نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة
المؤلف
کلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، جامعة الإسکندرية
المستخلص
الكلمات الرئيسية
الموضوعات الرئيسية
مقدمة:
يمثل صعود الأحزاب والحرکات الشعبوية واحدة من أهم الظواهر السياسية في السنوات الأخيرة، إذ يکاد لا يخلو مجتمع من حزب أو حرکة شعبوية، ونجح العديد من الأحزاب الشعبوية في المشارکة في حکومات ائتلافية، کما نجح عدد آخر في الفوز بأغلبية مقاعد البرلمان وتشکيل الحکومة، فضلاً عن ذلک وصل عدد من القادة الشعبويين للحکم في العديد من المجتمعات. وتشير الدراسات المعنية بتحليل الأحزاب والحرکات الشعبوية إلى أن نصيب الأحزاب الشعبوية من أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية في غرب أوروبا قد زاد من 5.3 % في أربعينيات القرن العشرين إلى 12.4% في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين[1]. کذلک ووفقًا لدراسة کل من Jordan Kyle and Brett Meyer المسحية والتي امتدت من عام 1990 إلى عام 2019 فقد نجح قائد أو حزب شعبوي في الوصول للحکم في اثنتين وثلاثين دولة[2]، وقد دفع هذا الصعود الکثير من الباحثين لتحليل ظاهرة الصعود الشعبوي وأسبابها[3] وتأثيراتها على الديمقراطية الليبرالية[4]، کما اتجه باحثون آخرون لتقييم سياسات الأحزاب الشعبوية في الحکم وتحليل مواقفها السياسية والاقتصادية والخارجية[5].
وتصدى عدد من الباحثين لدراسة الجانب المتعلق بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية للأحزاب والقادة الشعبويين، کما تناول بعض الباحثين ما أسماه بالشعبوية الطبية medical populism، وتبرز أهمية دراسة هذا الجانب بعد انتشار فيروس کورونا في العالم.
لقد کان لجائحة کورنا تداعيات مختلفة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، إذ تسببت في ملايين الإصابات والوفيات، کما تأثر ملايين الأفراد عبر العالم بانتشار الفيروس، فقد أصيب الاقتصاد العالمي نتيجة تفشي هذا الفيروس بالعديد من الخسائر، نتيجة توقف القطاعات الإنتاجية عن العمل، فضلاً عن فقدان الملايين لوظائفهم حول العالم.
على الجانب السياسي اتجه الکثير من الباحثين لتحليل الآثار السياسية الناتجة عن انتشار الفيروس، فقد جادل العديد من الباحثين بأن الأزمة الناتجة عن تفشي فيروس کورونا ستؤدي إلى تغيير مستقبل السياسة الدولية، فجانب کبير من المکانة التي تتمتع بها الولايات المتحدة في النظام الدولي ترتد إلى قدرتها على القيام بدور رائد في إدارة الأزمات والکوارث التي تصيب العالم، غير أن الولايات المتحدة لم تقم بهذا الدور في أزمة انتشار فيروس کورونا[6]، في ظل رئاسة الرئيس الأمريکي السابق دونالد ترامب.
إلى جانب ذلک اتجهت دراسات عدة لتحليل مواقف حرکات وأحزاب شعبوية من انتشار الفيروس وماهية السياسات التي اتبعها القادة والأحزاب الشعبويون. ورغم کثرة هذه الدراسات إلا أنها نادرًا ما ترتبط بإطار نظري محدد يدرس مواقف هؤلاء القادة وهذه الأحزاب.
هدف الدراسة:
تسعى هذه الدراسة للإجابة على تساؤلين رئيسيين الأول هو کيف تعامل القادة الشعبويون مع جائحة کورونا؟ والآخر هو هل کان لهذه الجائحة أثر على استمرار هؤلاء القادة في الحکم أو التأثير على شعبيتهم؟ وبناء على ذلک تستهدف هذه الدراسة تحليل مواقف القادة الشعبويين من جائحة کورونا وسمات السياسات التي اتبعوها للتعامل مع هذه الجائحة وذلک في کل من الولايات المتحدة الأمريکية والبرازيل بالإضافة إلى تحليل تأثير انتشار فيروس کورونا على شعبية کل من الرئيسين الأمريکي السابق دونالد ترامب والبرازيلي جايير بولسونارو واستمرارهما في الحکم وقد تم اختيار هاتين الحالتين لاعتبارات مختلفة سيتم تناولها لاحقًا، وذلک انطلاقًا من إطار نظري يربط بين الشعبوية والأوبئة بشکل عام.
منهج الدراسة:
عملت الدراسة على تطوير الإطار النظري للعلاقة بين الشعبوية والأوبئة الذي قدمه کل من Gideon Lascoa, Nicole Curato وذلک للانطلاق منه لدراسة مواقف وسياسات القادة الشعبويين في حالتي الدراسة، فضلاً عن دراسة تأثيرها على شعبيتهم واستمرارهم في الحکم. واعتمدت الدراسة على تحليل النمط السياسي الذي تبناه کل من الرئيسين الأمريکي السابق دونالد ترامب والبرازيلي جايير بولسونارو المتعلق بمعالجة أزمة کورونا وذلک من خلال تتبع مواقفهم وتصريحاتهم في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن تلک الواردة في المصادر والمراجع ذات الصلة، إلى جانب تتبع مواقفهم وردود أفعالهم والسياسات التي تبنوها بخصوص جائحة کورونا.
وبخصوص اختيار حالتي الدراسة فقد اختار الباحث حالتين وصل إلى الحکم فيهما رئيسان شعبويان، فتتبع مواقف وخطاب الرئيسين الأمريکي والبرازيلي يوضح أنهما يمثلان نموذجًا للنمط السياسي الشعبوي، کذلک فإن نظام الحکم في کلا البلدين رئاسي الأمر الذي يمکن معه تتبع مواقف هذين الرئيسيين بشکل واضح، على عکس الحال في النظم البرلمانية التي تکون غالبًا ما تکون السياسات الحکومية فيها نتيجة تفاعل إرادات عدة أحزاب والمکونة للحکومة الائتلافية.
وتنقسم الدراسة لأربعة أقسام رئيسية يتناول أولها التعريف بالشعبوية ويتناول ثانيها إطارًا نظريًا تحليليًا لتحليل العلاقة بين الشعبوية والأوبئة وتنطلق الدراسة من هذا الإطار لتحليل موقف القادة الشعبويين في حالتي الدراسة من أزمة کورونا، کما تتناول الدراسة في قسمها الأخير تحليلاً لتأثير أزمة کورونا على حکم القادة الشعبويين في هاتين الحالتين.
أولاً: التعريف بالشعبوية:
تشير الدراسات المعنية بدراسة تطور مفهوم الشعبوية إلى أن المصطلح حتى منتصف خمسينيات القرن الماضي کان يستخدم للإشارة إلى ظاهرتين أساسيتين[7]، الأولى هي وصف حزب الشعب الأمريکي الذي تم تأسيسه في عام 1892، وقد جاء ظهور هذا الحزب کرد فعل على فشل الحزبين الديمقراطي والجمهوري في تمثيل العمال والفلاحين، لقد خلفت الحرب الأهلية الأمريکية عدد کبير من صغار الفلاحين الذين کانوا ملاکًا للأراضي ولکنهم في حالة فقر مدقع، والذين لم يلقوا اهتمامًا کافيًا من الحزبين التقليدين للتعبير عن مصالحهم، ولقد عبر هذا الحزب الجديد عن تطلعات بسطاء الناس ordinary people وسلطة الشعب، کما عبر زعماء هذا الحزب عن ذلک بقولهم "نحن نسعى لاستعادة سلطة الجمهورية لأيدي بسطاء الناس the plain people"[8]. أما الظاهرة الأخرى فتتصل بالإشارة للحرکة الاشتراکية التي ظهرت بين المثقفين الروس، الذين اعتقدوا أن التجديد السياسي والاخلاقي للشعب الروسي لن يتأتى إلا من خلال "طبقة الفلاحين" أو "الشعب"[9].
ومن منتصف الخمسينيات بدأ المصطلح يستخدم للإشارة إلى ظواهر مختلفة فقد استخدم للتعبير عن المکارثية التي سادت المجتمع الأمريکي، کذلک في عقد الستينيات انتقل الترکيز في مفهوم الشعبوية من الولايات المتحدة الأمريکية لدول أمريکا اللاتيينة التي استخدم فيها هذا المفهوم للإشارة للحرکات القائمة على تحالفات متعددة في ظل قيادة کاريزمية[10]، وقد استخدم المفهوم أيضًا لوصف بعض السياقات في الدول النامية، فقد ربط بعض الباحثين بينه وبين الإشارة لبعض المثقفين المحبطين في دول العالم الثالث، کما استخدمه البعض الآخر للإشارة للنظم الديکتاتورية في دول العالم الثالث مع إضافة جوانب تتعلق بدور الاستعمار، وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا المفهوم حتى ذلک الحين کان تم تضمينه بمضامين مختلفة[11]. وشهد عقد السبعينيات والثمانينات عدة دراسات تناولت الشعبوية کما کانت هناک عدة دراسات للشعبوية في مناطق مختلفة من العالم[12].
ويمکن القول أن هناک ثلاثة أنماط رئيسية من الشعبوية الأول هو الشعبوية الثقافية Cultural Populism، والثاني هو الشعبوية الاقتصادية الاجتماعية Socio- Economic Populism ، أما الأخير فيعرف بالشعبوية المضادة للمؤسسات القائمة Establishment Populism Anti-. ومن الملاحظ اختلاف هذه الأنماط من الشعبوية وفقًا لکيفية استخدام القادة للخطاب الشعبوي في ترسيم حدود الصراع بين بسطاء الناس true people وغيرهم[13]outsiders.
ترکز الشعبوية الثقافية على الأبعاد المتعلقة بالأصل العرقي ethnicity والسلالي race والدين والهوية، ويرى الشعبويون المرکزون على البعد الثقافي أن أعضاء الجماعة الأصليين هم الذين يستحقون فقط أن يکونوا جزءً من الشعب الحقيقي true people وأن الدخلاء على الثقافة الأصلية أو ما يمکن أن يتم التعبير عنهم بالأفراد خارج الثقافة الأصلية cultural outsiders يمثلون تهديدًا للدولة القومية[14].
ومن وجهة نظر الشعبوية الثقافية يمثل هؤلاء الدخلاء تهديدًا للشعب الحقيقي لأنهم لا يشارکون أعضاءه نفس القيم، ويشمل هؤلاء الدخلاء المهاجرين والأقليات الدينية والعرقية والنخب الکوزموبوليتانية cosmopolitan elites ، ويؤکد الشعبويون الثقافيون على مجموعة من المبائ مثل القانون والنظام، والسياسات المضادة للهجرة، والسيادة الوطنية، والقيم الدينية التقليدية[15].
أما الشعبوية الاقتصادية والاجتماعية فلا يوصي أنصارها بمجموعة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية وإنما تقوم على تحديد الصراع بين "نحن" و "هم" بين الطبقات الاقتصادية، حيث تمثل الطبقة العاملة الشعب الحقيقي، وهذه الطبقة قد تجاوز الحدود الوطنية، ولذلک فقد يعتبر الشعبويون الاقتصاديون أن الطبقة العمالية في دولة مجاورة حلفاء لهم[16].
على الجانب الآخر يمثل الغرباء بالنسبة للشعبوية الاقتصادية والاجتماعية کبار رجال الأعمال وملاک رأس المال والمؤسسات المالية الدولية التي تستفيد من الأوضاع المتدهورة للطبقة العاملة، وعادةً ما يصاحب هذا النمط من الشعبوية أيديولوجية اقتصادية يسارية وتختلف السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي يتبناها الشعبويون الاقتصاديون من دولة لأخرى[17].
بالنسبة للشعبوية المضادة للمؤسسات القائمة Anti- Establishment Populism فعلى الرغم من أن الشعبوية الاقتصادية والثقافية تتسمان بکونهما ضد نخب المؤسسات القائمة، إذ يتهم أنصار الشعبوية الثقافية نخب المؤسسات القائمة بأنها تعمل على الانفتاح الثقافي، کما يتهم أنصار الشعبوية الاقتصادية نخب المؤسسات القائمة بأنها تعمل على تمکين النخب الاقتصادية والمستثمرين الأجانب، إلا أن الشعبوية المضادة للمؤسسات القائمة تختلف عن الشعبوية الاقتصادية الاجتماعية وعن الشعبوية الثقافية، إذ يقوم الصراع في الأساس مع نخب المؤسسات القائمة، وليس مع طبقة اجتماعية معينة أو جماعة عرقية[18].
ويرى أنصار الشعبوية المضادة للمؤسسات القائمة أن الشعب الحقيقي يعد ضحية لدولة يتم إدارتها من قبل مصالح خاصة، وأن هذه النخب هي بمثابة أعداء الشعب، ويؤکد أنصار هذا النمط من الشعبوية على ضرورة التخلص من الفساد وعلى اجتثاث کل أنصار النظام القديم[19]. ويوضح الجدول التالي مقارنة بين أنماط الشعبوية المختلفة.
مقارنة بين أنماط الشعبوية المختلفة
|
الشعبوية الثقافية |
الشعبوية الاقتصادية والاجتماعية |
الشعبوية المضادة للمؤسسات القائمة |
التصور بخصوص الشعب |
الأعضاء الأصليون للأمة
|
أعضاء الطبقة العاملة والتي قد تتخطى الحدود الوطنية |
ضحايا الدولة التي تديرها مصالح خاصة |
التصور بخصوص الغير |
الأفراد غير الأصليين، الأقليات الدينية والعرقية، والنخب الکوزموبوليتانية |
کبار رجال الأعمال وملاک رأس المال والمؤسسات المالية الدولية |
النخب السياسية التي تمثل النظام السابق |
أهم الخصائص |
التأکيد على القانون والنظام والسياسات المضادة للهجرة، والسيادة الوطنية، والقيم الدينية التقليدية |
التضامن مع الطبقة العاملة، السياسات المضادة للرأسمالية |
العمل على تطهير الدولة من الفساد |
المصدر:
Jordan Kyle and Limor Gultchin, Populists in Power Around The World (London: Tony Blair Institute For Global Change, 2020), p. 21.
ولقد تعددت المداخل التي استخدمها الباحثون لتعريف ودراسة الشعبوية، ويمکن القول أن هناک أربعة مداخل أساسية للتعامل مع الشعبوية وهي الشعبوية کأيديولوجية ideology، والشعبوية کاستراتيجية strategy والشعبوية کخطاب discourse، والشعبوية کنمط سياسي political style[20].
بالنسبة للمدخل الذي يرى الشعبوية کأيديولوجية فإنه وفقًا له يمکن تعريف الشعبوية باعتبارها أيديولوجية تتعامل مع المجتمع باعتباره منقسمًا لمجموعتين متعاديتين الأولى هي بسطاء الناس the pure people والأخرى هي النخبة الفاسدة corrupt elite، کما تؤمن الشعبوية بضرورة أن تأتي السياسة کتعبير عن الإرادة العامة للشعب، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الشعبوية ليست أيديولوجية شاملة full ideology کالليبرالية أو الاشتراکية ولکنها تقتصر على مجموعة من المفاهيم مثلها في ذلک مثل النسوية[21].
ورغم ما يتمتع به هذا المدخل من مزايا إلا أنه يعاني من عدة مشکلات أبرزها أن الاعتماد على هذا المدخل في دراسة الشعبوية يؤدي إلى فقدان الشعبوية للوضوح المفاهيمي إذ من الممکن في إطار هذا المدخل أن يتم استخدام العديد من المصطلحات خاصةً تلک المستخدمة في المدخل الذي يتعامل مع الشعبوية باعتبارها خطاب Discourse . إلى جانب ذلک فإن الشعبوية يمکن تصنيفها کأيديولوجية غير مکتملة thin ideology ورغم ذلک فإن منظريها لم يبذلوا محاولات لجعلها أيديولوجية مکتملة الأمر الذي يمکن معه التشکيک في کون الشعبوية تمثل أصلاً أيديولوجية متميزة[22].
أما المدخل الثاني فإنه يرى الشعبوية کاستراتيجية وفي إطار ذلک يمکن تعريف الشعبوية باعتبارها استراتيجية سياسية يسعى من خلالها قائد يحکم على أساس شخصي personalistic leader للوصول للسلطة أو ممارستها ويتأسس ذلک على دعم مباشر من عدد کبير من المؤيدين بدون مؤسسات وسيطة، وهذه العلاقة بين القائد الشعبوي وتابعيه تتجاوز التنظيمات والمؤسسات وتخضعها للإرادة الشخصية لهذا القائد[23]. ويوجه لهذا المدخل العديد من الانتقادات إذ يدخل أنصاره حرکات اجتماعية على أساس أنها تأتي تعبيرًا عن الشعبوية رغم أنه لا يمکن إدخالها تحت هذا التعريف وذلک مثل الحرکات الدينية، کذلک فإن هذا المدخل يربط الشعبوية بضعف الجانب التنظيمي أو المؤسسي رغم أن هناک العديد من الحرکات الشعبوية ذات التنظيم القوي والذي قد يتجسد – مثلاً – في حزب سياسي کما هي الحال بالنسبة لحزب الجبهة الوطنية الفرنسي، إلى جانب ذلک فإن هذا المدخل يغفل العنصر الأهم في تعريف الشعبوية وهو "الشعب"[24].
أما مدخل الخطاب discourse فيتعامل مع الشعبوية ليس باعتبارها مجموعة من المعتقدات السياسية وإنما کنمط معين من التعبير السياسي والذي يتم التعبير عنه في صورة خطاب أو نص مکتوب، ويقوم هذا المدخل على خطاب قوامه الشعب في مواجهة النخبة أو الأقلية[25].
ويمکن القول أن الخطاب الشعبوي ينبني على مقومين أساسيين الأول هو تحدي سلطة المؤسسات القائمة Establishment، فالشعبوية تقدم تساؤلات عن الموقع السليم للسلطة والقوة في أي دولة، ويتضمن ذلک الممثلين المنتخبين في النظم الديمقراطية، أما الآخر فيقوم على مهاجمة عدة أطراف مع وصفها بسمات سلبية وتتمثل أهم هذه الأطراف في: الإعلام (الذي يقدم الأخبار المزورة)، والانتخابات (المزورة)، والسياسيين (الفاسدين الذين يجب التخلص منهم)، والأحزاب السياسية (المختلة وظيفيًا)، وبيراقراطيو المؤسسات العامة (الدولة العميقة)، والقضاة (أعداء الشعب)، والاحتجاجات (المأجورة)، وأجهزة المخابرات (الکاذبة)، واللوبي (الفاسد)، والمثقفين (الليبراليين المتعجرفين)، والعلماء (الذين لا حاجة لهم)[26]. أما المقوم الآخر الذي يقوم عليه الخطاب الشعبوي فيتمثل في الادعاء بأن المصدر الوحيد للسلطة في النظم الديمقراطية هو "الشعب"، والذي يعبر عنه بأنه (صوت بسطاء الناس، أو الأغلبية الصامتة)[27].
ورغم أهمية الترکيز على جانب الخطاب في تعريف الشعبوية إذ يرکز على النصوص المکتوبة أو الخطابات المقروءة، إلا أنه يغفل جوانب عديدة والتي تشمل الجوانب المرئية والمتعلقة بالأداء[28].
وعلى ذلک فإن المدخل المناسب لدراسة الشعبوية هو ذلک الذي يتعامل معها باعتباره نمط سياسي political style إذ يشمل هذا المدخل عناصر متعلقة بالخطاب مثل استخدام اللغة والخطاب والنصوص المکتوبة إلى جانب عناصر أخرى تتعلق بالأداء[29].
وعلى ذلک ينطلق الباحث هنا لدراسة الشعبوية باعتبارها نمطًا سياسيًا وذلک لتحليل تعامل الشعبويين مع أزمة انتشار فيروس کورونا، مع الترکيز على القادة الشعبويين في التحليل حيث يعد القادة مرکز التحليل لمعظم الظواهر السياسية وکذلک الشعبوية، وبناءً على ملاحظة الظاهرة الشعبوية يمکن القول أن إحدى أهم خصائصها هي الاعتماد على قادة يمکنهم حشد الجماهير وذلک بهدف القيام بتغييرات جذرية[30].
ثانيًا: الشعبوية والأوبئة: إطار نظري:
يتسم تعامل الشعبويين مع الأوبئة بسمات معينة تعکس أدائهم السياسي، وتتمثل هذه السمات في التحقير من شأن الجائحة وإنکار وجودها، والتقليل من دور المتخصصين وأهل الخبرة، وادعاء المعرفة، وتبني نظرية المؤامرة، والهجوم على المؤسسات الدولية، ويتم هنا تحليل هذه الخصائص بالتفصيل.
1- التحقير من شأن الجائحة وإنکار وجودها:
يعمل الشعبويون على رفض الارتباط بالأدلة العلمية لأنها – من وجهة نظرهم –تقيدهم بالمؤسسات، ولذلک فإنهم يرفضون قوانين العلم التي تم اکتشافها واختبارها من النخب، وبالتالي فإنهم يتبنون مبدأ الإنکار denialism بشأن الأوبئة والجوائح، بما يتضمنه من انتقاء أدلة غير دقيقة تدعم وجهة نظرهم، بالإضافة إلى تبني وجهة نظر غير مدعمة بالأدلة العلمية، فضلاً عن توظيف العديد من المغالطات المنطقية[31].
کما تتسم استجابة الشعبويين للأوبئة بالانفعال ويمتزج بذلک عدم ثقتهم في المؤسسات الموجودة distrust towards the establishment وهو ما يدفعهم لتبني أفعال سريعة وحاسمة، وإذا کانت الاستجابات العلمية للأوبئة تعزز من تبني استجابات أو سياسات محددة تؤکد على الحقائق، فإن الشعبويين يتبنون مواقف وسياسات استعراضية غير علمية[32].
2- التقليل من دور المتخصصين وأهل الخبرة:
يتنبى الشعبويون مواقف عدائية تجاه النخب بمختلف أطيافها سواء کانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو علمية، وکجزء من هذه المواقف يزدري الشعبويون المتخصصين ويعملون على الانتقاص من قدرهم والتشکيک في الدور الذي يقومون به ويتضح ذلک جليًا في موقف هؤلاء الشعبويين من المؤسسات العلمية والأکاديمية. وتشير ملاحظة مواقف کثير من القادة الشعبويين إلى امتداد هذا العداء للمتخصصين وأهل الخبرة في المؤسسات الطبية سواء في الظروف الطبيعية أو خلال الأزمات الصحية. فعلى سبيل المثال قام رئيس الوزراء الهندي نارديندرا مودي المعروف بتوجهاته الشعبوية بتخفيض الميزانية المخصصة لهيئة الصحة الهندية بنسبة 20% [33].
3- ادعاء المعرفة:
في ظل الأزمات الصحية التي تواجه بلاهم يتجه القادة الشعبويون لادعاء المعرفة بصدد تلک الأزمات، وذلک الرغم من أن بعض ادعاءاتهم المعرفية تکون متعارضة مع الحقائق العلمية الراسخة، ومعتمدة على الأخبار الکاذبة، وخلال جائحة کورونا، اتجه العديد من القادة الشعبويين لإطلاق ادعاءات بخصوص أصل فيروس کورونا، والتکهن بمستقبله، واقتراح علاج للتعامل معه[34].
4- تبني نظرية المؤامرة:
تقوم نظريات المؤامرة على خصائص رئيسية من أهمها أن أي حدث يقع أو العالم بشکل عام لا تظهر حقيقته کما تبدو للأفراد العاديين، وعلى الاعتقاد بدور لقوى معينة في تحريک الأحداث بشکل خفي، ومن بين هذه الخصائص عدم تأييد هذه النظريات بأدلة واقعية يمکن التحقق منها[35]، وخلال الأزمات الکبرى التي تمر بها المجتمعات يزدهر التفکير التأمري، ولا شک أن هذا النمط من التفکير يؤثر على قدرة الحکومات على تنفيذ سياساتها ونجاحها في معالجة الأزمات التي تمر بها ومن بين هذه الأزمات الأوبئة والجوائح.
ويمکن تفسير تبني الشعبويين لنظرية المؤامرة بسبب معارضتهم للنخب السياسية والمجتمعية التي يتهمونها بخيانة المواطنين الأبرياء[36]. على المستوى الجماهيري فإن التفکير التآمري يدفع الجماهير الشعبوية لرفض سياسات المؤسسات التنفيذية والتشريعية وغيرها من المؤسسات[37] باعتبارها تمثل المنظومة الحاکمة التي تديرها النخب التي تخدع العامة، أما على مستوى القادة فعادةً ما يوجه القادة الشعبويون انتقادات حادة ويتبنون نظرية المؤامرة فيما يتعلق بالعلماء والخبراء باعتبارهم جزء من النخبة المجتمعية.
5- الهجوم على المؤسسات الدولية:
في ظل الأوبئة العالمية التي تجتاح العالم يحتاج التعامل مع الوباء إلى تکاتف جهود الدول وإلى التنسيق بينها من خلال المؤسسات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية وغيرها. ويرى العديد من الباحثين أن صعود الشعبوية يؤدي إلى التأثير السلبي على النظام الدولي بمؤسساته الدولية المختلفة، فالکثير من الأحزاب والقادة الشعبويين في البلدان الأوروبية على سبيل المثال طالبوا بخروجها من الاتحاد الأوروبي، کما انسحب الرئيس الأمريکي السابق دونالد ترامب من اتفاقية باريس للمناخ، ويرى الشعبويون أن المؤسسات الدولية تنتقص من سيادة دولهم کما ترسخ لهيمنة نخب عابرة للدول تلک النخب العاملة في المؤسسات الدولية[38]. وهکذا يرفض القادة الشعبويون جهود المؤسسات الدولية ويهاجمونها.
ثالثًا: الإطار التطبيقي:
وصل الرئيس الأمريکي السابق دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة في عام 2016 بعد الفوز في الانتخابات الرئاسية، وتشير ملاحظة الأداء السياسي لترامب إلى وضوح النزعة الشعبوية فيه إذ يقوم على أساس کراهية الأجانب ونظريات المؤامرة خاصةً تجاه منافسيه، ووصف نفسه بأنه خارج إطار المؤسسات وأنه ملياردير صنع نفسه بنفسه ويقود حرکة تمرد في صالح بسطاء الناس الأمريکيين الساخطين على الساسة الفسدة غير الأکفاء ومضاربي سوق المال في وول ستريت والمثقفين المتعجرفين واليبراليين، ولا يقتصر هذا الخطاب الشعبوي على البعد الداخلي إذ يشمل الجوانب الخارجية من خلال تبنيه لسياسات ما يسميه بأمريکا أولاً [39]America First.
أما الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو ففاز في انتخابات الرئاسة البرازيلية في عام 2018، وقد اتجه الرئيس البرازيلي لمهاجمة النخب السابقة، إذ رأى أن النخب الحاکمة السابقة هي مصدر الشقاق بين الشعب البرازيلي کما نصب نفسه مدافعًا عن هذا الشعب ومنقذًا له، وفي تغريدة له على موقع تويتر قال "لقد تم التلاعب بکثير من أبناء الشعب البرازيلي لفترة طويلة، لقد فقد هؤلاء ذاتيتهم ليصبحوا مصدر لانتفاع مجموعة من السياسيين، وقال أن التغيير السياسي الذي ينشده يستهدف تحرير أبناء الشعب من العبودية السياسية حتى يعود لهم الحق في تمثيل أنفسهم، کذلک فقد اتسم خطابه السياسي بمهاجمة بعض الفئات الاجتماعية مثل المرأة والسکان الأصليين، کما رکز خطابه السياسي على الوعد بتعزيز مکانة البرازيل الدولية وهو ما يمکن من إنهاء استغلال الشعب البرازيلي[40]. کذلک تتضح النزعة السلطوية سواء خلال حملته للانتخابات الرئاسية، أو بعد الفوز بالانتخابات، فقد أشاد بفترة الحکم العسکري الذي شهدته البرازيل في الفترة ما بين عامي 1964، و1985، وأشار إلى أن مشکلة القادة الذين حکموا البرازيل خلال هذه الفترة أنهم "عذبوا بدلاً من أن يقتلوا المعارضين"، فضلاً عن ذلک فقد وصف سابقًا اليوم العالمي لحقوق الإنسان بأنه يوم للخاسرين[41]. وقد انعکست هذه التوجهات الشعبوية على معالجة کل من الرئيسين الأمريکي السابق والبرازيلي لجائحة کورونا، وهو ما توضحه السطور القادمة، وارتباطًا بالإطار النظري السابق تعالج الدراسة کيفية تعامل کل من ترامب وبولسونارو مع أزمة انتشار فيروس کورونا.
1- التحقير من شأن الجائحة وإنکار وجودها:
عمد الرئيس الأمريکي السابق في بداية الأزمة إلى التقليل من شأن الجائحة، ففي بداية الأزمة وفي منتصف يناير من عام 2020 سأل صحفي الرئيس الأمريکي ترامب عن القلق من حدوث جائحة في الولايات المتحدة فرد بالنفي وقال أن الأمر برمته تحت السيطرة، فالذي أصيب بالفيروس هو شخص واحد قادم من الصين، وفي مقابلة مع شبکة فوکس نيوز في 13 من شهر فبراير من نفس العام قال ترامب "أن عدد المصابين بفيروس کورونا في الولايات المتحدة هم 12 فقط وأنهم في طريقهم للتعافي مشيرًا إلى أن بعضهم قد تعافى بشکل کامل، وفي تغريدة له على موقع تويتر أشار ترامب في 24 فبراير إلى أن "فيروس کورونا تحت السيطرة في الولايات المتحدة" وفي مؤتمر صحفي في يوم 26 فبراير قال ترامب "إذا کان هناک 15 حالة وفي يومين يقل هذا العدد إلى صفر، إننا نکون قد أنجزنا عملاً عظيمًا"[42].
کذلک أشار ترامب عدة مرات إلى أن أزمة تفشي فيروس کورونا ستنتهي، فأشار إلى انتهاء هذه الأزمة بحلول يوم العاشر من فبراير، ثم توقع بعد ذلک انتهاء الأزمة بحلول فصل الربيع وبداية شهر إبريل، ورغم ذلک فقد کان الوضع في الولايات المتحدة يزداد سوء، مع ازدياد عدد المصابين بالفيروس[43].
ومع تزايد الإصابات في الولايات المتحدة کان رد فعل الرئيس الأمريکي السابق بطيئًا، فقد تأخر کثيرًا في اتخاذ إجراءات واضحة أو تبني سياسات للتعامل مع الجائحة، فلم يقم الرئيس الأمريکي بأخذ قرار بحظر السفر للصين إلا في الحادي والثلاثين من يناير، ثم اتخذ قرارًا مماثلاً بشأن أوروبا بعدها بست أسابيع بعد انتشار الفيروس بشکل سريع في دول أوروبا، وفي مقابلة له مع شبکة فوکس نيوز قال"أن کل شئ على ما يرام، وأنه يجب على الجميع أن يکونوا هادئين"[44].
ويتشابه مع الموقف السابق موقف الرئيس البرازيلي بولسونارو ففي بداية الأزمة وصف الفيروس بأنه "انفلونزا بسيطة" وذلک على النقيض من رؤية قادة المعارضة وخبراء الصحة العامة في البرازيل. وعلى الرغم من تزايد نسبة الإصابات في منتصف مارس إلا أن استمر على موقفه بخصوص الفيروس، وقال "أنه کشخص رياضي إذا أصيب بالفيروس فلن تکون لديه مشکلة"[45].
2- التقليل من دور المتخصصين وأهل الخبرة:
في نوفمبر من عام 2019 أشار تقرير لوکالة المخابرات المرکزية الأمريکية إلى أن تأثيرات جائحة کورونا على الولايات المتحدة قد تکون کارثية، ورغم ذلک فلم يهتم ترامب بهذه التحذيرات، کذلک فقد أعد مستشار ترامب الاقتصادي بيتر نافارو مذکرة حذر فيها ترامب من الآثار الکارثية للانتشار المحتمل لفيروس کورونا، وهو الأمر الذي تجاهله الرئيس الأمريکي، کذلک فعندما حذر أليکس عازار وزير الصحة الرئيس الأمريکي في 30 يناير من عام 2020 من إمکانية حدوث جائحة، قال ترامب أن الوزير يثير القلاقل. کما عبر ترامب عن رغبته في إقالة نانسي موسينير الخبيرة بمرکز مکافحة الأمراض Centers for Disease Control (CDC) بعد حديثها في مؤتمر صحفي عن حاجة الأمريکيين لأن يعدوا أنفسهم لاضطرابات في حياتهم في ظل انتشار الفيروس[46]. کما قام ترامب بإقالة ريک برايت مدير هيئة البحث والتطوير الطبي الحيوي المتقدم بسبب معارضته لإدعاءات ترامب عن فعالية عقار هيدروکسي کلوروکوين في مواجهة فيروس کورونا، وأشار في بيان نشرته صحيفة "نيويورک تايمز" "أعتقد أن نقلي سببه إصراري على أن تستثمر الحکومة مليارات الدولارات التي خصّصها الکونغرس لوباء کوفيد-19 في أدوية مؤکدة ومثبتة علمياً وليس في أدوية ولقاحات وتکنولوجيات أخرى بدون قيمة علمية[47]".
وفي البرازيل اتجه الرئيس جايير بولسونارو لمهاجمة الخبراء والأکاديميين المختلفين معه وفي أبريل أقال بولسونارو وزير الصحة بسبب حثه للمواطنين على الالتزام بالتباعد الاجتماعي[48]. إلى جانب ذلک فقد أطلق حملة بعنوان "البرازيل لا يمکن ان تتوقف" خاطب فيها أصحاب المحال التجارية، والباعة، والموظفين وملايين البرازيليين، داعيًا إلى أنه لا يجب أن تتوقف البرازيل. کما رفض ارتداء الکمامة في العديد من المناسبات العامة[49].
3- إدعاء المعرفة:
اتجه دونالد ترامب في ظل أزمة فيروس کورونا للادعاء المعرفي وذلک في عدة مناسبات فقد أشار إلى أن الطقس الحار سيقتل الفيروس[50] وأنه (أي الفيروس) سيتبدد تلقائيًا، وأنه أقل خطرًا من الإنفلونزا، وأنه سيختفي يومًا ما. وفي بداية شهر مارس قارن ترامب بين کورونا والأنفلونزا، إذ ادعى أن الأنفلونزا الموسمية تؤدي إلى وفاة من بين 26000 إلى 70000 أمريکي سنويًا، بالإضافة إلى أن هناک مئات الآلاف من الأشخاص يموتون سنويًا في مختلف دول العالم نتيجة الأنفلونزا الموسمية[51].
کما أعلن ترامب عن تناوله لعقار هيدروکسي کلوروکواين للوقاية من فيروس کورونا، رغم أن ذلک الادعاء رفضته منظمة الصحة العالمية التي أشارت إلى عدم وجود دليل على فعالية هذا العقار في علاج فيروس کورونا أو الوقاية منه، کما نبهت إدارة الغذاء والدواء الأمريکية إلى المضاعفات الخطيرة التي من الممکن أن يسببها هذا العقار مثل مشکلات في ضربات القلب[52].
وفي عدة مناسبات عامة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أشار بولسونارو إلى أن عقار هيدروسي کلوروکوين المستخدم لعلاج الملاريا يمکن استخدامه کعلاج فعال لمواجهة کورونا، وعندما أصيب بالفيروس في يوليو وتعافى منه لاحقًا فقد استغل تعافيه في الادعاء بعدم خطورة الفيروس والادعاء أيضًا بفعالية هذا العقار کعلاج للفيروس[53]، فضلاً عن ذلک فقد سبقت الإشارة إلى ادعائه بالقول أن الفيروس يمثل أنفلونزا بسيطة.
4- تبني نظرية المؤامرة:
وصف الرئيس الأمريکي السابق فيروس کورونا بال"الفيروس الصيني" the Chinese Virus في إشارة منه إلى مسؤولية الصين عن انتشار هذا الفيروس، إلى جانب ذلک فقد أعاد نشر عدد من التغريدات على موقع تويتر والتي تساءلت عن الدور الصيني في هذه الجائحة[54].
وعند سؤاله عما إذا کان انتشار الفيروس قد جاء نتيجة عمل مدبر، قال الرئيس البرازيلي ""ليس بوسعي أن أقول ذلک، ولکن الحقيقة أن الدول تستعد لحروب وتحضر قنابل، والحرب قد تکون نووية أو بيولوجية"، کمال أشار إلى أن العلماء "يعملون مع الفيروسات في المختبرات، وقد يکون حدث تسرب في واحد منها"[55]. وفي الرابع والعشرين من مارس من عام 2020 اتهم بولسونارو الإعلام ومعارضيه بخداع البرازيليين بشکل متعمد حول أعداد وآثار فيروس کورونا، وهاجم حکام الولايات البرازيلية مشيرًا إلى "سيرى الناس قريبًا أنهم وقعوا ضحية خداع هؤلاء الحکام، والجزء الأکبر من وسائل الإعلام عندما يستعلق الأمر بفيروس کورونا الجديد"[56].
ولم يقتصر تبني التفکير التآمري فيما يتعلق بفيروس کورونا على الرئيس البرازيلي فقط، وإنما امتد ليشمل الدائرة المقربة منه فقد أشار وزير التعليم البرازيلي إلى أن انتشار فيروس کورونا يعد رکنًا مما أسماه "خطة جيوسياسية" تتبناها الصين للسيطرة على العالم[57]. کما أشار نجل بولسونارو إلى أن هذا الفيروس هو "خطأ الصين"وذلک في تغريدة له على موقع تويتر في السابع عشر من مارس من العام الماضي، وقال أنه يجب إلقاء اللوم على الحزب الشيوعي الصيني فيما يتعلق بجائحة کورونا[58].
5- الهجوم على المؤسسات الدولية:
هاجم دونالد ترامب منظمة الصحة العالمية وقال في تغريدة له على موقع تويتر في السابع من أبريل "قد أفسدت منظمة الصحة العالمية الأمر بالفعل، لسبب ما، ورغم أنها ممولة من جانب الولايات المتحدة، إلا أنها ترکز على الصين، سنلقي نظرة على هذا الأمر"، کما أشار "لحسن الحظ، رفضت نصيحتهم بإبقاء الحدود مفتوحة مع الصين في البداية، لماذا أعطونا هذه النصيحة المغلوطة"[59].
کما هدد ترامب بوقف تمويل المنظمة، وفي 18 من مايو وفي خطاب للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية أشار ترامب إلى أن المنظمة تجاهلت تقارير تفيد بانتشار الفيروس في مدينة ووهان الصينية في ديسمبر من عام 2019 بما في ذلک تقارير من بعض الدوريات العلمية مثل [60]Lancet medical journal وهو ما دفع محرر هذه الدورية لنشر بيان فند فيه هذا الإدعاء حيث أکد أن أول تقرير قد تم نشره بخصوص فيروس کورونا کان في 24 يناير 2020 کما أشار إلى أن ادعاء ترامب يقوض الجهود الدولية الرامية لاحتواء انتشار الفيروس[61]. وفي أواخر شهر مايو أعلن ترامب قطع کافة العلاقات مع منظمة الصحة العالمية بسبب ما وصفه برفضها "تنفيذ الإصلاحات التي طالب بها" کما وجه ترامب في الوقت نفسه بتحويل الأموال التي کان من المفترض تخصيصها للمنظمة إلى جهات أخرى تلبي الاحتياجات الصحية في العالم[62].
کذلک في بداية شهر يونيو هدد الرئيس البرازيلي بالانسحاب من منظمة الصحة العالمية حيث اتهمها باتخاذ مواقف وتبني سياسات على أساس حزبي وأيديولوجي وسياسي وقال أن بلاده ستترک المنظمة إذا لم يتغير سلوکها[63].
رابعًا: تأثير جائحة کورونا على القادة الشعبويين:
أثرت جائحة کورونا على کافة المجتمعات اقتصاديًا وسياسيًا، وفي الجزء السابق اتضح أن القادة الشعبويين تبنوا نمطًا مختلفًا من السياسات والمواقف بخصوص هذه الأزمة، وقد کان هذا النمط قائمًا في الأساس على التقليل من شأن الأزمة وقد ضاعفت هذه السياسات والمواقف من آثار جائحة کورونا على المجتمعات التي يحکمها شعبويون وقد ظهر ذلک جليًا في الولايات المتحدة الأمريکية والبرازيل، وفي هذا الجزء يحلل الباحث کيف أثرت أزمة کورونا على القادة الشعبويين في حالتي الدراسة، وذلک من خلال تناول تأثيرها على شعبية الرئيس الأمريکي السابق دونالد ترامب، إلى جانب تحليل أثرها على الانتخابات الرئاسية الأمريکية ونتائجها حيث خسر دونالد ترامب هذه الانتخابات أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن، فضلاً عن تناول تأثيرها على شعبية الرئيس البرازيلي بولسونارو.
1- أزمة کورونا والانتخابات الرئاسية الأمريکية:
تزامن ظهور جائحة کورونا في الولايات المتحدة مع الانتخابات الرئاسية الأمريکية لعام 2020، وقد أشارت استطلاعات الرأي إلى انخفاض تأييد الأمريکيين لسياسات ترامب في مواجهة أزمة کورونا فوفقًا لبعض استطلاعات الرأي بلغت نسبة الأمريکيين غير الراضين عن استجابة دونالد ترامب لأزمة فيروس کورونا 60% ، ووفقًا لاستطلاع جالوب انخفضت نسبة الأمريکيين المؤيدين لترامب بشکل عام من 49% في مارس إلى 38% في يونيو من عام 2020،[64].
وينبه استطلاع مرکز بيو للأبحاث Pew Research Center إلى أن 57% من المواطنين الأمريکيين اعتقدوا أن الرئيس الأمريکي دونالد ترامب کان يرسل رسائل خاطئة بخصوص جائحة کورونا[65].
وتؤکد نتائج بعض الدراسات الأمبيريقية مثل دراسة کل من Christopher Warshaw, Lynn Vavreck, Ryan Baxter-King أن الولايات ذات العدد الأکبر من الوفيات الناتجة عن الإصابة بفيروس کورونا کانت أقل احتمالاً لتأييد المرشحين الجمهوريين وبالتالي ترامب، فعلى سبيل المثال، الولايات ذات معدلات الوفيات الأعلى الناتج عن الإصابة بکورونا کان أقل بنسبة 6% لتأييد سياسات ومواقف ترامب في التعامل مع أزمة کورونا، وذلک بالمقارنة بالولايات ذات معدلات الوفاة الأقل، کذلک فالولايات ذات معدلات الوفاة الأعلى نتيجة الإصابة بکورونا من المتوقع أن تکون أقل تأييدًا لترامب في السباق الانتخابي الرئاسي بنسبة 3%[66].
وتشير دراسات أمبيريقية أخرى مثل تلک التي أجراها کل من Leonardo Baccini, Abel Brodeur, Stephen Weymouth إلى العلاقة العکسية بين عدد حالات الإصابة بفيروس کورونا التي تم اکتشافها في کل ولاية وعدد الأصوات التي حصل عليها ترامب وذلک بالمقارنة بتلک التي حصل عليها في انتخابات عام 2016[67].
کما تنبه نتائج هذه الدراسة – بعد إجراء بعض التقديرات الرياضية والإحصائية- إلى أنه کان من الممکن أن يفوز ترامب بالانتخابات في ولاية ميتشجان لو کان عدد حالات الإصابة بفيروس کورونا أقل بنسبة 20%، وبولاية بنسيلفانيا إذا کان هذا العدد أقل بنسبة 10%، وأن يفوز بالانتخابات في کل من ولايات أريزونا وجورجيا وويسکونسن إذا کان عدد المصابين فيها أقل بنسبة 5%، وإجمالاً کان من الممکن أن يفوز ترامب بالرئاسة لو کانت الإصابات في الولايات المتحدة أقل بنسبة 21%[68]. وقد أوضح الجزء السابق کيف أن تعامل ترامب مع الأزمة أسهم في زيادة عدد حالات الإصابة بفيروس کورونا.
وقد أکدت هذه الدراسات على أن هذه النتائج تعکس اتجاه المواطنين الأمريکيين لمعاقبة ترامب انتخابيًا بسبب معالجته للأزمة والتي جاءت على تناقض مع سياسات معظم دول العالم، کذلک فمن الممکن أن يکون کثير من الناخين قد حول تأييده من ترامب إلى المرشح المنافس جو بايدن بسبب الآثار الناتجة عن أزمة انتشار فيروس کورونا، حيث تعهد بايدن بتوسيع شبکة الحماية الاجتماعية للأمريکيين[69]. ويشير ما سبق إلى أن تعامل ترامب مع أزمة انتشار فيروس کورونا أثر على فرص فوزه في الانتخابات وأدى إلى هزيمته أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن.
2- أزمة کورونا وشعبية الرئيس البرازيلي بولسونارو:
کان لنمط الإدارة الذي اتبعه الرئيس البرازيلي والسياسات التي تبناها في مواجهة جائحة کورونا آثارًا سلبية سواء في حشد مزيد من المعارضين ضده، أو فيما يتعلق بشعبيته ومدى رضا المواطنين عن سياساته وإدارته لأزمة انتشار فيوس کورونا.
تشير نتائج استطلاع الرأي والذي نشره مرکز Datafolhaفي يوليو من العام الحالي إلى أن 56% من البرازيليين يرون أن إدارة الرئيس بولسونارو لأزمة انتشار فيروس کورونا تعد سيئة أو سيئة للغاية، کذلک فإن نسبة البرازيليين الذين يرونه کرئيس جيد کانت 22%[70].
وفقًا لاستطلاع الرأي الذي أجراه مرکز Datafolha والمنشور في مايو من العام الحالي فإن 24% من الأشخاص الذين تم سؤالهم يرون أن إدارة الرئيس بولسونارو تعد جيدة "good" or "great، وهو ما يعد أقل نسبة شعبية وصل إليها الرئيس البرزايلي منذ وصوله للحکم، کما أشار استطلاع الراي هذا إلى أن 45% من البرازيلين يرون إدارته "سيئة"، أو سيئة للغاية "bad" or "terrible" وذلک بالمقارنة بنسبة 32% في نهاية العام الماضي[71].
إلى جانب ذلک يشير نفس استطلاع الرأي إلى أن 54% من الأشخاص الذين تم استطلاع آراؤهم لن يصوتوا صالح الرئيس البرازيلي، کما أوضحت نتائج الاستطلاع أن المرشح اليساري لولا دي سيلفا سيهزم الرئيس البرازيلي الحالي ويحصل على 55% من الأصوات في مقابل 32% لبولسونارو لو أن انتخابات عام 2022 أجريت في نفس توقيت إجراء الاستطلاع[72].
وفي صيف هذا العام شهدت البرازيل عدة تظاهرات شارک فيها عشرات الآلاف من الأشخاص احتجاجًا على تعامل الرئيس مع أزمة انتشار فيروس کورونا ومطالبين بعزله، وقد وصف الکثير من المتظاهرين وفيات کورونا في البرازيل بأنها إبادة جماعية نفذتها الحکومة تجاه الشعب البرازيلي[73]. وبناء على ما سبق يمکن القول أن جائحة کورونا أثرت بالسلب على شعبية الرئيس البرازيلي.
خاتمة:
استهدفت هذه الدراسة تحليل مواقف القادة الشعبويين من جائحة کورونا وسمات السياسات التي اتبعوها للتعامل مع انتشار الفيروس وذلک في کل من الولايات المتحدة الأمريکية والبرازيل التي وصل إلى الحکم في کل منهم قائد شعبوي، وذلک انطلاقًا من إطار نظري يربط بين الشعبوية والأوبئة، بالإضافة إلى تحليل تأثير انتشار فيروس کورونا على شعبية کل من الرئيسين الأمريکي السابق دونالد ترامب والبرازيلي جايير بولسونارو واستمرارهما في الحکم.
کما خلصت الدراسة إلى أن هناک ثلاثة أنماط من الشعبوية الأول هو الشعبوية الثقافية، والثاني هو الشعبوية الاقتصادية الاجتماعية، أما الأخير فيعرف بالشعبوية المضادة للمؤسسات القائمة، ومن الملاحظ اختلاف هذه الأنماط من الشعبوية وفقًا لکيفية استخدام القادة للخطاب الشعبوي في ترسيم حدود الصراع بين بسطاء الناس وغيرهم.
وميزت الدراسة بين العديد من المداخل التي استخدمها الباحثون لدراسة الشعبوية، إذ انتهت الدراسة إلى أن هناک أربعة مداخل أساسية للتعامل مع الشعبوية وهي الشعبوية کأيديولوجية، والشعبوية کاستراتيجية، والشعبوية کخطاب، والشعبوية کنمط سياسي.وانطلقت الدراسة للتعامل مع الشعبوية باعتبارها نمطًا سياسيًا وذلک لتحليل تعامل الشعبويين مع أزمة انتشار فيروس کورونا، مع الترکيز على القادة الشعبويين في التحليل حيث يعد القادة مرکز التحليل لمعظم الظواهر السياسية وکذلک الشعبوية.
وانتهت الدراسة إلى أن تعامل الشعبويين مع الأوبئة يتسم بسمات معينة تعکس أدائهم السياسي، وتتمثل هذه السمات في التحقير من شأن الجائحة وإنکار وجودها، والتقليل من دور المتخصصين وأهل الخبرة، وادعاء المعرفة، وتبني نظرية المؤامرة، والهجوم على المؤسسات الدولية. وانعکست هذه السمات في السياسات التي تبناها کل من دونالد ترامب في الولايات المتحدة الأمريکية، وجايير بولسونارو في البرازيل.
فقد عمل الرئيس الأمريکي في بداية الأزمة على التقليل من شأن الجائحة، إذ أکد أن الأمر برمته تحت السيطرة، ومع تزايد الإصابات في الولايات المتحدة، تأخر کثيرًا في اتخاذ إجراءات واضحة أو تبني سياسات للتعامل مع الجائحة، کذلک فقد وصف الرئيس البرازيلي بولسونارو في بداية الأزمة الفيروس بأنه "انفلونزا بسيطة". وعلى الرغم من تحذيرات عدة جهات في الولايات المتحدة الأمريکية من أن تأثيرات جائحة کورونا على الولايات المتحدة قد تکون کارثية، إلا أن الرئيس الأمريکي لم يهتم ترامب بهذه التحذيرات، وفي البرازيل اتجه الرئيس جايير بولسونارو لمهاجمة الخبراء والأکاديميين المختلفين معه، کما أقال وزير الصحة بسبب حثه للمواطنين على الالتزام بالتباعد الاجتماعي.
واتجه الرئيس الأمريکي في ظل أزمة فيروس کورونا للادعاء المعرفي فقد أشار إلى أن الطقس الحار سيقتل الفيروس، کما أعلن ترامب عن تناوله لعقار هيدروکسيکلوروکواين للوقاية من فيروس کورونا، رغم أن ذلک الادعاء رفضته منظمة الصحة العالمية التي أشارت إلى عدم وجود دليل على فعالية هذا العقار في علاج فيروس کورونا أو الوقاية منه، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أشار بولسونارو إلى أن عقار هيدروکسي کلوروکوين المستخدم لعلاج الملاريا يمکن استخدامه کعلاج فعال لمواجهة کورونا.
کما أشار دونالد ترامب إلى مسؤولية الصين عن انتشار هذا الفيروس، إلى جانب ذلک فقد أعاد نشر عدد من التغريدات على موقع تويتر والتي تساءلت عن الدور الصيني في هذه الجائحة، وظهر أيضًا بتبني الرئيس البرازيلي لنظرية المؤامرة خلال تعامله مع الأزمة.
وهاجم الرئيس الأمرکي منظمة الصحة العالمية وهدد ترامب بوقف تمويل المنظمة، وفي أواخر شهر مايو من العام الماضي أعلن ترامب قطع کافة العلاقات مع منظمة الصحة العالمية، کذلک في بداية شهر يونيو هدد الرئيس البرازيلي بالانسحاب من من منظمة الصحة العالمية.
وخلصت الدراسة إلى التأثير السلبي لأزمة انتشار فيروس کورونا على شعبية الرئيسين الأمريکي السابق ترامب والبرازيلي بولسونارو وذلک کما توضح استطلاعات الرأي التي أجريت في کلتا البلدين، کما أوضحت بعض الدراسات إلى دور هذه الأزمة في هزيمة الرئيس الأمريکي أمام المرشح الديمقراطي جو بادين في انتخابات الرئاسة الأمريکية الماضية.
[1] Pippa Norris, Ronald Inglehart, Cultural Backlash: Trump, Brexit, and Authoritarian Populism (Cambridge: Cambridge University Press, 2019), p. 9.
[2] Jordan Kyle and Brett Meyer, High Tide? Populism in Power, 1990-2020 (London: Tony Blair Institute For Global Change, 2020).
[3] انظر على سبيل المثال:
Kirk Hawkins, Madeleine Read, and Teun Pauwels, "Populism and Its Causes", in: Cristóbal Rovira Kaltwasser, Paul Taggart, Paulina Ochoa Espejo, and Pierre Ostiguy (eds), The Oxford Handbook Of Populism (Oxford: Oxford University Press, 2017), pp. 341-364.
Sergei Guriev, Economic Drivers of Populism, AEA Papers and Proceedings 2018,. 108, pp. 200–203.
[4] أنظر على سبيل المثال:
Takis Pappas, Populism and Liberal Democracy: A Comparative and Theoretical Analysis (Oxford: Oxford University Press, 2019).
[5] أنظر:
Johannes Plagemann and Sandra Destradi, "Populism and foreign policy: the case of India", Foreign Policy Analysis, Vol. 15, No.2, (2019), pp. 283–301
[7] John Allcock,"Populism": A Brief Biography", Sociology, Vol. 5, No. 3, (1971), p. 372.
[8] Tim Houwen,The Non-European Roots of the Concept of Populism, Sussex European Institute, Working Paper 120. Brighton: Sussex European Institute, University of Sussex, p. 9.
[9] Benjamin Moffitt, The Global Rise of Populism: Performance, Political Style, and Representation (Stanford: Stanford University Press, 2016), p. 21.
[10] Ibid, p. 22.
[11] Ibid, p. 23.
[12] Ibid, p. 23
[13] Jordan Kyle and Brett Meyer, High Tide? Populism in Power, 1990-2020, Op. cir, p. 6.
[14] Jordan Kyle and Limor Gultchin, Populists in Power Around The World (London: Tony Blair Institute For Global Change, 2020), pp. 22-23.
[15] Jordan Kyle and Brett Meyer, High Tide? Populism in Power, 1990-2020, Op. cit, pp. 6-7.
[16] Jordan Kyle and Limor Gultchin, Populists in Power Around The World. Op. cit, p. 23.
[17] Jordan Kyle and Brett Meyer, High Tide? Populism in Power, 1990-2020, Op. cit, p. 7.
[18] Jordan Kyle and Limor Gultchin, Populists in Power around The World. Op. cit, p. 24.
[19] Ibid, p. 24.
[20] Benjamin Moffitt, The Global Rise of Populism: Performance, Political Style, and Representation, Op.cit, p. 26.
[21] Matthijs Rooduijn & Teun Pauwels, " Measuring Populism: Comparing Two Methods of Content Analysis", West European Politics, Vol. 34, No. 6, (2011), p. 1273.
[22] Benjamin Moffitt, The Global Rise of Populism: Performance, Political Style, and Representation, Op.cit, p. 28.
[23] Kurt Weyland," Clarifying a Contested Concept: Populism in the Study of Latin American Politics", Comparative Politics, Vol. 34, No. 1 (Oct., 2001), p. 14.
[24] Benjamin Moffitt, The Global Rise of Populism: Performance, Political Style, and Representation, Op.cit, p. 29.
[25] Ibid, p. 30.
[26] Pippa Norris, Ronald Inglehart, Cultural Backlash: Trump, Brexit, and Authoritarian Populism, Op. cit, p. 4.
[27] Ibid, p. 5.
[28] Benjamin Moffitt, the Global Rise of Populism: Performance, Political Style, and Representation, Op.cit, p. 31.
[29] Ibid, p. 48.
[30] Cas Mudde and Cristóbal Rovira Kaltwasser, Populism: A Very Short Introduction (Oxford: Oxford University Press, 2017), p. 62.
[31] Martin McKee, Alexi Gugushvili, Jonathan Koltai, David Stuckler, "Are Populist Leaders Creating the Conditions for the Spread of COVID-19? Comment on “A Scoping Review of Populist Radical Right Parties’ Influence on Welfare Policy and its Implications for Population Health in Europe", International Journal of Health Policy and Management, x(x), 2020, p.2.
[32] Gideon Lascoa, Nicole Curato, "Medical populism", Social Science & Medicine, Vol. 222, (2019), p. 3.
[33] Martin McKee, Alexi Gugushvili, Jonathan Koltai, David Stuckler, "Are Populist Leaders Creating the Conditions for the Spread of COVID-19? Op. cit, p.2.
[34] Gideon Lascoa, Nicole Curato, Op. cit, p. 3.
[35] Freeman D et al, Coronavirus conspiracy beliefs, mistrust, and compliance with government guidelines in England, Psychological Medicine, Vol. 1, No. 13 (2020), p. 1.
[36] Eberl, J.-M., Huber, R. A., & Greussing, E. (2020). From Populism to the ‘Plandemic’: Why populists believe in COVID-19 conspiracies. SocArXiv. https://doi.org/https://doi.org/10.31235/osf.io/ejpw7.
[37] Ibid.
[38] Sandra Destradi1 and Johannes Plagemann,"Populism and International Relations: (Un)predictability, personalisation, and the reinforcement of existing trends in world politics", Review of International Studies, Vol. 45, No. 5, (2019), p. 720.
[39] Ronald F. Inglehart, Pippa Norris, Trump, Brexit, and the Rise of Populism: Economic Have-Nots and Cultural Backlash, Faculty Research Working Paper Series (Cambridge: Harvard Kennedy School, 2016), p. 5.
[40] لمزيد من التفاصيل، انظر:
Hannah Elizabeth Day, “Us” versus “Them”: Jair Bolsonaro’s Construction of a Populist Frame, (Senior Honors Thesis Global Studies University of North Carolina, 2020), pp. 53-63.
[41] صدفة محمود، "فوز مرشح اليمين برئاسة البرازيل: الدلالات والسيناريوهات المستقبلية"، مجلة الديمقراطية، عدد 73، 2019.
[42] Paul E. Rutledge, "Trump, COVID-19, and the War on Expertise", American Review of Public Administration, Vol. No. 50(6-7), p.506.
[43] مروة عبد المنعم محمد بکر، "دور الرأي العام في صنع السياسة العامة بالولايات المتحدة: مواجهة ترامب اجائحة کورونا کدراسة حالة"، المجلة العلمية لکلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، جامعة الإسکندرية، مجلد 6، عدد11، (2021)، ص 411.
[44] Ibid, p.507.
[45] Gideon Lasco, "Medical populism and the COVID-19 pandemic", Op. cit, p. 4.
[46] Paul E. Rutledge, "Trump, COVID-19, and the War on Expertise", American Review of Public Administration, Vol. No. 50(6-7), p.507.
[47] https://www.mc-doualiya.com/articles/20200423-%D8%A5%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D9%85%D8%AF%D9%8A%D8%B1-%D9%87%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D9%85%D9%86%D8%B5%D8%A8%D9%87-%D8%A8%D8%B3%D8%A8%D8%A8-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%B6%D8%AA%D9%87-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%AF%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%84%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%83%D9%8A%D9%86-%D8%B6%D8%AF-%D9%81%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%B3-%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7
[49] Gideon Lasco, "Medical populism and the COVID-19 pandemic", Op. cit, p. 4.
[50] عبد الکريم أمنکاي، "شعبويو السلطة وجائحة کورونا بين اعتيادية التدابير وخصوصية الخطاب: حالة الولايات المتحدة تحت إدارة دونالد ترامب"، سياسات عربية، العدد 50، (مايو 2021)، ص 99.
[51] Ibid, p.6.
[53] Gideon Lasco, "Medical populism and the COVID-19 pandemic", Op. cit, p. 4.
[54] Ibid, p. 4.
[55] http://gate.ahram.org.eg/News/2521368.aspx
[56] https://www.skynewsarabia.com/world/1330817-%D8%B1%D9%8A%D9%94%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%A1-%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%95%D9%86%D9%81%D9%84%D9%88%D9%86%D8%B2%D8%A7-%D8%A8%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%A9-%D9%88%D8%AE%D8%AF%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%95%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9
[57] https://www.skynewsarabia.com/world/1334665-%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1-%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D9%8A%D8%AA%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7-%D8%AC%D8%B2%D8%A1-%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85
[58] Gideon Lasco, Op. cit, p. 4.
[60] Campbell McLachlan, Populism, the Pandemic & Prospects for International Law, KFG Working Paper Series, No. 45, October 2020, p. 18.
[62] https://arabic.rt.com/world/1119199-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%86-%D9%88%D9%82%D9%81-%D9%83%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B9-%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9/
[63] https://brazilian.report/coronavirus-brazil-live-blog/2020/06/06/president-jair-bolsonaro-threatens-pull-brazil-who-world-health-organization/
[64] Leonardo Baccini, Abel Brodeur, Stephen Weymouth, "The COVID-19 pandemic and the 2020 US presidential election", Journal of Population Economics, Vol. 34 (2021), p. 743.
[65] Jeremy Youde, "America’s pandemic election", Australian Journal of International Affairs, (2021), p. 3.
[66] Christopher Warshaw, Lynn Vavreck, Ryan Baxter-King, "Fatalities from COVID-19 are reducing Americans’ support for Republicans at every level of federal office", Science Advances, Vol. 6, No. 44, (2020), p.1.
[67] Leonardo Baccini, Abel Brodeur, Stephen Weymouth, "The COVID-19 pandemic and the 2020 US presidential election, Op. cit, p. 751.
[68] Ibid, p. 755.
[69] Ibid, p. 763.
[70] https://datafolha.folha.uol.com.br/opiniaopublica/avaliacaodegoverno/presidente/jairbolsonaro/indice-1.shtml
[71] https://www.reuters.com/world/americas/bolsonaros-approval-falls-24-lowest-ever-says-datafolha-poll-2021-05-13/
[72] https://www.reuters.com/world/americas/bolsonaros-approval-falls-24-lowest-ever-says-datafolha-poll-2021-05-13/
[73] https://www.reuters.com/world/americas/brazilians-protest-president-bolsonaros-response-pandemic-2021-06-19/