استقلالية البنک المرکزى المصرى فى ظل القانون الجديد للبنک المرکزى والجهاز المصرفى رقم 194 لسنة 2020

نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة

المؤلف

معهد التخطيط القومى

المستخلص

تعد استقلالية البنوک المرکزية من الموضوعات التى تحظى بأهمية کبيرة فى الدراسات الاقتصادية، وذلک لأهمية الدور الذى تلعبه هذه البنوک فى مجال تحقيق الاستقرار فى الأسعار. وقد استهدفت هذه الدراسة محاولة تقييم درجة الاستقلالية التى يتمتع بها البنک المرکزى المصرى فى ظل القانون الجديد للبنک المرکزى والجهاز المصرفى رقم 194 لسنة 2020.
وفى سبيل تحقيق هذا الهدف، اتجهت الدراسة إلى استعراض الإطار النظرى الخاص بمفهوم استقلالية البنک المرکزى من خلال التفرقة بين المفاهيم المختلفة لتلک الاستقلالية، ثم تطورها خلال العقدين الأخيرين، بالإضافة إلى المؤشرات المختلفة التى تؤثر فى درجة الاستقلالية الممنوحة للبنوک المرکزية بصفة عامة. وقد أعقب ذلک تقييم لدرجة الاستقلالية –القانونية- للبنک المرکزى المصرى من خلال تطبيق تلک المؤشرات عليه.
وقد انتهت الدراسة إلى أن الإصلاحات التى تمت بالنسبة للإطار القانونى للنظام المصرفى المصرى، والتى تمت من خلال إصدار القانون رقم 194 لسنة 2020، کان لها تأثيراً إيجابياً على درجة الاستقلالية التى يتمتع بها البنک المرکزى المصرى. ولکن، يحتاج الأمر إلى المزيد من التعديلات لتعزيز تلک الاستقلالية وزيادة درجتها.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


مقدمة:

 يعد موضوع استقلالية البنوک المرکزية من الموضوعات التى تحظى بأهمية کبيرة فى الدراسات الاقتصادية، وذلک لأهمية الدور الذى تلعبه تلک البنوک فى مجال تحقيق الاستقرار النقدى والاقتصادى. ولقد شهدت العلاقة بين البنوک المرکزية والحکومات، منذ بداية ظهور تلک البنوک فى القرن السابع عشر حتى الوقت الحالى، العديد من التطورات.

 ففى الفترة السابقة على الحرب العالمية الأولى، ساد الاتجاه نحو الرغبة فى تقوية البنوک المرکزية، وتدعيم استقلالها، وعدم تدخل الحکومة فى أعمالها، نظراً لسيادة الفکر الاقتصادى الکلاسيکى، والذى يدعم فکرة الحد من الدور الاقتصادى للحکومات. وخلال هذه الفترة کان الهدف المتعلق بتحقيق الاستقرار فى الأسعار مضمون التحقق بفعل بفعل الارتباط بقاعدة الذهب، وهو ما يضع بدوره قيوداً على قرارات البنک المرکزى فيما يتعلق بالتوسع النقدى. ومن ثم، حافظت هذه القاعدة على استقرار الأسعار، وتحکمت فى معدلات التضخم.

 غير أنه نتيجة لتغير الظروف عقب تلک الحرب وتردى الاقتصاديات الرأسمالية فى رکود طويل خلال أزمة الکساد الکبير، وانهيار قاعدة الذهب، تغيرت العلاقة بين البنوک المرکزية والحکومات. فنتيجة للارتفاع الکبير الذى حدث فى معدلات البطالة، وما صاحبه من رکود النشاط الاقتصادى، اتجهت الحکومات إلى التدخل فى أعمال البنوک التجارية، وتأميم البعض منها، ونقل ملکيتها إلى الدولة. کما تزايدت الضغوط على تلک البنوک لتمويل العجز فى الموازنات العامة الناتج عن تلک الظروف، وزاد اقتراض الحکومات من بنوکها المرکزية، مما أثر بالسلب على استقلالية البنوک المرکزية (عبد المنعم وطلحة، 2019، ص1).

 وقد استمر هذا الاتجاه خلال السنوات الستينية من القرن الماضى فى ظل الاعتقاد فى وجود علاقة مفاضلة Trade off مستقرة وطويلة الأجل بين معدل البطالة ومعدل التضخم، والتى عرفت فى الأدب الاقتصادى بـ "منحنى فيليبس" والذى يعنى وجود مجموعة من التوليفات المختلفة البديلة بين البطالة والتضخم المتاحة أمام السلطات النقدية القائمة على أمر تحقيق الاستقرار الاقتصادى، والتى يمکنها الاختيار من بينها (Rees, 1970, p.227).

 وقد لاقى منحنى فيليبس هذا قبولاً واسعاً بين الاقتصاديين، واستندت إليه السياسة الاقتصادية للبلاد الغربية الکبرى نظراً لاعتبارهم أن البنوک المرکزية يمکنها تخفيض معدلات البطالة من خلال اتباعها لسياسات نقدية توسعية يکون من شأنها زيادة مستويات الناتج والتشغيل، حتى لو کان ذلک على حساب الارتفاع فى معدلات التضخم. غير أنه، مع نهاية السنوات الستينية، بدأت الشکوک تثور حول مدى صحة هذه المفاضلة التى يعبر عنها منحنى فيليبس، نظراً لأنه برغم زيادة معدلات التضخم، فإن معدلات البطالة ظلت على حالها.

 ثم جاءت السبعينيات، وأضفت على التضخم سمات وخصائص جديدة لم يستطع الفکر الکينزى تفسيرها، وهى ظاهرة تزامن البطالة والتضخم فيما يعرف بالتضخم الرکودى Stagflation وتحول التضخم إلى ظاهرة مزمنة تستعصى على الحل، ووقف الفکر الکينزى بأدواته التحليلية ومقترحاته العملية عاجزاً عن تقديم حلول لها.

 وفى ظل هذه الظروف، ومع ظهور مدرسة شيکاغو بزعامة "ميلتون فريدمان"، أصبح أنصار هذه المدرسة يشکلون قوة ذات نفوذ متزايد ليس فقط فى عالم الفکر والتحليل النقدى، وإنما أيضاً فى مجال تحديد السياسات الاقتصادية عموماً، والنقدية خصوصاً فى کل من الولايات المتحدة الأمريکية وبريطانيا. وقد نظر أنصار هذه المدرسة، والذين يدعون بالنقديين، إلى التضخم على أنه ظاهرة نقدية بحتة، والتى تجد مصدرها فى زيادة کمية النقود بمعدل أکبر من معدل نمو الإنتاج، وبينوا أن أساس مشکلة التضخم يکمن فى إفراط البنک المرکزى فى خلق النقود. وقد رفض أنصار هذه المدرسة السياسات المالية للحکومات التى تعمل على ضخ المزيد من النقود لدعم الطلب الکلى، والتى ينتج عنها –فى نظرهم- رفع معدل التضخم، وفى الوقت ذاته عودة معدل البطالة إلى "مستواه الطبيعى" (معتوق، 1987، ص172).

 وفى ظل هذه الظروف، عادت قضية استقلالية البنوک المرکزية للظهور، على أساس أنها تعمل على کبح توجه الحکومات نحو تمويل العجز فى موازناتها من خلال الاقتراض من البنوک المرکزية، لأن البنک المرکزى المستقل يمکنه رفض طلب الحکومة بالاقتراض منه لتمويل العجز عن طريق الإصدار النقدى.

 ومن هنا، اتجهت العديد من الدول (من بينها نيوزيلندا، وإيطاليا، والبرتغال، وکولومبيا، وکوريا، واليابان، وفرنسا، وإنجلترا، والسويد) خلال عقدى الثمانينيات والتسعينيات، نحو منح بنوکها المرکزية مزيداً من الاستقلالية، وذلک من خلال مراجعة وتعديل قوانينها بحيث تحد من دور الحکومة فى مجال وضع السياسة النقدية. وزراد بالتالى دور البنک المرکزى فى هذا المجال. وقد ساعد على هذا الاتجاه، معاهدة ماستريخت –المؤسسة للاتحاد الأوروبى- التى دخلت حيز التنفيذ فى عام 1993، والتى نصت على استقلال البنوک المرکزية للدول الأعضاء عن السلطات السياسية، وعن أية تدخلات أخرى يمکن أن تؤثر فى هدفها الأساسى المتمثل فى تحقيق الاستقرار فى المستوى العام للأسعار (Cargill, 2013, p.260).

 کذلک، من العوامل التى ساعدت على هذا الاتجاه تبنى صندوق النقد الدولى له واتجاهه إلى مطالبة الدول الراغبة فى الاقتراض منه بضرورة إعطاء بنوکها المرکزية الاستقلالية عن السلطات الحکومية. وقد استخدم الصندوق الأزمة الآسيوية عام 1997 لتشجيع هذا الاتجاه. يضاف إلى ذلک، أن الواقع أظهر أن البلاد التى منحت بنوکها استقلالية أکبر، کانت قادرة على أن تحقق معدلات منخفضة من التضخم مقارنة بنظيراتها التى أعطت بنوکها المرکزية استقلالية أقل (Debelle & Fisher, 1995, 196).

 وهکذا، وبالتدريج، نتيجة لکل هذه العوامل مجتمعة، نجد أن البنوک المرکزية فى مختلف أنحاء العالم قد حصلت على استقلاليتها، وأصبح هدفها النهائى هو تحقيق الاستقرار العام فى الأسعار. ولقد سايرت مصر هذا الاتجاه العالمى نحو تدعيم استقلالية البنوک المرکزية، کما قامت مؤخراً بإصدار القانون الخاص بالبنک المرکزى والجهاز المصرفى رقم 194 لسنة 2020 بقصد تدعيم الاستقلالية التى يتمتع بها البنک المرکزى المصرى.

فرضية الدراسة:

أدى إصدار القانون الجديد للبنک المرکزى المصرى والجهاز المصرفى رقم 194 لسنة 2020 إلى إضفاء المزيد من الاستقلالية على البنک المرکزى المصرى بما أضافه من بنود جديدة، وما قام بتعديله من بنود القانون السابق عليه (القانون رقم 88 لسنة 2003).

هدف الدراسة:

تستهدف الدراسة التحقق من صحة الفرضية، وذلک من خلال الإجابة على الأسئلة الآتية:

- ما هى المفاهيم الأساسية لاستقلالية البنوک المرکزية؟

- ما هى المؤشرات والدلالات –النظرية- لاستقلالية البنوک المرکزية؟

- هل أدى إصدار القانون الجديد للبنک المرکزى والجهاز المصرفى رقم 194 لسنة 2020 إلى إضفاء المزيد من الاستقلالية على البنک المرکزى المصرى، مقارنة بالقانون السابق عليه (القانون رقم 88 لسنة 2003)؟

منهجية الدراسة:

 تعتمد الدراسة على المنهج الاستقرائى فى استعراض الأدبيات المختلفة الخاصة بالمؤشرات –النظرية- لاستقلالية البنوک المرکزية بصفة عامة، وعلى الأسلوب التحليلى فى تحليل بنود القانون الجديد للبنک المرکزى والجهاز المصرفى رقم (194) لسنة 2020، لمعرفة مدى اتفاقها مع المؤشرات النظرية لاستقلالية البنوک المرکزية، ومعرفة الجديد الذى أتى به فى هذا الشأن.

حدود الدراسة:

 تقوم الدراسة بتحليل مدى انطباق المؤشرات القانونية لاستقلالية البنوک المرکزية على البنک المرکزى المصرى من خلال تحليل مواد القانون الجديد للبنک المرکزى رقم (194) لسنة 2020، ومدى تطابقها مع مؤشرات تلک الاستقلالية –النظرية-. ولکن الدراسة لا تتعرض للاستقلالية الفعلية نظراً لأن المدة التى انقضت بين إصدار هذا القانون وحتى الآن هى من القصر بحيث لا تسمح بتقدير مدى انطباق بنوده فى الواقع العملى، ومن ثم تحديد المدى الفعلى لاستقلالية البنک المرکزى المصرى فى ظله. أضف إلى ذلک، أن الاستقلالية الفعلية تعتمد على عوامل شخصية وتاريخية وسياسية مما يجعل من الصعب قياسها کمياً.

الدراسات السابقة:

 هنالک العديد من الدراسات التى قامت بتحليل مؤشرات ودلائل استقلالية البنوک المرکزية، ومحاولة قياسها، نذکر منها ما يلى:

• دراسة (Cukierman, Webb & Neyapti, 1992)، والتى قدمت تحليلاً شاملاً، ومفصلاً، وقياساً لاستقلالية البنک المرکزى بالتطبيق على عينة کبيرة من الدول بلغت 72 دولةً (منها 21 دولة صناعية، و51 دولة نامية)، مما يجعلها أکثر شمولاً مقارنة بغيرها من الدراسات التى اقتصرت على دراسة الاستقلالية فى البلاد المتقدمة فقط.

وقد ميزت الدراسة بين الاستقلالية التشريعية الممنوحة للبنک المرکزى المصرى من جانب التشريع، والاستقلالية الفعلية الملاحظة فى الواقع العملى، وقدمت عدة مقاييس يمکن الاعتماد عليها لقياسهما. کما قامت بتضمين مصر ضمن العينة المدروسة حيث قدمت قياساً لدرجة استقلالية البنک المرکزى المصرى التشريعية فى الفترة 1950-1989. وانتهت الدراسة إلى أن درجة الاستقلالية التشريعية للبنک المرکزى المصرى قد سجلت تفاوتاً طفيفاً خلال السبعينيات والثمانينيات.

• دراسة (سالمان، 2003)، والتى استهدفت تحليل استقلالية البنک المرکزى من خلال دراسة المقصود بالاستقلالية، ومبرراتها، وأشکالها، وکذا التفرقة بين استقلالية الأهداف واستقلالية الأدوات، بالإضافة إلى تحليل مؤشرات الاستقلالية.

ثم قامت الدراسة بتحليل الاستقلالية القانونية (التشريعية) للبنک المرکزى المصرى من خلال رسم صورة تقريبية عن مؤشر الاستقلالية له، وتقدير مدى قوة هذه الاستقلالية بالاعتماد على تشريعات البنک المرکزى السابقة على القانون رقم 88 لسنة 2003 (والذى کان مجرد مقترح فى وقت إجراء تلک الدراسة)، ومقارنتها بتلک المقترحة فى ظل هذا الأخير. واعتمدت تلک الدراسة فى إعداد هذا المؤشر دراسة (Jacome, 2001) لقياس تأثير استقلالية البنک المرکزى على خفض التضخم فى تجربة بلدان أمريکا اللاتينية.

• دراسة (عويس، 2003)، والتى استهدفت التعرف على مفهوم استقلالية البنک المرکزى ومدى تأثير تلک الاستقلالية على کفاءته فى إدارة السياسة النقدية، معبراً عنها بمدى نجاحه فى تحقيق استقرار الأسعار، وذلک بالتطبيق على البنک المرکزى المصرى. کذلک، قامت الدراسة بتحليل تطور درجة الاستقلالية التشريعية للبنک المرکزى المصرى منذ إنشائه وحتى عام 2003، مع الترکيز على مدى تأثير القانون رقم 88 لسنة 2003 على درجة الاستقلالية التى يتمتع بها البنک.

وقد توصلت الدراسة إلى وجود تأثير إيجابى لاستقلالية البنک المرکزى على تحقيق الاستقرار فى الأسعار، إذا ما توافرت البيئة الاقتصادية والسياسية والتشريعية والإدارية المناسبة لنجاح هذه الاستقلالية. وبالنسبة لحالة مصر، خلصت الدراسة إلى تدنى درجة الاستقلالية التشريعية للبنک المرکزى المصرى طوال تاريخه. کما أن القانون رقم 88 لسنة 2003 قد شابه الکثير من أوجه القصور بحيث لم ينجح فى إحداث تحسناً ملموساً فى درجة استقلالية هذا البنک.

• دراسة (معتوق، 2004)، والتى استهدفت تحليل أهمية تحقيق الاستقلالية للبنک المرکزى، ومؤشراتها، وتحليل تجارب بعض الدول (ألمانيا، والولايات المتحدة الأمريکية، وفرنسا)، ثم قامت بتطبيق تلک المؤشرات على البنک المرکزى المصرى للتعرف على مدى تمتعه بالاستقلالية فى أداء دوره فى ظل القانون رقم 88 لسنة 2003، والخاص بالبنک المرکزى والجهاز المصرفى والنقد، والذى استهدف بين أمور أخرى تحقيق الاستقلالية للبنک المرکزى المصرى. کما استعرضت الدراسة الجديد الذى جاء به القانون فى مجال تحقيق تلک الاستقلالية.

وانتهت الدراسة، فى ضوء المؤشرات النظرية التى تم استعراضها وتحليلها، وفى ضوء تجارب البلدان الأخرى السابق الإشارة إليها، إلى عدم تمتعه بالاستقلالية الکافية، وإن زاد مستوى تلک الاستقلالية فى ظل هذا القانون عنه فى ظل القوانين السابقة عليه. کما أشارت الدراسة إلى أن تحقيق الاستقلالية الکاملة للبنک المرکزى المصرى يتطلب توافر إطار قانونى محکم يحدد بدقة طبيعة العلاقة المؤسسية بينه وبين الحکومة، والأهداف المحددة الموکل إليه تحقيقها، بالإضافة إلى بيان الحدود المفروضة على تمويل النفقات الحکومية.

• دراسة (قناوى، 2005)، والتى سعت للتعرف على دور البنک المرکزى المصرى فى تحديد السياسة النقدية، مع بيان أهمية قضية الاستقلالية للبنک المرکزى، بالإضافة إلى تحديد أهم المؤشرات الأساسية التى تساعد فى الحکم على مدى استقلالية البنک من عدمه. کما سعت الدراسة لتحديد العلاقة بين کل من السياسة النقدية والمالية، ومدى تأثير ذلک على استقلالية البنک المرکزى.

وقد تضمنت الدراسة تحليلاً لنصوص القانون رقم 88 لعام 2003، والمتعلقة بالاستقلالية، وانتهت إلى عدم تمتع البنک المرکزى المصرى فى ظل هذا القانون بالاستقلالية الکافية نتيجة لعدم منحه صلاحيات وضع وتحديد السياسة النقدية بشکل مستقل، واقتصار مهمته على تنظيم تلک السياسة والإشراف على تنفيذها.

• دراسة (Farrag & Kamaly, 2007)، والتى استهدفت التوصل إلى مدى التباين بين درجة کل من الاستقلالية التشريعية والفعلية. وقد بينت الدراسة أن قانون البنک المرکزى المصرى رقم 88 لسنة 2003 قد منح البنک المرکزى درجة متواضعة من الاستقلالية، وذلک مقارنة ببعض الاقتصاديات النامية التى بدأت حديثاً فى إصلاح قوانين بنوکها المرکزية مستهدفة تحقيق درجة أعلى من الاستقلالية لتلک البنوک (مثل بيرو والأرجنتين). کما أوضحت الدراسة أن الإطار القانونى للبنک المرکزى المصرى يحتاج لتعديلات جوهرية لضمان استقلالية هذا الأخير.

وقد خلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات التى جاء على رأسها، ضرورة منع البنک المرکزى من منح قروض مباشرة للحکومة (حتى لو کانت داخل حدود معينة)، وإيجاد آلية –واضحة وصريحة- لحل المنازعات التى يمکن أن تنشأ بين البنک المرکزى والحکومة، وکذا ضرورة أن تکون السياسة النقدية بمثابة الهدف النهائى (والمسئولية الأساسية) للبنک المرکزى المصرى إذا ما أريد تحقيق الاستقرار فى الأسعار، والحد من التواجد الحکومى فى مجلس إدارة البنک المرکزى المصرى لمنحه الصلاحيات الکافية لتحقيق هدفه النهائى والخاص بتحقيق الاستقرار فى الأسعار.

• دراسة (Atef, 2018)، والتى استهدفت تقييم مدى استقلالية البنک المرکزى المصرى خلال الفترة من عام 1993 وحتى عام 2017. وانتهت الدراسة إلى أنه على الرغم من حدوث طفرة ملحوظة فى درجة استقلاليته خلال الفترة محل الدراسة، إلا أنه مازالت هناک بعض التحديات القانونية والمؤسسية التى ينبغى مواجهتها من أجل تعزيز هذه الاستقلالية. وتتمثل أبرز تلک التحديات فى التراخى النسبى فى القيود الخاصة بتمويل العجز الحکومى، وغياب القواعد القانونية التى من شأنها حماية کل من المحافظ وأعضاء مجلس الإدارة من امکانية الفصل التعسفى، بالإضافة إلى تکليف البنک المرکزى المصرى بالعديد من المهام والمجالات الخارجة عن نطاق اختصاصاته التشريعية.

• دراسة (العيسوى، 2020)، والتى ناقشت مفهوم استقلالية البنک المرکزى، وأسباب ظهوره، ومعايير الحکم على مدى تحققه. وتعرضت للأساس النظرى والسند التطبيقى للتوجه نحو تحقيق هذا الاستقلال، بالإضافة إلى العوامل المحددة للاستقلال الفعلى والتى قد تجعله مختلفاً عن الاستقلال القانونى. کما تعرضت الدراسة لوضع البنک المرکزى المصرى ومدى تمتعه بالاستقلالية من الناحيتين، القانونية والفعلية، فى ظل القانون رقم 88 لسنة 2003.

وقد خلصت الدراسة إلى غياب الاستقلالية الفعلية. کما انتهت إلى إبراز الحاجة إلى توافر منظور تنموى لوظيفة البنک المرکزى ودوره الذى ينبغى أن يأخذ فى الاعتبار توسيع أهداف السياسة النقدية –لتشمل أهدافاً تنموية ولا سيما النمو الاقتصادى والتوظف- وتکاملها مع أهداف السياسات المالية والاجتماعية، بالإضافة إلى توفير الضمانات التى يستلزمها تأمين وحماية استقلالية هذا البنک.

ويتضح من هذه الدراسات السابقة انخفاض درجة استقلالية البنک المرکزى المصرى، التى تتيحها له القوانين السابقة وآخرها القانون رقم 88 لسنة 2003. ومع صدور القانون الجديد للبنک المرکزى والجهاز المصرفى رقم 194 لسنة 2020 ظهرت الحاجة إلى تحليل ما اشتمل عليه من نصوص، ومعرفة دوره فى زيادة الاستقلالية التى يتمتع بها البنک المرکزى المصرى من خلال ما قام بتعديله من نصوص وما أضافه من نصوص جديدة. وبناء على ذلک، سوف تقسم الدراسة إلى الأجزاء التالية:

1- تعريف الاستقلالية والمفاهيم المختلفة لها.

2- مؤشرات استقلالية البنوک المرکزية.

3- مؤشرات استقلالية البنک المرکزى المصرى فى ظل القانون رقم 194 لسنة 2020 بإصدار قانون البنک المرکزى والجهاز المصرفى.

وتختتم الدراسة بخاتمة تتضمن نتائج الدراسة وتوصياتها.

1- تعريف الاستقلالية والمفاهيم المختلفة لها:

إن مفهوم استقلالية البنک المرکزى يتضمن العديد من الأبعاد بحيث يصعب قياسها کمياً. وفى الواقع، لا يمکن القول بوجود تعريف موحد لتلک الاستقلالية، حيث بذلت العديد من من المحاولات –التى نجدها فى الأدب المتعلق بالسياسة النقدية- بغرض التوصل لمفهوم محدد لها.

فقد عرفها (Cukierman et al., 1992) على أنها تتمثل فى "منح البنـک المرکـــزى السلطـــات اللازمـــة لتحقيــــق الهدف الخــــاص بالمحافظة على استقرار الأسعار، حتى لو تعارض هذا الهدف مع الأهداف الأخرى للحکومة. بمعنى آخر، تعنى الاستقلالية جعل البنک المرکزى بمثابة الجهة التى لديها الصلاحية الکافية للمحافظة على استقرار الأسعار (Eijffinger, Hoeberichts & Schaling, 1998, p.2).

کما عرفها (Blinder, 1999) على أنها تتضمن "حرية البنک المرکزى فى تحديد کيفية تحقيق أهدافه، وأن تکون قراراته، فى هذا المجال، غير قابلة للتعديل أو التغيير من جانب الجهات الأخرى. ومن ثم، فوفقاً لهذا التعريف، فإن کون البنک المرکزى مستقلاً لا يتضمن أن يکون لديه الحق فى تحديد أهدافه، وإنما مجرد تحديد کيفية استخدام الأدوات المتاحة له بهدف تحقيق الأهداف المحددة من جانب السياسيين المنتخبين (أى استقلالية الأدوات وليس استقلالية الأهداف).

وعلى الجانب الآخر، يرى البعض أن الاستقلالية تتضمن تعيين الأشخاص المکلفين بصناعة القرار فى مجال السياسة النقدية المستقلين إلى درجة کبيرة عن تحکم الجهات المنتخبة وإعطائهم السلطات التى تمکنهم من مقاومة الطلبات الخاصة بالتمويل التضخمى (White, 1999, p.217).

ويقدم (Cukierman, 1994) تفسيراً أکثر وضوحاً لاستقلالية البنک المرکزى حيث يرى أنها تعنى منح البنک المرکزى قدراً أکبر من السلطة وتوجيهه للترکيز بصفة خاصة على هدف تحقيق الاستقرار فى الأسعار، ولو کان ذلک على حساب التغاضى عن أهداف أخرى مثل رفع مستوى التشغيل، وتحقيق معدلات مرتفعة من النمو، والمحافظة على معدلات منخفضة للفائدة، وتقليص العجز فى الموازنة العامة للدولة.

عموماً، يتطلب الفهم الأوضح للاستقلالية، التمييز بين الأنواع المختلفة لها على النحو التالى:

أولاً: الاستقلالية السياسية والاستقلالية الاقتصادية:

وتعکس الاستقلالية السياسية غياب تدخل السلطة التنفيذية فى القرارات المتخذة من جانب البنک المرکزى، خاصة فيما يتعلق بأهداف السياسة النقدية، وانخفاض سيطرة تلک السلطات التنفيذية على التعيينات داخل مجلس إدارة البنک المرکزى، وعدم إمکانية إعفائهم من مناصبهم، ومستوى التمثيل الحکومى فى مجلس إدارة البنک المرکزى، والجهة التى تتولى مساءلة ومحاسبة المسئولين عن السياسة النقدية، وغير ذلک من المؤشرات التى سنتعرض لها بالتفصيل فيما بعد.

أما الاستقلالية الاقتصادية، فيقصد بها استقلال البنک المرکزى بإدارة السياسة النقدية دون تدخل الحکومة. ويتجلى هذا النوع من الاستقلالية فى مظهرين أساسيين. يتمثل الأول فى الحدود المفروضة على تمويل الحکومة من قبل البنک المرکزى، ومدى تمتع هذا الأخير بالحرية فى صياغة السياسة النقدية، وتحديدها، وکذا فى استخدام أدوات تلک السياسة لتحقيق الهدف الخاص باستقرار الأسعار.

وقد ينظر البعض إلى عدم الاستقلال السياسى للبنک المرکزى على أنه أکثر خطورة من عدم الاستقلال الاقتصادى له، حيث أن تدخل السلطة السياسية فى اختصاصات البنک المرکزى يعوق انفراده باتخاذ قراراته المتعلقة بصناعة السياسة النقدية برمتها. هذا فى حين أن عدم الاستقلال الاقتصادى يؤدى إلى التدخل فى اختصاصات البنک المرکزى فيما يتعلق بقدرته على استخدام بعض أدوات السياسة النقدية (التلبانى، 2019، ص20).

ثانياً: استقلالية الأهداف واستقلالية الأدوات:

يقصد باستقلالية الأهداف أن يکون البنک المرکزى مستقلاً فى تحديد وصياغة أهدافه النهائية، أى أن يحدد البنک المرکزى أهداف السياسة النقدية التى يسعى لتحقيقها دون تدخل من جانب الحکومة (Fisher, 1995, p.3; Eijffinger, Hoeberichts & Schalling, 1998, p.2; Fisher, 2015, p.3).

أما استقلالية الأدوات فتعنى حرية البنک المرکزى فى اختيار وتصميم وتطبيق ما هو ملائم لسياسته مما هو متاح من أدوات (مثل سعر الخصم، ونسبة الاحتياطيات، وغير ذلک). وبناء على ذلک، فإن تحديد الحکومة للأسقف على سعر الفائدة أو توجيه الائتمان وحريتها فى الاقتراض من البنک المرکزى تدل جميعها على غياب استقلالية الأدوات (سالمان، 2003، ص4).

ثالثاً: الاستقلالية القانونية والاستقلالية الفعلية:

تمثل الاستقلالية القانونية الأسس التى تحکم استقلالية البنوک المرکزية وفقاً لما هو منصوص عليه فى القوانين المنظمة لعمل البنوک المرکزية. أما الاستقلالية الفعلية، فتتحدد وفق الواقع العملى، وما يمارسه البنک المرکزى فعلياً من صلاحيات فيما يتعلق بإدارة السياسة النقدية، وبما يعکس مدى استقلاليته فعلاً عن الحکومة، وإلى أى مدى يتبنى البنک سياسة نقدية مستقلة وبحيث ينطبق ما ذکر فى قانون هذا البنک مع استقلاليته على أرض الواقع (عبد المنعم وطلحة، 2019، ص2).

ومعنى ذلک، أن الاستقلالية الفعلية لا تعتمد على الجوانب القانونية فقط، بل تعتمد على عوامل شخصية وسياسية وتاريخية، ويصعب قياسها کمياً. وهو الأمر الذى يزيد من صعوبة تحديد المدى الفعلى لاستقلالية البنک المرکزى بشکل دقيق.

کذلک، فإن استکمال ما قد يوجد من أوجه قصور فى الاستقلالية القانونية (أو التشريعية) لا يتضمن بالضرورة زيادة درجة الاستقلالية الفعلية للبنک المرکزى (شندى، 2017، ص14). فالاستقلالية القانونية المبينة فى التشريعات الخاصة بالبنوک المرکزية يجب أن تطبق على أرض الواقع حتى تتحول إلى استقلالية فعلية. وهکذا، فإن الإطار القانونى للاستقلالية ماهو إلا ضمان جزئى للاستقلالية الفعلية (يحياوى ومعمرى، 2016، ص112).

ومن هنا، يمکن القول بأن الاستقلالية القانونية تعد شرطاً ضرورياً، ولکنه ليس کافياً لضمان الاستقلالية الفعلية. کما أن فعالية الاستقلالية القانونية فى تحقيق الاستقلالية الفعلية للبنک المرکزى تتوقف بدرجة کبيرة على مدى احترام القانون وتطبيقه.

هکذا، وبعد التمييز بين الأنواع المختلفة من الاستقلالية –کما يراها الاقتصاديون المختصون بدراسة استقلالية البنوک المرکزية ومعاييرها ومؤشراتها- نخلص إلى أن هذه الاستقلالية تعنى أن تکون قرارات البنک المرکزى فيما يختص بالسياسة النقدية من اختصاصه وحده، وأن يتولى تحديد وصياغة تلک السياسة بمفرده، ودون التدخل من الجهات الحکومية. کذلک، أن يکون مفوضاً وحده بالعمل على حماية قيمة العملة المحلية، وتحقيق استقرار الأسعار، وأن يتمتع أيضاً المسئولون الرسميون فى البنوک المرکزية بالاستقلالية فيما يختص بتعيينهم وعدم إقالتهم قبل انتهاء المدة المحددة لهم، بالإضافة إلى أن يتمتع البنک بالاستقلال المالى (معتوق، 2014، ص3).

إن استکمال مفهوم استقلالية البنوک المرکزية يتطلب إضافة الملاحظات التالية:

• إن تعبير "استقلالية" لا يقصد منه الانفصال التام بين الحکومة والبنک المرکزى، نظراً لأن هذا الأخير ليس سوى مؤسسة تعمل ضمن الإطار المؤسسى للدولة. أضف إلى ذلک، أن السياسة النقدية التى يقوم البنک المرکزى بإدارتها هى إحدى السياسات الاقتصادية. وإنما المقصود بتلک "الاستقلالية" أن تکون قرارات البنک المرکزى، خاصة فيما يتعلق بالسياسة النقدية، مستقلة ومتسقة لدرجة کبيرة مع السياسة الاقتصادية للدولة (حشاد، 1994).

• الاستقلالية تعنى حرية البنک المرکزى فى إدارة السياسة النقدية دون الخضوع للاعتبارات أو التدخلات السياسية من قبل الحکومة. ويتم ذلک من خلال منحه حرية التصرف فى صياغة وتنفيذ سياسته النقدية. وهى بهذا المعنى لا تعنى الانفصال التام بين البنک المرکزى والحکومة، وإنما يکون هنالک تنسيقاً بينهما فيما يتعلق بالأهداف الاقتصادية وتحديدها (الجبورى، 2011، ص73).

• ليس المقصود من استقلالية البنک المرکزى الانعزال التام للسياسة النقدية عن السياسة الاقتصادية العامة للدولة، بل لابد من التنسيق بين السياسة النقدية وباقى السياسات التى تتبناها الدولة. فعند وضع البنک المرکزى للسياسة النقدية لابد وأن يأخذ فى اعتباره عدة أمور، کأهداف التنمية الاقتصادية، وحالة ميزان المدفوعات، وسوق الصرف الأجنبى، وحجم السيولة لدى البنوک، ودرجة تطور سوق المال (الرفاعى، 2003، ص10).

• تتضمن استقلالية البنک المرکزى استقلال السياسة النقدية للدولة عن السياسة المالية، بحيث تکون السياسة النقدية سياسة مستقلة بذاتها، يتم تحديد الأهداف والأدوات الخاصة بها بشکل مستقل، وليست سياسة تابعة للسياسة المالية يتم وضعها وتصميمها تبعا لأهداف السياسة المالية.

• إن استقلالية البنوک المرکزية ليست غاية فى حد ذاتها، بل هى مجرد وسيلة تضمن للبنوک المرکزية أداء وظائفها بعيداً عن تدخلات وضغوط السلطات التنفيذية والسياسية، وجماعات الضغط والمصالح فى المجتمع (التلبانى، 2019، ص16).

2- مؤشرات استقلالية البنوک المرکزية:

هناک مجموعة من المؤشرات والمعايير التى يمکن من خلالها تقدير درجة استقلالية أى بنک مرکزى. وتنقسم هذه المؤشرات إلى مؤشرات سياسية ومؤشرات اقتصادية.

2-1- المؤشرات السياسية:

تتضمن مجموعة المؤشرات السياسية ما يلى:

2-1-1- السلطة الموکل إليها تعيين المحافظ وأعضاء مجلس الإدارة، وإقالتهم:

ويقصد بها الجهة المخول لها تعيين محافظ البنک المرکزى وأعضاء مجلس الإدارة، وتحديد مدة خدمتهم، ومدى قابلية هذه المدة للتجديد، وإمکانية إقالتهم، وغيرها من الإجراءات التى تتعلق بمحافظ البنک المرکزى (وکذلک أعضاء مجلس إدارته).

• ففيما يتعلق بالتعيين، تتعدد صور صلاحيات تعيين المسئولين عن إدارة البنک المرکزى. فقد تسند تلک الصلاحيات إلى الحکومات أو إلى مجلس إدارة البنک المرکزى أو إلى مجلس النواب (السلطة التشريعية)، للتأکد من أن الاختيارات فى هذا المجال تستند إلى أسس موضوعية تراعى تجنب أى تأثير محتمل من جانب الحکومة (Grilli, Masciandaro & Tabellini, 1991; Cukierman et al., 1992).

وجدير بالذکر، أن الدول التى تتمتع بنوکها المرکزية بدرجة أکبر من الاستقلالية تخضع سلطات الحکومة فى مجال هذا التعيين لقيود أکثر مثل ضرورة وجود نسبة معينة من التعيينات لا تتولاها الحکومة، أو تحديد مدة البقاء فى المنصب بحيث تکون طويلة نسبياً مقارنة بالدورة الانتخابية، وذلک للتقليل من تأثير الحکومة على مجلس إدارة البنک المرکزى.

• وفيما يتعلق بفترة البقاء فى المنصب، فبصفة عامة، کلما طالت المدة القانونية لبقاء محافظ البنک المرکزى وأعضاء مجلس الإدارة فى مناصبهم، يکون البنک المرکزى أکثر استقلالية. وتختلف الدول فى هذا الشأن وفى مدى خضوع الحکومة للقيود فى مجال التعيين.

ففى حالة مجلس إدارة الاحتياطى الفيدرالى، والمکون من سبعة أعضاء، يعين عضو مجلس الإدارة بترشيح من الرئيس الأمريکى وموافقة الکونجرس لمدة 14 عاماً غير قابلة للتجديد. وهى تعد مدة طويلة يمکن أن يتغير خلالها رئيس الجمهورية والکونجرس مرة أو أکثر، والهدف منها أن تشکل ضمانة لجعل المجلس بمنأى عن التأثير السياسى للحکومة والکونجرس. ويعين رئيس المجلس ونوابه من بين أعضائه بترشيح من الرئيس الأمريکى، وموافقة الکونجرس لمدة أربعة أعوام قابلة للتجديد (العيسوى، 2020، ص27).

وفى ألمانيا، يعين محافظ البوندزبنک، ونائبه، وأعضاء مجلس إدارة البنک المرکزى، بناءً على ترشيح من جانب الحکومة الفيدرالية بعد أخذ موافقة رئيس الجمهورية الفيدرالية على تعيينهم، ويشغلون مناصبهم عادة لمدة ثمانى سنوات. وفى سويسرا، يعين مجلس المحافظين، والذى يتکون من المحافظ واثنين من النواب من قبل المجلس الفيدرالى لمدة ستة سنوات قابلة للتجديد (بن عيشى، 2009، ص69). وبصفة عامة، فإنه بالنسبة لنظام البنوک المرکزية الأوروبية، ينص البروتوکول على ألا تقل مدة ولاية المحافظ عن خمس سنوات، دون تحديد السلطة القائمة بالتعيين، تارکة ذلک للتشريعات الوطنية.

• أما فيما يتعلق بالسلطات الممنوحة للحکومة فى مجال إقالة محافظى البنوک المرکزية وأعضاء مجالس إداراتها، فمن المعروف أن تلک السلطات تمثل وسائل للتأثير على البنوک. فإذا کان للحکومة سلطة تقديرية فيما يتعلق بإقالة محافظ البنک المرکزى وأعضاء مجلس إدارته، فسوف يفقد البنک المرکزى فى هذه الحالة استقلاله، ويکون تابعاً للحکومة ومنفذاً لتعليماتها. أما إذا کانت إجراءات هذه الإقالة محددة فى القانون، فسوف يکون البنک المرکزى حينئذ متمتعاً بالاستقلال السياسى عن الحکومة.

وبصفة عامة، ينبغى أن تکون الإقالة (العزل) مستندة إلى معايير محددة مثل حدوث مخالفات جسيمة. کما ينبغى أن يتم التعامل معها من خلال القنوات القانونية، ووفقاً للخصائص المحددة الخاصة بکل دولة. فيمکن أن تتم عن طريق محکمة مختصة تعين من جانب المشرع أو عن طريق المحکمة العليا بموافقة البرلمان (Wessels, 2006, p.237). وتحدد التشريعات فى بعض الدول الظروف التى يتم فيها إقالة محافظ البنک المرکزى وأعضاء مجلس الإدارة، والتى تتمثل فى الغالب فى ارتکاب أفعال مخلة بالشرف أو الفشل فى أداء المهام الموکلة إليهم أو الإهمال الجسيم فى أداء الوظيفة (التلبانى، 2019، ص50).

وتختلف آلية الإقالة من دولة لأخرى. ففى ألمانيا، والولايات المتحدة، وسويسرا لا يوجد نص خاص بذلک. أما نيوزيلندا، فإنها تقدم نموذجاً فريداً للعلاقة التعاقدية بين محافظ البنک المرکزى وبين الحکومة (ممثلة فى وزير المالية). فبقاء المحافظ مرهون بمدى تحقيقه للهدف المتفق عليه مع وزير المالية، والذى يمکن أن يقيله حتى لو قبل انتهاء مدة ولايته (الفولى وعوض الله، 2003، ص290). أما النسبة لنظام البنوک المرکزية الأوروبية، فلا يمکن عزل المحافظ، وإنما يترک هذا الأخير مکانه إذا لم تعد تتوافر فيه الشروط اللازمة لأداء واجباته، أو إذا ثبتت إدانته بسلوک مشين (بن عيشى، 2009، ص70).

2-1-2- التمثيل الحکومى فى مجلس إدارة البنک المرکزى:

إن تکوين مجلس إدارة البنک المرکزى ينبغى أن يعکس المهام والوظائف الموکله إليه من جانب القانون. کما ينبغى أن يقى البنک من التدخلات السياسية غير المرغوب فيها، والتى قد تؤدى إلى "تسييس" عملية صناعة القرار (Wessels, 2006).

وتختلف درجة استقلالية البنوک المرکزية وفقاً لعدد أعضاء مجلس الإدارة الذين يمثلون الحکومة. فکلما زاد عدد هؤلاء الأعضاء، کلما کان البنک المرکزى تابعاً للحکومة، ويصبح مجلس إدارته بمثابة قناة تمارس الحکومة من خلالها تأثيرها وبصورة مباشرة على قرارات البنک المرکزى. وکلما انخفضت نسبة هؤلاء الأعضاء، کلما کان هذا البنک أکثر استقلالاً (البياتى وسعيد، 2018).

کذلک، کلما کانت صلاحيات الأعضاء الممثلين للحکومة فى هذا المجلس واسعة، کلما کان البنک المرکزى تابعاً للحکومة، والعکس صحيح. فإذا کان هؤلاء الأعضاء يقتصر دورهم على المشارکة فى المناقشات دون أن يکون لهم حق التصويت على القرارات أو مشارکتهم کمراقبين فقط أو لا تکون لهم نسبة تصويت مؤثرة، فإن البنک فى هذه الحالة يعد مستقلاً وبعيداً عن سيطرة الحکومة على مجلس إدارته من خلال ممثليها (التلبانى، 2019، ص51).

2-1-3- الجهة المنوط بها محاسبة البنک المرکزى عن السياسة النقدية:

تشير الدراسات المتعلقة باستقلالية البنوک المرکزية إلى أن هذه البنوک لا تعمل فى فراغ، فهى کمؤسسـات عامة ينبغى أن تکون موضع مساءلـة ملائمـة من المشرعيـــــن ومن المجتمـــــع أيضاً (آدريان وخان، 2019). ولا يتعارض مبدأ استقلالية البنک المرکزى مع مبدأ مسئولية هذا البنک عن نتائج سياساته. فمن الضرورى التأکد من تحقيقه للأهداف المنوط به تحقيقها حتى مع تمتعه بأعلى درجات الاستقلالية Dincer & Eichengreen, 2009, 2014))، ذلک لأن خضوع البنک المرکزى للمساءلة يدعم من المصداقية الخاصة بالسياسة النقدية، ويجعله يوجه موارده بطريقة حذرة ودون أية ضغوط خارجية. وجدير بالذکر، أن المسئولين عن السياسة النقدية يمکن محاسبتهم أمام السلطة التنفيذية أو التشريعية أو کلتيهما. کما يمکن محاسبتهم أمام الرأى العام وحده، وذلک من خلال نشر تقارير دورية فيما يتعلق بالسياسة النقدية، بالإضافة إلى محاضر الاجتماعات والتقارير المالية للمراجعين الخارجيين المستقلين، وذلک بطريقة دورية مما يسهل رقابة الرأى العام –بصفة مباشرة- عليهم (Jacome, 2001).

ومن هنا، تصبح الشفافية عنصراً رئيسياً فى مجال المساءلة المجتمعية. وبناء عليه، تبرز أهمية أن تلتزم تلک البنوک بالمعايير الدولية فى نشر المعلومات. فالشفافية تعد عنصراً حيوياً يسمح للبنوک المرکزية المستقلة بإثبات فعاليتها ومسئوليتها أمام الجمهور العام (آدريان وخان، 2019).

2-1-4- الاستقلال المالى للبنک المرکزى:

يعکس الاستقلال المالى للبنک المرکزى استقلاله فيما يخص موارده المالية والدخول الخاصة به، واستقلاله فيما يتعلق باعتماد ميزانية دون الرجوع للسلطات الحکومية، وکذا انفصال ميزانيته عن ميزانية الدولة. وتبرز أهمية هذا الاستقلال المالى فى أنه يمنع تأثير الحکومة على البنک المرکزى. فاشتراط الحصول على موافقة مسبقة من الحکومة على الميزانية الخاصة به، قد يستخدم کوسيلة ضغط غير مباشرة تلجأ إليها الحکومة للتأثير عليه وعلى قراراته، وذلک عن طريق الحد من قدرته على الحصول على ما يلزمه من موارد مالية فى حالة عدم تنفيذه لطلباتها. ومن ثم، فإن هذا الاشتراط يعد بمثابة مؤشر ودليل على انخفاض درجة الاستقلالية التى يتمتع بها البنک المرکزى (Castello-Branco & Swinburne, 1992 ; Stella, 2002).

وتعد الأرباح أهم مصادر الدخل للبنک المرکزى، ومن المنطقى أن يتم تحويلها للمالک الرئيسى، وهو الحکومة. ولکن عادة يتم تجنيب نسبة من تلک الأرباح لزيادة الاحتياطيات لدى البنک، والباقى يتم تحويله إلى الخزانة العامة (Jacome, 2001).

2-2- المؤشرات الاقتصادية:

ويقصد بها تلک المؤشرات التى تتعلق بإدارة البنک المرکزى للسياسة النقدية، خاصة فيما يتعلق بالسلطة الممنوحة فى تحديد أهدافها وأدواتها، بالإضافة إلى الإمکانية المتاحة للحکومة للاقتراض منه.

2-2-1- الأهداف المسند إلى البنک المرکزى تحقيقها:

تظهر الدراسات التى تناولت استقلالية البنوک المرکزية أنها تتمتع باستقلالية أکبر حينما يوکل إليها تحقيق هدف واحد محدد -هو تحقيق الاستقرار فى الأسعار-، أو عدد محدد من الأهداف، بشرط ألا تتعارض مع الهدف الرئيسى. وعلى العکس من ذلک، فإن إسناد عدد کبير من المهام إلى البنوک المرکزية يضعف من الاستقلالية التى تتمتع بها فى إدارتها للسياسة النقدية ((Issing, 2006.

أضف إلى ذلک، إن حصول البنک المرکزى على تفويض محدد خاص بتحقيق هدف واحد أو عدد محدود من الأهداف ذات الأولوية، والتى ينص عليها فى قانونه، يساعد فى تقييم انجازه وجعله ذو مصداقية. فعلى سبيل المثال، نجد أن البوندز بنک –وهو أکثر البنوک المرکزية استقلالاً فى العالم- يدير السياسة النقدية بهدف أساسى، هو حماية العملة الوطنية. وفى سويسرا، يستخدم البنک المرکزى کافة الأدوات المتاحة لتأمين الاستقرار فى الأسعار، ونجد ذات الوضع فى نيوزيلندا. أما النظام الأوروبى للبنوک المرکزية، فينص صراحة على أن الهدف الرئيسى الذى يجب على البنوک المرکزية أن تسعى لتحقيقه، هو المحافظة على استقرار المستوى العام للأسعار (بن عيشى، 2009، ص71).

2-2-2- مدى السلطة القانونية الممنوحة للبنک المرکزى بالنسبة لوضع وتحديد السياسة النقدية Goal independence:

تختلف الجهة الموکل إليها وضع وتحديد السياسة النقدية وفقاً لدرجة الاستقلالية التى يتمتع بها البنک المرکزى. فالبنک المرکزى الذى لديه سلطة واسعة فى مجال وضع السياسة النقدية وتحديدها وفقاً للصلاحيات التى منحها له القانون، ودون تدخل من جانب الحکومة، يکون أکثر استقلالية. أما حينما تحدد السياسة النقدية من جانب الحکومة ويقتصر دور البنک المرکزى على تنفيذها، يکون البنک المرکزى غير متمتع بالاستقلالية، بل يعد تابعاً للحکومة، ينفذ تعليماتها، ويسير وفقاً لتوجيهاتها، شأنه فى ذلک شأن أى جهاز من أجهزة الدولة (العياش، 1998).

وجدير بالذکر، أن البنک المرکزى –بغض النظر عن درجة استقلاليته- لا يعمل فى فراغ، وإنما يجب أن يأخذ فى اعتباره، حين يقوم بتحديد أهدافه، الخطوط العريضة للسياسة الاقتصادية التى تحددها الحکومة. ومن ثم، يمکن القول بأن الحرية التى يتمتع بها فى مجال وضع السياسة النقدية لا تنفى ضرورة التشاور بينه وبين الحکومة عند وضع سياسته النقدية، ولکن المهم أن الحکومة لا تملک أن تفرض عليه أى سياسة. کذلک، لا تعتبر موافقة الحکومة شرطاً لتطبيق سياسة نقدية معينة، ويکون القرار النهائى للبنک المرکزى فى حالة وجود خلاف بينه وبين الحکومة (بن عيشى، 2009، ص67).

2-2-3- حرية البنک المرکزى فى استخدام أدوات السياسة النقدية (استقلالية الأدوات Instrument independence):

يقصد بالاستقلالية فى استخدام الأدوات، حرية البنک المرکزى فى أن يحدد الأدوات الخاصة بالسياسة النقدية، والتى تمکنه من تحقيق أهداف تلک السياسة. ويضعف من تلک الاستقلالية عدم استطاعة البنک المرکزى استخدام أدوات السياسة النقدية التى يراها مناسبة، دون الحصول على موافقة الحکومة.

وتبدو أهمية ذلک النوع من الاستقلالية فى أنها تحمى السياسة النقدية التى يتبعها البنک المرکزى من التأثر بالضغوط السياسية التى تستهدف المقايضة trade off بين التضخم والبطالة، وتمثل حماية ضد التحيز التضخمى inflation bias للحکومة. ففى الفترة التى تسبق الانتخابات تتبنى الحکومات سياسات نقدية توسعية بهدف إحداث رواج اقتصادى، والتى تؤدى إلى تحيز تضخمى –أى أن تؤدى السياسة النقدية المتبعة إلى ارتفاع معدلات التضخم لمعدلات أعلى من المعدلات المثلى للتضخم-(Rogoff, 1985, p.1187; Castello-Bronco & Swinburne, 1992, p.19; Alesina & Summers, 1993, p.152).

وجدير بالذکر أن هنالک تفاوتاً فى مدى حرية البنوک المرکزية فى البلاد المختلفة فى استخدام تلک الأدوات، حيث يتمتع البعض منها بحرية کبيرة فى هذا المجال، فى حين يتطلب الأمر فى البعض الآخر ضرورة الحصول على موافقة الحکومة فى حالة الرغبة فى تغيير البعض منها (مثل تغيير متطلبات الاحتياطى القانونى على سبيل المثال) (معتوق، 2004، ص11).

2-2-4- مدى التزام البنوک المرکزية بتمويل الحکومة:

يعد وضع حدود على تمويل الحکومة من المؤشرات الهامة التى يتم من خلالها قياس مدى استقلالية البنک المرکزى. فکلما أحيطت عملية إقراض الحکومة بقيود شديدة، دل ذلک على ارتفاع درجة استقلالية البنک المرکزى. ذلک أن وجود قيود على التمويل النقدى لميزانية الحکومة سوف يحمى البنک المرکزى من الضغوط الحکومية، ويسمح بالفصل بين السياستين النقدية والمالية، ومن ثم يدعم من استقلالية هذا البنک (Issing, 2006, p.66).

وتختلف البلاد من حيث نوع ودرجة القيود المفروضة على اقتراض الحکومة من البنک المرکزى. کما يتم التمييز بين الاقتراض المباشر، وبين حيازة سندات الدين العام. فدولة مثل شيلى، تحظر تماماً أى شکل من أشکال الاقتراض الحکومى، سواء کان مباشراً أو غير مباشر. کما تحظر قيام البنک المرکزى بحيازة أية سندات تصدرها الحکومة أو أية هيئات أو شرکات تابعة لها (Castello-Bronco & Swinburne, 1992, p.21). هذا فى حين ترکز بعض الدول الأخرى على حظر الاقتراض المباشر بصفة رئيسية، مثلما الحال فى دول الاتحاد الأوروبى، التى تحظر الاقتراض المباشر، بموجب اتفاقية ماستريخت، والتى منعت منعاً مطلقاً تمويل عجز الموازنة بالاقتراض الحکومى المباشر من البنک المرکزى.

وهنالک دول أخرى وضعت سقوفاً إئتمانية لما يمکن للحکومة اقتراضه بصورة مباشرة من البنک المرکزى، إما بتحديد مبلغ معين لا يمکن تجاوزه من جانب الحکومة، أو تحديد قيمة اقتراضها کنسبة مئوية من حجم أصول البنک المرکزى، أو من حجم الإنفاق الکلى للحکومة، أو حجم إيراداتها الکلية. کما أن هنالک من الدول من تشترط حصول الحکومة على موافقة من البرلمان أولاً على هذا الاقتراض.

هذا فيما يتعلق بالاقتراض المباشر، أما بالنسبة لأدوات الدين العام، نجد أيضاً تفاوتاً بين الدول المختلفة، حيث نجد بعضها يمنع تماماً أى حيازة من جانب البنک المرکزى للأدوات التى تصدرها الحکومة، وهى الدول التى يتمتع فيها البنک المرکزى بدرجة عالية من الاستقلالية، والبعض الآخر يستثنى من هذا الحظر شراء الأوراق المالية الحکومية من خلال عمليات السوق المفتوحة.

3- مؤشرات استقلالية البنک المرکزى المصرى فى ظل القانون رقم 194 لسنة 2020 بإصدار قانون البنک المرکزى والجهاز المصرفى:

3-1- المؤشرات السياسية:

 وتتضمن ما يلى:

3-1-1- السلطة التى تتولى تعيين محافظ البنک المرکزى وأعضاء مجلس الإدارة وإقالتهم:

 أشار القانون الجديد "رقم 194 لسنة 2020 بإصدار قانون البنک المرکزى والجهاز المصرفى" فى المادة (17) منه إلى أن "يکون للبنک المرکزى محافظاً بدرجة نائب رئيس مجلس الوزراء، يصدر بتعيينه قراراً من رئيس الجمهورية، بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه، لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ويکون قبول استقالة المحافظ بقرار من رئيس الجمهورية" (الجريدة الرسمية، 2020، ص16).

 ومعنى ذلک، أن هذا القانون –الجديد- قد أشرک السلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية فى هذا التعيين، مما يمکن معه القول أنه قد عمل على زيادة الاستقلالية التى يتمتع بها البنک المرکزى، مقارنة بالقانون السابق عليه (رقم 88 لسنة 2003) والذى نص فى المادة (10) منه على أن يتم تعيين محافظ البنک المرکزى من قبل السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية)، بناءً على ترشيح من السلطة التنفيذية (رئيس مجلس الوزراء) (الجريدة الرسمية، 2003، ص6).

کذلک، يلاحظ وفقاً لذات المادة من القانون الجديد، أن مدة تعيين المحافظ هى أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، أى أن مدة خدمة المحافظ تتراوح بين 4 -8 سنوات، وهى تعد مدة طويلة نسبياً. وتضمنت المادة (21) من القانون الجديد منع المحافظ من تولى أى منصب آخر فى الحکومة أثناء شغل وظيفته کمحافظ للبنک المرکزى، وهو ما لم ينص عليه القانون السابق رقم 88 لسنة 2003. کما أشارت المادة (18) من القانون الجديد إلى أن "يکون للمحافظ نائبان، يعين کل منهما بقرار من رئيس الجمهورية، بناءً على ترشيح المحافظ لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، ويکون قبول استقالة نائب المحافظ بقرار من رئيس الجمهورية".

 ومن ناحية أخرى، أشارت المادة (24) من ذات القانون الجديد إلى شروط إقالة المحافظ حيث نصت على أن "يعفى المحافظ ونائباه من مناصبهم، کما تنتهى عضوية أعضاء مجلس الإدارة غير التنفيذيين وذلک فى غير حالات الاستقالة أو الوفاة، بقرار من رئيس الجمهورية، بناء على توصية مجلس الإدارة، وذلک فى أى من الحالات الآتية:

- إذا فقد أحد شروط المنصب.

- إذا أصبح غير قادر على أداء مهامه لأسباب صحية.

- إذا أخل بواجبات المنصب أو العضوية إخلالاً جسيماً.

- إذا تغيب عن الحضور ثلاث جلسات متتالية أو خمس جلسات متفرقة خلال السنة دون عذر يقبله مجلس الإدارة.

وتعد هذه المادة فى القانون الجديد بمثابة إضافة إلى استقلالية البنک المرکزى المصرى، مقارنة بالقانون السابق عليه (رقم 88 لسنة 2003)، حيث لم ترد به شروط محددة لإقالة محافظ البنک المرکزى، وترک تقدير ذلک لرئيس الجمهورية.

ومع هذا التقدم الذى أحرزه القانون الجديد على هذا النحو، إلا أنه لم ينص صراحة على عدم جواز إقالة المحافظ. وتجدر الإشارة هنا إلى أن القانون رقم (37) لسنة 1992، فى المادة الثالثة منه، نص –صراحة- على عدم جواز إقالة المحافظ خلال مدة تعيينه الأصلية أو المجددة (الجريدة الرسمية، 1992). کذلک الحال بالنسبة للقانون رقم (120) لسنة 1975، والذى نصت المادة (6) منه على أنه لا يجوز عزل المحافظ خلال مدة تعيينه الأصلية أو المجددة (الجريدة الرسمية، 1975). هذا فى حين أن القانون رقم (88) لسنة 2003 لم يتعرض لامکانية إقالة المحافظ، واکتفى بالإشارة فى المادة (10) منه إلى أن يکون قبول استقالة المحافظ بقرار من رئيس الجمهورية (الجردية الرسمية، 2003).

وهکذا، فإن عدم نص القانون الجديد على عدم جواز إقالة المحافظ قد ينظر إليه على أنه انتقاص من الاستقلالية التى يتمتع بها البنک المرکزى. ذلک أن عدم اشتمال القانون الجديد على مثل هذا النص يجعل محافظ البنک المرکزى عرضة للعزل لأسباب سياسية دون مبررات موضوعية.

وفيما يتعلق بمجلس الإدارة، فقد أشارت المادة (20) من القانون الجديد (رقم 194 لسنة 2020) إلى أن "يشکل مجلس الإدراة برئاسة المحافظ، وعضوية کل من نائبى المحافظ ورئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، وسبعة أعضاء غير تنفيذيين من ذوى الخبرة فى المسائل الاقتصادية أو النقدية أو المصرفية أو المالية أو القانونية أو المحاسبية أو تکنولوجيا المعلومات، يکون من بينهم إثنان من ذوى الخبرة فى المسائل الاقتصادية. ويصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح المحافظ وبعد أخذ رأى مجلس الوزراء لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. ويصدر بتشکيل المجلس وتحديد مکافآت أعضائه غير التنفيذيين وبدلات حضور جلساته قرار من رئيس الجمهورية بناءً على اقتراح المحافظ".

ويلاحظ على تشکيل مجلس الإدراة فى القانون الجديد ما يلى:

- استبعد القانون الجديد من تشکيل مجلس الإدارة ممثلى وزارات المالية والتخطيط والتجارة الخارجية، والذين کانوا ضمن تشکيل المجلس فى القانون السابق (رقم 88 لسنة 2003). وهو ما يعد إسهاماً فى مجال تحقيق المزيد من الاستقلالية للبنک المرکزى.

- نص القانون الجديد على أن يکون تعيين عضو مجلس الإدارة لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.

- على غرار ما قرره القانون الجديد بالنسبة لمحافظ البنک المرکزى ونائبيه، اشترط هذا القانون –فى المادة رقم (12) منه- فى عضو مجلس الإدارة، ألا يکون عضواً فى الحکومة. وهو ما يمثل أيضاً إضافة إلى استقلالية البنک المرکزى، مقارنة بالقانون السابق عليه رقم 88 لسنة 2003، والذى لم يشتمل على أية نصوص تحظر ذلک.

وفيما يتعلق بامکانية إقالة أعضاء مجلس الإدارة، فقد أشارت المادة (24) من القانون الجديد إلى الشروط المتعلقة بذلک، وهى ذات الشروط –المذکورة سابقاً- التى يتم وفقاً لها إعفاء المحافظ ونائباه من مناصبهم. وبصفة عامة، يعد هذا الوضع أفضل مما کان قائماً فى ظل القانون السابق رقم 88 لسنة 2003، والذى لم ترد به أية ضوابط أو شروط محددة لإقالة أعضاء مجلس الإدارة.

3-1-2- المساءلة (المحاسبة) عن السياسات النقدية وقواعد الإفصاح:

تشير المادة (2) من القانون الجديد (رقم 194 لسنة 2020) إلى أن البنک المرکزى جهاز رقابى مستقل له شخصية اعتبارية عامة يتبع رئيس الجمهورية. وجدير بالذکر، أن القانون السابق رقم 88 لسنة 2003، نص فى مادته الأولى على أن البنک المرکزى شخص اعتبارى عام يتبع رئيس الجمهورية، دون ذکر تعبير "مستقل". ومن ثم، فإن النص من جانب القانون الجديد على أن البنک المرکزى جهاز "مستقل" يمثل تقدماً على القانون السابق عليه، فى مجال تحقيق الاستقلالية للبنک المرکزى. وتجدر الإشارة هنا، إلى أن –وکما ذکرنا من قبل- النص على أن البنک المرکزى جهاز مستقل لا يتعارض مع ضرورة خضوعه للمساءلة عن نتائج سياساته وعن تحقيقه للأهداف المنوط به تحقيقها.

ومن ثم، فيما يتعلق بالمساءلة أو المحاسبة عن السياسات النقدية، تشير المادة (36) من القانون الجديد إلى أن "يتولى مراجعة حسابات البنک المرکزى اثنان من مراقبى الحسابات يعين أحدهما الجهاز المرکزى للمحاسبات من بين أعضائه، ويعين الآخر مجلس الإدارة بناء على ترشيح لجنة المراجعة من بين المسجلين بسجل مراقبى الحسابات بالبنک المرکزى، وذلک طبقاً للقواعد التى يحددها مجلس الإدارة فى هذا الشان".

وفيما يتعلق بهذا الأمر، نجد أن هذا القانون الجديد للبنک المرکزى المصرى قد حقق تقدماً على القانون السابق عليه (رقم 88 لسنة 2003) فيما يتعلق بالاستقلالية، والذى أسند عملية المراجعة إلى اثنين من مراقبى الحسابات يعينهما الجهاز المرکزى للمحاسبات (المادة 19 من القانون).

کذلک، تضمنت المادة (35) من ذلک القانون، قيام البنک المرکزى باعداد بيان عن مرکزه المالى فى نهاية کل شهر، مقارنة بمرکزه المالى فى نهاية الشهر السابق، وينشره على الموقع الالکترونى للبنک. ومن ناحية أخرى، ألزمت المادة (39) من ذات القانون الجديد، وفى خلال ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية بإعداد القوائم المالية، وتقرير عن المرکز المالى للبنک، ونتائج أعماله عن هذه السنة، ويتناول الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية والمصرفية والإئتمانية فى مصر، بالإضافة إلى تقرير عن المرکز المالى للبنک ونتائج أعماله خلال السنة المنتهية يتناول بوجه خاص عرض الأحوال والأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية والمصرفية فى مصر. وترفع القوائم المالية وتقرير مراقبى الحسابات وتقرير المرکز المالى إلى رئيس الجمهورية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ اعتمادها من مجلس الإدارة، وترسل نسخ منها إلى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء خلال ذات المدة، وتنشر أيضاً على الموقع الإلکترونى للبنک المرکزى.

هذا فيما يتعلق بالمساءلة، أما فيما يتعلق بقواعد الإفصاح، فوفقاً للمادة (40) من القانون الجديد، يفصح البنک المرکزى عن الإجراءات المتخذة لتطبيق السياسة النقدية وقراراته ذات الطبيعة الرقابية والتنظيمية من خلال نشراته الرسمية، وذلک طبقاً للقواعد والمواعيد التى يحددها مجلس الإدارة. وتنشر هذه الإجراءات والقرارات فى جريدة "الوقائع المصرية" أو على الموقع الإلکترونى للبنک المرکزى بحسب الأحوال.

وقد أشرنا من قبل إلى أن درجة الاستقلالية تزيد کلما التزم البنک بقواعد الإفصاح، والتى تلزمه بنشر تقاريره الدورية. ومن ثم، فإن هذا الإفصاح –فى ظل القانون الجديد- يتفق مع مؤشرات الاستقلالية ويزيد منها، حيث يمکن النظر إليه على أساس أنه نوع من المحاسبة أمام الرأى العام عن السياسة النقدية، مما يترتب عليه زيدة درجة الاستقلالية. کذلک، تنبغى الإشارة إلى أن قواعد الشفافية والإفصاح متوفرة فى القانون السابق أيضاً (رقم 88 لسنة 2003). وبناء عليه، يمکن القول بأنه فى هذا الصدد يتفق کل من القانونين.

3-1-3- الاستقلال المالى للبنک المرکزى المصرى:

يتضح من التحليل النظرى السابق لمؤشرات الاستقلالية أن درجة الاستقلالية ترتفع إذا کان رأس مال البنک مملوکاً بأکمله للبنک المرکزى، وکذلک إذا کان هذا الأخير هو الوحيد المنوط به وضع الموازنة التقديرية الخاصة به.

ومن هذا المنطلق، نجد أن القانون الجديد للبنک المرکزى المصرى قد ضمن له أن يتمتع بدرجة مرتفعة من الاستقلال المالى حيث نصت المادة (5) منه على أن "تعتبر أموال البنک المرکزى أموال خاصة". وتتشابه هذه المادة من القانون الجديد (رقم 94 لسنة 2020) مع المادة (4) من القانون السابق عليه (رقم 88 لسنة 2003) حيث تعامل أموال البنک کأموال خاصة.

 کما نصت المادة (4) على أن الحد الأدنى لرأس مال البنک المدفوع عشرون مليار جنيه، وتکون زيادة رأس المال بقرار من مجلس الإدارة، وذلک بتجنيب نسبة من الأرباح السنوية الصافية أو من الاحتياطيات أو بتمويل من الخزانة العامة مباشرة بموافقة وزير المالية. کما أشار القانون فى المادة (38) إلى أن "يعد البنک المرکزى موازنته التقديرية (متضمنة موازنات الوحدات ذات الطابع الخاص) ويعتمد مجلس الإدارة الموازنة التقديرية للبنک المرکزى قبل بداية السنة المالية بأربعة أشهر. ولا تشمل الموازنة العامة للدولة الموارد والاستخدامات الجارية والرأسمالية للبنک المرکزى". وتماثل هذه المادة من القانون الجديد المادة (20) من القانون السابق عليه، حيث أعطيت سلطة الموافقة على الموازنة التقديرية واعتمادها إلى مجلس الإدارة.

وفيما يتعلق بالأرباح، فقد أشارت المادة (43) من القانون الجديد إلى أن تؤول صافى أرباح البنک المرکزى إلى الخزانة العامة للدولة بعد اقتطاع ما يقرره مجلس الإدارة من زيادة فى رأس المال، وما يقرر تکوينه من احتياطيات ( وفى هذا الصدد يتفق القانون الجديد رقم 194 لسنة 2020 مع القانون السابق عليه رقم 88 لسنة 2003). وتسدد الأرباح التقديرية کل ثلالثة أشهر على أن تتم التسوية بين صافى الأرباح والأرباح التقديرية وطبقاً لما تسفر عنه نتيجة النشاط الفعلى فى نهاية السنة المالية، ويحظر فى جميع الأحوال توزيع أى أرباح غير محققة.

خلاصة القول هنا، أن وضع البنک المرکزى المصرى فى ظل القانون الجديد –فيما يتعلق بالاستقلال المالى له- هو ذات الوضع تقريباً فى ظل القانون السابق عليه رقم 88 لسنة 2003 حيث تقابل النصوص القانونية رقم 5، و38، و43 من القانون الجديد، النصوص رقم 4، و20، و22 على الترتيب من القانون السابق عليه. إلا أن الاختلاف الرئيسى بين القانونين هنا، وفى مجال الاستقلال المالى للبنک المرکزى، هو أنه على حين تنص المادة (4) من القانون الجديد على أن تکون زيادة رأس المال بقرار من مجلس الإدارة، فإن القانون رقم 88 لسنة 2003 قد نص فى المادة (3) على أنه يحق لمجلس الإدارة، بالاتفاق مع وزير المالية، تجنيب نسبة من الأرباح السنوية الصافية لزيادة رأس المال. وينظر إلى قصر تحديد هذه الزيادة على مجلس الإدارة وحده فى ظل القانون الجديد على أنها بمثابة خطوة نحو تحقيق المزيد من الاستقلالية للبنک المرکزى المصرى.

3-2- المؤشرات الاقتصادية:

3-2-1- أهداف البنک المرکزى ودوره فى مجال وضع السياسة النقدية وتنفيذها:

رأينا فيما سبق، أن البنک المرکزى يتمتع باستقلالية أکبر کلما کانت له صلاحيات واسعة فى مجال وضع وتنفيذ السياسة النقدية. وفى هذا المجال، فقد أحرز القانون الجديد (رقم 194 لسنة 2020) تقدماً على القانون السابق عليه (رقم 88 لسنة 2003)، بل وعلى کافة القوانين السابقة عليه، حيث أسند إلى البنک المرکزى عملية وضع السياسة النقدية وتنفيذها.

فلقد أشار هذا القانون الجديد فى المادة (6) إلى أن البنک المرکزى يهدف إلى "سلامة النظام النقدى والمصرفى واستقرار الأسعار فى إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة". وهذا يجعل من المحافظة على استقرار الأسعار الهدف الرئيسى للسياسة النقدية الذى يسعى البنک المرکزى لتحقيقه والذى يتقدم على غيره من الأهداف الأخرى (المذکورة فى نص المادة رقم 7 من القانون المذکور). کما أشار القانون الجديد فى المادة (8) إلى أن "يتخذ البنک المرکزى الوسائل التى تکفل تحقيق أهدافه والنهوض باختصاصاته، ومنها القيام بأى مهام أو اتخاذ أية إجراءات يقتضيها تطبيق السياسة النقدية والإئتمانية والمصرفية".

کما نص القانون الجديد فى المادة (7) منه على أنه من بين اختصاصات البنک المرکزى اللازمة لتحقيق أهدافه "وضع السياسة النقدية وتنفيذها". وفى هذا الصدد، يعد القانون الجديد متقدماً على غيره من القوانين السابقة عليه، حيث نجد أن المادة (5) من القانون السابق رقم 88 لسنة 2003، قد حددت مهمة البنک المرکزى بالنسبة لوضع أهداف السياسة النقدية على أساس أنه "يضع أهداف السياسة النقدية بالاتفاق مع الحکومة، من خلال مجلس تنسيقى يشکل بقرار من رئيس الجمهورية". ويشترک فى عضوية هذا المجلس کل من الحکومة والبنک المرکزى، وتتمثل مهمته الأساسية فى التنسيق بينهما فيما يختص بتحديد أهداف السياسة النقدية. ويتکون هذا المجلس من سبعة أعضاء، ثلاثة من الوزراء المعنيين بالشئون الاقتصادية، ومحافظ البنک المرکزى، وثلاثة من الخبراء المشهود لهم بالکفاءة. وينظر إلى هذا الأمر على أساس أنه يضعف ويضر باستقلالية البنک المرکزى، ويخضع هذا الأخير للتدخل من جانب الحکومة.

 وقد عُد ذلک تقدماً بالنسبة لهذا القانون -رقم 88 لسنة 2003 – وقت صدوره عن القوانين السابقة عليه، حيث تم إشراک البنک المرکزى فى وضع السياسة النقدية بعد أن کانت مهمته فى ظل القوانين السابقة عليه تنحصر فى مجرد تنفيذ هذه السياسة دون وضعها. أما القانون الجديد، فقد أسند إلى البنک المرکزى وحده عملية وضع وتنفيذ السياسة النقدية.

ومن جانب آخر، أُخذ على القانون السابق -رقم 88 لسنة 2003- عدم اشتماله على أية نصوص تختص بآلية فض المنازعات. أما القانون الجديد، فقد استحدث هذه الآلية، حيث نصت المادة (48) منه على تکوين مجلس تنسيقى يتولى وضع آلية للتنسيق بين السياسة النقدية للبنک المرکزى والسياسة المالية للحکومة. ويضم المجلس فى عضويته ممثلين عن الحکومة والبنک المرکزى وغيرهم من ذوى الخبرة، وذلک مع عدم الإخلال بالاختصاصات المقررة للبنک المرکزى.

کذلک، نصت المادة (51) من القانون الجديد على تشکيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية المحافظ، ووزير المالية، وممثلين عن کل من البنک المرکزى ووزارة المالية بهدف التشاور ودراسة العلاقات البينية بين البنک المرکزى ووزارة المالية، ووضع خطط لفک التشابکات المالية بين الجهتين، مع عدم الإخلال بالاختصاصات المقررة للبنک المرکزى.

3-2-2- الحق فى استخدام أدوات السياسة النقدية:

حافظ القانون الجديد (رقم 94 لسنة 2020) على ما يتمتع به البنک المرکزى المصرى من درجة استقلالية مرتفعة فى ظل القانون السابق (رقم 88 لسنة 2003) فيما يختص باستخدام أدوات السياسة النقدية (استقلالية الأدوات). فقد نصت المادة (7) من القانون الجديد على أن "يباشر البنک المرکزى جميع الاختصاصات اللازمة لتحقيق أهدافه".

وأضاف القانون الجديد إلى اختصاصات البنک المرکزى المتعارف عليها فى القوانين السابقة حق إصدار الأوراق والأدوات المالية بما يتناسب مع طبيعة أمواله ونشاطه، والدخول فى عمليات السوق المفتوحة، وذلک دون التقيد بحکم المادة (465) من القانون المدنى.

3-2-3- الحدود المفروضة على البنک المرکزى فى تمويله للحکومة:

فيما يتعلق بالإقراض المباشر، فوفقاً للمادة (47) من القانون الجديد (رقم 194 لسنة 2020)، "يقدم البنک المرکزى تمويلاً للحکومة بناءً على طلبها لتغطية العجز الموسمى فى الموازنة العامة، على ألا تجاوز قيمة هذا التمويل 10% من متوسط إيرادات الموازنة العامة فى السنوات الثلاثة السابقة. وتکون مدة هذا التمويل ثلاثة أشهر قابلة للتجديد لمدد أخرى مماثلة، ويجب أن يسدد بالکامل خلال اثنى عشر شهراً على الأکثر من تاريخ تقديمه. وتحدد الشروط الخاصة بهذا التمويل بالاتفاق بين البنک المرکزى ووزارة المالية على أساس أسعار العائد السائدة بالسوق".

وبمقارنة نص هذه المادة بنص المادة (27) فى القانون رقم 88 لسنة 2003، يتضح عدم وجود تغيير فى هذا المجال، بمعنى أن القانون الجديد لم يأت بجديد فى مجال إقراض البنک المرکزى للحکومة، بل حافظ على ذات الوضع القائم قبل صدوره، وذلک فيما يتعلق بقدرة البنک المرکزى المصرى على إقراض الحکومة والقيود المفروضة عليه فى هذا الخصوص.

وفما يتعلق بأدوات الدين العام، نجد أن المادة (46) من القانون الجديد تنص على أنه يحظر على البنک المرکزى التعامل على أدوات الدين الحکومية الصادرة بالعملة المحلية فى السوق الأولية. وهو ما يعد تقدماً بالنسبة للقانون السابق رقم (88) لسنة 2003 فيما يتعلق بالاستقلالية، غير أنه من الملاحظ عدم ورود نص صريح يتعلق بإمکانية هذا التعامل فى الأسواق الثانوية.

ويمکن تلخيص ما يتعلق بمؤشـرات الاستقلاليـة للبنـک المرکـزى المصــرى فى الجدول التالى، والذى يشتمل على مقارنة بين تلک المؤشــرات فى القانــون الجديـد للبنـک المرکـزى (رقم 194 لسنـة 2020)، والقانـون السابـق عليـه (رقم 88 لسنة 2003) للتعرف على ما استحدثـه هذا القانـــون –الجديد- بالنسبة لتلک المؤشرات.

جدول رقم (1): مقارنة بين مؤشرات الاستقلالية فى القانون الجديد للبنک المرکزى (رقم 194 لسنة 2020) والقانون السابق عليه (رقم 88 لسنة 2003)

المؤشر قانون رقم 88 لسنة 2003 القانون الجديد رقم 194 لسنة 2020 ما استحدثه القانون الجديد فى مجال تحقيق الاستقلالية للبنک المرکزى المصرى التعديلات المستقبلية الموصى بها لزيادة درجة الاستقلالية للبنک المرکزى المصرى

أولاً: المؤشرات السياسية:

- الوضع القانونى للبنک البنک المرکزى شخص اعتبارى عام يتبع رئيس الجمهورية البنک المرکزى جهاز رقابى مستقل له شخصية اعتبارية عامة يتبع رئيس الجمهورية النص على أن البنک المرکزى المصرى جهاز مستقل _____________

- السلطة التى تتولى تعيين المحافظ رئيس الجمهورية بناءً على ترشيح رئيس مجلس الوزراء (السلطة التنفيذية) رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس النواب إضافة السلطة التشريعية (مجلس النواب ) _____________

- مدة تعيين المحافظ أربع سنوات قابلة للتجديد أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة تقييد عدد مرات التجديد بمرة واحدة _____________

- إمکانية إقالة المحافظ لم يتعرض القانون لإمکانية إقالة المحافظ واکتفى بالإشارة إلى أن يکون قبول الاستقالة بقرار من رئيس الجمهورية توجد شروط محددة لإقالة المحافظ (المادة 24 من القانون الجديد ) النص على شروط محددة لإقالة المحافظ ينبغى النص على عدم جواز إقالة المحافظ صراحة

- تشکيل مجلس الإدارة يشتمل التشکيل – ضمن أعضائه – على ممثلى ثلاث

وزارات (المالية، التخطيط، التجارة الخارجية) استبعاد ممثلى الوزارات الثلاثة استبعاد ممثلى الوزارات من التشکيل _____________

- مدة تعيين عضو مجلس الإدارة ( وإمکانية إعادة التعيين) أربع سنوات قابلة للتجديد (دون تحديد عدد مرات التجديد) أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة تحديد عدد مرات التجديد بمرة واحدة بالإضافة الى المرة الاولى _____________

- شروط تعيين عضو مجلس الإدارة لم يشتمل القانون على نصوص تفيد اشتراط ألا يکون عضو مجلس الإدارة عضواً فى الحکومة النص صراحة على اشتراط ألا يکون عضو مجلس الإدارة عضواً فى الحکومة اشتراط الا يکون عضو مجلس الإدارة عضواً فى الحکومة _____________

- إمکانية اقالة عضو مجلس الإدارة لا توجد ضوابط محددة لإقالة عضو مجلس الإدارة تحديد شروط إقالة عضو مجلس الإدارة النص على شروط محددة لإقالة عضو مجلس الإدارة يفضل أن يشتمل القانون على نص محدد يمنع إقالة أعضاء مجلس الإدارة أثناء مدة تعيينهم لحمايتهم من العزل التحکمى

ثانياً : المؤشرات الاقتصادية

- أهداف البنک المرکزى تحقيق الاستقرار فى الأسعار وسلامة النظام المصرفى فى اطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة سلامة النظام النقدى والمصرفى واستقرار الأسعار فى اطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة لا يوجد جديد باستثناء تقديم سلامة النظام النقدى والمصرفى على استقرار الأسعار إعطاء الأولوية لتحقيق الاستقرار فى الأسعار

- دور البنک فى مجال وضع السياسة النقدية يضع البنک المرکزى أهداف السياسة النقدية بالاتفاق

مع الحکومة (من خلال مجلس تنسيقى) يضع البنک المرکزى السياسة النقدية بمفرده انفراد البنک المرکزى بوضع السياسة النقدية _____________

- آليه فض المنازعات لا توجد أية نصوص صريحة تتعلق بآليه فض المنازعات استحدث القانون وجود مجلس يتولى مثل هذه الآليه للتنسيق بين السياسة النقدية للبنک المرکزى والسياسة المالية للحکومة استحداث آليه لفض المنازعات _____________

- الحق فى استخدام أدوات السياسة النقدية ضمن القانون للبنک المرکزى حقه فى استخدام أدوات السياسة النقدية حافظ القانون الجديد على حق البنک المرکزى فى استخدام أدوات السياسة النقدية أضاف القانون الجديد لاختصاصات البنک المرکزى المتعارف عليها فى القانون السابق حق إصدار الأوراق والأدوات المالية التى تتناسب مع طبيعة نشاطه والدخول فى عمليات السوق المفتوحة _____________

- الحدود المفروضة على البنک المرکزى فى تمويله للحکومة

o الاقراض المباشر

النص على ضوابط الإصدار المباشر للحکومة

نفس النص الخاص بالإقراض المباشر

لا يوجد تغيير

وضع المزيد من القيود على مثل هذا النوع من الإقراض بحيث يحدد القانون بشکل صريح أشکال التمويل المقدم للحکومة التى تنطبق عليها تلک الضوابط المذکورة فى المادة رقم (47)

o الإقراض غير المباشر لا يوجد حظر على تعامل البنک المرکزى على أدوات الدين الحکومية الصادرة بالعملة المحلية فى السوق الأولية او السوق الثانوية يحظر على البنک المرکزى التعامل على أدوات الدين الحکومية الصادرة بالعملة المحلية فى السوق الأولية النص على حظر التعامل على أدوات الدين الحکومية الصادرة بالعملة المحلية فى السوق الأولية ينبغى وجود نص صريح يتعلق بإمکانية هذا التعامل فى الأسواق الثانوية

- المحاسبة (المساءلة) يتولى مراجعة حسابات البنک المرکزى اثنين من مراقبى الحسابات يعينهما الجهاز المرکزى للمحاسبات

 يتولى مراجعة حساب البنک المرکزى اثنان من مراقبى الحسابات يعين أحدهما الجهاز المرکزى للمحاسبات ويعين الآخر مجلس إدارة البنک المرکزى النص على أن يکون أحد مراقبى الحسابات يتم تعيينه من جانب مجلس الإدارة _____________

 ترفع القوائم المالية وتقرير مراقبى الحسابات وتقرير المرکز المالى إلى رئيس الجمهورية خلال عشرة أيام من تاريخ إعتمادها من مجلس إدارة البنک وترسل نسخة منها إلى رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشعب والشورى خلال ذات المدة ترفع القوائم المالية وتقرير مراقبى الحسابات وتقرير المرکز المالى إلى رئيس الجمهورية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعتمادها من مجلس الإدارة وترسل نسخ منها إلى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء خلال ذات المدة، وتنشر على الموقع الإلکترونى للبنک المرکزى

 نشر القوائم المالية وتقرير مراقبى الحسابات وتقرير المرکز المالى على الموقع الإلکترونى للبنک المرکزى _____________

- قواعد الشفافية والإفصاح ينشر البنک المرکزى الإجراءات المتخذة من جانب البنک لتطبيق السياسة النقدية فى الوقائع المصرية تنشر الإجراءات المتخذة من جانب البنک المرکزى لتطبيق السياسة النقدية فى الوقائع المصرية أو على الموقع الإلکترونى للبنک المرکزى نفس النص مع وضع خيار آخر للنشر (الموقع الإلکترونى للبنک المرکزى) _____________

- الاستقلال المالى تعتبر أموال البنک المرکزى أموالاً خاصة تعتبر أموال البنک المرکزى أموالاً خاصة لا يوجد جديد _____________

- اعتماد الميزانية يعتمد مجلس الإدارة الموازنة التقديرية يعتمد مجلس الإدارة الموازنة التقديرية لا يوجد جديد _____________

- تخصيص الارباح مجلس الإدارة يقرر ما يؤول من صافى أرباح البنک المرکزى إلى الخزانة العامة للدولة مجلس الإدارة هو الذى يقرر ما

يؤول من صافى أرباح البنک المرکزى إلى الخزانة العامة للدولة لا يوجد تغيير _____________

- الزيادة فى رأس المال تکون زيادة رأس المال بالاتفاق بين مجلس الإدارة ووزير المالية تکون زيادة رأس مال البنک المرکزى بقرار من مجلس الإدارة ينفرد مجلس إدارة البنک المرکزى بتحديد کيفية زيادة رأس مال البنک دون أى تدخل من جانب وزير المالية _____________

المصدر: تم اعداد الجدول بواسطة الباحثة بالاستناد إلى نصوص کل من "القانون رقم 88 لسنة 2003 بإصدار قانون البنک المرکزى والجهاز المصرفى والنقد"، و"القانون رقم 194 لسنة 2020 بإصدار قانون البنک المرکزى والجهاز المصرفى".

خاتمة الدراسة

استهدفت الدراسة تحليل مؤشرات استقلالية البنوک المرکزية، وتطبيقها على البنک المرکزى المصرى لمعرفة إلى أى حد أسهم القانون الجديد للبنک المرکزى والجهاز المصرفى (رقم 194 لسنة 2020) فى تدعيم استقلاليته مقارنة بالقانون السابق عليه (رقم 88 لسنة 2003) وفى سبيل تحقيق هذا الهدف، تم استعراض المفاهيم الأساسية لاستقلالية البنوک المرکزية والدراسات السابقة، ثم أتبعنا ذلک بتحليل لمؤشرات ودلائل تلک الاستقلالية مع التطبيق على حالة مصر لمعرفة دور القانون الجديد للبنک المرکزى والجهاز المصرفى فى تدعيم استقلالية البنک المرکزى المصرى بما استحدثه من بنود وما قام بتعديله من نصوص القانون السابق عليه.

وقد خلصت الدراسة إلى ما يلى:

حقق القانون الجديد للبنک المرکزى المصرى تقدماً ملحوظاً فى مجال تحقيق الاستقلالية لهذا البنک مقارنة بالقانون السابق عليه، والذى يرجع إلى ما أضافه من نصوص مستحدثة، وهو ما يثبت صحة فرضية الدراسة، والتى تمثلت فى أن "إصدار القانون الجديد للبنک المرکزى والجهاز المصرفى رقم 194 لسنة 2020 أدى إلى إضفاء المزيد من الاستقلالية على البنک المرکزى المصرى بالمقارنة بالقانون السابق عليه".

وتتمثل البنود المستحدثة من جانب القانون الجديد والتعديلات التى أجراها على بعض بنود القانون السابق عليه، والتى ساهمت فى زيادة درجة الاستقلالية التى يتمتع بها البنک المرکزى المصرى فيما يلى :

1 – النص على أن البنک المرکزى المصرى جهاز مستقل.

2 – إضافة السلطة التشريعية (مجلس النواب) إلى السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية) فى مجال تعيين محافظ البنک المرکزى مما يعنى عدم انفراد السلطة التنفيذية بهذا التعيين.

3 – انفراد البنک المرکزى بوضع السياسة النقدية، بعد أن کانت الحکومة تشارکه فى ذلک من خلال مجلس تنسيقى.

4 – استحداث آلية لفض المنازعات، والتنسيق بين السياسة النقدية للبنک المرکزى والسياسة المالية للحکومة.

5 - تقييد عدد مرات التجديد لمحافظ البنک المرکزى وأعضاء مجلس الإدارة بمرة واحدة فقط.

6 – النص على شروط محددة لإقالة محافظ البنک المرکزى وأعضاء مجلس الإدارة.

7 – النص، صراحة، على اشتراط ألا يکون المحافظ أو عضو مجلس الإدارة عضواً فى الحکومة.

8 – استبعاد ممثلى الوزارات من تشکيل مجلس إدارة البنک المرکزى.

9 – حظر التعامل على أدوات الدين الحکومى الصادرة بالعملة المحلية فى السوق الأولية.

10 – النص على أن يکون أحد مراقبى الحسابات معيناً من جانب مجلس الإدارة.

11 – انفراد مجلس إدارة البنک المرکزى بتحديد کيفية زيادة رأس مال البنک بدون أى تدخل من جانب وزير المالية.

التوصيات :

رغم هذا الإنجاز فى مجال تحقيق الاستقلالية للبنک المرکزى المصرى، والذى تضمنه القانون الجديد للبنک المرکزى، إلا أن هناک بعض القصور فى نصوصه. وهو الأمر الذى يتطلب إجراء عدة تعديلات – مقترحة – مستقبلاً فى تلک النصوص، إذا ما أريد إعطاء البنک المرکزى استقلاليته الکاملة. ويتمثل أهمها فيما يلى :

1 – النص – صراحة – على عدم جواز إقالة محافظ البنک المرکزى أو أعضاء مجلس الإدارة خلال مدة تعيينهم الأصلية أو المجددة (کما کان الوضع فى القانون رقم 37 لسنة 1992، والقانون رقم 120 لسنة 1975).

2 – إعطاء الأولوية لتحقيق الاستقرار فى الأسعار حين النص على أهداف البنک المرکزى.

3 – تحديد القانون بشکل صريح أشکال التمويل المقدم للحکومة.

4 – وضع المزيد من الضوابط على الإقراض المباشر للحکومة.

5 – وجود نص – صريح – يتعلق بإمکانية التعامل على أدوات الدين الحکومية الصادرة بالعملة المحلية فى الأسواق الثانوية.

قائمة المراجع:

أولاً: مراجع باللغة العربية:

1- -آدريان، توبياس وأشرف خان. (2019). "مساءلة البنوک المرکزية واستقلاليتها وشفافيتها". صندوق النقد الدولى، مدونات الصندوق.

2- التلبانى، أحمد محيى الدين. (2019). "أثر استقلالية البنوک المرکزية على استهداف التضخم مع الإشارة إلى مصر". المجلة العلمية لکلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، جامعة الاسکندرية، المجلد 4، العدد 8.

3- البياتى، ستار جبار خليل ومشتاق لطيف سعيد. (2018). "استقلالية البنوک المرکزية مع إشارة خاصة إلى قياس مدى استقلالية البنک المرکزى العراقى". مجلة الإدارة والاقتصاد، السنة الحادية والأربعون، العدد 116، 2018.

4- الجبورى، خلف محمد حمد. (2011). "دور استقلالية البنوک المرکزية فى تحقيق أهداف السياسة النقدية مع الإشارة إلى التجربة العراقية فى ضوء قانون البنک المرکزى العراقى رقم 56 لسنة 2004". مجلة تکريت للعلوم الإدارية، کلية الإدارة والاقتصاد، جامعة تکريت، العدد 23، 2011.

5- الرفاعى، فائقة. (2003). "قانون البنوک الجديد واستقلالية البنک المرکزى". مجلة البنوک، العدد 36.

6- الجريدة الرسمية. (1975). "قانون رقم 120 لسنة 1975 فى شأن البنک المرکزى المصرى والجهاز المصرفى". العدد 39، 25 سبتمبر.

7- الجريدة الرسمية. (1992). "قانون رقم 37 لسنة 1992 بتعديل بعض أحکام قانون البنوک والإئتمان وقانون البنک المرکزى المصرى والجهاز المصرفى". العدد 23 (تابع)، 4 يونية.

8- الجريدة الرسمية. (2003). "قانون رقم 88 لسنة 2003 بإصدار قانون البنک المرکزى والجهاز المصرفى والنقد". العدد 24 (مکرر)، 15 يونية.

9- الجريدة الرسمية. (2020). "قانون رقم 194 لسنة 2020 بإصدار قانون البنک المرکزى والجهاز المصرفى". العدد 37 مکرر (و)، 15 سبتمبر 2020.

10- العياش، غسان. (1998). "المصرف المرکزى والدولة فى التشريع العربى والدولى". اتحاد المصارف العربية، بيروت.

11- العيسوى، إبراهيم. (2020). "استقلال البنک المرکزى بين النظرية والتشريع والممارسة، مع إشارة خاصة إلى حالة مصر". حکامة، العدد رقم 1، سبتمبر.

12- الفولى، أسامة محمد وزينب عوض الله. (2003). "أساسيات الاقتصاد النقدى والمصرفى". منشورات المجلة الحقوقية، بيروت.

13- بن عيشى، بشير. (2009). "استقلالية البنک المرکزى وأثرها على السياسة النقدية". مجلة مرکز صالح عبد الله کامل للاقتصاد الإسلامى، جامعة الأزهر، مجلد رقم 13، العدد رقم 37، يناير-إبريل.

14- حشاد، نبيل. (1994). ""استقلالية البنوک المرکزية بين التأييد والمعارضة". اتحاد المصارف العربية.

15- سالمان، عمر عبد الحميد. (2003). "استقلالية البنک المرکزى وإدارة السياسة النقدية". المؤتمر العلمى الأول لقسم الاقتصاد والتجارة الخارجية بعنوان "أزمة السيولة والرکود الاقتصادى فى مصر"، کلية التجارة وإدارة الأعمال، جامعة حلوان، مارس.

16- شندى، أديب قاسم. (2017). "استقلالية البنک المرکزى العراقى واحتياطى العملة الأجنبية". المؤتمر العلمى السنوى الثالث بعنوان "الإصلاح منطلق للتنمية وإعادة بناء العراق - مسارات معاصرة"، الجامعة الأهلية، کلية الإدارة والاقتصاد.

17- عبد المنعم، هبه والوليد طلحة. (2019). "استقلالية البنوک المرکزية" صندوق النقد العربى". موجز السياسات، العدد رقم 6، سبتمبر.

18- قناوى، عزت ملوک. (2005). "استقلالية البنک المرکزى المصرى وطبيعة التفاعل بين السياسة النقدية والمالية". المؤتمر العلمى السنوى الرابع والعشرون للاقتصاديين المصريين بعنوان "تفعيل دور السياسة النقدية فى الاقتصاد المصرى"، الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع، القاهرة، مايو.

19- معتوق، سهير محمود. (1987). "السياسة النقدية فى التحليل الکينزى والنقدى مع إشارة خاصة للبلاد المتخلفة". مجلة مصر المعاصرة، السنة 78، العددان 407، 408، يناير وإبريل.

20- معتوق، سهير محمود (2004). "مؤشرات ودلائل استقلالية البنوک المرکزية، دراسة مقارنة مع التطبيق على البنک المرکزى المصرى". المؤتمر العلمى السنوى الثالث بعنوان "التطورات المصرفية والائتمانية المعاصرة فى مصر والعالم العربى"، کلية الحقوق، جامعة حلوان، مايو.

21- يحياوى، سمير وليلى معمرى. (2016). "أثر استقلالية البنک المرکزى على فعالية السياسة النقدية فى محاربة التضخم". مجلة الدراسات الاقتصادية المعمقة، العدد الثالث، سبتمبر.

ثانياً: مراجع باللغة الإنجليزية:

1- Alesina, Alberto and Lawrence Summers. (1993). “Central bank independence and Macroeconomic performance: Some comparative evidence”. Journal of Money, Credit and Banking, Vol.25, Issue 2, May, at: https://doi.org/10.2307/2077833

2- Blinder, Alan S. (1999). "Central Banking in theory and practice". The Lionel Robbins lectures, Massachusetts Institute of Technology, The MIT Press Cambridge, Massachusetts London, England, at:

http://www.artsrn.ualberta.ca/econweb/landon/1999%20Blinder%20Central%20Banking.pdf

3- Cargill, Thomas. (2013). "A critical assessment of measures of central bank independence". Economic Inquiry, Vol.51, No.1, January, at:

https://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1111/j.1465-7295.2011.00427.x

4- Castello-Branco, Marta and Mark Swinburne. (1992). “Central bank independence, can it contribute to better inflation performance? Issues in theory and practice”. Finance and Development, March, p.19, at:

https://www.elibrary.imf.org/view/journals/022/0029/001/article-A006-en.xml

5- Cukierman, Alex, Steven B. Webb and Bilin Neyapti. (1992). "Measuring the independence of central banks and its effects on policy outcomes", The World Bank Economic Review, Vol. (6), No.3, September, at:

http://documents.worldbank.org/curated/en/797831468739529187/Measuring-the-independence-of-central-banks-and-its-effect-on-policy-outcomes

6- Cukierman, Alex. (1994). "Central bank independence and monetary control". The Economic Journal, Vol.104, No.427, November, at: https://www.jstor.org/stable/2235462

7- Debelle, Guy and Stanley Fisher. (1995). “How independent should a central bank be?”. in J.Fuhrer, ed., “Goals, Guidelines and Constraints Facing Monetary Policymakers”, Federal Reserve Bank of Boston, Conference Series No.38, Boston, 1995, at:

https://citeseerx.ist.psu.edu/viewdoc/download?doi=10.1.1.359.7377&rep=rep1&type=pdf

8- Dincer, Nergiz and Barry Eichengreen. (2009). “Central bank transparency: Causes, consequences and updates”. NBER Working Papers Series, No. 14791, March, at:

https://www.nber.org/system/files/working_papers/w14791/w14791.pdf

9- Dincer, Nergiz and Barry Eichengreen.(2014). “Central bank transparency and independence: Updates and new measures”. International Journal of Central Banking, Vol.10, No.1, March, pp.189-293, at: https://www.ijcb.org/journal/ijcb14q1a6.htm

10- Eijffinger, Sylvester C. W, Marco Hoeberichts and Eric Schaling. (1998). "A theory of central bank accountability". Tilburg University, Center for Economic Research Discussion Papers, No. 103, September, at: https://pure.uvt.nl/ws/portalfiles/portal/529763/103.pdf

11- Eijffingers, Sylvester C. W. and Marco Hoeberichts. (1996). "The trade-off between central bank independence and conservativeness". May, at:

https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=947

12- Emam, Heba-Talla Atef Sayed. (2018). “Assessing the independence of the Central Bank of Egypt: An empirical analysis”. PhD. Dissertation, Faculty of Economics and Political Sciences, Cairo University.

13- Fisher, Stanley. (1995). “Central-bank independence revisited”. American Economic Review, Vol. 85, Issue 2, 201-06, January.

14- Fisher, Stanley. (2015). “Central bank independence”. BIS central bankers’ speeches, 4 November, at: https://www.bis.org/review/r151109c.pdf

15- Grilli, Vittorio, Donato Masciandaro and Guido Tabellini. (1991). “Political and monetary institutions and public financial policies in the industrial countries”. Economic Policy, Vol.6, No.13, October 1991, pp.341-392, at:

https://www.researchgate.net/publication/243726953_Political_and_Monetary_Institutions_and_Public_Financial_Policies_in_the_Industrial_Countries

16- Harcourt, Geoffrey Colin, Peter Kriesler and Joseph Halevi. (2018). “Central bank independence revisited”. UNSW Business School Working Paper, No. 2018 -01, February, at: https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=3120107

17- Issing, Ottmar. (2006). “Central bank independence- Economic and political dimension”. National Institute Economic Review, No.196, April, at:

https://journals.sagepub.com/doi/pdf/10.1177/0027950106067048

18- Jacome H., Luis Ignacio. (2001). “Legal central bank independence and inflation in Latin America during the 1990s”. IMF Working Papers, WP/01/212, December, at: https://www.imf.org/en/Publications/WP/Issues/2016/12/30/Legal-Central-Bank-Independence-and-Inflation-in-Latin-America-During-the-1990s-15509

19- Rees, Albert. (1970). "The Philips curve as a menu for policy choice". Economica, Vol. 37, No. 147, August, at: https://doi.org/10.2307/2551971

20- Rogoff, Kenneth. (1985). “The optimal degree of commitment to an intermediate monetary target”. Quarterly Journal of Economics, Vol. 100, November 1985, at:

https://scholar.harvard.edu/files/rogoff/files/51_qje85.pdf

21- Stella, Peter. (2002). “Central bank financial strength, transparency and policy credibility”, IMF Working Paper, WP/02/37, August, at:

https://www.imf.org/en/Publications/WP/Issues/2016/12/30/Central-Bank-Financial-Strength-Transparency-and-Policy-Credibility-15893

22- Wessels, Bucks. (2006). “Are African central banks sufficiently independent for monetary convergence?”. South African Journal of Economics, Vol. 74, No.2, June, at:

https://onlinelibrary.wiley.com/doi/epdf/10.1111/j.1813-6982.2006.00060.x

23- White, Laurence H. (1999). "The theory of monetary institutions". Blackwell Publishers, first edition, May.