مفهوم المصير المشترک والعلاقات العربية الصينية: بين مبادرة الحزام والطريق وجائحة الکورونا

نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة

المؤلف

قسم الدراسات المستقبلية مرکز الأساليب التخطيطية معهد التخطيط القومي

المستخلص

يعد مفهوم "المصير المشترک" الأساس الفکري لجمهورية الصين الشعبية، الذي تستند عليه في الصعود داخل النسق الدولي کقطب عالمي جديد آخذ في التبلور. ويساعدها المفهوم للظهور کقوى داعمة للتعددية ودافعة نحو العولمة عبر سن مفاهيم جديدة في حقل العلاقات الدولية کمفهوم "دبلوماسية التعاطف"، و"دبلوماسية التنمية". وقامت بمأسستها عبر إنشاء رابطة المصير المشترک لنشر الفکر مؤسسيا بمختلف دول العالم، الأمر الذي دفعها للاتجاه أمميا ونجحت في استصدار قرار أممي من الأمم المتحدة يقر بأهمية التفاف الجماعة الدولية کافة نحو الالتزام لتحقيق المصير الإنساني المشترک.
في هذا السياق، کان من المهم الوقوف على المفهوم وکيفية تطبيقه على الأرض عبر مبادرة الحزام والطريق المبادرة الصينية لربط أربع قارات معا نحو مصير إنساني مشترک "قارة آسيا وأوروبا وأفريقيا، وأمريکا اللاتينية". وعلى صعيد إقليمي کان من المهم الوقوف على طبيعة العلاقات الصينية العربية للتعرف على مدي انطباق المفهوم على هذه العلاقات بين الصين ومثيلاتها من الدول العربية.
وفي ظل جائحة عالمية کجائحة الکورونا کان من المهم والضروري الوقوف حول المستقبل وهل استطاعت الصين الوقوف أمام العالم في اختبار کبير يهدد المصير المشترک للعالم ککل وبالتبعية بشان العلاقات العربية الصينية.
وتنقسم الورقة لثلاثة أقسام رئيسة القسم الأول يطرح مفهوم المصير المشترک وکيفية الإعلان عنه ومأسسته وانعکاساته بالدبلوماسية الصينية، أما القسم الثاني فيتناول مبادرة الحزام والطريق کانعکاس لمفهوم المصير المشترک وما تقدمه من أدوات وآليات، أما القسم الثالث فيناقش العلاقات العربية الصينية في ضوء مبادرة الحزام والطريق کتطبيق عملي لمفهوم المصير المشترک ويطرح عدة محاور حول مستقبل المبادرة في ضوء الجائحة والفرص العربية للتعاون الصيني في هذا الإطار.
الکلمات الدالة:

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


 

مقدمة

"هناک قولا مأثورا في الصين وهو: "عندما تسود مبادئ الحق يکون العالم ملکا لجميع البشر". السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية قيم البشرية المشترکة. علينا أن نواصل جهودنا.... ونبني علاقات دولية جديدة محورها التعاون والفوز المشترک، لإنشاء رابطة المصير المشترک للبشرية"

(خطاب الرئيس شي جين بينغ - للدورة السبعين العامة للأمم المتحدة، ٢٨ سبتمبر 2015)

في ضوء ما ذکره الرئيس الصيني بخطابه بالأمم المتحدة عام ،2015 يمکن استلهام اهتمام جمهورية الصين الشعبية بمفهوم المصير المشترک للبشرية؛ کمشروع أکبر للتقارب والدعم والتعاون بين الشعوب بحکم العيش في کوکب واحد تتلاشي خلاله الحدود الوطنية في حالة الأزمات والکوارث. کما ظهر جليا في جائحة الکورونا. فالتصدي والمجابهة لن يتأتى إلا بالمسئولية المشترکة لجميع الدول والشعوب معا. وهذه الرؤية والمسئولية هي ما تطرحه وتقدمه الصين للعالم.

فمفهوم المصير المشترک رغم ارتباطه بجهود الرئيس الصيني شي جين بينج، لکنه مفهوم مستمد من الثقافة الکونفوشوسية منذ الأف السنين کمبدأ يحکم الدبلوماسية الصينية في اقترابها من العالم الخارجي. وطرحه حديثا يتم الأن بأدوات وآليات جديدة ومتطورة تتواکب مع التغيرات الحديثة بالعالم، ليتم قبولها وتطبيقها من قبل شعوب العالم المختلفة. ويمکن النظر إليه في سياق أکبر کمنظور جديد للعلاقات الدولية مستمد من الخصوصية الصينية حتى أن البعض يصفه بــ "النظرية الصينية للعلاقات الدولية".

وفي هذا الإطار، کانت المنطقة العربية من أبرز الأقاليم التي تحظي باهتمام الدولة الصينية  في ظل علاقات طيبة منذ إعلان جمهورية الصين الشعبية في خمسينات القرن الماضي. وامتدادا لهذا الإرث التاريخي تحظي المنطقة بمشروعات صينية عربية مشترکة تمثل تجسيدا لمفهوم المصير المشترک کمبادرة الحزام والطريق التي أضحت مکونا مهما في خريطة الاستثمار العربي في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية في إطار مشروعات مستقبلية طويلة الأجل تحقق المنفعة الوطنية والصينية تفعيلا لمبدأ المنفعة المتبادلة Win-Win . مع اهتمام سياسي من قبل القيادات العربية والصينية يدعم مشروعات الربط ورابطة المصير المشترک.

ومع ظهور جائحة الکورونا بالصين وسرعة انتشارها بالعالم بما فيها الدول العربية، ظهر تحدي أمام الجميع يمثل اختبارا للبشرية ککل، ولمفهوم المصير المشترک للشعوب والتضامن الإنساني. وأصبح النقاش الدائر يسير في اطار کيفية التخلص من الجائحة، وماهية مستقبل الوجود الصيني ومبادرة الحزام والطريق  خاصة في ظل التصعيد الغربي والاتهامات المتبادلة. لذلک ثار النقاش حول قدرة الصين على تطبيق المفهوم خلال الجائحة عبر مشروعات مبادرة الحزام والطريق والوقوف مع الدول المتضررة تفعيلا لرابطة المصير المشترک للبشرية.

في هذا السياق، تقدم الورقة عدد من التساؤلات الهامة، کماهية مفهوم المصير المشترک والمبادئ الحاکمة له وأدواته، وکيفية تطبيقه عمليا في سياق عملي مشترک على الأرض وانعکاسه في الدبلوماسية الصينية خلال اقترابها بالعالم الخارجي. وإلى أي مدى تمثل مبادرة الحزام والطريق انعکاسا لفکر المصير المشترک للشعوب. وکيفية انعکاس مفهوم المصير المشترک في العلاقات العربية الصينية خاصة خلال مبادرة الحزام والطريق، وماهية مجالات التعاون الممکنة لدعم اواصر المنفعة المتبادلة والمصير المشترک للبشرية. وما هو مستقبل مبادرة الحزام والطريق في ظل جائحة الکورونا، وکيف يمکن للصين تطبيق مفهوم المصير المشترک للإنسانية وما هية الفرص المستقبلية للتعاون العربي الصيني خلال جائحة الکورونا لتعظيم المنفعة المتبادلة.

انطلاقا مما سبق، تنقسم الورقة لثلاثة أقسام رئيسة القسم الأول يطرح مفهوم المصير المشترک وکيفية الاعلان عنه ومأسسته وانعکاساته بالدبلوماسية الصينية، أما القسم الثاني فيتناول مبادرة الحزام والطريق کانعکاس لمفهوم المصير المشترک وما تقدمه من أدوات وآليات، أما القسم الثالث فيناقش العلاقات العربية الصينية في ضوء مبادرة الحزام والطريق کتطبيق عملي لمفهوم المصير المشترک ويطرح عدة محاور حول مستقبل المبادرة في ضوء الجائحة والفرص العربية للتعاون الصيني في هذا الإطار.

الفروض والتساؤلات:

اولا الفروض:

  • تطبق الصين مفهوم المصير المشترک خلال علاقاتها مع الدول العربية
  • تمثل مبادرة الحزام والطريق انعکاسا لمفهوم المصير المشترک

ثانيا التساؤلات:

  • ما هو مفهوم المصير المشترک والمبادئ الحاکمة له؟
  • ما هو مستقبل مفهوم المصير المشترک ومبادرة الحزام والطريق خلال جائحة الکورونا؟
  • ما هى الفرص المستقبلية للتعاون العربي الصيني خلال جائحة الکورونا؟

المنهج المستخدم:

تستخدم الدراسة المنهج الوصفي التحليلي لوصف مفهوم المصير المشترک بآلياته، وأدواته، وجهود الدبلوماسية الصينية في مأسسة المفهوم ونشره بدول العالم المختلفة ونشر مفاهيم جديدة في العلاقات الدولية تطبيقا لهذا المفهوم. ووصف کيفية ارتباط المفهوم بمبادرة الحزام والطريق وطبيعة العلاقات العربية الصينية والمشروعات القائمة انعکاسا لمفهوم المصير المشترک. والدور الذي تمارسه الصين خلال جائحة الکورونا تطبيقا لمفهوم المصير المشترک.

أهداف الدراسة:

  • الهدف العام: الوقوف على مفهوم المصير المشترک وانعکاساته على صعيد العلاقات العربية الصينية خلال مبادرة الحزام والطريق

الأهداف الفرعية:

  • التعرف على ماهية مفهوم المصير المشترک وأدواته وآلياته
  • الوقوف على کيفية مأسسة الدبلوماسية الصينية للمفهوم عالميا
  • الوقوف على مستقبل المفهوم ومستقبل العلاقات العربية الصينية في ظل جائحة الکورونا

القسم الأول: مفهوم المصير المشترک والاعلان عنه ومأسسته وانعکاساته بالدبلوماسية الصينية:

يطرح هذا الجزء عدة اشکاليات حول ماهية مفهوم المصير المشترک وکيف قدمته الصين إلى العالم ليتم تبنيه من قبل المنظمة الأممية، وتحققه من مفهوم إلى اطار مؤسسي مستدام. ويقدم نقاش علمي دائر بين المدارس الغربية والصينية في تفسير الصعود الصيني وتطبيق مفهوم المصير المشترک بين الإنسانية جمعاء.

من هذا المنطلق، يتناقش هذا القسم مفهوم المصير المشترک والمبادئ الحاکمة له، وکيفية انعکاساته من المفهوم النظري إلى التطبيق العملي، وسبل الإعلان السياسي عنه وخطوات مأسسة المفهوم ومجالات تطبيقه، ثم يتطرق للحديث عن الدبلوماسية الصينية، وکيفية تطبيقها لمفهوم المصير المشترک للشعوب والبشرية، جمعاء وما طرحته من مفاهيم جديدة مصاحبة کدبلوماسية التعاطف ودبلوماسية التنمية.

  1.  مفهوم المصير المشترک:

يعد مفهوم "المصير المشترک" مفهوما متجذرا في الثقافة الصينية المتوارثة منذ آلاف السنين، استلهاما من القول الصيني المأثور "عندما تسود مبادئ الحق يکون العالم ملکا لجميع البشر"، وهذا ما تستهدفه الصين من خلال مفهوم المصير المشترک. فقد جاء اطلاقه في العصر الحديث عام 2012 من خلال الحزب الشيوعي الصيني، ثم تبناه الرئيس الصيني شي جين بينج منذ توليه رئاسة البلاد ليستهدف البشرية ککل.[i] بمعني آخر يعتبر المفهوم بمثابة دعوة مقدمة من الصين، لوعي واستنهاض العالم بوجود رابطة للمصير المشترک تربط البشرية ککل. بحکم العيش على أرض واحدة؛ فأضحى المفهوم  يتخطى الحدود الوطنية والفکر العقائدي. [ii]  ويرتکز على إقامة شراکة متکافئة وقائمة على التفاهم المتبادل، وإرساء نمط أمني يتسم بالعدالة والإنصاف والمشارکة في البناء والتقاسم، والسعي نحو آفاق التنمية المتسمة بالانفتاح والابتکار والتسامح والمنفعة المتبادلة Win-Win Cooperation، وتعزيز التبادل بين الحضارات المتسم بالانسجام مع وجود الاختلاف، والتوافق والتسامح، وبناء نظام إيکولوجي يحترم الطبيعة والتنمية الخضراء، وهذا ما يؤکد استنباط المفهوم من الثقافة الکونفوشيوسية وتطويره عمليا، والترويج له، لتبنيه من قبل دول العالم المختلفة، ليحقق التضامن بين الشعوب. [iii] عبر التأکيد على عدة مبادئ:

  • التزام أية دولة، وهي تسعى لتحقيق مصالحها، أن تضع في اعتبارها مصالح الدول الأخرى، وأن تدفع التنمية المشترکة من خلال تحقيق تنميتها الوطنية.
  • إنشاء علاقة شراکة جديدة للتنمية العالمية تکون أکثر توازنا تحقق المنفعة المتوازنة.
  • أن تبذل کل الدول جهودا متضافرة لمواجهة الصعوبات وتقاسم المسؤولية والتطلعات المشترکة لتعزيز المصالح البشرية.

ويمثل المفهوم تطويرا لمسيرة العلاقات الدولية من منظور النظرية الصينية للعلاقات الدولية، کما سيتم الاشارة إليها بالتفصيل. الأمر الذي تطلب نشر الفکر والترويج له ومأسسته وتبنيه أمميا، على أساس الثقة والاحترام المتبادل والتعاون والفوز المشترک والحفاظ على السلام والاستقرار العالمي. وهذا ما نجحت فيه الصين کما سيتضح.

وتعد الجهود الصينية لإنشاء رابطة المصير العالمي بمثابة استراتيجية الدبلوماسية الصينية الجديدة، وآلية الصين لبناء نظام دولي جديد أکثر عدلا وإنصافا يقوم على مبادئ التأخي والتضامن المشترک لتحقيق السلام والتنمية وتعزيز التعاون والتطلع نحو التقدم .

 

  1. الإعلان السياسي عنه ومأسسة المفهوم:

جاء الإعلان عن المفهوم من قبل الصين في العديد من المحافل السياسية والمؤتمرات الدولية عام 2012، بل وتم الإفادة به من قبل العديد من الجهات والهيئات بداية من رأس الدولة "الرئيس الصيني شي جين بينج" مرورًا بالعديد من المسئولين الصينين، ويوضح الجدول رقم (1) أبرز الجهود الرسمية لطرح المفهوم والترويج له سياسيا خاصة بالمحافل الدولية تمهيدا لمأسسته أمميا. ويعد اهتمام الرئيس الصيني بالمفهوم هو رسالة للعالم ککل أن المفهوم هو أساس أيديولوجية الدولة الحاکم لعلاقاتها الخارجية مع دول العالم ککل.

 

الجدول رقم 1

أبرز الجهود الصينية لطرح المفهوم والترويج له

التاريخ

الحدث

الإشارة

نوفمبر 2012

المؤتمر الوطني الثامن للحزب الشيوعي الصيني

تم الإشارة إليه ضمن قرار المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني

مارس 2013

زيارة خارجية للرئيس الصيني

في قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بأول زيارة خارجية له بعد انتخابه رئيسا للصين، وألقى کلمة في معهد موسکو الحکومي للعلاقات الدولية، شرح فيها لأول مرة الرؤية الصينية حول اتجاه الحضارة البشرية مع العالم ومفهوم المصير المشترک

يونيو 2014

المؤتمر الوزاري السادس لمنتدى التعاون الوزاري الصيني العربي

القي الرئيس الرئيس شي جين بينغ خطاب في المؤتمر الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني- العربي يؤکد على مفهوم التعاون والمصير المشترک

٢٨ مارس ٢٠١٥

منتدى بوآو الآسيوي

أکد الرئيس الصيني شي جين بينغ في منتدى بوآو الآسيوي على أهمية التضامن وانعکاساته على المصير المشترک للشعوب

4 ديسمبر 2015

قمة جوهانسبرغ لمنتدى التعاون الصيني- الأفريقي

أکد الرئيس شي جين بينغ في حفل افتتاح القمة على أهمية مفهوم المصير المشترک کمدخل لتقارب الشعوب وتضامنها وتنميتها

سبتمبر 2015

قمة إحياء الذکرى السنوية السبعين لإنشاء الأمم المتحدة

شرح الرئيس الصيني شي جين بينغ المحتوى الرئيسي لإنشاء رابطة المصير المشترک للبشرية وطرح سبل لمأسسة المفهوم

نوفمبر ٢٠١٦

خطاب الرئيس الصيني ببرلمان بيرو

وقد شرح الرئيس شي جين بينغ هذا المفهوم بشکل أعمق في خطابه الذي ألقاه في برلمان بيرو

عام 2016

قمة مجموعة العشرين في هانغتشو

دعت الصين عددا کبيرا من الدول النامية للمشارکة في من أجل تعزيز تمثيل وقوة أصوات الدول النامية کبداية لتطبيق المفهوم.

عام 2017

اجتماع قادة بريکس

جرى حوار بين دول الأسواق الناشئة والدول النامية. کل ذلک هدفه إقامة شبکة علاقات الشراکة وبناء نمط التنمية المشترکة ورابطة المصير المشترک لجميع الدول.

في الثامن عشر من يناير ٢٠١٧

مقر الأمم المتحدة في جنيف

ألقى الرئيس شي جين بينغ خطابا هاما بعنوان "إنشاء رابطة المصير المشترک" وطرح الحلول الصينية لإنشاء المصير المشترک للبشرية وتحقيق الفوز المشترک والتمتع بالثمار المشترکة

المصدر: الجدول من اعداد الباحثة بتدبر من:

ديدار سينغ، رابطة المصير المشترک للبشرية، الصين اليوم، أکتوبر 2017، http://www.chinatoday.com.cn/ctarabic/se/2017-10/01/content_747646.htmـ متوفرة بتاريخ 1 يونيه 2020

يتضح من الجدول السابق اهتمام الرئيس الصيني بالمفهوم والترويج له خلال العلاقات الثنائية للصين، مع بعض الدول على المستوى الثنائي وعلي المستوى الاقليمي والقاري حيث ظهر جليا بالمنتدى العربي الصيني والعربي الافريقي والاسيوي. فعلى الصعيد الأسيوي لتتکامل مع "تحقيق حلم آسيا- المحيط الهادئ المشترک" ومشروع "السعي لتنمية رابطة المصير المشترک الآسيوية. وکان الجهد الإقليمي والقاري تمهيدا لنشره على الساحة الأممية، شملت جهود الصين أيضا منظمة الأمم المتحدة التي تکللت بإطفاء الطابع الأممي على المفهوم، وما صاحبه من جهود مؤسسية رسمية اتبعتها الدولة الصينية لمأسسة المفهوم ليضمن الاستدامة ويقدم الدعم بشکل رسمي کما يتضح بالجدول رقم (2) حيث يعکس جهود مأسسة مفهوم المصير المشترک على المستوى الأممي.

الجدول رقم2

جهود مأسسة مفهوم المصير المشترک على المستوى الأممي

التاريخ

المحفل

الانجاز

في سبتمبر 2015

قمة إحياء الذکرى السنوية السبعين لإنشاء الأمم المتحدة

شرح الرئيس الصيني شي جين بينغ المحتوى الرئيسي لإنشاء رابطة المصير المشترک للبشرية. فقد مثلت بداية للتمهيد بمأسسة المفهوم

في عام 2017

اجتماع قادة بريکس

جرى حوار بين دول الأسواق الناشئة والدول النامية بهدف هدفه إقامة شبکة علاقات الشراکة وبناء نمط التنمية المشترکة ورابطة المصير المشترک لجميع الدول. بداية الخطوات العملية للمأسسة

فبراير 2017

الامم المتحدة

أُدرج مفهوم "إنشاء المصير المشترک للبشرية" في قرار للأمم المتحدة، عندما أقرت الأمم المتحدة قرار "الشراکة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا في المجال الاجتماعي".

مارس 2017

إعلان دولي مشترک في الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة

أصدرت الصين باسم مائة وأربعين دولة، إعلانا مشترکا بعنوان "دفع وحماية الحقوق الإنسانية وإنشاء رابطة المصير المشترک للبشرية"، الأمر الذي ساهم في تعزيز مفهوم رابطة المصير المشترک العالمي مرة أخرى.

المصدر: الجدول من اعداد الباحثة بتدبر من:

ديدار سينغ، مرجع سابق.

يتضح مما سبق أن الصين نجحت في استصدار قرارا أمميا يؤکد الالتزام الدولي بالمصير المشترک، وقد وافق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس على مفهوم المصير المشترک للشعوب، معبرا عن دور الصين في العالم کقوة رئيسية هدفها دعم التعددية العالمية، واصفا إياها بأن "الصين أصبحت قوة رئيسية للتعددية، إن هدفنا لمتابعة التعددية هو إنشاء رابطة المصير المشترک للبشرية."

  1. مجالات تطبيق المفهوم:

تتبني الصين رؤية عملية لنقل المفهوم إلى مجالات تطبيقية عملية على الأرض وفي هذا السياق يأتي تطبيق مفهوم المصير المشترک کرؤية شاملة متعددة المجالات والتخصصات Muilt & Interdisciplinary تجمع بين المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والتنمية الخضراء، والتبادل الحضاري کما امتدت من الواقع العملي الواقعي إلى الواقع الافتراضي السيبراني. وتظهر هذه الرؤية في الجدول رقم 3 الذي يوضح مجالات تطبيق المفهوم والمبادئ الحاکمة ومخرجات التطبيق

الجدول رقم 3

مجالات تطبيق مفهوم المصير المشترک والمبادئ الحاکمة ومخرجات التطبيق

المجال

الرؤية

المبادئ

المخرج

في المجال السياسي

تلتزم الصين بنهج جديد يتمثل في مبادئ "الحوار بدلا من المجابهة والشراکة بدلا من التحالف":

 

- کافة الدول عليها أن تجد النقاط المشترکة وتترک نقاط الخلاف مع غيرها جانبا

- احترام النظام الاجتماعي وطرق التنمية التي تختارها الدول بنفسها

- احترام کل منها للمصالح الجوهرية للدول الأخرى

- يتعين عليها أن تتشارک وتتشاور في الشؤون المعنية، بغض النظر عن مکانتها وما إذا کانت قدراتها قوية أو ضعيفة.

الصين لها علاقات شراکة مع أکثر من ثمانين دولة ومنطقة ومنظمة إقليمية، لبناء شبکة شراکات عالمية في أنحاء العالم.

في المجال الأمني

تخلي کافة الدول عن عقلية الحرب الباردة القديمة لبناء مفهوم جديد للأمن يتسم بالمشارکة والتکامل والتعاون والاستدامة، في أسرع وقت ممکن.

- على کافة الدول أن تلعب دورا هاما في الحفاظ على الاستقرار العالمي والإقليمي لأنها في نطاق رابطة المصير المشترک وأصبحت مترابطة على نحو متزايد.

-  تقديم الحلول للقضايا الساخنة الإقليمية والقيام بالوساطة الإيجابية وفقا لمفهوم الأمن الجديد.

- تشارک الصين في عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة بشکل عميق

- الصين أکثر الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن إرسالا لقوات حفظ السلام،

- وأکثر دولة نامية مساهمة ماليا في دعم عمليات حفظ السلام.

المجال الاقتصادي

الانفتاح والابتکار والتسامح والمنفعة المتبادلة لتحقيق الفوز المشترک من خلال التعاون والتنمية المشترکة مع الدول الأخرى.

- ترفض الصين السياسات الحمائية بشکل واضح وثابت.

- لا توافق الصين على فکرة "مناهضة العولمة"، بل تدعو إلى القضاء على فجوة التنمية العالمية لجعل جميع الشعوب تتمتع بثمار التنمية المشترکة

- تواصل تعزيز "الاقتصاد المنفتح"، وتطوير التجارة الحرة والاستثمار في العالم، وتعزيز تحرير وتيسير التجارة والاستثمار خلال عملية الانفتاح.

مجال التبادل الحضاري

الحضارات المختلفة تجسد حکمة ومساهمات الأمم المختلفة، ويجب المساواة بينها والتعلم من بعضها البعض، ودفع التطور الإبداعي للحضارة البشرية."

- تعزيز التبادل بين مختلف الحضارات وأنماط التنمية المختلفة

- تحقيق التکامل بين جميع البلدان من خلال المنافسة

هناک جهود تتم خلال مبادرة الحزام والطريق لتبادل الحضارات والثقافات

مجال التنمية الخضراء

الالتزام بالمواجهة الاممية والتضامن في مجال حماية البيئة وتقليل الانبعاثات والملوثات

الالتزام بالاتفاقيات الدولية للحفاظ على البيئة وفي هذا الاطار:

-          أصبحت الصين مبادرة ومساهمة فعليا في اتفاقية تغير المناخ.

-           أخذت الصين زمام المبادرة في الموافقة على "اتفاقية باريس للمناخ"

-          تلعب دورا ثابتا في مواجهة تغير المناخ.

-        أشارت باتريشيا اسبينوزا، الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، إلى أن الصين هي الدولة الرائدة المنفذة لاتفاقيات تغير المناخ، وقد حققت نتائج کثيرة، بهذا الخصوص، وهي المرشدة في الالتزام باتفاقية باريس للمناخ."

المجال الافتراضي

توسع الصين مفهوم "رابطة المصير المشترک" من "الحياة الواقعية" إلى "الحياة الافتراضية"

-  کافة الدول تواجه تحديات الأمن السيبراني وليس ثمة بلد يمکنه تجنبها.

- حماية الأمن السيبراني مسؤولية دولية مشترکة.

کان موضوع المؤتمر العالمي الثاني للإنترنت يعکس مفهوم الإنترنت الصيني، هو "التواصل والترابط والتمتع المشترک والإدارة المشترکة لبناء رابطة المصير المشترک في الفضاء السيبراني."

المصدر: الجدول من إعداد الباحثة بتدبر من:

ديدار سينغ، رابطة المصير المشترک للبشرية، الصين اليوم، أکتوبر 2017، http://www.chinatoday.com.cn/ctarabic/se/2017-10/01/content_747646.htmـ متوفرة بتاريخ 1 يونيه 2020

ومن أبرز المشروعات المطبقة على الأرض التي تعکس مفهوم المصير المشترک للبشرية مبادرة الحزام والطريق وسيتم التطرق إليها بالتفصيل لاحقاً.

  1. الدبلوماسية الصينية تطبيقا لمفهوم المصير المشترک للشعوب:

اطلقت الصين مصطلحا جديدا يسمى دبلوماسية التعاطف والاخلاص التي تعني احتواء مختلف الشعوب لشمولهم في خطط التنمية لربط الحلم الصيني مع احلام الشعوب الاخرى، من أجل حياة أفضل في إطار وحدة المصير المشترک لشعوب العالم، ومبدأ المنفعة المتبادلة[iv]  وتسعى الصين إلي تبني سياسة خارجية مغايرة. [v]يتم قراءتها في إطارمشروع أکبر ألا وهو الصعود الصيني الذي شغل نظرية العلاقات الدولية، محاولة لتفسير الدور الصيني في العلاقات الدولية، والتي وصل لوصفها "ظهور نظرية صينية للعلاقات الدولية".

 وتعود ارهاصات هذه الجهود النظرية خلال نهاية السبعينيات للقرن الماضي الذي جاء معه الاعلان عن سياسة الانفتاح الصينية نحو العالم فدار الجدل بين مدارس نظرية العلاقات الدولية حول اشکالية الطابع الغالب على العالم هل "الثورة والحرب" أم "السلام والتنمية" الذي يطرحها الجانب الصيني، وانتصر آنذاک رؤية الاصلاحين والواقعين أن الصين دولة طبيعية ومن حقها أن يکون لها مصلحتها القومية. تجدد الجدل مع حقبة التسعينات حول ماهية "المصلحة القومية الصينية" هل ترتبط بالمؤسسات الدولية والقانون الدولي أم تقدم طرحا مغايرا وارتبط التساؤل النظري بالإشکالية الخاصة ببنية النظام العالمي ، وحالياً يدور الجدل حول مدى امکانية "الصعود السلمي للصين"، وانقسم النقاش بين من يعتبره مناوره تخفي ورائها تهديدا للتنظيم الدولي، وبين من يؤکد أنه صعودا سلميا. ويمکن تقسيم الطرحين إلى فريقين کل له مقولاته ومبرراته: .[vi]

-         صعود الصين هو صعود عنيف يمثل تهديدا للنظام الدولي: ظهرت کتابات حول "الصراع القادم مع الصين" ونظرية "صدام الحضارات" لهنتنجتون الذي اشار بوضوح إلي صدام الحضارة الکنفوشوسية مع الحضارت الاخرى، ويمثل انصار هذا الفکر رواد المدرسة الواقعية ويؤکدون أن الصين من خلال صعودها نتيجة ما تمتلکه من مقدرات للقوى ستتصادم حتما مع الولايات المتحدة الأمريکية، فهي مختلفة أيديولوجيا وتمثل ثقافة مغايرة، ومن ثم فصعودها يمثل تحديا للنظام الدولي. هذا علاوة على أن تاريخ الانسانية يؤکد حقيقة أن صعود أية قوى لم يکن سلميا على الاطلاق؛  فالعالم يحکمه قانون الغابة القانون الحديدي، وأن الأقوى هو من يعلو صوته دوما. هذا علاوة على أن الدول المهيمنة لن تسمح أبدا للقوى الصاعدة أن يعلو اسهمها بشکل سلمي، وأن مقدرات الصين کقوى عظمي مازالت في طور التکوين لذا فالدولة العظمى القطب الاوحد (الولايات المتحدة) لن تترکها تصعد بشکل سلمي. وهذا ما أکد عليه هنرى کسينجر في کتابه النظام العالمي أن العالم  بسبب ما يشهده من تغيرات في بنيته کالصعود  الصيني سيدخل لا محالة في حرب عالمية ثالثة.[vii] ويضيف انصار هذا الاتجاه أن هذه الصحوة السلمية المعلنة لا تعني أن الصين لن تلجأ لسلاح القوى الحربية أو أنها لن تستعد للحرب لحماية مقدراتها فهذه الصحوة ما هى إلا "تفکير مبتغى" او مرجو فقط.

-         صعود الصين هو صحوة سلمية:  يتزعم هذا الطرح الباحثين الصينين أمثال Zheng Bijian حيث يؤکد أن صعود الصين هو "صحوة سلمية" وأن الصين لن تکرر طرق الدول العظمي السابقة خلال صعودها بالقوة والحرب والتوسع العنيف الذي اتبعته للسيطرة على العالم.  ويتفق اللبراليون مع هذا الطرح حيث يرون أن الاقتراب المؤسسي الذي تتبعه الصين في اقترابها من التنظيم الدولي يؤکد انها تتکامل مع النظام العالمي وتلتزم بقواعده وقيمه ويطرح الدکتور Wang X Zhon اقتراب ليبرالي صيني مؤسساتي يرتکز على: .[viii]

 

  • التعاون سيقلل من احتمالية الصعود الصيني العنيف حيث تقدم الصين أدوات فعالة للتعاون على الصعيد الدولي، ففي السياق العالمي المعولم لا يوجد اقتصاد يمکن أن ينمو بنجاح بدون تعاون الاقتصاديات الاخرى مثلما الحال بالنسبة للنظام الاقتصادي الدولي
  • المنظمات الدولية تقنن دور الاعضاء بها والصين عضو في اغلب المنظمات الدولية، وتلتزم بالقواعد والتشريعات المنظمة، ومن  ثم هذه العضوية تمکن العالم من فرض قيود على الدور الدولي للصين
  • التکامل الصيني داخل المنظمات الدولية سيؤثر على السياسات المحلية بالصين ويمکنها من تطبيق سياسات الاصلاح الهيکلي بطرق سلمية وتعاونية بل ان الصين استفادت بالفعل عبر تکاملها مع المنظمات الدولية خاصة بشأن المکاسب الاقتصادية في منظومة الاقتصاد العالمي فليس هناک سبب للتصديق بأن الصين ستصحوا بشکل عنيف يزعج النظام الدولي "فالصين تکسب عبر التکامل في النظام الدولي الحالي"

وفي هذا السياق، يؤکد البناؤون أن منافع الصين لا تقتصر فقط على التنظيم الدولي، ولکن تمتد إلى الجماعة الدولية؛ فالصين هى قوى داعمة للوضع القائم – خلاف الولايات المتحدة مما يجعلها أکثر قبولا-. فالصين تعيد تعريف مصلحتها الامنية عبر التحول من المنظور السياسي العسکري إلى الاقتراب الاشمل "الثقافة الاستراتيجية" المتحولة من الصراع إلى التعاون. ومثل هذا التحول سيقلل من اية احتمالية بشأن الصحوة العنيفة للصين. ويؤکد البناؤون الصينيون لأن علاقة الصين بالولايات المتحدة ليست عدائية بالضرورة فلا يوجد شريطة ان يعم العداء على العلاقة بين القوى المهيمنة والقوى الصاعدة خاصة إذا اشترکا معا في بناء رؤية جماعية وهوية مشترکة في التعامل مع التحديات المشترکة التي تواجه العالم. وسيعمل الباحثين الصينين على بلورة ملامح الهوية الصاعدة للقوى الصينية السلمية فهى قضايا بحثية مهمة على اجندة مراکز الفکر الصينية.[ix]

ومع هذا الجدل أصبح مطروحا اختلاف النموذج الصيني عن مقولات النظرية الغربية للعلاقات الدولية، حيث تقدم الصين "مأسسة ناعمة غير رسمية غير ملزمة" تختلف في فهمها عما هو مألوف في الميراث الغربي. لذا جاءت جهود المدرسة الصينية منصبة حول کيفية بناء العلاقات الدولية وليس تطوير ما هو قائم. لذا جاءت بمبادرات جديدة کمنظمة البريکس وبنک التنمية الاسيوي وغيرها من التنظيمات الدولية الجديدة نظرا لان الصين تحتاج إلى أذرع داعمة لها في النموذج التنموي الذي تقدمه مبنيا على الميراث الثقافي الصيني الموروث. فتصف العالم على سبيل المثال بالعالم المتجانس Harmonious World کنظام عالمي مثالي مرجو جاء اشتقاقه من التقاليد الصينية الموروثة من الاف السنين، وأصبح يردد الآن من قبل القادة السياسيين الصينين کانعکاس لتطبيق الافکار الکنفوشوسية حول التجانس خلال التعامل مع القضايا العالمية. خاصة أن النظام العالمي القائم لا ينظر للعالم إلا بمنطق الدولة الواحدة الذي عجز عن مواجهة المشاکل العالمية أو التعامل مع الدولة المتحولة Trans Stateأما النظام العالمي بالمنظور الصيني هو نظام کوني يهدف لحل المشاکل العالمية يعتمد على  منظمات حقيقية عالمية تجسد الوجهة العالمية للکونفوشيوسية ومن ثم تکون قادرة على مواجهة مشاکل العالم. [x]

ومع هذا الطرح هناک رؤيا وسط ترى أن تطور العلاقات الدولية والتنظيم الدولي سيحدث عبر المزج بين المنظور الغربي والصيني، وظهر في هذا السياق مفاهيم جديدة کمفهوم العلاقية Relationalism کمفهوم موازي للرشادة والاستنارة فالحکم العالمي يجب أن يرتکز على العلاقات المتبادلة والمتشابکة ذات الابعاد الثقافية والاجتماعية، وليس فقط الرسمية لتشکل ما يسمى بالجماعة الائتمانية Fiduciary والتنظيم الاخلاقي[xi]

مما سبق يمکن القول أن الصين خلال هذا الصعود تستخدم عدة أدوات خلال هذا الصعود، وهذا ما يوضحه الشکل رقم : [xii]

-         البناء التنظيمي الجديد (اي بناء مؤسسات وتنظيمات جديدة يکون لها الهيمنة عليها) والمشروعات الجديدة وليس تطوير القائم

-         نشر الثقافة الکنفوسوشية کبناء وتنظيم سياسي يواجه العالم (مراکز نشر الثقافة الکنفوشوسية)

-         استخراج مفاهيم سياسية حاکمة مشتقة من التقاليد الصينية القديمة

-         مراکز الفکر التي تلعب دورا بارزا في بلورة هوية القطب الجديد

-         الصحوة السلمية مع توافر مقدرات الردع (القواعد العسکرية خارج الصين- والتحالف الروسي الصيني)

-         التکامل مع القائم وليس التصادم معه او هدمه

-         الدبلوماسية الصينية ودورها في بلورة علاقات داعمة للصعود السلمي للصين

وفي هذا السياق تأتي مبادرة الحزام والطريق انعکاسا للرؤية السالفة کأحد ملامح الصعود الصيني، کمشروع جديد مبتکر يقوم على خلق روابط مشترکة سياسية واقتصادي وثقافية واجتماعية بين الشعوب. الشکل رقم 1: الرؤية الصينية مقابل التنظيم العالمي لتشر مفهوم المصير المشترک

المصدر: من إعداد الباحثة

 

وتستهدف الدبلوماسية الصينية النشطة القائمة على مفهوم المصير المشترک لتحقيق ثلاثة اهداف رئيسة متداخلة:[xiii]

  1. الهدف الاول: نشر صورة صحيحة عن الصين وتصحيح الصورة المشوهة عن المخاوف من الصين والحديث عن التهديد الصيني او الخطر الصيني
  2. الهدف الثاني: الترويج للصورة الايجابية للاقتصاد الصيني باعتباره اقتصاد قويا وموثوقا وتشجيع الشراکة مع الشرکات الاقتصادية الصينية
  3. الهدف الثالث: ظهور الصين کشريک للحفاظ على السلام والاستقرار في العالم باعتبارها عضو جدير بالثقة ومسؤول في المجتمع الدولي ومن ثم يمکنه ان يشارک في حل الصراعات الدولية.

وستساعد الصين في ضوء القوة المرنة الدول المتضررة من الارهاب عبر حملات الاغاثة الاقتصادية السريعة . ومع الدور المتنامي للصين اقتصاديا واستثماريا وتنمويا وتطبيقا لمفهوم التضامن والمصير المشترک. فالصين تطبق دبلوماسية اقتصادية تدعمها ما تتمتع به من قوة اقتصادية ودولية وتراعي فيها استراتيجية المکاسب المتبادلة Win Win  لتحقيق المکاسب للطريفين في اطار التعاون الاقتصادي وترفع شعارات خلال المبادرة "الثقة المتبادلة، المساواة، الشمول ، التعليم المتبادل، ووحدة المصير المشترک" کلها شعارات تؤکد على التعاون والمنفعة المتبادلة لدول المبادرة. فتهدف الصين إلى تحقيق سلام واستقرار بالبيئة الدولية من خلال التنمية الاقتصادية وتطرح الصين مفهوم جديد للأمن الا وهو أمن استدامة التنمية، فتحمل مسئوليتها أمام العالم يتطلب أن تظهر الصين کقوى اقتصادية مسئولة ومستقرة، وتستخدم الصين لتحقيق أمن استدامة التنمية مفهوم المنفعة، والمکاسب المتبادلة في التنمية . [xiv]

وتطرح ايضا مفهوم "التنمية السلمية" التي تتم عبر الشراکة مع الدول الجوار (القريبة والمرتبطة جغرافيا وهذا ما ستقدمه المبادرة عبر مفهوم الربط" ) القائمة على مخرجات المنفعة المتبادلة، فهي تهدف لتحقيق التنمية والقضاء على الخلافات التي تعيق هذه المسيرة التنموية والتنمية السلمية، فطريق الحزام والطريق هو طريق للسلام ترتبط بالصعود السلمي للصين؛ عبر دعم اقامة شراکات استراتيجية من اجل تحقيق "الحلم الصيني وبناء عالم متجانس Harmonious ". [xv]

القسم الثاني: مبادرة الحزام والطريق انعکاسا لمفهوم المصير المشترک:

يقدم القسم الثاني إشکالية مهمة تتمثل في إلى أي مدى تمثل مبادرة الحزام والطريق تطبيقا وانعکاسا عمليا لمفهوم المصير المشترک للبشرية، وکيف مهدت الدبلوماسية الصينية للمبادرة ونجحت في قبولها دوليا وانضمام ما يقترب من 90 دولة للوصول للعدد المستهدف 138 دولة، ويطرح هذا الجزء التساؤل حول ماهية المبادرة وأدواتها وما تقدمه من مشروعات للربط والتکامل من اجل ربط اسيا واوروبا وافريقيا وامريکا اللاتينية بمصالح مشترکة تقوم على المنفعة المتبادلة.

في هذا السياق، ينقسم هذا الجزء إلى ثلاثة أقسام رئيسة الأول يتناول الدبلوماسية الصينية کمدخل لمبادرة الحزام والطريق، والقسم الثاني يطرح مبادرة الحزام والطريق کتطبيق املي لمفهوم للمصير المشترک. أما القسم الثالث يناقش المشروعات الوطنية في إطار المبادرة وانعکاساتها على مفهوم المصير المشترک.

  1. الدبلوماسية الصينية مدخلا لمبادرة الحزام والطريق

جاء خطاب الرئيس شي جين بينغ في المؤتمر الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني- العربي في يونيو 2014 مؤکدا على مفهوم المصير المشترک، وأن المبادرة هي تطبيقا عمليا لها يقتضي على الدول العربية بناء وتکامل کافة جهودها لدفع المبادرة على الأرض.

"على الصين والدول العربية أن تلتزم بمبادئ التشاور والبناء المشترک والتمتع بالثمار المشترکة في بناء "الحزام والطريق". مما يجعله تعبيرا عن الحکمة والابتکار من جميع البلدان. فحوى مبادئ البناء المشترک هي التوظيف الکامل لتفوقات وإمکانيات جميع الدول لدفع مبادرة "الحزام والطريق" تدريجيا. مبادئ التمتع بالثمار المشترکة هي جعل الشعبين الصيني والعربي يتمتعان بنتائج وإنجازات "الحزام والطريق" بشکل أکبر لإنشاء رابطة المصير المشترک الصينية- العربية."[xvi]

ومع الاهتمام الصيني بالمبادرة والتجاوب الدولي معها والجدل حولها، يمکن قراءة ذلک في سياق نجاح للدبلوماسية الصينية، فقد استطاعت تدويل الفکرة والافکار والقيم المصاحبة لها بمختلف دول العالم. فبمجرد إعلان الرئيس الصيني عنها تبنت الدبلوماسية الصينية تکنيکيات متنوعة، اتسمت بالمرونة مستمدة من الثقافة الصينية مختلطة مع الخبرة الدولية الحديثة، وذلک لنشر المفهوم وتحقيق قبول وتعاطي له من مختلف الجهات المعنية والمنافسة. واستخدمت الصين حزمة من الأدوات والقنوات لنشر المبادرة؛ "الإعلام، الجامعات، مراکز الفکر، الشرکات، الشتات الصيني، المنظمات غير الحکومية العاملة تحت مظلة الدولة...." وشنت حملات ترويجية بانتظام عبر شبکات ومکاتب العلاقات العامة الدولية التي نوعت من رسالتها وفقا للجهات المستهدفة: [xvii]

إن الجهد الکبير للمبادرة لا يقع فقط على کاهل المهندسين والفنين، وإنما هو عمل متکامل بين مختلف قطاعات الدولة بالصين على رأسها الدبلوماسية الصينية فهي أساس تزييل العقبات امام المشروع واقناع الدول واحتواء التهديدات والترويج للمبادرة وتحسين صورة الصين خارجيا والمشروع بشکل خاص. عبر تأکيدها على عدد من الرسائل الموجهة لتحسين الصورة - التي يشوهها الغرب بقيادة امريکية بالأساس- : [xviii]

  • الحزام والطريق هو مبادرة وليس استراتيجية: للتأکيد على أنها تتطلب جهود بارزة ومميزة لإنجازها غير تقليدية أو مألوفة
  • مبادرة مفتوحة لکل دول العالم للانضمام لعا فکل دولة ليست على الطريق مرحب بها للانضمام
  • مبادرة ممتدة للخطط القومية بکل دولة مستهدفة کخطط 2030 التي وضعتها کافة دول العالم بناء على توجيهات المنظمة الاممية. فمشروعات البنية التحتية تتم بمشارکة الحکومات فلابد من مساهمة کل دولة في التمويل.
  • مبادرة اقتصادية وفقا لطبيعتها فهي ليست استراتيجية أمنية أو جيوسياسية وفقا لما تجرية من اتصالات رسمية وذلک لطمأنه المعسکر الغربي المناوئ للاتفاقية
  • مبادرة تشارکية بمعنى أنها ليست مبادرة تم صياغتها وفرضها من الصين بشکل أحادي لکنها مبادرة تعددية تجمع مختلف الاطراف واتبعت للتأکيد على ذلک الية العصف الذهني منذ عام 2014 لإشراک مختلف الاطراف المشارکة بالمبادرة والترويج للدور الصيني کمشرف فقط على الارض أثناء التطبيق
  • المبادرة تم ربطها لاحقا بالحکم الرشيد ومکافحة الفساد في ظل ادراکها لضعف الحکومات الموجودة على المبادرة وتنظم بشکل دوري جلسات ومؤتمرات تحمل شعارات اعادة هيکلة الحکم الرشيد العالمي کل عام ترکز على محاور محددة ففي عام 2017 نظم المرکز الدولي الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة (مرکز فکر الحزب الشيوعي الحاکم) المؤتمر الثالث لحوکمة الجمعيات الاهلية تناول التجارب المختلفة لدعم حوکمة الجمعيات خلال مشروعات التنمية وعلاقاتها مع الدول لتحقيق الشفافية والنزاهة والمحاسبة. [xix]
  • ارتباط المبادرة بمجالات اخرى خلاف الاقتصاد والتنمية والسياسة والثقافة کالسياحة والمالية والقانون لتظهر للعالم کمبادرة تکاملية شمولية لمختلف المجالات والاطياف.  فالمبادرة تتضمن اجراء تعديلات تشريعية وضرائب ورسوم ووضع سياسات تجارية وادارية ..
  • الترويج لمفاهيم جديدة کـ "رابطة القدر المشترک والمصير المشترک" لإعطاء انطباعا أن المبادرة توحد الشعوب نحو مصير واحد، فالتنمية المرتبطة بالمبادرة أمر مشترک، والتحديات المحيط بالمبادرة تمثل مخاطر مشترکة يجب مجابهتها معا.

وتنظر الدبلوماسية الصينية للمشروع باعتباره حلم مشروع قومي للصين، ليس له حدود قابل للتوسع مستمر لتعظيم العائد للصين، فلا تقف أمام أية دولة ترغب بالانضمام، لذا تکرس کافة مؤسساتها وأدواتها لدراسة التکلفة والعائد مع سرعة الاستجابة. هذا واستخدمت الدبلوماسية الصينية في اقناع القيادة السياسية بدول الحزام "دبلوماسية القمة"، حيث تنظم بشکل دوري مؤتمرات رفيعة المستوى بحضور ومشارکة قادة الدول علاوة على تنظيم اجتماعات وزارية للدول بالمبادرة او الدول المحتمل دخولها [xx]

بل واستطاع من خلال المبادرة طرح مقدرات جديدة للقوى الاقتصادية للقوى العظمي المتحکمة في العالم، فتقدم الصين نموذجا جديدا للمقدرات الاقتصادية للقوى العظمي. فتتجه الصين لتقليل دورها کمنتج للصناعات القديمة کصناعة الحديد والطلب، وتتجه نحو الصناعات الذکية والطاقة الجديدة والابتکارات والتکنولوجيا الحديثة کأحد مقدرات القوى، لذلک ترحب الصين بخروج العمالة الصينية رخيصة الثمن العاملة بالصناعات التقليدية للعمل خارج الصين بدول اخرى من دول المبادرة. هذا مقابل الولايات المتحدة التي يهتم رئيسها- ترامب - بالصناعات التقليدية الثقيلة فوضع خطة لمنع استيراد الحديد والصلب لحماية الصناعة المحلية الامريکية في الحديد والصلب ويخطط لتحسين وضع العمالة الامريکية في هذا المجال مقابل الصين التي تهدف لتحويل عمالتها نحو الصناعات الذکية مقابل الصناعات الثقيلة. ففي ظل الاختلاف في الرؤي المستقبل وحده هو الذي يحدد الطرف الصائب في اختياره.[xxi] إلا أن الصين تجد في الحزام والطريق ضالتها للتخلص من العمالة التقليدية والصناعة التقليدية وفتح اسواق لها، والتعاون في مجال الطاقة الجديدة والابتکارات الحديثة فعلى سبيل المثال تقيم مشروعات لإنتاج الطاقة الجديدة بباکستان ومشروعات طاقة شمسية بمصر.

  1. مبادرة الحزام والطريق التطبيق العملي للمصير المشترک:

جاء الإعلان عن مبادرة الحزام والطريق عام 2013 کمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينج  للربط بين الصين وثلاث قارات؛ آسيا وأوروبا وأفريقيا، وسرعان ما توسعت الصين وأدرجت قارة أمريکا اللاتينية ودول الکاريبي، وبلغ عدد الدول الاعضاء بالمبادرة 78 دولة حتى (28 يناير 2020)[xxii]. ومخطط لأن يصل اجمالي الدول المستهدفة ککل 138 دولة. [xxiii] وتضم المبادرة حتى الآن أکثر من نصف سکأن العالم (4,4 مليار نسمة)، وأکثر من 30% من اقتصاد العالم. وتقوم المبادرة على تطوير البنى التحتية عبر البلاد المشمولة في الحزام والطريق، وتتضمن مد لشبکات للطاقة، والغاز، والکهرباء، والنقل بأنواعه خاصة السکک الحديدية، والموانئ والنقل البحري، وشبکات المعلومات والاتصالات، علاوة على التبادل التجاري والثقافي والسياحي وتضمن المبادرة حرية انتقال السلع، والخدمات والبشر وإزالة التعريفة الجمرکية، بين الدول الأعضاء مع عام 2050، کما تتضمن مبادرة الحزام والطريق تأسيس شبکات للجامعات ومراکز الفکر والمعاهد العلمية والبحثية ومؤسسات المجتمع المدني بدول المبادرة. [xxiv]  وتوضح الخريطة رقم 1 مشروعات الربط بين الدول بالمبادرة والاروقة الاقتصادية لمسار الحزام والطريق، وقد قدر البنک الآسيوي للتنمية أعمال البنية التحتية بقارة آسيا فقط  بحوالي 26 تريليون دولار خلال عام 2030، وفي عام 2020 بلغ عدد مشروعات الربط 2951 مشروع مقدر بإجمالي 3.8 تريليون دولار. [xxv] وتأتي المبادرة ضمن أبرز أدوات الصين في الصعود، کأحد أقطاب النظام العالمي الجديد الآخذ في التبلور.[xxvi] وتقوم فلسفة المبادرة على عدد من المحاور الاساسية الهادفة لتحسين الربط الاقليمي والدولي والاتصالات، والبنية التحتية وتيسير حرکة التجارة، وتعتمد فلسفة الربط على محورين الأول يرکز على ربط الأرض (الحزام الطريق البري)، والثاني يتجسد في الربط البحري  (طريق الحرير البحري)، وتتضمن هذه المحاور 6 اروقة اقتصادية، على النحو التالي: [xxvii]

أ‌.       الرواق الاقتصادي للصين منغوليا روسيا

ب‌.  الرواق الاقتصادي لمنطقة اووراسيا الجديدة

ت‌.  الرواق الاقتصادي للصين- وسط آسيا وغرب آسيا

ث‌.  الرواق الاقتصادي للصين باکستان (يعتبر الاقرب لمصر)

ج‌.    الرواق الاقتصادي لبنجلاديش – الصين- الهند- مينمار

ح‌.    الرواق الاقتصادي للصين وجزيرة الهند الصينية

وتوضح الخريطة رقم 1 ايضا هذه الاروقة الاقتصادية الستة بالمبادرة

 

شکل رقم 1. " خريطة مبادرة الحزام والطريق الاروقة الاقتصادية وأدواتها عبر العالم "

الخريطة مترجمة من قبل الباحثة

فمنذ اعلان الرئيس الصيني للمبادرة عام 2013 تم الإذعان عن خمسة محاور رئيسية تسند عليها المبادرة:[xxviii]

أ‌.       التنسيق السياسي بين دول المبادرة والصين:  لتقديم الدعم والمساندة المطلوبة لدعم الاستقرار المحلي والامن لدعم المشروعات التنموية کحالة باکستان دعمت الصين قوات للأمن المحلي للمساهمة في تحقيق الامن وحماية الاستثمارات الصينية ومشروعات المبادرة بباکستان.

ب‌.  تيسير الاتصالات Connectivity: ترتکز المبادرة على مشروعات ربط عبر شبکات الطرق والسکة الحديد والموانئ والمطارات فعلى سبيل المثال أعلنت المبادرة في يوليو 2015 عن 1400 مشروع متعاقد عليهم يتعلقون بالسکة الحديدة السريعة ورفع القدرات الکهربائية وتطوير الموانئ ودعمها وزراعة نبات الفحم (مصدر وقود مهم لخطوط السکة الحديد). هذا علاوة على مشروعات جاري التعاقد عليها بمبلغ 7.6 مليار دولار بين الصين وأکثر من 60 دولة من دول المبادرة. لدعم شبکة المواصلات. هذا علاوة على الربط التکنولوجي وشبکات الاتصالات.

ت‌.  تجارة حرة Unimpeded trade : تتضمن المبادرة اتفاقية تجارة حرة بين دول المبادرة کتعويض للصين عن استبعادها من اتفاقية التجارة في المحيط الهادي الباسفيک  Trade Deal In the Pacfic “TPP” فالمبادرة ستقلل تکلفة النقل بنحو 10% من التکلفة المعتادة من قبل مما سيزيد من حرکة التجارة المدعومة بشبکة الطرق والموانئ، ومن ثم فنفص التعريفة الجمرکية أو تلاشيها آلية مهمة بين دول المبادرة. [xxix]

ث‌.  تکامل مالي: تهدف الصين لتنويع اسواقها المالية لتقوية عملتها فتسعى على سبيل المثال لربط بورصة المانيا Bros لزيادة التجارة والاسراع باستخدام اليوان کعملة عالمية کحالة الدولار. [xxx]

ج‌.    تقوية الروابط بين الشعوب People to People Bonds: تربط المبادرة الاستثمار والاقتصاد والتنمية معا لربط شعوب العالم المختلفة حول مصلحة مشترکة، لدعم النمو الاقتصادي المتزايد للعديد من الدول التي تعثرت في مسيرتها التنموية[xxxi] ومن أهم المجالات التي تکفل تقوية الروابط بين الشعوب التعليم فيدرس أکثر من 350 ألف طالب صيني في الدول المشمولة بمبادرة الحزام والطريق منذ عام 2012.وحوالي 11900 طالب منهم من تم دعمهم من قبل الحکومة الصينية. وقد وقعت الصين على 45 اتفاقية حول التعاون التعليمي مع دول الطريق والحزام، وتتمتع الشهادات الصادرة من قبل جامعات الصين و24 دولة بالاعتراف المتبادل[xxxii] وأشار تقرير نشره مرکز الصين والعولمة، وهو هيئة بحثية صينية کبرى، إلى أن تعداد الطلاب الأجانب الوافدين إلى الصين من الدول الواقعة على طول الحزام والطريق، يحافظ على نمو مستقر، حيث شهدت أعداد الطلاب الوافدين من تايلاند والهند وباکستان وإندونيسيا ولاوس نموا بأکثر من 20 بالمائة على أساس سنوي. [xxxiii]

ح‌.    الثقافات المشترکة: ومن أبرز النماذج الجديدة لخلق ثقافة مشترکة تجمع الشعوب معا کتاب قصصي يحمل عنوان الحزام والطريق: الاشخاص والقصص" تم نشره عام 2017 يروي قصص حياتية واقعية لأفراد في دول على طول مبادرة الحزام والطريق، بسبع لغات مختلفة يحوي ما يقرب من 100 قصة مختارة من تقارير وکالة أنباء شينخوا الصينية، والآلاف من المقالات التي کتبها أفراد حول العالم بأسره. والقصص المختارة متاحة باللغات العربية والانجليزية والفرنسية والاسبانية والروسية والبرتغالية وتتحدث عن المنافع الملموسة التي استطاعت المبادرة أن توفرها لعامة الشعب، على طول الطريقين بل وفي العالم بشکل عام.  فعلي سبيل المثال يحکي قصة فلاح قيرغيزي ينتشل أسرته من الفقر بسبب زراعة الذرة الصينية، وأحد عمال فندق في الإکوادور ينجو بحياته من زلزال مميت بفضل التکنولوجيا الصينية. هذا ويسرد الکتاب قصصا عاطفية وجديرة بالتذکر لعامة الناس لتعکس صورة أکبر للمبادرة التي تحقق تقدما کبيرا في آسيا وأفريقيا وأوروبا والقارة الأمريکية. ومن خلال رواية هذه القصص التفصيلية، يحاول الکتاب أيضا أن يلقي الضوء على هدف الصين نحو تحقيق التعاون متبادل النفع والتنمية المشترکة. والکتاب هو جهدا مشترکا بين وکالة شينخوا ولجنة مراقبة الأصول المملوکة للدولة وإدارتها ومعهد کونفوشيوس. [xxxiv]

خ‌.    الطب التقليدي الصيني مدخل لنشر الفکر الصيني التضامني بين الشعوب ضمن مبادرة الحزام والطريق:  تستخدم الصين المبادرة لنشر الطب لتقليدي بين دول الحزام والطريق کأحد أدوات قوتها الناعمة، فقد أسست الصين 26 مرکزا خارجيا للطب التقليدي الصيني في السنوات الثلاث الماضية، أغلبها في الدول الواقعة ضمن مبادرة الحزام والطريق. وقد أسست الصين 25 قاعدة تعاونية دولية للطب التقليدي الصيني في المقاطعات والبلديات والمناطق ذاتية الحکم الرئيسة، من شأنها المساعدة على توفير خدمات الطب التقليدي الصيني ونشر ثقافته بشکل واسع فضلا عن تسهيل التعاون بين دول الحزام والطريق. وبحلول العام 2020، سيتم تأسس 30 مرکزا خارجيا للطب التقليدي الصيني مع دول الحزام والطريق، وإصدار عشرين معيارا دوليا للطب التقليدي الصيني، ومئة منتج معني مسجل وتأسيس خمسين قاعدة تعاون واتصالات تجريبية دولية في هذا المجال.[xxxv]

  1. المشروعات الوطنية في إطار مبادرة الحزام والطريق وانعکاسات المفهوم:

وفي إطار الخمسة محاور بالمبادرة تتم عدد من المشروعات بالبنية التحتية والربط التکنولوجي، ومشروعات الطاقة تهدف لربط الاقاليم والدول الاعضاء بالمبادرة معا، تطبيقا عمليا لمفهوم وحدة المصير المشترک والتنمية المتبادلة والمنافع المشترکة.

-         مشروعات البنية التحتية بالمبادرة:

تتمثل مشروعات البنية التحتية التي تتضمنها المبادرة وتم الاعلان عنها في: "الطرق، خطوط السکة الحديد، الموانئ، المطارات" والطاقة "الانابيب وتکرير البترول والمصادر الجديدة للطاقة"، الاتصالات، والمناطق الصناعية الخاصة. ووصلت نسبة مشروعات البنية التحتية والمشروعات الانشائية التي تتم خلال المبادرة 40% من اجمالي مشروعات المبادرة وذلک خلال النصف الاول من عام 2015 بعوائد سيتم تدارکها خلال 10 اعوام او أکثر. [xxxvi]

ترغب الصين من خلال المبادرة تقوية البنية التحتية الاقليمية، وشبکات الاتصالات (الموانئ والطرق والسکک الحديدية) لتيسير التبادل بالإقليم ونقل السلع الصينية والسلع المحلية وتبادلها اقليميا، علاوة على تيسير سفر وانتقال الافراد. وتجمع الصين بين البر والبحر لتحقيق الشمول INCLUSIVENESS لمختلف الدول، لکن لابد من الاشارة أن النقل البحري مازال ارخص ثمنا من النقل البري، أو النقل بالسکک الحديدية فبعض الشرکات العالمية مازالت تفضله حتى لو کان البري اقل في التوقيت، فعلى سبيل المثال يوفر خط السکة الحديد بين الصين وبولند والمانيا الذي تم انشاؤه عام 2013 ثلاثة اسابيع لنقل السلع، عما يستغرقه النقل البحري فاختصر المسافة الي 16 يوم فقط لکن بعض الشرکات تنظر للتکلفة المادية عن عامل الزمن. وهذا ما تحققه المبادرة عبر طريق الحرير البحري الجديد. [xxxvii]

-         مشروعات بنية الطاقة خلال المبادرة:

تتضمن المبادرة توسع في بنية الطاقة کالتوسع في خطوط انابيب البترول والغاز  کاستخراج البترول وتوليد الطاقة وتوزيعها وبناء مصادر جديدة للطاقة وقدرات تحويلية حيث تطرح الصين استراتيجية للطاقة على النطاق الدولي خلال المبادرة. [xxxviii] ورصدت الصين حوالي 510 مليار دولار للاستثمار في مشروعات الطاقة عالميا عبر المبادرة على سبيل المثال مولت الصين محطة لتوليد الطاقة بألمانيا بمبلغ 1.44 مليار دولار لتوليد الطاقة بين المانيا والصين وذلک عام 2016  . وتخطط الصين لبيع انتاجها من الخلايا الشمسية وتربينات الرياح خلال المبادرة. [xxxix]

-         مشروعات بالبنية التحتية للاتصالات:

تدفع الصين في إطار تطوير البنية التحتية للاتصالات بکل الاقليم في إطار الاتفاقية، فتتضمن الخطة امداد کابلات بصرية OPTICS العابرة للقارات لتحسين عبور المعلومات ودعم شبکات المعلومات الدولية بين الدول المشارکة. [xl]

وتهدف الصين إلى إکمال شبکة تعاون أساسية في مجال التکنولوجيا للدول المشارکة في مبادرة الحزام والطريق بحلول عام 2030. فمنذ إتمام طرح المبادرة في عام 2013، وسعت الأکاديمية الصينية للعلوم لتقدم الدعم والخدمات التکنولوجية لمساعدة البلدان في معالجة القضايا العملية". فبدأت الأکاديمية مبادرة التواصل الدولي التي تتعاون خلالها بشکل وثيق مع الأکاديمية العالمية للعلوم للنهوض بالعلوم في الدول النامية. وقد قامت الأکاديمية الصينية للعلوم بتدريب حوالي 1800 شخص من دول الحزام والطريق، ترکزا على قضايا مشترکة مثل تغير المناخ وأمان المياه والطاقة الخضراء والوقاية من الکوارث وحملات لإغاثة[xli] .

-         المکاسب الاقتصادية للصين مقابل دول المبادرة

هذا وتطرح الصين خلال المبادرة عدد من الفوائد الاقتصادية للدول المشارکة مقابل رغبتها في تحقيق مکاسب اقتصادية مماثلة في اطار المنافع المتبادلة للنهوض باقتصادات دول المبادرة کأحد مبادئ مفهوم المصير المشترک للبشرية يمکن توضيحها في الجدول رقم 4

الجدول رقم 4: الفوائد الاقتصادية للصين مقابل فوائد الدول على خط الحزام والطريق

الفوائد الاقتصادية للصين

المميزات التي تحصل عليها الدول الأخرى

-          الاسراع بتنمية الاقاليم الصينية البعيدة والغير متطورة

-          فتح اسواق جديدة تستوعب فوائض انتاج الصناعات الصينية الکثيفة الفائضة عن الاحتياج خاصة صناعة الحديد والصلب

-          دعم الصين لمکاناتها بمراکز الشبکات الکونية للعرض والتصنيع

-          قيادة التطور التکنولوجي في العقود القادمة ووضع محدداتها ومعاييرها (شبکة البيانات- السرعة الفائقة في الاتصالات- بني السکک الحديدة عالية السرعة...)

-          ايجاد فرص عمل جديدة للعمالة الصينية رخيصة الاجور

-          الحصول على مصادر الطاقة اللازمة للتنمية بالصين وتنويع مصادرها بين أکثر من مصدر ففي ظل اعتماد الصين على بترول دول الخليج وايران وفي ظل عدم الاستقرار بالمنطقة نظرت الي الاستفادة من المبادرة لتنوع مصادر حصولها على الطاقة عبر باکستان واقامة مشروعات انتاج طاقة جديدة بباکستان ودول وسط اسيا

-          دعم الاقتصاد المحلي عبر الشرکاء التجاريين المحتملين کالاستثمار مع دول جنوب شرق اسيا الذي يشمل مشروعات بنية تحتية عملاقة تقابل المطالب التنموية للدول المضيفة

-          تتکامل الاتصالات والمشروعات التکاملية بالمبادرة مع المشروعات الاقليمية المشابهة مثل الخطة الرئيسية للتنمية لربط دول الاسيان

-          ستوفر الصين قروض للحکومات الشريکة بالمبادرة او دعم مادي للمنظمات الاقليمية للدول الشريکة بالمبادرة

-          دعم المشروعات التنموية عبر الشراکة مع الجمعيات الاهلية على طول الحزام والطريق

-          التعاون في المجال التکنولوجي والتعليم

 

المصدر:

Ariella Viehe, Aarthi Gunasekaran &Hanna Dowing, Understanding China’s Belt and Road Initiative, Sept 22, 2015, Center for American Progress

 

Hug White, China’s Belt and Road Initiative to Challenge US-Led Order, East Asia Forum, 8 May 2017

 

-         جهات تمويل مشروعات المبادرة:

هذا وحددت الصين عدد من المنظمات کجهات اساسية لتمويل مشروعات البنية التحتية وخطوط السکک الحديدية .. الخ المرتبطة بالمبادرة لاستکمال منظومة دعم اقتصادات دول المبادرة أحد مرتکزات مفهوم المصير المشترک. يمکن الاشارة إليها في الجدول رقم 5

                                              جدول رقم5

جهات لتمويل المبادرة وما تتضمنه من مشروعات

الکيان الاقتصادي

نبذة عنه

صندوق طريق الحرير للحزام والطريق

راس ماله مليار دولار لتمويل مشروعات المبادرة

بنک التنمية الصيني

تم اعادة رأسمالته للاضطلاع بغرض تمويل مشروعات البنية التحتية

تبني سياسات اصلاح السوق وتدويل وتطوير نماذج التشغيل المالية التنموية ولعب دور في ارساء دعائم النمو الاقتصادي واعادة الهيکلية

بنک التنمية الزراعي الصيني

ثاني اکبر بنک في الصين تم تأسيسه عام 1951 وله فروع خارج الصين کسنغافورة ويقدم قروض خلال المبادرة لمشروعات التنمية الزراعية والغذاء

بنک الصين للصادرات والواردات

بنک التنمية الصيني وبنک الصين التصدير والاستيراد

وقد مثل البنک معاً مبلغ 110 مليار دولار أمريکي من الإقراض المتعلق بالتنمية في 2009/2010 وهو أکثر من ذلک

من البنک الدولي في الفترة نفسها (داير / أندرليني ، 2011).

جغرافياً ، ترکز الصين على أفريقيا (46٪ من المساعدات الخارجية) و آسيا المجاورة (33٪).

بنک الاستثمار والبنية الاساسية الاسيوية AIIB

تم إنشاؤه عام 2014 بعد الاعلان عن المبادرة في 2013 وقع عليه وقتها حوالي 20 دولة واصبح تنظيم رسمي خلال 8 اشهر ووقعت العديد من الدول الحليفة لأمريکا على الاتفاق رغم تحذيراتها لهم مثل استراليا وکوريا الجنوبية وعدد 17 دولة اوروبية بما فيهم هولندا وايطاليا واسبانيا وفرنسا والمانيا والمملکة المتحدة وسويسرا والنرويج. مع الوقت زاد عدد الدول 57 دولة.

الهدف هو توفير التمويل اللازم لمشروعات البنية التحتية لتحسين الربط بين الدول المختلفة في اقليم اسيا وخارجها اغلب المساهمات تأتي من الدول الاسيوية حوالي 75% تشارک الصين بنصيب الاسد وحصتها في راس المال الذي بلغ 100 مليار دولار حوالي 30%

مقر البنک في بکين لضمان الهيمنة الصينية عليه وتبلغ نسبة التصويت 15% بين الدول المؤسسة وتمتلک الصين 26% من الاصوات ونظام التصويت بأغلية ¾ لذا فالصين لها قوة الحسم

يمول البنک 9 مشروعات بمبلغ 1.9 مليار دولار يدعم خلالها الطاقة والتنمية الحضرية وقطاعات النقل

وقد دخل البنک في شراکات مع المؤسسات الاقتصادية العالمية کالبنک الدولي إلا أن البنک لم يلعب حتى الأن الدور المنوط به بسبب نقص العمالة ولم يقدم مبالغ إقراض کبيرة مقارنة بمثيله من البنوک کبنک التنمية الأسيوي

صندوق الصين الأسيان للتعاون الاستثماري

تم تأسيسه مع عام 2013  براس مالي مليار دولار ثم تم زيادة حصته لتصل إلي 10 مليار دولار

بنک Exim

قدم قروض لعدد 49 مشروع لدول المبادرة عام 2015 بمليارات الدولارات

بنک الصين للأعمال CCB

ملتزم بتمويل مشروعات المبادرة بمبلغ 22 مليار دولار

بنک التنمية الجديدة للبريکس NDB

تم انشاؤه عام 2014 من قبل منظمة البريکس

المصادر:

Ariella Viehe, Aarthi Gunasekaran &Hanna Dowing, Understanding China’s Belt and Road Initiative,  Sept 22, 2015, Center for American Progress

Francoise Nicolas, the Economis of OBOR: Putting Chinese Interest First, in Alice Ekman (&others), Threee Years of China’s New Silk Roads From Words to (Re) Actions?, Feb 2017, https://www.ifri.org/sites/default/files/atoms/files/ekman_et_al_china_new_silk_roads_2017.pdf, accessed on 27/07/2021

 

ويمکن لدول المبادرة أن تحصل على قروض مخفضة طويلة الأجل أو منح. وتتمثل شروط القروض الصينية للدول الخارجية سواء دول المبادرة أو غيرها، أن يتجه جزء من القرض لشراء أجهزة ومعدات صينية واشراک العمالة الصينية بالمشروع. کما أن الصين وقعت عقود لتخفيف عبء الديون مع 50 بلدا من آسيا وأفريقيا وأمريکا اللاتينية تصل إلى 25.6 مليار يوان (4 مليارات دولار أمريکي).

وعلى الرغم من ذلک هناک تحديات اخرى لها علاقة بالصين والدول المشارکة في المبادرة مما يضع عبئا على کاهل الدبلوماسية الصينية لحلها لضمان النجاح في تطبيق مبادرة الحزام والطريق تتمثل أهمها في:[xlii]

  • التأکد من حسن سمعة الشرکاء بدول البادرة والتزامهم بمعايير الحکم الرشيد
  • اختلاف القوانين الحاکمة والمنظمة لدول المبادرة کالقانون العام (سنغافورة و ماليزيا) ، القانون القاري (آسيا الوسطى) والشريعة الإسلامية (الدول العربية والاسلامية).
  • مکافحة الفساد بدول المبادرة وضمان تحقيق معايير الحکم الرشيد
  • تفضيل حکومات دول المبادرة لمشروعات بعينها قد لا تکون على اولويات الشرکات متعددة الجنسيات وقد تتذرع الحکومات بذرائع واهية لتوجيهها وفقا لأولوياتها
  • الاضطرابات السياسية والنزاعات المسلحة بدول المبادرة
  • الاعتبارات البيئية خاصة في مشروعات البنية التحتية التي تحتاج للتنسيق مع المجتمع المحلي بشکل دوري
  • مصادر تمويل الحکومة الصينية عليها ان تحفز الشرکات الصينية للمساهمة في تمويل بعض مشروعات البنية التحتية التي تلزم في اطار مبادرة الحزام والطريق وقد تعزف الشرکات عن تمويلها
  • طبيعة مشروعات البنية التحتية طويلة الاجل في اطار عدم استقرار الانظمة السياسية قد تهدد دوره حياة المشروع ومن ثم يکون اختيار الشريک المحلي امر شديد الاهمية
  • تعاون البنوک الصينية مع البنوک المحلية لتمويل مشروعات المبادرة تحتاج الي تطوير قدرات الحکم الرشيد داخل بنوک بعض دول المبادرة علاوة على اهمية تقييم قضايا الائتمان بهذه الدول

مما يتضح أن مبادرة الحزام والطريق تمثل بالفعل تطبيقا عمليا لمفهوم المصير الانساني المشترک تقوم على ربط الدول وازالة الحدود الوطنية عبر اليات ترتکز على المنفعة المتبادلة والتضامن أبان الکوارث والازمات والعمل لإزالة التحديات والعقبات التي تقف ضد تنفيذ مشروعات المبادرة.

 

القسم الثالث: العلاقات العربية الصينية في ضوء مبادرة الحزام والطريق: تطبيق عملي لمفهوم المصير المشترک

يطرح هذا اشکالية إلى أي مدى يمکن اعتبار العلاقات العربية الصينية في ظل مبادرة الحزام والطريق انعکاسا لمفهوم المصير المشترک للإنسانية، فهل تظهر خلالها التطبيق الفعلي لجوانب المفهوم السياسية والاقتصادية والامنية والثقافية هل يظهر خلال مسيرة التعاون تطبيق فعلي للمنفعة المتبادلة والتضامن بين الشعوب، هل تحرص الصين على التضامن مع شعوب المنطقة، خاصة في ظل جائحة الکورونا وزيادة الانتقادات الامريکية والغربية الموجهة للصين فهل ستستمر المبادرة أم أن مستقبلها غامض غير معلوم، هل هناک فرص للتعاون بين الصين والدول العربية في ظل الجائحة تحت راية مبادرة الحزام والطريق، وهل يمکن لهذه الفرص ان تحقق الالتزام بالتضامن المصير الانساني المشترک نحو شعوب المنطقة.

في هذا السياق، ينقسم هذا الجزء إلى أربعة اقسام يناقش القسم الاول وضع الدول العربية خلال مبادرة الحزام والطريق کأحد أبرز محاور العلاقات العربية الصينية، والقسم الثاني يقدم مجالات التعاون العربية الصينية والقسم الثالث يطرح الفرص الممکنة المقترحة خلال هذه الورقة في ضوء مفهوم المصير المشترک، والقسم الرابع يتناول مستقبل مبادرة الحزام والطريق في ظل جائحة الکورونا والفرص الممکنة للدول العربية.

 

  1. مبادرة الحزام والطريق ووضع الدول العربية:

تنظر الصين للدول العربية کشريک مهم فمن بين دول المبادرة تتمتع 15 دولة عربية بعضوية مبادرة الحزام والطريق، مما يمثل عمق العلاقات العربية الصينية والاهتمام بالمضي قدما نحو مزيد من التعاون والتطلع للمستقبل. وهذه الدول هى "مصر- العراق- الاردن- الکويت- لبنان- المغرب- تونس- عمان- فليسطين- قطر- سوريا- السعودية- الامارات- البحرين- اليمن"[xliii] 

ومع الاهتمام العربي بالتعاون مع جمهورية الصين الشعبية، تبادل الصين الدول العربية ذات الاهتمام وتنظر إلى الدول العربية کشريک رئيسي لها، وتقدم لها الدعم، وتحصل منها على المنفعة. فالوطن العربي اقليم جغرافي واستراتيجي مهم فهو يمد الصين بنسبة 60% من احتياجاتها للطاقة (بترول الخليج العربي)، ويضم قناة السويس وموقعها الاستراتيجي بالمبادرة قديما وحديثا، وهو بوابة افريقيا أيضا، وله اتصال مباشر برواق باکستان لعبور السفن من المحيط الهندي لقناة السويس، ومن ثم إلي أوروبا، علاوة على وجود عدد من الحضارات في هذا الاقليم کالحضارة الفينيقية والبابلية والأشوريين والفرعونية. علاوة على قربها من أوروبا کمصر والمغرب.

ويمکن تفسير اهتمام الصين بالمنطقة العربية بدرجة ملحوظة لعدة اسباب:

-       اقتصادية: تمثل الدول العربية منفذا مهما لمشاريع البنى التحتية الکبرى الصينية، ومصدر للاستثمار الرأسمالي في الصين

-       جغرافية: تحتوي المنطقة على قناة السويس وما له من اهمية في حرکة التجارة الدولية کرابط بين أوروبا وأفريقيا وآسيا، حيث تمثل امتدادا مباشرا لرواق باکستان –احد الاروقة الست الرئيسة بالمبادرة- لعبور السفن من المحيط الهندي لقناة السويس، ومن ثم إلي أوروبا، حيث سيقلل مسافة نقل بترول الخليج للصين حوالي 12 الف کيلو متر فستستغرق 15 الف کيلو متر ليصل مدينة XINJIANG و10 الاف کيلو عبر البحر و4500 کيلو عبر الاراضي الصينية. [xliv] هذا علاوة على موقع المنطقة في وسط العالم حيث تمثل بوابة لأفريقيا ومنفذا على اوروبا.

-       تأمين موارد الطاقة: تعتمد الصين على اغلب مواردها من الطاقة- کالبترول- من دول الخليج العربي والعراق وإيران حيث تحصل من هذه الدول  مجتمعة علي 60% من البترول الذي تحتاجه. (31.6 مليار دولار الواردات البترولية للصين من ايران، أما السعودية 70 مليار دولار والامارات 46.3 مليار دولار) [xlv]

-       شراکة استراتيجية: رغبة الصين في توسيع نطاق نفوذها الجغرافي الاستراتيجي لأبعد من جوارها المباشر في منطقة اسيا والمحيط الهادئ، الذي تبسط امريکا نفوذها داخله بنسب مختلفة، حيث تسعى لتطوير العلاقات مع قوى کبرى أو اقليمية اخرى، خاصة في ظل الدعم الدولي للصين بين دول المنطقة.ومن ثم التواجد بالمنطقة سيوازن من النفوذ الامريکي في اسيا الوسطى خاصة أن المنطقة العربية منطقة استراتيجية للأمن القومي الامريکي. لکن الجدير بالذکر ان الصين في المنطقة تنظر لأمريکا ليس کمنافس ولکن کقوى مهمة لضمان الاستقرار بالإقليم. [xlvi]

-       لضمان الامن الداخلي الصيني: ارتباط الاستقرار الامني بالمنطقة الغربية في الصين-  الهان Han heartland  في سهول الصين، والمناطق الحدودية الداخلية مثل الايغور والتبتيين- بالوطن العربي ومحيطه الجغرافي (أي ما يطلق عليه بالشرق الأوسط) وذلک بحکم التقارب الجغرافي والعلاقات التاريخية منذ طريق الحرير القديم وحرکة التجارة. کما تربطهما علاقات وثيقة على الصعيد العرقي والديني والثقافي ومن ثم تتأثر بالاتجاهات الفکرية السائدة بالمنطقة وکذا بأوضاع انعدام الامن ومن ثم فإن استقرار المنطقة العربية امنيا سيتبعه استقرار في هذه المناطق الداخلية بالصين. [xlvii]

  1. مجالات التعاون العربي الصيني بمبادرة الحزام والطريق:

 وتتمحور مجالات التعاون التي تقدمها المبادرة للدول العربية ککل، في عشرة مجالات رئيسة التعاون في مجال الطاقة، والسکک الحديد، والتعاون العسکري، والبنية التحتية، والتعاون في المجالات المالية، وفي مجال انتقال الافراد، والسياحة، والتعليم، والثقافة، والمجتمع المدني، واقامة منصات مشترکة للتعاون کمراکز ابحاث لمبادرة الحزام والطريق.

وتظهر مجالات التعاون في الشکل رقم 1

الشکل رقم1: مجالات التعاون العربي الصيني

 

المصدر: الشکل من اعداد الباحثة

فالصين تنوع من مجالات التعاون مع الدول العربية، وتجمع بين عدة آليات، لکن في مقدمتها يأتي تأمين مصادر الطاقة التي تحتاجها الصين بدرجة کبيرة لتحقيق المنفعة المتبادلة، مع دعم الدول العربية في توليد مصادر جديدة للطاقة عبر التکنولوجيا الصينية، وتجمع بين الاليات الاقتصادية کالتعاون في مجال الاسواق المالية، والتجارة الدولية، ومشروعات البنية التحتية أحد أبرز مجالات المبادرة، وکذا السکک الحديد لتسهيل التبادل التجاري للسلع والخدمات، هذا مع الحرص على استخدام القوى الناعمة کحرية تبادل الافراد کالسياحة، والمنح التعليمية للطلبة خاصة في المجالات العلمية واستخدام معاهد کونفوشيوس لدعم اللغة الصينية، والتعاون الثقافي هذا علاوة على آلية المجتمع المدني، وإقامة منصات جديدة للتعاون کالمنتدى العربي الصيني، ومراکز ابحاث حول مبادرة الحزام والطريق بالدول العربية. ويوضح الجدول رقم 6 أبرز مجالات التعاون بين الصين وبعض الدول العربية

الجدول رقم 6: أبرز مجالات التعاون بين الصين وبعض الدول العربية

 

 

الجدول من اعداد الباحثة بتصرف من مصادر عدة

  • جون ب الترمان، الجانب الاخر من العالم: الصين والولايات المتحدة الاميريکية والصراع من اجل امن الشرق الاوسط، واشنطن: مرکز الدراسات الاستراتيجية والدولية، مارس 2017
  • Mordechai Chaziza, COMPREHENSIVE STRATEGIC PARTNERSHIP:
  • A NEW STAGE IN CHINA-EGYPT RELATIONS, MERIA,
  • arabic.news.cn،(أهم الموضوعات/الصين) مقالة خاصة: اتفاق توأمة بين البتراء بالأردن وممر جيايوقوان بسور الصين العظيم، 31 ديسمبر 2017
  • South China Morning Post, Diplomacy & Defence, Key Facts Behind Iran and Egypt as Xi Jin Ping Signs Mega Oill Deals During hid Middle East Tour, 20 Jan 2016, www.scmp.com/news/china/diplomacy-defense/article/1903393/keyfacts-behind-china,
  • http://arabic.news.cn/2018-01/17/c_136900574.htm -->, الإمارات تشيد بدور الصين في تعزيز استراتيجيتها للطاقة المتجدد
  • Christinina Lin, the Belt & Road hina’s Long Term Visions in the middle East, Oct 2017, www.css.ethz.ch/gess/cis/center-for-security-studies/resources/docs/ispsw-512/20/in/pdf
  • arabic.news.cn, مقالة خاصة : مبادرة الحزام والطريق تعزز التبادل التعليمي بين الصين ومصر2017-12-26 ، متوفرة بتاريخ 1 يناير 2021
  • Mahdi Sari, The Confucius Institute at Suez Canal University: A Tool in China’s Public Diplomacy, LUND UNIVERSITY , CENTRE FOR EAST AND SOUTH-EAST ASIAN STUDIES,  Master’s Programme in Asian Studies Spring semester 2017, http://lup.lub.lu.se/luur/download?func=downloadFile&recordOId=8924607&fileOId=8924608
  • http://www.alhayat.com/article/4612502/ثقافة-و-مجتمع/آداب-وفنون/القاهرة-مقر-مرکز-دراسات-طريق-الحرير
  • الموقع الرسمي للمنتدى العربي الصيني، http://www.chinaarabcf.org/ara/gylt/t556241.htm

عبد العزيز المجرن، (الحزام والطريق) ..مبادرة تنموية تتوافق ورؤية (الکويت 2035) نحو مستقبل تجاري عالمي   ، وکالة الانباء الکويتية کونا،https://www.kuna.net.kw/mobile/ArticleDetails.aspx?id=2610068&Language=ar

 

لا يمثل الجدول السابق حصرا بمجالات التعاون، ولکنه يرسم الملامح العامة للمجالات التي تم التعاون فيها بين الدول العربية والصين، إلا أنه يلاحظ إنها قليلة نسبيا مقارنة بمجالات التعاون القائمة بين الصين ودول الجوار الجغرافي للمنطقة کإيران واسرائيل وترکيا. ايضا تحتاج لإعادة نظر بشأن المجالات الاکثر ملائمة للاقتصادات العربية فالميزان التجاري الصيني العربي لصالح الصين، لذا يجب التنويه للحديث عن توطين الصناعات التي يحتاجها الاقتصاد العربي على الاراضي العربية. الامر يحتاج لمزيد من التنسيق العربي- العربي للاستفادة الجادة من المبادرة لما تحمله من فرص وتقليل من تتضمنه من تهديدات.

وفي إطار تفعيل مبدئ المصير المشترک للشعوب وحماية مصالحها خلال مبادرة الحزام والطريق تطلع الصين بعدد من الاجراءات الأمنية المشترکة لحماية مصالحها بالمنطقة العربية:

أ‌.       المشارکة في حماية مصالحها في ظل عدم الاستقرار المحيط:

تعمل الصين بجد على اکمال رواق باکستان باعتباره سيقلل مسافة نقل بترول الخليج للصين حوالي 12 الف کيلو متر فستستغرق 15 الف کيلو متر ليصل مدينة XINJIANG و10 الاف کيلو عبر البحر و4500 کيلو عبر الاراضي الصينية. فبمجرد اکتمال الرواق فانه سيتيح للصين النفاذ إلي المحيط الهندي وموارد الخليج عبر مضيق ملقا حيث تستورد الصين 80% من البترول، مما يشکل مشکلة مضيق ملقا حيث يسهل للأسطول الأمريکي وقف مصدر البترول للصين، لذا فيمثل رواق باکستان حل لهذه الاشکالية حيث سيدعم خطوط مد الصين للبترول، لذا تعمل الصين على تأمين وجودها عبر إقامة قواعد بحرية لأسطولها؛ کقاعدة جيبوتي والتوسع في مشارکة الصين في قوات حفظ السلام بالأمم المتحدة، لحماية عملية البنية التحتية والاستثمارات مثل جنوب السودان. ايضا تتعاون الصين أمنيا مع دول اخرى أو قد تلجأ لشرکات الأمن الخاصة لحماية خطوط الامدادات. [xlviii]

ب‌.   المشارکة في قوات حفظ السلام:

  أنجزت قوات حفظ السلام الصينية في اليونيفيل بنجاح مهام مسح "الخط الأزرق"، ونزع الألغام والأشغال الهندسية  وأعمال البناء والمساعدات الطبية والإنسانية". وتبذل الدورة الـ 16 لقوات حفظ السلام الصينية جهودا ملموسة في الحفاظ على أمن لبنان والمنطقة". ومن الجدير الاشارة ان قوات اليونيفيل تعمل في جنوب لبنان منذ العام 1978، وتم تعزيزها في العام 2006 بعد حرب يوليو، بموجب قرار الامم المتحدة رقم 1701، ويتجاوز عدد جنودها 10 ألاف من حوالي من 40 دولة بينهم أکثر من 400 عسکري صيني. فالکتيبة الصينية في اليونيفيل منذ انتشارها لأول مرة في شهر مارس في العام 2006 قدمت وحدات المهندسين ومهندسي البناء والمستشفى الميداني فيها کل الدعم الضروري والحيوي لقوات اليونيفيل بما فيه إزالة الألغام في المناطق الخطرة.[xlix]

ت‌.   مکافحة اعمال القرصنة:

هذا علاوة على جهود حماية المصالح الصينية عبر مکافحة عمليات القرصنة، من أهمها:[l]

أ‌.       يناير 2009 أرسلت الصين مجموعات بحرية في خليج عدن – أبان انتشار خطر القراصنة الصوماليين- تمثل هذه المجموعة أکبر قوات صينية قتالية منتشرة خارج الحدود الصينية .

ب‌.  وفي عام 2013 مع اعلان مبادرة الحزام والطريق ارسل الجيش الصيني 15 فرقة تمثل 10 الاف مقاتل على متن سفينتين الي ثلاثة سفن على مدار أربع سنوات

ت‌.  حماية الجيش الصيني لأکثر من 5000 سفينة تجارية من الصين تمر عبر أکثر من 50 دولة على مدار 500 ميناء  وفقا لمصادر اعلامية صينية

ث‌.  تنسيق دوريات مکافحة الحرائق الصينية عبر 67 دورية مع 12 ميناء في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا لتقديم الامدادات والتعهدات العسکرية اللازمة " موانئ: الجزائر العاصمة (الجزائر)، المنامة (البحرين)، الإسکندرية (مصر)، حيفا(الاراضي المحتلة: إسرائيل)، الشويخ (الکويت)، الدار البيضاء (المغرب)، مسقط (عمان)، صلالة (عمان)، الدوحة (قطر)، جدة،  (المملکة العربية السعودية)؛ أبو ظبي (الإمارات العربية المتحدة)، عدن (اليمن)"

 

ث‌.   وضع خطة لاحتواء النزاعات القائمة: ورغم محورية کل  من السعودية وايران على خريطة الحزام والطريق باعتبارهما لاعبين مهمين خاصة في ظل امداد الصين، الذي تحتاجه کما سلف الذکر لکن توتر العلاقات السعودية الايرانية تشغل بدرجة کبيرة صانع القرار الصيني، وإلي أي درجة يمکن النظر له کتهديد لمبادرة الحزام والطريق. وفي 2016 اصدر الرئيس الصيني اول ورقة سياسة عربية عقب زيارة الصين لإيران والسعودية طرحت اطار تعاون قائم على: [li]

  • التعاون في مجال البني التحتية
  • التعاون في المجال التجاري والتمويل
  • التعاون الثلاثي في مجالات التکنولوجيا High Tech (الطاقة النووية- القمر الصناعي- الطاقة المتجددة)

وعلى ضوء الوثيقة قامت الصين بتبني موقفا متوازنا بين ايران والسعودية لخلق منافع مشترکة للدولتين تمهيدا للتقريب بينهما فقامت بتوقيع اتفاقات تعاون بمبلغ 65 مليار دولار مع الرياض ولتعظيم الروابط ربطتها بأولويات الحکومة السعودية وفق خطة الرؤية السعودية خطة 2030 . کذلک الحال مع ايران دعمت منظمة الصين شنغهاي للتعاون ايران وقدمت 10 مليار دولار لدعم البنية التحتية معها. ومن ثم فخلق المشترک قد يمثل مدخل لحل التوتر بينهما لان المبادرة ستربطهما معا بمصير واحد ومصالح مشترکة حيث ستربط المبادرة ايران جغرافيا بوسط اسيا وجنوب وغرب اسا والسعودية . [lii]

  1. مجالات  مهمة للتعاون العربي الصيني في إطار مبادرة الحزام والطريق:

يقدم هذا الجزء طرحا لمجالات ممکنه للتعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق بين الدول العربية والدولة الصينية، لتعظيم فرص التعاون المشترک تأکيدا على مفهوم الأخوة والتضامن والمصير المشترک والمنفعة المتبادلة:

  • دمج مشروعات المبادرة في خطط التنمية المستدامة العربية 2030 لتعظيم الفائدة العربية وبحث الخلل بالميزان التجاري العربي الصيني لتوطين الصناعات التي بها خلل لصالح الصين بالدول العربية
  • اقامة مصانع عربية صينية بعمالة مشترکة لتصنيع النفط والغاز على الاراضي العربية اي توطين الصناعات ، واقامة مصانع لتوطين صناعة الالکترونيات والاجهزة الکهربائية بالدول العربية، وکذا مصانع لإنتاج الطاقة الشمسية النظيفة وطاقة الرياح بالدول العربية، مع الاهتمام ببناء کوادر عربية قادرة ماهرة في مجال الصناعة عبر المنح والبرامج التدريبية مع الجانب الصيني
  • مساعدة الصين للدول العربية في محاربة الارهاب بالأسلحة وبالوجود والنفوذ في الدول الافريقية محط اهتمام الارهاب في هذه المرحلة الجديدة
  • توسط الصين في حل التوترات السياسية بين دول المبادرة خاصة بين مصر واثيوبيا وترکيا وقطر وإيران عبر الية دبلوماسية المسار الثاني TRAC II DIPLOMACY
  • وضع الدول العربية محددات التوازن الاقليمي مع الصين فهذا هو التوقيت المناسب والا ستفرض عليها لاحقا
  • التأکيد للصين على اهمية بعض القضايا کوحدة سوريا وحل القضية الفلسطينية واقامة الدولة الفلسطينية الموحدة ووضع القدس حيث تسعى اسرائيل لتغير الوجهة الصينية الداعمة للقضية العربية مقابل الدعم للموقف الاسرائيلي وتعتبر ذلک هدفا استراتيجي في المرحلة المقبلة.
  • دعم التوجه الصيني لتقليل الخلافات بالمنطقة ودعم الاستقرار حيث تقدم رؤية جديدة لاحتواء التوترات مع إيران کما سبق الذکر.

 

  1. مبادرة الحزام والطريق في ظل جائحة الکورونا:

ظهرت جائحة الکورونا عام 2019 بمدينة وهان الصينية ثم سرعان ما انتشرت بالعالم ککل وبلغ إجمالي حالات الإصابة المؤکدة بفيروس کورونا في الصين82,901 حالة حتى التاسع من مايو 2020  ووصلت حالات الوفاة إلى  4633 حالة.[liii] مما مثل فصلا جديدا للدور الصيني في العالم لتدخل الصين والمبادرة اختبارات من نوع جديد؛ يمکن أن يهدد فرص بقاء واستمرارية المبادرة أو أن يدعم مرکزها ويقويه.

وجاءت الکورونا کذريعة أمام الولايات المتحدة لتستکمل مسيرتها في التصعيد نحو الصين، فاتهمت الولايات المتحدة الأمريکية الصين بأن الفيروس ناجم عن خطأ بشري جراء ضعف الاحتياطات الأمنية في معهد ووهأن لعلم الفيروسات البيولوجية[liv]،  بل واتهم المستشار التجاري للبيت الأبيض بيتر نافارو الصين بأنها أرسلت إلى الولايات المتحدة "أجهزة رديئة" لاختبار الأجسام المضادة لفيروس کورونا کما اتهمها "بالتربح" من الجائحة[lv]. وفي ذات السياق، رفعت شرکة محاماة أمريکية في فلوريدا، دعوى جماعية فيدرآلية ضد النظام الصيني، بتهمة إخفائه حقيقة فيروس کورونا "کوفيد19"، والتسبب في أنتشاره على مستوى العالم، والإضرار بالشعوب واقتصادات الدول.[lvi]

وفي ظل هذا التصعيد المستمر، يصعب التکهن بمستقبل مبادرة الحزام والطريق کمبادرة جامعة لقارات العالم المختلفة، في ظل التصعيد الأمريکي؛ فهل يمکن أن نشهد تجمداً في المبادرة في ظل استمرار الخسائر الاقتصادية الصينية بفعل الجائحة؟ هل ستنشغل الصين في إعادة بناء اقتصادها وتنکفأ على ذاتها؟. أم أنها ستوجه مزيد من الاهتمام إلى المبادرة وتسعى لتعظيم مکاسبها السياسية والاقتصادية منها ؟، وإن کان کذلک ما هي الآليات التي ستعتمد عليها الصين خلال المرحلة الجديدة في ظل الجائحة؟ هل ستظل کل آليات المبادرة کما هي؟ أم سيتم تجميد بعض الآليات مقابل إعطاء أهمية أکبر لآليات أخرى لم تکن محل اهتمام کبير من قبل؟.

وللاقتراب من الإجابة عن هذه التساؤلات سيتم التعرض للسيناريوهات المطروحة دولياً حول مستقبل مبادرة الحزام والطريق، کمحاولة للتکهن بمستقبلها تمهيدا للوقوف على أبرز السياسات الممکن طرحها على المخطط المصري لتعظيم المکاسب المصرية من المبادرة في ظل الجائحة.

أولاً: سيناريوهات مستقبل مبادرة الحزام والطريق:

يقدم هذا الجزء تصورات سيناريوهات المبادرة بشأن المستقبل في ظل الجائحة وما بعدها. وما طرحته عدد من الجهات ومراکز الأبحاث الدولية. وقد اختلفت تلک السيناريوهات ما بين التشاؤم والتفاؤل والرؤية الوسط التي تؤکد على أهمية المبادرة واستمرارها ولکن عبر مراجعة بعض آلياتها في ظل نظام ما بعد الجائحة.

أ‌.     السيناريو التشاؤمي لمبادرة الحزام والطريق:

يقر هذا السيناريو بأن الصين ستهتم بإعادة بناء اقتصادها الذي تأثر سلباً في ظل الجائحة، وستعمل على إرجاء التزاماتها الإنشائية في إطار مشروعات الربط والبنية التحتية بدول المبادرة. وفي إطار مواجهة الجائحة اتخذت الصين سلسلة من الإجراءات الشديدة للسيطرة على أنتشار الفيروس. فأوقفت حرکة السفر الدولي، وقامت بعزل بعض المدن، وفرض عمليات الإغلاق في جميع أنحاء البلاد. مما کأن له تداعياته على تباطؤ في الاقتصاد الصيني. وقد وضعت أکثر من 130 دولة حول العالم قيوداً لدخول المواطنين الصينيين، حتى أصبح العمال الصينيين غير قادرين على العودة إلى مشاريع المبادرة خارج الصين. وکلما طالت المدة ستضعف المشاريع غير المکتملة، وقد يتم التخلي عن بعضها تمامًا.[lvii] هذا وقد أنخفض الناتج المحلي الاجمالي للصين في بداية الربع الأول من عام 2020 بفعل الجائحة بنسبة 6.8% مقارنة بالعام الماضي في نفس التوقيت. ويأتي هذا السيناريو في ظل عدد من المعطيات التي طرحتها الجائحه: [lviii] 

-       تأخير في تنفيذ عدد من التعاقدات المبرمة في إطار المبادرة.

-       بقاء العمال في المنازل بسبب سياسة التباعد الاجتماعي في ظل الحظر، مما يؤدي لارتفاع التکلفة الاقتصادية بسبب توقف عجلة الإنتاج، ومن ثم وفاء الصين بالتزاماتها الاقتصادية خلال المبادرة.

-       تجد کل الدول على امتداد مسارات مبادرة الحزام والطريق نفسها محاصرة فى إطار عدد محدود للغاية من البدائل بسبب الجائحة والتزاماتها في مشروعات البنية التحتية، ولن تستطيع الصين تلبية مطاب تلک الدول في ظل محدودية الموارد خلال الجائحة.

-       حذر البنوک الصينية في إعطاء القروض لعدم قدرة الدول على السداد بسبب الجائحة.

في هذا السياق، يعتبر هذا السيناريو أن تعافي الاقتصاد الصيني يعد أکبر أولوية في عام 2020 الأمر الذي يتطلب موارد اقتصادية إضافية من أجل تعزيز فرص التعافي، ومن ثم لن يتم تخصيص المزيد من الموارد تجاه مبادرة الحزام والطريق التي ربما لا يکون لها الأولوية الآن في الصين، وإنما الأولوية القصوى لإعادة بناء عجلة الاقتصاد مرة أخرى.

ب‌.           السيناريو التفاؤلي لمبادرة الحزام والطريق – مزيد من الاهتمام بالمبادرة:

 ينطلق هذا السيناريو من الرؤية الرسمية للحکومة الصينية التي تعتبر مبادرة الحزام والطريق أداة الصين لتقوية روابطها الاقتصادية مع غيرها من الدول، ولزيادة تأثيرها على الساحة الدولية. وفي إطار انهيار حرکة التجارة العالمية کنتيجة للکورونا من المحتمل أن تعمد الصين إلى لعب دوراً أکثر نشاطاً على الساحة الدولية، لکي تدعم استقرار وتقوية العلاقات الخارجية الاقتصادية لدولة الصين. فالکورونا فرصة أمام الصين لتقوية مکانتها من خلال المبادرة على الساحة الدولية. خاصة في إطار التوتر بين الصين والولايات المتحدة، وتوترات الجغرافيا السياسية المحيطة بالصين، فالمبادرة تعد فرصة لاتخاذ الحکومة الصينية لإجراءات منع عزلة الصين على الساحة الدولية. من هنا يعتقد أنصار هذا السيناريو أن الحکومة الصينية ستدعم وتطور برامج مبادرة الحزام والطريق، بما يدعم موقعها على الساحة الدولية.[lix]

ويؤکد أنصار هذا الاتجاه على القدرة الاقتصادية للاقتصاد الصيني على التعافي، وکذا القدرة على تطوير نظم الإنتاج لتتوافق مع متطلبات التعافي من الجائحة.  فمع بداية التعافي غامر بعض مصنعي المعدات الأصلية بالصين بإعادة استخدام أنظمة الإنتاج الخاصة بهم، لصنع منتجات مختلفة تمامًا. فعلى سبيل المثال، عندما انخفضت أعمال السيارات بأکثر من 90٪ في الصين في فبراير، قامت الشرکة المصنعة للسيارات Shanghai-GM-Wuling(SGMW) بإعادة تجهيز نظام الإنتاج الخاص بها بسرعة لإنتاج أقنعة الوجه الطبية، والتي ساهمت بشکل إيجابي في التخفيف من أنتشار الجائحة، وفي نفس الوقت ولدت عائدات مجزية وسمعة إيجابية للشرکة. وعکف صانعي القرار في الشرکات الصينية للعمل على تطوير استراتيجيات عمل جديدة في تصميمات سلسلة التوريد الدولية المستقبلية. وفي ظل ارتباط العديد من الصناعات بدول العالم المختلفة، على شبکات الإمداد الصينية من مواد خام، ومستلزمات الصناعة وغيرها يمکن القول أن الصين تطرح نفسها کمصنع للعالم ککل في ظل فرص امتداد الجائحة، الأمر الذي يؤکد على صعودها بقوة داخل النظام العالمي الجديد. [lx]

وبشأن مشروعات البنية التحتية، يقوم هذا السيناريو على فرضيات أن الدول الشريکة في إطار المبادرة ستعمل بالتأکيد ـ لمصلحتها الوطنية والاقتصادية، على استکمال مشروعات البنية التحتية المادية للحزام والطريق، مما يقدم فرصة أفضل للصين لتوقع إکمال المبادرة على الرغم من الجائحة، وبرغم توقعات تراجع تمويل مشروعات البنى التحتية للمبادرة في العديد من دول المبادرة.[lxi] وفي حال لجوء بعض دول المبادرة إلى بدائل للخصخصة لمشروعاتها في ظل تداعيات، فإن الصين يمکن أن تتقدم الصفوف وتبادر لتکون المشتري للمشروعات المطروحة للخصخصة في دول المبادرة.  [lxii]

ت‌. السيناريو الثالث: السيناريو الوسطى- أنعاش أدوات مقابل إرجاء أدوات أخرى للمبادرة 

ينطلق هذا السيناريو من منظور وسط يقر بوجود صعوبات خلقتها الکورونا أمام المبادرة الأمر الذي سيدفع إلى تأجيل أو إرجاء العمل ببعض أدوات وآليات المبادرة، ولکن هذا الوضع لن يؤجل العمل بالمبادرة ککل في ظل الالتزام الحکومي بها کنص مکتوب بداخل دستور الحزب الشيوعي الصيني؛ وتم التوقيع عليه من قبل الرئيس الصيني شين بينج کسياسة خارجية واقتصادية للصين. فهي جزء من هوية الصين في المرحلة الحالية والمستقبلية، فلا مجال لإرجاء العمل بها ولکن مراجعة الأدوات هو المدخل الذي فرضته الجائحة. [lxiii]

في هذا الإطار، يطرح السيناريو تغيرين أساسيين:

الأول: تراجع دور بعض المجالات في إطار المبادرة،

الثاني: زيادة الاهتمام بأدوات کانت تشغل اهتماماً، والعمل على تقوية وازدهار تلک الأدوات. 

وفى هذا السياق، فإن هناک تکهنات بأن تقلل الصين المخصصات المالية المتعلقة بالحزام والطريق لصالح أتمتة طريق الحرير وطرق النقل السريعة، والحلول الفعالة وطريق الحرير الصحي، فهناک حاجة لمزيد من الدور العالمي لمبادرة الحزام والطريق في القطاع الصحي.

وبالتالي يعاد النظر في الأولويات القادمة للمبادرة على النحو التالي:

أ‌.       تحديد مجالات مرشحة لأن تشهد تراجعاً مرحلياً / تکتيکياً بفعل الجائحة: ومن بينها مشروعات البنية التحتية، والإقراض من قبل البنوک الصينية الحکومية.

ب‌.   تحديد مجالات مرشحة لمزيد من الانتعاش في خلال وما بعد الجائحة، ومنها:

  • طريق الحرير الصحي/ الطبي HSR: والذى أصبح يمثل العملة السارية بسبب تداعيات الجائحة، ويعزز من دور الصين عالمياً في التعاون الصحي العابر للحدود.

طريق الحرير المؤتمت  DSR: عبر وضع الصين، في ضوء خبرتها العملية ودولابها الإنتاجي الضخم، حلول مؤتمتة لمکافحة الوباء بما يعزز وضعها العالمي، ومن بينها نظم حوسبية متنوعة: COLOR CODED APP تدعم تطبيقات لمراقبة صحة الافراد والاتصالات والحرکة. وقد اتبعت العديد من دول العالم مثل: کولومبيا وجمهورية التشيک وغانا وإسرائيل والنيرويج وسنغافورة والهند النماذج العملية الصينية في  الاتصالات عبر تطبيق سوفت وير بالموبايل، وذلک لحماية الافراد من الکورونا، وتجنب العدوى. حتى أن شرکتي أبل وجوجل أعلنا عن خطة لتحويل التليفونات الذکية إلى opt-in contact-tracing.[lxiv] وهناک فرص وفيرة لأتمته سلاسل القيمة من قبل شرکات تکنولوجيا المعلومات، ومنصات التجارة الإلکترونية خلال جغرافية مبادرة الحزام والطريق مثل شرکة هواوي وعلى بابا وtencent. وهنا يمکن القول أن الجائحة قد وفرت مزيد من الفرص لشرکات التکنولوجيا الصينية مثل علي بابا ding talk وtencent موقع ويتشات wechat وهواوي ويلينک welink لدعم الانتشار والنفوذ التکنولوجي السوقي للصين عبر العالم خاصة في دول المبادرة، واستغلال مواقع ومنصات الاستشارات الطبية مثل على بابا للصحة وPing An Good Doctor، وتطبيقات  تکنولوجيا الذکاء الاصطناعي الصينية في تحديد ومتابعة حاملي الفيروس في دول متعددة من دول المبادرة ومن بينها: الهند وتايلند، بما يعزز من الحضور الصيني في التعامل مع الجائحة عالمياً خاصة في الفضاء الآسيوي.[lxv]

  • تجارة التجزئة والتجارة الإلکترونية: عملت الکورونا على تحويل طبيعة الاقتصاد وتغيرها ليوازن بين تجارة التجزئة والتجارة الالکترونية، فسياسات التباعد الاجتماعي تدفع أنماط الاستهلاک والنشاط الاقتصادي نحو الشراء والتسوق الإلکتروني، وهو الأمر الذى يعزز فرص ازدهار أتمته الحزام والطريق على الأجل القريب.
  • التمويل والتعاون الدولي في إطار المبادرة: دفع الوباء الصين إلى تنويع مستويات وآليات مبادرة الحزام والطريق، فمع آلية تمويل المشروعات، هناک مشروعات کثيرة في إطار المبادرة يتم تمويلها عبر القروض من البنوک الصينية، والبنوک التجارية المملوکة من قبل الدولة. لکن مع الجائحة هناک توجه من قبل الصين لحشد التمويل من قبل رأس المال الخاص، والمساهمات الکلية من المؤسسات التمويلية الدولية؛ مثل البنک الدولي، وبنک الاستثمار والبنية التحتية الآسيوي، وبنک التنمية الآسيوي، وبنک التنمية الجديد للبريکس.[lxvi] هذا علاوة على أهمية التعاون الدولي في إطار سلاسل الامداد والتعاون الصحي، خاصة في ظل توقع احتمالية موسمية الوباء. وقد أيقنت الصين أن الجائحة تؤکد من توجهاتها حول أن التعاون الدولي هو أساس العمل لمجابهة الوباء، فلا توجد دولة واحدة يمکنها التصدي بمفردها للجائحة.[lxvii]
  • خطة مارشال الصينية: يطلق البعض على مبادرة الحزام والطريق بعد الجائحة أنها بمثابة خطة مارشال ولکن من الصين، لمساعدة الدول المتأثرة کما فعلت الولايات المتحدة مع الدول الاوروبية المتضررة فى أعقاب الحرب العالمية الثانية. فالمبادرة يمکنها مساعدة الدول عبر تقليل تکاليف التجارة، وتحسين الاتصالات، والانتشال من براثن الفقر عبر آلية الإقراض ورغم انتقادات البعض، بأن القروض ليست أکثر من محاولة لبسط نفوذ الصين کما حدث مع ميناء هامبأنتوتا في سيريلأنکا عام 2017، حيث عجزت الدولة عن سداد الدين وسيطرت الصين على الميناء. وهى الممارسات التى تدفع البعض لتوصيف السلوک الصيني باعتباره نوعا من: "دبلوماسية فخ الديون" أو "المنقذ الرخيص"، کما وصفه Kratz. لکنها کانت في نفس الوقت بمثابة جرس إنذار للصين لإعادة التفکير في جدولة الديون، واعادة التفاوض بشأن سداد الدين. إلا أن للجائحة وضعاً مختلفاً في ظل تنصل الولايات المتحدة من الالتزام مالياً بتمويل منظمة الصحة العالمية أو تقديمها لدعم مالي للدول المتضررة. لذا فضغوط کوفيد 19 سيدعم موقف الصين في تقديم الدعم، حيث يرى فيرى کراتز " أن أي دعم ستقدمه الصين سيکون موضع ترحيب". "فهناک حاجة لتوفير المعدات للبلدان المحتاجة، وقروض منخفضة الفائدة لبناء المستشفيات الميدانية".

وقد بدأت الصين بالفعل في إرسال المعدات الطبية، والفرق الطبية إلى الدول المصابة بالفيروس التاجي بالمبادرة بما فيها الدول الأوروبية، بما في ذلک إيطاليا. وفي إطار تفنيد الادعاءات والانتقادات الغربية ردت بکين بغضب على التأکيدات الغربية، بأن جهودها في مجال المساعدة کانت مدفوعة بالرغبة في اکتساب النفوذ. [lxviii]

  • تطبيق آليات الحوکمة عند اختيار المشروعات محل التعاون في اطار المبادرة: دفعت الجائحة الصين لأن تتخذ إجراءات واعية؛ لدعم الشفافية التعاقدية والاجرائية والمعلوماتية خلال اختيارها للمشروعات التي ستتعاون فيها خلال المبادرة. بل وبدأت تتجه نحو وضع قواعد يتم الاحتکام إليها عند اختيار المشروعات والتعاقد عليها، وحل النزاعات التي تنشأ، وکذا وضع آلية لتقييم الأداء. مع أهمية الأخذ في الاعتبار المخاطر الجيوسياسية التي تستهدف فرص التمويل المشترک بين مبادرة الحزام والطريق.[lxix]
  • الترکيز على تحسينات إضافية في سلاسل الإمداد العالمية، حيث تسعى الصين  لتطوير بنية تحتية لسلال الامداد بدول العالم المختلفة، خاصة أن الوباء قد أضر بسلاسل التوريد بالعالم التي تضمن استدامه العمل بمشروعات المبادرة. ففي ظل المصانع المغلقة في الصين  ودول العالم المختلفة فعليها أن تستکمل العمل في منظومة الإنتاج وأن تستعيد إمدادات المواد الخام، وأن توفر مخازن کافية من معدات الحماية للعمال، وسائقي الشاحنات وموانئ الشحن لتسليم بضائعهم إلى الخارج. کما تسبب الفيروس التاجي في تعطيل صناعة الشحن العالمية، والتي توقفت تماما خلال شهر فبراير 2020. [lxx]

 من هنا، تعتبر الجائحة فرصة لبناء وإعادة هيکلة سلاسل الامداد خاصة بدول المبادرة، وأن تقدم الصين تمويلاً للدول ذات الثروة المحدودة بفوائد قليلة، خاصة أن التصنيف الائتماني للاقتصاد الصيني بالمرتبة A+ بما يعني أن الصين يمکنها أن تقدم قروضاً بفوائد أقل حتى تنخفض معدلات المخاطر. وهناک عدة أدوات تساعد الصين في دعم سلاسل الإمداد مثل البنوک التجارية الصينية، والشرکات التجارية، ومنصات التجارة الرقمية، وشرکات الاتصالات الصينية، وتقديم الخدمات اللوجستية، وشرکات النقل.فعلى سبيل المثال قدم بنک الصين للتنمية قرضا في إطار جائحة الکورونا لسريلانکا بحوالي 500 مليون دولار لمساعدتها اقتصاديا على التعافي في ظل الجائحة. [lxxi] کما أنه من المتوقع أن يستثمر القطاع الخاص في سلاسل الامداد التجارية المربحة، خاصة الصناعية ليستفيد من إعادة تموضع طرق الإنتاج من الصين إلى نقاط أخرى أقل تکلفة، وأکثر مبيعا بالأسواق المحلية بدول الحزام والطريق، کاتجاه الشرکات والمصانع الصينية نحو جنوب شرق آسيا.[lxxii]

  • إعادة التفاوض بشأن هيکلة الديون: في ظل النظر إلى إعادة مراجعة بعض الأدوات الصينية في مرحلة الکورونا وما بعدها، تأتي قضية جدولة الديون للدول المدينة للصين وذلک للمساعدة، وکذا لتحسين صورة الصين دولياً في ظل الاتهامات الأمريکية لها بتخليق الوباء ونشره بالعالم. فهنا تأتي ضرورة إعادة التفاوض بشأن الديون لصالح تمديد فترة السداد، فعلى سبيل المثال تدين دول أمريکا اللاتينية، ودول جنوب الصحراء بنحو 30-40٪ من إجمالي ديونها الخارجية للصين. وفي ظل تأثير الجائحة على قدرة اقتصادات الدول فمن المرجح صعوبة الالتزام بسداد أعباء الدين. وفي إطار ارتباط جهات الإقراض الصينية بالحکومة الصينية مثل بنک التنمية الصيني (CDB) وبنک التصدير والاستيراد الصيني (EXIM) يمکن للحکومة التدخل لصالح جدولة الديون، بل وإمکانية منح قروض جديدة بفوائد أقل أو تأجيل السداد، أو ربما حتى إسقاط بعض الديون. [lxxiii]

وترى الباحثة أن هذا السيناريو هو الأقرب للواقع. وعلى الصين مراجعة آليات المبادرة لانتقال وتبادل الأفراد خلال المبادرة، والتعاون الثقافي، وحرية انتقال السلع کأحد آليات المبادرة. خاصة أننا إذا نظرنا للمنطقة العربية ومحيطها ما يسمى بـ "منطقة الشرق الاوسط " ستعمل مثل تلک الآلية على القضاء على سياسة رفض التطبيع والمقاطعة مع الجانب الإسرائيلي، کأحد أسلحة الشعوب العربية في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي. وقد أثبتت الجائحة أن تلک الآلية من أهم الأسباب التي أسرعت من انتشار الفيروس بالعالم.

ثالثاً: بدائل ومحددات السياسات المتاحة للدول العربية في سياق المبادرة وظلال الجائحة الوبائية

يقدم هذا الجزء لسياسات يمکن طرحها أمام صانع القرار العربي، في إطار الآليات المطروحة الآن أمام مبادرة الحزام والطريق في ظل الأجواء الجديدة التي طرحتها الجائحة وذلک لتعظيم الاستفادة من المبادرة قدر الإمکان.

  • إمکانية تفعيل آلية الاقراض الميسر ضمن آليات المبادرة، للتوجه لطلب الحصول على قرض سواء من قبل الحکومة الصينية، والبنوک الرسمية التابعة لها أسوة بحالة سيريلانکا التي منحتها الصين مبلغ 500 مليون دولار(کما سبق الذکر)، أو عبر بنک التنمية والاستثمار الآسيوي الذي تساهم عدد کبير من الدول العربية في تمويله ويحق لها الاقتراض منه.
  • زيادة الاستثمارات الصينية، وذلک تفعيلاً للسياسة الصينية بدعم سلاسل الإمداد. ويمکن زيادة التعاون في مجالات:
  • تکنولوجيا المعلومات والاتصالات
  • مصانع أنتاج المستلزمات والأجهزة الطبية
  • التعاون لدعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، التي تعرضت للتأثير سلباً بفعل الجائحة عبر برامج للتدريب التحويلي، خاصة أن الصين لها تجربة رائدة في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، يمکن الاستفادة منها في مجال التدريب والتسويق خاصة التسويق الإلکتروني عبر المنصات الصينية للتجارة الالکترونية، وکذا تقديم منح أو قروض ميسرة من بنک التنمية الآسيوي الصيني، للبدء في مشروعات أخرى أو وضع اجهزة تعقيم تساعد في استعادة العمل بتلک المشروعات المتوقفة.
  • التعاون في مجال التعليم عن بعد بين الجامعات، ومراکز الابحاث الصينية والمصرية، ويقترح أنشاء شبکة لمراکز الابحاث الصينية والمصرية لتبادل المعرفة والبحث في القضايا المشترکة.
  • التعاون البحثي في مجال الأمصال والأدوية ومکافحة الأوبئة، ولکن يجب الحظر من أبحاث الحمض النووي حيث تتعاون خلاله الصين مع اسرائيل تحت مظلة الموساد الإسرائيلي کما تم الإعلان عنه في وسائل الإعلام العالمية.[lxxiv]
  • تعاون الدول العربية والصين في سلاسل الإمداد بالمستلزمات الطبية لتقديمها للقارة الافريقية، عبر إقامة مصانع مشترکة بالدول العربية
  • التعاون العربي الصيني في وضع معايير حوکمة المشروعات الجديدة المطروحة خلال المبادرة بالمنطقة العربية والدول الافريقية، في ظل التوجه الصيني الجديد لوضع معايير للحوکمة لمراعاة الشفافية وتقييم الأداء.
  • إقامة منصات مشترکة لدعم الشباب العربي والصيني في التطبيقات الإلکترونية والرقمية التي تشجع بدورها التجارة الالکترونية بين الدول العربية والصين.
  • أنشاء منصات تجارية الکترونية مشترکة عربية صينية تشرف عليها وزرات التجارة والصناعة العربية ونظيرتها الصينية.

 

خاتمة:

في إطار ما سبق طرحه يمکن القول أن الصين من خلال تقديمها لمفهوم المصير الانساني المشترک تطرح نفسها کقوى داعمة للتعددية ودافعة نحو العولمة ولکن في إطار الخصوصية الصينية مما يؤهل لما يسمى بــــ "النظرية الصينية للعلاقات الدولية" التي تقوم على مبادئ التعاطف ودبلوماسية التنمية والتضامن المشترک والإخاء.

ويعکس الاهتمام الرئاسي بالمفهوم من قبل الرئيس الصيني شي جين بينج التأکيد بأنه هو مدخل العلاقات الصينية الخارجية مع کل دول العالم، الأمر الذي دفع الصين لمأسستها عبر رابطة المصير الانساني المشترک، ونجحت لاستصدرا قرار أممي بأهمية الالتفاف جميعا للالتزام لتحقيق المصير الانساني المشترک. مما يعد نجاح کبير للدبلوماسية الصينية في اقترابها من العالم.

وتجلي تجسيد المفهوم في مبادرة الحزام والطريق التي تربط اربع قارات معا بروابط اقتصادية وسياسية وثقافية وانسانية مشترکة خلال طرق بحرية وبرية ولکن مع التزام الصين بالبعد الامني أيضا للمفهوم فتلتزم بمواجهة اية تحديات امنية تعترض طريق المبادرة جنبا الي جنب مع الدول المضارة من هذه التحديات, مما يؤکد المبدئ الصيني بالفعل.

وفي هذا السياق، جاءت الدول العربية لتحتل مکانة متميزة داخل مبادرة الحزام والطريق استکمالا لمسيرة العلاقات العربية الصينية الطيبة وتأکيدا لمفهوم المصير المشترک للبشرية، حيث تحمل المنطقةأهمية استراتيجية وتاريخية واقتصادية للصين فعلي سبيل المثال تمد الدول العربية الصين بنسبة 60% من احتياجاتها للطاقة، وتتضمن قناة السويس البوابة الاساسية لأفريقيا والمعبر القريب لأوروبا، إضافة لأنها تمثل سوقا کبيرا بحکم عدد السکان والقوى الشرائية. وتجسد  الاهتمام المتبادل في عشرة مجالات رئيسة للتعاون بين الدول العربية، ودولة الصين تجلى خلالها الابعاد السياسية والاقتصادية والثقافية، وحرصت الصين على خلق منافع وطنية مشترکة في اطار مبدأ المنفعة المتبادلة للدول الأعضاء.

ومع ظهور جائحة الکورونا لم يتوقف التعاون القائم بين الدول العربية والصين، رغم الخلاف حول مستقبل المبادرة ولکن الورقة رجحت أن تستمر المبادرة، لکن مع مراجعة بعض الاليات کحرية انتقال الافراد، وتبادل الثقافات مقابل اعطاء اولوية للحزام والطريق الصحي، والتکنولوجي وکذا آلية التجارة الافتراضية والتعليم عن بعد. وکان لهذه الآليات مکانا في مجالات التعاون الممکنة بين الدول العربية ودولة الصين؛ لتعظيم الروابط وتحقيق الالتزام الأدبي على الصعيد الدولي لتحقيق مبدأ المصير الإنساني المشترک.

وقد توصلت الورقة لأبرز المجالات الممکنة للتعاون بين الدول العربية والصين خلال مبادرة الحزام والطريق قبل وبعد الکورونا تطبيقا لمفهوم المصير الإنساني المشترک يمکن طرحها فيما يلي:

-       إمکانية تفعيل آلية الاقراض الميسر ضمن آليات المبادرة، للتوجه لطلب الحصول على قرض سواء من قبل الحکومة الصينية، والبنوک الرسمية التابعة لها أسوة بحالة سيريلانکا التي منحتها الصين مبلغ 500 مليون دولار(کما سبق الذکر)، أو عبر بنک التنمية والاستثمار الآسيوي الذي تساهم عدد کبير من الدول العربية في تمويله ويحق لها الاقتراض منه.

-       زيادة الاستثمارات الصينية، وذلک تفعيلاً للسياسة الصينية بدعم سلاسل الإمداد. ويمکن زيادة التعاون في مجالات:

  • تکنولوجيا المعلومات والاتصالات
  • مصانع أنتاج المستلزمات والأجهزة الطبية

-       التعاون لدعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، التي تعرضت للتأثير سلباً بفعل الجائحة عبر برامج للتدريب التحويلي، خاصة أن الصين لها تجربة رائدة في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، يمکن الاستفادة منها في مجال التدريب والتسويق خاصة التسويق الإلکتروني عبر المنصات الصينية للتجارة الالکترونية، وکذا تقديم منح أو قروض ميسرة من بنک التنمية الآسيوي الصيني، للبدء في مشروعات أخرى أو وضع اجهزة تعقيم تساعد في استعادة العمل بتلک المشروعات المتوقفة.

-       التعاون في مجال التعليم عن بعد بين الجامعات، ومراکز الابحاث الصينية والعربية، ويقترح أنشاء شبکة لمراکز الابحاث الصينية والعربية لتبادل المعرفة والبحث في القضايا المشترکة.

-       التعاون البحثي في مجال الأمصال والأدوية ومکافحة الأوبئة، ولکن يجب الحظر من أبحاث الحمض النووي حيث تتعاون خلاله الصين مع اسرائيل تحت مظلة الموساد الإسرائيلي کما تم الإعلان عنه في وسائل الإعلام العالمية.[lxxv]

-       تعاون الدول العربية والصين في سلاسل الإمداد بالمستلزمات الطبية لتقديمها للقارة الافريقية، عبر إقامة مصانع مشترکة بالدول العربية

-       التعاون العربي الصيني في وضع معايير حوکمة المشروعات الجديدة المطروحة خلال المبادرة بالمنطقة العربية والدول الافريقية، في ظل التوجه الصيني الجديد لوضع معايير للحوکمة لمراعاة الشفافية وتقييم الأداء.

-       إقامة منصات مشترکة لدعم الشباب العربي والصيني في التطبيقات الإلکترونية والرقمية التي تشجع بدورها التجارة الالکترونية بين الدول العربية والصين.

-       أنشاء منصات تجارية الکترونية مشترکة عربية صينية تشرف عليها وزرات التجارة والصناعة العربية ونظيرتها الصينية.

-       دمج مشروعات المبادرة في خطط التنمية المستدامة العربية 2030 لتعظيم الفائدة العربية وبحث الخلل بالميزان التجاري العربي الصيني لتوطين الصناعات التي بها خلل لصالح الصين بالدول العربية

-       اقامة مصانع عربية صينية بعمالة مشترکة لتصنيع النفط والغاز على الاراضي العربية اي توطين الصناعات ، واقامة مصانع لتوطين صناعة الالکترونيات والاجهزة الکهربائية بالدول العربية، وکذا مصانع لإنتاج الطاقة الشمسية النظيفة وطاقة الرياح بالدول العربية، مع الاهتمام ببناء کوادر عربية قادرة ماهرة في مجال الصناعة عبر المنح والبرامج التدريبية مع الجانب الصيني

-       مساعدة الصين للدول العربية في محاربة الارهاب بالأسلحة وبالوجود والنفوذ في الدول الافريقية محط اهتمام الارهاب في هذه المرحلة الجديدة.

-       توسط الصين في حل التوترات السياسية بين دول المبادرة خاصة بين مصر واثيوبيا وترکيا وقطر وإيران عبر الية دبلوماسية المسار الثاني TRAC II DIPLOMACY

-       التأکيد للصين على اهمية بعض القضايا المصيرية بالمنطقة؛ کوحدة سوريا وحل القضية الفلسطينية واقامة الدولة الفلسطينية الموحدة ووضع القدس حيث تسعى اسرائيل لتغير الوجهة الصينية الداعمة للقضية العربية مقابل الدعم للموقف الاسرائيلي وتعتبر ذلک هدفا استراتيجي في المرحلة المقبلة.

-       دعم التوجه الصيني لتقليل الخلافات بالمنطقة ودعم الاستقرار حيث تقدم رؤية جديدة لاحتواء التوترات مع إيران کما سبق الذکر.

 

وفي الختام، يمکن القول أن  التعاون العربي الصيني في إطار المبادرة هو تجسيد فعلي لمضمون مفهوم المصير المشترک للإنسانية الأمر الذي يتطلب مزيد من الجهد والعطاء لإکمال التعاون واستثماره.

 



[i]  

Yang Jiechi, Community of Common Destiny, Global Security organization, , July 2010, https://www.globalsecurity.org/military/world/china/community-of-common-destiny.htm, accessed on 2nd of June 2020>

[ii]  علاء ساعة، الصين بعيون عربية .. نحو بناء مجتمع المصير المشترک للبشرية، وکالة السندباد الاخبارية، ا ابريل 2019، https://sindibadnews.com/2019/04/01/%D9%86%D8%AD%D9%88-%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%AA%D8%B1%D9%83-%D9%84%D9%84%D8%A8%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%A9/، متوفرة بتاريخ 2 يونيه 2020.

[iii]  لمزيد من التفاصيل: موسوعة المعرفة، الحضارة الصينية، https://www.marefa.org/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9، متوفر بتاريخ 2 يونيه 2020

[iv] Yuan Xintao & Xi’an Jiao Tong, Analysis of the National Strategy of One Belt and One Road Construction, Serial No. 114, March 2015

[v] Mahdi Sari, The Confucius Institute at Suez Canal University: A Tool in China’s Public Diplomacy, LUND UNIVERSITY , CENTRE FOR EAST AND SOUTH-EAST ASIAN STUDIES,  Master’s Programme in Asian Studies Spring semester 2017, http://lup.lub.lu.se/luur/download?func=downloadFile&recordOId=8924607&fileOId=8924608

[vi]

Yaqing Qin, Development of International Relation Theory in China: Progress through Debates, International Relations of the Asia – Pacific, Volume 11, Issue 2, May 2011, pp 231: 257, http://doi.org/10.1093/irap/icr003.

[vii] Rana Mitter, Henry Kissinger, The World Order,  the Guardian, 1st of October 2014, https://www.theguardian.com/books/2014/oct/01/world-order-by-henry-kissinger-review-account, accessed on 02/06/2020

[viii]

Yaqing Qin, Development of International Relation Theory in China: Progress through Debates, International Relations of the Asia – Pacific, Volume 11, Issue 2, May 2011, pp 231: 257, http://doi.org/10.1093/irap/icr003.

[ix] Gustaaf Geeraerts  & Men Jing, International Relations Theory in China, Global Society, https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/13600820120066258?journalCode=cgsj20, Pages 251-276 | Published online: 14 Jul 2010

[x]

Yaqing Qin, Development of International Relation Theory in China: Progress through Debates, International Relations of the Asia – Pacific, Volume 11, Issue 2, May 2011, pp 231: 257, http://doi.org/10.1093/irap/icr003.

[xi]

YAQING QIN, Recent Developments toward a Chinese School of IR Theory, E-International Relations , http://www.e-ir.info/2016/04/26/recent-developments-toward-a-chinese-school-of-ir-theory/

[xii]

Yaqing Qin, Development of International Relation Theory in China: Progress through Debates, International Relations of the Asia – Pacific, Volume 11, Issue 2, May 2011, pp 231: 257, http://doi.org/10.1093/irap/icr003.

[xiii]

Mahdi Sari, The Confucius Institute at Suez Canal University: A Tool in China’s Public Diplomacy, LUND UNIVERSITY, CENTRE FOR EAST AND SOUTH-EAST ASIAN STUDIES, Master’s Programme in Asian Studies Spring semester 2017, http://lup.lub.lu.se/luur/download?func=downloadFile&recordOId=8924607&fileOId=8924608, aaccessed on 02/06/2020

[xiv] Christinina Lin, the Belt & Road China’s Long Term Visions in the middle East, ISPSW Strategy Series: Focus on Defense and International Security, Oct 2017, No. 512, www.css.ethz.ch/gess/cis/center-for-securitystudies/resources/docs/ispsw-512/20/in/pdf, accessed on 02/06/2020

[xv] Ibid

[xvi]  ديدار سينغ، رابطة المصير المشترک للبشرية، الصين اليوم، أکتوبر 2017، http://www.chinatoday.com.cn/ctarabic/se/2017-10/01/content_747646.htmـ متوفرة بتاريخ 1 يونيه 2020

[xvii]  Alice Ekam, China’s New Silk Roads: a flexible Implementation Process, in Alice Ekman (& Others), Three Years of China’s New Silk Roads: From Words to (Re) Action?,  Etudws de I’Ifri, Paris: Institute Francais Des Relations Internationales, Feb 2017,  https://www.ifri.org/sites/default/files/atoms/files/ekman_et_al_china_new_silk_roads_2017.pdf, accessed on 02/06/2020

[xviii]  Alice Ekam, Op.cit

[xix]Larry Hanouer & Lyle J. Marris, (2018). Chinese Engagement in Africa: Drivers, Reactions, and Implications for U.S. Policy, https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/research_reports/RR500/RR521/RAND_RR521.sum.pdf, accessed on 15/03/2018

[xx]  Alice Ekam, Op,cit.

[xxi]

Hug White, China’s Belt and Road Initiative to Challenge US-Led Order, East Asia Forum, 8 May 2017, https://www.eastasiaforum.org/2017/05/08/chinas-belt-and-road-initiative-to-challenge-us-led-order/, accessed on 22/07/2020

[xxii]

SHOBHIT SETH, One Belt One Road (OBOR), InvestOpedia, 28/01/2020, https://www.investOpedia.com/terms/o/one-belt-one-road-obor.asp, accessed on `4/05/2020

[xxiii] Mordechai Chaziza, The Impact of the Coronavirus Pandemic on China’s Belt and Road Initiative in the Middle East, Middle East Institute, 28/04/2020, https://www.mei.edu/publications/impact-coronavirus-pandemic-chinas-belt-and-road-initiative-middle-east, accessed on 16/05/2020

[xxiv] محمد ماجد خشبة (وآخرون)، "مبادرة الحزام والطريق وانعکاساتها المستقبلية الاقتصادية والسياسية على مصر"، سلسلة قضايا التخطيط والتنمية، معهد التخطيط القومي، يونيه 2018، العدد رقم 289 ، ص 39.

[xxv] . Mordechai Chaziza, op. cit

[xxvi]Sara Hsu, Trump's Support For China's One Belt, One Road Initiative Is Bad For U.S., Good For World, Forbes, 18 May 2017, https://www.forbes.com/sites/sarahsu/2017/05/18/trumps-support-for-chinas-one-belt-one-road-initiative-is-bad-for-u-s-good-for-world/#291b28ac3402, accessed on 15/04/2018.

[xxvii]

Alicia Garcia Herrero & Jianwei XU, China’s Belt Road Initiative: Can Europe Expect Trade Again?, Working Paper, Issue no. 5, 2016, Bruegel, https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=2886228, accessed on 15/04/2018.

[xxviii]

Ariella Viehe, Aarthi Gunasekaran &Hanna Dowing, Understanding China’s Belt and Road Initiative,  Sept 22, 2015, Center for American Progress, https://www.americanprogress.org/issues/security/reports/2015/09/22/121628/understanding-chinas-belt-and-road-initiative, accessed on 15/04/2018./

[xxix]

Alicia Garcia Herrero & Jianwei XU, Op.cit

[xxx]

Ariella Viehe, Aarthi Gunasekaran &Hanna Dowing, Op.cit.

[xxxi]

Ariella Viehe, Aarthi Gunasekaran &Hanna Dowing, Op.cit.

[xxxii]   وکالة شينخوا، (منتدى الطريق والحزام) 350 ألف طالب صيني يتعلمون في دول الطريق والحزام، 13-05-2017، http://arabic.news.cn/2017-05/13/c_136279471.htm، متوفر بتاريخ 12-06-2019

[xxxiii], وکالة شينخوا، مقالة خاصة : مبادرة الحزام والطريق تعزز التبادل التعليمي بين الصين ومصر، 26-12-2017، http://arabic.people.com.cn/n3/2017/1226/c31660-9308623.html، متوفرة بتاريخ 12-06-2019

[xxxiv]  وکالة شينخوا، نشر کتاب "الحزام والطريق: الاشخاص والقصص" بعدة لغات، 6 مارس 2017، http://arabic.people.com.cn/n3/2017/0506/c31664-9211837.html، متوفرة بتاريخ 12-06-2019

[xxxv].  وکالة شينخوا، الصين تعزز التعاون في الطب التقليدي الصيني مع دول الحزام والطريق، 24 ديسمبر 2017، http://arabic.news.cn/2017-12/24/c_136848663.htm، متوفرة بتاريخ 12-06-2019

[xxxvi]

Ariella Viehe, Aarthi Gunasekaran &Hanna Dowing, Op.cit.

[xxxvii]  Alice Ekam, Op.cit.

[xxxviii]                       Ibid

[xxxix] Gabrielle Desarnaud & John Seaman, OBOR AND Energy China’s Evolving Internationalization Strategy in Alice Ekman (&others), Threee Years of China’s New Silk Roads From Words to (Re) Actions?, Feb 2017, https://www.ifri.org/sites/default/files/atoms/files/ekman_et_al_china_new_silk_roads_2017.pdf, accessed on 11/10/2019

[xl]  Alice Ekam, Op.cit

[xli]  وکالة شينخوا، ( أهم الموضوعات / الصين ) مقالة خاصة: التعاون في العلوم والابتکار يفيد بلدان الحزام والطريق، 09-5-2017، http://arabic.news.cn/2017-05/09/c_136268721.htm، متوفر بتاريخ 12-06-2019

[xlii] Norman Bissett &  Bee Chun Boo, Challenges in the BRI region,  Baker McKenzie, https://www.bakermckenzie.com/en/people/b/boo-bee-chun, accessed on 11/10/2019

 

 [xliii] The Belt and Road Initiative: Country Profiles, http://china-trade-research.hktdc.com/business news/article/The-Belt-and-Road-Initiative/The-Belt-and-Road-Initiative-Country Profiles/obor/en/1/1X000000/1X0A36I0.htm, accessed on 11/10/2019

[xliv] Christinina Lin, the Belt & Road hina’s Long Term Visions in the middle East, Oct 2017, www.css.ethz.ch/gess/cis/center-for-security-studies/resources/docs/ispsw-512/20/in/pdf, accessed on 11/

[xlv] South China Morning Post, Diplomacy & Defense, Key Facts Behind Iran and Egypt as Xi Jin Ping Sig/ns Mega Oill Deals During hid Middle East Tour, 20 Jan 2016, www.scmp.com/news/china/diplomacy-defense/article/1903393/keyfacts-behind-china, accessed on 11/12/2018

[xlvi] أندرو سکوبيل وعليرظا نادر ، الصين في الشرق الأوسط التنين الحذر، مرکز راند للأبحاث، ورقة السياسة العربية، 2016، https://www.rand.org/ar/publications/politics-security.html، متوفرة بتاريخ 22 نوفمبر 2019

[xlvii]المرجع نفسه

[xlviii] Christinina Lin, the Belt & Road hina’s Long Term Visions in the middle East, Oct 2017, www.css.ethz.ch/gess/cis/center-for-security-studies/resources/docs/ispsw-512/20/in/pdf, accessed on 11/11/2020

[xlix] وکالة شينخوا، قائد قوات اليونيفيل يشکر الصين لدعمها قضية السلم والأمن الدوليين، 15-02-2018،  , http://arabic.news.cn/2018-02/26/c_137001125.htm، متوفرة بتاريخ 11 نوفمبر 2019

[l] U.S- China, Economic & Security Review Commission, Chapter 3: China and The World Section 1: China and the Middle East and North Africa , Annual Report , Nov 14, 2013 , https://www.uscc.gov/sites/default/files/Annual_Report/Chapters/Chapter%203%3B%20Section%201%20China%20and%20the%20Middle%20East%20and%20North%20Africa.pdf, accessed on 30/03/2018

[li]South China Morning Post, Diplomacy & Defense, Key Facts Behind Iran and Egypt as Xi Jin Ping Signs Mega Oill Deals During hid Middle East Tour, 20 Jan 2016, www.scmp.com/news/china/diplomacy-defense/article/1903393/keyfacts-behind-china,

[lii] Christinina Lin, Op.cit.

[liii] فرنسا 24، الصين تبلغ عن تسجيل حالات إصابة جديدة بفيروس کورونا شمال شرق البلاد، 10/05/2020، https://www.france24.com/ar/20200510-الصين-تبلغ-عن-موجة-جديدة-من-حالات-الإصابة-بفيروس-کورونا-شمال-شرق-البلاد، متوفر بتاريخ 16/05/2020.

[liv] العين الاخبارية، تسرب فيروس کورونا من معهد ووهان.. أمريکا تحقق والصين تنفي، 19/04/2020، https://al-ain.com/article/corona-virus-leaked-from-the-wuhan-institute-america-is-investigating-and-china-denies، متوفرة بتاريخ 15/05/2020.

[lv] وکالة الانباء الالمانية، أمريکا: نحو مليون إصابة وترامب لا يستبعد مطالبة الصين بتعويضات، 28/04/2020، https://www.dw.com/ar/أمريکا-نحو-مليون-إصابة-وترامب-لا-يستبعد-مطالبة-الصين-بتعويضات/a-53266975، متوفرة بتاريخ 15/05/2020.

[lvi] وذکر تقرير أمريکي أن الدعوى القضائية رفعتها مجموعة بيرمان القانونية في 12 مارس الجاري، متهمة الحکومة الصينية بعلمها المسبق بخطورة الأوضاع وإمکانية تحوّل المرض إلى وباء عالمي؛ لکنها لم تتصرف بطريقة مسؤولة وأخفت الأمر إلى أن أدى ذلک إلى انتشار الفيروس إلى خارج الصين وأزهق أرواح الآلاف من البشر. ويشير ملف الدعوى إلى أن القضية مرفوعة ضد الحکومة الصينية ومدينة ووهان ومقاطعة هوبي والعديد من الوزارات الحکومية کمدعىً عليهم، کما تضمّن الملف العديد من الوثائق التي أکدت الشرکة القانونية أنها تُدين الصين بعدم اتخاذها الإجراءات اللازمة وعدم منعها انتشار الوباء عالميًّا.

راجع:

خالد علي، دعوى قضائية تُطالب الصين بتعويضات مالية ضخمة بسبب "کورونا"، جريدة سبق الإلکترونية، 28 مارس 2020، \ https://sabq.org/vJtLBC، متوفرة بتاريخ 15/05/2020.

[lvii] OXFORD BUSI0NESS GROUP, How will the international Covid-19 outbreak impact the Belt and Road Initiative?, 20/04/2020, https://oxfordbusinessgroup.com/news/how-will-international-covid-19-outbreak-impact-belt-and-road-initiative, accessed on 13/05/2020.

 

[lviii] Xianbai Ji, Will COVID-19 Be a Blessing in Disguise for the Belt and Road?, China Power, 2/05/2020, https://thediplomat.com/2020/05/will-covid-19-be-a-blessing-in-disguise-for-the-belt-and-road/, accessed on 12/05/2020.

 

 [lix]  Wade Shepard, The Future of China's Belt And Road After The Coronavirus Pandemic : Will we still be talking about the New Silk Road when this is over?, On the New Silk Road, 28/04/2020, https://newsilkroad.substack.com/p/the-future-of-chinas-belt-and-road  , accessed on 13/05/2020.

 

[lx]Francisco Betti & Jun Ni, How China can rebuild global supply chain resilience after COVID-19,World Economic Forum, 23/03/2020,  https://www.weforum.org/agenda/2020/03/coronavirus-and-global-supply-chains/, accessed at 18/04/2020

[lxi]

Xianbai Ji, op.cit.

 [lxii]  Wade Shepard, op.cit.

[lxiii] Xianbai Ji, op.cit.

[lxiv]    Ibid.

[lxv] Mordechai Chaziza, Op.cit.

 

[lxvi] Xianbai Ji, op.cit.

[lxvii]

Bee Chun Boo (& others), How will COVID-19 affect China's Belt and Road Initiative?, World Economic Forum, 04/05/2020,  https://www.weforum.org/agenda/2020/05/covid-19-coronavirus-disrupt-chinas-bri/  , accessed on 11/05/2020.

[lxviii] Ashutosh Pandey   ,Coronavirus could force China to rein in Belt and Road ambitions, DW, 17/04/2020, https://www.dw.com/en/coronavirus-could-force-china-to-rein-in-belt-and-road-ambitions/a-53159033, accessed on 11/05/2020.

[lxix] Xianbai Ji, op.cit.

[lxx]  OXFORD BUSI0NESS GROUP, Op.cit.

[lxxi]  Wade Shepard, op.cit

[lxxii] Bee Chun Boo (& others), op.cit.

[lxxiii] Ashutosh Pandey , op.cit

[lxxiv]

Ksenia Svetlova, Will post-coronavirus world bring chill to Israel-China relations?, Al Monitor, 22/04/2020, https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2020/04/israel-china-us-benjamin-netanyahu-coronavirus-university.html , accessed on 11/05/2020.

 

[lxxv] Ibid