النظام الجزائري بين الغضب الشعبي وأزمة التجديد

نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة

المؤلف

کلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة

المستخلص

دخل الحراک الجزائري عامه الثالث على التوالي، إذ ترجع حالة الاحتقان الشعبي إلى عدة تراکمات سياسية واقتصادية تعبر عن أزمة متعددة الأبعاد يمر بها النظام السياسي الجزائري خلال السنوات الأخيرة. حتى الآن لايبدو النظام قادراً على تجديد نفسه، وقد فشلت حلوله التقليدية في امتصاص الغضب الشعبي، فالاحتجاجات استمرت بالتوازي مع الاستحقاقات الانتخابية والاجراءات المختلفة التي اتخذها النظام (حملة ضد الفساد، تعديلات دستورية ووزارية، حل مجلس النواب)، ولم تتوقف سوى بضعة أشهر بسبب إجراءات الحظر الصحي في أعقاب جائحة کورونا. بعد الإشارة إلى أهم جذور وملامح الحراک الشعبي الجزائري في ضوء أدبيات الحرکات الاجتماعية وتجارب الربيع العربي، يرکز البحث على استراتيجية النظام الجزائري في مواجهة الحراک، فيتطرق أولاً إلى التغييرات داخل النخبة الحاکمة التي سمحت بالتخلص من الوجوه الأکثر عرضه للسخط الشعبي وإعادة تدوير البعض الآخر، ثم إلى المرحلة الانتقالية وتغليب المسار الدستوري على المسار السياسي، وأخيراً يتطرق البحث إلى أهم التعديلات الدستورية، وذلک بناءاً على دراسة معمقة لدستور عام ٢٠٢٠ وما تم استحداثه من مواد، ومدى تلبية الأخيرة لمطالب الحراک. يخلص البحث إلى الأزمة المزدوجة التي يواجهها کل من النظام السياسي والحراک، وسيناريوهات الخروج من الأزمة الراهنة.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


 

المقدمة

 

عادت الاحتجاجات مجدداً إلى شوارع الجزائر منذ حلول الذکرى الثانية للحراک الشعبي الجزائري في منتصف فبراير ٢٠٢١، وتعالت هتافات « الجزائر حرة ديمقراطية »، « دولة مدنية »، و « الشعب يريد الاستقلال » مرة أخرى، وذلک مع تدفق الآلاف من جميع الأطياف إلى شوارع مدينة خراطة - مسقط رأس الحراک والواقعة في الشمال الشرقي من الجزائر - ثم إلى مدن أخرى وصولاً إلى العاصمة. برغم غياب الحراک عن الشوارع الأشهر الماضية بسبب قيود واجراءات حظر التجول لاحتواء جائحة کورونا إلا أنه لم يختفي أبداً في واقع الأمر، إذ استمرت بعض مجموعات الحراک في العمل والحشد عبر المنصات الالکترونية.

 

أثارت عودة الاحتجاجات إلى الشوارع قلق الرئيس عبد المجيد تبون - الفائز في الانتخابات الرئاسية في ديسمبر ٢٠١٩ [1] - ودفعته إلى اتخاذ مجموعة من القرارات للتهدئة. فقد دعى بعض الأحزاب السياسية إلى القصر الرئاسي لمناقشة التحديات السياسية الراهنة، وقام بتخفيفاجراءات حظر التجول، ثم أعلن حل مجلس النواب، قبل عام من الموعد المحدد لانقضاء دورته، وإجراء انتخابات تشريعية مبکرة (يونيو ٢٠٢١)، الأمر الذي کان متوقعاً بعد اعتماد التعديلات الدستورية[2] في نوفمبر ٢٠٢٠. کما تم إجراء تعديل وزاري لاستبدال بعض المسؤلين عن أهم الحقائب الاقتصادية مثل الطاقة، الصناعة والسياحة. لکن الأبرز من تلک الاجراءات هو العفو الرئاسي عن ما يقرب من ٦٠ معتقلاً من الصحفيين وناشطي الحراک الذين حُکم عليهم بأحکام قضائية، أو کانوا ينتظرون المحاکمة. لا يبدو أن هذه الاجراءات نجحت في استرضاء قوى الحراک والمعارضة، إذ استمرت المظاهرات الأسبوعية المطالبة برحيل النخبة الحاکمة بأکملها[3]. تبدأ الورقة بالاشارة إلى أهم جذور وملامح الحراک الشعبي الجزائري في ضوء أدبيات الحرکات الاجتماعية وتجارب الربيع العربي، ثم تتناول بالتحليل والتفصيل استراتيجية النطام وآلياته في مواجهة الحراک، وتخلص إلى الأزمة الراهنة لکل من النظام والحراک وتداعياتها.

 

جذور وملامح الحراک الجزائري

 

أثار إعلان ترشح الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة موجة من الغضب، إذ خرج الآلاف في منتصف فبراير ٢٠١٩ إلى شوارع المدن الصغيرة ومتوسطة الحجم شمال شرق الجزائر لرفض  إعادة ترشحه للرئاسة وللتنديد بفساد منظومة الحکم، وقد وصل الحراک ذروته يوم ٢٢ فبراير عندما خرج الآلاف إلى شوارع العاصمة، فعد هذا اليوم بدايةً للحراک الشعبي الجزائري. هذا وإن أشعلت قضية الانتخابات الرئاسية شرارة الحراک، إلا أن حالة الاحتقان الشعبي ترجع إلى عدة تراکمات سياسية واقتصادية تعبر عن أزمة متعددة الأبعاد يمر بها النظام السياسي الجزائري خلال السنوات الأخيرة.  

 

فمن ناحية، أثر الصراع بين أجنحة الحکم على صورة النظام وأصاب تماسکه في مقتل، وذلک بعد مرض الرئيس السابق بوتفليقة الذي أصيب بجلطة دماغية عام ٢٠١٣ حالت دون ممارسته لمهامه ومن التواصل مع المواطنين خلال فترة ولايته الرابعة. سمح ذلک بازدياد نفوذ الدائرة المقربة من بوتفليقة، خاصة شقيقه سعيد وحلفائه من رجال الأعمال، وذلک دون أي سند قانوني أو دستوري. کما حال الصراع بين أجهزة الحکم دون قدرتهم على التوافق على خليفة للرئيس السابق، مما برر محاولة مد عهدته الرابعة أو إعادة ترشحه لعهدة خامسة[4]. وقد عزز الرفض الشعبي لاستمرار حکم بوتفليقة تورط الکثير من رموز النظام في قضايا فساد بالإضافة إلى تکلس النخبة السياسية واستئثار جيل المجاهدين - الذين شارکوا في حرب التحرير من الاستعمار الفرنسي - بالمناصب العليا لفترات طويلة في بلد معظم سکانه دون سن الثلاثين[5].

 

على صعيد آخر، زاد سخط الجزائريين من جراء تدهور أحوالهم المعيشية، نتيجة انخفاض قوتهم الشرائية مع ارتفاع أسعار السلع وانخفاض قيمة العملة أمام الدولار. فقد أدى تدهور أسعار النفط العالمية منذ ٢٠١٤ إلى تراجع عائداته - التي تشکل قرابة ٦٠٪ من دخل الجزائر- وانخفاض قدرة الدولة على إعادة التوزيع وتمويل الدعم، مما اضطرها إلى خفض النفقات ورفع الضرائب وأسعار المحروقات. بالرغم من اتساع الفجوة بين العائدات والنفقات، والاعتماد بشکل أساسي على احتياطي العملات الأجنبية لتمويل النفقات خلال السبع سنوات الماضية، إلا أن النظام لم يجرؤ على إلغاء الدعم نظراً لارتفاع الکلفة الاجتماعية لبرامج الإصلاح الهيکلي. فوفقاً لخبراء البنک الدولي، يجب أن يصل سعر برميل النفط إلى ١٣٥ دولار لکي يستمر الجزائر في نفس معدلات الانفاق، وهو أبعد ما يکون عن السعر الحالي الذي وصل في أعلى معدلاته إلى ٦٠ دولار للبرميل[6]

 

بالرغم من فداحة الأزمة الاقتصادية وانعکاساتها السلبية علي العقد الاجتماعي - الذى سعى من خلاله النظام إلى کسب رضا المواطنين من خلال الاغداق في الانفاق الاجتماعي - ُعدت أسباب الحراک سياسية بامتياز، وقارنه المحللون بما عرف ب«الثورات الملونة » التي شهدتها دول أوروبا الشرقية ووسط آسيا في بدايات القرن الواحد والعشرين. قامت هذه الثورات للتنديد بعمليات انتخابية قادتها نظم تسلطية لتأکيد شرعيتها وتمديد الوضع القائم، وقد دفع الحراک هذه النظم إلي إعادة النظر في نتائج الانتخابات وحسمها لصالح أحزاب المعارضة. إلا أن الحراک الجزائري يختلف عن « الثورات الملونة » کون الاحتجاجات اندلعت قبل عقد الانتخابات الرئاسية وليس في أعقابها، کما أنه غير مؤطر ولم يرتبط بأحزاب المعارضة أو أي منظمات مجتمع مدني قائمة[7].

 

يتميز الحراک في الجزائر بمجموعة من الخصائص تجعله أقرب في سماته وهيکله إلى ثورات « الربيع العربي » أکثر من « الثورات الملونة ». فقد اتسم بطابعه السلمي، العابر للطبقات، والأجيال والايديولوجيات. وهو بلا رأس ولا قيادة کي لا تصادر جماعة واحدة على حق المحتجين في التعبير عن أنفسهم، کما يجعله ذلک أکثر قدرة على الحشد والتعبئة کونه لا يرتبط بتيار أو حزب سياسي بعينه، وإن عد ذلک أيضاً من مواضع ضعفه کما سنوضح لاحقاً[8]. تدرجت مطالب الحراک وصارت مع الوقت أکثر راديکالية، فانتقلت من معارضة العهدة الخامسة لبوتفليقة ورفض الفساد، إلى المطالبة برحيل النخبة الحاکمة وتغيير النظام برمته. وعلى اختلاف مطالب الحراک، اتفقت ضمنياً القوى المختلقة المشارکة فيه على مجموعة من المطالب منها إقامة دولة قانون تحترم الحقوق والحريات الفردية والجماعية، خلق آليات لإشراک المواطنين في الشأن العام وتحقيق مزيد من الشفافية، فصل السلطات وتقليل صلاحيات رئيس الجمهورية[9].

 

حقق الحراک انتصارات صغيرة، بدأت بإلغاء فکرة العهدة الخامسة، ثم اجبار بوتفليقة على التنحي (في ٢ أبريل ٢٠١٩)، وتأجيل الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها من إبريل إلى يوليو ثم إلى ديسمير ٢٠١٩. فقد شکلت هذه الاحتجاجات غير المهيکلة نمطاً جديداً لم يألفه النظام الجزائري، فتفاعل معها في البداية بشکل شبه ارتجالي، خاصة في ظل غياب قوى المعارضة التقليدية التى اعتاد النظام استمالتها أو قمعها، إذ کانت مشارکتها ثانوية في الحراک، وعليه اضطر النظام التوجه مباشرة للرأي العام وإيجاد حلول مرضية للحراک الشعبي. إلا أن طابع الأخير السلمي والمتقطع (يومي الجمعة والثلاثاء)، لم يستنزف تماماً موارد النظام وترک له المجال لاعادة ترتيب أوراقه. يحلل الجزء التالى من الورقة استراتيجية النظام الجزائري في مواجهة الحراک من خلال مجموعة من الآليات للحفاظ على استمراريته، فيتطرق أولاً إلى التغييرات داخل النخبة الحاکمة، ثانياً إلى فرض المسار الدستوري، ثالثاً إلى أهم التعديلات الدستورية ومدى تلبيتها لمطالب الحراک.

 

استراتيجية النظام في مواجهة الحراک

 

أولاً التغييرات داخل النخبة الحاکمة

 

اختار أرکان النظام، وتحديداً المؤسسة العسکرية[10] التي أثرت بشکل ملحوظ على إدارة المرحلة الانتقالية أو مرحلة ما بعد بوتفليقة، التضحية بالوجوه الأکثر عرضه للسخط الشعبي والتي استخدمت ککبش فداء ليحتفظ الجزء الآخر من النخبة بالسلطة ولتقل حدة الاحتجاجات الشعبية، وبالتالي يصعب الحديث عن تغيير للنظام، کما يحدث في أعقاب الثورات الکبرى، ولکن عن إعادة تنظيم داخلي للنخبة الحاکمة سمحت بالتخلص من بعض مراکز القوى والإبقاء على البعض الآخر في السلطة. فقد فتحت ملفات الفساد وتم تقديم عدد من رؤوس النظام ورموزه للعدالة في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي[11].

 

بدأت « الحملة ضد الفساد » بالقبض علي سعيد بوتفليقة - شقيق الرئيس السابق - وعلى رئيس المخابرات الحربية الأسبق اللواء محمد مدين (المعروف بالجنرال توفيق) وخليفته في المنصب نفسه اللواء عثمان طرطاق، واتهموا ب « التآمر على سلطة الجيش والدولة »[12]. کما شملت القائمة رئيسي الوزراء السابقين أحمد أويحي وعبد المالک سلال لتورطهما في قضايا فساد (منح امتيازات غير مبررة للغير، تبديد الأموال العامة، تبييض الأموال)، و ُحکِم بالسجن بتهم مماثلة على عدد من الوزراء السابقين وکبار الموظفين[13]. وتم القبض کذلک على رجل الأعمال علي حداد وأشقائه (شرکائه)، الذي کان يشغل منصب رئيس منتدى رجال الأعمال الجزائيين وأکبر ممول لحملة بوتفليقة الانتخابية. ُحکِم على حداد بالسجن لمدة ١٨ عاماً بتهم « الحصول على صفقات ضخمة من الحکومة بدون احترام القوانين » و « تبديد المال العام وإساءة استغلال الوظيفة وتعارض المصالح والرشوة في مجال إبرام الصفقات العمومية »[14]. ولقى الأخوة کونيناف أصحاب شرکات المقاولات والاتصالات الضخمة، والذين تعاظمت ثروتهم في عهد بوتفليقه بحکم علاقتهم الشخصية بشقيقه سعيد، نفس مصير حداد، فقد تمت محاکمتهم بتهم « تبييض الأموال الناجمة عن جرائم الفساد والتمويل الخفي لأحزاب سياسية وتحريض موظفين عموميين على استغلال النفوذ »[15].

 

بالإضافة للحملة ضد الفساد التي طالت بعض رموز نظام بوتفليقة - الذين صدرت في حقهم أحکام بالسجن سيغيبون بمقتضاها (ربما إلى الأبد) عن الساحة السياسية - شهدت النخبة الجزائرية عملية إعادة تدوير سمحت بالإبقاء على بعض الوجوه القديمة في مناصب جديدة. يکفي النظر إلى الشخصيات المرشحة للانتخابات الرئاسية في ديسمبر ٢٠١٩، فهم إما تولوا مناصب وزارية أثناء حکم بوتفليقة، أو تولوا قيادة أحزاب کانت جزء من التحالف الحاکم أو على الأقل کانوا جزءاً من المشهد السياسي في السنوات السابقة. فعبد المجيد تبون قد شغل عدة مناصب وزارية منها السکن والعمران، الاتصال، والتجارة. وقد تولى رئاسة الحکومة عام ٢٠١٧، لثلاثة أشهر فقط نظراً لخلافاته مع النخبة الاقتصادية التي کانت تحيط بسعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، حيث رفض تبون تغلغل رجال الأعمال في مؤسسات الحکم، ومحاولة التأثير على قرارات الدولة السيادية. والمرشح الثاني علي بن فليس، بدأ حياته السياسية داخل حزب جبهة التحرير الذي ترأس أمانته العامة، وقاد الحملة الانتخابية للرئيس السابق بوتفليقة عام ١٩٩٩، ثم عُين رئيساً لديوان رئيس الجمهورية ثم رئيساً للوزراء حتى ٢٠٠٣. وأعلن بن فليس معارضته لنظام بوتفليقة بعد إقالته من رئاسة الحکومة، وخاض السباق الرئاسي کمعارض في انتخابات ٢٠٠٤ ثم ٢٠١٤ التي اتهم فيها السلطات بتزوير الانتخابات، وأسس حزب طلائع الحريات عام ٢٠١٥. أما المرشح الثالث عز الدين ميهوبي، فهو يُعد عضواً مؤسساً لحزب التجمع الديمقراطي (شريک حزب جبهة التحرير الحاکم في السلطة). وقد عمل وزيراً للثقافة في حکومة بوتفليقة الأخيرة التي استقالت في مارس ٢٠١٩، لذا اتهمه الحراک بأنه امتداد لنظام بوتفليقة، خاصة أنه کان عضواً في الحکومة التي أطاحت بها الاحتجاجات الشعبية. يضاف المرشح الإسلامي الوحيد عبد القادر بن قرينة أيضاً إلى قائمة المسؤلين السابقين. فهو من مؤسسي حرکة مجتمع السلم المحسوبة على تيار الإخوان المسلمين الجزائري، ولکنه انشق عن حرکة مجتمع السلم ويرأس منذ ٢٠١٨ حرکة البناء الوطني (المعروفة بطابعها البراجماتي المحافظ). وقد تقلد عدة مناصب حکومية أبرزها نائب رئيس البرلمان، ووزير السياحة والصناعات التقليدية. ويأتي أخيراً المرشح عبد العزيز بلعيد، وهو برلماني سابق فاز بولايتين من خلال ترشحه على قوائم حزب جبهة التحرير قبل أن ينشق عنه لاختلافه مع توجهاته وأسس عام ٢٠١٢ حزب جبهة المستقبل[16].

 

طبقت آلية إعادة تدوير الوجوه القديمة کذلک على أول حکومة تشکلت بعد فوز الرئيس الجزائري الحالي عبد المجيد تبون، المرفوض من الحراک باعتباره هو نفسه امتداداً للنظام القديم، فقد ضمت حکومة عبد العزيز جراد (يناير ٢٠٢٠) بعض الوزراء من حکومة أحمد أويحي (الأخيرة قبل تنحي بوتفليقة)، کما احتفظت ببعض الوجوه من حکومة نور الدين بدوي (مارس-ديسمبر ٢٠١٩)[17]، وخاصة وزير العدل بلقاسم زغماتي، الذي يعتمد عليه الرئيس تبون في حملته ضد رؤوس الفساد[18]. إن کانت هذه الحملة قد استجابت وأرضت جزء من مطالب الحراک، إلا أن ما تم من إعادة تدوير للوجوه القديمة وعدم رحيل بعض الذين طالب الحراک بإخراجهم من المشهد السياسي، عده الحراک التفافاً على مطالبته برحيل کل النخبة الحاکمة وفقاً لشعاره الشهير بالدارجة الجزائرية « يتنحاو قاع » أو « ليتنحوا جميعاً ».  

 

ثانياً انقسام الحراک وفرض المسار الدستوري

 

ينتمي الحراک الجزائري لنمط الحرکات الاجتماعية الذي وصفه عالم الاجتماع أصف بيات ب « اللاحرکات »  (non-movements) وهو يتميز بکونه بلا قيادة، بلا أيدلوجية واضحة، وبلا هيکل تنظيمي هرمي، ولکن تفوق قدرته على الحشد الجماهيري قدرة الأحزاب والمنظمات التقليدية[19]. بالرغم من تحقيق الحراک الجزائري لبعض النجاحات، لکنه غير قادر على تأطير نفسه، أو طرح خارطة طريق أو مشروع سياسي يتفق عليه جميع أطيافه. فالحراک انقسم على نفسه بخصوص علاقته بالسلطة وبأحزاب المعارضة، وبخصوص مسار المرحلة الانتقالية.

 

عمد الحراک في البداية عدم اختيار من يتحدث باسمه خوفاً من أن تحتکر فئة أو جماعة تحديد مصيره. لکن سرعان ما تعالت دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي تطالب بهيکلة الحراک وإنشاء ما سمي آنذاک ب« التحالف المدني لدعم التغيير السلمي » وهدفه تغيير النظام ککل برکائزه وسياساته بدلاً من تغيير الوجوه فقط. لکن الحراک واجه صعوبة في اختيار أعضاء للتحالف والاتفاق على الأسماء المرشحة، وذلک نظراً لترکيبته المتنوعة التي تضم فئات مختلفة سياسياً وثقافياً وعرقياً[20]. وفي سياق مماثل طالب قسم من الحراک الانضواء تحت مظلة کيانات سياسية قائمة مثل « ائتلاف قوى البديل الديمقراطي »[21]، وذلک ليجد الحراک من يحمل مطالبه ويتفاوض مع السلطة للخروج من الأزمة، الأمر الذي رفضه قسم کبير من الحراک الذي لا يعول على المعارضة لمرارة تجارب سابقة تعاونت فيها الأخيرة مع السلطة، کما يرفض جزء من الحراک فکرة التفاوض مع سلطة يعتبرها غير شرعية من الأساس ويتمسک بتغيير النظام برمته[22]

امتد الانقسام ليشمل مسار المرحلة الانتقالية بعد تنحي بوتفليقة، فطرح مسارين أولهما دستوري والثاني سياسي. المسار الدستوري الذي تضمنته مبادرة رئيس الأرکان السابق أحمد قائد صالح يدعو لإعمال المادة ١٠٢ من دستور ٢٠١٦ [23]، مما يعني أن تذهب السلطة إلي رئيس مجلس الأمة آنذاک عبد القادر بن صالح لمدة ٩٠ يوماً يتم خلالها التجهيز لانتخابات رئاسية في ظل حکومة تصريف الأعمال برئاسة نور الدين بدوي. أيد هذا الاتجاه قطاع محدود داخل الحراک الشعبي خوفاً من عدم الاستقرار في حالة الأخذ بالمسار السياسي. نادى القسم الأعظم من الحراک بفترة انتقالية يتم على إثرها حل البرلمان، تعديل الدستور وعزل رموز النظام السابق، ثم الدعوة لانتخابات والشروع في بناء نظام جديد. إلا أن انصار هذا المسار السياسي لم يتفقوا على مضمونه وخطواته، وجاءت اقتراحات مختلفة لادارة المرحلة الانتقالية مثل تشکيل مجلس رئاسي من ٣-٤ شخصيات، إعطاء دور للمجلس الوطني الأعلى للأمن، أو تنويعات أخرى على فکرة القيادة الجماعية[24].

 

في ظل وجود سلسلة انقسامات داخل الحراک، تم تغليب المسار الدستوري الذي عضضته المؤسسة العسکرية والنخب التقليدية تجنباً لحدوث فراغ يهدد استقرار البلاد. وعقدت الانتخابات الرئاسية في ١٢ ديسمبر ٢٠١٩، بالرغم من تنامي دعوات المقاطعة، وسط تخوف الرافضون للانتخابات من التزوير لسيطرة بعض رموز النظام السابق على أرکان السلطة، فضلاً عن ذلک قام بعض المحتجين بممارسة العنف اللفظي ضد المرشحين ومهاجمة مقراتهم الانتخابية، کما  ُوجهت الانتقادات لمن أدلوا بأصواتهم في الانتخابات. فاز المرشح الرئاسي عبد المجيد تبون بقرابة ٥٨٪ من الأصوات في ظل هذه الأجواء المتوترة وبنسبة مشارکة ٣٩٪، وهي نسبة قليلة نسبياً خاصة أن المشارکة في منطقة القبائل التي تسکنها الأقلية الأمازيغية تراوحت بين صفر و١٪، الأمر الذي يضع شرعية الرئيس الجديد على المحک ويعقد تنفيذ وعوده الانتخابية التي تبدأ بتعديل الدستور[25].

 

ثالثاً التعديلات الدستورية

 

يعد اقرار دستور جديد للبلاد أو تعديل الدستور الساري طقساً سياسياً جزائرياً بامتياز، حيث حرص کل رئيس على وضع لمسته الدستورية. إلا أن هذه المرة کان تعديل الدستور أمراً ملحاً لمجاراة التوجه الشعبي بعد حراک فبراير ٢٠١٩، وضرورة الحشد وراء مشروع سياسي قوامه نص دستوري جديد يلبي (ولو رسمياً) مطالب الحراک. ُقدمت هذه التعديلات - کما ورد في ديباجة الدستور- على أنها ترجمة لطموحات « الحراک الشعبي الأصيل »، وخطوة نحو بناء « جزائر جديدة »، غير أنها جاءت بعيدة عن محاور التغيير والرؤية الأولية التي طرحها الرئيس تبون، وعن تطلعات المواطنين المنتفضين، کما سنوضح في السطور التالية. 

 

أولاً کرست التعديلات هيمنة السلطة التنفيذية على باقي السلطات، وخاصة سلطة رئيس الجمهورية الذي أعطته صلاحيات واسعة. احتفظ التعديل بطبيعة النظام السياسي الشبه رئاسي، وتم العدول عن منصب نائب الرئيس الذي تضمنته المسودة الأولى لما تعرض له من انتقادات بسبب عدم تضمين النص أي ضوابط تقيد تعيين رئيس الجمهورية لنائب له، إلى جانب کونه غير منتخب من الشعب[26]. وقد أضاف دستور ٢٠٢٠ صلاحيات جديدة لرئيس الجمهورية، لم يتضمنها دستور ٢٠١٦، من أهمها أن يقرر « إرسال وحدات من الجيش الوطني الشعبي إلى خارج الوطن بعد مصادقة البرلمان بأغلبية ثلثي أعضاء کل غرفة من غرفتي البرلمان » (مادة ٩١)، وهي سابقة في تاريخ الجزائر التي منعت دساتيرها القوات الجزائرية أن تقاتل خارج حدودها، کون عقيدة الجيش منذ الاستقلال (عام ١٩٦٢) تؤکد أن مهمة القوات تنحصر في الدفاع عن الحدود، لذا لم يتم ارسال العسکريين الجزائريين خارج الحدود إلا فيما ندر[27]. ومن ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية کذلک أن يقوم بتعيين « الوزير الأول أو رئيس الحکومة حسب الحالة وينهي مهامه » (مادة ٩١)، يفهم ضمنياً أن رئيس الحکومة ينتمي للأغلبية البرلمانية[28]، وهو مطلب من مطالب المعارضة، إلا أن تعيينه من قبل رئيس الجمهورية يفقد الأغلبية البرلمانية فحواها. کما يثير النص بعض البلبلة باستخدام مصطلحين للإشارة لنفس المنصب، فإذا فاز بالأغلبية حزب رئيس الجمهورية صرنا أمام وزير أول وإذا فاز بالأغلبية حزب آخر غير حزب رئيس الجمهورية صرنا أمام رئيس للحکومة. ويعين رئيس الجمهورية أعضاء الحکومة باقتراح من الوزير الأول أو رئيس الحکومة (المادة ١٠٤)، ولکن نظراً لکون الأخير يعينه رئيس الجمهورية فمن النادر عدم التفاهم على تسمية الوزراء. لرئيس الجمهورية کذلک « أن يشرع بأوامر في مسائل عاجلة في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني » (مادة ١٤٢)، کما يمکنه حل الأخير - المنتخب من الشعب - وإجراء انتخابات تشريعية مبکرة وذلک بعد مشاورة کل من رئيس مجلس الأمة، رئيس المحکمة الدستورية، والوزير الأول أو رئيس الحکومة (المادة ١٥١)[29]. کما يقوم رئيس الجمهورية بتعيين ثلث أعضاء المحکمة الدستورية بمن فيهم رئيسها (المادة ١٨٦)، ويأتي ذلک حتماً على حساب استقلالية أعضائها، وتمنح المادة ٢٠١ للرئيس سلطة تعيين رئيس وأعضاء السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات وهي الجهة التي تشرف على وتنظم کافة الانتخابات بما فيها الانتخابات الرئاسية وعمليات الاستفتاء[30]. هذا بالإضافة إلى ما ورد في المادة ٢٢١ - المنقولة من دستور عام ٢٠١٦- والخاصة بإمکانية تعديل الدستور دون المرور على الاستفتاء الشعبي وذلک إذا « ارتأت »المحکمة الدستورية أن التعديل الرئاسي لا يمس المبادئ العامة للمجتمع والحقوق والحريات وتوازنات السلطات والمؤسسات[31]. أخيراً تتناول المادة ٩٤ - وهي تکرار للمادة ١٠٢ من دستور ٢٠١٦ - مشکلة مرض الرئيس، فتنص على أنه « إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، تجتمع المحکمة الدستورية بقوة القانون وبدون أجل، وبعد أن تتثبت من حقيقة هذا المانع بکل الوسائل الملائمة »، وتکلف في هذه الحالة رئيس مجلس الأمة بمهام رئيس الجمهورية بعد موافقة ثلثي أعضاء البرلمان[32]. يکمن موضع الخلاف حول هذه المادة في صعوبة تطبيقها في ظل انعدام الشفافية والتکتم على مرض الرئيس کما حدث في السنوات الأخيرة من حکم بوتفليقة، فسيکون من الصعب أن تقوم جهة طبية باخطار المحکمة الدستورية بخطورة مرض الرئيس کما سيتعذر التأکد من هذه الادعاءات. ولسوء الحظ، أصيب الرئيس تبون بفيروس کورونا أثناء الاعداد للاستفتاء على التعديلات الدستورية، وفي تشابه تام مع غياب بوتفليقة عن الحياة العامة، سافر الرئيس البالغ من العمر ٧٥ عاماً إلى ألمانيا، وبقي هناک ثلاثة أشهر لتلقي العلاج الطبي دون الکشف عن طبيعة مرضه ووسط تعتيم تام من وسائل الاعلام المحلية. استحضر الجزائريون في هذه الأثناء مشاهد من الأيام الأخيرة لبوتفليقة، الأمر الذي زاد من أزمة عدم الثقة في النخبة الحاکمة وفي امکانية تطبيق المادة ٩٤، إذا لزم الأمر.

 

ثانياً حاولت التعديلات الدستورية مغازلة المجموعات الأمازيغية - التي تشکل بين ٢٠-٣٠٪ من السکان في ظل تفاوت الاحصاءات -، فاعترفت بالتمازيغت (إحدى اللهجات الأمازيغية) کلغة وطنية ورسمية، إلى جانب اللغة العربية التي تظل اللغة الرسمية للبلاد (مادة ٤)[33].  ُأدخل هذا التعديل أساساً على نص دستور ٢٠١٦، وعلى الرغم من احتفاظ دستور ٢٠٢٠ بالمادة نفسها، إلا أنها قد أثارت جدلاً وتعرضت لعدة انتقادات من أطراف مختلفة، کون دستور ٢٠١٦  ُعد باطلاً فهو لم يعرض على استفتاء شعبي (بخلاف دستور ٢٠٢٠) ولکن أجيز فقط من البرلمان بمجلسيه.

 

جاءت الانتقادات من داخل الأوساط الأمازيغية نفسها، فانتقد البعض التحيز للتمازيغت على حساب لهجات أمازيغية أخرى، کما اعتبر المنتقدون أن المواد التي تصف التمازيغت کلغة رسمية دون تحديد إطار قانوني يسمح بالنهوض بها هي مجرد تدابير سطحية ومراوغة لمحاولة استرضاء المجموعات الأمازيغية. کما رفضت الأحزاب الأمازيغية الکبرى - بالأخص حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وحزب جبهة القوى الاشتراکية - التعديلات الدستورية برمتها لأنها حدثت بشکل فوقي وکان يجب أن تتم عن طريق لجنة منتخبة من الشعب وليس عن طريق لجنة معينة من قبل رئيس الجمهورية. وبناءاً على ذلک رفضت هذه الأحزاب العملية الدستورية لکونها اقصائية، تمت من أعلى إلى أسفل، کما أن المشاورات مع ممثلي المجتمع المدني تمت بشکل انتقائي مع کيانات اختارها الرئيس وداعمة لانتخابه[34].

 

من ناحية أخرى وصف القوميون العرب الاعتراف بالتمازيغت کلغة وطنية ورسمية بالإجراء الکارثي الذي سيؤدي إلى القضاء التام على اللغة والثقافة العربية في الجزائر، خاصة في ضوء تحصين هذه المادة من أي تعديل دستوري محتمل في المستقبل، إذ تحصن المادة ٢٢٣ عدد من المسائل من أي تعديل دستوري ومن ضمنها اعتبار التمازيغت لغة وطنية ورسمية[35]. عزز من هذه المخاوف المادة ١٧ التي قد تفتح المجال للمطالبة بالأخذ بالنظام الفيدرالي خاصة في البلديات التي يسکنها الأمازيغ، حيث تنص المادة على أنه بغرض تحقيق توازن اقتصادي واجتماعي للبلديات محدودة التنمية، « يمکن أن يخص القانون بعض البلديات بتدابير خاصة ». فمن ناحية اعترفت المادة ٤ بالخصوصية الثقافية للأمازيغ، ومن ناحية أخرى سمحت المادة ١٧ بنظام إداري خاص في البلديات قليلة التنمية والتي من ضمنها البلديات التي يسکنها الأمازيغ، مما أثار حفيظة أطراف عدة سواء القوميون العرب أو المعارضون ل« فدرلة » الجزائر واضعافه[36].  

 

 ثالثاً قامت التعديلات باضفاء صفة الدستورية على عدد أکبر من الحقوق العامة لمسايرة المعايير الدولية الحديثة والمواثيق ذات الصلة. فلقد کفل الدستور للمرة الأولى الحق في الحياة (المادة ٣٨)، کذلک تضمنت التعديلات لأول مرة النص على حماية المرأة من کل أشکال العنف في کل الأماکن والظروف وفي المجالين المهني والخاص (المادة ٤٠)، وتم ذکر التعذيب صراحة ضمن الجرائم التي يعاقب عليها القانون کما أضيف الاتجار بالبشر إلي تلک الجرائم (المادة ٣٩). کذلک جرى تفصيل بعض الحقوق المدنية والسياسية مثل الحق في التنظيم - أي تکوين الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني - وإحاطته بمزيد من الضمانات القانونية (المادتان ٥٣ و٥٧)[37]، وضمان ممارسة حرية الاجتماع وحرية التظاهر السلمي بمجرد التصريح (المادة ٥٢). کما أکد الدستور أنه لا يجوز أن يتابع، يوقف أو يحجز أحد إلا وفقاً للشروط المحددة بالقانون، مع إضافة أنه يتعين إعلام کل شخص موقوف بأسباب توقيفه (المادة ٤٤). أخيراً کفل الدستور مجموعة من الحريات مثل حرية ممارسة العبادات، والحق في حرية الرأي والتعبير(المادة ٥١)، وحرية الصحافة عبر کل الوسائل المکتوبة والسمعية البصرية والإلکترونية (المادة ٥٤)[38].

 

ولعل المفارقة أنه بالرغم من إقرار وضمان الدستور للحق في التظاهر وحرية الرأي والتعبير والصحافة عبر وسائل مختلفة، تعاملت السلطات الجزائرية بشکل قمعي مع الحراک، فتم اعتقال شخصيات بارزة من صحفيين، وناشطين ورموز للحراک، کما تم تعطيل مواقع صحفية. کذلک تم ادخال تعديل على قانون العقوبات (إبريل ٢٠٢٠) سمح بمعاقبة کل من « ينشر ويروج أنباء کاذبة » بهدف « المساس بالنظام والأمن العموميين » بالحبس من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات. اعتبر النشطاء هذا القانون ذريعة لقمع حرية التعبير، بما أن قسم کبير من المعتقلين تم توقيفهم لنشرهم منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد السلطات الجزائرية وخاصة الرئيس والمؤسسة العسکرية، بينما اعتقل آخرون بعد مشارکتهم في الاحتجاجات[39]. أدى قمع حرية التعبير والحکم  بالسجن في حق صحفيين ونشطاء بارزين مثل الصحفي خالد درارني، بتهمتي « المساس بالوحدة الوطنية » و « التحريض على التجمهر غير المسلح »، وعلى کل من الناشطين سمير بلعربي وسليمان حميطوش، إلى زيادة الغضب العام من نظام يعتبره الکثيرون غير شرعي[40]. کذلک فيما يخص المواد المرتبطة بالحقوق والحريات، أثارت المادة ٦٧ جدلاً، إذ تشير إلى المساواة بين جميع المواطنين في تقلد وظائف الدولة، ولکنها تستثني منها « المهام والوظائف العليا ذات الصلة بالسيادة والأمن الوطنيين »، مما ينطوى على تمييز بين المواطنين ويتعارض مع مواد أخرى تؤکد على المساواة بين المواطنين أمام القانون وعدم التمييز بينهم لأي سبب. 

 

رابعاً في محاولة لمجاراة مطالب الحراک ولمواکبة وعود الرئيس تبون بتفعيل آليات الوقاية من الفساد وإبعاد نفوذ المال عن تسيير الشؤون العامة، خصص الباب الرابع من الدستور لمؤسسات الرقابة. قام هذا القسم بتفصيل مهام وصلاحيات بعضها مثل المحکمة الدستورية، مجلس المحاسبة للرقابة على الممتلکات والأموال العامة، والسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات. کما تم استحداث کيانات مثل السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومکافحته، وهي هيئة مستقلة منوطة بوضع « استراتيجية وطنية للشفافية » والسهر على تنفيذها، کما تتولى « جمع ومعالجة وتبليغ المعلومات المرتبطة بمجال اختصاصها ووضعها في متناول الأجهزة المختصة »، بالإضافة لمهام أخرى تناولتها بالتفصيل المادة ٢٠٥ [41]. إن کان تخصيص باب کامل من الدستور لأجهزة الرقابة هو أمر في حد ذاته محمود، إلا أن فاعلية کل هيئات الرقابة ستظل خاضعة للإرادة السياسية للسلطة.

 

نستخلص مما سبق أن التعديلات لم تحدث من خلال عملية تأسيسية تشارکية، بل أوکل الرئيس تبون هذه المهمة إلي لجنه من الخبراء الدستوريين برئاسة أحمد لعرابة، الذي أسند إليه بوتفليقه المهمة نفسها في السابق[42]. وجاءت  التعديلات مغايرة لمحاور التعديل التي طرحها الرئيس تبون ووعوده بتحقيق توازن بين السلطات، کما تناقضت مع مطالب الحراک بتعزيز الفصل بين السلطات وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، التي على العکس تماماً قد غالى دستور ٢٠٢٠ في توسيعها. وعلى الرغم من محاولة التعديلات استمالة الأقلية الأمازيغية، و« دسترة » المزيد من الحقوق لمجاراة المعايير الدولية، إلى جانب استحداث آليات للرقابة ومحاربة الفساد، إلا أن هذه الإجراءات مازالت محدودة الفاعلية ولم تنعکس على الممارسات اليومية للسلطة. وقد حظى الدستور الجديد بمبارکة أحزاب الموالاة ومنظمات المجتمع المدني المقربة من السلطة، ورفضته معظم قوى المعارضة والحراک، فبالاضافة إلى المؤاخذات التي سبق الإشارة إليها بخصوص عملية صياغة الدستور بشکل فوقي، أتى النص مخيباً للآمال المتعلقة ببناء « جزائر جديدة »، إذ لم يحمل تغييرات عميقة في ملامح النظام السياسي الجزائري، مما يومئ باستمرار حالة الاحتقان وأزمة غياب الثقة[43].

 

الخاتمة: الازمة المزدوجة للنظام والحراک

 

 يعاني الرئيس تبون من أزمة شرعية، وذلک في ظل رفض قطاعات واسعة من الشعب والمعارضة للعملية الانتخابية التي أتت به إلى السلطة، إذ قاطعها قرابة ٦٠٪ ممن يملکون حق التصويت واستمرت التظاهرات بالتوازي مع انتخابه، مما أثر على مصداقيته کرئيساً جديداً للبلاد. اعتبر تبون التعديلات الدستورية بمثابة طوق نجاة للحد من زخم الحراک، بل وسيلة لإنهاء الحراک والمضي قدماً من خلال إرساء قواعد جديدة للنظام وفقاً لمحاور التغيير التي وعد بها. ولکن على عکس المأمول، فاقم الدستور الجديد والاستفتاء عليه - الذى لم يشارک فيه سوى ٢٣٪ ممن يملکون حق التصويت، وهي نسبة هزيلة للغاية بالمقارنة باستحقاقات سابقة بالجزائر- من أزمة الشرعية التي يعاني منها النظام[44].

 

وکما سبقت الإشارة، لا يعد القيام بتعديلات دستورية طقساً جديداً، فقد لجأ إليه رؤساء سابقون ومنهم بوتفليقه، إلا أن الأخير کان قادراً على تحسين الأوضاع المعيشية لملايين من الجزائريين بالاعتماد على عائدات النفط المرتفعة، والاستقواء برجال الأعمال الذي تمتع بعلاقات مميزة معهم، وذلک إلى أن تدهورت ظروفه الصحية وحالت دون ممارسته فعلياً لمهامه. أما في حالة الرئيس تبون، لم تفلح التعديلات الدستورية وغيرها من الاجراءات في امتصاص الغضب الشعبي، بل وتضافرت مجموعة من العوامل التي جعلت مهمته بالغة التعقيد. فالجزائر يعاني من أزمة اقتصادية شديدة في ظل تراجع احتياطي العملات الأجنبية، وتدهور سعر صرف الدينار، وانخفاض معدلات النمو نتيجة التقلبات الحادة في أسعار المحروقات (المصدر الأساسي لدخل البلاد)، عزز من هذه الأزمة الأوضاع الاقتصادية والصحية الناجمة عن جائحة کورونا. يضاف إلى ما سبق، الوضع الاقليمي المضطرب الذي يصاحبه تراجع الحضور الجزائري على الساحة الافريقية والعالمية، واستمرار أزمة الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة في ظل ضعف الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني الغير قادرة على تأطير المطالب الاجتماعية أو تمثيلها[45].

 

اعتبر الجزائريون نظام تبون استمراراً لنظام بوتفليقة واستحضاراً للماضي. وقد عکس شعار « دستورنا هو رحيلکم » الذي رفعته قوى الحراک موقفهم من التعديلات الدستورية، فالرئيس تبون اتبع سيناريو يعهده ويرفضه الجزائريون، تمثل في استخدام الاستحقاقات الانتخابية والاستفتاءات لإعطاء واجهة ديمقراطية للحکم وذلک بالتوازي مع القيام بإصلاحات طفيفة لا تمس جوهر النظام ولا تجعله أکثر تمثيلاً للإرادة الشعبية. فمن ناحية، تجاهل دستور ٢٠٢٠ ما طالب به الجزائريون من اصلاحات سياسية، ومن ناحية أخرى لم تؤدي التغييرات على مستوى النخبة إلا إلى التخلص من بعض الوجوه بشکل يسمح باستمرار الجزء الآخر في السلطة. إلا أن الحراک الشعبي نفسه يواجه مأزق، فهو کما أشرنا سابقاً منقسم على نفسه، ويرفض القسم الأعظم منه العمل ضمن إطار تنظيمي وبالتالي لم يستطع تقديم بدائل سياسية ملموسة. إذ تحتاج التغيرات الهيکلية التي يطالب بها الحراک إلى کيان منظم قادرعلى الدخول في حوار مع السلطة للخروج من الأزمة. کما فشلت محاولات سعت إليها بعض قوى الحراک لتأطيره، ورفض جزء کبير منه التنسيق مع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني القائمة، لاستقطابها من النظام أو لتعاونها معه في السابق. وعليه يواجه الحراک الشعبي الجزائري تحدٍ کبير، وهو ضرورة خلق کيان يمثله، ويحمل مطالبه، قادرعلى اقتراح خارطة طريق للتغيير.  

 

بما أن الحراک لم ينجح في « اسقاط النظام »، وهي مهمة صعبة لما سبق الإشارة إليه، فقد تحول إلى ساحة للنقاش بين المواطنين حول القضايا الداخلية والدولية، بل وأصبح قوة معارضة خلقت ديناميکية اصلاحية من خلال المسيرات المنتظمة التي تعبر عن رفض قرار اتخذته الحکومة أو أعلنت عنه[46]. ولکن بالرغم من محاولات جميع الأطراف للتکيف مع الواقع، نجد أنفسنا أمام أزمة مزدوجة لکل من النظام والحراک. فالنظام غير قادر على تجديد نفسه، وقد فشلت حلوله التقليدية في امتصاص الغضب الشعبي، نظراً لاستمرار خروج التظاهرات للعام الثالث وبالتوازي مع الانتخابات الرئاسية والاجراءات المختلفة التي اتخذها النظام (حملة ضد الفساد، تعديلات دستورية ووزارية، حل البرلمان)، فالاحتجاجات لم تتوقف سوى بضعة أشهر بسبب إجراءات الحظر الصحي في أعقاب جائحة کورونا. فمن ناحية يبدو النظام غير قادر حتى الآن على التعامل مع الاصلاحات التي طالبت بها قوى الحراک واستيعاب التحولات التي شهدها المجتمع الجزائري، وقد يرجع ذلک للفجوة الجيلية الناتجة عن تکلس النخبة واحتکار جيل المجاهدين لزمام السلطة لسنوات وانعزالهم التام عن الشعب وتطلعاته. ومن ناحية أخرى نجد الحراک منقسم على نفسه، لا قيادة له ولا کيان يمثله. فيمکن للحراک أن يستمر في ممارسة الضغط على السلطة، ولکن دون قيادة لن يکون متغيراً حاسماً يستطيع فرض أجندته للتغيير. فنحن أمام عدة احتمالات في ظل هذه الأزمة المزدوجة. إما أن يتمکن النظام من القضاء على الحراک باستخدام سياسة النفس الطويل والقيام ببعض التنازلات التي لا تهز أرکانه، وذلک حتى يخفت زخم الحراک بمرور الوقت ومع صعوبة الأوضاع المعيشية، أو أن يتمکن الحراک من اختيار قيادة له وتوحيد مطالبه مع تکثيف الاحتجاجات للضغط على النظام من أجل الدفع بالإصلاحات المطلوبه ولو تدرجياً. أو يبقى الخيار الأخير، وربما الأکثر واقعية، أن تتوصل الأطراف الأکثر اعتدالاً من جانب الحراک ومن جانب السلطة إلي أرضية مشترکة لتحقيق الاصلاحات المنشودة. إن لم تنجح أي من السيناريوهات الثلاثة، سيبقى الوضع على ما هو عليه وتزيد حالة التوتر والاحتقان الذي لا يحمد عقباه.  

 

المراجع

 

المراجع العربية

-      أحمد غانم، « الحراک الجزائري، أو تجربة ساحة نقاش سياسي »، جدلية، ٢٤ إبريل ٢٠٢١، متاح على:

https://www.jadaliyya.com/Details/42663

-      بوطيب بن ناصر، هيبة العوادي، « مسودة تعديل الدستور في الجزائر لسنة ٢٠٢٠ :فصل أم تدخل وهيمنة بين السلطات؟ »، المستقبل العربي، العدد ٥٠٢، ديسمبر ٢٠٢٠، متاح على :

https://caus.org.lb/ar/مسودة-تعديل-الدستور-في-الجزائر-لسنة-2020-ف/

-      عبد الله هوادف، « مسودة التعديل الدستوري في الجزائر: سياقاته وانعکاساته على المشهد السياسي »، سلسلة تقييم حالة، المرکز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يونيو ٢٠٢٠.

-       ماهر مزاحي، « الاحتجاجات تعود إلى الجزائر وتُقلِق الرئيس »، بي بي سي عربي، ٢٠ فبراير ٢٠٢١، متاح على:https://www.bbc.com/arabic/middleeast-56138241

-       محمود جمال عبد العال، « خريطة وقضايا مرشحي الانتخابات الرئاسية في الجزائر »، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، ١٠ ديسمبر ٢٠١٩، متاح على :

 https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/5136

-      نيفين مسعد، « الجزائر والتعديلات الدستورية »، الأهرام، ٢٤ أکتوبر ٢٠٢٠، متاح على:

https://gate.ahram.org.eg/daily/News/783722.aspx 

-      نيفين مسعد، « حدود التغيير في النظام الجزائري »، الأهرام، ٣١ أکتوبر ٢٠٢٠، متاح على :

https://gate.ahram.org.eg/daily/News/784599.aspx

-      ياسين عبد الرحمن، « الانتماء للهوية والاصلاح الدستوري في الجزائر »، سلسلة بوادر، مبادرة الاصلاح العربي، ٢٨ أکتوبر ٢٠٢٠، متاح على :

https://www.arab-reform.net/ar/publication/الانتماء-للهُويّة-والإصلاح-الدستوري/

 

المراجع الأجنبية

-      Adlène Meddi, « Premier gouvernement Tebboune : sept éléments à retenir », Le Point, 3 janvier 2020, disponible sur : https://www.lepoint.fr/afrique/premier-gouvernement-tebboune-sept-elements-a-retenir-03-01-2020-2356032_3826.php

-      Asef Bayat, Life as Politics. How Ordinary People Change the Middle East, Stanford/California, Stanford University Press, 2013.

-      Dalia Ghanem, «New Algeria, Same as the Old Algeria », Diwan, Carnegie Middle East Center, 6 November 2020, available at: https://bit.ly/3yD196b

-      Frédéric Volpi, « Le mouvement protestataire algérien de 2019 à la lumière de la théorie des mouvements sociaux et des Printemps arabes »,  LAnnée du Maghreb, n° 21, 2019, disponible sur : https://journals.openedition.org/anneemaghreb/5039

-      Ilhem Rachidi, « Algérie. Une constitution pour en finir avec le Hirak », Orient XXI, 12 octobre 2020, disponible sur : https://orientxxi.info/magazine/algerie-une-constitution-pour-en-finir-avec-le-hirak,4195

-      Lydia Haddag, « Le Hirak : un cas d’école? », Mouvements, n°102, vol.2, 2020, disponible sur : https://www.cairn.info/revue-mouvements-2020-2-page-I.htm

-      Naoual Belakhdar, « L’Indépendance, c’est maintenant ! Réflexion sur le soulèvement populaire en Algérie », LAnnée du Maghreb, n° 21, 2019, disponible sur : https://journals.openedition.org/anneemaghreb/5280

-      Simon Speakman Cordall, « Algeria: Running on Fumes », Al-Monitor, 18 February 2021, available at: https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2021/02/algeria-economy-oil-gas-subsidies-exports-opec-pandemic.html#ixzz6nJ5BPM1z



[1] فاز في الانتخابات الرئاسية بقرابة ٥٨٪ من الأصوات بعد حملة انتخابات متوترة.

[2] خصص البحث جزءاً لتحليل أهم التعديلات الدستورية ونتائجها.

[3] ماهر مزاحي، « الاحتجاجات تعود إلى الجزائر وتُقلِق الرئيس »، بي بي سي عربي، ٢٠ فبراير ٢٠٢١، متاح على:

https://www.bbc.com/arabic/middleeast-56138241

[4] Naoual Belakhdar, « L’Indépendance, c’est maintenant ! Réflexion sur le soulèvement populaire en Algérie », LAnnée du Maghreb, n° 21, 2019, disponible sur : https://journals.openedition.org/anneemaghreb/5280

[5] نيفين مسعد، محاضرات مادة النظم السياسية في الوطن العربي، کلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، العام الجامعي ٢٠١٩-٢٠٢٠.

[6] Simon Speakman Cordall, « Algeria: Running on Fumes », Al-Monitor, 18 February 2021, available at: https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2021/02/algeria-economy-oil-gas-subsidies-exports-opec-pandemic.html#ixzz6nJ5BPM1z

[7] Frédéric Volpi, « Le mouvement protestataire algérien de 2019 à la lumière de la théorie des mouvements sociaux et des Printemps arabes »,  LAnnée du Maghreb, n° 21, 2019, disponible sur : https://journals.openedition.org/anneemaghreb/5039

[8] Lydia Haddag, « Le Hirak : un cas d’école? », Mouvements, n°102, vol.2, 2020, disponible sur : https://www.cairn.info/revue-mouvements-2020-2-page-I.htm

[9] Ilhem Rachidi, « Algérie. Une constitution pour en finir avec le Hirak », Orient XXI, 12 octobre 2020, disponible sur : https://orientxxi.info/magazine/algerie-une-constitution-pour-en-finir-avec-le-hirak,4195

[10] متمثلة في شخص رئيس الأرکان أحمد قائد صالح الذي وافته المنيه في ٢٣ ديسمبر ٢٠١٩، أي بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد، إيذاناً بانتهاء المرحلة الانتقالية.

[11] Frédéric Volpi, .مرجع سبق ذکره

[12] فرانس ٢٤، « الجزائر: القضاء يأمر بإعادة محاکمة سعيد بوتفليقة ومديرين سابقين للاستخبارات »، ١٩ نوفمبر ٢٠٢٠، متاح على :

https://www.france24.com/ar/الأخبار-المغاربية/20201119-الجزائر-المحکمة-العليا-تأمر-بإعادة-محاکمة-سعيد-بوتفليقة-ومديرين-سابقين-للاستخبارات

[13] فرانس ٢٤، « الجزائر: الحکم بالسجن لمدة 15 سنة في حق أويحيى و12 سنة لسلال لتورطهما في قضايا فساد »، ٢٨ يناير ٢٠٢١، متاح على:

https://www.france24.com/ar/الأخبار-المغاربية/20210128-الجزائر-الحکم-بالسجن-لمدة-15-سنة-في-حق-أويحيى-و-12-سنة-لسلال-لتورطهما-في-قضايا-فساد

[14] يورونيوز، « بدء محاکمة رجل الأعمال الجزائري علي حدّاد أحد أقطاب نظام بوتفليقة »، ١١ أکتوبر ٢٠٢٠، متاح على :

https://arabic.euronews.com/2020/10/11/trial-of-ex-bouteflika-crony-ali-haddad-begins-in-algeria

[15] الشروق اونلاين، « أسطورة آل کونيناف النافذين… مجرد کذبة‼ »، ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٠، متاح على:

https://www.echoroukonline.com/أسطورة-آل-کونيناف-النافذين-مجرد-کذبة

[16] محمود جمال عبد العال، « خريطة وقضايا مرشحي الانتخابات الرئاسية في الجزائر »، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، ١٠ ديسمبر ٢٠١٩، متاح على :

 https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/5136

[17] هي حکومة تصريف أعمال، جاء تعيينها بعد أسابيع من المظاهرات العارمة الرافضة لترشح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، فاستقال أحمد أويحي من رئاسة الوزراء تبعاً لذلک، وعين بدوي وزيراً أوّل جديداً لقيادة حکومة تشرف على تنظيم انتخابات رئاسية قبل نهاية العام.

[18] Adlène Meddi, « Premier gouvernement Tebboune : sept éléments à retenir », Le Point, 3 janvier 2020, disponible sur : https://www.lepoint.fr/afrique/premier-gouvernement-tebboune-sept-elements-a-retenir-03-01-2020-2356032_3826.php

[19] Asef Bayat, Life as Politics. How Ordinary People Change the Middle East, Stanford/California, Stanford University Press, 2013, p.15.

[20]  نيفين مسعد، محاضرات مادة النظم السياسية في الوطن العربي، کلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، العام الجامعي ٢٠١٩-٢٠٢٠.

[21]Forces du Pacte de l’Alternative Démocratique وهو تحالف لقوى المعارضة نشأ في يونيو ٢٠١٩، يضم أحزاب، جمعيات أهلية، نقابات، أکاديمين ومثقفين.

[22] Ilhem Rachidi, .مرجع سبق ذکره

[23] وهو الدستور المطبق آنذاک.

[24] نيفين مسعد، محاضرات مادة النظم السياسية في الوطن العربي، کلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، العام الجامعي ٢٠١٩-٢٠٢٠.

[25] ماهر مزاحي، مرجع سبق ذکره.

[26] نيفين مسعد، « حدود التغيير في النظام الجزائري »، الأهرام، ٣١ أکتوبر ٢٠٢٠، متاح على :

https://gate.ahram.org.eg/daily/News/784599.aspx

[27] بوطيب بن ناصر، هيبة العوادي، « مسودة تعديل الدستور في الجزائر لسنة ٢٠٢٠ :فصل أم تدخل وهيمنة بين السلطات؟ »، المستقبل العربي، العدد ٥٠٢، ديسمبر ٢٠٢٠، متاح على :

https://caus.org.lb/ar/مسودة-تعديل-الدستور-في-الجزائر-لسنة-2020-ف/

[28] إذ لم يأتي ذلک صراحة کشرط من شروط تولي المنصب.

[29] دستور الجزائر لعام ٢٠٢٠، الباب الثالث « تنظيم وفصل السلطات ».

[30] دستور الجزائر لعام ٢٠٢٠، الباب الرابع « مؤسسات الرقابة ».

[31] دستور الجزائر لعام ٢٠٢٠، الباب السادس « التعديل الدستوري ».

[32] دستور الجزائر لعام ٢٠٢٠، الباب الثالث « تنظيم وفصل السلطات ».

[33] دستور الجزائر لعام ٢٠٢٠، الباب الأول « المبادئ العامة».

[34] ياسين عبد الرحمن، « الانتماء للهوية والاصلاح الدستوري في الجزائر »، سلسلة بوادر،مبادرة الاصلاح العربي، ٢٨ أکتوبر ٢٠٢٠، متاح على :

https://www.arab-reform.net/ar/publication/الانتماء-للهُويّة-والإصلاح-الدستوري/

[35] المرجع السابق.

[36] نيفين مسعد، « الجزائر والتعديلات الدستورية »، الأهرام، ٢٤ أکتوبر ٢٠٢٠، متاح على:

https://gate.ahram.org.eg/daily/News/783722.aspx 

[37] نيفين مسعد، « حدود التغيير في النظام الجزائري »، مرجع سبق ذکره.

[38] دستور الجزائر لعام ٢٠٢٠، الباب الثاني، « الحقوق الأساسية والحريات العامة والواجبات ».

[39] سکاي نيوز عربية، « الجزائر تجرم نشر الأخبار الکاذبة.. وتفرض عقوبات کورونا »، ٢٣ أبريل ٢٠٢٠، متاح على :

https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1338974-الجزائر%C2%A0تجرم-نشر-الأخبار-الکاذبة-وتفرض-عقوبات-کورونا

[40] سکاي نيوز عربية، « حکم بالسجن سنتين على الصحفي الجزائري خالد درارني »، ١٥ سبتمبر ٢٠٢٠، متاح على:

https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1376135-حکم-بالسجن-سنتين-الصحفي-الجزائري-خالد-درارني

[41] دستور الجزائر لعام ٢٠٢٠، الباب الرابع، « مؤسسات الرقابة».

[42] عبد الله هوادف، « مسودة التعديل الدستوري في الجزائر: سياقاته وانعکاساته على المشهد السياسي »، سلسلة تقييم حالة، المرکز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يونيو ٢٠٢٠، ص.٢.

[43] المرجع السابق، ص.٦-٨.

[44] Dalia Ghanem, «New Algeria, Same as the Old Algeria », Diwan, Carnegie Middle East Center, 6 November 2020, available at: https://bit.ly/3yD196b

[45] عبد الله هوادف، مرجع سبق ذکره، ص. ٢-٣.

[46] أحمد غانم، « الحراک الجزائري، أو تجربة ساحة نقاش سياسي »، جدلية، ٢٤ إبريل ٢٠٢١، متاح على:

https://www.jadaliyya.com/Details/42663