البريکست والأثار الاقتصادية على بريطانيا في ظل کوفيد19

نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة

المؤلفون

1 المعهد الکندي العالي للادارة و تکنولوجيا المعلومات بالسادس من اکتوبر

2 المعهد الکندي العالي للادارة و تکنولوجيا المعلومات السادس من اکتوبر

المستخلص

تعد بريطانيا إحدى الأعمدة الرئيسة في الاتحاد الأوروبي وخامس اقتصاد على مستوي العالم وقلب أوروبا المالي وصاحبة أکبر نصيب من الاستثمارات الأوروبية المباشرة. ولذا حصلت بريطانيا على مجموعة کبيرة من الامتيازات ضمن مجموعة دول الاتحاد الاوروبي، فعلي مستوي التبادل التجاري تميزت السلع البريطانية بسهولة تنقلها ضمن دول الاتحاد الأوروبي دون حواجز جمرکية، بالإضافة الي سهولة تنقل خطوط الطيران ضمن دول الاتحاد، وأيضا هناک أکثر من نصف مليون شخص بريطاني يعملون بمؤسسات دول الاتحاد الاوروبي، کما حصلت بريطانيا على ميزة أخري وهي الاحتفاظ بعملتها المحلية کعملة دولية ولم تتعامل بالعملة الاوربية "اليورو، ولکن مع کل هذه الامتيازات الا ان المملکة المتحدة البريطانيا رغبت في الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. ومن المؤکد ان هذا الانفصال له آثاراً اقتصادية على الطرفين البريطاني والاوربي، خاصة في ظل ظروف الاقتصادية الحالية التي يمر بها العالم بسبب انتشار وباء کوفيد19 والذي اطاحة بالعالم منذ مارس 2020 وکانت له آثار مدمرة علي معظم دول العالم وخاصة الدول الکبرى ومنها بريطانيا.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


 

المقدمة

تعد بريطانيا إحدى الأعمدة الرئيسة في الاتحاد الأوروبي وخامس اقتصاد على مستوي العالم وقلب أوروبا المالي وصاحبة أکبر نصيب من الاستثمارات الأوروبية المباشرة. ولذا حصلت بريطانيا على مجموعة کبيرة من الامتيازات ضمن مجموعة دول الاتحاد الأوروبي، فعلي مستوي التبادل التجاري تميزت السلع البريطانية بسهولة تنقلها ضمن دول الاتحاد الأوروبي دون حواجز جمرکية، بالإضافة إلي سهولة تنقل خطوط الطيران ضمن دول الاتحاد، وأيضا هناک أکثر من نصف مليون شخص بريطاني يعملون بمؤسسات دول الاتحاد الأوروبي، کما حصلت بريطانيا على ميزة أخري وهي الاحتفاظ بعملتها المحلية کعملة دولية ولم تتعامل بالعملة الأوربية "اليورو" ومع کل هذه الامتيازات إلا أن المملکة المتحدة رغبت في الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، ومن المؤکد أن هذا الانفصال له آثاراً اقتصادية على الطرفين البريطاني والأوربي، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي يمر بها العالم بسبب انتشار وباء کوفيد19 الذي أطاح بالعالم منذ مارس 2020 وکان له آثراً کبيراً علي معظم دول العالم وخاصة الدول الکبرى ومنها بريطانيا. حيث اکتشاف فيروس کورونا (COVID-19) لأول مرة في مدينة ووهانا بالصين في نهاية ديسمبر 2019، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية (WHO) عن تفشي الوباء رسميًا في مارس 2020 وقد بلغت الوافيات بهذا الفيروس أعدادا ًکبيرة حوالي 2 مليون حالة وفاة في جميع أنحاء العالم.

وقد تأثرت بريطانيا بشکل کبير من الناحية الاقتصادية من جراء توقف النشاط الاقتصادي لفترات طويلة بسبب انتشار هذا الوباء بالإضافة إلي فقد المملکة المتحدة البريطانية لامتيازات العضوية الکاملة في الاتحاد الأوروبي من حيث حرية دخول البضائع والسلع والخدمات دون تعريفة جمرکية لأکبر سوق في العالم، وهي السوق الأوروبية الموحدة التي تضم 500 مليون شخص بحجم ناتج إجمالي يصل إلي 18 تريليون يورو، وأيضا بالتبعية فقد اتفاقيات التبادل التجاري مع 53 دولة کانت ترتبط باتفاقات تجارة مع الاتحاد الأوروبي، وکذلک کندا وسنغافورة وکوريا الجنوبية والمکسيک، وستکون المملکة المتحدة مضطرة للتفاوض الثنائي مع کل دولة علي حده لتحصل علي الامتيازات التجارية ذاتها.

الکلمات الدالة: البريکست-الأثار-الاقتصادية-بريطانيا-کوفيد19

I. أهمية الدراسة:

في ظل الوضع الاقتصادي الحالي لدول العالم بسبب انتشار وباء کورونا (کوفيد 19) الذي اجتاح العالم منذ بداية عام 2020، کان قرار تنفيذ البريکست المتفق عليه بين المملکة المتحدة البريطانية والاتحاد الأوروبي في يناير 2021 خطوة جريئة من جانب بريطانيا خاصة في ظل الوضع الحالي للاقتصاد البريطاني وحالة عدم الاستقرار الاقتصادي في جميع أنحاء العالم بسبب (کوفيد19).

حيث عقدت بريطانيا اتفاقيات جديدة مع دول الاتحاد الأوروبي ومع باقي دول العالم التي تتمتع بحجم شراکة أوروبية کبير في الوقت الراهن.

 کما کان هناک تأثير مباشرة في مجال الاستثمارات ومعدلات التجارة البينية بين المملکة المتحدة البريطانية والاتحاد الأوروبي، لذا سعي هذه الورقة لمعرفة ما هي الآثار الاقتصادية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

II. أهداف الدراسة:

- التعريف بالبريکست وما هي مسبباته

- طبيعة العلاقات البريطانية الأوروبية والأيرلندية

- الأثار الاقتصادية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في ظل کوفيد 19

- الوضع الاقتصادي بعد تنفيذ البريکست في يناير2021

III. منهج الدراسة:

تتبع هذه الدراسة المنهج الاستقرائي لعرض العلاقات الاقتصادية ومتابعة الأحداث والظواهر الاقتصادية بين بريطانية ومجموعة الدول الأوروبية وأيضا والوقوف على النتائج المترتبة عليها.

IV. فرض البحث:

أن الوضع الاقتصادي في بريطانيا سوف يتأثر بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي بشکل کبير خاصة بعد التعرض لموجات کوفيد 19 المتتالية.

V. کيفية انضمام المملکة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي

حيث نشأت فکرة هذا الاتحاد في أعقاب الحرب العالمية الثانية عندما اعتقادات الدول الأوروبية أن زيادة التبادل التجاري سوف تجعلهم أقل عرضة لخوض الحروب مع بعضهم البعض، وانه إذا اتفقت المصالح الاقتصادية وتم تعزيز التعاون الاقتصادي بين هذه الدول فانه لا مجال للحروب، لذا ففي عام 1957، قامت کلا من فرنسا وألمانيا الغربية وبلجيکا وإيطاليا ولوکسمبورغ وهولندا بتوقيع معاهدة سميت باسم معاهدة باريس، والتي أسست المجموعة الاقتصادية الأوروبية (EEC) أو الاتحاد الأوربي فيم بعد.

في عام 1961 تقدمت المملکة المتحدة بطلب الانضمام إلى هذا الاتحاد، وبسبب العزلة السياسية في أوروبا الغربية، اعترضت الحکومة الفرنسية على هذا الطلب، ولکن بريطانيا لم تيأس حيث قامت المملکة المتحدة بمحاولة ثانية لطلب الانضمام ولکن اعترض الفرنسيون عليه مرة أخرى عام في 1967، وبعد انتظار طويل للمملکة المتحدة عقدت في عام 1969 مجموعة جديدة من المفاوضات للحصول على العضوية البريطانية واستمرت حتى انضمت المملکة المتحدة إلى المجموعة الاقتصادية الأوروبية في 1 يناير 1973 مع الدنمارک وإيرلندا.

ومع انضمام المملکة المتحدة إلى الجماعة الاقتصادية الأوروبية (EEC) انضمت أيضا إلى الجماعة الأوروبية للفحم والصلب (ECSC)، والجماعة الأوروبية للطاقة الذرية (EAEC أو (Euratom)، وقد شارکت المملکة المتحدة مشارکة کاملة في کل من منطقة التجارة الحرة (FTA)، والاتحاد الجمرکي (CU) وفي السوق الداخلية على أساس أربع حريات أساسية هي (حرکة البضائع، والخدمات، ورأس المال، والعمل).

 ومنذ انضمت المملکة المتحدة إلى الجماعة الاقتصادية الأوروبية (EEC) وهناک مجموعة من الشکوک قائمة دائمًا حول العضوية البريطانية في الاتحاد الأوروبي وکانت موضوعًا للجدل العام في المملکة المتحد، ومن ثم تم إجراء الاستفتاء الأول حول استمرار العضوية في المجموعة الاقتصادية الأوروبية في عام 1975، حيث صوت 67.2% من السکان لصالح بقاء بريطانيا کعضو بالاتحاد الأوروبي، وفي عام 1984 بدأ الصراع بين الجماعة الاقتصادية الأوروبية (EEC) والمملکة المتحدة ، عندما أصدرت الحکومة البريطانية أمراً بتخفيض المدفوعات البريطانية لميزانية المجموعة الاقتصادية (EEC)، واستمرت هذه الصرعات حتي عقدت معاهدة ماستريخت التي أخذت حيز التنفيذ في عام 1993، وبها أنشأ الاتحاد الأوروبي ومقره بروکسل حيث قام الاتحاد الأوروبي بدمج دول أوروبا سياسياً واقتصادياً ، بما في ذلک السياسة الخارجية الموحدة وحقوق المواطنة العامة بالنسبة لمعظم الدول الأعضاء وقام بوضع عملة موحدة لکل دول الاتحاد الأوروبي وهي ( اليورو) ولکن باستثناء المملکة المتحدة من هذا البند حيث احتفظت المملکة بعملتها الخاصة. وفي وقت لاحق من عام 1997 کانت الحکومة البريطانية القائمة آنذاک موالية بقوة للاتحاد الأوروبي ولذلک حاولت إعادة بناء العلاقات مع بقية أوروبا.

 ثم عاد الجدل والنقاش مرة أخري بعد انتهاء العقد الأول من الألفية الثانية، حيث رأت الحکومة البريطانية في ظل التوترات السياسية والنقاش العنيف القائم داخل بريطانيا أن تقوم بإجراء استفتاء آخر على استمرار عضوية المملکة المتحدة في الاتحاد الأوروبي في 24 يونيو 2016.

VI. ما المقصود بالبريکست وکيف تحقق

يعتبر مصطلح بريکست هو اختصار للکلمتين الإنجليزيتين (British Exit) واللتين تعنيان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث سعت بريطانيا العظمى لأن تصبح حرة طليقة بعد انضمام استمر لأکثر من 43 عاما بين بريطانيا والاتحاد الأوربي (من 1 يناير 1973 إلى 24 يونيو 2016 تاريخ الانفصال رسميا عن الاتحاد الأوربي).

بعد الاستفتاء الذي أجري في 24 يونيو 2016 عرف انسحاب المملکة المتحدة من الاتحاد الأوروبي على نطاق واسع باسم Brexit، والذي کان فيه حوالي 52 % من الأصوات الانتخابية تدعو إلى مغادرة الاتحاد الأوروبي، حيث قرر السکان أن فوائد الانتماء إلى الکيان الاقتصادي الموحد لم تعد تغطي تکلفة الانتماء، وکانت نتيجة التصويت 17.4 مليون صوت لصالح ترک الاتحاد الأوروبي مقابل 15.1 مليون صوتاً لبقاء بريطانيا داخل الاتحاد. وفي 29 مارس 2017، قدمت حکومة المملکة المتحدة إخطاراً بالانسحاب بموجب المادة 50 إلى الاتحاد الأوروبي. وبذلک دخلت بريطانيا مرحلة جديدة في تاريخها السياسي، والاقتصادي، والاجتماعية، هي مرحلة بريکست.

VII. طبيعة العلاقة بين المملکة المتحد البريطانية وإيرلندا

تأسست إيرلندا کدولة ذات سيادة على قوانين عام 1800، والتي دُمجت بموجبها مملکتي بريطانيا العظمى وإيرلندا. وبذلک أصبحت إيرلندا کلها تابعة للمملکة المتحدة حتى اندلعت حرب الاستقلال بين إيرلندا والقوات البريطانية قبل عام 1921 وقد استمرت حتى السادس من يناير1922، وعلي إثر هذه الحرب حدث معاهدة نالت من خلالها إيرلندا استقلالها الرسمي. ووفقًا لتلک المعاهدة تم تقسيم إيرلندا إلى إيرلندا الشمالية وجنوب إيرلندا، وأصبحت إيرلندا الشمالية جزء من حکم الدولة الأيرلندية المستقلة حديثًا، ولکن مع احتفاظها بحق الانسحاب منها في أي وقت تشاء.

وفي اليوم التالي لتوقيع الاتفاق اجتمع برلمان إيرلندا الشمالية وأقر بالاستقلال عن جمهورية إيرلندا وعودته إلي اللواء البريطاني، وبعدها بوقت قصير تم تشکيل لجنة للفصل في الحدود الإقليمية بين الدولة الأيرلندية المستقلة وإيرلندا الشمالية، لکن اللجنة لم تبدأ عملها إلا بعد عام 1925 بسبب الحرب الأهلية، واستمرت مشکلة الحدود إلى عام 1988 حتى تم توقيع اتفاقية بالفاست، المعروفة باتفاقية "الجمعة العظيمة". وتم وضع بنود الاتفاقية وکان أهمها الاتي:

- الاعتراف لشعب إيرلندا الشمالية بالحق في الجنسية المزدوجة "البريطانية والأيرلندية في آن واحد"، إضافة إلى اعتراف اتفاقية بالفاست بحق إيرلندا الشمالية في تقرير المصير والانفصال عن المملکة المتحدة عن طريق إجراء الاستفتاء.

- الاتفاقية جعلت الجزيرة الأيرلندية کيانٍ اقتصاديٍ واحدٍ، حيث التنقل الحر للسلع والخدمات ورأس المال، بين الجانبين الواقعين تحت راية الاتحاد الأوروبي.

وتعتبر إيرلندا الشمالية أصغر الدول الأربعة المکونة للمملکة المتحدة، أما الأقطار الأخرى فهي إنجلترا وإسکتلندا وويلز، وعاصمتها بالفاست وهي أيضًا أکبر مدن المملکة المتحدة، وتحتل إيرلندا الشمالية الرکن الشمالي الشرقي من جزيرة إيرلندا ومساحتها تصل إلى سدس مساحة الجزيرة الأيرلندية، في حين تحتل جمهورية إيرلندا ما تبقى من الجزيرة وينحدر معظم سکان إيرلندا الشمالية من أصل إنجليزي وأسکتلندي.

مع انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي أصبح لزامًا أن يتم رسم الحدود بين الجانبين بعد أن کان الأمر يتم تلافيه داخل الاتحاد الأوروبي، حيث يمثل حجم التبادل التجاري لإيرلندا الشمالية حوالي 2 % من الاقتصاد البريطاني، ومع ذلک فأن الترتيبات التجارية الخاصة بإيرلندا الشمالية لها أهمية کبيرة بسبب أنها تحقق السلام الداخلي لبريطانيا العظمي. ولذلک تم وضع الحدود التجارية بين الاقتصاد البريطاني وإيرلندا الشمالية ضمن اتفاق البريکست ، حيث نصت المادة (6) من بروتوکول إيرلندا الشمالية في اتفاق البريکست علي أنه «لن يمنع بروتوکول المملکة المتحدة دخول السلع القادمة من إيرلندا الشمالية دون قيد إلى الأجزاء الأخرى من السوق الداخلية للمملکة المتحدة» ومع ذلک فقد حملت هدة المادة الکثير من التأويلات المحتملة لمصطلح «دخول السلع دون قيد» حيث لم يفهم المقصود منها هل کان يعني عدم فرض قيود على السلع أم يعني خفض التکاليف الإدارية عند نقل السلع أم إلغاء عمليات التفتيش المادية.

وقد قدرت قيمة صادرات إيرلندا الشمالية من السلع والخدمات إلى کل من إنجلترا وأسکوتلندا وويلز بحوالي 14.9 مليار دولار، وتمثل حوالي 53% من إجمالي مبيعاتها الخارجية عام 2016، کما تستوعب المجموعة الصغيرة من الشرکات الکبرى التي تمثل نحو 40 % من إجمالي حجم الصادرات أي تکاليف جديدة بيسر وسهولة، في حين أغلب عمليات التصدير من إيرلندا الشمالية تأتي من شرکات إما صغيرة أو متوسطة الحجم، وبالتالي تؤثر الإقرارات الجمرکية وعمليات فحص وتدقيق الوثائق سلباً على اقتصاد إيرلندا الشمالية، بحسب ما أفادت به وثيقة وزارة الخزانة البريطانية التي أشرت إلى توجه الحکومة نحو خفض العبء على صغار التجار.

وقد قامت وزارة الخزانة بإعداد وثيقة تفصيلية تشرح فيها الوضع الاقتصادي في ظل البريکست بين بريطانيا وإيرلندا الشمالية و افترضت أن المقصود من نص المادة (6) من بروتوکول إيرلندا الشمالية في اتفاق البريکست «الدخول دون قيد» يعني أن نقل السلع من إيرلندا الشمالية إلى بريطانيا سوف يکون جزءا من إجراءات طبيعية تتضمن ضريبة القيمة المضافة وأنه لن تکون هناک تعريفات جمرکية أو حصص أو عمليات تحقق من «قواعد المنشأ»، مع ذلک فأن بعض بنود الوثيقة تقر وجود عمليات فحص للسلع النباتية والحيوانية وإقرارات جمرکية، لذا کان هناک الکثير من علامات الاستفهام على هذه الوثيقة. أيضاً فان من أکثر ما أثر قلق إيرلندا الشمالية في اتفاق البريکست هو إشارة الوثيقة الخاصة بوزارة الخزانة إلى أن عمليات الفحص المادية والإقرارات الجمرکية التي تنطبق على الجانبين ستکون معرقلة کثيراً لاقتصاد إيرلندا الشمالية وستکون النتيجة هي ارتفاع أسعار السلع الاستهلاکية وهو ما من شأنه التأثير سلباً على قطاع تجارة التجزئة. کما تحدثت وزارة الخزانة بوضوح عن الخطر الذي قد تمثله إيرلندا الشمالية على الاقتصاد البريطاني في حالة عدم وجود عمليات فحص، حيث ستصبح بمثابة الباب الخلفي لمرور السلع غير الخاضعة لجمارک الواردات أو غير المطابقة لقواعد المنشأ أو المعايير التنظيمية لبريطانيا.

I. أسباب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

يمکننا من خلال التحليل التالي عرض أهم الأسباب الدافعة لبريطانيا على القيام بالبريکست وهي کما يلي:

1. تعتبر المملکة المتحدة ثاني أکبر مساهم في ميزانية الاتحاد الأوروبي بعد المانيا حيث تساهم ب 13 مليار إسترليني وذلک بعد أن تم تخفيض هذا الرقم من 18 مليار إلى 13 مليار إسترليني وتري الحکومة البريطانية أنها لا تستفيد من المشاريع والبرامج المشترکة بينها وبين الاتحاد إلا بما يعادل نصف هذه الميزانية، خاصةَ وأنها تعاني من عجز في ميزان مدفعاتها وهذه الرسوم تثقل على کاهلها.

2. ينص قانون الاتحاد الأوروبي على أن مواطني أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي يحق لهم السفر والمعيشة والعمل في أي دولة آخري من دول الاتحاد، وقد أدي هذا القانون بالسماح للعمالة من دول مثل إيرلندا وإيطاليا وبولندا ورومانيا بالتواجد في بريطانيا بحثاً عن العمل، وقد ساهم هذا في انخفاض مستوي المعيشة وشکل عبء مادي على قطاع الخدمات (التعليم والصحة).

لذا فان ملف الهجرة يعتبر من أهم الأسباب التي دعت إلى الانفصال، حيث تشير الإحصائيات إلى أن عدد المهاجرين الشرعيين يقدر بحوالي 863 ألف مهاجر وهو ما يشکل عبء مادي بقيمة تتجاوز 4.131 مليار دولار سنوياً. وقد حاولت بريطانيا التعامل مع هذا الملف بشکل أکثر صرامة حيث إصدارات قانون باعتقال المهاجرين غير القانونيين وقامت في مارس 2013 باعتقال المهاجرين غير القانونيين بالفعل ومنعتهم من فتح حسابات بنکية ومن العلاج.

3. لم يساعد دخول بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي في حل المشکلات الاقتصادية الموجودة لديها، فالبنک المرکزي الأوروبي (ECB (لم يستطع المساهمة في حل المشاکل الاقتصادية القائمة في بريطانيا من ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض معدلات الفائدة إلى أدني مستوياتها وصولا الفائدة السالبة، وأيضا ًعدم القدرة على رفع أسعار المستهلک" التضخم" إلى نسبة 2%.

4. التحرر من القيود المفروضة على السيادة البريطانية خاصة من جانب المحکمة الأوروبية لحقوق الأنسان.

5. سيطرة أقطاب اليسار الأوروبي على مقاليد الأمور بالمفوضية الأوروبية في بروکسل والبنک المرکزي في فرانکفورت، حيث أن السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي" المفوضية الأوروبية" لا يمکن محاسبة أعضائه المنتخبين من قبل برلمانات الدول الأعضاء، کذلک لم تمنح للبرلمانات الوطنية دوراً عند أصدرا التشريعات على مستوي الاتحاد ککل أو رفضها إذا کانت تتعارض مع المصلحة القومية لبعض الدول، وأصبح الفساد سمة بارزة في التعامل الأوروبي.

6. يري البريطانيون أن نظام الاتحاد الأوروبي يفتقر إلى الديمقراطية وأن السيطرة على مجريات الأمور واتخاذ القرار في الاتحاد الأوروبي تکون من خلال المفوضية الأوروبية والاتحاد النقدي وهم لديهم صلاحيات واسعة حيث أن معظم القرارات داخل الاتحاد الأوروبي تتطلب تفويضاً من قبل الاتحاد النقدي قبل اتخاذها، وقد رفضت بريطانيا الدخول إلى هدا الاتحاد.

7. البحث عن الهوية البريطانية وهل هي أقرب إلى أوروبا أم أقرب إلى أمريکا الشمالية، فالشعور القوي بعدم الانتماء إلى أوروبا والاعتزاز بالهوية البريطانية کان أحد أسباب التي دعت للخروج من بريطانيا.

8. الخوف السياسي من تقويض دور حلف شمال الأطلس الذي تقوده بريطانيا مع الولايات المتحدة الأمريکية خاصة بعد دعوة الاتحاد الأوروبي إلى أنشاء جيش مشترک.

9. أن ما تعرضت له أوروبا من أزمة اللاجئين في خريف 2015 وما اظهر من إرهاب في بروکسل وباريس أثار خوف البريطانيون وجعلهم يفکرون في الانغلاق علي أنفسهم والخروج من الاتحاد الأوروبي وإلغاء اتفاقية فتح الحدود مع أوروبا.

VIII. التداعيات الأولية لإعلان البريکست 2016علي بريطانيا

- کان من اهم التداعيات الأولية لإعلان البريکست وجود الکثير ممن يدافعون عن الاستقلال في إسکتلندا ويحاولون أن تبقى إسکتلندا عضوا في الاتحاد الأوروبي حيث يوجد امتناع شعبي في إسکتلندا عن الانفصال عن الاتحاد الأوروبي مما أدّي إلى التصويت لصالح الانفصال عن المملکة المتحدة، ساهم في هروب بعض وظائف الخدمات من لندن إلى إسکتلندا.

- أيضاً من التداعيات أنه رغم التقدم الملحوظ في توفير فرص العمل منذ الأزمة المالية العالمية 2008، إلا أن نمو الأجور في المملکة المتحدة ظل ضعيفًا، حيث جاءت المؤشرات الاقتصادية التي أعلنها المکتب الإحصاء الوطني البريطاني لتشير إلى انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى نسبة 1.8% خلال عام 2016، مقارنة بـ 2.2% في عام 2015.

- کما أشار نفس التقرير للمکتب الإحصاء الوطني، إلى أن نمو الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.7% في الربع الأخير من عام 2016، مع استمرار زيادة الإنفاق الاستهلاکي ونمو قطاع الصناعات الاستهلاکية مقابل تراجع استثمارات الأعمال بنحو 0.9% وأيضاً أشار إلي تسجل بريطانيا لأکبر عجز في ميزان المعاملات الجارية خلال عام 2016، بما يعادل % 5.2من الناتج الاقتصادي للبلاد وقد عکس هذا العجز الزيادة في تدفقات توزيعات الأرباح ومدفوعات الدين إلى المستثمرين الأجانب عن التدفقات المماثلة التي تأتي لداخل بريطانيا بالإضافة إلى العجز التجاري الکبير.

- وبالنسبة للعملة البريطانية فأنها فقدت أکثر من 10% من قيمتها، بينما شهدت أسواق الأسهم والسندات والبورصات الأوروبية، حالة من الفوضى خصوصاً بورصة لندن بعد أعلن الانفصال.

- وانعکس الانفصال على الأجور في المملکة المتحدة بعد أعلن خروجها من الاتحاد الأوروبي حيث الارتفاع بأدنى وتيرة مما أثار المخاوف إزاء احتمالات تزايد الضغوط على الأسر تزامنًا مع ارتفاع التضخم لأعلى مستوياته مع تراجع الجنيه الإسترليني، وذکر مکتب الإحصاءات الوطنية إن أسعار المستهلکين زادت بنسبة 2.3% في شهر مارس2017. حيث أظهرت بيانات مکتب الإحصاءات أن أسعار الغذاء ارتفعت بنسبه % 1.2وارتفع معدل البطالة بنسبة 4.7%، ليتزامن ذلک مع ارتفاع متوسط الدخل الأسبوعي بنسبة 2.2%. .

- أيضاً انتشرت مجموعة من التوقعات عن احتمال انتقال العاصمة المالية للاتحاد الأوروبي من لندن إلى باريس أو إلى فرانکفورت، حيث مقر البنک المرکزي الأوروبي. وبالتالي توقع هجرة واسعة لرؤوس الأموال من بريطانيا وکذلک العزوفٍ عن الاستثمار في قطاع العقارات والخدمات المالية المزدهر في لندن، فضلاً عن مسارعة وکالات التصنيف العالمية إلى إعادة النظر في التصنيف الائتماني السيادي لبريطانيا.

- أيضا من أهم التداعيات التي ظهرت خلال تلک الفترة هي انه سيکون لهذا الانفصال أثار اقتصادية على الطرفين حيث ستفقد بريطانيا کل امتيازات العضوية الکاملة في حرية دخول البضائع والسلع والخدمات دون تعريفة جمرکية للسوق الأوروبية الموحدة والتي تضم 500 مليون شخص، بحجم ناتج إجمالي يصل إلى 18 تريليون يورو، وستفقد التبعية لاتفاقات التبادل التجاري مع 53 دولة کانت ترتبط باتفاقات تجارة مع الاتحاد الأوروبي، وکذلک کندا وسنغافورة وکوريا الجنوبية والمکسيک، وستکون مضطرة للتفاوض الثنائي مع کل دولة لتحصل على نفس الامتيازات التجارية، حيث يعد الاتحاد الأوروبي الشريک التجاري الأول لبريطانيا وقد بلغت صادرات المملکة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2015 ما نسبته 44% من إجمالي صادراتها، علماً أن الميزان التجاري بين الطرفين يميل لمصلحة الاتحاد الأوروبي.

- بريطانيا سوف تکون بحاجة إلى اتفاق شراکة مع دول الاتحاد الأوروبي على غرار الاتفاقات التي تم التفاوض عليها مع سويسرا والنروج من خارج الاتحاد الأوروبي لکي تسوق صناعة الخدمات لديها، في حين تتمتع الشرکات المصنعة في الاتحاد الأوروبي تلقائيا بحقوق تکاد تکون غير محدودة لبيع ما ترغب في بيعه بموجب القواعد العالمية التي وضعتها منظمة التجارة العالمية.

- ومن منظور الاتحاد الأوروبي فإن شروط أي اتفاق مع بريطانيا لا بد ألا تقل صرامة عن تلک الواردة في اتفاقات الشرکة القائمة بالفعل مع بعض الدول من خارج الاتحاد، حيث أن منح بريطانيا شروطًا أسهل من شأنه أن يفرض على الفور تنازلات مماثلة لسويسرا والنروج. وإذا حصلت بريطانيا على أي امتياز خاص، فان ذلک سيغري أعضاء آخرين تنقصهم الجراءة إلى التهديد بالخروج من الاتحاد الأوروبي والمطالبة بإعادة التفاوض.

- ومع تفعيل البريکيست بدأت مؤسسات بنکية عديدة أعلن استعدادها لمغادرة لندن فور خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبذلک أصبح على بريطانيا دورا کبير للمحافظة على مؤسساتها حيث تتنافس مدن على غرار باريس وفرانکفورت ودبلن ولوکسمبورغ لاستقطاب الأنشطة المالية الموجودة في القطاع المالي في لندن بمجرد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. أيضاً في ذلک التوقيت قامت دراسة أجرتها أحدي المعاهد البحثية في مجال الاقتصاد بتأکد أن مدينة فرانکفورت الألمانية هي الأوفر حظا لخلافة لندن في جذب الاستثمار في قطاع الأوراق المالية وذلک لکون ألمانيا الشريک المالي الأکبر اقتصادياً في أوروبا ومقر البنک المرکزي الأوروبي.

- ومن أهم التداعيات الأولية فور أعلن البريکيست الإجراءات التي اتخذتها المملکة المتحدة لتقليل إثر الانفصال السلبي، هي بناء وتوطيد علاقات تجارية مع الهند وغيرها من الدول للحفاظ على الاستثمار في اقتصادات متنوعة، وبناء علاقات مع شرکاء وحلفاء عبر العالم.

IX. الإطار الزمني لتنفيذ البريکيست

کانت نهاية الفترة الانتقالية هي شهر ديسمبر عام 2020، حيث کان ذلک التاريخ موعدًا نهائيًا صارمًا لأجراء العلاقات الجديدة بين المملکة المتحدة والاتحاد الأوروبي، إما بالکامل أو في أطر دولية أخرى، حيثما کان ذلک مناسبا. وأيضًا هو الموعد النهائي لاتخاذ قرار بشأن معايير حماية البيانات في المملکة المتحدة، فإن تبنى الاتحاد الأوروبي قرارًا فيمکنه التوقيع على الاتفاقية، ثم يتطلب الأمر موافقة البرلمان الأوروبي بعد النظر في قرار لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي الخاص بالموافقة على الاتفاقية عن طريق تصويت البرلمان الأوروبي بأکمله، ولا يمکن اعتبار نظر البرلمان الأوروبي في الاتفاقية بمثابة الانتهاء من عملية الموافقة.

فإذا کان محتوى الاتفاقية يندرج فقط ضمن الاهتمامات الخاصة بالاتحاد الأوروبي فيمکن أن تدخل حيز التنفيذ فوراً، ولکن إذا کانت الاتفاقية تتضمن سياسات تقع ضمن اختصاص أو سلطة الدول الأعضاء، فإن العملية تصبح أکثر تعقيدًا. وبناء على الجدول الزمني المقترح فأن هناک نتيجتان لهذا الجدول: -

 أولاً: أما التوصل إلى اتفاق بين المملکة المتحدة والاتحاد الأوروبي في وقت ما ليصبح ساريًا في بداية عام 2021.

وثانيا: وإما أنه لا يمکن الاتفاق بين المملکة المتحدة والاتحاد الأوروبي على کل الأمور بل يجب تحديد الأولويات. ومن المفترض أن تکون الأولويات هي ما يريده الاتحاد وليست القضايا ذات الأهمية الکبرى للمملکة المتحدة، مثل الحواجز التنظيمية، وأسواق الخدمات.

وکان يوليو 2020 هو بداية الجولة الثانية من المفوضات والتي استمرت أربعة أشهر تقريبًا ولم تتم المفاوضات في الوقت المحدد لها، بسبب تعرض العالم موجة ثانية من جائحة کوفيد 19 والتي کانت السبب في حدوث تأخير کبير لهذه المفاوضات، وکذلک القيود الشديدة التي وضعت عند إجراء المحادثات من خلال الرابط الإلکتروني، لذا فإن أربع جولات من المفاوضات المستمرة جعلت فرص المملکة المتحدة في تأمين صفقة تجارة حرة مع بروکسل أمرأ صعب. وقد استمرت محادثات التوصل إلى اتفاق بين المملکة المتحدة والاتحاد الأوروبي توجه مجموعة من الصعوبات لفترة کبيرة من الزمن بالإضافة إلى الخلافات بين المملکة المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن موضوع صيد الأسماک والقواعد المنظمة للخدمات المالية.

بالإضافة إلى أن مؤسسات التمويل والمؤسسات التجارية في المملکة المتحدة عانت من مشاکل کثيرة بسبب فيروس کورونا کما انه لا يمکنها تحتمل ضربة مزدوجة بسبب الخروج من الاتحاد الأوروبي دون وضع إتمام المفاوضات والخروج باتفاقية تجارية.

لذا حين تم عمل استطلاعاً للرأي في بريطانيا عام 2020 کشف أن أکثر من 50% من عينة استطلاع الرأي يؤيدون تمديد فترة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في حين يعتقد حوالي 75% من منهم أنه يجب أن تظل المملکة تعمل بشکل وثيق مع الاتحاد الأوروبي لمکافحة فيروس کورونا في الوقت الحالي، کذلک يجب أن تطلب المملکة التمديد خاصة عندما انتشرت أخبار عن النقص المحتمل في توريد الأدوية والمنتجات الطبية في حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون الاتفاق.

وقد حسمت المملکة المتحدة هذا الأمر وأعلنت أنها لن تمدد تحت أي ظرف من الظروف الفترة الانتقالية التي أنتهي في 31 ديسمبر 2020 حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق.

لذلک کان هناک ضغط زمني في قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إذ کان عليهم الوصول إلى اتفاق في موعد أقصاه نهاية أکتوبر ا2020 لأن اتفاقية الانسحاب في الاتحاد الأوروبي ستستغرق وقتًا أطول، کما کان من المفترض انه في نهاية شهر يونيو 2020 يتم الانتهاء من تقييمات التکافؤ بين الاتحاد الأوروبي والمملکة المتحدة للأنظمة التنظيمية لبعض الخدمات المالية، بالإضافة لإبرام اتفاقية جديدة لمصايد الأسماک والتصديق عليها بحلول نفس التاريخ، حيث منذ بداية المفاوضات في يناير 2020 الطرفان يختلفان على شروط الاتفاقية (المعايير الاجتماعية، البيئية، الضرائب والدعم الحکومي وأسواق الخدمات ومصايد الأسماک)، ويرفض الاتحاد الأوروبي أن يکون هناک اقتصاد بلا ضوابط على حدوده.

 فعلي سبيل المثال، لا يريد البريطانيين تطبيق بعض القواعد على سائقيهم أثناء تنقلهم في القارة الأوروبية على غرار باقي السائقين في الاتحاد من حيث عدد ساعات القيادة المسموح بها والراحة، في حين تطبق القواعد على الأوروبيين. ويشمل الخلاف أيضا على ملف مهم آخر لعدة دول أوروبية من بينها فرنسا وهو مصايد الأسماک، حيث ترغب لندن في التحکم مجددا في مياه الصيد الخاصة بها.

وقد سجلت المملکة المتحدة خلال الربع الثاني من عام 2021 تراجعا اقتصاديا قياسيا بلغت نسبته 20.4%، وسجلت خلال الأشهر الستة الأولى من العام أسوء رکود على الإطلاق، أما منطقة اليورو (19 دولة من الاتحاد الأوروبي)، فقد تراجع إجمالي ناتجها المحلي بين أبريل ويونيو بنسبة 12.1%.

X. الآثار الاقتصادية المتوقعة بعد تم الخروج النهائي لبريطانيا

سعت الحکومة البريطانية خلال فترة التفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق متوازن بما يعکس مجموعة واسعة من المصالح المشترکة، واتفاقية شاملة تغطي بشکل کبير کل التجارة، واتفاقية بشأن مصائد الأسماک، واتفاق للتعاون في مجال الأمن الداخلي، إلى جانب عدد من الاتفاقيات الفنية التي تغطي مجالات مثل الطيران أو التعاون النووي المدني.

أما باقي مجالات التعاون الأخرى فهي لا تحتاج في المستقبل إلى إدارتها من خلال معاهدة دولية بل ستقوم المملکة المتحدة في المستقبل بتطوير سياسات منفصلة ومستقلة في مجالات مثل نظام الهجرة القائم على النقاط، وسياسة المنافسة والدعم، والبيئة، والسياسة الاجتماعية، والمشتريات، وحماية البيانات، مع الحفاظ على معايير عالية. ومن المرجح أن يتم التعاون في الشؤون الخارجية والقضايا ذات الصلة الکبيرة دون يتطلب ذلک إطارًا مؤسسيًا مشترکًا، وقد قدمت حکومة المملکة البريطانية مقترحات لنظام الهجرة القائم على النقاط والذي سيقلل وفقًا لوزارة الداخلية من هجرة الأفراد داخل الاتحاد الأوروبي بنسبة 70%. وسيکون لذلک عواقب اقتصادية بالإضافة إلى بعض الآثار النسبية على عرض العمل والنمو والموقف المالي.

کما عملت المملکة المتحدة على الاتفاقيات والعلاقات التجارية التي أساستها من خلال الصفقات التي تمکنت من تأمينها فيما قبل الخروج النهائي من الاتحاد. وقد کان هناک عدد من النماذج الاقتصادية التي قامت بوضع تصور مبدئي عن بعض الآثار الاقتصادية المتوقعة على المملکة البريطانية، وقد قامت هذه النماذج بتحليل القطاعات ذات الأهمية والتي من الممکن أن تتأثر بخروج بريطانيا من الاتحاد وأشارت إلي أن قطاعات معينة مثل قطاع صناعة الملابس، والصناعات التکنولوجية فائقة التقدم مثل الطيران ستتأثر بشدة من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بسبب اعتماد هذه الصناعات على الواردات والصادرات من وإلى الاتحاد الأوروبي، في حين أن بعض القطاعات مثل الزراعة والأغذية يمکن أن تستفيد من أي حواجز تجارية جديدة تنشأ بين المملکة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وکما کان هناک تصور آخر يري أن الجنوب الشرقي للندن القائم على القطاعات الخدمية الکبيرة يمکن أن يکون أکثر ضرراً وأيضا بعض أجزاء من الشمال البريطاني والتي تعتمد بشکل کبير على الصناعات التحويلية التي يتم تصديرها بشکل واسع وتدخل ضمن سلسة الواردات الأوروبية.

وقد توقعت هذه النماذج أيضا أن هناک تأثير کبير على توزيع الدخل بالمملکة البريطانية خلال الفترات القادمة فمعظم التحليلات في هذا الشأن تشير إلى أن جميع فئات الدخل ستتضرر بشدة من أي آثار سلبية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى الأثار الاقتصادية لکوفيد 19، ومن المرجح أن تکون الأسر ذات الدخل المنخفض أکثر تأثرا من غيرها من جراء ارتفاع أسعار السلع وخاصة السلع الغذائية، وأيضا من المحتمل أن تتأثر الأسر ذات الدخل المرتفع بنسب بسيطة بسبب انخفاض الأجور.

لذا يمکن توقع بعض الأثار الاقتصادية لبعض القطاعات منذ بداية الاستفتاء وما بعد الانفصال النهائي:

الآثار المحتملة على بيئة الأعمال في لندن

منذ استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، کان هناک انخفاض واضح في صافي معدل بدء المشروعات في لندن، حيث سجلت الأرقام معدل 6.1% افتتاح للأعمال في 2016 ثم انخفاض ليصل إلى 1% في 2017، وذلک نتيجة الزيادة المستمرة في إغلاق الأعمال وانخفاض أنشاء الأعمال التجارية على الصعيد المحلي وخاصة في العاصمة لندن، وقد تم تحديد بعض العوامل التي أدت إلى ذلک مثل عدم اليقين فيما يتعلق بعلاقة المملکة المتحدة المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، والنمو الاقتصادي الضعيف وانخفاض قيمة الجنيه الإسترليني کعوامل تفسيرية لذلک.

کما تتمثل إحدى طرق تقييم المخاطر التي تعرضت لها بيئة الأعمال في لندن منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في حجم بيئة الأعمال وهيکلها، حيث أن ديناميکية العمل في لندن وانفتاح بيئة الأعمال على العالم تجعلها أکثر عرضة للتأثر بالعوامل الخارجية، فهناک عدد کبير من مشروعات الأعمال التي يتم افتتاحها وإغلاقها بصفة دورية داخل لندن، وبشکل عام تعتبر لندن مرکزًا قويًا لنشاط الأعمال في المملکة المتحدة، حيث أن النمو في حجم أعمالها مدفوعًا في المقام الأول من قبل الشرکات الناشئة:

- ففي عام 2019، کان ما يقرب من خمس جميع شرکات القطاع الخاص في المملکة المتحدة (19%) موجودة في لندن، وقد ارتفعت هذه النسبة من 16% في عام 2010 إلى (19%) عام 2019، مما يشير إلى أن النشاط التجاري أکثر ترکيزًا في عاصمة المملکة المتحدة لندن، وهذا لا يرجع فقط لحجم الأعمال في لندن بل يوجد في لندن أکبر عدد من الشرکات والمؤسسات التجارية حيث يوجد لکل 10000 مقيم حوالي (1.544) شرکة وهذا أعلى من أي منطقة آخري داخل المملکة المتحدة وأعلي مما کان عليه في عام 2010.

- کما تترکز أعمال لندن في القطاعات الخدمية الموجهة للتصدير وهي القطاعات المالية والمعلومات والاتصالات، وتضم الشرکات التي تعمل في هذه الأعمال أقل من خمسة موظفين.

- يمثل حجم الأنشطة المهنية والتقنية والمعلومات والاتصالات ما يقرب من (37%) من الشرکات التي تعمل في لندن.

- يمثل قطاع المعلومات والاتصالات في لندن حوالي ثلث الأعمال في المملکة المتحدة بنسبة (32%) وأيضا 90% من الشرکات في هذا القطاع لديه أقل من 5 موظفين، مقارنة ببقية شرکات لندن والمملکة المتحدة.

- تتميز بيئة الأعمال في لندن بالديناميکية والتنافسية مع وجود عدد کبير من عمليات الأنشاء والإغلاق للعمليات التجارية ولهذا فأن ديناميکيتها وانفتاحها يجعلها أکثر عرضة للعوامل الخارجية، حيث تتمتع لندن ببيئة عمل تنافسية، فهي تعتبر المنطقة التي تحتل المرتبة الثانية من حيث معدل إنشاء الأعمال التجارية بنسبة تقدر بحوالي (15.2%) بعد الشمال الغربي. کما أن لديها أعلى معدل إغلاق للأعمال بنسبة تقدر بحوالي (14.2%) في المملکة المتحدة.

- أن معدلات بقاء الأعمال في لندن منخفضة نسبيًا مما يعني أن الطبيعة التنافسية لبيئة الأعمال أيضًا منخفضة حيث تشير البيانات إلى أنه بالنسبة للشرکات التي تم إنشاؤها في عام 2012، فإن معدلات بقاء الأعمال لمدة عام وثلاث وخمس سنوات أقل في العاصمة لندن عنها في المملکة المتحدة ککل، حيث 39.3 % من الشرکات في لندن التي إنشات في عام 2012 لا تزال تعمل بعد خمس سنوات مقارنة إلى 43.2% من الشرکات في باقي المملکة البريطانية التي إنشات في نفس العام.

الآثار المتوقعة على التجارة

بالنسبة لبلد مثل المملکة المتحدة وهي عضو في منظمة التجارة العالمية، فإن الحد الأقصى للتعريفة التي يمکن فرضها على استيراد سلعة معينة من أي دولة عضو أخرى في منظمة التجارة العالمية هو ما عرف باسم الدولة الأکثر رعاية (MFN)، هذه هي التعريفة المطبقة بين الدول التي لا توجد لديها اتفاقيات تجارية تفضيلية مع بعضها، ويتم تحديدها في جدول معتمد من قبل أعضاء منظمة التجارة العالمية الآخرين.

بينما يفرض رسوم جمرکية أقل على الواردات من الدول التي وقعت المملکة المتحدة معها اتفاقية تجارة حرة تغطي جميع بنود التجارة بشکل کبير. بينما إذا کانت المملکة المتحدة عضو في الاتحاد الأوروبي، فأنه يتم التفاوض على اتفاقيات التجارة الحرة هذه من قبل الاتحاد الأوروبي، ومع ذلک فأن هذا سوف يعتمد اعتمادًا کبيراً على التفاصيل الدقيقة لاتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي وقعت مع الاتحاد الأوروبي، کما قد تتمکن المملکة المتحدة من التفاوض على اتفاقيات التجارة الحرة الخاصة بها في المستقبل حيث تؤدي التعريفات الجمرکية على واردات المملکة المتحدة إلى رفع أسعار السلع المباعة في المملکة المتحدة، مما يقلل من الرفاهية الاقتصادية للمستهلکين، لذا يعتمد مدى تأثير التغيير في التعريفات على الأسعار التي يواجها المستهلکون على کل من حجم التعريفة وما يتم تمريره إلى المستهلکين من سلع. حيث تواجه بعض السلع المصدرة إلى المملکة المتحدة تعريفات عالية للغاية "على سبيل المثال"، يبلغ متوسط الرسوم الجمرکية على واردات الأغذية المصنعة 15.8% حاليا، في حين أن متوسط التعريفة المطبقة على جميع السلع التي تستوردها المملکة المتحدة حوالي 2.8 %.

• سيناريوهات التعريفات التي سيتم فرضها على السلع المتبادلة بين المملکة المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

هناک أکثر من أربعة سيناريوهات أساسية لما قد يحدث للتعريفات المفروضة على السلع المتداولة بين الاتحاد الأوروبي والمملکة المتحدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على النحو التالي:

1. المنطقة الاقتصادية الأوروبية: لا تزال المملکة المتحدة عضوًا في السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي وبالتالي لا تفرض أي رسوم جمرکية على السلع المتداولة بين المملکة المتحدة والاتحاد الأوروبي شريطة أن تستوفي السلع قواعد المنشأ الخاصة بالمملکة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

2. اتفاقية التجارة الحرة: أذا وقعت المملکة المتحدة والاتحاد الأوروبي اتفاقية تجارة حرة شاملة، مما يؤدي إلى تقلل الرسوم الجمرکية على السلع التي يتم تداولها بين المملکة المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى أقل من معدلات MFN (الدولة الأولي بالرعاية) الحالية للاتحاد الأوروبي. أو کما تنص المبادئ التوجيهية للاتحاد الأوروبي على أنه يطبق مبدا تجارة معفاة من الرسوم الجمرکية.

3. قواعد منظمة التجارة العالمية: تتم التجارة بين المملکة المتحدة والاتحاد الأوروبي مع بعضهما البعض بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية، حيث يفرض کل منهما تعريفات الدولة الأولي بالرعاية على الآخر.

4. التجارة الحرة من جانب واحد (UFT): من المفترض أن تطبق المملکة المتحدة تعريفات الدولة الأولي بالرعاية لأي سلع يتم بيعها إلى الاتحاد الأوروبي، لکن حکومة المملکة المتحدة تلغي من جانب واحد جميع التعريفات على السلع المستوردة (من الاتحاد الأوروبي وجميع البلدان الأخرى).

ولکن من الغريب والمخالف لکل هذه التوقعات الدراسة التي قام بها أحد معهد الدراسات المالية في لندن حيث قام بإجراء تحليل أوضح فيه أن إلغاء جميع تعريفات الاستيراد في المملکة المتحدة من شأنه أن يخفض متوسط أسعار المستهلکين بنسبة 1% تقريبًا على الأکثر، کما أن الزيادة في الأسعار التي حدثت بالفعل منذ الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، نتيجة لانخفاض قيمة الجنيه الإسترليني وزيادة المنافسة من المنتجين الأجانب، والتخفيضات التعريفية أدي إلى زيادة في جودة السلع والخدمات التي يمکن للمستهلکين شراؤها، لذا تشير الدلائل الأخيرة إلى أن تخفيضات التعريفات تميل عمليًا إلى أن يکون لها تأثير أکبر على الجودة من تأثيرها علي السعر.

1) الآثار المتوقعة على (FDI)

يعد الاستثمار أحد أهم العوامل الدافعة لنمو الناتج المحلي الإجمالي على المدى الطويل حيث يؤدي کل من الاستثمار المحلي الخاص والعام والاستثمار الأجنبي إلى زيادة في عدد المشروعات الإنتاجية والخدمية والمباني والتقنيات التي يمتلکها المجتمع، وزيادة التقدم التقني وتحسين الإنتاجية، ومع مرور الوقت ومع انخفاض الحواجز أمام التجارة حول العالم فقد نما الاستثمار عبر الحدود حيث يساهم الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) بشکل مباشر في الدخل القومي لدول کثيرة، فهو يساهم في زيادة الإنتاجية المحلية ويساهم في زيادة الإمکانيات التکنولوجية والأفکار الجديدة .

 تعد المملکة المتحدة واحدة من أکبر الدول الاقتصادية المتقدمة المستفيدة من الاستثمار الأجنبي المباشر من بين دول الاتحاد الأوروبي، وبإحصائيات يناير 2018 يأتي حوالي 42.6 % من الاستثمار الأجنبي المباشر في المملکة المتحدة من دول الاتحاد الأوروبي، حيث انخفض جزء من إجمالي الاستثمارات القادمة للمملکة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في عام 2011 من 48.8% إلى حوالي (42.6 %) اعتبارا من يناير 2018. کما تعد هولندا رسميًا أکبر مستثمري الاتحاد الأوروبي في المملکة المتحدة.

ومن المتوقع أن تؤدي مغادرة الاتحاد الأوروبي إلى التأثير على جاذبية المملکة المتحدة للمستثمرين الأجانب، فهناک أکثر من سباب وراء احتمال تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر في المملکة المتحدة من خلال کونه عضوًا في الاتحاد الأوروبي وهما:

1. حرية حرکة رأس المال وهي واحدة من "الحريات الأربع" المرکزية لأفراد الاتحاد الأوروبي تسهل على المستثمرين من الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي الاستثمار في المملکة المتحدة.

2. التواجد في السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي تجعل المملکة المتحدة منصة جذابة للشرکات متعددة الجنسيات.

أما الاستثمار الأجنبي المباشر في لندن کعاصمة للمملکة المتحدة فنجد أن لندن حتى الآن وبغض النظر عن الاتحاد الأوروبي لاتزال مکانًا جذابًا لممارسة الأعمال التجارية. فهي مدينة عالمية رائدة في الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث يتوافد إليها عدد کبير من المشروعات الاستثمارية التي يتم تنفيذها في لندن سنوياً والجدول التالي يظهر أفضل 10 مدن في الاستثمارات الأجنبية الواردة، وهناک عدد من هذه المدن لم يتعاف بعد من الأزمة المالية في عام 2008، والمدينة الأوروبية الوحيدة الأخرى في المراکز العشرة الأولى من المشاريع هي باريس والتي لديها نصف عدد المشاريع الموجودة في لندن.

جدول (1) عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة حسب المدينة، 2008-2018، مرتبة حسب عدد المشاريع

2018 2017 2016 2015 2014 2013 2012 2011 2010 2009 2008 المدن الترتيب

627 545 493 541 480 434 397 394 335 302 337 لندن 1

422 391 392 386 469 441 419 393 364 330 326 سنغافورة 2

306 275 235 283 255 268 260 266 216 285 370 دبي 3

322 397 189 217 218 224 146 142 156 134 213 باريس 4

207 189 207 191 280 309 276 305 308 265 317 شنغهاي 5

209 197 220 217 230 222 171 153 151 109 94 نيويورک 6

203 201 208 199 222 248 265 261 230 281 257 هونج کونج 7

130 122 130 159 158 146 195 159 132 108 84 سيدني 8

135 138 117 104 127 119 81 70 105 100 102 طوکيو 9

107 132 107 121 104 89 89 115 97 84 108 بنغالور 10

18236 16455 15820 15534 15952 16768 15678 16919 15510 14833 17235 جميع المشاريع

0.15 0.16 0.15 0.16 0.16 0.15 0.15 0.13 0.14 0.13 0.13 نسبة أعلي 10 مشاريع

Source: FDI Marek

أما من حيث قيمة مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر، تحتل لندن المرتبة الثالثة في العالم (الجدول 2) يوضح العشر مدن الأعلى من حيث قيمة الاستثمارات، کما انه يمکن أن تتذبذب قيمة الاستثمارات بشکل کبير على أساس سنوي ولکن لا يوجد دليل على وجود اتجاه إلى انخفاض الاستثمار الداخلي في لندن منذ عام 2016. فعلى سبيل المثال، کان الاستثمار في عام 2015 أعلى من العامين السابقين لعام 2015، وکان هناک انخفاض في عامي 2016 و2017، ولکن الاستثمار في عام 2018 کان أعلى منه في عام 2015.

الجدول (2) قيم مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة حسب المدينة، 2008-2018، مرتبة حسب قيمة المشاريع 2013-2018

2018 2017 2016 2015 2014 2013 2012 2011 2010 2009 2008 المدن الترتيب

£12,868 £13,442 £9,904 £6,922 £10,008 £7,103 £7,103 £14,572 £12,877 £9,120 £8,232 سنغافورة 1

£10,791 £4,391 £6,134 £5,461 £7,832 £9,427 £9,427 £8,761 £9,217 £10,344 £10,356 شنغهاي 2

£9,457 £4,799 £5,156 £8,522 £5,964 £5,542 £5,542 £8,777 £4,603 £5,476 £7,564 لندن 3

£6,569 £5,373 £5,005 £3,398 £4,811 £5,437 £5,437 £5,283 £4,687 £6,065 £4,969 هونج کونج 4

£4,925 £3,968 £5,267 £5,818 £5,785 £2,834 £2,834 £3,125 £4,468 £4,583 £10,319 دبي 5

£4,223 £6,059 £6,629 £8,741 £3,459 £8,109 £8,109 £2,079 £2,794 £3,181 £2,109 نيويورک 6

£3,809 £2,061 £2,773 £1,968 £2,038 £4,751 £4,751 £4,026 £4,936 £6,909 £9,508 بکين 7

£7,929 £259 £2,665 £81 £172 £1,189 £1,189 £1,873 £35 £5,749 £16,542 الجبيل 8

£2,871 £2,585 £2,909 £3,591 £4,007 £3,069 £3,069 £3,464 £3,074 £2,675 £1,550 سيدني 9

£4,849 £2,667 £2,781 £3,171 £2,026 £1,691 £1,691 £3,416 £3,187 £3,313 £3,433 بنغالور 10

£775,669 £547,921 £633,230 £560,865 £494,511 £680,126 £650,227 £747,758 £1,017,291 کل المشروعات

9% 8% 8% 8% 8% 12% 8% 8% 8% 7% نسبة أعلي 10 مشاريع

Source: fDi Markets

خلال الفترة 2011-2018، کانت أکبر نسبة حوالي (44%) من الاستثمارات في لندن من أمريکا الشمالية، کما تمثل مناطق أوروبا الغربية وآسيا والمحيط الهادئ حوالي نسبة 32% و15% على التوالي. ومع ذلک فإن لندن أقل اعتمادًا من باقي المملکة المتحدة على الاستثمارات من أوروبا الغربية والتي تمثل حوالي 40 % من إجمالي الاستثمارات داخل المملکة المتحدة.

الجدول (3) يوضح أهم القطاعات الصناعة العشرة الأولى للاستثمار الواردة إلى لندن، 2008-2018

عدد المشروعات حجم الاستثمارات القطاعات الصناعية

1590 £7,443m خدمات البرمجيات وتکنولوجيا المعلومات

757 £3,180m خدمات الأعمال

613 £8,809m الخدمات المالية

571 £6,236m المنسوجات

281 £4,127m المنتجات الاستهلاکية

276 £5,991m مجال الاتصالات

184 £32,784m العقارات

103 £3,592m الفنادق والسياحة

63 £1,518m وسائل النقل

54 £591m الغذاء والتبغ

عدد المشروعات حجم الاستثمارات المجموعة الصناعة

969 £9,506m تکنولوجيا المعلومات والاتصالات والإلکترونيات

854 £9,590m الخدمات المالية

836 £10,673m تجارة التجزئة

806 £5,091m الصناعات الإبداعية

554 £1,958m خدمات المهنية

149 £3,935m السياحة

115 £1,251m علوم الحياة

104 £3,624m النقل والتخزين

78 £504m السلع الاستهلاکية

Source: fDi Markets

جدول (4) أفضل 10 مجموعات صناعية للاستثمار الواردة إلى المملکة المتحدة 2008-2018

Source: fDi Markets

2) الآثار المتوقعة على الهجرة

لندن هي وجهة رئيسية للمسافرين من جميع أنحاء العالم، وبالتالي يتوقع المؤيدون للبريکست إنه سيکون هناک مجموعة من التأثيرات على الأشخاص الذين يدخلون المملکة المتحدة إما کمهاجرين أو زائرين، حيث إنه من مع الانخفاض الذي حدث في سعر صرف الجنيه الإسترليني فإنهم يتوقعون انخفاض تکاليف الذهاب إلى لندن، يتوقعون أيضاً أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سوف يؤدي إلي أن المؤهلات التي حصل عليها مواطنو الاتحاد الأوروبي في المملکة المتحدة قد لا يتم الاعتراف بها في أي مکان آخر في الاتحاد الأوروبي، والنتيجة الأخرى لمغادرة المملکة المتحدة للاتحاد الأوروبي هي أنها ستسيطر بشکل کامل على سياسة الهجرة لمواطني الاتحاد الأوروبي.

 يعرض الجزء القادم ما حدث منذ يونيو 2016 وحتى 2020 ويأخذ في الاعتبار الآثار المقترحات من جانب الحکومة للهجرة.

حيث توقع المکتب المسؤول عن أعداد الميزانية البريطانية (OBR)Office for Budget Responsibility أن يحدث انخفاض کبير في صافي الهجرة المرتبطة بالعمل في الفترة التي أعقبت استفتاء الاتحاد الأوروبي في يونيو 2016. ولکن ليس هذا ما حدث عقب الاستفتاء وحتى عام 2018 حيث لم تتغير الهجرة الدولية إلى المملکة المتحدة إلا قليلاً في الفترة المصاحبة للاستفتاء ذلک على الرغم من انخفاض صافي الهجرة بشکل عام حيث بقيت الهجرة عند حوالي 600,000 نسمة سنويًا، ولکن اعتباراً من مارس 2019 انخفض صافي الهجرة إلى نحو 100.000 إلى 200.000 سنويًا.

وهناک استنتاج مختلف قليلاً لما توقعاته الحکومة يظهر رؤية أخري خاصة بأسباب الهجرة في الفترة المصاحبة للاستفتاء يونيو 2016، حيث توضح هذه الرؤية أن هناک 300.000 مهاجر جاءوا إلى المملکة المتحدة لأسباب تتعلق بالعمل، والباقي يأتي لأسباب أخري وقد انخفضت هذه الأعداد إلى 200.000 بحلول مارس 2019، ويرجع ذلک الانخفاض إلى انخفاض أعداد المهاجرين من الاتحاد الأوروبي القادمين من اجل العمل، والذي انخفض من 190.000 إلى 92000 في الوقت الرهن ولکن ظلت الهجرة من الاتحاد الأوروبي لأسباب أخرى دون تغيير إلى حد کبير. والأن يوجد عدد أقل من المهاجرين القادمين إلى المملکة المتحدة للعمل من الاتحاد الأوروبي مقارنة ببقية العالم. والسبب الرئيسي والاهم وراء قدوم المزيد من الأشخاص إلى المملکة المتحدة هو الدراسة.

ففي سنة 2019، وصل 201000 شخص إلى المملکة المتحدة لأسباب تتعلق بالعمل، و209000 للدراسة الرسمية، و51.000 لمرافقة أفراد العائلة أو الانضمام إليهم، و75000 لأسباب أخرى. هذه تقديرات مباشرة من المسح الدولي للرکاب the International Passenger Survey (IPS) والاستدلال الطبيعي يوضح أن القطاع الجامعي في المملکة المتحدة لا يزال جذابًا، ولندن خاصة وجهة مهمة للطلاب داخل المملکة المتحدة. فهناک أکثر من 100000 طالب دولي في العاصمة لندن، أي بما يقرب من ربع جميع الطلاب الدوليين في المملکة المتحدة، وبذلک أصبحت لندن أکثر جاذبية للمواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي بسبب انخفاض سعر الصرف، مما ينفي الهدف الرئيسي الذي سعت إليه بريطانيا عند الخروج من الاتحاد وهو تقليل الهجرة. وحتى الآن لم يکن هناک تغيير يذکر في هجرة مواطني الاتحاد الأوروبي للدراسة في المملکة المتحدة والذين لديهم خطر عدم الاعتراف بأي مؤهل يتم الحصول عليه في بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي.

کما نشر مکتب الإحصاءات الوطنية أرقام الهجرة للندن حتى ديسمبر 2017 ووجد أن صافي الهجرة الدولية إلى لندن بلغ فوق 70.000 حتى ديسمبر 2017، والذي ارتفع بمقدار 19000 من ديسمبر 2016. وبمزيد من التفصيل خلال هذه الفترة، کان هناک 168000 مهاجر دولي في العاصمة لندن (بزيادة 12000 عن عام 2016) و98000 مهاجر خارجي (بانخفاض 8000). هذا يتعارض مع الاتجاه الوطني لتراجع الهجرة الصافية.

لندن هي أيضًا وجهة مهمة للمهاجرين الذين يأتون للعمل من الاتحاد الأوروبي حيث يشغل حوالي 14% من الوظائف في لندن عمال من المنطقة الاقتصادية الأوروبية، مقارنة بـحوالي 6% من العمال الذين يأتون من الاتحاد الأوربي يشغلون وظائف في بقية المملکة المتحدة، أما حوالي 60% من الوظائف في لندن يشغلها أشخاص ولدوا في المملکة المتحدة مقارنة بنسبة 87% لبقية المملکة المتحدة.

توفر أيضًا بيانات تسجيل أرقام التأمين الوطنيNational Insurance number (NINO) على المستوى دون الوطني (المهاجرين) وهي طريقة أخرى للنظر في مساهمة المهاجرين في سوق العمل، حيث تقيس المهاجرين الذين يجدون عملًا لأول مرة، حيث بلغت أعدد المهاجرين بهذا الإجراء ذروتها في الربع الأخير من عام 2014، وکانت في انخفاض منذ ما يقرب من أربع سنوات، ويبدو أنها قد استقرت اعتباراً من الربع الثالث من عام 2018، هذا هو الحال بالنسبة للمهاجرين إلى لندن والمملکة المتحدة من الاتحاد الأوروبي سواء بشکل إجمالي أو الأرقام بالنسبة للندن فقد حيث کان هناک حوالي 45000 خلال الربع الرابع من سنة 2014، ووصلوا 77000 في الربع الثاني سنة 2017، ثم إلى 33000 الربع الرابع من 2019، أما بالنسبة للمملکة المتحدة ککل فقد کان الرقم حوالي 105000 في 2014 ثم وصل إلي 197000في 2017 ثم إلى 92000 في البع الأخير من عام 2019.

ويوفر هذا المقياس دقة أکبر في معرفة أعداد المهاجرين الذين يدخلون من أجل العمل، بينما يشمل المسح الدولي للرکاب (IPS) أيضًا الأشخاص الذين يبحثون عن عمل، کما يشير تقارير IPS إلى المهاجرين الذين يتوقعون البقاء لأکثر من عام، بينما لا تعتمد تسجيلات NINO على فترة الإقامة وقد تشمل الأشخاص الذين يجدون عملًا بعد القدوم إلى المملکة المتحدة لسباب آخري.

• کيف تؤثر الهجرة على النمو الاقتصادي في المملکة المتحدة

 إلى أي حد تؤثر الهجرة على النمو الاقتصادي هو سؤال هام حيث حاول الباحثون تحديد أثر الهجرة على النمو الاقتصادي باستخدام بيانات عن بلدان متعددة على مدى سنوات عديدة لفحص العلاقة بين الهجرة والنمو وبمراجعة الأدبيات حول آثار التجارة على النمو الاقتصادي، فإن الأدبيات العملية حول آثار الهجرة على النمو أکثر ضآلة، حيث نجد تأثير الهجرة على اقتصاد المملکة المتحدة من حيث أن الهجرة تزيد من عدد العمال المتاحين مما يعزز في حد ذاته إجمالي الناتج، کما يلاحظ أيضاً أن الهجرة الأوروبية إلى المملکة المتحدة "لم يکن لها التأثيرات السلبية الکبيرة التي يشير إليها البعض ولا المنافع الواضحة التي يوضحها الآخرون، فهي تتمثل في حجم العمالة والإنتاجية من المهاجرين ذوي المهارات العالية ومن المهاجرين ذوي المهارات المتدنية.

وهناک مجموعة أخري من الدراسات حول الأثر الاقتصادي بعيد المدى للبريکسيت على التغييرات في الهجرة من الاتحاد الأوروبي أو من خارج الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا. حيث تري هذه الدراسات أنه يمکن للهجرة أن تؤثر على النمو الاقتصادي الکلي بطريقة ميکانيکية بحتة، أي بزيادة عدد العمال المتاحين للعمل والإنتاج، کما يمکن أن تؤثر أيضًا على الناتج ومخرجات الإنتاج والإنتاجية لکل شخص بشکل غير مباشر، وذلک من خلال زيادة الإنتاجية للفرد، وأيضا من خلال زيادة المنافسة على الوظائف، وقد يشجع المهاجرون العمال المحليين على أن يکونوا أکثر إنتاجية، بالإضافة إلى ذلک قد يکون لدى المهاجرين مهارات ومعارف مختلفة عن القوى العاملة الموجودة في البلاد، والتي يمکن أن تؤثر على الإنتاجية.

قد يخلق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فرصًا جديدة لتطبيق قواعد جديدة للهجرة بشکل عام ويتيح الفرصة لفرض قيود أکبر على الهجرة من الاتحاد الأوروبي بشکل خاص. حيث يحتاج المهاجرون المحتملون إلى إظهار کفاءة ومهارة عالية حتى يعرض عليهم وظائف في المملکة المتحدة وأن الدولة في حاجة ماسة إليهم، أو أن يشغلوا وظيفة بها حالة نقص عمالة محلية. کما قد تطبق قواعد خاصة أيضًا على الطلاب وأفراد العائلة الذين ينضمون إليهم ليقيموا في المملکة المتحدة. حيث إن حکومة المملکة المتحدة حرة في تخفيف القيود القائمة على المهاجرين أو تقييدها.

3) الآثار المتوقعة على الأسعار والأجور والدخل

کان هناک توقع کبير بشأن أنخفض سعر الصرف البريطاني المصاحب لارتفاع في قيمة أسعار الواردات وارتفاع التضخم، وقد ظهرت الزيادات في الأسعار بشکل خاص على الغذاء والبنزين والخدمات الصحية خاصة في ظل کوفيد 19 والمخاوف الکبيرة من نقص الأدوية.

يوضح الجدول التالي تأثير الانخفاض بنسبة % 5 في سعر الصرف على بعض أنوع السلع، حيث قام بنک إنجلترا بتقدير نسبة الزيادة في أسعار الوقود وأسعار الطاقة بنسبة %2 علاوة على نسبة الزيادة في الحواجز غير التعريفية قد أدت إلي زيادة أسعار المستهلکين بنسبة % 0.3، والجدول التالي يظهر تأثير طويل المدى على مستوى أسعار مکونات مؤشر أسعار المستهلکين من إدخال نسبة التعريفات أو نسبة انخفاض سعر الصرف.

جدول رقم (5) نسب الزيادة في أسعار مکونات مؤشر CPI بعد تأثرها بالتعريفة الجمرکية أو انخفاض سعر الصرف على المدى الطويل.

تأثير انخفاض سعر الصرف بنسبة 5% تأثير التعريفات الجمرکية بموجب مبدا الدولة الأولي بالرعاية في منظمة التجارة العالمية المکونات

1.3 5 الأطعمة والمشروبات غير الکحولية

0.3 0.8 الکحول والتبغ

1.4 1.3 الملابس والأحذية

0.7 0.1 الإسکان والمرافق

0.9 0.4 أثاث ومعدات منزلية

1 0.1 الصحة

1 1 النقل (بما في ذلک الوقود)

0.9 0 الاتصالات

1 0.5 الترفيه والثقافة

0.1 0 التعليم

0.5 0.6 المطاعم والفنادق

0.7 0.1 سلع وخدمات متنوعة

2.2 0 مجموعة العطلات

0.9 1 CPI

Source: BoE EU withdrawal scenarios and monetary and financial stability

کما توقع بنک إنجلترا Bank of England (BOE) أن يرتفع إجمالي التضخم مرة آخر وذلک لأن تکاليف ممارسة الأعمال ستکون أعلى سواء بسبب التعريفات أو الحواجز غير التعريفي، کما قد يکون هناک أيضًا ارتفاع في أسعار المواد الغذائية في حالة الخروج النهائي من الاتحاد الأوروبي بسبب انخفاض "بعض أنواع الواردات من الأغذية الطازجة.

وقد قام بنک إنجلترا بتقدير تأثير انخفاض سعر الصرف لعام 2016 بشکل متساوٍ بين فئات الدخل في المملکة المتحدة بالکامل إلا أن لندن کانت أقل تأثرًا نسبيًا من المناطق الأخرى، وذلک ربما لأن أسعار المنازل في لندن هي العنصر الأهم في الإنفاق داخل لندن.

بينما في نهاية 2020 وقت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي کانت هناک مجموعة آخري من الآثار على العرض والطلب بسبب ما تعرض له العالم من وباء (کوفيد 19) والذي أحدث توقف تامة لکافة الأنشطة الاقتصادية داخل کثير من دول الاتحاد وعلى راسها المملکة المتحدة، وقد انعکس هذا على أسعار المستهلکين وخاصة أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية بالإضافة إلى أسعار أنواع أخرى من السلع تؤثر على أسعار المستهلکين مما أدي إلى انخفاض إضافي في قيمة الجنيه الإسترليني. ومما أدي إلي زيادة الأجور بشکل أسرع من التضخم في الفترة القليلة الماضية بسبب ضيق سوق العمل، والزيادات الکبيرة في الحد الأدنى للأجور. ولکن على الرغم من انخفاض الحد الأدنى للأجور في المملکة کلها إلا انه لا تزال الأجور المتوسطة لکل من لندن والمملکة المتحدة دون مستوى الأجور في عام 2008، حيث کان نمو الأجور أبطأ في لندن من باقي المملکة المتحدة بسبب الأزمة المالية.

کما کان أيضاً من التوقع بعد الخروج الاتحاد الأوروبي أولاً أن يتدنى مستوي الأجور بشکل أکبر، وتحدث صدمة في جانب العرض بسبب ارتفاع تکاليف الأعمال والتي تودي إلى انخفاض الطلب على العمالة، ثانياً ولأن اتجاهات الأجور تعکس على المدى الطويل نمو الإنتاجية، فبهذا التصور من المتوقع أيضاً أن تنخفض الإنتاجية.

أما بالنسبة للندن تحديدً فسيعتمد التأثير على توزيع الدخل للأسر حيث يوجد في لندن عدد من الأسر ذات الدخل المنخفض نسبيًا مقارنة بالمناطق الأخرى، کما أن متوسط دخل الأسرة ذات الدخول المرتفعة في لندن بعد تکاليف السکن مشابه لبقية المملکة المتحدة، في حين أن متوسط دخل الأسر ذات الدخول المتدنية أقل من المتوسط الوطني للمملکة، (الشکل 1). فمعدلات الفقر في لندن بعد خصم تکاليف السکن من الأجور أعلى من أي منطقة أخرى في المملکة المتحدة. والشکل التالي يوضح الفرق في الدخل بعد تکاليف السکن بين أعلى 10% وأقل 10%.

الشکل (1) يوضح توزيع دخل الأسرة (بعد تکاليف السکن) بين لندن وبقية المملکة المتحدة، 2015/16 إلى 2017/18

Source: DWP Family Resources Survey

XI. کوفيد-19 والوضع الاقتصاد ببريطانيا في نهاية 2020

قد تسبب فيروس کورونا في ارتفاع معدلات الإصابة والوفيات في جميع أنحاء العالم، حيث أصبحت کافة دول العالم تواجه مشاکل صحية واجتماعية واقتصادية صعبة، فقد تسبب فيروس کورونا في تسجيل أکبر عدد من الوفيات في أوروبا خاصة وأدي هذا إلى العديد من المشاکل الاقتصادية في أوروبا. فالاتحاد الأوروبي، حيث يواجه تباطؤا اقتصادي غير مسبوق قد يأخذ العديد من السنوات حتى يتعافى منه، والتوقعات الاقتصادية أشارت إلى احتمال حدوث انکماش اقتصادي بنسبة 8.7 % في نهاية 2021 ولکن مع تزايد المخاوف بسبب الموجة أخري من فيروس کورونا والتزايد في أعداد الوفيات فقد أظهرت المؤشرات الصادرة من الاتحاد الأوروبي في الربع الثاني من عام 2020 إلى أن التراجع الاقتصادي بلغ 11.8 % ، وقد أدي سوء الوضع إلى دفع الحکومات إلى اتخاذ إجراءات صارمة تتضمن العودة إلى الإغلاق الشامل، مما أدي إلي صعب حدوث الانتعاش الاقتصادي في المستقبل القريب.

أما بالنسبة لبريطانيا فالوضع اصبح اکثر صعوبة من باقي دول أوروبا حيث سجلت المملکة المتحدة في الربع الثاني من عام 2020 انکماشا في اقتصادها بنسبة 20,4% لتواجه أسوأ رکود لها منذ الأزمة المالية عام 2009، حيث أشار مکتب الإحصاء الوطني في بريطانيا أن الجزء الأکبر من هذا الانکماش الذي بدأت تظهر آثاره في مارس/أبريل 2020، عندما تم أغلاق بريطانيا بشکل شبه کامل، وقد أدى هذا الأغلاق أثناء الموجة الأولي من کورونا إلى تراجع الإنتاج بالإضافة إلي التوقف الإجباري لکافة الأنشطة الاقتصادية بسبب الإجراءات الوقائية ضد الفيروس، والضرر الأکبر والمباشر من هذا الإغلاق التام وقع على القطاعات التي تضررت أکثر من غيره في الموجة الأولى من وباء کورونا، وهي قطاعات السياحة و القطاع الترفيهي ( المطاعم والمقاهي) و تسبب هذا الوضع أيضا في قيام الحکومة البريطانية بضخ المليارات من الأموال من خلال منح القروض و تقديم المساعدات المالية للحفاظ على استمراريه العمالة في الأسواق، بالإضافة إلى اتخاذ بعض الإجراءات النقدية التي تساهم في الحفاظ علي السيولة حيث قام بنک إنجلترا بخفض أسعار الفائدة إلى أدنى مستويتها. وقد تسبب هذا الرکود أيضا في أضرار اجتماعية بالغة إذ انخفض عدد الأشخاص العاملين بين مارس /يوليو بمقدار 730 ألفا وفقا للأرقام الرسمية الصادرة عن مکتب الإحصاء الوطني في بريطانيا، لکن الوضع يمکن أن يکون أسواء في حالة عدم قدرة الحکومة البريطانية على تمويل برامج دعم الشرکات والأعمال والأسر التي تأثّرت في الموجة الثانية کما فعلت في الموجة الأولى. وعلى الرغم من أن وزارة الخزانة أعلنت بالفعل برنامجاً جديداً لدعم العاملين الذين تضررت وظائفهم، لکنه يظل برنامجاً أقل تأثيراً من برنامج الحفاظ على الوظائف الذي ينتهي السبت 31 أکتوبر2020.

وتواجه وزارة التضامن الاجتماعي أيضاً ضغوطاً لتحسين برنامج الرعاية الاجتماعية، الذي يوفر الدعم الحکومي للأسر الفقيرة، وتستفيد منه حالياً حوالي ستة ملايين أسرة (5.6 مليون أسرة) تعتمد على إعانات البطالة والإعانات الاجتماعية لدفع الفواتير الأساسية شهرياً.

أما الأسواق المالية فقد بدأت بالفعل تعاني من تبعات الموجة الثانية لفيروس کورونا حيث أنهى مؤشر "فانيانشيال تايمز" في بورصة لندن شهر أکتوبر 2020 بخسارة لم يشهدها منذ شهر مارس في الموجة الأولى من الوباء، وهبط المؤشر بمعدل شهري يقارب 5% محققاً خسائر تزيد 93 مليار جنيه إسترليني من قيمة أسهم الشرکات المسجلة لديه، أصبح من الصعب جداً التکهن بما هي القطاعات التي ستتأثر بشکل دائم بفيروس کورونا في الوضع القادم، حيث أصبحت العمال بشکل عام أقل إنتاجية بسبب فقدان المهارات وفقد الارتباط بسوق العمل کما أن إفلاس مجموعة من الأعمال التجارية التي کانت في بداية المشروعات الاستثمارية أو تعرض الشرکات الاستثمارية الأخرى إلي الاستثمار بأقل مما کانت عليه قبل الوباء أدى إلى خفض احتياطاتها النقدية أو ترکها مثقلة بالديون.

کما أن بعض القطاعات أو المناطق الأخرى تعرضت لمزيداُ من الآثار الإضافية طويلة الأجل بسبب الوباء علي سبيل المثال أدي العمل من المنازل أثر سلباً على قطاع النقل مثلا، وکذلک قطاع الطيران وقطاع الخدمات الإدارية المساعدة ومجموعة آخري من القطاعات.

XII. اتفاقية المملکة المتحدة خارج الاتحاد

تهدف الاتفاقيات التجارية بشکل عام إلى إلغاء التعريفات الجمرکية وتقليل الحواجز التجارية التي تفرض على کلا من السلع والخدمات ما بين أطراف الاتفاقية، وعندما کانت المملکة المتحدة عضوًا في الاتحاد الأوروبي کانت تلقائيا تعد جزءاً من نحو 40 صفقة تجارية أبرمها الاتحاد الأوروبي مع أکثر من 70 دولة، وفي عام 2018، کانت هذه الصفقات تمثل حوالي 11 % من إجمالي تجارة المملکة المتحدة، وحتى نهاية 2020 قد أبرمت المملکة المتحدة حوالي 19 صفقة من الصفقات السارية والتي تغطي 50 دولة أو إقليم، وسيبدأ العمل بها من جديد في الأول من يناير 2021. والتي تمثل حوالي 8% من إجمالي التجارة في المملکة المتحدة بحسب إحصاءات عام 2018. وتجري الحکومة البريطانية محادثات تجارية أيضا مع دول ليس لديها اتفاقيات تجارية مع الاتحاد الأوروبي، مثل الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا. والآتي بعضاً من الاتفاقيات التي تم توقيعها مع بريطانيا:

1- النرويج

بناء على مفاوضات بين أوسلو ولندن في أبريل 2019 فقد أعلنت الحکومة النرويجية التوصل إلى اتفاق مؤقت لما بعد بريکست بين النرويج وبريطانيا في الحادي والعشرين من شهر أکتوبر2020 حيث ينظم هذا الاتفاق العلاقات التجارية بين البلدين اعتباراً من يناير عام 2021، وإلى حين التوصل إلى اتفاق تبادل تجاري حر بعد بضعة أشهر.

2- اليابان

وقعت بريطانيا اتفاقا من حيث المبدأ مع اليابان، مبتدئة بذلک أول صفقة تجارية کبرى تعقدها منذ قرارها الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، حيث أعلنت حکومة المملکة المتحدة في 11 سبتمبر2020 أنها توصلت إلى اتفاقية تجارية جديدة من حيث المبدأ مع اليابان. الاتفاقية تعني أن 99 في المئة من صادرات المملکة المتحدة إلى اليابان ستکون معفية من الرسوم الجمرکية. حيث کان الاتحاد الأوروبي قد وقّع اتفاقية التجارة الحرة الخاصة به مع اليابان في عام 2018، واتفاق المملکة المتحدة مشابه جدا لذلک. وبلغ إجمالي قيمة الواردات والصادرات بين المملکة المتحدة واليابان 29.1 مليار جنيه إسترليني في عام 2018، وتمثل التجارة مع اليابان 2% فقط من إجمالي تجارة المملکة المتحدة، لذلک تتوقع الحکومة أن تساهم الصفقة بنسبة 0.07 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على المدى الطويل.

3- کندا

توصلت المملکة المتحدة وکندا في الثاني والعشرين من نوفمبر2020 إلى اتفاق تجاري مؤقت لما بعد بريکست يمدد الاتفاق السابق عندما کانت بريطانيا جزءاً من الاتحاد الأوروبي اعتباراً من بداية 2021 ، حيث يعزز هذا الاتفاق المبادلات التجارية البالغة قيمتها 20 مليار جنيه إسترليني ويضمن آلاف الوظائف، ولا يشمل هذا الاتفاق المؤقت سوى بنود الاتفاق الموقع بين الاتحاد الأوروبي وکندا ولا يعطي أي امتيازات جديدة للشرکات البريطانية، لکنّه يعفي المصدرين من ضرائب جمرکية تقدر بـحوالي42 مليار جنيه إسترليني

4- سنغافورة

کما وقعت لندن في الـعاشر من ديسمبر 2020 اتفاقا أخر للتجارة الحرة مع سنغافورة يمنحها شق طريق جديد في آسيا في بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي، والاتفاق يشبه إلى حد کبير الاتفاق القائم بين الاتحاد الأوروبي وسنغافورة ويتعلق بمبادلات تبلغ قيمتها أکثر من 22 مليار دولار سنويا، وينص الاتفاق على إلغاء الرسوم الجمرکية وتأمين الوصول المتبادل إلى أسواق الخدمات وخفض الحواجز غير الجمرکية للسلع الإلکترونية والآليات وقطع الغيار والأدوية والأجهزة الطبية وکذلک على إنتاج الطاقة المتجددة، وسوف يتم إلغاء الرسوم الجمرکية ابتداء منً نوفمبر 2024، وهو نفس الجدول الزمني الموقعة بين الاتحاد الأوروبي وسنغافورة.

1- الولايات المتحدة الأمريکية

وقعت الولايات المتحدة مع بريطانيا اتفاقاً بشأن الرسوم الجمرکية في منتصف ديسمبر 2020، وذلک بهدف ضمان استمرار تدفق التجارة بسلاسة بين البلدين دون أي معوقات بعد الخروج الکامل لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي في نهاية العام 2020، کما يسمح هذا الاتفاق باستمرار التعاون في مکافحة المخالفات الجمرکية عن طريق تبادل المعلومات، ويوفر الأطوار القانونية التي تضمن تدفقات التجارة بين المستوردين والمصدرين.

الشکل التالي(2) يوضح أين تتوزع تجارة بريطانيا مع العالم

شکل رقم (2)

XIII. اتفاق التجارة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي والمملکة المتحدة EU–UK في نهاية 2020 (Trade and Cooperation Agreement) ‏ (TCA)

هي اتفاقية تجارية أبرمت في 24 ديسمبر 2020، بين الاتحاد الأوروبي والجماعة الأوروبية للطاقة الذرية، والمملکة المتحدة بعد ثمانية أشهر من المفاوضات، وهي تنص على التجارة الحرة في السلع والوصول المحدود إلى الأسواق في الخدمات، فضلاً عن آليات التعاون في مجموعة من المجالات السياسة. وقد تم تطبيقها في الأول من يناير 2021، وذلک فور انتهاء الفترة الانتقالية لبريکست في 31 ديسمبر 2020. حيث تغطي الاتفاقية المکونة من 1246 صفحة أهدافها العامة وإطارها مع أحکام مفصلة لمصايد الأسماک والضمان الاجتماعي والتجارة والنقل والتأشيرات والتعاون في الشؤون القضائية وإنفاذ القانون والأمن، وتشمل الأحکام الأخرى المشارکة المستمرة في البرامج المجتمعية وآليات تسوية المنازعات. وبمقارنة الوضع السابق للمملکة المتحدة کدولة عضو في الاتحاد الأوروبي، فإنه ينهي حرية تنقل الأشخاص بين طرفي الاتفاق، وعضوية المملکة المتحدة في السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمرکي، ومشارکة المملکة المتحدة في معظم برامج الاتحاد الأوروبي، وسلطة محکمة العدل الأوروبية في تسوية المنازعات وتنص الاتفاقية على ما يلي:

1. آليات تسوية المنازعات

نصت الاتفاقية على إنشاء مجلس شراکة مکون من ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والمملکة المتحدة. من خلال العمل بالتراضي، يحق له إدارة الاتفاقية وحل النزاعات من خلال التفاوض وتعديل أجزاء معينة من الاتفاقية إذا لزم الأمر، سيأخذ مجلس الشراکة هذا الدور أيضًا في استکمال الاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي والمملکة المتحدة، ما لم يُتفق على خلاف ذلک.

2. حرکة الأشخاص

لا توجد حرية تنقل للأشخاص بين الاتحاد الأوروبي والمملکة المتحدة حيث يحتاج الزوار الذين يريدون الإقامة لمدة تزيد عن 90 يومًا إلى جواز سفر وتأشيرة، وقد تم الاتفاق علي إمکانية دخول المواطنين الأوروبيين في المرحلة الأولى إلي المملکة المتحدة باستخدام بطاقات الهوية وذلک حتي أول أکتوبر 2021 فيما يقتصر علي فترة إقامة لمدة 90 يوما من مدة إجمالية تحدد بـ180 يوما باستثناء بعض الحالات الخاصة، واعتبارا أکتوبر 2021 يصبح جواز السفر أمراً ضروريا. وتنطبق الشروط نفسها على البريطانيين الذين يسافرون إلى أوروبا فيما فضل الجانبان عدم تقليص الملاحة الجوية أو البرية أو البحرية. وقد تم الاتفاق علي شروط جديدة للأوروبيين الراغبون للعمل في بريطانيا : فالأوروبيون الراغبون في الذهاب للعمل في بريطانيا سيخضعون لقواعد جديدة، حيث أن حصولهم على تأشيرة عمل سوف يستلزم تحقيق شروط أربعة:

- الحصول عقد توظيف

- أن يزيد الراتب على 28500 يورو سنويا

- أن تکون الکفاءات المطلوبة نادرة

- أن يستطيع التحدث والکتابة باللغة الإنجليزية.

 وستکون تأشيرة العمل ضرورية أيضا للبريطانيين الراغبين بالعمل في الاتحاد الأوروبي، وقد تمت المصادقة على اتفاقية المعاملة بالمثل لدى غالبية الدول لحماية المغتربين البريطانيين والأوروبيين المقيمين في المملکة، بالتالي يمکنهم الاستمرار في الاستفادة من الحقوق الاجتماعية نفسها مثل المعاشات، الضمان الاجتماعي، أما الشروط الجديدة ستفرض على الوافدين الجدد.

3. مصايد الأسماک

کان ملف الصيد هو موضوع الخلاف الرئيسي بين المملکة المتحدة والاتحاد الأوروبي حيث تصل أساطيل الصيد المشترکة للاتحاد الأوروبي إلى حوالي 6 ملايين طن من الأسماک سنوياً منها حوالي 3 ملايين طن من المياه البريطانية حيث تبلغ حصة المملکة المتحدة من إجمالي الصيد في الاتحاد الأوروبي 830 ألف طن فقط، تم تحديد هذه النسبة من قبل اتفاقية لندن لمصايد الأسماک لعام 1964 وسياسة الاتحاد الأوروبي لمصائد الأسماک المشترکة، سيؤثر فقدان الوصول إلى المياه البريطانية بشکل خاص على صناعة الصيد الأيرلندية لذا رفضت الدول الأعضاء التخلي عن حق الوصول إلى مياه الصيد البريطانية الغنية بالثروة السمکية، حيث تستفيد فرنسا وبلجيکا والدنمارک وأيرلندا وهولندا منها بشکل کبير، وظهرت مسألة الثروة السمکية کحجر عثرة عندما رفضت الدول الأعضاء بقيادة فرنسا عرض المملکة المتحدة، ومحاولة لندن خفض حصة أساطيل الصيد في الاتحاد الأوروبي البالغة حمولتها السنوية نحو 650 مليون يورو بأکثر من الثلث، ثم توصلت المفاوضات إلي اتفاق بإدخال التغيرات التي تطلبها بريطانيا حيز التنفيذ على مراحل وقد تم التوصل إلى تسوية هذا الخلاف، حيث تعهد الاتحاد الأوروبي بخروج المملکة المتحدة من اتفاقية السياسة المشترکة لمصايد الأسماک الأوروبية خلال فترة انتقالية مدتها 5 سنوات ونصف، ستخفض خلالها حصص صيد الاتحاد الأوروبي في مياه المملکة المتحدة تدريجياً بنسبة 25٪ بحلول عام 2026 عما کانت قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبعد ذلک سيتم التفاوض على ترتيبات جديدة سنوياً. وبذلک سيکون على الصيادين الأوروبيين بموجب هذا الاتفاق التخلي عن ربع الثروة السمکية التي يحصلون عليها من المياه البريطانية خلال السنوات الخمس ونصف المقبلة وهو ما يعد تنازلا مقابل خفض ما نسبة 80% من الرسوم جمرکية التي يخضع لها البريطانيون، الذين يصدرون حوالي 70% من أسماکهم إلى الاتحاد الأوروبي على الأقل خلال تلک الفترة.

4. التجارة في البضائع

لا تخضع التجارة في البضائع بين الاتحاد الأوروبي والمملکة المتحدة لأي تعريفات أو حصص حيث لا مزيد من الضرائب أو الرسوم لکن المزيد من الوثائق، فقد تم التوصل من جانب المفاوضون البريطانيون إلى تجنب فرض ضرائب على المبادلات التجارية، ولن تکون هناک تعريفات جمرکية أو حصص على البضائع، وقد يکون هذا الأمر إيجابياً لقطاعات التصدير الرئيسية مثل السيارات والطيران وصناعة المنتجات الغذائية، والتي کان من الممکن أن تفرض عليها رسوم ثقيلة، ولکن على الرغم من ذلک يخشى من أن تتحول الضوابط الجمرکية والآليات الموضوعة لضمان الالتزام بالقواعد الجديدة إلى إجراءات معقدة.

کما يمکن للتجار التصديق بأنفسهم على الامتثال لقواعد المنشأ المتفق عليها، ونتيجة لمغادرة المملکة المتحدة منطقة الجمارک في الاتحاد الأوروبي فإن الإجراءات الجمرکية قد تکون مطلوبة بين الطرفين، حيث يتم تطبيق ضريبة القيمة المضافة وبعض الرسوم الأخرى عند الاستيراد، وبناءً على اتفاقية منظمة التجارة العالمية والتي تهدف إلى الحد من الحواجز الجمرکية أمام التجارة فأنه في کثر من الأحيان لا تفرض رسوم جمرکية.

5. الطيران والنقل البري

في مجال الطيران: تواصل شرکات النقل التابعة للاتحاد الأوروبي والمملکة المتحدة التمتع بإمکانية الوصول إلى حرکة المرور من نقطة إلى نقطة بين مطاري الاتحاد الأوروبي والمملکة المتحدة "الحرية الثالثة والرابعة للطيران" لکن لم يعد بإمکانهم الوصول إلى أسواق الطيران الخاصة ببعضهم البعض، و ذلک في ما يتعلق بالرحلات الداخلية أو الرحلات الجوية التي تربطهم ببلدان أخرى، کما إن المملکة المتحدة حرة في التفاوض بشأن حقوق المرور "الحرية الخامسة" مثل طريق لندن - باريس - برشلونة لشرکة النقل البريطانية" مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشکل فردي، کما يوجد تعاون بشأن سلامة الطيران هذا علي الرغم من أن المملکة المتحدة لم تعد تشارک في وکالة سلامة الطيران الأوروبية.

 والوضع بالمثل في النقل البري حيث يقتصر الوصول المتبادل إلى الأسواق بشکل عام على وسائل النقل عبر الحدود من نقطة إلى نقطة، مع ما يصل إلى حرکتين إضافيتين في أراضي الطرف الآخر.

6. انتهاء برنامج إيراسموس للتبادل الطلابي

 انسحبت المملکة المتحدة البريطانية من برنامج التبادل الطلابي الأوروبي، الذي يعتبر مکلف للغاية فمواصلة الدراسة للطلاب الأوروبيون ستحتاج إلى الحصول على "تأشيرة دراسة" ودفع رسوم دراسية أکثر ارتفاعا مما کانت عليه وذلک لمجموعة الطلاب الأوروبيين وهم حوالي 150 ألف طالب، لذا أعلنت الحکومة البريطانية عن إطلاق برنامج بديل في سبتمبر2021 لکنه سيقتصر على المواطنين البريطانيين الراغبين بالدراسة في الخارج.

7. تقليص الشراکات الاستراتيجية

هناک ملفات لم تکن محلاً للمفاوضات کالسياسة الخارجية والدفاع والتنمية وسيواصل الاتحاد الأوروبي والمملکة المتحدة العمل معاً في مجالات کمکافحة الاحتباس الحراري والطاقة والبحوث والسلامة النووية ومکافحة الإرهاب، کما تم الاتفاق على الحقوق الاجتماعية للعمال.

 کما أصدر الاتحاد الأوروبي قرارا من شأنه أن يسمح باستمرار عملية تبادل البيانات بين الاتحاد والمملکة المتحدة، خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد في نهاية العام الماضي، وفي السياق نفسه قالت الحکومة البريطانية إنها تخطط للمزيد من الصفقات التجارية واتفاقيات حول آلية انتقال البيانات مع دول أخرى بعد البريکست.

XIV. التحليل والنتائج

نستطيع من خلال ما تم عرضه في هذه الورقة البحثية تحليل بعض العناصر واستخراج بعض النتائج:

أولاً: نجحت بريطانيا إلى حد کبير في تنفيذ ال White Paper من خلال اتفاق التجارة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي والمملکة المتحدة EU–UK، بالإضافة لما تم توقيعه من اتفاقيات تجارية حرة مع الدول التي لديها حجم تبادل تجاري کبير معها، وبذلک تکون بريطانيا استطاعت أن تقلل من حجم الخسائر التي کان ممکن أن تتعرض لها أن لم تستطع توقيع هذه الاتفاقيات.

حيث أنه في يناير 2017 أصدرت الحکومة البريطانية مخطط لعملية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي أطلقت عليه اسم White Paper حيث کان هذا المخطط بعنوان خروج المملکة المتحدة والشراکة الجديدة مع الاتحاد الأوروبي وکان يعرض تفاصل الشراکة القائمة على المصالح المتبادلة وقدمت هذه الوثيقة تفصيل المبادئ ال 12 التي تحکم مسار المفاوضات مع الاتحاد، وهذا ما کانت تسعي إليه بريطانيا من وراء الخروج من الاتحاد بما يحقق مصلحتها القومية والاقتصادية دون دفع تکاليف أکبر لتحقيق هذه الغيات. وفيما يلي بنود الوثيقة التي سعت بريطانيا لتحققها.

1. اليقين: بأن الحکومة البريطانية ستعمل على توفير سبل النجاة لهذه المفاوضات عن طريق تقديم بعض التنازلات من کلا الطرفين

2. ضبط القوانيين البريطانية: أن تکون بريطانيا مسئولة عن شؤنها الخاصة وأن تتحکم فيها وأن تضع نهاية لولاية محکمة العدل الأوروبية.

3. تعزيز الاتحاد: ستعمل الحکومة البريطانية على تعزيز الاتحاد ما بين الأجزاء الأربعة التي تشکل المملکة المتحدة وإشراک أجزاء هذا الاتحاد في التفاوض مع الاتحاد الأوروبي.

4. الإبقاء علي حرية السفر مع إيرلندا: وهي من الأولويات بالنسبة للمملکة، حيث أن الوحدة بين البلدين قائمة من قبل عضوية الاتحاد.

5. ضبط الهجرة: سوف تقوم بريطانيا بضبط الهجرة القادمة من أوروبا من خلال التحکم في أعداد الوافدين واستقطاب أفضل العناصر سواء للعمل أو الدراسة.

6. حقوق موطنين الاتحاد داخل بريطانيا وحقوق البريطانيون في الاتحاد: تسوية هذه القضية بشکل يحفظ حقوق الطربين في أسرع وقت ممکن.

7. حقوق العاملين: أيضاً ضمان کافة الحقوق القانونية للعاملين من الاتحاد داخل بريطانيا.

8. تجارة حرة مع الأسواق الأوروبية: تسعي بريطانيا للتوصل لاتفاقيات جديدة مع دول الاتحاد تتيح أکبر قدر من الحريات في تجارة السلع والخدمات.

9. اتفاقيات تجارية مع دول آخري: کما تسعي بريطانيا للتوصل لاتفاقيات تجارية جديدة مع دول خارج الاتحاد الأوروبي.

10. مقر للعلوم والابتکار: ترحب بريطانيا بمواصلة التعاون مع الشرکاء الأوروبيين في المبادرات العلمية والبحثية والتکنولوجية وفي مجال الطاقة.

11. التعاون في مجال مکافحة الجريمة: کما تسعي بريطانيا لتعزيز التعاون مع الشرکاء الأوروبيين في المستقبل من أجل تطبيق القوانين ومشارکة المعلومات في الإرهاب ومکافحة الجريمة.

12. الخروج من الاتحاد بشکل سلس ومنظم: أن مصلحة بريطانيا والاتحاد الأوروبي في الانفصال التدريجي من خلال عملية المفاوضات وضع الترتيبات اللازمة لهذا الانفصال ومنح الشرکات الوقت الکافي للتخطيط وإعداد الترتيبات الخاصة بالانفصال.

ثانياً: بعض النتائج المترتبة على خروج بريطانيا من الاتحاد:

1- منذ استفتاء عام 2016، استمر أداء سوق العمل بشکل جيد، مع زيادة مطردة في أعداد الوظائف في لندن، وانخفاض معدل البطالة في کل من لندن والمملکة المتحدة، وقد بلغت أعداد الوظائف أعلى مستوى لها، کما أن معدل البطالة في بريطانيا بلغ أدنى مستوياته، منذ 42 عاما فقد فاق حد التوازن الذي قدره البنک المرکزي البريطاني 4.5%، ويعکس تباطؤ نمو الوظائف جزئيا انخفاض صافي تدفقات المهاجرين إلى الداخل.

2- قرر أعضاء لجنة السياسة النقدية ببريطانيا التصويت على زيادة معدل الفائدة 0.5% مما ساعد على انخفاض التضخم المرتبط بانخفاض سعر الجنيه الإسترليني تدريجيا خلال عام 2020 مع توقع أن يتزايد التضخم بشکل عام بسبب توقع زيادة الأجور.

3- أظهرت بيانات رسمية لمکتب الإحصاءات الوطنية أن الاقتصاد البريطاني تعرض لانکماش بنسبة 9.9% خلال عام 2020، ويعد هذا الانخفاض الأکبر منذ عام 1709، حيث لا يزال الاقتصاد البريطاني محمل بالقيود المفروضة عليه لمکافحة فيروس کورونا، فقد ضربت کوفيد -19 الاقتصاد البريطاني بشکل أقوى من معظم الدول الصناعية الأخرى.

4- تعرض الاقتصاد لصدمة کبيرة نتيجة لوباء کورونا أدت إلي انکمش الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2020، لکنه تجنب العودة إلى الرکود في الربع الأخير من السنة، حيث أن الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا نما بمعدل 1% في الفترة بين أکتوبر وديسمبر مقابل الربع السابق کما تقلص قطاع الخدمات الذي يمثل حوالي 80٪ من الاقتصاد البريطاني بنسبة 8,9٪ في عام 2020، مع انخفاض إنتاج شرکات الإقامة والأغذية والمشروبات بأکثر من 55٪ عن مستوياتها في عام 2019، فيما تراجع التصنيع 8,6٪ والبناء 12,5٪. وعلى الرغم من أن الاقتصاد أتجه للانکماش بقوة في أوائل 2021 بسبب تأثير ثالث إغلاق لمکافحة الوباء إلا أن هناک بعض الإشارات الإيجابية الدالة على مرونة الاقتصاد البريطاني في نهاية 2021.

5- فقد الدور الفعال لبريطانيا في إطار الاتحاد الأوروبي لمکافحة الإرهاب والتطرف وخاصة في مواجه جماعة داعش المتطرفة.

6- فقد الدور الذي تلعبه بريطانيا کأحد الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن وقيامها بدور المتحدث باسم أوروبا، حيث من المتوقع أن يذهب هذا الدور إلى فرنسا بعد أن خرجت بريطانيا.

7- زيادة أعداد المهاجرين واللاجئين من جانب فرنسا خاصة بعد وقف تنفيذ اتفاقية لو توکية Le Touquet مع فرنسا والتي تفرض قدراً من الرقابة على عدد من النقاط الحدودية.

8- ضعف الاتحاد الأوروبي بعد فقد قوة نووية ودولة صاحبة مقعد دائم في مجلس الأمن.

9- فقد بريطانيا لجزء من مکانتها العالمية وتأثيرها خارج نطاق حيزها الجغرافي.

10- توازن القوي وصناعة القرار داخل الاتحاد سيتوجه نحو ألمانيا.

توصيات:

1- تعتبر منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وخاصة مصر من أکثر الأنظمة السياسية والاقتصادية ملائمة لممارسة بريطانيا لدورها الخارجي، حيث تستطيع بريطانيا العودة لوضع العظمي کقوي دولية فاعلة من خلال التعاون من منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.

2- ستعمل بريطانيا على أعادة صياغة مساعداتها الإنسانية وربطها بتحقيق مصالح مباشرة للاقتصاد والأمن البريطاني.

3- ستحاول الدفع نحو تسوية الأوضاع السياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا عن طريق فتح قنوات للتعاون مع الأطراف الأقوى في مختلف الملفات.

4- تعد مصر من أقوي الدول في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا کما تعد بريطانيا المستثمر الأجنبي الأکبر في السوق المصرية، إذ يبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وبريطانيا يبلغ نحو 2 مليار جنيه إسترليني، في حين أن محفظة الاستثمارات البريطانية في مصر تقدر بنحو 5.4 مليار دولار، ويبلغ حجم الواردات المصرية من بريطانيا 1.147 مليار جنيه إسترليني في 2018، وعلى ذلک سيکون من المتوقع ترابط المصالح الاقتصادية المشترکة خلال الفترة القادمة.

References:

- Berden, K., J. Francois, S. Tamminen, M. Thelle and P. Wymenga (2019) ‘Non-Tariff Measures in EU-US Trade and Investment – An Economic Analysis’, Ecorys report prepared for the European Commission, P.P 55-78.

- Brexit and businesses: sectoral impact analysis - gov. scot January 2019

- Crafts, N. (2016) ‘The Growth Effects of EU Membership for the UK: A Review of the Evidence’, University of Warwick mimeo. Dhingra,

- Crescenzi, R. et al (2014) Innovation drivers, value chains and the geography of multinational corporations in Europe. Journal of Economic Geography, 14, pp. 1053-1086.

- Financial Stability Report and Record - July 2019 | Bank of England

- Goerzem, A. et al. (2013) Global cities and multinational enterprise location strategy. Journal of International business studies,44 (5), 427-450.

- Howarth, M. Persson, R. Ruparel and P. Swidlicki (2019) ‘What If..? The Consequences, Challenges and Opportunities facing Britain outside the EU’, London: Open Europe. Breinlich, H., S. P.P67-89

- Inflation Report - August 2019 | Bank of England

- Mike Hope, the economic impact of brexit on London, oct 2019

- Office for Budget Responsibility (Oct 2018), Discussion paper No.3, Brexit and the OBR’s forecasts

- S., H Huang, G Ottaviano, J Pessoa, T Sampson and J Van Reenen (2016) ‘The Costs and Benefits of Leaving the EU’, Centre for Economic Performance Technical Report.

- https://obr.uk/frr/fiscal-risks-report-july-2019/, Fiscal risks report - July 2019 - Office for Budget Responsibility

- https://www.ons.gov.uk/economy/nationalaccounts/supplyandusetables/datasets/inputoutputsupplyandusetablessummarytables,

- https://www.london.gov.uk/what-we-do/research-and-analysis/economic-analysis/economic-evidence-base-london-2016#acc-i-44541و, Chapter 5 of the Economic Evidence Base for London 2016 | London City Hall" report provides an economic evidence base to help inform and support strategy development for London"

- https:/www.economicshelp.org/blog, “Problams facing UK economy post brexit”,

المراجع العربية

- سلوى بن جديد" تداعيات خروج المملکة المتحدة من الاتحاد الأوروبي – مجلة السياسة الدولية – القاهرة عدد 206 أکتوبر 2016.

- محمد عله" الأثار الاقتصادية المترتبة على خروج بريطانيا من الاتحاد" مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية-الجزائر عدد 34 يونيو 2019.

- نوار جليل هاشم " خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دراسة في الأسباب والتداعيات" مجلة المستقبل العربي-بيروت-مرکز دراسات الوحدة العربية العدد 161 مجلد 40 سنة 2018.

- إيناس عبد الله " ما بعد البريکست هل تفقد لندن مکانتها المالية في العالم – بيروت مرکز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة مايو 2019.

- ريم عبد المجيد " بريطانيا وتحديات ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي" المرکز العربي للبحوث والدراسات القاهرة فبراير 2020.