اثر التفاوت في توزيع الدخول علي التنمية المستدامة في مصر خلال فترة ) 1990 _ 2018 ) باستخدام نموذج ARDL

نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة

المؤلفون

1 کلية ادارة الاعمال -جامعة النهضة -بني سويف

2 تجارة _ جامعة قناة السويس _ الاسماعليلية

3 کلية السياسة والاقتصاد _ جامعة السويس _السويس

المستخلص

توصلت الدراسة الى أن التنمية المستدامة للعام الماضي الذى يعبر عنها مؤشر التنمية البشرية له تأثير سالب على مؤشر التنمية البشرية للعام الحالي على المدى القصير، في حين أن زيادة التفاوت ستقلل من التنمية المستدامة على المدى القصير والطويل ولکن غير معنوى. وعلى المدى القصير نلاحظ أن الاستثمار الاجنبى المباشر له تأثير إيجابي على التنمية المستدامة وکذلک على المدى الطويل. لا يزال تأثير الاستهلاک الحکومي على التنمية المستدامة موجب ومعنوى، في حين أن تأثير ثانى اوکسيد الکربون (البعد البيئى) له تأثير موجب على التنمية المستدامة، وهذا ما تتجه اليه الدولة فى الاهتمام بتخفيض التلوث البيئى وزيادة المشروعات الصديقة للبيئة.
التوصيات:
ان وجود التفاوت في توزيع الدخل لا يعتبر أمرًا کافيًا لقيام الحکومة باتخاذ إجراءات معينة حيالها. فبالنظر إلى مفهوم الکفاءة التوزيعية يجب أن نعرف أولاً ما هو توزيع الدخل المقصود، فسوف يکون هناک دائمًا فروق في توزيع الدخل إذا لم تحصل کل أسرة في المجتمع على نفس الدخل، لذا ما يجب تحديده في هذه الحالة هو درجة التفاوت المقبولة اجتماعيًا، يمکننا في هذه الحالة أن نعتبر أن هناک عدم کفاءة توزيعية، وبالتالي يتعين على الحکومة القيام باتخاذ بعض الإجراءات حيالها.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


 

1-1 مقدمـة:

إن ازدياد التفاوت في الدخول يمثل أحد سمات العقود الثلاثة الماضية، ولا يقتصر الأمر على أن التقشف المالي، الذي يقترن بفرض القيود على الأجور وإضفاء المرونة على أسواق العمل، يؤدي فحسب إلى انکماش الاقتصاد، بل إنه يخلق أيضاً المزيد من التفاوت في توزيع الدخل. وقد أصبح التهديد الذي يستتبعه ذلک على التماسک الاجتماعي واضحاً بالفعل في العديد من البلدان. غير أن ازدياد التفاوت ليس بالظاهرة الحديثة بأي حال من الأحوال، بل کان السمة الغالبة للاقتصاد العالمي على مدى العقود الثلاثة الماضية، حتى وإن کان هذا الاتجاه قد توقف على ما يبدو في بعض البلدان النامية منذ بداية الألفية الجديدة.

وحدثت هذه التحولات في توزيع الدخل بالتوازي مع تسارع التدفقات التجارية والمالية، ويرجع ذلک بصفة خاصة إلى التقدم في تکنولوجيا المعلومات ُ وانتشار شبکات الإنتاج الدولية والتغير التکنولوجي السريع، وهو ما ادى ذلک إلى افتراض واسع النطاق بأن ازدياد التفاوت في الدخل هو نتيجة ثانوية محتمة للتغييرات الهيکلية الناجمة عن العولمة والتغير التکنولوجي، أو حتى شرطاً مسبقاً لمثل هذا التغيير. غير أن التغيير الهيکلي حدث أيضاً على امتداد القرن الماضي، بما في ذلک خلال فترات کان التفاوت في توزيع الدخل فيها أقل من ذلک بکثير.

وصحيح أن تحرير التجارة والتحرير المالي وزيادة مشارکة البلدان النامية في سلاسل الإنتاج العالمية وفي التجارة الدولية للسلع المصنعة کانا يحفزان العولمة في العقود القليلة الماضية. وعلاوة على ذلک، فإن التقدم المحرز في تطبيقات تکنولوجيا المعلومات والاتصالات في العقود الأخيرة ربما کان أسرع من التغيير التکنولوجي في المراحل السابقة من التنمية الاقتصادية. لکن من الصحيح أيضاً أنه کانت هناک زيادة سريعة في الإنتاج خلال العقود السابقة، ومع ذلک ضاقت التفاوتات في الدخول مع خلق عدد کاف من فرص العمل الجديدة في نفس الوقت

وبالنظر الى الاقتصاد المصرى فقد واجه العديد من التحديات منذ الخمسينيات وحتى وقتنا الحالى التي تحول دون تحقيق التقدم المطلوب في عملية التنمية فى جميع ربوع الوطن، وتمکنه من التعامل مع الأولويات المدرجة فى خطط التنمية السابقة والحالية، والتى على رأسها تخفيض نسبة السکان تحت خط الفقر، وتقليل التفاوت فى توزيع الدخل، وتوفير فرص عمل لائق ومنتج لکافة الافراد داخل المجتمع، ونشر النمو فى کل القطاعات وفي کافة المناطق، وخصوصاً المناطق الأکثر احتياجاً.

فمنذ عام 1952وحتى نهاية الستينات، تم اتخاذ عدد من السياسات الاقتصادية تصب في اتجاه إعادة توزيع الموارد، من خلال تدخل الدولة الواضح في النشاط الاقتصادي، تجاه تحقيق أهداف عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، البدء بأول خطة خمسية شاملة 1960 – 1965 والعمل على رفع المستوى المعيشي للمواطنين ( )، وحققت خلال تلک المرحلة متوسط معدل النمو خلال الفترة 1957 – 1967 بلغ ما يقرب من 7%، ونسب الفقر فى تلک المرحلة لازالت مرتفعة حيث بلغت في الخمسينات ٢٧٪ ثم هبطت في الستينات نحو ٢٣٪ (مع التوسع في تمليک الاراضي للفلاحين) ( ). ومع بداية السبيعينيات وبالتحديد عام 1974، اتجهت الحکومة المصرية الى تبني سياسة الانفتاح الاقتصادي، وذلک بقصد تعبئة الموارد الوطنية وتشجيع رأس المال العربي والأجنبي للمساهمة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وإعطاء دورًا أکبر للقطاع الخاص، والتحول من نظام التخطيط الشامل الى اتخاذ برامج سنوية في شکل خطط متحرکة، وقد تحقق معدل نمو مرتفع( ) خلال تلک الفترة وصل إلى 9.8% ولکنه ارتبط بالنمو في القطاعات الخدمية دون الإنتاجية، لکن هذه المرحلة شهدت ارتفاع التفاوت فى توزيع الدخل حيث وصل معامل جينى( ) الى حوالى39 فى عام 1974/1975، وکانت نسبة البطالة منخفضة حيث بلغت2.5% فى عام 1975، وکانت نسبة الفقر حوالى 18% بنهاية السبعينات وهى نسبة منخفضة مقارنة بفترتى الخمسينات والستينات. ( )

وقد تم وضع خطة خمسية (1978 – 1982) بعد فترة انتقالية لاستکمال المشروعات تحت التنفيذ، وأتخذ أسلوب التخطيط في هذه الفترة شکل التخطيط التأشيري، وذلک بتعديل الخطة الخمسية بنهاية کل عام ليضاف عام جديد. ولکن تم العدول عن أسلوب التخطيط التأشيري إلى وضع الخطة الخمسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (82/1983 – 86/1987) کبداية لمواجهة الاختلالات الهيکلية التي يعاني منها الاقتصاد المصري، وهى تمثل مرحلة العودة للتخطيط القومي الشامل)1982-1990(، ومواصلة السير في سياسة الانفتاح الاقتصادي وتشجيع الاستثمار، وتم توقيع برنامج الإصلاح الاقتصادي والتکيف الهيکلي مع کل من البنک الدولي وصندوق النقد الدولي في أواخر عام 1991، لمعالجة الاختلالات فى ذلک الوقت. وهذا ادي إلى تخفيض العجز في الموازنة وخفض معدل التضخم إلى أقل من 3% واستقرار سعر الصرف، بالإضافة إلى تحرير التجارة والقضاء علي قيود ومعوقات الاستثمار، وخصخصت أکثر من 50% من شرکات القطاع العام، مما ادي الى ارتفاع معدل النمو إلى 5% بنهاية التسعينيات( ).

وتم تطبيق خطط خمسية من بداية القرن الواحد والعشرين وحتى الخطة الخمسية 2007-2012، واستهدفت الخطة تحقيق معدل نمو 8% وخفض معدل التضخم إلي ‏5 %‏ بنهاية الخطة، وبالفعل تم تحقيق معدل نمو يصل الى حوالى 7% بنهاية عام2010. ولکن على جانب العدالة الاجتماعية نجد ارتفاع مظاهر اللامساواة والفقر والحرمان، واتجاه معظم المؤشرات للتفاقم والتي منها : أنه بينما حصل أغنى 20% من السکان على ما يقرب من 40% من الدخل في عام 2010، لم يحصل أفقر 20% على أکثر من 9% وتزداد درجة اللامساواة في الحضر عنها في الريف حيث حصل أغنى 10% من سکان الحضر على 8.5 مثل ما حصل عليه أفقر 10%، في حين لم يزد الرقم المناظر في الريف على 4.5 مثل . وکذلک تراجع نصيب الأجور في الدخل الاجمالي من 40% في عام 1975 الي حوالي 26% في عام 2004 / 2005 . کما أن نسبة الفقراء زادت من 40% في عام 2004/2005 الي حوالي 48% في عام 2010 ( حسب خط الفقر الأعلى، مع التحفظ على تقديره المتواضع ) . کما أن نصف سکان ريف الوجه القبلي يعانون من الفقر مقابل 17% من ريف الوجه البحري، وحيث يعاني نحو 30% من سکان الحضر في الوجه القبلي من الفقر مقابل 10% في حضر الوجه البحري( ).

وقامت الحکومة في معالجة تحديات هيکلية هامة فى بداية عام 2014، من بينها إصلاح نظام دعم أسعار الطاقة، وتحسين کفاءة البنية التحتية بتطوير المرافق المختلفة، وتحسين شبکات الضمان الاجتماعي باتباع برامج للتحويلات النقدية، وتوسيع نطاق الوعاء الضريبي الضيق، والاتجاه نحو تحسين وضعية مصر فى بعض المؤشرات الهامة مثل مؤشر التنمية البشرية، والذى احتلت مصر المرتبة 115 لعام 2018من اصل 189 دولة شملها التصنيف (تراجع فى المؤشر بأربعة مراکز عن العام السابق)، واحتلت مصر الترتيب 128 من اصل 190 دولة فى تقرير ممارسة انشطة الاعمال التجارية والتى يصدرها البنک الدولى عام 2018، وترتيب مصر 94 فى تقرير التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى من اصل 140 دولة. ولکن من الواضح من قراءة هذه المؤشرات ان مصر تحتاج الى العمل الدؤوب لرفع المستوى التعليمى والصحى للمواطنين وتحسين بيئة الاعمال، اى لابد من تحفيز النمو الاقتصادي والمستدام لتحسين جودة حياة الافراد خاصةً في التعليم والصحة، وبما يراعي العدالة الاجتماعية في توزيع ثـمار النمو وتحقيق تنمية إقليمية متوازنة، وذلک بتوجيه نسبة کبيرة من هذه الاستثمارات لمحافظات الصعيد والمناطق الحدودية والمهمشة والأکثر احتياجاً والمناطق العشوائية.

کما يتلاحظ من تطور أداء الاقتصاد المصرى أن فترات النمو المتزايد لم تسفر عن تخفيض في أعداد الفقراء أو شمولية النمو الذي يتشارک الجميع في الاستفاده من منافعه . فخلال الفترة ما بين عامى 2005 و 2010، زاد معدل الفقر بنحو %5وتقلص دخل شريحة 40% الأدنى من السکان بنسبة 1.3%، على الرغم من أن الاقتصاد فى هذا الوقت يشهد نمواً سريعاً. ويدل هذا على أن ما تحقق من مکاسب في فترات النمو قصيرة الأجل لم يؤد بالنسبة لشريحة کبيرة من السکان إلى تحقيق مکاسب دائمة في الدخل. وخلال الفترة من (2014 -2017) ارتفع معدل التضخم الى اکثر من 30%، وخصوصاً بعد تعويم الجنيه المصرى فى نوفمبر عام 2016، وارتفعت نسبة الفقر الى حوالى 28% عام 2015، ومعدل البطالة حوالى 12%، وتزايد التفاوت فى توزيع الدخل الى حوالى 35، على الرغم من ارتفاع معدل النمو الى حوالى 4% عام 2017( ).

1-2 مشکلة الدراسة:

يتزايد التفاوت في توزيع الدخل والثروة في معظم البلدان حول العالم اليوم، واصبح قضية عالمية تواجه معظم الدول، وقد وضعت الأمم المتحدة في عام 2015 حوالى 17 هدفًا من أهداف التنمية المستدامة( )، کجزء من جدول أعمال الاجندة العالمية لتحويل المجتمع نحو تحقيق اهداف التنمية المستدامة. على وجه التحديد، يُلزم الهدف العاشر من أهداف التنمية المستدامة البلدان بـ "تقليل التفاوتات داخل البلدان وفيما بينها". ولتحقيق هذه الغاية، يدعو إطار عمل أهداف التنمية المستدامة الدول إلى صياغة استراتيجيات تنفيذ محددة على المستوى الوطني ووضع عمليات مراقبة ومراجعة لتحقيق الأهداف.

حتى الآن، کانت ردود البلدان غير متسقة، وهناک القليل منها لا يدرک ما يعنيه الهدف العاشر من أهداف التنمية المستدامة للبلدان فيما يتعلق بالتنفيذ على المستوى الوطني. کان الحد من عدم المساواة بين البلدان - أي زيادة الدخل القومي للبلدان الفقيرة أسرع نسبياً من البلدان الغنية - في صميم التفکير التنموي لعقود من الزمن وحفز إنشاء مؤسسات مخصصة مثل مؤسسة التنمية الدولية (1960، احد مؤسسات مجموعة البنک الدولي) والأونکتاد (1964).

    وإذا نظرنا الى الاقتصاد المصرى والذى يسعى الى تحقيق التنمية المستدامة نلاحظ انه يواجه مشاکل اقتصادية والتى منها ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع معدلات التفاوت والفقر، والتى کانت من بين الأسباب الکثيرة التي دفعت الشعب المصرى إلى الاحتجاجات في أوائل عام 2011 والمطالبة بنموذج اجتماعي اقتصادي جديد للمشارکة الاقتصادية والتنمية. هذا النموذج، الذي اعتمدته العديد من دول المنطقة بعد استقلالها، رأى أن الدولة کأداة للتحول الاجتماعي والتعبئة السياسية والتوزيع الاقتصادي. ومع نهاية عقد الثمانينيات من القرن الماضي، حققت بعض دول المنطقة تحسينات ملحوظة في مؤشرات التنمية البشرية وحدوث انخفاض طفيف فى مستوى الفقر والتفاوت فى توزيع في الدخل (2007Page,)، وکانت هذه التحسينات مدعومة باستثمارات عامة ضخمة في البنية التحتية والصحة والتعليم، فضلاً عن تدفقات رأس المال وتحويلات العمال وعوائد قناة السويس.

وعلى الرغم من ذلک بدأ يظهر أشکال مختلفة من عدم المساواة المتزايدة واتسعت التباينات بين المجموعات الاجتماعية والاقتصادية وعلى طول الخطوط الحضرية والريفية. ويبدو أن عدم تکافؤ الفرص والتفاوت فى توزيع الدخل والثروة يشکلان عوائق للتنمية المستدامة، کما أدت الاضطرابات الاجتماعية والسياسية التي اجتاحت العالم العربي ومن بينها مصر إلى زيادة تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي وأدت إلى تدهور رفاهية المواطنين وعدم المساواة المتزايدة (AfDB, 2012). إن فهم العوامل التي تزيد من التفاوت فى توزيع الدخل فى مصر هو قضية حرجة، ليس فقط لأسباب الإنصاف والاندماج الاقتصادي، ولکن أيضًا لأسباب سياسية. على الرغم من أن جذور السخط الشعبي تذهب إلى أبعد من العوامل الاقتصادية وعدم المساواة، فإن هذه الأخيرة متشابکة بشکل لا ينفصم وتزيد من حدة التوترات.

وعند ظهور التفاوت في توزيع الدخل تتولد قوى ذاتية(عوامل تعزز من التفاوت فى توزيع الدخل) تعمل على تجدده باستمرار.فعندما يحقق الأغنياء بعض المزايا، فإنهم يؤثرون على النظام الاقتصادي والاجتماعي لتحقيق مزيد من المزايا، ومن أهم العوامل التي تدعم التصحيح الذاتي للتفاوت هو العلاقة التبادلية بين توزيع الثروة وتوزيع الدخل، فلقد تم الإشارة سابقًا إلى أن توزيع الثروة أکثر تفاوتًا من التفاوت في توزيع الدخل، حيث يملک الأغنياء نصيبًا أکبر من الأصول المادية التي تدر دخولاً، الأمر الذي يزيد من حدة التفاوت في توزيع الدخل، ولما کان الادخار دالة متزايدة في الدخل، فإن معدل الادخار لدى الأغنياء أکبر من الفئات الأقل دخلاً. لذا فهم يستطيعون زيادة أصولهم مما يؤدي إلى زيادة التفاوت في الثروة ويتبعه بالتالي زيادة التفاوت في توزيع الدخل، وبهذا يتضح أننا أمام حلقة مفرغة للتفاوت.

وغالبًا ما يؤدي هذا الاختلاف في التفاوت من توزيع الثروة والدخل إلى آثار سياسية حيث يتمکن الأغنياء من خلالها بإدارة النظام السياسي والحکومي لخدمة مصالحهم الخاصة، کما تشکل العلاقة التبادلية بين الثروة والتعليم حلقة مفرغة أخرى، حيث أن التعليم يزيد من القدرة على اکتساب الدخل، حيث يحصل الأفراد المتعلمون على دخولهم أعلى، وحيث أن فئة المتعلمين هي فئة الفقراء، فتعمل العلاقة السببية بين التعليم والدخل في الاتجاه المعاکس حيث يتمکن الأغنياء من الحصول على فرص أفضل لتعليم أطفالهم، وتنتقل هذه الميزة بالتوالي من جيل إلى أخر، کما أنهم يوفرون لهم ظروف معيشية وبيئية أفضل تمکنهم من التفوق في دراستهم، لذا فتوفير التعليم لأبناء الفقراء لن يؤدي إلى حرمان فئة الأغنياء من هذه الميزة.

کما أن هناک العامل الديموجرافي، حيث يدعم زيادة حجم الأسرة الفقيرة مقارنة بالأسرة الغنية استمرار التفاوت في توزيع الدخل، فالأسر الفقيرة لا تتمکن من ادخار جزء مناسب من دخلها، أو توفير مستوى تعليمي أفضل لأطفالهم، وليس فقط بسبب انخفاض دخولهم ولکن أيضًا بسبب زيادة عدد الأفواه التي تحتاج للطعام، کما يؤدي زيادة حجم الأسرة في الريف إلى زيادة الضغط على الأرض کأحد عناصر الإنتاج، الأمر الذي تؤدي إلى نقص الحيازة الزراعية وبالتالي انخفاض الدخول. ولما کان الريفيون ينظرون إلى الأطفال کتأمينا لهم في المستقبل فإنهم لا يستجيبون لفکرة تنظيم الأسرة الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الأثر الديموجرافي بمرور الوقت. هذا فضلاً عن أن الزيادة المطردة في قوة العمل تؤدي إلى زيادة حدة مشکلة البطالة، ومن ثم ضعف إمکانية حدوث تحسن في الأجور.

کما ينظر البعض للعلاقة بين توزيع الدخل وهيکل طلب المستهلک بأنها آلية أخرى لدعم الاستمرار الذاتي للتفاوت. فالتفاوت الشديد في توزيع الدخل يخلق هيکلاً متحيزًا للطلب لصالح السلع التي يستهلکها الأغنياء لأنهم يملکون معظم القوة الشرائية، الأمر الذي يؤدي إلى خلق سوق للسلع الصناعية التي يستهلکها الأغنياء، وفي ظل توفير مزيد من الحماية للقطاع الصناعي فإن نمو هذا القطاع سوف يتحيز لصالح هذا النمط للطلب الذي يتطلب استخدام أساليب إنتاجية فنية کثيفة رأس المال وبالتالي خلق القليل من فرص التوظيف وطلب الأيدي العاملة وبالتالي المزيد من تفاوت توزيع الدخل في القطاع الصناعي. لذا فسوف يساعد الهيکل الإنتاجي الذي يظهر في ظل التفاوت على دعم الاستمرار الذاتي للتفاوت، وطبقًا لوجهة النظر سالفة الذکر فإن المنتج المحلي المستخدم للتکنولوجيا المتقدمة يشجع على خلق تفاوت في توزيع الدخل حتى يوفر سوق للسلع التي ينتجها، وهذه العوامل التى تزيد من التفاوت لها تأثيراتها على عملية التنمية المستدامة( ) فى مصر

وتحاول الدراسة الإجابة عن السؤال التالى:

 هل التفاوت في توزيع الدخل له أثر سلبي على التنمية االمستدامة في مصر؟

1-3 فرضية الدراسة:

تحاول الدراسة اختبار أن التفاوت فى توزيع الدخل له تأثير سلبى ومعنوى على التنمية المستدامة فى مصر

تشتمل الحدود المکانية للدراسة على قياس العلاقة بين التفاوت فى توزيع الدخل والتنمية االمستدامة على مصرخلال الفترة الزمنية 1990-2018.

1-4 هدف الدراسة:

اختبار مدى صحة الفرضية من خلال قياس العلاقة بين التفاوت فى توزيع الدخل و التنمية المستدامة( ) في مصر خلال الفترة الزمنية 1990-2018، وکيفية معالجة هذا الأثر.

1-5 منهجية الدراسة:

سوف تعتمد الدراسة على المنهج الوصفي وهي وصف الظاهرة من خلال بيانات خاصة بالتفاوت في توزيع الدخل وشرح الواقع في الدول، والمنهج التحليلي الواقعي في التعرف على طبيعة العلاقة بين التفاوت في توزيع الدخل والتنمية المستدامة فى مصر وتحليل الوضع القائم لتحديد اسباب المشکلة وثم طرح وسائل العلاج، واستخدام المنهج الکمي في الدراسة، بجانب أنه سوف يتم بناء نموذج قياسى لبيان اثر التفاوت في توزيع الدخل على التنمية المستدامة فى مصر من خلال واستخدام هذا النموذج فى الحصول على النتائج. وسيتم استخدام منهجية Autoregressive Distributed Lag (ARDL) Bound Testing Approach التي تم اقتراحها مبدئيًا Pesaran MH, Shin Y.(1998)، وتکمن الميزة الرئيسية لنمذجة ARDL في مرونتها مع دراسة عينة صغيرة، ويمکن أن تکون مفيدة عندما تکون المتغيرات مختلفة فى رتبة التکامل. واستخدام برنامج Eviews للحصول على النتائج، بجانب أنه يتم الاعتماد على مصادر بيانات عن المتغيرات محل الدراسة من البنک الدولي، وکذلک صندوق النقد العربي (التقارير السنوية).

1-6 نموذج الدراسة:

في هذه الدراسة الحالية سوف يتم تقدير أثر التفاوت في توزيع الدخل على التنمية المستدامة، والذي يعبر عنها مؤشر التنمية البشرية Human Development Index (HDI)، وهو عبارة عن احصاء مرکب لمؤشرات متوسط العمر المتوقع و والتعليم ومتوسط دخل الفرد وعليه فإن ذلک المؤشر هو المتوسط الهندسي للمؤشرات الثلاثة السابق ذکرها ويعتبر منهج متعدد الابعاد لقياس التنمية المستدامة، وهذا ما ذهبت اليه دراسة David Castells Quintana and at.al (2018)، والتى ربطت بين خطين فى البحث في أدبيات اقتصاديات التنمية: تحليل تأثير وقنوات انتقال الاثر للتفاوت فى توزيع الدخل على التنمية الاقتصادية والمناقشة حول ضرورة وجود مقياس أوسع للتنمية. وتم تقدير الارتباط بين التفاوت فى توزيع الدخل ومؤشر التنمية البشرية ومکوناته في 117 دولة خلال الفترة من 1970 إلى 2010

ويتم تقدير النموذج باستخدام حزمة برامج الاقتصاد القياسي E_VIEWS Version 10 والذي وضعها کلا من Hashem Pesaran and Bahram Pesaran (1997)، بجانب أنه سوف يتم تناول إجراءات تحديد النموذج وتوصيف البيانات واختبار سکون المتغيرات، والاختبارات التشخيصية للنموذج، وبيان اثر التفاوت فى توزيع الدخل على التنمية المستدامة في مصر.

 وهناک العديد من الدراسات النظرية والتجريبية التي تناولت العلاقة بين التفاوت والنمو الاقتصادى، ولکن هناک ندرة کبيرة فى الدراسات التى تناولت موضوع البحث والذى يبرز العلاقة بين التفاوت والتنمية المستدامة فى الاقتصاد المصرى، على الرغم من تزايد الدراسات التى تناولت العلاقة بين التفاوت والنمو الاقتصادى من خلال استخدام منهجيات مختلفة وقنوات متعددة والتى منها:

1- مجموعة الدراسات التي تعرضت إلى دراسة التأثير في اتجاه واحد بين متغيرات الدراسة، أي دراسة تأثير النمو الاقتصادي على التفاوت في توزيع الدخل أو العکس.

2. مجموعة الدراسات التي تعرضت إلى دراسة التأثير المتبادل بين المتغيرات محل الدراسة، أي دراسة تأثير النمو الاقتصادي على التفاوت في توزيع الدخل والعکس.

  وتختلف هذه الدراسة عن الدراسات من المجموعة الأولى والثانية في أنها تدرس تأثير التفاوت على التنمية المستدامة فى مصر، وعدم اقتصارها على تاثير التفاوت على النمو الاقتصادى کما فى مجموعة الدراسات الاولى. وتعتمد الدراسة الحالية على أسلوب بيانات السلاسل الزمنية. أما بالنسبة للدراسات من المجموعة الاولى، فقد اتفقت الدراسة الحالية معها في تناولها للتأثير للتفاوت على النمو الاقتصادى فى الاقتصاد المصرى، غير أنها تختلف معها في أسلوب تقدير هذا التأثير بالاعتماد على بيانات محدثة ومحسنة وذات جودة أعلى، حيث اعتمدت الدراسات في هذه المجموعة على منهجية سببية جرانجر فيما اعتمدت الدراسة الحالية على استخدام أساليب أخرى في دراسة العلاقة بين المتغيرات الاقتصادية محل الدراسة، وتمثلت هذه الأساليب بأساليب تحليل بيانات السلاسل الزمنية باستخدام استخدام منهجية Autoregressive Distributed Lag (ARDL) Bound Testing Approach التي تم اقتراحها مبدئيًا Pesaran MH, Shin Y.(1998)،. لذا فإنه سوف يتم استخدام نموذج ال(ARDL) لبيان تأثير التفاوت فى توزيع الدخل المتمثل في (معامل جينى) على التنمية المستدامة (باستخدام مؤشر التنمية البشرية HDI) في الاقتصاد المصري خلال الفترة (1990 –2017).

حددت نظرية الاقتصاد الکلي العديد من العوامل التي تؤثر على النمو الاقتصادى وکذلک التنمية المستدامة، في حين أکدت دراسة David Castells Quintana and at.al (2018) والتى قامت بتحليل تأثير وقنوات انتقال الاثر للتفاوت فى توزيع الدخل على التنمية الاقتصادية والمناقشة حول ضرورة وجود مقياس أوسع للتنمية. وتم تقدير الارتباط بين التفاوت فى توزيع الدخل ومؤشر التنمية البشرية ومکوناته في 117 دولة خلال الفترة من 1970 إلى 2010. واستنتجت الدراسة ان هناک علاقة قصيرة المدى بين التفاوت فى توزيع الدخل والأبعاد المختلفة للتنمية البشرية، واستنتجت الدراسة علاقة موجبة على التنمية الاقتصادية(البعد الاقتصادى للتنمية المستدامة) ولکنها سلبية على المخرجات التعليمية، وأن هذه العوامل(معدلات نمو سنوية او نسب) تشمل :

 التنمية البشرية (HDI)، مؤشر التنمية البشرية يعبر عن التنمية المستدامة، هو مؤشر احصائى لکلا من متوسط العمر المتوقع عند الميلاد، والتعليم (متوسط سنوات الدراسة المکتملة والسنوات المتوقعة من الدراسة عند الدخول في نظام التعليم)، ومؤشرات متوسط نصيب الفرد من الدخل، والتي تُستخدم لتصنيف البلدان إلى أربعة مستويات للتنمية البشرية. يسجل بلد ما أعلى مؤشر HDI عندما يکون العمر أعلى، ومستوى التعليم أعلى، ونصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي (PPP) أعلى(يقع بين صفر والواحد الصحيح)، وقد تم تطويره من قبل الاقتصادي الباکستاني محبوب الحق واستخدم کذلک لقياس تطور البلد من قبل مکتب تقرير التنمية البشرية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي(UNDP) منذ عام 1990.

 التفاوت فى توزيع الدخل ويعبر عنه معامل جينى(GINI)، ويعد معامل جيني من المقاييس المهمة والأکثر شيوعًا في قياس التفاوت فى توزيع الدخل القومى، وقد قام بتطويره عالم الإحصاء الإيطالي "کورادو جيني"، وذلک قبل أکثر من مائة عام، ويتحرک معامل جيني بين صفر والواحد الصحيح، ويعتبر الصفر مؤشرًا للمساواة في دخول أفراد المجتمع الواحد، بينما يشير رقم الواحد إلى ارتفاع التفاوت. وقد تم استخدام البيانات من The Standardized World Income Inequality Database (SWIID) والذى يصدرها Solt,f (2020).

 متوسط نصيب الفرد من انبعاثات ثاني أکسيد الکربون (بالطن المتري) (CO2it) وتنتج انبعاثات ثاني أکسيد الکربون (Co2) عن حرق الوقود الأحفوري (کالفحم الحجري، والغاز الطبيعي، والبترول) وإنتاج الأسمنت.

 الانفاق الحکومى کنسبة من الناتج المحلى الاجمالى(GC)

 تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الداخل (FDI it) تشير تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الداخل إلى حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى داخل الاقتصاد القومى بالمليون دولار أمريکي کنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بالمليون دولار.

ويتم الحصول على الحصول على البيانات من:

 الجهاز المرکزي للتعبئة العامة والإحصاء، الکتاب السنوي، أعداد متفرقة.

 البنک الدولى، مؤشرات التنمية العالمية، الموقع الالکترونى.

 تقرير التنمية البشرية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي(UNDP) منذ عام 1990.

 تم الحصول على معامل جينى من The Standardized World Income Inequality Database (SWIID)

   لأغراض هذه الدراسة، فإن العوامل المحددة المؤثرة على التنمية المستدامة، والذي تم النظر فيه في مصر والتى تم صياغتها فى المعادلة التالية:

HDI=a_0+β_1 GINI+β_2 GC+ β_3 FDI + β_4 CO2+ ϵ_t

                                             (1)

في المعادلة (1)، يتم استخدام مؤشر التنمية البشرية الذى يعبر عن التنمية المستدامة کمتغير تابع. والمتغيرات السالفة الذکر کمتغيرات تفسيرية.

1-7 أهمية الدراسة:

ترجع أهمية الدراسة من الاهتمام العالمي بشکل عام، والاهتمام المصرى بشکل خاص بالتفاوت فى توزيع الدخل وتأثيراته السلبية على التنمية المستدامة في مصر محل الدراسة ومحاولة التخفيف من حدة التفاوت فى توزيع الدخل وذلک لتحقيق استدامة التنمية فى کل القطاعات من خلال بناء استراتيجية قابلة للتطبيق على أرض الواقع تسعى إلى تقليل التفاوت فى توزيع الدخل وتحقيق استدامة التنمية إلى حد کبير.

1-8 الدراسات السابقة:

 هناک مجموعة من الدراسات السابقة التي تناولت العلاقة بين التفاوت في توزيع الدخل وعملية التنمية، ورکزت على تناول اثر التفاوت على النمو او العکس، وهى دراسات کثيرة على المستوى العالمى، ولکن هناک دراسات تناولت العلاقة بين التفاوت والتنمية المستدامة حديثاً، ولکنها قليلة للغاية، والدراسة الحالية ستتناول اثر التفاوت على التنمية المستدامة فى الاقتصاد المصرى والتى قد تعتبر من اوائل تلک الدراسات. ونسرد الدراسات السابقة فى هذا الشأن کما يلي :

دراسة ( ) Mbaku (1997):

ولقد اختبرت هذه الدراسة فرضية کوزنتس Kuzents hypothesis عن العلاقة بين التنمية الاقتصادية والتفاوت في توزيع الدخل باستخدام مقاييس بديلة والتي منها مقياس الرقم القياسي للجودة المادية للحياة The physical quality of life index (PQLI) ومقياس الرقم القياسي للتنمية البشرية (The human development index (HDI)، وذلک على عکس الدراسات الأخرى التي تناولت مقياس متوسط نصيب الفرد من الدخل کمقياس لمستوى التنمية. وقد توصلت تلک الدراسة إلى أن التنمية الاقتصادية (مقاسة بـ PQLI , HDI) تفسر التباين والاختلاف في التفاوت في توزيع الدخل بشکل دقيق عن استخدام مؤشر متوسط نصيب الفرد، وبالتالي فإن النتائج تدعم فرضية کوزنتس في أن التفاوت دالة في مستوى التنمية وذلک باستخدام بيانات عبر الدول Cross – national studies.

دراسة Ahluwlia (1976)، دراسة Nugent (1983):

لقد اختبرت هاتان الدراستان ( ) فرضية کوزنتس التي توضح العلاقة بين التفاوت في توزيع الدخل ومتوسط نصيب الفرد من الدخل وتأخذ العلاقة شکل (U) مقلوبة حيث يزيد التفاوت مع زيادة متوسط نصيب الفرد من الدخل ويقل مع زيادة نصيب الفرد من الدخل، واعتقدوا أن فرضية کوزنتس تفسر التحرکات المختلفة في التفاوت أثناء عملية النمو الاقتصادي في الدولة. واتفقا في دراساتهم التطبيقية على تأييد الفرضية.

دراسة Simpson (1990):

لقد أظهرت تلک الدراسة ( ) أن التنمية الاقتصادية ليس لها تأثير مباشر على التفاوت في توزيع الدخل، وقد قيست التنمية الاقتصادية في تلک الدراسة بمتوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي، وقد يبدو أن نتائج تلک الدراسة تأثرت من استخدام هذا المؤشر کمقياس للتنمية.

دراسة ( ) Iradian (2005):

اختبرت هذه الدراسة العلاقة بين التفاوت في توزيع الدخل والنمو والاقتصادي، وقامت ببيان الآثار المختلفة لکلا من النمو، التفاوت في توزيع الدخل، والإنفاق الحکومي على تخفيض الفقر، وذلک باستخدام البيانات المجمعة عبر الدول محل الدراسة. وتمثل النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة تحدي للاعتقاد بأن التفاوت في توزيع الدخل له تأثير سلبي على النمو، وحيث تدعم صحة فرضية کورنتس، واعتبرت هذه الدراسة أن عدم کمال سوق الائتمان في الدول الفقيرة هذه الدراسة أن عدم کمال سوق الائتمان في الدول الفقيرة من إحدى الأسباب الأساسية للعلاقة الموجبة بين التفاوت في توزيع الدخل والنمو الاقتصادي في المدى القصير. أما في المدى الطويل فإن التفاوت قد يکون له أثر عکسي على النمو الاقتصادي.

دراسة Galor (2000):

لقد أکدت هذا الدراسة ( ) على أن التفاوت في توزيع الدخل له أثر موجب على التکوين الرأسمالي لکن له أثر سلبي على التکوين الرأسمالي البشري في ظل تواجد قيود على الائتمان.

دراسة Alesina and Radrik (1994):

لقد أکدت تلک الدراسة ( ) على أن التفاوت في توزيع الدخل له تأثير سلبي على النمو الاقتصادي وذلک باستخدام البيانات المجمعة عبر الدول (Panel data) . وذلک عکس دراسة Forbes (2000) والذي أوضحت أن هناک آثار موجبة للتفاوت في توزيع الدخل على النمو، حيث استخدمت أدوات اقتصاد قياسي مختلفة عن الدراسة السابقة، وکذلک عينات من دول مختلفة .

دراسة Smith (2001):

اختبرت هذه الدراسة ( ) بشکل عملي فرضيتان : الاستهلاک وعدم کمال سوق الائتمان – للقنوات الخاصة التي ينتقل منها أثر التفاوت في توزيع الدخل إلى معدلات الادخار الخاص. ووجد أنه عند مستويات الدخل المنخفضة، التفاوت في توزيع الدخل يکون مصحوبًا بزيادة في المدخرات الإجمالية.

دراسة ( ) Odedoken, M . and Round, J (2004):

أوضحت هذه الدراسة محددات التفاوت حتى توزيع الدخل وآثارها على النمو الاقتصادي في الدول الأفريقية (35 دولة)، وحددت هذه الدراسة العوامل المؤثرة على التفاوت المتمثلة في مستوى التنمية الاقتصادية، العوامل الاقتصادية، حجم الموازنة الحکومية مقدار الدعم والتحويلات، ومساهمة القطاع الزراعي في إجمالي القوى العاملة، کذلک حددت القنوات التي ينتقل عنها أثر التفاوت إلى النمو في عدم الاستقرار السياسي وزيادة معدل الخصوبة، والاستثمار في التعليم.

دراسة کلا من Aghion and Garcia – penalosa (1990), Perotti (1996), Benabou (1996):

لقد أوضحت هذه الدراسات ( ) أن التأثير السلبي للتفاوت في توزيع الدخل على النمو الاقتصادي ينتقل من خلال قنوات أساسية وهي : السياسة المالية، عدم کمال سوق الائتمان، الاضطراب الاجتماعي والسياسي، ومعدل الخصوبة، وهذا يدحض آلية انتقال الأثر الموجب للتفاوت في توزيع الدخل على النمو الاقتصادي.

دراسة David Castells Quintana and at.al (2018):

 لقد ربطت تلک الدراسة( ) بين خطين فى البحث في أدبيات اقتصاديات التنمية: تحليل تأثير وقنوات انتقال الاثر للتفاوت فى توزيع الدخل على التنمية الاقتصادية والمناقشة حول ضرورة وجود مقياس أوسع للتنمية. وتم تقدير الارتباط بين التفاوت فى توزيع الدخل ومؤشر التنمية البشرية ومکوناته في 117 دولة خلال الفترة من 1970 إلى 2010. واستنتجت الدراسة مايلى : (أ) ارتباط سلبي طويل المدى بين التفاوت فى توزيع الدخل والتنمية البشرية، و(ب) الارتباطات المختلفة قصيرة المدى بين التفاوت فى توزيع الدخل والأبعاد المختلفة للتنمية البشرية: ووجدت الدراسة علاقة موجبة على التنمية الاقتصادية ولکنها سلبية على المخرجات التعليمية.

1-9 قياس العلاقة بين التفاوت فى توزيع الدخل والتنمية االمستدامة على مصرخلال الفترة الزمنية 1990-2018 باستخدام نموذج :ARDL

   تم اقتراح العديد من طرق الاقتصاد القياسى لاختبار التکامل المشترک بين المتغيرات فى الاجل الطويل. ومع ذلک، تستخدم هذه الدراسة منهجية Autoregressive Distributed Lag (ARDL) Bound Testing Approach التي تم اقتراحها مبدئيًا Pesaran MH, Shin Y.(1998)، وتکمن الميزة الرئيسية لنمذجة ARDL في مرونتها مع دراسة عينة صغيرة، ويمکن أن تکون مفيدة عندما تکون المتغيرات مختلفة فى رتبة التکامل.

عند تقدير العلاقة طويلة المدى، يتم استخدام إجراء من خطوتين. دون وجود أي معلومات مسبقة حول اتجاه العلاقة، إذا کانت الخطوة الأولى تتنبأ بوجود علاقة طويلة المدى بين المتغيرات، فإن صيغة تصحيح الخطأ لمنهجية ARDL والمتعلقة بالمتغيرات الممثلة في المعادلة (2) تمت صياغتها. والمحددة على النحو التالي:

∆〖HDI〗_t=a_0+∑_(i-1)^n▒β_1 ∆〖GINI〗_(t-i)+ ∑_(i-1)^n▒β_2 ∆〖GC〗_(t-i)+ + ∑_(i-1)^n▒β_3 ∆〖FDI〗_(t-i) + ∑_(i-1)^n▒β_4 ∆〖CO2〗_(t-i)+ φ_1 〖GINI〗_(t-1)+φ_2 〖FDI〗_(t-1)+ φ_3 〖GC〗_(t-1)+ φ_4 〖CO2〗_(t-1)+ϵ_t

                   (2)

حيث تمثل  هي معامل الفروق الاولى، وa_0هو الحد الثابت. وتمثل المعلاملات فى هذه الصيغة( 1 - 4 ) ديناميکية المدى القصير للنموذج، بينما تمثل المعاملات (1 -4 ) العلاقة طويلة المدى وt هي ثبات تباين حد الخطأ العشوائى وثبات المتوسط.

وللتحقق من وجود علاقة طويلة الأمد بين المتغيرات في النظام، يتم استخدام منهج اختبارات الحدود the bound tests approach الذي تم تطويره بواسطة Pesaran MH, Shin Y.(1998)، ويعتمد هذا الاختبار على إحصاء "Wald" أو "F-statistic". إذا کانت إحصائيات F المحسوبة أقل من القيمة الحرجة ذات الحد الأدنى، فإن فرضية العدم هي عدم وجود تکامل

(1  2  3  4  0 )

يتم قبوله. إذا کانت أکبر من القيم الحرجة العليا، يتم رفض فرضية العدم مما يدل على وجود التکامل المشترک. ومع ذلک، وإذا کانت تقع ضمن الحدود الدنيا والعليا، تصبح النتيجة غير حاسمة.

في الخطوة التالية، بعد تأسيس وجود التکامل المشترک بين المتغيرات، يمکن تقدير النموذج التالي على المدى الطويل للتنمية المستدامة:

〖In HDI〗_t=a_(0 )+ φ_1 〖in HDI〗_(t-1)+ φ_2 〖in GINI〗_(t-1)+φ_3 〖inFDI〗_(t-1)+φ_4 〖GC〗_(t-1)+ φ_5 〖CO2〗_(t-1)+ϵ_t (3)

يتم اختيار فترات الابطاء المثلى للمتغيرات باستخدام خمسة معايير مختلفة لتحديد هذه الفترة هي: معيار معلومات Akaike (AIC; 1973)، معيار معلومات Schwarz (SC, 1978)، ومعيار معلومات Hannan and Quinn (HQ; 1979، معيار خطأ التوقع النهائي final prediction Error (FPE) المقترح من جانب Akaike 1969، ومعيار LR، وعند تطبيق هذه المعايير تم البدء باستخدام فترة إبطاء مساوية لعدد 2 بافتراض وجود حد ثابت واتجاه عام. . بعد تقدير مواصفات m)، n، o، p، q) ARDL وحساب المضاعفات طويلة المدى المصاحبة، يتم صياغة نموذج تصحيح الخطأ التالي من أجل تقدير ديناميکية المدى القصير.

〖∆ HDI〗_t=a_(0 )+∑_(i-1)^n▒β_1 ∆〖HDI〗_(t-i)+ ∑_(i-1)^n▒β_2 ∆〖GINI〗_(t-i)+ ∑_(i-1)^n▒β_3 ∆〖FDI〗_(t-i) + ∑_(i-1)^n▒β_4 ∆〖GC〗_(t-i)+ ∑_(i-1)^n▒β_5 ∆〖CO2〗_(t-i)+ ϵ_t

(4)

حيث ان 1 - 5هى المعلمات فى المدى القصير وهي معامل سرعة التکيف التي من المتوقع أن تکون أقل من الصفر. ويمثل ECM نموذج تصحيح الخطأ ذو فترة الابطاء الذي تم الحصول عليه من نموذج التکامل المشترک المقدر للمعادلة (4). ولتحديد استقرار المعاملات على المدى الطويل والمدى القصير، يتم تطبيق اختبارات CUSUM و CUSUMSQ على بقايا المعادلة من أجل فحص ما إذا کانت الإحصائيتين تبقى ضمن مستوى الثقة 5٪.

1-9-1 مصادر البيانات

تستند هذه الدراسة إلى بيانات السلاسل الزمنية السنوية التي تغطي الفترة من 1990 حتى 2017، والتي تضم 23 نقطة بيانات. تم الحصول على البيانات من البنک الدولي ومؤشرات التنمية العالمية (WDI,2018).

1-9-2 نتائج الدراسة:

بعد تحديد نموذج الدراسة والذى يبين العوامل المختلفة المؤثرة على النمو الاقتصادى الاحتوائى فى الاقتصاد المصرى، بالاضافة الى تحديد مصادر البيانات والفترة الزمنية فان الخطوة الثانية تتمثل فى اختبار سکون المتغيرات باستخدام احد الاختبارت الجيدة فى اختبار سکون المتغيرات وهو ADF,PP، تليها الخطوة الثالثة وهى اختبار التکامل المشترک باستخدام منهج اختبار الحدود، وبعد ذلک الخطوة الرابعة وهى تقدير نموذج تصحيح الخطأ غير المقيد لنموذج ARDL – ECM) ARDL، ثم بعد ذلک الخطوة الخامسة وهى اختبار الاستقرار الهيکلي لمعاملات ARDL – ECM، واخيراً اختبار الأداء التنبؤي لنموذج تصحيح الخطأ غير المقيد المقدر.

اولاً: اختبار سکون المتغيرات باستخدام اختبار ADF,PP:

ان الهدف من اختبارADF وکذلک اختبار PPهو التأکد من أن المتغيرات محل الاهتمام ليست ساکنة في الفروق الثانية لقيمها أو متکاملة من الرتبة الثانية (أي (2)]، من أجل تجنب النتائج المضللة، وذلک قبل تطبيق منهج ARDL للتکامل المشترک للمتغيرات محل الدراسة يجب أولا تحديد رتبة التکامل المشترک لهذه المتغيرات.

واذا کانت هناک متغيرات متکاملة من الرتبة الثانية، فإن القيمة الحرجة لاختبار f- المحسوبة لا يمکن تطبيقها بسبب أن المنهج المذکور مبني على افتراض أن المتغيرات إما أن تکون متکاملة من الرتبة صفر] أي (0)Iأو متکاملة من الرتبة واحد صحيح [أي (1)I Frimpong and oteng – Abayle, 2006:9) (ولهذا، فإنه قبل تطبيق منهج ARDL للتکامل المشترک لابد من تطبيق اختبار جذور الوحدة لتحديد رتبة التکامل المشترک لأنه ضروري للتأکد من عدم وجود أي متغير متکامل من الرتبة الثانية أو أکثر PESARAN ET AL.( 1999).

ولتحقيق ذلک سوف يتم اختبار جذر الوحدة Unit Root لکل متغير على حدة باستخدام اختبارين هما Phillips and Perron (PP, 1988) وAugmented Dickey – Fuller (ADF) ويوضح الجدول (4 – 1) التالي نتائج تطبيق هذين الاختبارين لمستويات المتغيرات المستخدمة في الدراسة، وللفروق الأولى لقيمها.

جدول (1 –1)

نتائج اختبارات جذر الوحدة

إحصائية اختبار ADF إحصائية اختبار PP المتغيرات

مع حد ثابت (a) بدون حد ثابت (a) مع حد ثابت (a) بدون حد ثابت (a)

(-0.549) (5.564) (-0.567) (4.466) HDIt

-2.937** (-1.420) (-2.105) (-1.420) FDIt

(-1.473) (-0.557) (-1.673) (-0.536) GCt

(-2.028) (0.816) (-1.978) (1.489) GINIt

(-1.393) (1.067) (-1.393) (1.0674) CO2t

* تشير إلى رفض فرضية العدم عند مستوى دلالة إحصائية قدرها 5%.

** تشير إلى رفض فرضية العدم عند مستوى دلالة إحصائية قدره 10%.

-تشير القيمة بين الاقواس أن المتغير غير ساکن.

جدول (1-2) نتائج اختبارات جذر الوحدة)استخدام الفرق الاول)

إحصائية اختبار ADF إحصائية اختبار PP المتغيرات

مع حد ثابت (a) بدون حد ثابت (a) مع حد ثابت (a) بدون حد ثابت (a)

-3.510 -2.0789 -3.523 -2.078 HDIt

-3.312* -3.378 -3.312* -3.370 FDIt

-3.534 -3.598 -3.534 -3.398 GCt

-3.172 -3.098 -3.083 -3.019 GINIt

-5.22 -4.820 -5.220 -4.841 CO2t

* تشير إلى رفض فرضية العدم عند مستوى دلالة إحصائية قدرها 5%.

** تشير إلى رفض فرضية العدم عند مستوى دلالة إحصائية قدره 10%.

-تشير القيمة بين الاقواس أن المتغير غير ساکن.

يتضح من هذا الجدول ما يلي:

بالنسبة لاختبار PP اتضح الآتي:

 سکون مستويات المتغيرات محل الدراسة GCt ,FDIt ,HDIt , ,GINIT, CO2t.

 سکون الفروق الأولى لقيم المتغيرات المستخدمة في الدراسة.

بالنسبة لاختبار ADF اتضح الأتي:

 عدم سکون مستويات جميع متغيرات الدراسة في الحد الثابت فقط ووبدون الحد الثابت معًا.

 سکون الفروق الأولى لمتغيرات الدراسة مع الحد الثابت وبدون الحد الثابت. وهذا معناه أن القيمة المطلقة لاحصائية-t المحسوبة أکبر من القيمة المطلقة لاحصائية –t الجدولية،وبالتالى يتم رفض فرض العدم وقبول الفرض البديل بأن المتغير ساکن.

ومن ثم يمکن القول بأن جميع المتغيرات محل الدراسة، ليست متکاملة من الرتبة الأولىI(0) باستخدام الاختبارين. ولذلک سوف يتم استخدام الفروق الأولى للمتغيرات I(1)، وذلک عند تقدير نموذج الـ VAR المرتبط بالدراسة. اى ان جميع المتغيرات متکاملة من الرتبة I(1)

يوضح الجدول التالى نتائج تطبيق هذا الاختبار ADF للمتغيرات المستخدمة في التقدير. ويتضح من هذا الجدول سکون القيم الأصلية لمستويات هذه المتغيرات. ومن ثم يمکن القول بأن المتغيرات محل الدراسة متکاملة من الرتبة صفر، أي (0)I.

Table (3-1): Unit Root Test Results

Variables Specifications Order of Integration

HDI With C

With C and T I(1)

I(1)

GC With C

With C and T I(1)

I(1)

GINI With C

With C and T I(1)

I(1)

FDI With C

With C and T I(1)

I(1)

CO2 With C

With C and T I(1)

I(1)

الجدول من اعداد الباحثة بناءا على نتائج القياس من برنامج E_VIEWS

ثانياً: اختبار التکامل المشترک باستخدام منهج ARDL:

إن اختبارات التکامل المشترک بين المتغيرات (وجود علاقة توازنية طويلة الأجل بين المتغيرات) منها: اختبار Engle and Granger (1987، اختبار Johansen (1988, 1991)، اختبار johasen and juelius (1990)، اختبار Gregory and Hansen (1996). تتطلب أن تکون المتغيرات محل الدراسة متکاملة من نفس الرتبة. کما أن هذه الاختبارات ينتج عنها نتائج غير دقيقة في حالة إذا کان حجم عينة الدراسة (عدد المشاهدات) صغيرًا. ونتيجة لهاتين المشکلتين أصبح منهج اختبار الحدود The Bounds Testing Approachشائع الاستخدام في السنوات الأخيرة، وقد تم نشر هذا المنهج بواسطة کل من pesaran and smith , pesaran and pesaran (1995) pesaran et a., (2001), pesaran and Shin (1999), (1998)

ويتميز منهج اختبار الحدود بعدة مزايا منها: Frimpong-Oteng-Abayie, 2006, shrestha, 2005, 2-3 اولها: أنه يمکن تطبيقه بغض النظر عما إذا کانت المتغيرات محل الدراسة متکاملة من الرتبة صفر، أي (0)I أو متکاملة من الرتبة واحد صحيح، أي (1)I أو متکاملة من نفس الرتبة. وثانيها: أن نتائج تطبيقه تکون جيدة في حالة إذا کان حجم العينة (عدد المشاهدات) صغيرًا کما في حالة الدراسة الحالية وهذا عکس معظم اختبارات التکامل المشترک التقليدية التي يتطلب أن يکون حجم العينة کبيرًا حتى تکون النتائج أکثر کفاءة. وثالثها:إن استخدامه يساعد على تقدير المکونات الأجلين الطويل والقصير معًا في نفس الوقت.

سوف تقوم الدراسة باستخدام نموذج تأثير التفاوت على التنمية المستدامة فى مصر، فإن اختبار التکامل المشترک طبقًا لاختبار الحدود لهذا النموذج سوف يتم من خلال تقدير نموذج تصحيح الخطأ غير المقيد Unrestricted Error correction model طبقاً للمعادلة (2) السالفة الذکر

وبتقدير نموذج تصحيح الخطأ غير المقيد [أي المعادلة رقم (2)]، فإن معامل الأثر طويل الأجل لمتغير مستقل ما هو عبارة عن حاصل قسمة معامل هذا المتغير المبطأ لفترة واحدة (مضروبًا في إشارة سالبة) على معامل المتغير التابع المبطأ لفترة واحدة (Aeong et al., 2005: 16 chang et al., 2005: 123) فعلى سبيل المثال، في المعادلة السابقة، فإن معامل الأثر طويل الأجل للنمو الاقتصادي عبارة عن(φ_2/φ_1 ). أما معاملات الآثار قصيرة الأجل لهذه المعادلة، فهي عبارة عن معاملات الفروق الأولي للمتغيرات في نفس المعادلة المذکورة.

ولتطبيق اختبار التکامل المشترک باستخدام اختبار الحدود يستلزم القيام بأربعة إجراءات: يتمثل الإجراء الأول في اختبار فترة الإبطاء المثلي للفروق الأولي في UECM أي المعادلة رقم (2)]، ذلک باستخدام نموذج متجه انحدار ذاتي غير مقيد Autoregressive Model Unrestricted Vector مع وجود حد ثابت واتجاه عام.

وسوف يتم ذلک باستخدام خمسة معايير مختلفة لتحديد هذه الفترة هي: معيار معلومات Akaike (AIC; 1973)، معيار معلومات Schwarz (SC, 1978)، ومعيار معلومات Hannan and Quinn (HQ; 1979، معيار خطأ التوقع النهائي final prediction Error (FPE) المقترح من جانب Akaike 1969، ومعيار LR، وعند تطبيق هذه المعايير باستثناء معيار LR اکدت على ان فترة الإبطاء المثلى هي تساوي 2 .

والإجراء الثاني يتمثل في تقدير UECM بواسطة طريقة المربعات الصغيرة العادية (OLS) ولتحديد کل نموذج من هذه النماذج تم اتباع إجراء اختبار النموذج الذي ينتقل من العام إلى الخاص General to Specific والذي يتمثل في إلغاء متغير الفروق الأولي لأي متغير تکون القيم المطلقة لإحصاء t- الخاصة به أقل من الواحد الصحيح، وذلک بشکل متتالي. (Tang, 2002: 10).

والإجراء الثالث يتمثل في اختبار المعنوية المشترکة لمعاملات مستويات المتغيرات المبطأة لفترة واحدة بواسطة اختبار Wald (إحصاء اختبار F-)

أما الإجراء الرابع، فيتمثل في مقارنة قيمة إحصاء F- المحسوبة لمعاملات المتغيرات المستقلة المبطأة لفترة واحدة بقيمة إحصاء F- الحرجة (الجدولية) المناظرة المحسوبة pesaran et al., 1999 ونظرًا لأن اختبار F- له توزيع غير معياري، فإن هناک قيميتن حرجتين لإحصاء هذا الاختبار: قيمة الحد الأدنى وتفترض أن کل المتغيرات ساکنة في قيمتها الأصلية (أو في مستواها)، بمعنى أنها متکاملة من الرتبة صفر أي (0)I. قيمة الحد الأعلى وتفترض أن المتغيرات ساکنة في الفروق الأولى لقيمها، بمعنى أنها متکاملة من الرتبة واحد صحيح أي (1)I .واذا کانت القيمة F- المحسوبة أکبر من قيمة الحد الأعلي، فسوف يتم رفض إحصاء فرضية العدم القائلة بعدم وجود تکامل مشترک بين المتغيرات بغض النظر عن رتب التکامل المشترک للمتغيرات، ويعني ذلک وجود علاقة تکامل مشترک بين المتغيرات.وإذا کانت قيمة إحصاء F- المحسوبة أقل من القيمة الحد الأدني، لا يمکن رفض فرضية العدم القائلة بعدم وجود تکامل مشترک بين المتغيرات. ويعني ذلک عدم وجود علاقة توازنية طويلة الأجل بين المتغيرات.

أما إذا کانت قيمة إحصاء F- المحسوبة تقع بين قيم الحدين الأدني والأعلي، فإن النتائج سوف تکون غير محددة. ويعني ذلک عدم القدرة على اتخاذ قرار لتحديد عما إذا کان هناک تکامل مشترک بين المتغيرات من عدمه.

لاحظ أنه إذا کانت کل المتغيرات متکاملة من الرتبة واحد صحيح، أي (1)I فإن القرار الذي يتم اتخاذه لتحديد عما إذا کان هناک تکامل مشترک بين المتغيرات من عدمه سوف يتم علي أساس مقارنة قيم إحصاء F- المحسوبة بالقيمة الحرجة للحد الأعلى، وبالمثل إذا کانت کل المتغيرات متکاملة من الرتبة صفر، أي (0)I، فإن هذا القرار سوف يتم اتخاذه على أساس مقارنة قيمة إحصاء f- المحسوبة بالقيمة الحرجة للحد الأدنى (keong et al., 2005: 15).

ويوضح الجدول رقم (1-4) نتائج اختبار التکامل المشترک باستخدام اختبار الحدود. ويتضح من هذا الجدول إن قيمة إحصاء f- المحسوبة أکبر من القيمة الحرجة للحد الأدنى المناظرة عند مستوى معنوية 1%، ومن ثم، فإن فرضية العدم القائلة بعدم وجود تکامل مشترک بين المتغيرات يتم رفضها، ويعني ذلک وجود علاقة توازنية طويلة الأجل بين المتغيرات في النموذج المستخدم.

جدول (1-4) نتائج اختبار التکامل المشترک باستخدام اختبار الحدود

P- value إحصاء f-1 العلاقة الدالية

0.000018 ***

 6.317

 HDI ( gini,co2,FDI,GC)

القيم الحرجة (الجدولية لإحصاء (F-1) مستوى المعنوية

قيمة الحد الأدنى [(0) 1]

K= 4 عند

3.74 1%

2.86 5 %

2.45 10 %

ملاحظات:

القيم الحرجة مأخوذة من :

*** معنوي عند مستوى 1% . ** معنوي عند مستوى 5% . * معنوى عند مستوى 10%

- تشير K إلى عدد المتغيرات المستقلة في النموذج – نموذج ARDL – التي تم اختياره بواسطة SC

ثالثاً: تقدير نموذج ARDL:

في نموذج ARDL(2, 0, 2, 0, 1) المحدد على المدى الطويل، تم تعيين فترة الابطاء المثلى باستخدام معايير Schwarz Bayesian (SBC) وتم تقديرالمعادلة والحصول على تقديرات المعاملات فى المدى الطويل کما فى الجدول التالى.

جدول(1-5)نتائج تقدير المعادلة

Dependent Variable: HDI

Method: ARDL

Date: 09/12/21 Time: 19:35

Sample (adjusted): 1992 2014

Included observations: 23 after adjustments

Maximum dependent lags: 2 (Automatic selection)

Model selection method: Akaike info criterion (AIC)

Dynamic regressors (2 lags, automatic): GINI GC FDI CO2

Fixed regressors: C

Number of models evalulated: 162

Selected Model: ARDL(2, 0, 2, 0, 1)

Variable Coefficient Std. Error t-Statistic Prob.*

HDI(-1) 0.315094 0.231979 1.358284 0.1975

HDI(-2) 0.428753 0.215180 1.992530 0.0677

GINI -0.003449 0.003596 -0.959074 0.3550

GC 0.003625 0.001829 1.982031 0.0690

GC(-1) -0.006081 0.002309 -2.633483 0.0207

GC(-2) -0.008026 0.002853 -2.813233 0.0147

FDI 0.001027 0.000489 2.099659 0.0558

CO2 0.013589 0.006710 2.025256 0.0639

CO2(-1) 0.023607 0.009472 2.492336 0.0270

C 0.352304 0.127340 2.766627 0.0160

Panel B (Diagnostic checking)

R-squared 0.99 Mean dependent var

0.623004

Adjusted R-squared 0.99 S.D. dependent var

0.039587

LM Test=0.671(0.530) Jarque-bera=1.541(0.462)

F-statistic 420.4039 Durbin-Watson = 2.00

Prob(F-statistic) 0.000012 Breush =1.10(0.42)

يوضح الجدول (1-5)نتائج تقدير نموذج تصحيح الخطأ لنموذج ARDL(2, 0, 2, 0, 1) المختار بواسطة SC. وقبل اعتماد هذا النموذج لاستخدامه في تقدير الآثار قصيرة وطويلة الأجل ينبغي التأکد من جودة أداء هذا النموذج، ويتم ذلک بإجراء الاختبارات التشخيصية التالية:

 اختبار مضروب لاجرانج للارتباط التسلسلي بين البواقي larange Multiplier Test of Residual [Breush-Godfrey (BG)]

 اختبار عدم ثبات التباين المشروط بالانحدار الذاتي Autoregressive conditional heteroscedasticity (breush)

 اختبار التوزيع الطبيعي لأخطاء العشوائية [Jarque – Bera (JB)].

 اختبار مدى ملائمة تحديد أو تصميم النموذج المقدر من حيث الشکل الدالي لهذا النموذج [Ramsey (RESET)]

 اختبار الازدواج الخطي (معامل الارتباط بين کل متغيرين مستقلين).

ويتضح من هذا الجدول ما يلي:

 يشير إحصاء اختبار BG LM إلى خلو النموذج من مشکلة الارتباط التسلسلي.

 يشير إحصاء ARCH إلى عدم رفض فرضية العدم القائلة بثبات تباين حد الخطأ العشوائي Homoscedasticity في النموذج المقدر.

 يشير إحصاء اختبار JB إلى عدم رفض الفرضية القائلة بأن الأخطاء العشوائية موزعة توزيعًا طبيعيًا في النموذج محل التقدير.

 يشير إحصاء اختبار Rest إلى صحة الشکل الدال الستخدم في النموذج المستخدم.

ولاختبار عما إذا کان هناک مشکلة ازدواج خطي Multicollinearity في النموذج المقدر تم تقدير معامل الارتباط بين کل متغيرين مستقلين من المتغيرات المستقلة لهذا النموذج.

وکقاعدة عامة، توجد مشکلة ازدواج خطي حادة في حالة إذا کانت قيمة معامل الارتباط بين متغيرين مستقلين داخل معادلة ما أکبر من 0.7 (Ruth, 2005: 12) ويشمل الجدول رقم (1-6)مصفوفة معاملات الارتباط للمتغيرات المستخدمة في التقدير التي توضح معامل الارتباط بين کل متغيرين، ويتضح من هذا الجدول قيمة معامل الارتباط بين کل متغيرين مستقلين لم يتجاوز 0.7 ومن ثم لا توجد مشکلة ازدواج خطي في النموذج المقدر.

جدول(1-6) مصفوفة الارتباط

 D(HDI) D(GINI) D(GC) D(FDI) D(CO2)

D(HDI) 1 0.2779208897213537 0.0742201964394521 -0.2407616922445107 -0.06434668065246028

D(GINI) 0.2779208897213537 1 -0.1258448190898446 -0.2108882107598672 0.1869891257906171

D(GC) 0.0742201964394521 -0.1258448190898446 1 -0.09796081619442468 -0.1729563756326615

D(FDI) -0.2407616922445107 -0.2108882107598672 -0.09796081619442468 1 0.001944671636185802

D(CO2) -0.06434668065246028 0.1869891257906171 -0.1729563756326615 0.001944671636185802 1

وتشير قيمة معامل التحديد (R2) إلى ارتفاع القوة التفسيرية للمتغيرات المستقلة محل الاهتمام (0.99) کما تشير قيمة إحصاء اختبار f- إلى جودة النموذج المقدر ککل من الناحية الإحصائية.

رابعاً: ديناميکية الأجل القصير(نموذج تصحيح الخطأ):

يعرض الجدول (1-7) نتائج المعلمات على المدى القصير إلى جانب نتائج تصحيح الخطأ

جدول (1-7) نتائج تقدير نموذج تصحيح الخطأ

ARDL Long Run Form and Bounds Test

Dependent Variable: D(HDI)

Selected Model: ARDL(2, 0, 2, 0, 1)

Case 3: Unrestricted Constant and No Trend

Date: 09/12/21 Time: 20:09

Sample: 1990 2017

Included observations: 23

Conditional Error Correction Regression

Variable Coefficient Std. Error t-Statistic Prob.

C 0.352304 0.127340 2.766627 0.0160

HDI(-1)* -0.256153 0.108697 -2.356589 0.0348

GINI** -0.003449 0.003596 -0.959074 0.3550

GC(-1) -0.010481 0.002212 -4.737939 0.0004

FDI** 0.001027 0.000489 2.099659 0.0558

CO2(-1) 0.037196 0.009607 3.871632 0.0019

D(HDI(-1)) -0.428753 0.215180 -1.992530 0.0677

D(GC) 0.003625 0.001829 1.982031 0.0690

D(GC(-1)) 0.008026 0.002853 2.813233 0.0147

D(CO2) 0.013589 0.006710 2.025256 0.0639

  * p-value incompatible with t-Bounds distribution.

** Variable interpreted as Z = Z(-1) + D(Z).

Levels Equation

Case 3: Unrestricted Constant and No Trend

Variable Coefficient Std. Error t-Statistic Prob.

GINI -0.013463 0.017928 -0.750956 0.4661

GC -0.040919 0.019021 -2.151245 0.0508

FDI 0.004008 0.002760 1.452429 0.1701

CO2 0.145211 0.039630 3.664184 0.0029

EC = HDI - (-0.0135*GINI -0.0409*GC + 0.0040*FDI + 0.1452*CO2 )

بشکل أساسي، فإن التنمية المستدامة للعام الماضي الذى يعبر عنها مؤشر التنمية البشرية له تأثير سالب على مؤشر التنمية البشرية للعام الحالي على المدى القصير، في حين أن زيادة التفاوت ستقلل من التنمية المستدامة على المدى القصير والطويل ولکن غير معنوى. وعلى المدى القصير نلاحظ أن الاستثمار الاجنبى المباشر له تأثير إيجابي على التنمية المستدامة وکذلک على المدى الطويل. لا يزال تأثير الاستهلاک الحکومي على التنمية المستدامة موجب معنوى، في حين أن تأثير ثانى اوکسيد الکربون (البعد البيئى) له تأثير موجب على التنمية المستدامة وهذا ما تتجه اليه الدولة فى الاهتمام بتخفيض التلوث البيئى وزيادة المشروعات الصديقة للبيئة.

  کما أن معامل تصحيح الخطأ، المقدر بـ -0.256153 سالب ومعنوى بشکل کبير کما هو متوقع، مما يعني سرعة تعديل عالية جدًا للتوازن. يؤکد مصطلح تصحيح الخطأ الکبير للغاية وجود علاقة مستقرة طويلة الأجل.

خامساً: اختبار الاستقرار الهيکلي لمعاملات ARDL – ECM:

وبإتباع Pesaran and Pesaran 1997 فإن الخطوة التالية بعد تقدير صيغة تصحيح الخطأ لنموذج ARDL يتمثل في اختبار الاستقرار الهيکلي لمعاملات الأجلين القصير والطويل. ولتحقيق ذلک سوف يتم استخدام اختبار هما (Brown et al , 1975): اختبار المجموع التراکمي لمربعات البواقي المعاودة Cumulative Sum of Squares of Recursive Residuals (CUSUMSQ)، ويتحقق الاستقرار الهيکلي للمعاملات المقدرة لصيغة تصحيح الخطأ لنموذج ARDL إذا وقع الشکل البياني لإحصاء کل من CUSUMSQ داخل الحدود الحرجة عند مستوي معنوية 5 %. ومن ثم تکون هذه المعاملات غير مستقرة إذا انتقل الشکل البياني لإحصاء الاختبار المذکور خارج الحدود الحرجة عند هذا المستوي.

شکل(1-1) لاحصاء اختبار المجموع التراکمي للبواقي المعاودة CUSUM

ويتضح من الشکل رقم ( 1-1) أن المعاملات المقدرة لنموذج تصحيح الخطأ غير المقيد المستخدم مستقرة هيکليًا عبر الفترة محل الدراسة، حيث وقع الشکل البياني لإحصاء الاختبارين المذکورين لهذا النموذج داخل الحدود الحرجة عند مستوي معنوية 5%.

سادساً: اختبار الأداء التنبؤي لنموذج تصحيح الخطأ غير المقيد المقدر:

  يجب التأکد من أن هذا النموذج يتمتع بقدرة جيدة علي التنبؤ خلال الفترة الزمنية للتقدير، لأن جودة النتائج المقدرة تعتمد علي جودة الأداء التنبؤي لنموذج تصحيح الخطأ

وقد تم استخدام أهم مقاييس الأداء التنبؤي للنماذج الاقتصادية الکلية القياسية خلال الفترة الزمنية للتقدير وهي: معامل عدم التساوي المقترح بواسطة Theil (U) والذى بلغ 0.0017 والذى يقترب من الصفر، ونسب عدم التساوي (مصادر الخطأ) التي تتکون من ثلاثة نسب: أولها نسبة التحيز، (.(Um وثانيها نسبة التباين (US). وثالثهما نسبة التغاير (Uc).

ويوضح الشکل التالى(2-4) نتائج تقييم الأداء التنبؤي لنموذج تصحيح الخطأ غير المقيد بطريقة نموذج ARDL ويتضح ما يلي:

 1) تبلغ U قيمة منخفضة، وأقل من الواحد الصحيح.

2) إن Um قيمة کانت مساوية للصفر.

3) إن Us قيمة کانت قريبة من الصفر.

4) إن Uc قيمة کانت قريبة من الواحد الصحيح.

ومن ثم يمکن القول بأن نموذج تصحيح الخطأ غير المقيد المستخدم يتمتع بأداء تنبؤي جيد خلال الفترة محل الدراسة. هذا الأداء الجيد يمکن تتبعه بمجرد النظر إلي الشکل التالى(1-2) الذي يوضح سلوک القيم الفعلية والمقدرة للتنمية المستدامة طبقًا لنموذج تصحيح الخطأ غير المقيد المقدر. ومن ثم يمکن الاعتماد علي نتائج هذا النموذج لإغراض السياسات الاقتصادية.

شکل(1-2) القيم الفعلية والمقدرة للتنمية المستدامة فى مصر خلال الفترة

1-10 التوصيات:

ان وجود التفاوت في توزيع الدخل لا يعتبر أمرًا کافيًا لقيام الحکومة باتخاذ إجراءات معينة حيالها. فبالنظر إلى مفهوم الکفاءة التوزيعية يجب أن نعرف أولاً ما هو توزيع الدخل المقصود، فسوف يکون هناک دائمًا فروق في توزيع الدخل إذا لم تحصل کل أسرة في المجتمع على نفس الدخل، لذا ما يجب تحديده في هذه الحالة هو درجة التفاوت المقبولة اجتماعيًا، يمکننا في هذه الحالة أن نعتبر أن هناک عدم کفاءة توزيعية، وبالتالي يتعين على الحکومة القيام باتخاذ بعض الإجراءات حيالها.

وعادة ما يترتب على آليات السوق اتجاهًا ذاتيًا قويًا لزيادة التفاوت في توزيع الدخل، وتتوقف الحاجة إلى التدخل الحکومي في هذه الحالة لاتخاذ إجراءات معينة على ما إذا کان هذا المستوى من التفاوت مقبول اجتماعيًا أم لا. وفي حالة زيادة مستويات التفاوت في توزيع الدخل عن المستوى المقبول اجتماعيًا فإن عدم وضع سياسات اقتصادية تصمم خصيصًا للقضاء عليها يجعل من المتوقع أن يستغرق زوال هذه المستويات وقتًا طويلاً، حيث أنه من غير الممکن زيادة الدخول المنخفضة ومستويات المعيشة في مصربدون تعجيل متوسط معدلات النمو الحالية باستخدام عدد من الأدوات الاقتصادية التي تهدف إلى تغير هيکل النمو واستغلال الموارد الاقتصادية للفئات الدخلية المختلفة. ولابد من استخدام جانبي الموازنة للتأثير على التفاوت في توزيع الدخل حتى يمکننا الوصول إلى مستوى مقبول اجتماعيًا من مستويات التفاوت وتحقيق التنمية المستدامة وهي کما يلي:

استخدام جانبي الموازنة:

إن تأثير الموازنة الحکومية على توزيع الدخل يکون من المهم دراسة تأثير ليس فقط الضرائب ولکن أيضًا الإنفاق الحکومي.

 استخدام النظام الضريبي:

إن فرص استخدام نظام ضريبي بحيث يکون فعالاً في إعادة توزيع الدخل يعتمد على القدرة على تنفيذ هذا النظام، من خلال قدرته على الحصول على المتحصلات الضريبية من الأفراد حسب المجموعات الدخلية، ويجب أن يکون نظام الضريبة تصاعديًا وخاصة على ضرائب الدخل، إلا أن هناک عددًا من التحفظات على ما يمکن تحقيقه بهيکل ضريبي تصاعدي مرتفع في مصر تتمثل في:

انخفاض عدد الأفراد ذوي الدخول العالية إلى إجمالي عدد السکان، وأن دخول الطبقة المتوسطة لا تتحمل معدلات الضرائب العالية. لذا فالضرائب التصاعدية على الدخل ربما يکون لها تأثيرًا کبيرًا على مجموعة صغيرة نسبيًا لإجمالي عدد السکان، وبهذا يکون لها تأثير محدود على توزيع الدخل الکلي.

غالبًا ما تکون قدرة الأغنياء على التهرب الضريبي کبيرة، وهم غالبًا ما يستعينون بمستشارين ضرائب لتقديم النصيحة لهم في هذه الأمور، بحيث يمکنهم تحويل جزء من دخولهم إلى أشکال غير خاضعة للضريبة، مثل شرکات السيارات والإسکان ومواد البناء ومحلات التسلية والترفية، وربما أيضًا يتمتعوا بحماية سياسية کافية للحفاظ عليهم بعيدًا عن التعرض لعقوبة قانونية، أو يقوموا بدفع رشوة.

يمکن أن تؤثر ضرائب الدخل والأرباح التصاعدية تأثيرًا عکسيًا على الادخار والاستثمار مما يعمل على إعاقة التنمية، حيث أن الضرائب تفرض على دخول يمکن أن يتم ادخارها وبالتالي تکون متاحة للاستثمار الإنتاجي، وکما أن جزء کبير من استثمارات الشرکات يتم تمويله ذاتيًا من الأرباح بعد الضريبة، لذا کلما ارتفعت الضرائب کلما انخفضت حجم الأموال المتاحة للاستثمار.

نلخص مما سبق إلى أن القوة الانتشارية لفرض الضرائب کأداة لإعادة توزيع الدخل صغيرة، أي أن فرض الضرائب له بعض إمکانيات إعادة توزيع الدخل ولکن يصعب توقع إنشاء نظام ضريبي يؤدي إلى نتائج جيدة في إعادة توزيع الدخل.

 استخدام بنود الإنفاق الحکومي:

يضفي اتخاذ جانب الإنفاق الحکومي نوعًا من التفاؤل في اعتباره منهجًا لإعادة توزيع الدخل، حيث له تأثيره الکبير على توزيع القوة الشرائية، ويجب التفرقة بين ثلاثة أنواع أو مجموعات من الإنفاق الحکومي:

 مخصص السلع والخدمات: مثل التعليم والصحة والذي يرفع من مستوى المعيشة للأفراد بطرق يمکن قياسها.

 مخصص المنافع النقدية أو المدفوعات التحويلية: مثل مدفوعات الدعم والمساعدات الحکومية.

 الأشکال الأخرى من الإنفاق: والتي قد ترفع من مستويات المعيشة، ولکن من خلال طرق لا يمکن تخصيصها بين الفئات الدخلية المختلفة ...، وتضم الدفاع والعدالة والخدمات الإدارية العامة والتي من المفضل أن تکون متاحة للجميع، وبالتالي يکون تأثيرها محايد على توزيع الدخل.

والمجموعة (1)، (2) هي التي سوف نرکز عليها، ونلاحظ أن أکثر البنود أهمية يتمثل في التعليم المدعم والخدمات الصحية المدعمة، لأن التعليم بصفة خاصة والخدمات الصحية لمحدودي الدخل ترفع من إنتاجية العامل. کذلک المدفوعات التحويلية لها آثار جوهرية على توزيع الدخل، لأنها يمکن أن تحدد المجموعات الفقيرة على سبيل المثال المسنين والمعاقين وغير العاملين وذوي الأسر الکبيرة (إعفاءات للأسر، ووجبات مدرسية مجانية)، وتزاد أهمية هذه المدفوعات في مصر التي تمر بعملية تنمية اقتصادية. بجانب أن العدد الذي يستحق تلک المدفوعات يکون کبير نسبيًا في مصر بالنسبة لإجمالي عدد السکان، ويرجع ذلک إلى تزايد الفقر.