نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة
المؤلف
جامعة 6 أکتوبر
المستخلص
الكلمات الرئيسية
الموضوعات الرئيسية
مقدمة:
أدى الطلب المتزايد على موارد النفط والغاز من البلدان المتقدمة والنامية إلى إلحاح تضمين "أمن الطاقة" في أنظمة الأمن الوطنية والإقليمية والدولية، وأصبحت استراتيجيات السياسة الخارجية للعديد من البلدان، تتعامل مع قضايا أمن الطاقة وتطوير البنية التحتية للطاقة وتشکيل نظام طاقة مشترک کعوامل جيوسياسية رئيسية، بل ذهب بعض الباحثين إلى التأکيد على أن مفهوم "أمن الطاقة" نفسه ظهر نتيجة العلاقات الصراعية والتنافسية بين الدول التي تؤدي إلى إدراک أهمية تأمين احتياجات الدولة من الطاقة.
وقد تصاعدت العلاقة بين حالة الصراع والتنافس وفرض النفوذ وبين الموارد، حتى أطلق عليها "فخ حتمية الموارد" trap of resource-determinism’، واحتلت الطاقة مکانة بارزة في المناقشات الدولية، وارتبطت سياسات الهيمنة السياسية وفرض النفوذ للقوى الدولية بأمن الطاقة، حيث تضع الدول المهيمنة في العالم استقرار الطاقة کأولوية في سياستها الخارجية وکعامل هام في تأمين قوتها وبالتالي محاولة السيطرة المستمرة على مناطق انتاج المواد الخام بأساليب مختلفة ومتنوعة.
اشکالية الدراسة:
تحاول القوى الکبرى اکتساب مکانة اقتصادية عالمية في النظام الاقتصادي العالمي الجديد من خلال السيطرة على البلدان المعتمدة على الطاقة، وقد اهتمت روسيا بإستعادة دورها کمرکز قوة مع محاولة إقناع الدول الأخرى بأن نفوذ الغرب آخذ في التراجع، خاصة أن موسکو تنظر إلى الغرب باعتباره التهديد الرئيسي لأمنها القومي، وتشير مجموعة کبيرة من وثائق الأمن والسياسة الخارجية الروسية إما ضمنيًا أو صريحًا إلى أن العالم أحادي القطب قد انتهى وأن روسيا تستحق دورًا أکثر أهمية في نظام عالمي جديد، وتعد دبلوماسية الطاقة عنصرًا أساسيًا في هذه السياسة الخارجية الحازمة التي حرصت روسيا من خلالها متابعة الشؤون العالمية، وبالتالي يتبلور السؤال الرئيسي للدراسة في: کيف استطاعت روسيا استخدام الطاقة کأداة لفرض النفوذ الدولي؟ ومن هذا السؤال المحوري تتفرع عدة أسئلة تتبلور في:
منهج الدراسة:
تعتمد الدراسة على الاقتراب الجيوسياسي للکشف عن کيفية توظيف روسيا لثرواتها الطاقوية -التي تنعکس على نموها الاقتصادي- في فرض نفوذها السياسي في العالم الخارجي.
الأدبيات السابقة:
تنقسم أدبيات أمن الطاقة إلى ثلاث مجموعات؛ تتناول المجموعة الأولى من الأدبيات المفاهيم الکلاسيکية لأمن الطاقة وعلاقته بالمدارس الکبرى في العلاقات الدولية ومنها کتابات Daniel Yergin "أمن الطاقة في التسعينات"[1]، و Penchansky and Thomasعن "مفهوم الوصول: التعريف والعلاقة برضا المستهلک"[2] والتي رکزت على المفهوم التقليدي في توافر أربعة عوامل أساسية لتحقيق أمن الطاقة تشمل (التوافر، وإمکانية الوصول، والقدرة على تحمل التکاليف، والقبول)، أما المجموعة الثانية هي مجموعة الأدبيات التي تناقش بعض التطورات الحديثة المتعلقة بأمن الطاقة والتي لا تقتصر على عناصر سلاسل التوريد أو قضايا محددة، بل تتميز بالمرونة بدرجة کافية لتکون قابلة للتطبيق على أنظمة الطاقة التاريخية والمعاصرة والمستقبلية في مجالات وسياقات مختلفة تشمل تحديد أنظمة الطاقة الحيوية، واستکشاف نقاط ضعفها، وفهم العملية السياسية التي تؤدي إلى اعطاء الأولوية لأنظمة طاقة معينة، ومنها کتابات Aleh Cherp & Jessica Jewell[3]، وقد رکزت المجموعة الثالثة من الأدبيات على استخدام أمن الطاقة کأداة من خلال قدرتها على التأثير وفرض النفوذ من منظور جيوسياسيى وجيو اقتصادي وأمني، باعتبار أن الطاقة هي أداة للقوة، وسلاح غير تقليدي، کما أنها أداة دبلوماسية تعمل على تحقيق التأثير السياسي وتعزز التنافس الدولي لفرض النفوذ، وذلک بالتطبيق على مناطق العالم المختلفة واللاعبين الدوليين الرئيسيين في مجال الطاقة سواء الدول مثل الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والصين وغيرها من مناطق الطاقة، أو الشرکات الکبرى الدولية، والتي يؤدي التنافس على الطاقة بينهم إلى تعزيز الصراع وذلک من أجل تعزيز النفوذ، ومن تلک الدراسات دراسة Smith, Hanna[4] ودراسةSablin & Tripathi [5] عن کيفية استخدام الطاقة کوسيلة لزيادة النفوذ الدولي.
انقسمت الدراسة إلى محورين أساسيين؛ تناول المحور الأول الاطار المفاهيمي ونظريات العلاقات الدولية الخاصة بأمن الطاقة، أما المحور الثاني فقد قدم روسيا کنموذج للدول المعتمدة على الطاقة لفرض النفوذ.
المحور الأول: الاطار المفاهيمي والنظري لأمن الطاقة.
أولا: الاطار المفاهيمي لأمن الطاقة:
تعود الانعکاسات الأکاديمية حول أمن الطاقة إلى الستينيات، وقد ظهر أمن الطاقة کمفهوم له أبعاد سياسية في أوائل القرن العشرين فيما يتعلق بتزويد الجيوش بالنفط والتي نشأت مع أزمات النفط في السبعينيات وفي أواخر الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، ثم انخفض الاهتمام الأکاديمي بأمن الطاقة بعد استقرار أسعار النفط وتراجع التهديد بالحظر السياسي، وعاد وظهر من جديد في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مدفوعًا بالطلب المتزايد في آسيا، واضطراب إمدادات الغاز في أوروبا، والضغط لإزالة الکربون من أنظمة الطاقة.
الاشکالية الأولى: أن مفهوم أمن الطاقة يتم تفسيره بشکل مختلف من قبل مجموعات الدول المستوردة والأخرى المصدرة للطاقة وبالتالي يختلف المفهوم بناء على نطاق مصالح الفريقين.
الاشکالية الثانية: أن المفاهيم المتعددة الحالية لأمن الطاقة والمفاهيم الأساسية غامضة ومتناقضة إلى حد ما، کما أن هناک العديد من العوائق التي تحول دون صياغة نهج عالمي واحد لأمن الطاقة، فلکل دولة أو جهة فاعلة غير حکومية تصورها الذاتي للقضية التي قد تتغير مع تطور الظروف الاجتماعية وغيرها من الظروف. حيث تختار الحکومات والمنظمات مفهوم أمن الطاقة الذي يبرر سياستها وإجراءاتها، مما يؤدي إلى التلاعب بالمصطلح[6].
الاشکالية الثالثة: اختلاف مدارس العلاقات الدولية في تناول مفهوم أمن الطاقة مما أدى إلى افراز العديد من المفاهيم المختلفة[7].
الاشکالية الرابعة: على الرغم من العدد الکبير نسبيًا من الدراسات حول أمن الطاقة، فلا يزال هناک عدد من الفجوات البحثية التي لم تعالج بعد ومنها اعتماد العديد من الدراسات السابقة على تعريفات أحادية الجانب لأمن الطاقة ترکز على جوانب فنية واقتصادية معينة، بينما تتجاهل العناصر الاجتماعية والسياسية مثل الحکم الرشيد. علاوة على ذلک، ترکز العديد من دراسات أمن الطاقة على قطاع معين، أو دولة فردية، أو تقنية معينة وبالتالي لا يتسم التعريف بالشمولية وامکانية التطبيق على أي بلد[8].
الاشکالية الخامسة: أن مفاهيم أمن الطاقة تستند إلى نماذج أمنية قديمة لا تعکس اتجاهات الطاقة الحديثة والتطورات التکنولوجية الجديدة في صناعة الطاقة ومصادر الطاقة المتجددة[9].
ظهرت قضايا أمن الطاقة على جدول الأعمال السياسي في أوائل القرن العشرين. ومع ذلک لم يتم تضمين مفاهيم أمن الطاقة في خطاب البحث إلا في الستينيات. تطور الاهتمام بأمن الطاقة عبر موجات مختلفة؛ بدأت الموجه الأولى[10] لتطور مصطلح "أمن الطاقة" في السبعينيات والثمانينيات باعطاء الأولوية القصوى لإمدادات مستقرة من النفط الرخيص، وعلى الرغم من القيود والتلاعب بالأسعار في البلدان المصدرة، تم إيلاء بعض الاهتمام للحاجة إلى إدارة أفضل لمؤسسات الطاقة، بما في ذلک الشرکات المملوکة للدولة، ثم إدارة أکثر فعالية لتکنولوجيا الطاقة، أما الموجه الثانية فکانت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث تم الترکيز على بضمان الوصول المتکافئ لجميع الفئات الاجتماعية إلى مصادر الطاقة الآمنة وتقليل التأثير السلبي لقطاع الطاقة على البيئة والمناخ[11].
يمکن تصنيف المفاهيم المتنوعة لأمن الطاقة وفقا لمجموعات مفاهيمية مختلفة کالتالي:
يرتبط أمن الطاقة بمجموعة من المحددات التي تحمل الدول على تبني سياسات وأدوات مختلفة على الصعيد القومي والدولي، وتتبلور تلک المحددات في:
أ- الاختلالات القائمة بين ميزان العرض والطلب في سوق الطاقة العالمي مع توقعات بزيادات في الطلب على الطاقة بنسبة 56% بين عامي 2010-[20]2040.
ب- القيود على امدادات الطاقة والتي تشمل قيود لأسباب قهرية نتيجة نضوب مصدر الطاقة أو ظروف داخلية للدولة المصدرة، وقيود على الصادرات بالاتفاق بين مجموعة الدول المنتجة لتقليل العرض[21].
ت- الهجمات الارهابية على مصادر الطاقة واستهداف البنى التحتية للطاقة في الدول المنتجة للنفط والغاز الطبيعي بغية استهداف الدول المستهلکة الکبرى للطاقة، مثل ما حدث من تنظيم القاعدة بعد 2001 عندما تبنت استراتيجية الجهاد الاقتصادي لضرب عصب العدو من امدادات الطاقة.
ث- التحديات الخاصة بالشرکات العالمية للنفط التي تحد من قدرتها وفعاليتها في الدول المنتجة ومنها التهديدات الأمنية التي تتعرض لها عند حدوث تغيير جوهري في البيئة الأمنية والسياسية للدول المنتجة، بالاضافة إلى التقلبات السياسية التي تهدد عقود استثمار تلک الشرکات.
ثانيا: الاطار النظري لأمن الطاقة:
قدمت مدارس العلاقات الدولية الکبرى (الواقعية الجديدة- الليبرالية الجديدة- البنائية-الاقتصاد السياسي) وجهات نظر مختلفة حول مستوى التعاون، والعناصر والجهات الفاعلة، والأولويات الرئيسية لأمن الطاقة.
ترکز الواقعية الجديدة على أهمية الدولة کفاعل أساسي في سياسة أمن الطاقة، کما تهتم بتحليل سياق المصالح الوطنية والأمنية والمواجهات العسکرية والصراعات الإقليمية في مجال الطاقة. وتعتبر الإجراءات العسکرية القوية لضمان أمن الطاقة من بين الموضوعات البحثية الرئيسية في الواقعية الجديدة. ومن منظري الواقعية الجديدة کلا من کاليکي وغولدوين اللذان ينظران إلى أمن الطاقة في سياق الأمن القومي فقط، ويعتقدان أن تحديات الطاقة التي تواجهها الدولة يجب أن تنعکس بقوة في إستراتيجية سياستها الخارجية[22].
کما يهتم الواقعيون الجدد بضرورة السيطرة على الموارد الطبيعية الموجودة في المحيطات، فوفقًا لنينسيک، فإن النزاعات بين الدول حول الوصول إلى الوقود الأحفوري ستکون حتمية نظرًا لأن احتياطيات النفط والغاز المستقبلية تقع في الخارج ويعتمد استخراجها على نتائج المناقشات حول ترسيم الحدود في المحيط العالمي[23]. ويعتبر ويلسون أن الأمن البحري هو الشرط الرئيسي لضمان توصيل موثوق للطاقة، وبالتالي يجب أن تضمن الدول معالجة الانشطة غير القانوني وحالات الطوارئ التي قد تحدث في الطرق المائية[24].
ويعتقد الواقعيون الجدد أن المصالح الوطنية يجب أن تهيمن على سياسة الطاقة، سواء من حيث ضرورة تعزيز سيطرة الدولة على الموارد الطبيعية، أو من حيث تأمين استيراد الطاقة الکافية، وبالتالي تعتبر الصفقات الثنائية الخاصة باتفاقيات الطاقة أکثر أهمية بالنسبة لهم من العقود متعددة الأطراف التي يرى أنصار ذلک الاتجاه أنها ستتراجع بسبب تعقد التنسيق بين مصالح الدول المتعددة[25].
أما بالنسبة للصراع على الطاقة فيرکز الواقعيون الجدد على التغييرات الأمنية الهيکلية المتعلقة بمصالح الطاقة التي تزيد من احتمالية وقوع العنف العالمي والهجمات الارهابية، وذلک لايمانهم بأن تأمين الوصول إلى موارد الطاقة في ظل الاعتماد الکبير للاقتصاد العالمي على النفط والغاز مع المنافسة الشرسة على موارد الطاقة وتقنياتها بين الدول، يزيد من فرص النزاع والصراع العالمي الذي يتطلب تعزيز القدرات العسکرية ويؤدي بالتالي إلى تعقيد التعاون الدولي[26].
کما يجادل الواقعيون الجدد بأن موارد الطاقة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالسلطة لمجرد أنها تخلق نفوذًا سياسيًا، وبسبب محدودية مصدر الطاقة التقليدية، فإنها تحتل دورًا رئيسيًا في الدبلوماسية الدولية، وبالتالي وفقا لکل من R.Gilpin و S. Strange، أن العامل الاقتصادي يحمي الأمن القومي الذي يخلق النفوذ السياسي للدولة[27].
على عکس الواقعية الجديدة، ترکز الليبرالية الجديدة على التعاون الدولي والجهات الفاعلة غير الحکومية، ونظرًا لأن الدول غير قادرة على التحکم في أسعار الطاقة من وجهة نظر الليبراليون الجدد، يتم وضع سياسة الطاقة من قبل الشرکات عبر الوطنية والمؤسسات المالية ومراکز الفکر ووسائل الإعلام والمنظمات الإرهابية والإجرامية التي قد يکون لها تأثير کبير على نظام الطاقة العالمي وعلى اقتصاديات الدول[28].
وبالنسبة لليبراليون الجدد فقد أدى ظهور سوق الطاقة العالمي وانخفاض عدد الصراعات وحدتها إلى تقليل احتمالية "حروب الموارد"، حيث أکد Fettweis على أن نظام الطاقة العالمي الذي تم تطويره في العقود الأخيرة مناسب لجميع الفاعلين الرئيسيين في السوق بغض النظر عن حجم أصول مواردهم. وبالتالي فهم غير مهتمين بنزاع عسکري يمکن أن يزعزع استقرار تجارة الطاقة العالمية أو الإقليمية. علاوة على ذلک ، فإن التکاليف المرتفعة للعمليات العسکرية والمشاکل السياسية ذات الصلة لا تبرر الاستيلاء على حقول النفط والغاز، لأن شراء النفط والغاز من السوق سيکون أرخص وأسهل بکثير[29].
ويولي الليبراليون الجدد اهتمامًا خاصًا لدور المؤسسات الدولية في تشکيل صناعة الطاقة العالمية، ويظهر ذلک من خلال عدة نقاط؛ أولها أنهم يمکنهم التدخل في حالات فشل السوق وفي حالات المواقف غير العادية (مثل المشاکل الاقتصادية أو الکوارث). حدثت مثل هذه التدخلات في السبعينيات في سياق أزمة النفط من قبل منظمة البلدان المصدرة للبترول ووکالة الطاقة الدولية، ثانيًا، تعمل المؤسسات، مثل منتدى الطاقة الدولي، على تحسين شفافية المعلومات وزيادة الثقة بين الجهات الفاعلة العالمية في مجال الطاقة، ثالثًا، تم تصميم المؤسسات (منظمة التجارة العالمية ومعاهدة ميثاق الطاقة) لوضع قواعد ومعايير للتعاون الدولي في مجال الطاقة التي تستند إلى نظرية الترابط التي اقترحها کوهان ونيي[30]. وبالتالي يضمن السوق تأمين إمدادات الطاقة من خلال المنافسة، والتکافل يضمن التعاون.
رکزت الليبرالية الجديدة على أمننة الطاقة securitization’ بسبب ثلاثة أنواع من التحديات: ضمان إمدادات الطاقة؛ وضمان استخراج الطاقة ونقلها واستهلاکها بشکل آمن؛ وتحسين کفاءة الطاقة للأغراض البيئية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى عکس الواقعيين الجدد، يعتقد الليبراليون الجدد أن العلاقة بين الجهات الفاعلة في سوق الطاقة ومکاسب أمن الطاقة لا ينبغي أن يُنظر إليها على أنها لعبة محصلتها صفر، فإحدى نتائج هذا التعاون الذي أدى إلى زيادة أمن الطاقة هو سوق النفط العالمي. وبالتالي فإن التحدي الرئيسي المتبقي لأمن الطاقة هو ضمان مزيد من التنمية للاقتصاد الليبرالي[31].
اهتم البنائيون بجعل الشخص هدفًا للأمن، وعملوا على توسيع نطاق الجهات الفاعلة المشارکة في ضمان الأمن لجميع الأفراد فشملت تلک الفواعل المنظمات الدولية والمنظمات غير الحکومية والعوامل المعرفية التي تنتج عن تفاعل تلک الوحدات. وسمات العلاقات الدولية، بما في ذلک المتعلقة بالطاقة، ورکز البنائيون على الدور المجتمعي للطاقة وأحد الأصول الاستراتيجية التي لها دور في السياسة والاقتصاد.
کما يرى البنائيون أن السمات الأساسية للعلاقات الدولية بما في ذلک المتعلقة بالطاقة غير ثابتة تعتمد على طبيعة تدفق المعلومات والتفاعلات بين اللاعبين على الساحة الدولية، وبالتالي تختلف تفسيرات ظواهر العلاقات الدولية، بما في ذلک تهديدات الطاقة والأمن، باختلاف الفاعلين الدوليين[32].
أما مشاکل الطاقة عند البنائيون فتعتبر "مشاکل غير منظمة "" unstructured problems في ظل سيادة ظاهرة عدم اليقين والاختلافات الأساسية بين أصحاب المصالح الخاصة. وبالتالي يرکز البنائيون في أمن الطاقة على ضرورة وجود رؤية مبنية على قيم مشترکة وتعزيز مفاهيم محددة في صنع سياسات الطاقة للتغلب على النزاعات والصراعات المتعلقة بهذا المجال[33].
تعتبر مدرسة الاقتصاد السياسي الطاقة أحد هياکل السلطة التي تلعب دورًا رئيسيًا في دعم الهياکل الأساسية الأربعة لتلک السلطة وهي: الأمن والتمويل والإنتاج والمعرفة. وتعتبر مدرسة الاقتصاد السياسي أن الفائز في المنافسة بين تلک الهياکل الأساسية الأربعة للسلطة هم الفاعلون في السوق وليس الدول. ووفقًا لسترينج، تتطلب دراسات الطاقة نهجًا جديدًا ومختلطًا يأخذ في الاعتبار تأثير عوامل السياسة على أسواق الطاقة، والعکس بالعکس، تأثير هذه الأسواق على السياسة، وبالتالي فالقضية المرکزية هي إيجاد التوازن الأمثل بين الدولة والسوق الذي يجب تحديده من خلال التحليل الهيکلي للسلطة التنفيذية في مجتمع معين، وتحليل علاقات الطاقة الدولية من خلال مفاهيم القوة، والتنافس السياسي، والحوکمة[34].
المحور الثاني: فرض النفوذ الروسي من خلال الطاقة:
يرتبط النفوذ السياسي ارتباطًا وثيقًا بالطاقة التقليدية، لأنه أحد المصادر الحاسمة للقوة والإکراه والتلاعب والتحفيز في الاقتصاد العالمي المعاصر. تحدد الطاقة التقليدية قنوات مختلفة للتفاعل بين الدول وکذلک بين الجهات الفاعلة غير الحکومية في العالم المعولم.
تلعب الطاقة دورًا رئيسيًا في تشکيل الشؤون الخارجية للدولة في السياسة الدولية. وعلى مر السنين، شکلت مصدرا هاما للتأثير السياسي کورقة مساومة في الدبلوماسية الدولية. ولم تقتصر الجغرافيا السياسية للطاقة على القوى العظمى، بل أن الدول الأصغر تنشط في سعيها للسلطة والسيطرة، حيث تستخدم کل دولة مواردها الطبيعية بأکثر الطرق فعالية لتعزيز مکانتها في السياسة الدولية.
في تسعينيات القرن الماضي کان استخدام روسيا للطاقة کأداة واضحة للعيان، حيث تستند السياسة الخارجية للطاقة في روسيا على أساسين؛ استخدام التکتيکات القسرية کأساس، واتباع دبلوماسية أکثر ليونة، مثل استرضاء الدول للحصول على الصفقة لصالحها کأساس آخر. ومنذ منتصف عام 2000، بدأت المجموعة الحاکمة في روسيا في تعزيز سلطتها من خلال سيطرة الدولة على إنتاج النفط والغاز، حيث نظرت وزارة الطاقة في الاتحاد الروسي إلى الطاقة على أنها نوع من "الأداة الجيوسياسية" وأحد أصول القوة الناعمة الحاسمة التي تستخدمها روسيا للحفاظ على مجال نفوذها في العالم، حيث عززت صادرات الطاقة الروسية بشکل کبير من عائداتها وقوتها الاقتصادية، وتبنت موسکو بعض المواقف التکتيکية مثل ارتفاع الأسعار أو الخصومات وتعطيل الإمدادات من أجل تعزيز دوافعها الجيوسياسية، وبرزت "أنابيب الغاز" کسلاحاً سياسياً فاعلاً في يد الدولة ضد الأطراف الأخرى[35].
وتمارس روسيا نفوذها الطاقوي من خلال شرکات الطاقة الکبرى التي تعمل في مشاريع استخراج موارد الطاقة الروسية والامدادات بالاضافة إلى المشاريع التعاونية في دول العالم الخاصة بالطاقة، وبالتالي فهذه الشرکات هي أدوات النفوذ الروسي عبر العالم کمحاولة للانتقال إلى صيغة تعددية للنظام الدولي.
أولا: المفهوم الروسي لأمن الطاقة :
يمثل عامل الطاقة عنصر هام في تحديد مسار وتوجهات السياسة الخارجية الروسية، حيث تعتبر روسيا من أغنى دول العالم من حيث مصادر الطاقة، فهي الدولة الأولى عالميا من حيث احتياطيات الغاز الطبيعي، کما تمتلک سابع أکبر احتياطي نفط في العالم، ويعتبر قطاع الطاقة دعامة أساسية للأمن القومي الروسي وأداة مهمة من أدوات سياستها الخارجية، ويضم القطاع کل من النفط والغاز الطبيعي والفحم، ويمثل هذا القطاع موردا أساسيا من الموارد الاقتصادية في روسيا تکفي عوائده لتطوير باقي قطاعات الانتاج وتحسين الاقتصاد الروسي وتحقيق الاستقلال والنفوذ على المستوى الخارجي، وقد حرص الرئيس بوتن في عهده على بقاء الصناعات الخاصة بالطاقة تحت سيطرة الدولة واستخدام الشرکات العاملة في مجال الطاقة کأداة لبسط النفوذ الروسي في الخارج، وتمثل أوروبا السوق الرئيسي للنفط والغاز الروسي حيث تقوم الأخيره بامدادها ب27% من احتياجاتها من النفط وأکثر من 50% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، وبالتالي لقطاع الطاقة دور في تعزيز قدرات روسيا المتنامية وضمان استقرار اقتصادها ومن ثم سياستها، وتتبلور أهداف السياسة الخارجية الروسية في مجال الطاقة في عدة نقاط تشمل[36]:
بدأ بوتن بالفعل بتبني مفهوم بناء القوى العظمى معتمدا على مجال الطاقة، وقد اعتمدت استراتيجية روسيا الخاصة بأمن الطاقة على أساسين هما: زيادة القدرة التنافسية لصادراتها للغرب؛ واحکام السيطرة على شبکات النقل والتوزيع للطاقة في کل دولة تمتلک مورد هام للطاقة، وفي سبيل تحقيق تلک الاستراتيجية عملت روسيا على الآتي[37]:
من خلال تلک الخطوات استطاعت روسيا أن تغير مفهوم أمن الطاقة ليهدف إلى تحکم الدولة التام في مصادر الطاقة بعيدا عن القطاع الخاص والشرکات الأجنبية، وتعظيم الاستخدام الکفئ لتلک المصادر لتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق الرفاهية المجتمعية، بالاضافة إلى تأمين استخراج مصادر الطاقة في المناطق الجغرافية القاسية، وضرورة الوصول الآمن إلى أسواق الطاقة العالمية-وخاصة الأوروبية- مع ضرورة تأمين تصدير الطاقة دون عرقلة من دول العبور وبأعلى الأسعار التي تحقق الربح مع تأمين التکنولوجيا المناسبة والضرورية لاستخراج الطاقة، دون اغفال أهمية تنويع أسواق الطاقة وخلق توازن بينها مع السيطرة على مناطق استخراجها في العالم.
ثانيا: سياسات الطاقة الروسية لفرض النفوذ:
سياسية الطاقة الروسية تعتمد على عدة استراتيجيات هامة، مثل استراتيجية الطاقة الروسية لعام 2030، ولعام 2035، ووثيقة عام 2012، وغيرها من الوثائق التي حددت أمن الطاقة وأثرت على أهداف روسيا الجيوسياسية، واعتبرت وثيقة عام 2012 من أهم الوثائق التي کانت بمثابة خارطة طريق لأهداف صناعة الطاقة لروسيا حيث ذکرت 21 هدف لانطلاق قطاع الطاقة الروسي ليصبح القوة الدافعة لمزيد من النمو الاقتصادي.
وقد قسمت الوثيقة تهديدات أمن الطاقة الروسي إلى مجموعتين بناءً على الاتجاهات الجيوسياسية الحالية وأسواق الموارد الطبيعية شملت: (أ) عدد من التهديدات الداخلية، مثل التهديدات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتکنوجينية والطبيعية؛ و(ب) العوامل الخارجية للسياسة والاقتصاد الدوليين التي يمکن أن تضعف أمن الطاقة في روسيا نتيجة لإجراءاتها المتراکمة أو بشکل منفصل، وتحدد الوثيقة العلاقة الوطيدة بين أمن الطاقة في روسيا والمجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحلية والدولية التي لها تأثير على المصالح الوطنية لروسيا[40].
ووفقا للوثيقة، فإن ضمان أمن الطاقة يعني النشاط الذي يهدف إلى منع التهديدات المذکورة أعلاه أو التخفيف من عواقبها، مما يساهم في الحفاظ على مستوى أمن الطاقة أو زيادته وتقليل مخاطر إضعافه. وقد أشارت الوثيقة إلى مبادئ أمن الطاقة التي يجب أن تتبعها روسيا ومنها (أ) موثوقية عمل أنظمة إمدادات الوقود والطاقة؛ (ب) فاعلية الاقتصاد الوطني في استخدام الطاقة؛ (ج) التوازن في إنتاج واستهلاک موارد الوقود والطاقة؛ (د) استدامة قطاع الطاقة کجزء من الاقتصاد الوطني في مواجهة التهديدات ذات الطبيعة المختلفة وقدرته على تقليل الخسائر الناجمة عن هذه التهديدات؛ (و) قابلية المعالجة التکنولوجية والکفاءة الاقتصادية لمجمع الوقود والطاقة ، وقد أکدت الوثيقة على المراقبة المستمرة لمستوى أمن الطاقة بغرض تحديد ومنع التهديدات الحالية والمحتملة في الوقت المناسب[41].
وقد تکاتفت مؤسسات الدولة لتحقيق مبادئ أمن الطاقة وتشارکت في عملية صنع السياسات الطاقوية، ومن أهم الفواعل المشارکة في تلک السياسات ما يلي:
أ- المؤسسات الحکومية وعلى رأسهم مؤسسة الرئاسة:[42] في دولة مرکزية مثل روسيا، يشارک الرئيس في عمليات تشکيل سياسة الطاقة، جنبًا إلى جنب مع الإدارة الرئاسية ورئيس الوزراء والحکومة والمجالس التشريعية والإدارات الإقليمية، وتتحمل الوزارات والهيئات الحکومية مسؤوليات مهمة فيما يتعلق بالتصاريح والتخطيط الاستراتيجي، أما فيما يتعلق بالتنفيذ والتمويل فيکون من قبل شرکات الطاقة والخدمات المتخصصة، ويمثل الرئيس الروسي دور کبير في رسم تلک السياسات، وقد ظهر ذلک في سياسة الرئيس بوتن بعد توليه السلطة وتقنينه للخصخصة وللسوق الحر للطاقة وترکيزه على التعاون مع کبار منتجي الطاقة والتنسيق فيما بينهم من خلال انشاء منتدى لکبار الدول المنتجة والمصدرة للطاقة.
ب- الشرکات الروسية الکبرى في مجال الطاقة[43]: تساهم هذه الشرکات في تحديد أولويات السياسة النفطية الروسية، ومن أهم تلک الشرکات شرکة "غاز بروم" الروسية للغاز وهي احتکار فيدرالي – حيث تمتلک الحکومة 50% منها في حين أن الخمس مملوک لشرکات دولية- ولها دور هام في دبلوماسية الطاقة الروسية، وتتمتع بخصائص احتکارية بفضل موقعها المهيمن في انتاج الغاز الروسي وشبکتها الفعالة من خطوط أنابيب الغاز المحلية، والسيطرة على أنابيب تصدير الغاز، کما تحظى شرکة "روزنفت" المملوکة للدولة بمعظم تراخيص التطوير للحقول الجديدة، وتعطي الدولة الأفضلية للشرکتين لشراء عدد کبير من شرکات روسية دولية أخرى في مختلف العمليات الطاقوية منذ عام 2004 ضمن خطوات إعادة التأميم لجزء من أعمال الطاقة وتصحيح عملية الخصخصة، هذا بالاضافة إلى مساهمة شرکات القطاع الخاص – ضمن الأولويات الفيدرالية- بالأنشطة الطاقوية في کل من المنبع والمصب ومن أهمها شرکة "لوک أويل"، وتلعب تلک الشرکات کفاعل أساسي في تعزيز النفوذ الروسي من خلال استخدام القوة الناعمة، على سبيل المثال، استخدمت موسکو روزنفت کأداة جيوسياسية لتعزيز موقفها ودعم نظام مادورو في فنزويلا. حيث حصلت أکبر دولة من حيث احتياطيات النفط في العالم على قروض من روزنفت التي خاطرت بعدة مليارات من الدولارات في فنزويلا في شکل قروض واستثمارات في المشاريع المشترکة. وفي الوقت نفسه، تزود شرکة Rosneft فنزويلا بواردات البنزين، وهو أمر ضروري لإدارة الاقتصاد الفنزويلي. وفي عام 2019، أصبحت Rosneft أول شرکة روسية تُعفى من دفع ضرائب القيمة المضافة والتصدير في فنزويلا[44].
ت- المؤسسات البحثية والاستشارية: ولها دور محدود يقتصر على تقديم الاستشارات في قطاع الطاقة لصانع القرار ضمن دراسات السوق ومعطيات العرض والطلب..
ونتعرض في الدراسة إلى نموذجين لعلاقات روسيا الطاقوية کمحاولة فرض النفوذ...(الشرق الأوسط کمنطقة غنية بمصادر الطاقة – أوروبا کمنطقة في حاجة إلى مصادر الطاقة)
يعد الشرق الأوسط من بين أکبر مناطق العالم الغنية بالنفط الخام والغاز الطبيعي. ووفقًا للتقديرات الحالية، توجد 81.5 بالمائة من احتياطيات النفط الخام المؤکدة في العالم في الدول الأعضاء في منظمة أوبک، مع الجزء الأکبر من احتياطيات أوبک النفطية في الشرق الأوسط، والتي تصل إلى 65.5 بالمائة من إجمالي أوبک، ومع تناقص حصة الإنتاج من خارج أوبک، ستصبح السوق معتمدة بشکل متزايد على الشرق الأوسط، وبالتالي تعتبر روسيا منطقة الشرق الأوسط منافسًا رئيسيًا لها في أسواق الطاقة. فکلاهما يشترکان في القرب الجغرافي من القارة الأوروبية، ولهما إمکانية الوصول إلى الطرق البحرية المستخدمة لتوصيل النفط والغاز إلى السوق الآسيوية المربحة. کما تعتبر منطقة الشرق الأوسط -بناء على عقيدة قادة روسيا بأن عودة صعود البلاد يعتمد على مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين في کل جزء مهم استراتيجيًا من العالم- بوابة لدبلوماسية الطاقة الروسية لعدة أسباب:
• تمتلک دول المنطقة أکثر من نصف احتياطيات النفط والغاز في العالم.
• يسيطرون على ممرات بحرية استراتيجية يمکنها نقل نفطهم وغازهم.
• قرب المنطقة من أحد أکبر أسواق الطاقة في العالم وهي أوروبا، وبالتالي مساعدة روسيا في تنفيذ تکتيک "تطويق القارة الأوروبية" surround-the-continent tactic.
• يوجد اثنان من أکبر المنافسين لروسيا في المنطقة - المملکة العربية السعودية للنفط وقطر للغاز الطبيعي.
• المنطقة هي أکبر منافس لروسيا في السوق الآسيوية المربحة، ولا سيما الصين والهند.
وبناءا على ذلک زادت أهمية منطقة الشرق الأوسط بالنسبة لروسيا لارتباط الأمن القومي الروسي بأبعاده الاقتصادية على نحو وثيق بتلک المنطقة، وظهر ذلک في محاولات روسيا التواجد في معظم دول المنطقة من خلال الاستثمار في مجال الطاقة، ويمکن بلورة أسباب التواجد الروسي من خلال الطاقة في منطقة الشرق الأوسط في سببين أساسيين[45]:
السبب الأول: الاحتفاظ بصدارتها في تصدير الغاز لأوروبا، خاصة مع ظهور غاز شرق المتوسط کبديل لأوروبا عن الغاز الروسي وتقليل الاعتماد عليه، وبالتالي کان التحرک الروسي حتى تضمن استمرار نفوذها الطاقوي على أوروبا مما استدعى استثمارها في مشاريع الغاز الطبيعي في الشرق الأوسط بما يضمن لها مرکز الصدارة کمصدر للغاز لأوروبا.
السبب الثاني: توطيد النفوذ في منطقة الشرق الأوسط من خلال التحالفات الاقتصادية وايجاد دور لها أمام الولايات المتحدةلترسيخ نظام عالمي متعدد الأقطاب مبني على تفوق الطاقة، وقد استطاعت روسيا تأسيس وجود بحري دائم لها في شرق المتوسط، من خلال وجود 16 سفينة و3 مروحيات وحاملة طائرات تحسبا لأي أخطار محتملة.
وانطلاقا من معطيات الطاقة في منطقة الشرق الأوسط، تسعى روسيا للقيام بدور هام في المنطقة للاستفادة من الثروات المکتسبة ولزيادة نفوذها وخاصة في دول الخليج، وعلى وجه الخصوص المملکة العربية السعودية، في اطار منظمة الأوبک التي تعمل على تحديد أسعار النفط والتي تمثل عوائده هو والغاز الطبيعي حوالي 55% من الموازنة الروسيه، وبالتالي کان الاهتمام الروسي بضرورة التنسيق فيما يتعلق بأسعار النفط وتوسيع حجم التعاون الاقتصادي والتقني مع دول الخليج وجذب الاستثمارات الخليجية، وقد ظهر ذلک في اتفاق عام 2017 بين روسيا والسعودية والذي قرر انشاء صندوقين الأول بقيمة 10 مليار دولار، والثاني بقيمة مليار دولار مخصص للاستثمار في مجال النفط[46].
وأيضا القيام بدور هام في سوريا، أبرز حلفائها في المنطقة، والتي تتمتع بالعديد من حقول الغاز الطبيعي والنفط، کما تمثل ممرا لخطين من الغاز متقاطعين؛ الأول يمثل خط الغاز القطري- الترکي من حقل غازي في الخليج العربي عبر السعودية ثم الأردن وسوريا مرورا بترکيا ليستقر بأوروبا، والخط الثاني هو خط الغاز الايراني-السوري الذي ينطلق من الحقل الغازي المشترک مع قطر مرورا بايران والعراق وسوريا ثم يستقر في لبنان على سواحل البحر المتوسط الشرقية[47]. وتکمن رؤية روسيا لأهمية سوريا في أن موقعها يسمح بأن تکون نقطة عبور للغاز والنفط المتجه إلى أوروبا وبالتالي ضرورة سيطرة روسيا على قطاع النفط والغاز لأن ذلک سوف يعزز قبضة روسيا على امدادات الطاقة لأوروبا، هذا بالاضافة إلى العديد من دول المنطقة من خلال الشرکات الکبرى في مجال الطاقة، حيثأوزعت الحکومة الروسية لتلک الشرکات-أداة روسيا في مجال الطاقة- بضرورة تعزيز حضورها في المنطقة، وقد قامت تلک الشرکات بالتواجد من خلال عدة مجالات شملت على:
1- مجال الإنتاج: وذلک للتنقيب والبحث عن حقول الغاز في العديد من الدول مثل سوريا ومصر ولبنان، حيث استهدفت روسيا زيادة حجم استثماراتها في حقول الغاز المصرية في ظل ترجيحات بتزايد ثروات شرق المتوسط من الغاز الطبيعي التي قد تغير من خريطة امدادات الطاقة على المستوى الاقليمي والعالمي، وفي ذلک السياق أعلنت شرکة روزنفت الروسية في يناير 2018 اکتمال استحواذها على 30% من امتياز حقل شروق مصر، هذا بالاضافة إلى اقامة مشاريع للتنقيب عن الغاز والتعاون في مجال الطاقة مع لبنان حيث تقوم روسيا بالتنقيب قبالة السواحل اللبنانية عبر شرکة الغاز نوفاتيک لاستخراج وانتاج الغاز. وقد أخذت روسيا على عاتقها عمليات التنقيب والبحث عن أماکن جديدة للطاقة في سوريا من خلال شرکة Tatneft وذلک من خلال مشروع تطوير حقل قيشام الجنوبي الذي يحتوي على ما يقرب من 9.4 ملايين طن من النفط، کما دخلت روسيا في التنقيب عن الغاز الطبيعي البحري على الحدود السورية الترکية، هذا بالاضافة إلى التواجد الروسي من ميناء طرطوس البحري الذي يطل على البحر الأبيض والذي يعتبر تکريس للصراع على الموارد المکتشفة في المنطقة، کما يمثل مرکز ثقل للوجود الروسي وتعزيز لنفوذها الجيوسياسي لتمکنها من الوصول إلى المياه الدافئة ومحطات بحرية تصلح أن تکون قواعد عسکرية، هذا بالاضافة إلى قدرتها على رصد نشاطات قوات حلف شمال الأطلسي وتحرکاته لاطلال القاعدة على الجزء الجنوبي من البحر المتوسط[48]. أيضا وقعت شرکة "غاز بروم" الروسية اتفاقا مبدئيا 2016 مع ايران يقضي بتطوير حقول الغاز الطبيعي عند الحدود مع العراق[49].
2- المجال التجاري: أصبحت روسيا أحد الخيارات أمام مستوردي الطاقة في المنطقة للحصول على الغاز الطبيعي. وفي هذا السياق، وقَّعت شرکة "روزنفت" الروسية اتفاقاً لتوريد 10 شحنات من الغاز الطبيعي المُسال في مارس 2017، للشرکة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس"، کما وقعت شرکة غاز بروم الروسية في فبراير 2013 على اتفاق لشراء الغاز المسال من حقلي "تما وداليت الاسرائيليين" لمدة 20 عام، هذا بالاضافة إلى الاتفاق الروسي –السوري من خلال شرکة "سيوز نفط غاز" لتأسيس مشروعات تنمية نفطية في المناطق الاقتصادية السورية لمدة 25 عام بقيمة 90 مليون دولار[50].
3- مجال النقل: تعمل روسيا عن تعزيز شراکتها مع دول المنطقة لنقل الغاز الروسي إلى الأسواق الأوروبية. ومن أهم المشاريع القائمة في ذلک الصدد، هو مشروع خط السيل الترکي، التي استعاضت به روسيا عن مشروع "السيل الجنوبي" والذي ينقل عبر الأراضي الترکية خط أنابيب الغاز الروسي إلى أوروبا بطاقة 31.5 مليار متر مکعب، کما وقعت شرکة "ستروي ترانس غاز" اتفاقا مع الحکومة العراقية لاعادة بناء خط أنابيب کرکوک-بنياس والذي يربط بين حقول "لوک أويل" بالغرب من البصرة وحقول "غاز بروم" في کرکوک بميناء بنياس السوري، وتقوم نفس الشرکة بانشاء خط أنابيب لنقل النفط في الجزائر من حوض الحمراء إلى أرزيو بطول 403 کم[51].
وبناء على ما سبق يمکن تلخيص أساليب وتکتيکات دبلوماسية الطاقة التي يستخدمها الروس في منطقة الشرق الأوسط فيما يلي:
وبالتالي تهدف روسيا من تواجدها في المنطقة إلى إرسال رسالة إلى العالم أنه لا غنى عن الدور الروسي في المنطقة لحل النزاعات والصراعات؛ وزيادة نفوذها الاقتصادي للاستفادة من المنطقة وتطويق الغرب والحد من توسع الشرق الأقصى في مجال الطاقة.
وفقا لاستراتيجية روسيا التي أطلقتها 2010، تظل أوروبا الوجهة الرئيسية لصادرات روسيا من الطاقة حتى عام 2030، وبالنظر إلى مفهوم أمن الطاقة الأوروبي، نجد أنه يعتمد على عدة أسس تشمل؛ ضمان التدفق المستمر لموارد الطاقة بلا انقطاع، وتوفير الطاقة من مناطق انتاج موثوقة بالاسعار المناسبة، بالاضافة إلى عدم الحاق الضرر بالبيئة وتنويع مناطق امدادات الطاقة لتقليل التبعية لدولة روسيا[52].
من خلال هذا المفهوم لأمن الطاقة الأوروبي ومقارنته بمفهوم أمن الطاقة الروسي نجد أن هناک اتفاق في المفهومين في الجزء الخاص بضرورة استمرار تدفق امدادات الطاقة بينهما، إلا أن هناک اختلاف في کل من حجم هذه الامدادات واستمراريتها وطرق نقلها، وبالتالي تلعب الطاقة دور محوري في العلاقات الروسية- الأوروبية وذلک لسببين أساسيين[53]:
السبب الأول: تعتمد دول الاتحاد على امدادت الطاقة الروسية بنسبة تمثل حوالي 30% من حاجتها، هذا بالاضافة إلى بعض دول أوروبا الشرقية تعتمد على الطاقة بنسبة 100%، وفي المجمل تعتمد أوروبا على روسيا بنسبة 3٩% من الغاز الطبيعي، و٣٣٫٥% من النفط و30% من الفحم، وتحتل روسيا المرکز الثالث في التجارة الخارجية للاتحاد الأوروبي بعد الولايات المتحدة والصين بنسبة تعادل 7% في صادراته و11% في وارداته.
السبب الثاني: تعتمد روسيا على السوق الأوروبية بشکل کبير بنسبة لا تقل عن 70% من صادراتها من الغاز الطبيعي و80% من اجمالي صادراتها من النفط و50% من اجمالي صادراتها من الفحم، کما تقوم روسيا باستيراد أکثر من نصف حاجتها من التقنيات الخاصة باستخراج الطاقة من دول الاتحاد.
وبناء عليه تمثل أوروبا سوق لتصريف انتاج روسيا من الطاقة، بينما تمثل روسيا مصدر لسد حاجة السوق الأوروبي من الطاقة، فالعلاقة بين الطرفين تتميز بنوع من الاعتماد المتبادل يمکن أن يطلق عليه "اعتماد طاقوي متبادل" يختلف في نطاقه ومستوياته وتظهر ملامحه في عدة نقاط تشمل:
أ- عقود طويلة المدى تمتد إلى ما بعد 2025 وبعضها إلى ما بعد 2030، بين دول الاتحاد الاوروبي وشرکة غاز بروم الروسية بمقدار 180-200 مليار متر مکعب من الغاز الطبيعي، وفي نفس الوقت تعتمد شرکة غاز بروم على السوق الأوروبية بنسبة 70% من عائدات صادراتها[54].
ب- تتسلم دول الاتحاد أکثر من 50% من امدادات الطاقة الروسية عبر أوکرانيا کدولة عبور، وفي ظل الأزمات الأوکرانية المتتالية- يزيد قلق دول الاتحاد من عدم استدامة الامدادات الطاقوية لها، وعلى الطرف الآخر، أي تعطل في الامدادات الروسية للاتحاد الأوروبي يکون مکلفا لروسيا وله آثار اقتصادية فورية، وبالتالي تعتمد روسيا على دول العبور في وسط وشرق أوروبا[55].
ت- الانقسام في سياسات الطاقة الأوروبية يشجع روسيا في الدخول في علاقات ثنائية مباشرة مع دول الاتحاد لتوقيع صفقات طويلة المدى، وقد ظهر ذلک مع ألمانيا عبر إنشاء أنبوب السيل الشمالي عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا مباشرة دون اللجوء لدول العبور مما قلل نسبة الامدادات لأوروبا عبر دول العبور وخاصة أوکرانيا من 80% إلى 50%، وتستغل روسيا تباين المصالح في دول الاتحاد من خلال اتباعها لاستراتيجية فرق تسد لخلق مزيد من التباين وذلک للتصدي لوصول الدول إلى سياسة مشترکة في مجال الطاقة غير مواتية لسياسة الطاقة الروسية لأن الأخيرة لا تتحمل خسارة السوق الأوروبية ولا تکلفة انشاء شبکة امدادات جديدة بعيدة عن أوروبا[56].
ث- تستخدم روسيا الشرکات الکبرى للطاقة- شرکة غازبروم لانتاج الغاز، وشرکة روزنفت لانتاج البترول- في زيادة تحکمها في سلسلة الطاقة من انتاج ونقل وتوزيع في أوروبا، بالاضافة إلى شراء عدد کبير من أسهم ملکية البنية التحتية للطاقة في عدد من دول أوروبا الشرقية والوسطى، للسيطرة على دول العبور مع محاولة فک الاعتماد على تلک الدول عبر مشاريع أخرى مثل خط السيل الأزرق الترکي- الروسي کمحاولة لتقليل الاعتماد على تلک الدول خاصة أوکرانيا کدولة عبور، مما قد يسبب ذلک في خسارة مکاسب مالية هامة لتلک الدول نظير الرسوم التي تفرضها على امدادات الطاقة العابرة على أراضيها.
ومع ذلک، في النصف الثاني من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، کان للتطورات السياسية تداعيات سلبية على تجارة الطاقة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، ففي عامي 2006 و 2009، تسببت النزاعات بين روسيا وأوکرانيا فيما يتعلق بسعر ونقل الغاز في حدوث اضطرابات مؤقتة في إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، رافقت الاحتکاکات الجيوسياسية الجديدة بين موسکو والغرب هذه التطورات، مما أدى إلى زيادة نبرة الأمننة في الخطابات السياسية حول الطاقة، کما أدت الحرب الروسية الجورجية في أغسطس 2008 إلى تأجيج التوترات بين الطرفين، وحولت الأزمة الأوکرانية عام 2014 هذه التوترات إلى مواجهة مفتوحة وأثرت أيضًا على موقف الاتحاد الأوروبي وروسيا تجاه تجارة الطاقة بينهما، فمع فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا بسبب الأزمة الأوکرانية، أصبح أمن الطاقة أحد الشواغل الرئيسية بين صانعي السياسة في بروکسل، کما کان يخشى أن يقع أمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي ضحية للأزمة السياسية خاصة في دول أوروبا الشرقية الأکثر اعتمادا على امدادات الغاز الروسي[57].
في هذا السياق، وافق الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه على صياغة استراتيجية أمن الطاقة الأوروبية لعام 2014 وإطار عمل اتحاد الطاقة لعام 2015، والتي تضمنت من بين أهدافهما تنويع موردي الطاقة وتعزيز المرونة في مواجهة أزمات الطاقة الناجمة عن صدمة العرض، وقد رکز اتحاد الطاقة على زيادة أمن الطاقة من خلال خلق سوق طاقة متکامل في الاتحاد الأوروبي، وتحسين کفاءة الطاقة، وإزالة الکربون من الاقتصاد، ودعم الابتکار والقدرة التنافسية. أما فيما يتعلق بروسيا، اعتمد إطار عمل اتحاد الطاقة نهجًا باردًا وحذرًا، بحجة أنه عندما تکون الظروف مناسبة، سينظر الاتحاد الأوروبي في إعادة صياغة علاقة الطاقة مع روسيا على أساس تکافؤ الفرص من حيث فتح السوق والمنافسة العادلة من أجل المنفعة المتبادلة لکلا الجانبين، وفي الوقت نفسه، العمل على زيادة صادرات الطاقة إلى شرق آسيا بحلول عام 2030، وبالتالي يمکن القول إن التوترات مع الغرب في أعقاب الأزمة الأوکرانية زادت من إلحاح روسيا لإعادة توجيه صادراتها تدريجياً نحو آسيا[58].
الخاتمة:
لم تعد القدرات العسکرية للدولة هي المصدر الوحيد للنفوذ السياسي، حيث تعتبر الموارد الطبيعية لأي بلد متغيرًا مهمًا لسلطة الدولة ومد نفوها، وقد أدرکت روسيا هذه الأهمية لمد نفوذها حول العالم، وفي الواقع فإن النفوذ الروسي يعتبر نشاط طويل الأمد يستخدم العديد من الأدوات السياسية والاقتصادية والعسکرية والطاقوية والتکنولوجية، وقد اعتمدت روسيا على الطاقة کأداة أساسية لزيادة النفوذ وتصدير صورة روسيا للعالم کدولة کبرى لها تأثير على السياسات العالمية.
وقد ناقش البحث مفهوم أمن الطاقة ودوره في التأثير وفرض النفوذ، ورکزت الدراسة على روسيا کنموذج استخدمت مواردها الطاقوية کمصدر للتأثير السياسي للمساومة وفرض النفوذ، وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج هي:
في ختام الدراسة يمکن المجادلة بأن النفوذ الروسي المبني على الطاقة سوف يستمر فترة طويلة تحاول معها روسيا التصدي لأي محاولات للمنافسة، مع الاستمرار في السيطرة والتأثير وخلق مکانه دولية من خلال أدوات معتمدة على الطاقة.
هوامش الدراسة:
[1]Yergin, Daniel , " Energy Security in the 1990s", Foreign Affairs, 67, (1) ,Fall, 1988, pp. 110-132
[2]R.R. Penchansky and J W J.W Thomas,"The concept of access: definition and relationship to consumer satisfaction" Med. Care, 19 (2) (1981), pp. 127-140
[3] Cherp, Aleh, and Jessica Jewell. "The concept of energy security: Beyond the four As." Energy policy 75 (2014): 415-421.
[4]Smith , Hanna. (2012). Russian foreign policy and energy: the case of the Nord stream gas pipeline. In Russia’s Energy Policies. Edward Elgar Publishing.,
[5] Sablin, K., & Tripathi, S. (2021, March). Projects of Traditional Energy as an Instrument of Political Influence: Case of Russia. In IOP Conference Series: Earth and Environmental Science (Vol. 666), No. 6,.pp,1-9
[6]Chester L (2010) Conceptualising energy security and making explicit its polysemic nature. Energy Policy 38(2):887–895
[7]Proskuryakova, L. N. (2021). Updating energy security and environmental policy: Energy security theories revisited. Energy and Environmental Security in Developing Countries, 447-474.
[8]Bompard E, Carpignano A, Erriquez M, Grosso D, Pession M, Profumo F (2017) National energy security assessment in a geopolitical perspective. Energy 130:144–154
[9]Nyman E (2017) Maritime energy and security: synergistic maximization or necessary tradeoffs? Energy Policy 106:310–314
[10]Hay JL (2009) Challenges to liberalism: the case of Australian energy policy. Resour Policy 34(3):142–149
[11]Nyman J (2018) Rethinking energy, climate and security: a critical analysis of energy security in the US. J Int Relat Dev 21(1):118–145
[12]Mukhammadsidiqov, M., & Turaev, A. (2020). The Influence Of The Energy Factor On Modern International Relations. The American Journal of Political Science Law and Criminology, 2 (12), 5, 15.
[13]Dyer H, Trombetta MJ (2013) The concept of energy security: broadening, deepening transforming. In: Dyer H, Trombetta MJ (eds) International handbook of energy security. Edward Elgar Publishing Ltd, Northampton, USA, pp 3–18
[14] Dooyum, U. D., Mikhaylov, A., & Varyash, I. (2020). Energy security concept in Russia and South Korea. International Journal of Energy Economics and Policy, 10(4), 102.
[15] Proskuryakova, L. N., op.cit.
[16]Harris, S. (2010). Global and regional orders and the changing geopolitics of energy. Australian Journal of International Affairs, 64(2), 166-185.
[17]Childs J (2016) Geography and resource nationalism: a critical review and reframing.Extr Ind Soc 3(2):539–546
[18]Sovacool BK (2016) Differing cultures of energy security: an international comparison of public perceptions. Renew Sustain Energy Rev 55:811–822
[19]Pascual C, Zambetakis E (2010) The geopolitics of energy: from security to survival. Energy security. In: Pascual C, Elkind J (eds) Economics, politics, strategies, and implications. Brookings Institution Press, Washington, pp 9–37
[20]U.S. Energy Information Administration, International Energy outlook 2031 (Washington DC: EIA.2013) P.1.
[21] عمرو عبد العاطي،(2014) أمن الطاقة في السياسة الخارجية الأمريکية ،المرکز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ص56.
[22]Kalicki J, Goldwyn D (2005) Conclusion: energy, security, and foreign policy. In: Kalicki J, Goldwyn D (eds) Energy and security: toward a new foreign policy strategy. Woodrow Wilson Center Press with Johns Hopkins University Press
[23] Nincic DJ, Kolin A (2009) Maritime security as energy security: current threats and challenges. In: Energy security: challenges for the, pp 31–44
[24]Wilson B (2012) Maritime energy security, NATO SPS sponsored critical energy infrastructure protection (CEIP) Advanced research workshop (NATO ARW), p 1
[25]Elving A (2014) Achieving energy security in the EU: national self-interest vs. multilateral cooperation
[26] Klare M (2008), Rising powers, shrinking planet: the new geopolitics of energy. Metropolitan Books, New York, 352 pp
[27]Gilpin R 2016 The Political Economy of International Relations Princeton University Press (New York)
[28]Baldwin DA (ed) (1993), Neorealism and neoliberalism: the contemporary debate. Columbia University Press, New York
[29]Fettweis CJ (2009) No blood for oil: why resource wars are obsolete, In: Luft G, Korin A (eds) Energy security challenges for the 21st century. A reference handbook. Praeger Security International, Santa Barbara.
[30] Keohane, R. O., & Nye Jr, J. S. (1973).Power and interdependence. Survival, 15(4), 158-165.
[31] Goldthau, A., & Witte, J. M. (Eds.). (2010). Global energy governance: The new rules of the game. Brookings Institution Press.
[32]Gheciu, A., & Wohlforth, W. C. (Eds.). (2018). The Oxford Handbook of International Security. Oxford University Press.
[33] Kazantsev, A., & Sakwa, R. (2012). New ‘dividing lines’ in Europe: A crisis of trust in European–Russian relations. Communist and Post-Communist Studies, 45(3-4), 289-293.
[34] Selwyn, B. (2015). Twenty-first-century International Political Economy: A class-relational perspective. European Journal of International Relations, 21(3), 513-537.
[35] Sagramoso D 2020 Russian Imperialism Revisited: From Disengagement to Hegemony Routledge (London)
[36] Smith, H. op.cit, p45.
[37] بسمة ماجد حمزة، (يونيو 2014)، إستراتيجيات روسيا لتوظيف الغاز الطبيعي للتأهل إلى منزلة القوة العظمى، آفاق سياسية، العدد 6 ، ، ص32
[38] Van de Graaf, T., & Colgan, J. D. (2017). Russian gas games or well-oiled conflict? Energy security and the 2014 Ukraine crisis. Energy Research & Social Science, 24, 59-64.
[39] I bid.
[40] Sasic, Filip. (2021) "Russia’s Geopolitics in Southeast Europe: Energy security and pipeline politics.", p.20.
[41] Aleksei Bogoviz, et al,(2018), "Russia’s Energy Security Doctrine: Addressing Emerging Challenges and Opportunities", International Journal of Energy Economics and Policy, 8, (5), pp.1-6
[42] نورهان الشيخ، (ابريل 2014) "الخيار المتردد: هل تصبح الطاقة سلاحا روسيا لاستعادة المکانة الدولية؟"، مجلة السياسة الدولية العدد196 .
[43] Pami Aalto, et.al, (2012),"How are Russian energy policies formulated? Linking the actors and structures of energy policy", in, Edward Elgar, Russia’s Energy Policies: National, Interregional and Global Levels, (Edward Elgar Publishing Limited), p25.
[44] Sablin, K., & Tripathi, S. op.cit, pp,1-9.
[45] Mammadov, Rauf. (2018),"Russia in the Middle East: Energy Forever?."in: Theodore Karasik and Stephen Blank, (Editors) Russia in the Middle East , p226.
[46] نورهان الشيخ، "استراتيجية الأمن القومي الروسي:قراءة تحليلية"، مجلة دراسات (مرکز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة)، عدد1، مجلد 5، 2018، ص54.
[47] أميرة أحمد حرزلي، "استراتيجية أمن الطاقة الروسية بشرق المتوسط في ظل التهديدات الأمنية بعد 2011"، المرکز الديمقراطي العربي، 2018 من: https://democraticac.de/?p=53952 (تاريخ الدخول 8/7/21)
[48] ظاهر عبد الزهرة البيعي، ثناء ابراهيم الشمري،2017، "الموقع الجغرافي الروسي وجيوبولتيکية قاعدة طرطوس"، مجلة البصرة للعلوم الانسانية، (العدد6)، المجلد42، ص288.
[49] Mammadov, Rauf, o.cit, p.229.
[50] شريف شعبان مبروک، "التحالفات الاقليمية والدولية في شرق المتوسط"، آفاق سياسية، (العدد:24) 2015، ص45.
[51] نورهان الشيخ،(يناير2019) "العلاقة مع روسيا..بين الاحتواء والصرا"، مجلة السياسة الدولية، العدد215، ، ص115.
[52] جمال الدين بن عمير وعمر قيره، يونيو (2013)، "مقاربة حول الأمن الطاقي الأوروبي: قراءة في الأبعاد الاقتصادية لمکانة الجزائر"، الرائد المغربي ،العدد1 ، ص16.
[53] عاطف معتمد عبد الحميد، (2009)، استعادة روسيا مکانة القطب الدولي: أزمة الفترة الانتقالية (بيروت: الدار العربية للعلوم ) ص ٤٥.
[54] محفوظ رسول، (2017)، "أمن الطاقة في العلاقات الروسية-الأوروبية: قراءة وفق نظرية الاعتماد المتبادل"، المستقبل العربي، العدد:464، مجلد 40، ص133.
[55]Proedrou Fillippos, (2007),"the EU- Russia Energy Approach under the prism of Interdependence", Security European, 16, (3), p331.
[56] محفوظ رسول، مرجع سابق، ص134.
[57] Siddi, M. (2020). EU-Russia energy relations. M. Knodt and J. Kemmerzell, Handbook of Energy Governance in Europe, Springer, 1-25.
[58] Siddi, M. (2016). The EU’s energy union: A sustainable path to energy security? The International Spectator, 51(1), 131–144.
[59] Ralf Dickel, et al, (October 2014 ),“Reducing European Dependence on Russian Gas: Distinguishing Natural Gas Security from Geopolitics,” OIES Paper: NG 92, Oxford, UK: Oxford Institute for Energy Studies, University of Oxford, p. 1