الآثار الاقتصادية لجائحة فيروس کورونا على الدول الآسيوية Economic effects of the COVID-19 pandemic on Asian countries

نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة

المؤلف

جامعة الزقازيق - کلية الدراسات الآسيوية العليا

المستخلص

تناقش هذه الورقة الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية غير المسبوقة بالإضافة إلى الجهود الآسيوية فى مواجهة تداعيات فيروس کورونا بدءًا من عام 2020، الذى شهد فى نهايته على إصابة أکثر من 80 مليون شخص کان نصيب الدول الآسيوية منها 17٪.
في الوقت الذي أسهمت فيه حزم التحفيز الاقتصادي التي بلغت قيمتها نحو 26 تريليون دولار وتوزيع ما يقرب من مليار جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس کورونا ساهمت في تحقيق تعاف اقتصادي أسرع من المتوقع، فإن التداعيات الخطيرة للأزمة على التعليم وشطب مئات الملايين من الوظائف ووصول معدلات الدين العام إلى مستويات لم تحدث إلا في أزمان الحروب، وتزايد الفجوة في الدخول بين الأعراق المختلفة وبين النساء والرجال وبين الأجيال وبين المناطق الجغرافية، تُولد أزمات متعددة في وجه الاقتصاد العالمى.
ومع تقدم الوباء، أجرى بنک التنمية الآسيوي (ADB) تقييمات للتأثيرات على الاقتصاد العالمي وکذلک على الاقتصادات العامة للدول الآسيوية. بوجه عام ، تم إجراء خمسة تقييمات للأثر الاقتصادي في عام 2020 -، و استنادًا إلى آخر تحليل، قُدرت الخسائر العالمية بـ 5.5٪ -8.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2020 و 3.6٪ -6.3٪ من إجمالي الناتج المحلي العالمي في عام 2021 ، مع الخسائر المقابلة في آسيا النامية تصل إلى 6.0٪ - 9.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي و 3.6٪ -6.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي في عامي 2020 و 2021 على التوالي.
وفى اطار هذا الوضع استجابت الحکومات وبنک التنمية الآسيوي بسرعة ونهجت بإجراءات احتواء أو منع تفاقم الآثار الاقتصادية لفيروس کورونا
وبحلول 11 يناير 2021 ، أعلن أعضاء بنک التنمية الآسيوي عن حزم سياسات تصل إلى 27.1 تريليون دولار.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


 

مقدمة

تحظى الدول الآسيوية بمقومات اقتصادية اساسية تجعلها قوة اقتصادية عاتية، حيث " اصطبخ العالم بصبغة أوربية فى القرن التاسع عشر، وأصبح أمريکيا فى القرن العشرين، الآن هو فى طريقه ليصبح آسيويا بأسرع ما تعتقد" هذا ما صرح به مستشار الاستراتيجية العالمية (باراج خانا)، وسبق وقد أعلنت الأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية، إعلان القرن الحادي والعشرين باعتباره قرن القارة الآسيوية، وکان هناک شبه إجماع على المستوى الدولى على اقتراب الهيمنة الآسيوية، وزيادة تأثيرها في مجالات السياسة والثقافة، کما أن القارة ستنتقل بسرعة من مُجرد مشارک في التجارة العالمية والابتکار إلى قوة فاعلة تُحدد شکلها واتجاهها.

أفاد تقرير بنک التنمية الآسيوى لعام (2016) أن دول الآسيان تشهد تحولًا تاريخيًا، مشيرًا إلى أن هذه التقديرات مبنية على بعض المعايير الاقتصادية القوية، حيث شکلت دول رابطة الآسيان بجانب الصين وکوريا الجنوبية واليابان نحو ثلث التجارة العالمية فى السلع، وارتفعت حصة المسافرين على خطوط الطيران العالمية في دول رابطة الآسيان وحدها من 33% إلى 40%، بينما زادت التدفقات الرأسمالية من 13% إلى 23%.

وبالرغم من أن المقومات الاقتصادية الأساسية تظل قوية بالنسبة للقارة الآسيوية، إلا أن الوضع الاقتصادى والاجتماعى الخطير جعل دول العالم والمجموعات الاقتصادية والمؤسسات المالية تُسارع إلى اتخاذ إجراءات وتدابير احترازية للعمل على احتواء التداعيات السلبية. فالانتشار السريع للفيروس يعنى أنه لم يعد هناک أى شک فى تعطيله للاقتصاد العالمى خلال الربع الأول من العام 2020 م. وبالتالى شهدت بيئة الاقتصاد العالمي تغيرًا جذريًا يثير تساؤلات حول إذا کان القرن الحادى والعشرين هو قرن القارة الآسيوية بالفعل أم لا وما هو تأثير فيرو س کورونا على الاقتصادات العالمية بشکل عام وعلى الاقتصادات الآسيوية بشکل خاص، وما هو تقييم المنهجيات الآسيوية فى احتواء تفشى الوباء وجدوى الجهود الآسيوية فى تقويض انتشاره واستعادة الانتعاش الاقتصادى؟، فهى تساؤلات تشکل فى عمقها إشکالية بحثية تحاول هذه الدراسة الإجابة عليها من خلال تحليل ظاهرة الوباء وتداعياته الاقتصادية باعتماد المنهج الوصفي التحليلى والذى يعتمد على جمع البيانات والمعلومات عن الظاهرة وتحليل آثارها. من هنا اعتمدت الدراسة على محاور رئيسية تتمثل فيما يلى :

أولًا:  وقائع جائحة کورونا وانعکاستها الاقتصادية العامة على العالم

(1) الخسائر الاقتصادية للدول الآسيوية خلال عام 2020

(2) التأثيرات الاقتصادية العالمية لإنتشار فيروس کورونا

ثانيا: تداعيات فيروس کورونا على القطاعات الاقتصادية فى آسيا

أولًا : وقائع جائحة کورونا وانعکاستها الاقتصادية العامة على العالم

يظهر أن الآثار الاقتصادية لانتشار فيروس کورونا المستجد عديدة وعميقة، حيث تراجعت معدلات النمو الاقتصاد العالمي، وذلک نتيجة لثلاث قنوات رئيسية. أولا: يتأثر جانب العرض بسبب تعطل الإنتاج نتيجة للإصابات بالفيروس وکذلک إجراءات احتوائه. ثانيًا: يتأثر جانب الطلب عالميًا وخصوصًا في قطاع السياحة. ثالثًا: انتشار هذه الآثار عالميا نتيجة لانتقال الفيروس عبر الحدود، وکذلک نتيجة لتراجع معدلات الطلب العالمية في الدول الصناعية الکبرى والصين. وستتأثر الاقتصادات العربية سلبًا من خلال العديد من القنوات أهمها السياحة، وعائدات صادرات النفط. وستحتاج الدول والمؤسسات الاقتصادية إلى مجموعة من السياسات التي من شأنها التخفيف من حدة الآثار الاقتصادية السلبية لانتشار فيروس کورونا الجديد، ويمکن توضيح وقائع الجائحة وانعکاستها الاقتصادية على النحو التالى:

(1)  الخسائر الاقتصادية للدول الآسيوية خلال عام 2020

يُقدر أن الخسائر الاقتصادية في آسيا النامية تتجاوز 9٪ من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي في عام 2020، وقُدر حجم الخسائر العالمية بما يتراوح بين ( 4.8 تريليون دولار - 7.4 تريليون دولار ) أو ( 5.5٪ -8.7٪ ) من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2020 وبين 3.1 تريليون دولار و 5.4 تريليون دولار أو 3.6٪ -6.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في  منتصف عام 2021 ، کما أن حوالي 27٪ إلى 30٪ من الخسائر العالمية تتکبدها الاقتصادات الآسيوية النامية ، حيث يُقدر الأثر بنحو 1.4 تريليون دولار - 2.2 تريليون دولار في عام 2020 ، أي ما يعادل 6.0٪ - 9.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي ، و بين ( 0.8 تريليون دولار - 1.5 تريليون دولار ) في  النصف الأول من عام 2021 ، أي ما يعادل ( 3.6٪ -6.3٪ ) من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي ، وبالمقارنة مع دول آسيا ، فإن الخسائر في الولايات المتحدة أقل قليلاً من حيث القيمة المطلقة ومن حيث حصص الناتج المحلي الإجمالي في کلا العامين ([1]).

 وفي الوقت نفسه ، فإن الخسائر المقدرة في أوروبا أکبر منها في آسيا من حيث القيمة المطلقة وکنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ، لذلک من المتوقع أن تتأثر اقتصادات شرق آسيا بدرجة أقل ، حيث تمکنت هذه الاقتصادات من احتواء المشکلات المحلية من خلال الاجراءات الصارمة وتتبع الاتصال ، وتجنب تدابير الاحتواء الصارمة وما يرتبط بها من انخفاض کبير في التنقل.

 من جهة أخرى ، تشهد منطقة المحيط الهادئ أيضًا تأثيرًا أقل إلى حد ما ، حيث لم يتعرض أي من بلدانها لتفشي کبير ، خاصة بابوا غينيا الجديدة (أکبر اقتصاد ، والذي يمثل 68٪ من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة ) ، ومع ذلک ، فإن هذا يخفي التأثير الکبير لـ COVID-19 على اقتصادات جزر المحيط الهادئ التي تعتمد بشکل کبير على السياحة ([2]).

وبشکل عام تتراوح الخسائر الاقتصادية المقدرة فى المنطقة الإقليمية الآسيوية ، من حد أدنى يبلغ 6.0٪ من الناتج المحلي الإجمالي إلى حد أقصي يبلغ 13.2٪ من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020، ويوضح الجدول رقم (1) نمو الناتج المحلى الإجمالى ( على أساس سنوي) لدول مختارة من آسيا. وبرغم حزم التحفيز الاقتصادى التى قدمها الحکومات الآسيوية إلا أن التأثير الاقتصادى للجائحة کان کبيرًا خلال الربع الثانى لعام 2020 م.

جدول رقم ( 1 ) نمو الناتج المحلى الإجمالى ( على أساس سنوي) لدول مختارة من آسيا

الدولة

عام 2019 (%)

عام 2020 (%)

الربع الأول

الربع الثانى

الربع الثالث

الربع الرابع

الربع الأول

الربع الثانى

سنغافورة

1

0.20

0.70

1

(0.30-)

13.20) -)

الفلبين

5.74

5.39

6.34

6.66

(.70-)

)16.80-(

فيتنام

6.82

6.73

7.48

6.97

3.68

0.36

تايلاند

2.89

2.44

2.63

1.50

 (1.98-)

 (12.2 (-

ماليزيا

4.50

4.80

4.40

3.65

0.73

17.07

إندونسيا

5.07

5.05

5.02

4.97

2.98

 (5.55-)

المصدر: من إعداد الباحث إستنادًا على بيانات ADB Brief No. 159. Manila: Asian Development Bank.

ويوضح الجدول رقم (1) تأثر اقتصادات الدول الآسيوية من العينة المختارة بسب جائحة کورونا.

(2)  التأثيرات الاقتصادية العالمية لإنتشار فيروس کورونا

لقد أدت أزمة جائحة کورونا إلى حدوث انکماش فى معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمى بنحو سالب 4.9 %، عام 2020 ، وقد بلغ معدل نمو متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي العالمى نحو سالب 6.2 % عام 2020 وذلک بسبب عمليات الاغلاق الکبير التى تمت لمعظم الأنشطة الاقتصادية. ومن المتوقع أن يسبب الأغلاق العام الکبير انکماش النمو أسوأ إذا استمرت جائحة کورونا وإجراءات الاحتواء مدة أطول. ويمکن توضيح آثار الجائحة على الناتج المحلى الإجمالى للدول الکبرى فى الجدول رقم (2).

جدول رقم (2)  أثار الجائحة على الناتج المحلي الاجمالي للدول الکبرى

الدولة

الناتج المحلى الاجمالي عام 2019

التغير في الناتج المحلى الاجمالي عام 2020

(%)

معدل البطالة

(%)

معدل التضخم

(%)

الولايات المتحدة

21.15

- 9.5))

14.70

7

المملکة المتحدة

2.74

)20.4-(

13

6

المانيا

3.85

)9.7-(

9

7

فرنسا

2.70

)13.50-(

8

8

ايطاليا

1.90

)12.40-(

9.30

(4-)

کندا

1.70

 (12-(

13

4

اليابان

5.15

(7.85 (-

5

3

الصين

14.15

( -1.60)

6

25

المصدر: من إعداد الباحث استنادًا على بيانات صندوق النقد الدولي خلال العام 2020 م

 ومنذ أن بدأ الوباء أجرى بنک التنمية الآسيوي تحليلات للآثار الاقتصادية لـ COVID-19، حيث نشر الأثر الأول في 6 مارس 2020 ، بناءً على المعلومات المتاحة حتى نهاية فبراير 2020 في ذلک الوقت ، کان هناک حوالي 86000 حالة فقط في جميع أنحاء العالم، وتم تسجيل معظم هذه الحالات في جمهورية الصين الشعبية ، والتي شکلت 93 ٪ من المجموع ([3]).

وتناولت الدراسة مجموعة من السيناريوهات التي تم الحصول عليها من تقديرات الخسائر العالمية والإقليمية، نتج عن هذا التقييم الأولي تأثيرات عالمية تقديرية تتراوح بين ( 77 - 347 ) مليار دولار ، أو ( 0.1٪ - 0.4٪ ) من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ، وقد وقع ثلثا التأثير على جمهورية الصين الشعبية ، حيث ترکز تفشي المرض ، و تم نشر تقييم منقح في أبريل 2020 کجزء من المنشور الرئيسي لبنک التنمية الآسيوي ،والمعروف بإسم ( آفاق التنمية الآسيوية 2020 )، استنادًا إلى البيانات حتى 20 مارس 2020، ثم وصلت الحالات العالمية إلى 500 ألف ، مثلت أوروبا منها 50٪ ، والولايات المتحدة 20٪ ، وجمهورية الصين الشعبية 15٪ ، وبقية العالم 15٪ ، وقد أنتجت السيناريوهات المحدثة تقديرات أکبر للخسائر العالمية من ( 2.0 إلى 4.1 ) تريليون دولار ، أو ( 2.3٪ - 4.8٪ ) من الناتج المحلي الإجمالي العالمي([4]).

تم إنشاء هذين التقييمين الأوليين من جداول المدخلات والمخرجات الإقليمية المتعددة (MRIOT) لبنک التنمية الآسيوي، وذلک باستخدام نموذج مشروع تحليل التجارة العالمية ، و أصدر بنک التنمية الآسيوي في مايو 2020 تقييمًا آخر محدثًا للتأثيرات الاقتصادية العالمية والإقليمية ([5]).

وقد رفعت هذه الدراسة تقديرات التأثيرات الاقتصادية العالمية إلى ما بين ( 5.8 تريليون دولار " 6.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي" و 8.8 تريليون دولار "9.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي")، في ذلک الوقت ، کانت جمهورية الصين الشعبية قد احتوت انتقال العدوى محليًا وشکلت 2٪ فقط من أکثر من 4 ملايين حالة عالمية

تقترح هذه الدراسة فى نهاية 2021 ، بأن التأثير العالمي لفيروس کورونا، سيتراوح بين ( 6.1 - 9.1 تريليون دولار) ، وهو ما يعادل خسارة 7.1٪ - 10.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بينما ستبلغ الخسائر في الدول الآسيوية النامية (6.0٪ -9.5٪ ) من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي و ( 3.6٪ -6.3٪ ) من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي فى عامى 2020 و 2021 على التوالى ، ويرجع التقدير فى ذلک إلى عدة أسباب تتمثل فيما يلى : ([6]).

1-  أدت تدابير احتواء COVID-19 إلى تقويض الطلب المحلي في الدول الآسيوية النامية؛ فمنذ البداية اضطرت الحکومات إلى فرض تدابير احتواء على مستويات مختلفة من الصرامة ، مما أدى إلى تقييد التنقل والنشاط المحلي.

2-  أن لوباء COVID-19 آثار اقتصادية کبيرة، منها الانخفاضات الحادة في الاستهلاک المحلي في الاقتصادات المتضررة من تفشي المرض حيث يتم تقييد حرکة الأشخاص ، مما يؤدي إلى انخفاض کبير في نسب المبيعات ، وکذلک في الإنفاق الاستثماري حيث أدى تفشي المرض إلى ظهور آراء أقل تفاؤلاً بشأن النشاط التجاري في المستقبل .

3-   التراجع، وربما التوقف في السياحة والسفر من أجل العمل بسبب إغلاق الحدود.

4- أن تفشي COVID-19 المستمر، سيؤثر على الاقتصادات من خلال العديد من القنوات؛ حيث له تأثيرات مباشرة على الصحة ، مثل زيادة معدلات المرض والوفيات على المدى القصير والمتوسط ، بالإضافة إلى تحويل الإنفاق على الرعاية الصحية نحو معالجة تأثيرات COVID-19 مقابل الإهمال فى جوانب الرعاية الاخرى.

5- تداعيات ضعف الطلب على القطاعات والاقتصادات الأخرى من خلال التجارة ، وروابط الإنتاج ؛ واضطرابات جانب العرض للإنتاج والتجارة ، والتي تختلف عن صدمات جانب الطلب التي تنتشر من خلال روابط التجارة والإنتاج.

6- صرامة إجراءات الاحتواء حتى داخل المنطقة ، وارتفاع التراجع في التنقل نسبيًا في جنوب آسيا خاصة التي اتخذتها الهند وتبعتها آسيا الوسطى ، وکانت منخفضة في شرق آسيا ، حيث استخدمت الاقتصادات في تلک المنطقة الفرعية اجراءات صارمة بدلاً من تدابير الإغلاق الصارمة.

ثانيًا : تداعيات فيروس کورونا على القطاعات الاقتصادية فى آسيا

يمکن القول بأن الصين کأحد الدول الآسيوية استطاعت السيطرة على أزمة کوفيد - 19 إلى حد کبير من خلال قدرتها على الضبط الاجتماعي عبر الاعتماد على طرق رقمية مبتکرة، وقدمت نموذجا ناجحا وصاعدا، مقابل النموذج الغربي الذي أخفق في التعامل مع الأزمة، وذلک ما أعاد قضية التنافس بين الولايات المتحدة، بوصفها قوة مهيمنة، والصين، بوصفها قوة صاعدة، إلى الواجهة، وذلک في ظل تصاعد الجدال حول فکرة حتمية الصدام بين القوتين من عدمها.

ويمکن القول بأنه في مقابل التردد وعدم اليقين في إدارة الولايات المتحدة لأزمة کورونا، فقد نجح النموذج الصيني، الذي يمثل "الدولة القوية والمجتمع الضعيف"، في السيطرة بشکل أکثر فاعلية على انتشار الفيروس، بالرغم من کون الصين هي بالأساس بؤرة تفشي الفيروس حول العالم، وذلک مع التسليم بأن الإحصائيات المعلنة من جانب الصين دقيقة أو غير بعيدة بشکل کبير عن واقع الوباء في الداخل، خاصة في ظل تشکيک کثير من الدول في الأرقام الصينية المعلنة.

أدت جائحة کورونا إلى تفاقم کثير من الأزمات فى العديد من المجالات والقطاعات وبذلت الحکومات الآسيوية جهودًا ملموسة اتجاه تلک الأزمات، ويمکن توضيح ذلک من خلال النقاط التالية :

(1)  أسواق المال

أثرت جائحة COVID-19 على أداء أسهم الشرکات المدرجة في SSE و SZSE و ChiNext ککل. ففي المراحل الأولى للوباء العالمي، لا سيما في مارس وأبريل 2020 کانت التحرکات کبيرة جدًا في أسواق الأسهم ، وأسعار الصرف ، وفروق السندات ، لدرجة تذکرنا بالأزمة المالية العالمية 2008-2009 وتجاوزتها في بعض الحالات وبرغم أن الوباء له تأثير سلبي عام على السوق ککل ومع ذلک ، يوجد تباين کبير بين الصناعات المختلفة: کان التأثير السلبي بارزًا بشکل خاص للقطاعات کثيفة الاتصال مثل السياحة وتجارة التجزئة والمطاعم. بينما شهدت قطاعات مثل الرعاية الصحية والاتصالات أداءً إيجابيًا. أدى الطلب الهائل على الأقنعة والأدوية المضادة للفيروسات والمنتجات الأخرى ذات الصلة إلى دفع الإنتاج والاستثمار في قطاع الرعاية الصحية. توسعت نماذج الأعمال الرقمية الجديدة وأسلوب العمل مثل التجارة الإلکترونية للمنتجات الطازجة والتعليم عبر الإنترنت والعمل عن بُعد بشکل سريع ، مما عزز أداء سوق الأوراق المالية لعمليات الاتصالات وقطاعات خدمات البريد السريع.

وکانت الشرکات التي لديها مستوى ديون أعلى عانت أکثر بسبب الوباء ، في حين أظهرت الشرکات التي لديها تدفق نقدي أکبر قدرًا أکبر من المرونة في مواجهة ضربة الوباء([7]).

على الصعيد المالي ، في بداية انتشار COVID-19 ، شهدت بعض الاقتصادات في المنطقة تدفقات کبيرة من رأس المال. ومع ذلک، استعادت الأسواق المالية الآسيوية عافيتها تدريجياً والاستقرار، وکان التأثير العام على تدفقات رأس المال معتدلاً مقارنةً بتدفق رأس المال خلال أزمة العملة الآسيوية في التسعينيات أو الأزمة المالية العالمية في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. تمکنت الأسواق المالية الآسيوية من التغلب على تأثير COVID-19 جزئيًا بسبب تراکم احتياطيات العملات الأجنبية ساعد ذلک فى زيادة القدرة على الصمود، بجانب السرعة والقوة فى تنفيذ إجراءات السياسة المالية والنقدية. والدعم المالي وآليات التعاون الدولي التي تم تطويرها وتعزيزها على مر السنين ، ساعد ذلک على توفير طبقة إضافية من الحماية([8]).

ومع ذلک لا يمکن استبعاد مخاطر الاضطرابات المالية والأزمات المالية فى هذه مرحلة ، حيث تُشير الدلائل أن هناک احتمالات کبيرة لحدوث تقلبات مالية متزايدة وتوقف مفاجئ لتدفقات رأس المال إلى المنطقة؛ ففي منتصف مارس 2020 ، هرب ما متوسطه أکثر من 4 مليارات دولار من تدفقات المحفظة من قارة آسيا خلال 7 أيام فقط ، ويوضح الشکل رقم (1) تدفقات المالية فى الدول الآسيوية خلال الفترة من يناير 2018 إلى ديسمبر 2020.

شکلرقم (1) : تدفقات الحافظة المالية في الدول الآسيوية (1 يناير 2018-31 ديسمبر 2020)

 

Source: IIF Daily Portfolio Flows database (accessed 19 January 2021.

وکانت هناک جهودا ملموسة للحکومات الآسيوية اتجاه أزمات قطاع أسواق المال، حيثکانت التدخلات لتعزيز أسواق المال وتأسيس الائتمان مهمة أيضًا لتجنب تفاقم الوباء بأزمة ائتمان ، ومع ذلک ، کان هناک تفاوت فى حزم السياسات للدول الآسيوية ، فمن حزمة الدول الآسيوية النامية البالغة 3.6 تريليون دولار ، تمثل شرق آسيا أکبر حزمة سياسات معلنة بين المناطق الفرعية بنسبة 75.4٪ (2.7 تريليون دولار) ، وجنوب آسيا بنسبة 11.8٪ (428.5 مليار دولار) ، وجنوب شرق آسيا بنسبة 11.4٪ (412.3 مليار دولار) ، ووسط وغرب آسيا 1.3٪ (48.5 مليار دولار) ، والمحيط الهادئ 0.1٪ (2.6 مليار دولار) ([9]).

وکحصة من الناتج المحلي الإجمالي لکل منطقة فرعية ، لا تزال حزمة شرق آسيا هي الأکبر بنسبة 16.4٪ ، تليها جنوب شرق آسيا (13.2٪) وجنوب آسيا (12.7٪) والمحيط الهادئ (7.5٪) ووسط وغرب آسيا ( 7.2٪) ، وتعد حزمة جمهورية الصين الشعبية هي الأکبر بين الأعضاء الناميين في بنک التنمية الآسيوي حيث تبلغ 2.3 تريليون دولار (أو 17.0٪ من ناتجها المحلي الإجمالي) ([10]).

(2)  قطاع السياحة

الاقتصادات المعتمدة على السياحة من بين أکثر الاقتصادات تضررًا من الوباء قبل COVID-19 ، أصبح السفر والسياحة أحد أهم القطاعات في الاقتصاد العالمي ، حيث يمثلان 10 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وأکثر من 320 مليون وظيفة في جميع أنحاء العالم.

فقد کان قطاع السفر والسياحة مصدرًا رئيسيًا للإيرادات والوظائف للعديد من اقتصادات آسيا والمحيط الهادئ؛ ففي عام 2019 ، استحوذ القطاع على 9.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي ، و 9.6٪ من إجمالي العمالة (ما يعادل 182.2 مليون وظيفة) ، و 547.7 مليار دولار في إنفاق الزوار الدوليين ([11]).، مع بداية جائحة COVID-19، توقف الوافدون الأجانب إلى بلدان جزر المحيط الهادئ بشکل مفاجئ في مارس 2020. وبالنسبة لعام 2020 ککل، انخفض عدد الوافدين إلى بلدان جزر المحيط الهادئ بنسبة 84 %، وتعطل النشاط الاقتصادي بشدة ، حيث بلغ متوسط ​​نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (غير المرجح) (4.5- %) في عام 2020 في بلدان جزر المحيط الهادئ المعتمدة على السياحة مثل فيجي وبالاو ، وتشير التقديرات إلى أن التبخر المفاجئ للسياحة أدى إلى انکماش کبير في إجمالي الناتج المحلي في عام 2020  ([12]).

أضف إلى ذلک ندرة السياح المحليين، حيث تُشير الدراسات الاستقصائية التي أجراها الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) إلى أنه حتى بعد رفع قيود السفر ، سينتظر معظم المسافرين عدة أشهر إلى عام أو أکثر قبل استئناف السفر.

من جهة أخرى ، أدى الانخفاض المفاجئ في عدد السياح الوافدين ، والانخفاض الناتج عن ذلک في الطلب على قطاع السياحة ، والآثار السلبية غير المباشرة من خلال الروابط الصناعية إلى فقدان الملايين من الوظائف والصعوبات الاقتصادية والقضاء على العديد من الشرکات ، لا سيما الشرکات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر؛ حيث إن انخفاض العمالة والدخول ، وتجدد تفشي الأمراض في مختلف البلدان ، کلها عوامل ستعيق الانتعاش في هذه الصناعة الهامة وکذلک القطاعات المرتبطة بها بشکل وثيق ([13]).

ويظهر تأثير جائحة COVID-19 على المناطق فى آسيا ، بالإضافة إلى مجموعة إضافية على الاقتصادات الصغيرة المعتمدة على السياحة مع ثلاثة مکونات من التأثيرات، أي انخفاض الطلب المحلي ، وتراجع السياحة الدولية ، والتداعيات العالمية باستثناء السياحة، وتظهر أکبر التأثيرات في جنوب آسيا وفي مجموعة الاقتصادات الصغيرة المعتمدة على السياحة بسبب الانخفاض الکبير في الطلب المحلي وقطاع السياحة ، على التوالي. في عام 2021 ، نمط الخسائر هو نفسه ، وإن کانت المقادير المتوقعة أٌقل ([14]).

وکانت هناک جهودا ملموسة للحکومات الآسيوية اتجاه أزمات قطاع السياحة، مما لاشک فيه لقد أثر COVID-19 بشکل کبير على جميع القطاعات ، مع بعض الآثار غير المتناسبة على الفقراء والضعفاء وکذلک قطاعات الخدمات؛ حيث لا توجد طريقة – حتى الأن -  تُمکن الاقتصادات من العودة إلى بيئات ما قبل COVID في أي وقت قريب ، وبالتالي يجب على القطاعات المتضررة إيجاد طرق للبقاء والازدهار في ظل هذه الظروف الجديدة وعلى ذلک عملت الحکومات الآسيوية على وضع استراتجية لآحياء قطاع السياحة على النحو التالى: ([15]).

-   تتمثل فى الترويج للسياحة الداخلية، حيث إنه يُمکن للسائحين المحليين أن يحلوا محل جزء کبير من الزوار الدوليين ، إذا تم تعبئتهم بالکامل.

-    أن يساعد الترويج للسياحة المحلية على إنعاش السياحة؛ حيث تضررت السياحة بشدة من جراء COVID-19 ، کقطاع اقتصادي رئيسي ومصدر لعائدات العملات الأجنبية في العديد من البلدان في آسيا والمحيط الهادئ ، بالإضافة إلى أن الانخفاض المفاجئ في عدد السياح الوافدين له عواقب اقتصادية واجتماعية وخيمة داخل السياحة وخارجها، حيث إن هناک استراتيجية لإحياء السياحة، تعمل على إعادة بناء ثقة السائحين وتشجيع الابتکار والاستثمار من أجل قطاع السياحة المرن والمستدام.

(3)  التجارة الدولية

لقد أدت أزمة جائحة کورونا تأثيرات سلبية کبيرة على قطاع التجارة الدولية ، ففي مايو 2020 انخفض حجم التجارة العالمية في السلع بنسبة 17.7٪ مقارنةً بنفس الشهر من عام 2019، وکان الانخفاض على نطاق واسع في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2020 ، على الرغم من أنها أثرت بشکل خاص على الصادرات من الولايات المتحدة واليابان ، والاتحاد الأوروبي ، کان الانکماش الاقتصادي في الصين أقل من المتوسط ​​العالمي ، حيث سيطرت تلک الدولة على تفشي المرض وأعادت فتح اقتصادها نسبيًا. أمريکا اللاتينية ومنطقة البحر الکاريبي هي المنطقة النامية الأکثر تضررا، ويوضح الجدول رقم (3) حجم التغيير في التجارة العالمية خلال الفترة من ديسمبر 2019 إلى مايو 2020.

جدول رقم (3)  تغيير فى حجم التجارة العالمية خلال الفترة من ديسمبر 2019 إلى مايو 2020

الدولة

الصادرات (%)

الواردات (%)

العالم

18.30-

15.80-

الولايات المتحدة

30.80-

15.80-

اليابان

22.10-

4.40-

منطقة اليورو

22.0-

16.6 -

الصين

7.7-

13.8-

الدول الآسيوية الناشئة ( باستثناء الصين)

13.10-

17.20-

أمريکا اللاتينية

26.10-

27.40-

أفريقيا والشرق الأوسط

13.90-

2.50-

المصدر: من إعداد الباحث استنادًا على

Economic Commission for Latin America and the Caribbean (ECLAC), on the basis of Netherlands Bureau of Economic Policy Analysis (CPB), World Trade Monitor [online database] https://www.cpb.nl/en/worldtrademonitor.

کانت سلاسل القيمة العالمية هي القناة الرئيسية لنقل تأثيرات COVID-19 للتجارة العالمية. حيث أن الصين هي أکبر مصدر في العالم لـقطع الغيار ، تمثل 15٪ من الشحنات العالمية عام 2018 ، وترتب على الإجراءات التي اتخذتها الصين في يناير (الإغلاق المؤقت لـمقاطعة هوبي والحدود الوطنية) أن صادرات المدخلات للصناعات مثل صناعات السيارات والإلکترونيات والأدوية والمستلزمات الطبية تم تعليقها، حيث أجبرت هذه المصانع في أمريکا الشمالية وأوروبا وبقية آسيا على الإغلاق لعدة مرات بسبب عدم وجود موردين بديلين.

منذ مارس 2020 ، أعادت الصين فتح اقتصادها تدريجياً، ومع ذلک ، فإن صدمة العرض الأولية على التجارة العالمية قد تفاقمت تدريجياً بسبب صدمة الطلب ، نتيجة الإجراءات المتخذة للحد من انتشار COVID-19 المعتمدة في أوروبا ولاحقًا في أمريکا الشمالية وبقية العالم.

تقلص حجم تجارة السلع العالمية بنحو 18.5٪ في الربع الثاني من عام 2020 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019.

کما تأثرت التجارة في الخدمات بشکل کبير. شکلت قيمة الصادرات من مجموعة 37 دولة ، في عام 2019 حوالي ثلثي الصادرات العالمية للخدمات، تقلصت بنسبة 10.4٪ في الربع الأول من عام 2020 مقارنة بنفس الفترة من عام 2019. السياحة ، التي شکلت 24٪ من الصادرات العالمية للخدمات في عام 2019 ، تضررت بشکل خاص فى الفترة  بين يناير وأبريل 2020 ، انخفض عدد السياح الدوليين الوافدين بنسبة 44٪ على مستوى العالم ، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019. بالنسبة لعام 2020 ککل ، من المتوقع أن ينخفض ​​عدد الوافدين بين 58٪ و 78٪ ، اعتمادًا على کيفية تطور الوباء ومدى سرعة السفر وتخفيف القيود ([16]).

(4)  المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر

لقد فرض فيروس کورونا الجديد (کوفيد -19) ضغوطًا شديدة على الشرکات ، لا سيما الشرکات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر ، ففي مارس ومايو 2020 ، دخل بنک التنمية الآسيوي في شراکة مع الوکالات الحکومية الوطنية لإجراء سلسلة من الدراسات الاستقصائية السريعة للأعمال التجارية عبر الإنترنت للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر في اقتصادات مختارة في جنوب شرق آسيا (إندونيسيا  - جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية - الفلبين  - تايلاند).

 هدفت الاستطلاعات إلى تقييم تأثير COVID-19 وتدابير الاحتواء ذات الصلة على المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، و أظهرت النتائج أن ما لا يقل عن 40٪ من الشرکات الصغرى والصغيرة والمتوسطة في کل من الاقتصادات الأربعة التي شملها الاستطلاع علقت عملياتها بعد تفشي الفيروس، وبالتالي  اضطرت نسبة مماثلة من الشرکات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة - لا سيما في قطاع التصنيع -، إلى تقليص قوتها العاملة، أما الشرکات التي ظلت مفتوحة فقد تعرضت لاضطرابات في الإنتاج ([17]).

و انخفاض في الطلب المحلي بسبب فرض إجراءات إغلاق صارمة ، مما أدى إلى انخفاض المبيعات والإيرادات بشکل کبير، علاوة على ذلک ، أبلغت معظم الشرکات عن نقص کبير في الأموال للاحتفاظ بأعمالها، وعدم وجود نقود أو مدخرات ، واللجوء إلى الاقتراض من الأقارب والأصدقاء لتکملة رأس مالهم العامل.

لم يتمکن سوى القليل من الحصول على الائتمان المصرفي ، على الرغم من أن السلطات في جميع الاقتصادات الأربعة أدخلت تدابير مثل تسهيلات إعادة التمويل الخاصة ، وبرامج القروض الميسرة ، والقروض الخاصة المضمونة، وسعى معظم المستجيبين لمزيد من المساعدة من الحکومات في شکل دعم مالي من خلال قروض بدون فوائد أو ضمانات ومنح وإعانات([18]).

وتملث الجهود الاستباقية للحکومات الآسيوية اتجاه المشروعات الصغيرة حيث:

-   قبل أزمة تفشى الوباء ، قدم بنک التنمية الآسيوي قروضًا لمساعدة أعضائه على زيادة الشمول المالي، ونتيجة للأزمة ، قامت الدول الآسيويية بتعديل مساعدتها لجذب المزيد من الشرکات الصغيرة والمتوسطة الحجم (SMEs) للاستفادة من المدفوعات الرقمية ؛ ففي حالة الفلبين ، يزيد التمويل الرقمي من المنافسة في القطاع المالي ويؤدي إلى وصول أوسع إلى الأموال، أما في جمهورية الصين الشعبية ، يوفر صعود الائتمان التکنولوجي الکبير طرقًا جديدة لتمويل الشرکات الصغيرة والمتوسطة ، والتي تضررت بشکل خاص خلال جائحة COVID-19، من هنا أصبحت هناک ضرورة لقيام الحکومات بالسماح لشرکات التکنولوجيا المالية العالمية بالعمل وتحفيز الابتکار ([19]).

-   ساعد التحول الرقمي الشرکات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة على الوصول إلى سلاسل التوريد وتعزيز رفاهية المستهلک، حيث أدت القيود المفروضة على التجارة والحرکة الناجمة عن الأوبئة إلى تعطيل وصول المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة إلى سلاسل التوريد العالمية والمحلية بشکل مؤقت ، ومع ذلک ، فإن الأزمة تمثل فرصة للبلدان لزيادة تسريع التحول الرقمي وأجندة التجارة الإلکترونية من أجل تدفق التجارة الدولية والمحلية.

-   أفاد تقرير إخباري في شهر مارس 2020 بأن قطاع المصارف الصيني عزز دعمه المالي للمشروعات الصغيرة لدعمها في مواجهة فيروس کورونا ونقلت وکالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن رابطة المصارف الصينية أن المصارف المحلية والخاصة قدمت دعمًا 42.8 مليار دولار وأشارت إلى أن الدعم تم توجيهه بصورة رئيسية إلى الشرکات شديدة الصغر والصغيرة والمتوسطة وهي التي تأثرت بصورة کبيرة من المرض  ([20]).

(5)  الوظائف والعمالة

تعتبر البطالة من أهم المشکلات التي تواجه معظم دول العالم باختلاف مستويات تقدمها وأنظمتها النامية والمتقدمة، لما ينتج عنها من الاثار السالبة اقتصاديا واجتماعيا، الإغلاق الکلي أو الجزئي لأماکن العمل بسبب وباء کورونا انعکس سلبا على أکثر من 81 % من القوى العاملة العالمية والبالغ عددها 3.3 مليار شخص، فخسر الملايين أعمالهم وتوقفت دورة الإنتاج في أغلب دول العالم. وتوقعت منظمة العمل أن تؤدي أزمة وباء فيروس کورونا المستجد إلى إلغاء 6.7 % من إجمالي ساعات العمل في العالم في النصف الثاني من عام 2020 ، أي ما يعادل 195 مليون وظيفة بدوام کامل بانتهاء عام 2021، وهذا يُترجم إلى خسائر في الدخل من الأجور العالمية والتى تبلغ ( 1.2 تريليون دولار - 1.8 تريليون دولار)، أما بالنسبة للدول الآسيوية ، فمن المتوقع أن يصل الانخفاض في التوظيف إلى ما بين ( 109 - 166 ) مليون وظيفة - أو ما يقرب من 70٪ من إجمالي خسائر التوظيف على مستوى العالم، وتتراوح الخسائر المقدرة في الدخل من الأجور للمنطقة بين ( 348 - 533 ) مليار دولار ، أي حوالي 30٪ من الخسائر العالمية، ومع ذلک ، لا تتأثر جميع الوظائف بشکل متساوٍ؛ حيث سيتأثر العمال غير المهرة والنساء وعمال القطاع غير الرسمي والعمال المهاجرين الأجانب بشکل کبير ([21]).

هذا بالإضافة إلى تعرض العاملون في القطاع غير الرسمي للخطر بشکل خاص ، والذي يتميز بتدني الأجور وعدم الحصول على الحماية الاجتماعية حيث يعمل حوالي 7 من کل 10 عمال في المنطقة في الاقتصاد غير الرسمي، وسيکون ما لا يقل عن 9 من کل 10 أشخاص من العمال غير الرسميين ، أکثر عرضة لخطر الفقر بسبب الأزمة ([22]).

يوضح الجدول رقم (4) الخسائر العالمية فى أجور العاملين في عام 2020     

جدول رقم (4) الخسائر المقدرة للعمالة والأجور بسب فيروس کورونافي عام 2020

    الدولة

         العمالة بالمليون

الدخل من الأجور بالمليار دولار

أسيا النامية

108.7–166.3      

347.5–532.8

آسيا الوسطي

1.9–3.0

3.4–5.4

شرق آسيا

65.1–98.8

291.3–445.7

جنوب شرق آسيا

11.6–18.4

25.0–39.0

جنوب آسيا

30.0–45.9

27.6–42.4

المحيط الهادي

0.1–0.2

0.2–0.3

الولايات المتحدة الأمريکية

9.0–13.5

402.7–611.2

أوربا

16.5–25.1

272.1–415.5

Source: Park, C.-Y. et al. 2020. Updated Assessment of the Potential Economic Impact of COVID-19. ADB Brief No. 133. Manila: Asian Development Bank.

وکانت هناک جهودًا ملموسة للحکومات الآسيوية اتجاه أزمات الوظائف والعمالة حيث :

-   شجعت الحکومات الاستثمار في تنمية مهارات الأشخاص العاطلين عن العمل بسبب الوباء، باعتبارهم القوى العاملة المستقبلية ([23]).

-   ساهمت السياسة العامة فى تخفيض تأثير البطالة على العمال وأسرهم من خلال توفير دعم الدخل المؤقت (مثل أنظمة التأمين ضد البطالة وبرامج المساعدة الاجتماعية) واستخدام سياسات سوق العمل النشطة (مثل تبادل العمل أو المساعدة على التنقل ، والتعليم والتدريب ، ودعم الأعمال التجارية أو التوظيف) ([24]).

-   إن إغلاق الحدود والتباطؤ الاقتصادي العالمي من المتوقع معه أن تتقلص التحويلات بشدة، ولذلک اتخذت الحکومات تدابير لتسهيل تدفقات التحويلات المالية في أوقات الأزمات  ([25]). حيث يمکن أن تساعد برامج الحماية الاجتماعية في التخفيف من تدهور أوضاع الفقراء والضعفاء التى تفاقمت نتيجة تفشى الجائحة خاصة الذين يعملون في الأعمال غير الرسمية وذات المهارات المتدنية ، وکبار السن ، والنساء، والذين استبعدوا من العديد من الوظائف ، مما ترک العديد من العمال عاطلين عن العمل، الأمر الذى يؤدي – بلاشک - إلى ارتفاع معدلات الفقر وزيادة التفاوت في الدخل، حيث يجب أن تنظر الحکومات في رفع مستوى برامج الحماية الاجتماعية - من حيث توسيع التغطية وزيادة کفاءة تقديم الخدمات - للفقراء والضعفاء.

 

 

(6)  القروض

اعتبارًا من الربع الثالث من عام 2020 ، ارتفع الدين الإقليمي إلى 63.3 تريليون دولار ، مقارنة بـ 21.2 تريليون دولار في الربع الثالث من عام 2010 ([26]).؛ فالشرکات الصغيرة والمتوسطة التى تعتبر جزءًا مهمًا من الاقتصاد من حيث الإنتاج وتوليد فرص العمل ، اتجهت للاقتراض ثم  وجدوا صعوبة في المشارکة في الاقتصاد العالمي حتى قبل جائحة COVID-19 وقد تعرضوا لمزيد من الدمار بسببه الآن.

ويشکل هذا خطرًا ، لا سيما في ضوء الارتفاع المستمر في الديون الإقليمية ؛ حيث أثار الانکماش المتوقع في غالبية اقتصادات آسيا النامية مخاوف بشأن التهديد الناجم عن تزايد القروض المتعثرة وعدم الاستقرار المالي ، بالإضافة إلى أن التباطؤ الناجم عن الوباء ينطوى على انخفاض أرباح الشرکات وارتفاع معدلات البطالة ، مما يؤدي إلى تفاقم عبء خدمة الديون على کل من الشرکات والأسر، هذا بالإضافة إلى مواجهة العديد من الشرکات وخاصة الشرکات الصغرى والصغيرة والمتوسطة ، مخاطر التخلف عن السداد بسبب إغلاق الأعمال القسري الممتد([27]).

هذا بالإضافة إلى أن فقدان الوظائف يعني أيضًا ارتفاع ديون الأسرة والتخلف عن سداد الرهن العقاري، ومن ثم فإن المُقرضين سيعانون من خسائر القروض وارتفاع القروض المتعثرة، ففى الفترة قبل COVID ، تضاعفت القروض المتعثرة في آسيا بالفعل أکثر من ثلاثة أضعاف من 68 مليار دولار (3.7٪ من إجمالي القروض) إلى 214 مليار دولار (4.6٪ من إجمالي القروض) بين عامي 2009 و 2019 ، حيث ارتفعت بشکل أسرع من 2.5 ضعف الزيادة في القروض المتعثرة في اقتصادات الأسواق الناشئة  ([28]).

وقد أشارت البيانات الأولية إلى ارتفاع نسب القروض المتعثرة في عام 2020 في بعض الاقتصادات الإقليمية ، بما في ذلک إندونيسيا (حيث ارتفعت نسبة القروض المتعثرة إلى 3.1٪ في يناير من 2.8٪ في ديسمبر) وفي الفلبين (حيث ارتفعت نسبة القروض المتعثرة إلى 3.6٪ في يناير من 2.2. ٪ في ديسمبر).

الأخطر من ذلک ، أن القروض المتعثرة المرتفعة باستمرار تحد من ربحية البنوک ، وتربط رأس مالها بسبب المخصصات المرتفعة ، وتدهور حالة ميزانياتها العمومية ، مما يحد من قدرتها على الإقراض، وبالتالي ، يمکن أن تکون اقتصادات الأسواق الناشئة عرضة لسحب الأموال من قبل المقرضين العالميين الرئيسيين مع ارتفاع القروض المتعثرة.

کانت هناک جهودا ملموسة للحکومات الآسيوية اتجاه أزمة القروض المتعثرة حيث :

-   استجاب بنک التنمية الآسيوي وغيره من المقرضين متعددي الأطراف بسرعة لمساعدة الأعضاء على مکافحة جائحة کورونا والتخفيف من حدة آثاره الصحية والاقتصادية.

-   تم تقديم الدعم المالي على شکل مساعدات فنية ومنح وقروض، حيث أجبرت شدة وانتشار تأثيرات الوباء الحکومات على استخدام حيز مالي کبير للتعامل مع الصدمة؛ لذا، على المقرضين متعددي الأطراف المساعدة في ضمان عدم تحول الأزمة الصحية العالمية إلى أزمة ديون عالمية، ففي حين تمکنت العديد من حکومات البلدان النامية من الحصول على قروض بالعملة المحلية ، أجُبرت العديد من الشرکات الکبيرة على جمع ديون بالعملة الأجنبية، وإذا کانت هذه الشرکات مهمتة بشکل منهجي لاقتصاداتها المحلية ، فقد تضطر الحکومات إلى إنقاذها عندما تفشل ([29]).

-   سعت الحکومات مع البنوک على وضع خطط عمل واضحة لتسوية القروض المتعثرة بشکل فعال. حيث خفضت العديد من البنوک المرکزية في المنطقة بالفعل أسعار الفائدة ، واتخذت الحکومات تدابير لتوفير الإغاثة المالية للأسر والشرکات.

-   ومع ذلک ، يُشير التباطؤ الاقتصادي الواسع النطاق إلى أن تراکم القروض المتعثرة قد لا يزال حتميًا، ومن هنا يجب على الحکومات الآسيوية التأکد من أن هذه القروض المتعثرة لا تؤدي إلى تفاقم المشاکل الاقتصادية الناتجة عن جائحة کورونا، حيث يُمکن للسلطات وضع أطر وقائية لإعادة هيکلة القروض للسماح بإجراءات تستبق أخطاء الشرکات ، ويمکنهم أيضًا التفکير في تطوير أسواق قروض خاصة غير فعالة للسماح للمؤسسات المالية بالتصرف في المحافظ المتعثرة بأسعار سوق عادلة وفعالة.

-   علاوة على ذلک، يجب على صانعي السياسات الآسيويين العمل معًا من خلال الترکيز المشترک على السياسات التنظيمية الوطنية الملائمة ، وأطر المراقبة والمراقبة الفعالة ، والتعاون الإقليمي لدعم السيولة الطارئة لحماية الاستقرار المالي الإقليمي.

-   من جهة أخرى ، يجب على المقرضين متعددي الأطراف التخطيط لتحسين إجراءات الديون السيادية والمساعدة في تحقيق الاستدامة المالية على المدى المتوسط.

-   من جهة ثالثة، وفى وسط احتياجات التمويل الکبيرة والمتزامنة في جميع أنحاء العالم ، يجب أن يکون المقرضون الرسميون على استعداد لتقديم إعادة هيکلة الديون حسب الحاجة ؛ حيث إن جعل إعادة هيکلة الديون أکثر ملاءمة يتطلب مزيدًا من الشفافية بشأن بيانات الديون وعقود الديون ، والتنبؤات الاقتصادية الواقعية التي تتضمن مخاطر الهبوط ، وتشريعات جديدة لدعم إعادة هيکلة الديون السيادية المنظمة.

(7)  معدلات الاستهلاک

تُعد الاقتصادات الآسيوية محرک النمو العالمي على مدى العقود القليلة الماضية. حيث تم دعم قوة الاقتصادات الآسيوية من قبل ثلاث قوى دافعة. الأول: هو تطوير شبکات سلسلة التوريد الإقليمية المتقدمة، والتي تشمل المواد الخام والبضائع الوسيطة، وکذلک البضائع النهائية. ثانياً: التقدم المحرز في تحرير التجارة من خلال التعزيز المنسق للاتفاقيات التجارية داخل وخارج المنطقة. الثالث: هو النمو المستدام ذاتيا للطلب المحلي بدعم من ارتفاع الدخل من الزيادات في أنشطة الإنتاج والتجارة. تفاعل هذه القوى الدافعة الثلاثة مکنت آسيا من النمو کقاعدة صناعية ("مصنع آسيا") وقاعدة للمستهلکين ("المستهلک آسيا").

ومع ذلک ، کشف COVID-19 عن بعض نقاط الضعف المحتملة في هذه القوى الدافعة. حيث تعطلت السلاسل في آسيا بسبب إجراءات الصحة العامة الصارمة، مثل البقاء في المنزل وتوقيفات الأعمال والإنتاج. انخفضت أحجام التجارة الآسيوية والعالمية بشکل کبير، وتلاشى الطلب في قطاعي السفر والسياحة تقريبًا. کان الطلب المحلي ضعيفًا في العديد من الاقتصادات الآسيوية، مما يعکس التدهور في ظروف العمل والدخل.

وبشکل عام ، أدت إجراءات الاحتواء التي تم تبنيها في جميع أنحاء المنطقة إلى تراجع النشاط الاقتصادي باستثناء کل من ( الصين - فيتنام )، حيث سجلت الاقتصادات الآسيوية النامية انکماشًا اقتصاديًا في النصف الأول من عام 2020، حتى أن بعضها وقع في رکود (مثل الفلبين وسنغافورة وتايلاند).

انخفض الاستهلاک الخاص بشکل کبير مع بقاء الناس في منازلهم ، خاصة في 10 اقتصادات آسيوية نامية منها ( سنغافورة - هونغ کونغ – الصين) وشهدت الهند تقلصات مضاعفة في الاستهلاک الخاص، لکن من جهة أخرى ساهم الاستهلاک الحکومي بشکل عام اسهامًا إيجابيًا ، لکن مساهمات الاستثمار وصافي الصادرات تباينت بشکل قوى، فقد انخفض الاستثمار بنسبة کبيرة بلغت 26.3٪ و 36.6٪ في الهند والفلبين على التوالي،  کما أثر انخفاض الطلب الخارجي على المنطقة بأکملها ، نتيجة انخفاض الطلب الخارجي على السلع والخدمات في عام 2020 حيث أثر فيروس کوفيد -19 على معظم الاقتصادات في جميع أنحاء العالم ، مع تقلصات کبيرة في الاقتصادات الرئيسية مثل الولايات المتحدة وأوروبا واليابان ، وبالتالي ، قلص صافي الصادرات من نمو النصف الأول في الاقتصادات الموجهة للتصدير خاصة ( جمهورية کوريا الجنوبية  - سنغافورة – تايلاند) ([30]).

ترتيبًا على ماسبق ، امتدت صدمات الطلب المحلي والخارجي إلى قطاعات واقتصادات أخرى من خلال روابط التجارة والإنتاج؛ وبالرغم من أن الدول الآسيوية النامية کانت المحرک الرئيسي للنمو العالمي خلال العقد الماضي ، إلا أنها لا تزال تعتمد بشکل کبير على الطلب من أسواق التصدير الرئيسية ، سواء داخل المنطقة أو خارجها ، وبالتالي أدي انخفاض الاستهلاک المحلي للشرکاء التجاريين للاقتصادات الآسيوية النامية إلى تقليل الطلب على الواردات من نفس المنطقة، وانتقلت هذه الانخفاضات في الطلب المحلي والخارجي عبر القطاعات والحدود من خلال الروابط التجارية والإنتاجية ، الأمر الذى أدى إلى تردد صدى اضطرابات جانب العرض في جميع أنحاء قارة آسيا ، مما ترتب عليه – فى وقت مبکر من الوباء -، توقف الإنتاج في الصناعات غير الأساسية بشکل أساسي حيث فرضت السلطات إغلاق الأعمال ، وأوقفت عمليات النقل العام ، وقيدت حرکة الأشخاص والبضائع ، مما أدى إلى تقليص مؤشرات الإنتاج الصناعي في العديد من الاقتصادات الإقليمية في النصف الأول من عام 2020 ، حيث سجلت کل من ( الهند - باکستان - الفلبين - سريلانکا - تايلاند ) انکماشات تجاوزت 10٪ ([31]).

ومع ذلک ، فقد أثر الوباء سلبًا على سبل العيش کما تم وصفه سابقًا ، مما أدى إلى تقليص النشاط الاقتصادي والأرباح والتحويلات والاستهلاک، وبالتالي ، فمن المتوقع أن يضيف کوفيد -19 إلى عدد الفقراء في  قارة آسيا بـ 162 مليون بتأثر متوسط دخل الفرد من 3.2 دولار في اليوم و 1.9 دولار في اليوم، في عام 2021 وبحلول عام 2022 ، مع انتعاش اقتصاد المنطقة ، فمن المتوقع أن يعود الفقر أقرب إلى مستوياته قبل کورونا ([32]).

من جهة أخرى ، فإن هناک أسباب للاعتقاد بأن جائحة COVID-19 يمکن أن تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة في الدخل، فهناک قنوات محتملة يمکن من خلالها تفاقم فجوات الدخل بين الأغنياء والفقراء على النحو التالى: ([33]).

1-   بينما يؤثر فقدان الوظائف وخفض الأجور على أصحاب الأجور في جميع المجالات ، فإن العمال غير المهرة سيتضررون أکثر من العمال المهرة، وبالتالى، فإن الوظائف غير الروتينية وغير اليدوية معرضة لخطر الرقمنة ، والتي تسارعت خلال الوباء.

2-  سيکون للوباء آثار غير متناسبة على الفئات الفقيرة والضعيفة ، مثل المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ، والنساء ، وکبار السن ، وأولئک الذين يعملون في قطاعات الخدمات کثيفة العمالة.

3-  على الرغم من أن الانکماشات الاقتصادية الناجمة عن الوباء تؤثر على کل من أصحاب العمل ورأس المال ، فإن الأول أکثر ​فقرًا وأکثر انخراطًا في قطاعات الخدمات الأکثر تضررًا ، لذلک فمن المرجح أن يتضرروا أکثر من الآخرين ، الأکثر ثراءً.

4-  يمکن أن يؤدي الوباء إلى زيادة عدم المساواة في الدخل الإقليمي ، حيث غالبًا ما تتمتع المناطق الفقيرة بقدرة أقل على تنفيذ تدابير الاحتواء وفي توفير خدمات الرعاية الصحية الکافية ، مما يؤدي إلى تباطؤ التعافي من تفشي المرض، کما تواجه المناطق الفقيرة قيودًا أکبر في تقديم الدعم المالي للاقتصادات المحلية والفئات المتضررة.

5-  يمکن أن تؤدي إجراءات التحفيز المالي الحکومية إلى تفاقم عدم المساواة في الدخل إذا لم تکن مصممة جيدًا وتستهدف حماية وظائف وسبل عيش الأسر ذات الدخل المنخفض والفئات الضعيفة.

6-  قد يؤدي الوضع الطبيعي الجديد إلى تفاقم "الفجوة الرقمية" من خلال تکوين بطالة تکنولوجية ، خاصة بين الفقراء ، فضلاً عن حالات فشل الأعمال غير المتکافئة للمؤسسات الصغرى والصغيرة والمتوسطة من خلال تسهيل الرقمنة السريعة للاقتصادات ، فعلى سبيل المثال ، أظهر تقرير لليونيسف أن حوالي ثلث أطفال المدارس في آسيا وکذلک في العالم لا يمکنهم الوصول إلى التعلم عن بعد أثناء إغلاق المدارس بسبب نقص التکنولوجيا والأدوات المنزلية  ([34]).

من ناحية أخرى فعلى الجانب الإيجابى لتفشى فيروس کورونا ، نستطيع القول بأن هناک جانبًا إيجابيًا يتمثل فى إحداث تغييرات في الهياکل الصناعية وسلوک المستهلک ، مما شجع على زيادة الکفاءة والأساليب المبتکرة للإنتاج والاستهلاک.

أما الجانب السلبى، فتمثل فى زيادة عدم المساواة في الدخل ، مما أدى إلى اضطرابات اجتماعية - إذا تُرکت دون معالجة-، يمکن أن تؤدي أيضًا إلى العزلة الوطنية حيث تتراجع الاقتصادات عند إعادة فتح حدودها لتجنب موجات العدوى المتتالية، الأمر الذى يترتب عليه رفع مستويات الدين العام ، مما قد يهدد القدرة على تحمل الديون في بعض البلدان النامية  ([35]).

(8)  التحول الرقمي

ساعدت التکنولوجيا في التخفيف من الآثار الصحية والاقتصادية لفيروس کورونا، حيث کان الاستعداد الرقمي عاملًا مساهمًا في الاحتواء الناجح لانتشار الفيروس في بعض الدول مثل
( جمهورية کوريا الجنوبية  - سنغافورة - الصين  - فيتنام )، کما أنها سهلت التحول نحو معاملات أکبر عبر الإنترنت للشرکات والمستهلکين، ووصلت عائدات المنصات الرقمية بين الشرکات والمستهلکين إلى 3.8 تريليون دولار أمريکي في عام 2019 على مستوى العالم ، حيث تمثل آسيا والمحيط الهادئ حوالي 48٪ من الإجمالي أو 1.8 تريليون دولار أمريکي ، أي ما يعادل 6٪ من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة. من المتوقع أن تکون هذه الأرقام قد زادت بشکل کبير في عام 2020 مع انتقال المزيد من المعاملات التجارية - مثل خدمة توصيل الرکاب ، وتوصيل الطعام ، والتجارة الإلکترونية - إلى الفضاء الرقمي وسط القيود المفروضة للحد من انتشار COVID-19 ([36]).

ومع ذلک ، لا تزال الفجوة الرقمية کبيرة في العديد من الاقتصادات النامية ، وبالتالي ينبغي للحکومات أن تضمن الاستثمار الکافي في شبکات الانترنت خاصة الألياف عالية السرعة ، مع تصميم الأنظمة التنظيمية المناسبة مع الحوافز المناسبة وآليات الإدارة المناسبة.

أدت تأثيرات COVID-19 على تسريع التحول الرقمي حيث يضطر العمال إلى العمل من المنزل والبقاء خارج المکاتب، وقد أدى ذلک إلى اتجاهات سريعة في الاستقطاب الوظيفي واتساع نطاق عدم المساواة في الأجور ، مما يضر بالعاملين في الوظائف کثيفة العمالة وذات المهارات المنخفضة والوظائف غير الرسمية، وقد تکون الوظائف التي يشغلها العمال المهاجرون معرضة للخطر بشکل خاص ، مما قد يؤدي إلى تقويض التحويلات المالية؛ ففي عام 2019 ، استحوذت منطقة آسيا والمحيط الهادئ على حوالي ثلث (أو 91 مليون) جميع العمال المهاجرين في جميع أنحاء العالم وحوالي 44٪ (أو أکثر من 316 مليار دولار) من التحويلات العالمية ، ومع تسبب الوباء في رکود عالمي ، فمن المتوقع أن تُعاني اقتصادات المقصد لهؤلاء المهاجرين الآسيويين من تقلصات في الناتج الاقتصادي في نهاية عام 2021 ، ومن المتوقع فقدان العديد من الوظائف ، بما في ذلک وظائف العمال المهاجرين، ففى الواقع تم الإبلاغ عن خسائر فادحة في وظائف المهاجرين في تجارة التجزئة والتصنيع والضيافة وقطاعات الإقامة والخدمات الغذائية ([37]).

بالإضافة إلى ذلک ، فمن المتوقع أن تنخفض التحويلات المالية التي يرسلونها إلى أوطانهم بشکل کبير([38])، وهذا أمر صعب بشکل خاص بالنسبة للاقتصادات التي تعتمد بشدة على التحويلات ، مثل ( تونغا - طاجيکستان - نيبال )، حيث تمثل إيصالات التحويلات ربع الناتج المحلي الإجمالي على الأقل.

ومع اعتماد العديد من الأسر على التحويلات الدولية في الدول الآسيوية - لا سيما في اقتصادات المحيط الهادئ ووسط وغرب آسيا - فإن التوقف المفاجئ في تدفقات التحويلات إلى هذه المناطق قد يدفع الناس إلى الفقر المُدقع ، حيث يمکن للأزمة أن تعصف بسنوات من التقدم نحو القضاء على الفقر في الدول الآسيوية  قبل تفشي الوباء ، حيث کانت المنطقة تسير على طريق التخفيض المطرد المستمر لمعدلات الفقر وعدد الفقراء ([39]).

النتائج والتوصيات

من خلال تتبع التداعيات الاقتصادية لانتشار فيروس کورونا ، أصبح من الواجب على الحکومات الآسيوية إعادة اقتصاداتها إلى مسارها الصحيح؛ فبينما تتصارع الاقتصادات الآسيوية مع قيود " الوضع الطبيعي الجديد"، أعادت العديد من الحکومات فتح اقتصاداتها ببطء ، وأزالت تدريجيًا قيود التنقل وفتحت الحدود المحلية لإنعاش النشاط المحلي ، وفي بعض الحالات ، أدت إعادة الفتح إلى موجات جديدة من العدوى ، فبالنظر إلى التجارب عبر البلدان، وتحليل الاستجابات العالمية للفيروس لتحديد التدابير التي تعمل بشکل أفضل في السيطرة على الفيروس ، مع أقل تکلفة للاقتصاد ، تم الاستنتاج بأن تتبع الاتصال جنبًا إلى جنب مع سياسة الإجازة المرضية المدفوعة فعال للغاية في السيطرة على انتشار COVID-19. بالإضافة إلى ذلک ، تعتبر اجراءات حظر التجمع فعالة في التحکم في الانتشار وهي أقل تکلفة بالنسبة للاقتصاد ( أي المرتبطة بانخفاضات طفيفة في النمو الاقتصادي) ، وبالتالي ، عندما تحتدم الموجات المستقبلية من تفشى الفيروس ، فإن تدابير التحکم أثبتت فعاليتها فضلًا عن تکلفتها الاقتصادية الأقل ؛ فيجب أن تکون مثل هذه الإجراءات سمات مرکزية لـ "الوضع الطبيعي الجديد" حتى يتم تحقيق مناعة القطيع.

وبالتالي يجب على القطاعات المتضررة إيجاد طرق للبقاء والازدهار في ظل هذه الظروف الجديدة ، وفيما يلي بعض الطرق أو التوصيات التي يمکن أن تتکيف بها القطاعات المتأثرة مع الظروف المختلفة التي يواجهها الجميع ، کما يلى

  1. ينبغى على الحکومات التحرک بسرعة والتحرک معًا للتعاون في توريد وتوزيع اللقاحات وغيرها من الإمدادات الصحية الحيوية، وفي اتخاذ تدابير لإنعاش الاقتصاد، وفي السياسات الرامية إلى تعميق تکامل المنطقة، ومن خلال ذلک يُمکن استعادة الکثير من الثقة الدولية التي فُقدت خلال الجائحة. وستکون الأرواح أکثر أمانا، وستکون سبل العيش آمنة. ويمکن لشرق آسيا والمحيط الهادئ أن يحافظا على مکانهما الصحيح کواحدة من أکثر مناطق العالم ديناميکية وابتکارًا وترابطًا.
  2. من الأفضل للحکومات تنسيق سياساتها المالية والنقدية على نحو أفضل، فإن تأثير الجهود الجماعية للحکومات سوف يکون أعظم من الجهود الفردية وذلک على النحو التالى:-

-       خفض سعر الفائدة وذلک لتشجيع الاستثمار.

-       التخفيضات والاعفاءات الضريبية تبعًا لدرجة تأثر النشاط الاقتصادى.

-       دعم الانفاق الصحي لمواجهة تفشي الفيروس.

-       دعم ومساندة المشروعات الصغيرة وذلک لتحفيز عجلة الانتاج من ناحية  ومن ناحية أخرى لتحقيق العدالة فى توزيع الدخل.

-       وضع تدابير لدعم أسواق المال

-       استخدام السياسة النقدية بحکمة لتوفير السيولة.

  1. استمرار الوباء في الضغط على النفقات الحکومية - على المدى المتوسط، سيکون من الضروري للحکومات توسيع القاعدة الضريبية وتعزيز الامتثال الضريبي للقدرة على تحمل الديون من خلال معالجة مسألة تعبئة الموارد المحلية والتعاون الضريبي الدولي.
  2. ومن أجل دعم مثل هذه التعديلات المالية وکذلک المساعدة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في عالم أُعيد تشکيله بواسطة  فيروس کورونا ، قام بنک التنمية الآسيوي بإنشاء مرکز إقليمي للتعاون الضريبي في آسيا والمحيط الهادئ من خلال التعاون الوثيق بين السلطات المالية والضريبية للاقتصادات النامية وأيضًا المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والبنک الدولي ؛ وجمعيات الضرائب الإقليمية.
  3. فى ظل احتواء أزمة فيروس کورونا زاد تدخل الحکومة في الشؤون الاقتصادية ، والذي قد يکون من الصعب سحبه عندما لم يعد الوباء مصدر قلق ، ومن هنا يجب على صانعي السياسات استغلال هذه الفرصة لتکييف استجابات فيروس کورونا لمواجهة التحديات طويلة المدى؛ حيث يمکن للتغييرات الهيکلية التي أحدثها الوباء أن تؤدي أيضًا إلى تغييرات إيجابية ، إذا تمت إدارتها بشکل جيد،  فعلى سبيل المثال ، يمکن للترکيز على استثمارات البنية التحتية الخضراء المرنة أن يساعد في دفع الاقتصادات إلى الانطلاق مع نقلها إلى مسار أکثر استدامة بيئيًا.
  4. وفي الواقع ، يجب أن تکون الاستثمارات في البنية التحتية المقاومة للمناخ حجر الزاوية لمليارات الدولارات في التحفيز الاقتصادي الذي يتم استخدامه لإعادة بناء اقتصادات آسيا، لذلک يجب على الحکومات أن تضع مبادئ عملية للمساعدة في توجيه خيارات البنية التحتية وضمان أنها خضراء، بالإضافة إلى ذلک ، يجب أن تبني مبادئ التمويل الأخضر في الحوافز المالية لجعل المشاريع الخضراء أکثر قابلية للتمويل، حيث يمکن أن يؤدي التخضير الي التعافي بعد کورونا إلى تحفيز الصناعة والحفاظ على الوظائف ، فضلاً عن المساعدة في بناء المرونة في مواجهة الصدمة أو الأزمة الرئيسية التالية التي تضرب المنطقة، فمن الممکن أن يمهد هذا الطريق لمسار نمو أکثر اخضرارًا وتوازنًا ليصبح " الوضع الطبيعي الجديد " في منطقة آسيا والمحيط الهادئ على المدى الطويل.
  5. من الأفضل للحکومات وضع تدابير تنظيمية تسمح بزيادة التنسيق لتحسين المواءمة بين العرض والطلب والاستهدافات حيثما تکون الاحتياجات أکبر. ويمکن توسيع روح التعاون هذه إلى ما هو أبعد من اللقاحات لتشمل إمدادات أخرى بالغة الأهمية، مثل معدات الحماية الشخصية.
  6. على الحکومات تطوير استراتيجيات مستدامة وطويلة الأمد للتصدي للتحديات التي تواجه قطاعي الصحة والأغذية الزراعية، وإعادة التفکير في مستقبل البيئة والتصدي لتغيّر المناخ، والتدهور البيئي عندها فقط يمکننا حماية الصحة وسبل العيش والأمن

الغذائي والتغذية.

 

 

 

قائمة المراجع



 

1-    Asian Development Bank (ADB)." 2020 Asian Development Bank Annual Report. ", 2021.

2-    Barro, Robert J., Jose F. Ursua, and Joanna Weng, "The Coronavirus and the Great Influenza Pandemic: Lessons from the “Spanish flu” for the Coronavirus’s Potential Effects on Mortality and Economic Activity", 2020.

3-    World Development Indicators. https://databank.  worldbank.org/source/world-developmentindicators (accessed July 2020).

4-    Abiad, Abdul, Mia Arao, Suzette Dagli, Benno Ferrarini, Ilan Noy, Patrick Osewe, Jesson Pagaduan, Donghyun Park, and Reizle Platitas,"The Economic Impact of the COVID-19 Outbreak on Developing Asia". ADB Brief No. 128. Manila: Asian Development Bank., 2020.

5-    Abiad, Abdul, Mia Arao, Editha Lavina, Reizle Platitas, Jesson Pagaduan, and Christian Jabagat, “The Impact of COVID-19 on Developing Asian Economies: The Role of Outbreak Severity, Containment Stringency, and Mobility Declines,” in Djankov, Simeon and Ugo Panizza (eds.), COVID-19 in Developing Economies, CEPR e-book. London: Centre for Economic Policy Research, 2020

6-    Abiad, Abdul, Reizle Platitas, Jesson Pagaduan, Christian Regle Jabagat, and Editha Laviña. The Impact of COVID-19 on Developing Asia: The Pandemic Extends into 2021. ADB Brief No. 159. Manila: Asian Development Bank, 2020.

7-    AlAli, M. S., The Effect of WHO COVID-19 Announcement on Asian Stock Markets Returns: An Event Study Analysis. Journal of Economics and Business, 3(3), 1051–1054. 2021 https://doi.org/10.31014/aior.1992.03.03.261

8-    WTO (World Trade Organization) (2020a), “Trade falls steeply in first half of 2020”, Press Release, No. 858, 22 June [online] https://www.wto.org/english/news_e/pres20_e/pr858_e.htm.

9-    Bulow, Jeremy, Carmen Reinhart, Kenneth Rogoff, and Christoph Trebesch, "The Debt Pandemic. Finance & Development", Fall 2020 Issue. Washington, DC: International Monetary Fund,2020

10-       Sawada, Yasuyuki," The Impact of Natural and Manmade Disasters on Household Welfare". Agricultural Economics 37 https://doi.org/ 10.1111/j.1574-0862.2007.00235.x.

11-       Shinozaki, Shigehiro, “The COVID-19 Impact on Micro, Small, and MediumSized Enterprises: Evidence from Rapid Surveys in Indonesia, the Lao People’s Democratic Republic, the Philippines, and Thailand,” in Susantono, Bambang, Yasuyuki Sawada, and Cyn-Young Park (eds.), Navigating COVID-19 in Asia and the Pacific. Manila: Asian Development Bank, 2021.

12-       Asian Development Bank. COVID-19 Outbreak to Have Significant Economic Impact on Developing Asia. Available online: https://www.adb.org/news/covid-19-outbreak-have-significant-economic-impactdeveloping-asia? (Accessed on 6 March 2020).

13-       World Tourism Organization. Guidelines for the Success in the Chinese Outbound Tourism Market. Madrid: UNWTO. https://doi. 2020.  org/10.18111/9789284421138.

14-       Asian Development Bank (ADB).  "Asian Development Outlook 2020 Update: Wellness in Worrying Times",2020

15-       The Times Group. COVID-19 Pandemic to Hit MSME Exporters More: Trade Experts. Available online: https://economictimes.indiatimes.com/small-biz/sme-sector/covid-19-pandemic-to-hit-msme-exportersmore-trade- experts/articleshow/75065434.cms?from=mdr (accessed on 13 pril 2020).

16-       Susantono, Bambang,"Pandemic highlights the need to manage Asia’s debt problem", Asian Development Blog, 2021.

17-       Bank for International Settlements (BIS).2020. US Dollar Funding: An International Perspective. Committee on the Global Financial System Papers. No. 65. Basel: BIS.

18-       McKibbin, W. J., & Vines, D. Global macroeconomic cooperation in response to the COVID-19 pandemic: A roadmap for the G20 and the IMF. Forthcoming in ‘the economics of the COVID-19 pandemic.2020.

19-       Huang, Yiping, Longmei Zhang, Zhenhua Li, Han Qiu, Tao Sun, and Xue Wang, "Fintech Credit Risk Assessment for SMEs: Evidence from China". IMF Working Paper WP/20/193. International Monetary Fund. Washington, DC, 2020.

20-       Susantono, Bambang, Yasuyuki Sawada, and Cyn-Young Park," Navigating COVID-19 in Asia and the Pacific", Manila: Asian Development Bank, 2020.

21-       Walker, P., Whittaker, C., Watson, O., Baguelin, M., Ainslie, K., Bhatia, S., … Cattarino, L. (2020). Report 12: The global impact of COVID-19 and strategies for mitigation and suppression.

22-        ADB Brief No. 159. Manila: Asian Development Bank.Institute for International Finance (IIF) ," Global Debt Monitor" 2020. www.iif.com

23-       Fairlie, R. W. 2020. The Impact of COVID-19 on Small Business Owners: Evidence of Early-Stage Losses from the April 2020 Current Population Survey. NBER Working Paper 27309. National Bureau of Economic Research, Cambridge.Susantono, Bambang, Yasuyuki Sawada, and Cyn-Young Park," Navigating COVID-19 in Asia and the Pacific", Manila: Asian Development Bank, 2020.

24-       Bismonte, C. 2020. The Disproportionate Effect of COVID-19 on Migrant Workers in ASEAN. The Diplomat. 22 May. https://thediplomat. com/2020/05/the-disproportionate-effect-ofcovid- 19-on-migrant-workers-in-asean/.

25-       Takenaka, A., J. Villafuerte, R. Gaspar, and B. Narayanan. 2020. COVID-19 Impact on International Migration, Remittances, and Recipient Households in Developing Asia. ADB Briefs No. 148. Asian Development Bank. https://www.adb.org/sites/default/files/ publication/622796/covid-19-impact-migration-remittances-asia.pdf.

26-       Institute of International Finance. Global Debt Monitor December 2020. https://www.iif.com/Research/ Capital-Flows-and-Debt/Global-Debt-Monitor (accessed January 2021)

27-       World Bank. 2020. COVID-19: Remittance Flows to Shrink 14% by 2021. Press release. 29 October. https://www.worldbank.org/en/news/pressrelease/2020/10/29/covid-19-remittance-flowsto- shrink-14-by-2021.

28-       IMF. International Monetary Fund, IMF Data Mapper. Available online:https://www.imf.org/external/ datamapper/NGDP_RPCH@WEO/OEMDC/ADVEC/WEOWORLD (accessed on 13 April 2020).

29-       Vandenberg, Paul," How SMEs Can Bounce Back from the COVID-19 Crisis", Development Asia Policy Brief. Asian Development Bank. Manila,2020.

30-       Ahuja, Amrita, Susan Athey, Arthur Baker, Scott Kominers, Juan Camilo Castillo, Rachel Glennerster, Michael Kremer, Jean Lee, Christopher Snyder, Alex Tabarrok, and Brandon Joel Tan. "The Economics of Investing in COVID19 Vaccines: Implications for Asia", 2020.

31-       Asian Development Bank (ADB). "Asia Small and Medium-Sized Enterprise Monitor 2020 – Volume II: COVID-19 Impact on Micro, Small and Medium-Sized Enterprises in Developing Asia", 2020.

32-       Coibion, O.; Gorodnichenko, Y.; Weber, M. The Cost of the Covid-19 Crisis: Lockdowns, Macroeconomic Expectations, and Consumer Spending; Paper No. 27141; Working Paper Series; National Bureau of Economic Research: Cambridge, MA, USA, 2020.

33-       Park, Cyn-Young, and Kwanho Shin," The Impact of Nonperforming Loans on Cross-Border Bank Lending: Implications for Emerging Market Economies", ADB Brief No. 136. Manila: Asian Development Bank,2020.

34-       Agur, I., S. Martinez Peria, and C. Rochon.Digital inancial ervices and the Pandemic: Opportunities and Risks for Emerging and   Developing Economies. IMF Fiscal Affairs: Special Series on COVID-19. Washington, DC: International Monetary Fund (IMF). . 2020.

35-       Asian Development Bank (ADB). Asia Regional Integration Center FTA Database. https://aric.adb. org/fta (accessed July 2020)

36-       Lanzafame, Matteo, and Irfan A. Qureshi," Protecting the remittance lifeline from COVID-19’s economic fallout. Asian Development Blog”, 2020.

37-       Lee, Jong-Wha,"Comments on Macroeconomic Impact of COVID-19 in Developing Asia. Presented at the 2020 Asian Development Bank Institute Annual Conference", 2020.

38-       Bulan, Joseph, Rana Hasan, Arturo Martinez, and Iva Sebastian. “COVID-19 and Poverty: Some Scenarios.” Unpublished note prepared for the Economic Research and Regional Cooperation Department" 2020.

39-       Mehta, Anouj, and Naeeda Crishna Morgado,"Build green to help fend off the next pandemic", Asian Development Blog,2020.