمة الخدمة باستعادة التکاليف بهدف تحقيق الاستقلال المالي وتخفيـف الأعبـاء عن الموازنة العامة للدولة ، وعلي ذلک سعت قيادات شرکة مياه الاسکندرية الي العمل علي استرداد التکلفة الکلية وقد اشار تقرير جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي الصادر في يوليو 2020 الى انه قد بلغت نسبة تغطية الإيرادات الکلية للتکاليف الکلية بالقطاع خلال العـام المالي 2017/2018 نحو93 % ذلــک مقارنــة بنســبة 89%عــن العــام المالي 2016/2017 وتعــد هــذه النســب وفقــاً لتصــنيف مسـتويات الأداء ضـمن "مسـتوى الأداء المقبـول " والتي يجـب العمـل علـى تحسـينها اتجاها الي قطـاع مستقر مالياً ولتخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة . کما تشـير نتـائج نسـب اسـتعادة التکلفـة خـلال السـنه المالية 2017/ 2018 الي تطور معدلات الأداء بصورة إيجابية بمـا يضـمن تحقيـق الاسـتدامة الماليـة لقطاع مياه الشرب والصرف الصحي.

وبالنسبة لشرکة مياه الإسکندرية فقد استطاعت تغطية الإيرادات الکلية للتکاليف بها خلال العام المالي 2017/ 2018 وحققت بذلک ارباح بلغت 20 % وذلک رغم انه قد بلغ نسبة التحصـــيل المالي بالشرکة خـــلال العـــام المالي 2017/2018 نحو50 % مـــن إجمالي المسـتحق علـى العمـلاء، وذلک يرجع الي ارتفاع التسعير.

علي اية حال يلاحظ ان هناک اهتمام واضح من إدارة الشرکة بالبعد المالي على حساب باقي الأبعاد الأخرى. ويجب الإشارة الي أن شرکات مياه الشرب ما زالت مقيده من الناحية المالية سواء فيما يتعلق بعدم وجود سياسات تسعيرية أو الأنشطة الاستثمارية بما في ذلک حجم التمويل اللازم لعمليات التشغيل والصيانة .

4- نتائج الدراسة الميدانية

تم تصميم استمارة استبيان لتحديد رؤية قيادات شرکة الإسکندرية لمياه الشرب بشأن تعريف وإدراکهم لأبعاد بطاقة الأداء المتوازن، وإلى أي مدى تراعى الشرکة الابعاد غير المالية لتقييم أداء الشرکة، ايضاً التعرف على أهم المعوقات التي تعوق تطبيق بطاقة الأداء المتوازن.

مجتمع وعينة الدراسة: تعتمد الشرکة على 9 قطاعات اساسية: قطاع انتاج وتوزيع اسکندرية – قطاع انتاج وتوزيع المنطقة الجنوبية– قطاع انتاج وتوزيع المنطقة الغريبة– قطاع المشروعات – القطاع المالي– القطاع التجاري – قطاع الموارد البشرية – قطاع المعامل– قطاع التخطيط والدراسات. وتتضمن تلک القطاعات 9 قيادات إدارة عليا-61 إدارة عامة – 155 قيادات الوسطى (کبير– اولى– ثانية) بمجموع 225، وقد تکونت الخصائص الديموجرافيا للعينة کالآتي: 78% ذکور- 22% إناث- %91.5 مؤهل عال- 8.5% مؤهل متوسط-35% بکالوريوس تجارة 34% بکالوريوس هندسة - 11% بکالوريوس علوم. وقد تم إجراء دراسة استطلاعية على عينة قوامها (30) مفردة من مجتمع الدراسة تهدف إلى التأکد من وضوح عبارات الاستبيان ومحتواها. وبناءاً على الآراء والمقترحات ونتائج الاختبار الاستطلاعي للاستبانة فقد تم اجراء بعض التعديلات عليها من حيث المحتوى والمضمون ووضعت بصورتها النهائية وتم تطبيقها على عينة الدراسة.

هذا وفقد استخدمنا الحصر الشامل للقيادات بالشرکة، وقد بلغ إجمالي الاستمارات التي تم توزيعها 225 استمارة تم استرداد 205 استمارة صحيحة. ونظراً لاهتمام الدراسة بالتعرف على آراء مفردات العينة بالنسبة لتطبيق ابعاد بطاقة الأداء المتوازن ولن يکون للخصائص الديموجرافيا اثرا ملموس في ذلک فلن نتطرق عند التحليل الإحصائي لتأثير هذه الخصائص على الآراء.

قياس صدق وثبات استبانة الدراسة: يقصد بصدق استمارة الاستبيان امکانية قياس الظاهرة المبحوث من خلال الاداة المستخدمة، اما ثبات استمارة الاستبيان فيقصد به أن تعطى استمارة نفس النتائج في حالة تکرار توزيعها على نفس العينة وتحت نفس الظروف ، وفى هذه الدراسة تم حساب ثبات أداة الدراسة باستخدام معامل الفا کرو نباخ. ويوضح الجدول رقم (1) نتائج قياس مدى ثبات وصدق محاور الاستبيان.

الجدول رقم (1) معامل الصدق والثبات لعبارات الاستبيان

م المحاور معامل الفا کرو نباخ معامل الصدق

1 ابعاد بطاقة الأداء المتوازن .749 .865

2 مشکلات التطبيق .768 .876

وقد تم إدخال البيانات الواردة بإجابات المستقصي منهم آليا باستخدام الحاسب الآلي وتحليل بيانات الدراسة للوصول إلى النتائج باستخدام برنامج التحليل الإحصائي (SPSS) اعتمادا على الحدود الحقيقية لفئات مقياس ليکرت باعتبار أن موافق تماما تأخذ الرقم 5، موافق 4، محايد 3، غير موافق 2، غير موافق تماما 1، وطبقا لحساب قيمة الوسط الحسابي، تکون الدرجة (3) محايد هي قيمة وسطية، بحيث إذا کان الوسط الحسابي للإجابة عن عبارة ما أکبر من (3) اعتبر ذلک أکبر من المتوسط ويقع في منطقة الموافقة، وإذا کان أقل من (3) اعتبر ذلک أقل من المتوسط ويقع في منطقة عدم الموافقة .

تحليل نتائج تقييم مفردات العينة :

جدول رقم (2) استجابات مفردات عينة الدراسة للعبارات الدالة على محور بطاقة الأداء المتوازن

م العبارة المتوسط الانحراف المعياري

1 تمکنت الشرکة من تغطية نفقاتها نتيجة ارتفاع التسعير 3,91 1,19073

2 تقوم الشرکة بحسن استغلال الموارد والإمکانيات المتاحة لتغطية النفقات وتحقيق ارباح مناسب . 3,89 1,24542

3 تحقق الشرکة ارباح نتيجة ترشيد الانفاق 1,89 1,01561

4 تسعى الشرکة لتقليل نسبة الفاقد من المياه المنتجة 1,73 0,81723

5 تحرص الشرکة على اجراء التحليل البکتريولوجي للمياه بشکل دائم 4,21 0,93556

6 تحرص الشرکة على تطوير مستوى التکنولوجيا والتجهيزات بشکل دائم 2.14 1.13953

7 تعمل الشرکة على تبسيط اجراءات تقديم خدماتها للعملاء 2,25 1,19294

8 تمتلک الشرکة قاعدة بيانات عن عملاءها يتم تحديثها بشکل دوري 1,74 0,74524

9 تقوم الشرکة بأجراء استقصاء يسمح بقياس مستوى رضا العملاء 1,69 1,02813

10 يتم فحص شکاوى العملاء والعمل على إزالة أسبابها 3,59 1,003424

11 تنتظم الشرکة على قراءة العدادات شهرياً وحساب تکاليف الاستهلاک 2,14 1,13797

12 يهتم العملاء بتسجيل قراءة العدادات شهريا من خلال ال what Sapp 1,73 0,88629

13 لدى الشرکة نظام لتبادل المعلومات بين العاملين وتنمية معارفهم 2,23 1,13954

14 هناک مخصصات مالية لعمليات البحوث والتطوير بالشرکة 2,25 1.19294

15 تقدم الشرکة برامج تدريبية کافية وملائمة للعاملين 3,83 1,19304

16 تهتم الشرکة بتدريب الفنيين على الأساليب التکنولوجية الحديثة 2,20 1,2434

17 توجد خطة تدريبية للعاملين بعد دراسة الاحتياجات التدريبية 2,44 1,177

18 يوجد لدى الشرکة نظام فعال للمکافآت والحوافز 3.75 1,18055

19 يوجد نظام عادل لتوزيع الارباح والحوافز على العاملين بالشرکة 2,14 1,13797

20 توفر الشرکة وسائل انتقال آمنة للعاملين 4,15 0,74857

21 تحرص قيادات الشرکة على حس العاملين لتقديم مقترحاتهم لتطوير اساليب العمل بالشرکة 1,91 1,02718

22 خدمات الشرکة تغطى کافة مناطق واحياء محافظة الاسکندرية 4,51 0,63106

23 تحرص الشرکة على تقديم الخدمة دون انقطاع 3.96 1.10706

وتوضح بيانات الجدول السابق (2) أنه بالنسبة للبعد المالي هناک موافقة من مفردات العينة على أن الشرکة تمکنت من تغطية نفقاتها نتيجة ارتفاع التسعير حيث بلغ المتوسط الحسابي3,91 فکما اشار التقرير السنوي العاشر لجهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلک ان التسعير ظل ثابتا إلى عام 2009 وفى السنوات الأخيرة اتجهت السياسات العامة إلى رفع تعريفة التسعير ويشير المتوسط الحسابي للعبارتين 2 و3 بأن تحقق الأرباح لا يرجع إلى حسن استغلال الموارد والامکانيات أو نتيجة ترشيد الانفاق حيث بلغ المتوسط الحسابي لحسن استغلال الموارد 2,14 ، وبالنسبة لترشيد الأنفاق بلغ المتوسط الحسابي 1.89 أي ان هناک عدم موافقة مما يشير أنه لا يوجد اهتمام کافي بالبعد المالي رغم تحقيق نسبة من الأرباح .

وبالنسبة لبعد العمليات الداخلية واجراءات تقديم الخدمة توضح أراء مفردات العينة للعبارة رقم 6 ان هناک عدم التأکد بأن الشرکة تحرص على تطوير مستوى التکنولوجيا والتجهيزات بشکل دائم حيث بلغ المتوسط الحسابي 2,14 وقد يرجع صعوبة تطوير مستوى تکنولوجيا الإنتاج واجراءات العمل والتشغيل إلى أن الشرکة مقيدة بإطار لائحي ومالي يحد من قدرتها على ذلک کما أشرنا سلفا. أيضا هناک عدم التأکد على ان الشرکة تعمل على تبسيط اجراءات تقديم خدماتها للعملاء حيث جاء المتوسط الحساب 2,25 بالنسبة للعبارة رقم 7 کذلک هناک عدم موافقة على ان الشرکة تعمل على تقليل نسبة الفاقد من المياه المنتجة حيث بلغ المتوسط الحسابي 1,73 للعبارة رقم 4. ورغم ضعف اهتمام الشرکة ببعد العليات الداخلية نجد ان هناک موافقة بدرجة عالية على الاهتمام بأجراء عملية التحليل المستمرة للمياه لضمان صلاحيتها للاستخدام حيث بلغ المتوسط الحسابي 4.21 ويرجع ذلک على انه بالتعاون مع هيئة المعونة الألمانية (GTZ)، تم استيراد أجهزة حديثة لمراقبة وضبط جودة المياه کما أشرنا سلفا.

أما بالنسبة لبعد العملاء فهناک عدم موافقة على ان الشرکة تملک قاعدة بينات عن العملاء او انها تقوم بإجراء استقصاء يسمح بقياس مستوي رضاء العملاء، وبلغ المتوسط الحسابي 1,74 للعبارة رقم 8، بلغ 1,69 بالنسبة للعبارة رقم 9، کما ان هناک عدم التأکد لدي مفردات العينة على ان الشرکة تنتظم على قراءة العدادات شهريا وحساب تکاليف الاستهلاک حيث بلغ المتوسط الحسابي 2,14 للعبارة رقم 11 والذي قد يرجع الي نقص في العاملين نتيجة سياسية إيقاف التعينات بالمنظمات العامة. ويتضح من هذه النتائج أن الشرکة لا تولي الاهتمام الکافي بهذا البعد. ورغم ذلک هناک موافقة من مفردات العينة على انه يتم فحص الشکاوى المقدمة من العملاء والعمل على إزالة اسبابها حيث بلغ المتوسط الحسابي (3,59)، ويرجع ذلک إلى اهتمام جهاز تنظيم مياه الشرب بمتابعة وحصـر وتصـنيف شـکاوى العملاء عبر الوسائل المتنوعة، وکذلک القيام بالزيارات الميدانية لمعاينة وبحث شـــکاوى ميـــاه الشرب. وبالنسبة للعبارة رقم 12 الخاصة بقيام العملاء بتسجيل قراءات العدادات وارسالها للشرکة عبر الـ what’s app فقد جاء المتوسط الحسابي (1,73) أي عدم موافقة تماما، وقد يرجع ذلک إلى عدم ثقتهم بأن الشرکة سوف تهتم بتسجيل تلک القراءات لحساب الاستهلاک الفعلي.

وبالنسبة لبعد النمو والتعلم فهناک عدم تأکد أو الميل لعدم الموافقة على العبارات 13، 14، 16، 17، 19، 21 وهي العبارات المتعلقة بأن الشرکة تهتم تبادل للمعلومات بين العاملين لتنمية معارفهم (متوسط الحسابي 2,23) او ان هناک مخصصات مالية لعمليات البحوث والتطوير بالشرکة (متوسط حسابي 2,25) أو ان الشرکة تهتم بتدريب الفنيين على الأساليب التکنولوجية الحديثة (متوسط حسابي 2,20) أو ان الخطة التدريبية يتم اعدادها بناء على دراسة للاحتياجات (متوسط حسابي 2,44). کذلک هناک عدم موافقة على انه يوجد نظام عادل لتوزيع الارباح والحوافز على العاملين بالشرکة (متوسط حسابي 2,41) او ان قيادات الشرکة تحرص على حس العاملين لتقديم مقترحاتهم لتطوير اساليب العمل بالشرکة (متوسط حسابي 1,91). في حين وافق مفردات العينة على ان الشرکة تقدم برامج تدريبية کافية (متوسط حسابي 3,83) وقد يرجع ذلک إلى أن الشرکة القابضة لديها 14 مرکز تدريب على مستوى الجمهورية، وتقدم عدد من الدورات التدريبية مثل التدريب الإداري، المالي والتجاري، والفني، أيضا وافق مفردات العينة على ان الشرکة توفر وسائل انتقال آمنة للعاملين (متوسط حسابي 4,15). وأنه يوجد لدى الشرکة نظام فعال للمکافآت والحوافز (متوسط حسابي 3,75) والذي قد يرجع الى انه يتم توزيع الأرباح وفقاً لضوابط محددة بقانون. ويتضح من هذه النتائج ان لا يوجد اهتمام مناسب ببعد النمو التعلم حيث لا تحرص الشرکة على تنمية مهارات العاملين الفنية، ودعم التبادل المعرفي بينهم، والحرص على التعرف على مقترحاتهم في عمليات التطوير الأعمال والإنتاج بالشرکة، کذلک هناک نقص في الاهتمام بتوفير المخصصات اللازمة لعمليات البحوث والتطوير.

وبالنسبة لبعد تحقيق الأهداف الاجتماعية المرسومة (العبارتين 22 و23) وافقت مفردات العينة أن خدمات الشرکة تغطى کافة مناطق وأحياء محافظة الإسکندرية ودون انقطاع بمتوسط حسابي (4,51 و 3,96 )، فقد سبق وان اشرنا سلفاً أن شرکة الإسکندرية قد حصلت على المرکز الثالث لکفاءة الأداء طبقا للتقرير السنوي لجهاز تنظيم مياه الشرب ، وأن التغطية بنظام 24 ساعة متصلة نسبة 100%، کما تصدرت الشرکة الترتيب الأول بذات التقرير من حيث نصيب الفرد من المياه المباعة فقد بلغت 389,44 لتر/يوم ويتضح مما سبق ان هناک اهتمام من الشرکة بهذا البعد مقارنة بشرکات المياه بالمحافظات الأخرى.

توضح النتائج السابقة ان الشرکة تولي اهتمام بالبعد الاجتماعي وتحقيق رسالتها بقدر مناسب من الفعالية حيث أن خدمات الشرکة تغطى کافة مناطق وأحياء محافظة الإسکندرية ودون انقطاع، أيضا هناک اهتمام بالبعد المالي الي حد ما نتيجة التزامها بتغطية نفقاتها کما اشرنا سلفا، ومن جانب لم تلقي ابعاد بطاقة الأداء المتوازن الأخرى والمتعلقة بالمنظمات العامة الاهتمام الکافي من الشرکة وهي ابعاد التعلم والنمو، وبعد العملاء، وبعد العمليات. ولا ننکر أنه قد يرجع ذلک الي انها تعاني من بعض المشکلات التي يجب التعامل معها ويوضح الجدول التالي (جدول رقم 3) أهم هذه المشکلات والتي تم استطلاع آراء العاملين في شأنها .

جدول رقم (3) استجابات مفردات عينة الدراسة على محور مشکلات التطبيق

م العبارة المتوسط الانحراف المعياري

1 خضوع الشرکة لإطار قانونى مقيد 3,91 1,19073

2 لا يوجد خطط استراتيجية ورؤية واضحة لتبنى الشرکة ابعاد بطاقة الأداء المتوازن 4,00 1.03136

3 ضعف وعى العملاء بقضايا المياه واهمية ترشيد استهلاکها 3,86 1,13366

4 لا يوجد سياسة ثابتة لتسعير تقديم الخدمة 2,32 1,1123

5 کثرة البناء العشوائي وتقادم شبکات المياه يؤثر على حسن تقديم الخدمة 4,41 0,50369

6 خضوع الشرکة لأجهزة الرقابة المرکزية يؤثر على مرونة اتخاذ القرارات الخاصة بالعملية الانتاجية 3.75 1,18055

7 ضعف فرص مشارکة العاملين في صنع سياسات الشرکة 3,62 1,32932

8 الاعتماد على مرکزية اتخاذ القرارات 3.75 1,18055

9 ارتفاع تکلفة الاساليب الانتاجية الحديثة يحد من فرص تطوير العمليات الانتاجية 4.14 0.86574

10 سياسات ايقاف التعيين ادى إلى عدم توافر الاعداد المناسبة للعمالة الفنية الماهرة 4.17 0.87549

توضح بيانات الجدول السابق ان هناک موافقة بدرجات عالية علي أن الشرکة تعاني من المشکلات الواردة بالجدول السابق وجاء ترتيب الموافقة علي کل منها کما يلي :

- کثرة البناء العشوائي وتقادم شبکات المياه يؤثر على حسن تقديم الخدمة وبلغ المتوسط الحسابي (4,41).

- سياسات ايقاف التعيين ادى إلى عدم توافر الاعداد المناسبة للعمالة الفنية الماهرة (4.17).

- ارتفاع تکلفة الاساليب الانتاجية الحديثة يحد من فرص تطوير العمليات الانتاجية (4.14).

- لا يوجد خطط استراتيجية ورؤية واضحة لتبنى الشرکة ابعاد بطاقة الأداء المتوازن (4,00).

- خضوع الشرکة لإطار قانونى مقيد (3,91).

- ضعف وعى العملاء بقضايا المياه واهمية ترشيد استهلاکها (3,86).

- خضوع الشرکة لأجهزة الرقابة المرکزية يؤثر على مرونة اتخاذ القرارات الخاصة بالعملية الانتاجية (3.75).

- ارتفاع تکلفة الاساليب الانتاجية الحديثة يحد من فرص تطوير العمليات الانتاجية (3.75).

- ضعف فرص مشارکة العاملين في صنع سياسات الشرکة (3,62).

الخلاصة والتوصيات:

تناولت الدراسة عرض مفهوم وابعاد بطاقة الأداء المتوازن وأنها تتضمن أربعة ابعاد قد اتفق عليها الباحثون، وهي کالاتي: البعد المالي Financial Perspective (العائد المالي للمساهمين) وبعد العملاء Customer Perspective (الصورة الذهنية للمنظمة لدى العملاء). وبعد العمليات الداخلية Internal Business Processes Perspective (القدرة على التطوير والتميز في العمليات الداخلية). وبعد التعليم والنمو Learning and Growth Perspective (تعليم وتنمية القدرات الابداعية والابتکارية للعاملين).

وأوضحنا أن هناک بعض الاجتهادات التي تري ضرورة إعادة ترتيب وصياغة هذه الأبعاد بما يتفق مع طبيعة أنشطة المنظمة المنظمات العامة والتي تهدف الى تحقيق الصالح العام ولا تهدف الى الربح وخلصنا الي أن ابعاد هذه المنظمات هي:

- بعد الأهداف الاجتماعية المرسومة (تحقيق رسالة المنظمة بأعلى درجة من الفاعلية)

- بعد العملاء ( متلقى الخدمات العامة )

- بعد العمليات الداخلية واجراءات تقديم الخدمة

- بعد التعلم والنمو

- البعد المالي

وبالنسبة إلى أي مدي استطاعت شرکة مياه الشرب بالإسکندرية الاستفادة من الأبعاد المشار إليها فقد انتهت الدراسة الي أن الشرکة أولت اهتمام بالبعد المالي الي حد ما بهدف استعادة التکاليف وتحقيق الاستقلال المالي مع تحقيق نسبة مقبولة من الأرباح تسمح بتوزيع النسب المقررة منها قانونا علي العاملين، واعتمدت في ذلک علي زيادة تسعير المياه حيث تم تبنى سياسة تسعيرية جديدة بدءاً من العام المالي 2014/ 2015. و لم يوافق مفردات العينة علي ان الشرکة تهتم بحسن استغلال الموارد والامکانيات المتاحة والسعي الي ترشيد الإنفاق. ايضا اظهرت الدراسة ان هناک اهتمام بالبعد الاجتماعي وتحقيق رسالتها حيث تمکنت من تغطية کافة مناطق وأحياء محافظة الإسکندرية بالمياه الصالحة للشرب ودون انقطاع. الا انه بالنسبة للأبعاد الأخرى وهي ابعاد التعلم والنمو، وبعد العملاء، وبعد العمليات فهي لم تلقي الاهتمام الکافي والذي قد يرجع الي ان الشرکة تعاني من عدد من المشکلات الإدارية تحد من قدراتها قي تحقيق باقي الأهداف ووافق مفردات العينة علي ان اهم هذه المشکلات هي:

- سياسات ايقاف التعيين ادى إلى عدم توافر الاعداد المناسبة للعمالة الفنية الماهرة .

- ارتفاع تکلفة الاساليب الانتاجية الحديثة يحد من فرص تطوير العمليات الانتاجية .

- لا يوجد خطط استراتيجية ورؤية واضحة لتبنى الشرکة ابعاد بطاقة الأداء المتوازن .

- خضوع الشرکة لإطار قانونى مقيد .

 وتوصي الدراسة بأهمية وضع خطط استراتيجية لترجمة ابعاد بطاقة الأداء المتوازن مع مراعاة الموازنة بينها وبما يتفق مع طبيعة نشاط الشرکة، والعمل علي منح شرکات مياه الشرب الحرية في تعيين الفنيين والمتخصصين في مجال انتاج مياه الشرب. ايضا من الأهمية إعادة النظر في الإطار القانوني لتحرير الشرکة من القيود التشريعية والمالية وتمکين مجلس إدارة شرکات مياه الشرب من التعامل مع التطور التکنولوجي والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية. کما توصى الدراسة بعمل استبيان لقياس درجة رضا العملاء عن مستوى تقديم خدمات مياه الشرب والتطور في الأداء، والعمل على تعـديل الســلوکيات السـلبية ودعــم الســلوکيات الايجابية في تعامــل المجتمع مــع قضايا قطــاع مياه الشرب.

قائمة المراجع