دور رأس المال غير الملموس (البشري) فى تحقيق الرفاهة الاجتماعية دراسة حالة ماليزيا

نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة

المؤلف

الاقتصاد, کلية السياسه والاقتصاد جامعة السويس

المستخلص

تناولت هذه الورقة رأس المال غير الملموس وکيف يمکن تحقيق الرفاهة الاجتماعية من خلاله فى دولة ماليزيا, وحيث أن الطاقة الانتاجية للمجتمع تتمثل فى وجود الموارد بنوعيها مادية کانت أو بشرية, ولکن في ظل تطورات العالم اليوم والاقتصاد القائم علي المعرفة أصبح تکوين الثروة يعتمد بالأساس علي الاستغلال الأمثل للمورد البشري "الأصل البشري " وليس المادى وذلک من أجل تحقيق ميزة تنافسية دولية, ولاشک أن الانسان أصبح أهم محور فى تکوين اقتصادات الدول وهو الأساس فى تکوين ثرواتهم الحقيقية, کما يعد العنصر البشري من أهم محددات التنمية ولذا کان لزامًا توضيح ماهية رأس المال البشري وأهميته فى تکوين ثروة الامم وکيف يتحقق ذلک, وقد خرجت الدراسة بعدد من التوصيات أهمها ضرورة تغيير النظرة لرأس المال واعتبار رأس المال البشري هو أساس التنمية والنهضة الحقيقية, والعمل على الاهتمام بالعنصر البشري من خلال التعليم والتدريب والصحة, بالإضافة إلى اعتبار الرفاهة الاجتماعية حق مکتسب للمواطنين وضرورة السعى من قبل الدول لتحقيقها.
الکلمات المفتاحية: الثروة, رأس المال, الرفاهة, ماليزيا.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


 

المقدمة

لم يعد تکوين الثروة - فى ظل التطورات العالمية اليوم وفى ظل الاقتصاد القائم على المعرفة والتکنولوجيا المتطورة- قائمًا علي الاستغلال الامثل للثروات والاصول المادية فقط بل اتجه نحو الاهتمام المتزايد بالأصول البشرية وتطويرها من أجل تحقيق ميزة تنافسية للدولة, وجعلها فى مصاف الدول المتقدمة, والعديد من التجارب الدولية أثبتت أن محور التنمية الاساسي قائم على البشر.

وأصبح العالم اليوم يواجه العديد من التحديات کالتحول نحو اقتصاد المعرفة والتوجه نحو استخدام التکنولوجيا الحديثة والتحول الرقمى, کل هذا يتطلب التوجه نحو تراکم الثروة من خلال الاهتمام بالاصول البشرية والاستثمار فيها, وتغيير فکرة أن ثروة الدولة فى رأس مالها المادى ومواردها الطبيعية فقط.

وتکمن النظرة للثروة الحقيقية فى کون تلک الثروة ممتدة على مدار العصور ولا تنضب ويمکن تطويرها وتحديثها وفقًا للأوضاع الراهنة وتتمثل تلک الثروة فى العنصر البشري, أما عن الثروة التى تعتمد على الموارد الطبيعية فإنه سيأتى يوم وتنضب, فالاستخدام المستمر لمورد ما أو أصل من الاصول المادية ينضب مع کثرة الاستعمال ومرور الوقت, لذا جاءت تلک الدراسة لتلقى الضوء على رأس المال غير الملموس والذى يتمثل فى رأس المال البشري فى ماليزيا وکيف ساهم فى تحقيق الرفاهة الاجتماعية والتى تعد أساس تحقيق التنمية فى وقتنا الحاضر.

الإشکالية البحثية

يتمثل الجزء الاکبر لثروات الامم فى رأس المال غير الملموس الذى يتکون من الاصول غير المادية کالمهارات والخبرات ورأس المال الاجتماعى, وحيث أنه الجزء الاکبر من الثروة فإنه المسؤول الاساسى عن خلق الرفاهة الاجتماعية لأفراد المجتمع ومن هنا جاء التساؤل الرئيسى للدراسة:

"هل لحدوث تغيرات فى الثروة المعتمدة على رأس المال غير الملموس دور فى خلق الرفاهة الاجتماعية؟"

ويندرج تحت هذا التساؤل عدًا من الاسئلة الفرعية التى تحاول الدراسة الإجابة عليها وهى:

  1. ماذا يعنى رأس المال الغير ملموس ورأس المال البشري؟
  2. کيف يتم الاستثمار فى هذا الرأسمال, وما علاقته بالرفاهة الإجتماعية؟
  3. کيف تم الاستفادة من تراکم الثروة جراء الاستثمار فى رأس المال البشري فى ماليزيا, وما تأثير ذلک على الرفاهة الاجتماعية؟

 

فرضية البحث

إن تحقيق الرفاهة الاجتماعية فى الدولة الماليزية اعتمد بالأساس على الاستثمار في الثروة الحقيقة للدولة وهى العنصر البشري أى رأسمالها الغير ملموس.

أهداف الدراسة

  1. تحليل رأس المال غير الملموس والذى يتمثل فى رأس المال البشري.
  2. تحديد کيفية تحقيق الدولة لثروة حقيقية من خلال رأس المال غير الملموس والتى تتمثل فى الابداع والابتکار وتحقيق ميزة تنافسية للدولة.
  3. تقييم مدى مساهمة رأس المال البشري فى تحقيق الرفاهة الاجتماعية فى ماليزيا.

منهج الدراسة

اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفى التحليلي الذي يعتمد بالأساس علي دراسة ظاهرة أو مشکلة ما بطريقة علمية للوصول لتفسيرات منطقية لتلک المشکلة وذلک للتمکن من الخروج بنتائج لتلک الدراسة, ويتضح ذلک من خلال قراءة لبعض المفاهيم کرأس المال غير الملموس ورأس المال البشري والرفاهة الاجتماعية والتوصل إلى شکل العلاقة بين المتغيرين فى ماليزيا ومن ثم تحليلها والوصول إلى نتائج.

تقسيم الدراسة

من خلال هذه الورقة سنحاول تسليط الضوء على موضوع رأس المال غير الملموس من خلال التطرق لبعض النقاط وهى:

أولًا: رأس المال غير الملموس "البشري" وعلاقته بالرفاهة الاجتماعية.

ثانيًا: الإستثمار فى رأس المال البشري کأحد وسائل تحقيق الرفاهة الاجتماعية.

ثالثًا: واقع رأس المال غير الملموس والرفاهة الاجتماعية في ماليزيا.

 

 

 

أولا رأس المال غير الملموس "البشري" وعلاقته بالرفاهة الاجتماعية.

1- رأس المال غير الملموس Intangible capital .

يتکون رأس المال من رأس مال ملموس وآخر غير ملموس, أو رأس مال مادي(طبيعي) وآخر غير مادي (بشري), ويعرف رأس المال غير الملموس على أنه " مجموعة من الموارد بما فيها المعرفة والقدرات وعمليات التشغيل والعلاقات الفردية والتنظيمية"([1]), وفى تقرير صادر عن البنک الدولي تم توضيح أن نسبة رأس المال الطبيعى فى الدول ذات الدخل المنخفض بلغت ما قيمته 26%, فى حين بلغ رأس المال غير الملموس 58%, وهذا يوضح أن ثروات الأمم تعتمد بالاساس على رأس المال غير الملموس والذى يتمثل فى رأس المال البشري.([2])

     وتم توصيف رأس المال غير الملموس على أنه " الأصول التى ليس لها تجسيد مالي ", کما أنها تجمع بين ثلاثة أنواع: المعلومات المحوسبة (کالبرمجيات وقواعد البيانات), الملکية الفکرية ( کالبحث العلمي وحقوق التأليف والنشر والعلامات التجارية ), والکفاءات الاقتصادية ( کرأس المال البشري الخاص بالمؤسسة أو الدولة بالإضافة إلى الشبکات التي تضم الاشخاص والمؤسسات), کما يمکن تصنيف رأس المال غير الملموس ورأس المال المعتمد على المعرفة أو أصول المعرفة أو رأس المال الفکرى على أنها مفاهيم متشابهة وذات صلة ببعضها البعض, ويشمل رأس المال غير الملموس کلا من (رأس المال البشري, رأس المال الفکري, رأس المال الاجتماعى), وبالنسبة  لرأس المال البشري الذي يعد محوره الاساسى البشر سيتم التطرق إليه لاحقًا, أما عن رأس المال الفکري فهو عبارة عن أصول غير ملموسة ولکنها تعتمد بالأساس على العنصر البشري لذا فهو يتکون من القدرات الذهنية والعقلية للبشر, وتم تعريفه بأنه کافة العوامل الشکلية والذهنية والفکرية کالخبرة العلمية والمعلومات والمعرفة والتى تساهم بشکل ايجابي فى تعزيز عملية التنمية سواء کانت لمؤسسة ما أو لدولة بأکملها([3]), وبالنسبة لرأس المال الاجتماعي فقد عرفه البنک الدولى على أنه "يشتمل على الاتجاهات والقيم التى تحکم التفاعلات بين البشر وتساهم فى تحقيق التنمية".([4])

      ويمکننا القول أن رأس المال البشري والاجتماعى والفکرى ذات صلة وثيقة ببعضهم البعض فهم نتاج اندماج مجموعة من العوامل معًا کالمهارات والخبرات والمعرفة والقدرات العقلية والاجتماعية بين البشر.

باختصار يمکن توضيح  أن العامل الرئيسي لتکوين الثروة هو الانسان ولذا کان هناک تساؤل للعديد من الباحثين وهو من أين تأتى ثروة الأمم؟, کيف تتکون تلک الثروات ومتى وما الذى يساهم فى تکوينها, ومن هنا جاءت تلک الدراسة لترکز على بعدًا من أبعاد هذا التساؤل وهو رأس المال البشري المساهم الرئيسى والحقيقى فى تکوين ثروات الامم.

2-رأس المال البشري Human Capital.

يعد رأس المال البشري أساس تحقيق أية تنمية وأساس النهضة الحقيقية للدولة, هذا بالإضافة إلى کونه من مقومات الدولة الحديثة التى باستغلاله جيدًا من خلال تنمية مهاراته وزيادة خبراته بالتعليم والتدريب والاهتمام بصحته, يمکن للدولة حينها من أن تحقق ما تصبو إليه من تنمية حقيقية, وهذا ما فعلته ماليزيا.

     وقد عرفه برنامج الامم المتحدة على أنه" کل ما يزيد من إنتاجية العمال والموظفين من خلال المهارات المعرفية والتقنية التي يکتسبونها, أي من خلال العلم والخبرة"([5]), کما عرفته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية(OCED) على أنه" المعرفة والمهارات والقدرات وغيرها من الخصائص ذات الصلة بالنشاط الاقتصادي".([6])

وقد قام البنک الدولى فى مشروع رأس المال البشري للعام 2018 بتوضيح ثلاث مکونات لرأس المال البشري وهم

-       معدل البقاء على قيد الحياة : يوضح هذا المکون عدد الأطفال الذين يستمرون على قيد الحياة منذ ولادتهم وحتى الوصول للسن التي تبدأ عندها تراکم رأس المال البشري .

 

-       الدراسة : وتجمع بين عاملين وهما مقدار التعليم الذي يتم قياسه على أساس عدد السنوات التي يقضيها الطفل في التعليم لحين يبلغ سن 18 عامًا, والثانى جودة التعليم.

 

-       الصحة : ويشمل النمو الصحي بين الاطفال دون سن الخامسة ومعدل البقاء للبالغين على قيد الحياة.([7])

     بدأ الاهتمام برأس المال البشري منذ نشر مبدأ تقسيم العمل على يد آدم  سميث  والذى أوضح أن زيادة الانتاجية قد يکون مرجعها رأس المال غير المادي, ولذا نادى بضرورة الاهتمام برأس المال غير المادي, وأول من استخدم مصطلح رأس المال البشري فى العصر الحديث جاکوب مينسر وتلاه کتابات کلا من شولتز وبيکر.

      وعلي جانب آخر نجد أنّ الاهتمام بهذا العنصر أصبح ضرورة من ضرورات عملية التنمية المستدامة لدى دول العالم اليوم, وزاد الاهتمام به خاصة عقب الحرب العالمية الثانية وما تتبعها من خراب ودمار للعديد من دول العالم والرغبة فى تحقيق التنمية الاقتصادية للدول المتخلفة بعد نيلها استقلالها السياسى, ومن هنا جاء الاهتمام بالعنصر البشري واعتباره انفاقًا استثماريًا لا استهلاکيًا, فاختلاف النظرة تلک والوعى بنتائج الاستثمار فيه - وأنه سيساهم فى مسيرة تنمية الدولة وليس عائقًا لها وفى تغيير سياسات الدول تجاه مواطنيها بالإضافة إلى مساهمته بطريقة ايجابية فى تحقيق تراکم للثروة وتحقيق ميزة تنافسية للدولة أو المؤسسة- ستساهم في تحقيق ميزة تنافسية للدولة أو المؤسسة التى ينتمي إليها هذا العنصر البشري, هذا بالإضافة إلي تحقيق تنمية حقيقية قائمة بالأساس على العنصر البشري وتتم من خلاله, فالتنمية الحقيقية تکون من أجل المواطنين وبهم.

3- الرفاهة الاجتماعية Social welfare.

 تعد الرفاهة نوعًا من أنواع الحماية الاجتماعية والتى تکفلها الدولة لمواطنيها ولها أشکال متعددة کتوفير الرعاية الصحية, توفير السکن لکل فرد من أفراد المجتمع بأسعار مناسبة, تقديم إعانات للأسر ذات الدخل المحدود والفقيرة.

     کان النظر سابقًا إلى الرفاهة الاجتماعية على أنها مجرد دخلاً يکفى الفرد لتلبية احتياجاته الاساسية من المأکل والمسکن وغيره من الاحتياجات اللازمة والضرورية للحياة, ولکن عقب ذلک ومع تطور المجتمعات فکريًا ومعرفيًا أضحت النظرة للرفاهة مختلفة فهى ليست شيئًا ثانويًا بل أصبحت ضرورة من ضرورات الحياة وهى توفير الحياة الکريمة السوية التى يتوافر فيها التعليم الجيد والرعاية الصحية المناسبة والسکن المناسب والميسر أسعاره,  والتوزيع العادل للدخل بين کافة أفراد المجتمع دون تفرقة أو عنصرية.([8])

 

       وعلى جانب آخر نجد أن هناک مصطلح يدعى بدولة الرفاهة " وهى تلک الدولة التى يتوافر فيها عددًا من الخصائص منها حماية رفاهية المواطنين الاجتماعية والاقتصادية على أساس مبدأ تکافؤ الفرص والتوزيع العادل للدخل والثروة, بالإضافة لمسؤلية الدولة عن المواطنين غير القادرين على تأمين الحد الأدنى الکافي لمعيشة سوية للمواطنين"([9]), وتعرف أيضًا بدولة الرعاية الاجتماعية کما نادى بها الدکتور إبراهيم العيسوي, وتعرّف على أنها "الدولة المسؤلة بالدرجة الاولى عن تقديم الخدمات الاجتماعية وتنظيم العلاقات الاجتماعية بين المواطنين".([10])

4- علاقة رأس المال غير الملموس بالرفاهة الاجتماعية.

       يعد مفهوم الرفاهة الاجتماعية مرادفًا لمستوى المعيشة وهى إحدى الاهداف الهامة التى تسعى دول العالم لتحقيقها فى غضون "خطة التنمية المستدامة 2030" والتى تکفل الحق لکل مواطن في أن يحيا حياة سوية کريمة بها مستوى من الرفاهه, ونجد أن دليل التنمية البشرية (HDI) يفسّر جزءًا کبيرًا من رفاهية الافراد کما تم  فهو يتضمن أهم ثلاث محاور وهم الصحة وتقاس بالعمر المتوقع عند الولادة والتعليم أو القدرة على اکتساب المعرفة وتقاس بمتوسط سنوات الدراسة والدخل أو القدرة على العيش فى مستوى لائق وتقاس بنصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي.([11])

إنّ العلاقة - بين الاستثمار فى العنصر البشري وحدوث الرضا الاجتماعي والرفاهة الاجتماعية- تبادلية تسير فى کلا الاتجاهين فعند الاهتمام بالبشر والاستثمار فيهم بالتعليم الجيد والصحة الجيدة يشعرون حينها بالرضا الاجتماعي کونهم يحصلون على احتياجاتهم الاساسية للحياة الکريمة, کما أن تحقيق الرفاهة الاجتماعية لأفراد المجتمع يعکس بالطبع الحياة الکريمة التى يتمتعون بها کون الرفاهة نتاج اندماج العديد من العوامل النفسية والاجتماعية والمادية وهذا کما سيوضحه مؤشر التقدم الاجتماعي ومؤشر السعادة لاحقًا.

     وأوضحت دراسة - لقياس تأثير الاستثمار فى رأس المال الغير ملموس على النمو فى دول الاتحاد الاوروبى- أهمية رأس المال غير الملموس وأن المعرفة ورأس المال الفکري والبشري من المحددات الرئيسية للابتکار وبالتالي القدرة على تعزيز النمو والتوظيف الکامل وزيادة القدرة التنافسية للاتحاد, وأيضًا وبفحص البيانات الصادرة عن رأس المال الغير ملموس فى هذه الدراسة سواء على المستوى الجزئي أوالکلى  فقد توصلوا إلى أن الناتج المحلي الإجمالي فى منطقة الاتحاد الاوروبي أعلي بنسبة 5.5% بفضل الاستثمارات فى رأس المال غير الملموس, بالإضافة إلى أن نتيجة التحليل القياسى على المستوى الکلى فى تلک الدراسة للفترة (2005:1995) أثبت أن هناک علاقة قوية بين ارتفاع معدل نمو رأس المال غير الملموس فى بلد ما ومعدل نمو انتاجية العمل, أما على المستوي الجزئي (الشرکات) فقد ثبت أن الاستثمار الحديث فى الأصول غير الملموسة عامل مهم فى آداء الشرکات الأوروبية والأمريکية, ففى معظم البلدان تبلغ القيمة المضافة لرأس المال غير الملموس حوالى 40 % من القيمة المضافة الجديدة فى الشرکات.([12])

ثانيًا الاستثمار فى رأس المال البشري کأحد وسائل تحقيق الرفاهة الاجتماعية.

عند تناول الحديث عن الاستثمار في رأس المال البشري نجد أن هناک فرق بينه وبين مفهوم تنمية الموارد البشرية فالأخيرة تعنِى بتلبية وتوفير احتياجات الأفراد فى مؤسسة ما, أما بالنسبة للاستثمار فهو عبارة عن تخصيص جزء من انفاق الدولة فى سبيل تحقيق عائدًا اقتصاديًا يتمثل في زيادة انتاجية الدولة وتقليل معدلات البطالة نظرًا لتوافر القوي العاملة بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل وهذا نتيجة الاستثمار الجيد فى العنصر البشري.([13])

     ويعد الاستثمار أساس تکوين رأس المال وتراکمه فهو يرتبط بتحقيق الارباح العاجلة أو الآجلة, لذا فنوعية الاستثمار وکيفيته هى التى تحدد الزيادة فى التراکم الرأسمالي من عدمه, فإذا اعتبرنا أن الاستثمار فى الأصل المادي أمر مجدى ومحقق للأرباح فى الأجل القصير, فإن الإستثمار في الأصل البشري أمر أکثر جدوى وفائدة ومحقّق للأرباح على مستوى الفرد والمجتمع ولکن على المدى الطويل, وما يميز هذا النوع من الاستثمار أن جدواه تمتد آثارها لفترة طويلة عکس الاستثمار فى الأصل المادي.([14])

    ونظرًا للنمو التراکمي الذى يحدث في رأس المال البشري نجده يحتاج إلى فتره زمنية طويله وهذا يختلف عن رأس المال المادى, ويتسم معدل نمو رأس المال البشري بأنه موحد ذو اتجاه واحد لفترة طويله إما ارتفاعًا أو انخفاضًا, لأنه فى حال إذا کانت مدخلات رأس المال البشري "المدخلات التعليمية والصحية" فعّالة وذات جدوى فإن اتجاه النمو سيکون مرتفعًا لفترة طويلة وهذا لأن الاساس سليم وفعّال والعکس صحيح.([15])

      وتکمن أهمية الاستثمار في رأس المال البشري على المستويين الفردي والمجتمعي, فوفقًا للفرد تکمن الاهمية فى أن هذا الاستثمار يعمل على زيادة الطاقة الانتاجية للفرد واکتساب المهارات اللازمة التى تساعده فى الالتحاق بسوق العمل کما تجعله يشعر بالرضا الاجتماعى, أما عن المجتمع فإن هذا الاستثمار يساهم فى زيادة الطاقة الانتاجية لأفراد المجتمع وهذا سيساعد في تحقيق التنمية المطلوبة, ويمکن الاستثمار فى العنصر البشري عن طريق تنمية قدراتهم ومهاراتهم وخبراتهم عن طريق التعليم والتدريب وتنمية حس الابداع والابتکار لديهم, بالإضافة إلى الاهتمام بصحتهم وتوفير البيئة العلاجية والرعاية الصحية المناسبة فى حالة المرض, فالفرد المتعلم تعليمًا جيدًا ويتمتع بصحة جيدة يکون قادرًا على الانتاجية الفعّالة فى المجتمع ويساهم فى تحقيق التنمية المطلوبة.([16])

      يعتمد الاستثمار في العنصر البشري أو رأس المال غير الملموس على زيادة القدرة الإنتاجية بالإضافة إلى الشعور بالرضا الاجتماعي, حيث يرتبط مفهوم الرفاهة الاجتماعية بعدد من المؤشرات التى تعکس العوامل النفسية والمادية والاجتماعية للافراد والتى عند تحليلها نجد أن جميعها تساهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والرفاهة الاجتماعية لأفراد المجتمع, وفى حال إهمال کل تلک العوامل وعدم تحليلها لن نتمکن من قياس مستوى رفاهية أفراد المجتمع الذى هم عليه والذي نرغب فى تحقيقه, ولهذا کان التساؤل الرئيسي للدراسة هو ما إذا کان حدوث التغيرات في الثروة التي تعتمد على رأس المال غير الملموس دورًا في خلق الرفاهية الاجتماعية؟

    إن التغيرات التى تحدث فى الثروة التى تعتمد على رأس المال غير الملموس تؤثر سلبًا أو ايجابًا علي مستوى رفاهة أفراد المجتمع, ففي حال زيادة تراکم تلک الثروة والتي تعنى بالتبعية زيادة مستوى التحصيل العلمى وتحسين مستويات الابداع والابتکار لدى مواطنى الدولة بالإضافة إلي تحسين مستوى خدمات الرعاية الصحية وزيادة مستويات الدخل لدي الافراد, فى تلک الحالة سيزداد مستوي الرفاهة الاجتماعية والعکس صحيح حيث أنّ تدنى المستوى التعليمى والصحى وانخفاض دخل الفرد کل تلک المؤشرات تؤدى لزيادة مستويات الفقر وبالتالى لن يکون هناک رفاهة اجتماعية نظرًا لعدم توافر الاحتياجات الاساسية لأفراد المجتمع.

 

 

ثالثًا واقع رأس المال غير الملموس (البشري) فى ماليزيا ودوره فى تحقيق الرفاهة.

تعد ماليزيا دولة إسلامية وهى احدى دول شرق آسيا, وتتکون من عدة أعراق مختلفة أهمهم ثلاث أعراق وهم: الملايو ونسبتهم 60%, والصينين ونسبتهم ما بين 26%,30%, والهنود ونسبتهم 10%, بالإضافة لعدد من الاعراق الأخري, ورغم تعدد الاعراق والديانات فى تلک الدولة إلا أنها استطاعت تحقيق نهضة حقيقية وذلک بإيمانها بمقولة واحدة وهى "أفضل ثروة فى أى دولة شعبها" والتى قالها مهاتير محمد(*)وساعدت تلک الدولة فى الوصول لما هي عليه فى الآونه الأخيرة, ويمکن القول أن النهضه الماليزية انطلقت من الشعب وبه حدثت, وتعد التجربة التنموية تلک من أنجح التجارب نظرًا لاعتمادها بالأساس على العنصر البشري والاستثمار فيه بالتعليم والتدريب والصحة.([17])

     واقتصاديًا يعد الاقتصاد الماليزي أحد أقوي الاقتصادات الصاعدة فى آسيا, ويعتمد اقتصادها بالأساس على انتاج وتصدير العديد من السلع کالمطاط والقصدير والنفط والاخشاب, هذا بالإضافة إلى اشتهار ماليزيا بالزراعة ومن أهم المنتجات الزراعية لديها جوزالهند والأرز, ومن ناحية الصناعة نجد أن الالکترونيات والصناعات التکنولوجيا العالية تحتل مکانة کبيرة فى الصناعة الماليزية بالإضافة إلى صناعة السيارات والتي تمتاز بجودتها العالية وأسعارها المعتدلة مما يجعلها تنافس دول العالم.([18])

 

  1. واقع رأس المال غير الملموس" البشري" فى ماليزيا.    

تسعي الدولة الماليزية لأن تصبح فى مصاف الدول المتقدمة وذلک منذ استقلالها وفى سبيل ذلک قامت بوضع العديد من الخطط التنموية بداية من السبعينات وحتى العام 2020, ومن ضمن تلک الخطط "الخطة العاشرة 2015:2011" والتى تبنت فيها الحکومة الماليزية نموذجًا اقتصاديًا جديدًا قائمًا على عدة مبادىء الاستدامة Sustainability, الشمولية  Inclusiveness, والدخل المرتفع High income, وذلک لکى تصبح ماليزيا فى مصاف الدول المتقدمة اقتصاديًا واجتماعيًا وصحيًا وتعليميًا([19]), وبنهاية تلک الخطة ووفقًا لتقديرات صندوق النقد الدوليحققت ماليزيا نموًا قدره 5%([20]), کما ازداد نصيب الفرد من الناتج المحلى الاجمالي ليبلغ حوالي 39 ألف رينجيت ماليزي عام 2015 مقابل 33 ألف رينجيت عام 2011 أى فى بداية تلک الخطة.

وبالنسبة للعنصر البشري الذى هو أساس النهضة الماليزية التي حدثت خلال العقود الأخيرة فقد أولت الدولة اهتمامًا به من خلال الاستثمار والتطوير فى التعليم والصحة العامة, ويتضح ذلک من خلال زيادة الإنفاق العام على التعليم من إجمالي الإنفاق فقد بلغ 4.5% عام 2017, مقابل 1.1% للإنفاق العسکري من إجمالى الناتج المحلي فى نفس العام, أما علي مستوي البحث والتطوير نلاحظ أن عدد طلبات تسجيل براءات الإختراع قد وصل إلى 1116 عام 2018 مقارنة بعدد 92 عام 1990, کما بلغ معدل البطالة (% من إجمالى القوة العاملة) 3.3 % عام 2018, وهذا يوضح مدى اهتمام الدولة بالتعليم ورغبتها الجادة فى تحقيق النهضة عن طريق رأس مالها البشري.([21])

    وتصنف ماليزيا ضمن الدول ذات مؤشر التنمية البشرية المرتفعة جدًا فقد حصلت على المرتبة 57 فى دليل التنمية البشرية لعام 2017, کما أوضح مؤشر التنمية البشرية (HDI) مدى التطور الحادث فى المؤشر خلال العقود الأخيرة, فقد بلغ 0.80 فى العام 2017 فى حين بلغ 0.64 فى بداية التسعينات([22]) وهذا کما يوضحه الشکل التالي.

 

المصدر/ الباحثة بالاعتماد علي أدلة التنمية البشرية ومؤشراتها,التحديث الاحصائي لعام 2018,ص26.

من الشکل السابق نلاحظ مدى تطور مؤشر التنمية البشرية والذى يعنى بالطبع التقدم فى الخدمات التعليمية والصحية لمواطني الدولة, حيث أن هذا المؤشر يعکس التقدم المحرز فى الصحة والتى يتم التعبير عنها  بالعمر المتوقع عند الولادة والتعليم ويتم التعبير عنها بمتوسط سنوات الدراسة والقدرة على العيش فى مستوى لائق ويعبر عنها بنصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي.

   إن النظام التعليمي فى ماليزيا قائم بالأساس على العنصر البشري, وهذا ساعدها في تأسيس نظام تعليمي قوي مکّنها من تلبية احتياجات سوق العمل, بالإضافة إلي مساهمته فى تحويلها من بلد زراعي إلي بلد صناعي, ومن أهم السياسات التي اتخذتها الحکومة الماليزية بهذا الصدد:

  1. الالتزام بمجانية التعليم الاساسي: نظرًا لأهمية التعليم الأساسي فى تربية النشئ الجديد فقد حرصت الدولة الماليزية على جعل التعليم الاساسي مجاني وهذا منذ نيلها الاستقلال عام1957 مما ساهم في زيادة أعداد الملتحقين بالمدارس الابتدائية, فنجد أن معدل الالتحاق الإجمالي للتلاميذ قبل المرحلة الابتدائية قد بلغ حوالي 97% عام 2015مقابل81 % عام 2011وهذا کما يوضحه الشکل التالي.

         شکل يوضح بعض المؤشرات المتعلقة بالنظام التعليمي الماليزى خلال الخطة العاشرة2015:2011

             المصدر/ الباحثة بالاعتماد على البيانات المتاحة على موقع البنک الدولي.

من الشکل السابق يتضح أن معدل الالتحاق الإجمالي بالمرحلة الابتدائية قد بلغ حوالى 103.8% عام 2015 مقابل 101% عام 2011, کما بلغ معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية للذکور103.5% عام 2015, مقابل 100.5% عام 2011, فى حين بلغ معدل الالتحاق للإناث 98% عام 2011, وبلغ معدل الالتحاق بالتعليم العالي 45.5% عام 2015 مقابل 36.14% عام 2011, هذا بالإضافة إلى الاهتمام بتعليم تلاميذ تلک المرحلة أساسيات الإلمام بالقراءة والکتابة والعلوم الأساسية وهذا يوضح التقدم المحرز فى التعليم الماليزي والذي کان سببًا رئيسيًا من ضمن أسباب النهضة.([23])

 

  1. مراعاة النظام التعليمي الماليزي لتعدد الأعراق: نظرًا لتعددية الاعراق فى ماليزيا ومراعاة لحقهم فى التعليم, فهناک نوعان من المدارس فى ماليزيا المدارس القومية وتدرس باللغة الرسمية للبلاد, والمدارس المحلية والتى يسمح فيها الدراسة باللغة الصينية والهندية هذا بجانب اللغة الرسمية.([24])

 

  1. الاهتمام بتأهيل وتدريب المعلمين : لقد أولت الحکومة الماليزية اهتمامًا بالمعلمين نظرًا لأنهم أساس العملية التعليمية جنبًا إلى جنب مع الطلاب والمناهج الدراسية, فقد أنشأت العديد من معاهد التدريب المهنى للمعلمين, ويعد ربط المخرجات التعليمية بسوق العمل واحتياجاته وما يتطلبه وخاصة لتحوله نحو اقتصاد المعرفة والتکنولوجيا الرقمية من أهم ما يميز التجربة الماليزية عن غيرها من التجارب.

 

     وفى إطار سعى الدولة الماليزية نحو تطوير العنصر البشري وتنميته, فقد تم الاتجاه نحو الاهتمام بالرعاية الصحية للمواطنين, فقد قامت الدولة بتوفير الخدمات الصحية بتکلفة متدنية جدًا وتکاد تصل للمجانية التامة وهذا دون تمييز بين الاجناس والاعراق المختلفة بالدولة, ومن ضمن برامج الدولة فى هذا الصدد برامج رعاية الامومة والطفولة, الوقاية من انتشار بعض الامراض کالإيدز, بالإضافة إلى العديد من البرامج المتعلقة بالرعاية الصحية للأطفال والحوامل([25]), مما انعکس بالإيجاب على المؤشرات الصحية, فمثلا بلغ العمرالمتوقع ما يقرب من75 عامًا عام 2015, بالإضافة إلى انخفاض معدل وفيات الرضع (لکل 1000 مولود) ليصل إلى 6.8 عام 2015 مقابل 8.7 عام 2000([26]), بالإضافة إلى أن الحکومة استطاعت تحقيق تقدمًا فيما يتعلق بالأمراض السارية, فقد استطاعت السيطرة على العديد من الامراض من خلال برامج الوقاية والتحصين ضد تلک الأمراض.

 وفي سبيل تحقيق هذه النهضة والتطور الحادث في العنصر البشرينجد أن الدولة الماليزية قد واجهت العديد من التحديات ومن أهم تلک التحديات.

-       التعددية : ويقصد بها تعددية الاعراق والاديان والاجناس, وتعد تلک الظاهرة من الظواهر التى تلائم المجتمع البشري وتفاعلاته, وقد عانت الدولة الماليزية من التعددية نظرًا لأن السکان الأصليين للدولة "الملاويين" ويمثلون ثلاثة أرباع السکان کانوا يعانون من تدنى الأوضاع الاقتصادية وسوء الاحوال المعيشية فى حين أن الصينيين الذين لا يمثلون سوى ربع السکان يمتلکون معظم ثروات الدولة, لذلک أولت الحکومة الماليزية اهتمامًا بتلک الظاهرة نظرًا لکونها بلدًا تعتمد بالأساس فى تکوينها على التعددية العرقية, وقد تمکنت بالفعل من إدارة المجتمع فى ظل تلک التعددية وحققت التعايش السلمى بين أفراد المجتمع الماليزي, وذلک من خلال الإرادة القوية والرغبة الجادة من قبل القيادة السياسية بالدولة فى حل تلک المشکلة بالإضافة إلى مباديء المشارکة والتعايش السلمي بين فئات المجتمع وإقامة نظام ديمقراطى, وأخيرًا الاستثمار فى الانسان من خلال التعليم والتدريب.([27])

-       الفقر: من أحد أهم المشکلات التى أولت الحکومة الماليزية اهتمامًا بها ومواجهتها عقب التعددية هى تلک المشکلة "الفقر" وکيفية القضاء عليه وبذلت فى سبيل تحقيق ذلک جهود متعددة وهذا منذ استقلالها عام 1957, فقد اعتمدت مجموعة من البرامج الاجتماعية من أجل تحقيق التنمية المستدامة ومنها برنامج التنمية للأسر الأقل فقرًا, وبرامج الدعم وتقديم المنح والاعانات للفقراء, وتقديم قروض بدون فوائد بالإضافة إلى دعم الادوية للاسر الفقيرة,  وقد تمکنت بالفعل من تحقيق ذلک والحد من مستويات الفقر, حيث انخفض معدل الفقر من حوالي 50% فى الستينات من القرن الماضى إلى 5.7% عام 2004, ثم 3.6% عام 2007, کما انخفض المعدل فى الحضر والريف حيث بلغ فى الأولى 2% عام 2007, وفي الثانية 7.1% عام 2007 مقابل 11.9% عام 2004, کما انخفض عدد الأسر الفقيرة من 311 ألف أسرة إلى 209 ألف فى نفس الفترة, وهذا يرجع لزيادة الدخل المعيشي للأسر فقد ارتفع دخل الاسرة بنسبة 3.3% فى المدن مقابل 6.8% فى الريف([28]), هذا بالإضافة إلي أن البيانات الصادرة عن البنک الدولي أوضحت انخفاض المؤشر العددى للفقر(عندخط الفقر الوطنى % من السکان) من 1.7% عام 2011 إلي 4.% عام 2015, کما يوضحه الشکل التالي:

 

 

المصدر/إعداد الباحثة بالاعتماد على بيانات البنک الدولي.

  

 من الشکل السابق نلاحظ انخفاض معدل الفقر بنسبة کبيرة وهذا يعکس الجهود المبذولة من قبل الدولة الماليزية نحو مواجهة تلک المشکلة, ومن ناحية أخري نلاحظ أن مواجهة وحل تلک المشکلتين هما الأساس الذي قامت عليه النهضة الماليزية, فتحقيق التعايش السلمي بين جميع أفراد فئات المجتمع ليس بالأمر اليسير, بالإضافة إلي تحسين مستوي المعيشة لجميع الطوائف جنبًا إلى جنب دون أفضلية لطائفة على أخري أو لعرق على آخر, کان ذلک سببًا قويًا فى وجود مجتمع مستقر ومتکامل نسبيًا بُنِى على أسس سليمة فالجميع لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات, کل هذا ساعد فى مسيرة تنمية الدولة وفي الخطط التى تبنتها الدولة خلال العقود الأخيرة.   

    وقد ساعدت القيادة السياسية الحکيمة والإرادة القوية والجادة من قبلها في تنفيذ الخطط التنموية والسير وفق الاستراتيجيات الموضوعة من قبل الدولة, فمن ضمن الاجراءات التى اتخذتها تلک القيادة فى سبيل مواجهة الفقر,  فقد تم انشاء البنک الإسلامي الماليزي ويعد من أهم المؤسسات التعاونية والذي يهتم بتقديم الخدمات المالية للفئات الفقيرة فى المجتمع , بالإضافة إلى العديد من الخطط والاستراتيجيات الخماسية والعشرية  فى العقود الأخيرة والتي ساهمت في مسيرة التنمية وتحقيق أهدافها.([29])

2. واقع الرفاهة الاجتماعية فى ماليزيا.

 إن شرارة البدء فى إصلاح أنظمة الرفاهة الاجتماعية فى تلک البلد جاء عقب الازمة المالية العالمية عام 1997والتى عصفت باقتصادات دول شرق آسيا, وکشفت عن نقاط الضعف فى أنظمتها من ارتفاع معدلات الفقر وزياة معدل البطالة وقلة الطلب على العمالة, مما دفعهم لإعادة هيکلة اقتصاداتهم بما يتماشى مع الوضع الجديد الذى يرغبون فى تحقيقه وهو تحقيق النمو المستدام جنبًا إلى جنب مع تحقيق الاستقرار الاجتماعى والسياسي وتحقيق رفاهة مواطنى الدولة.([30])

     وتعد ماليزيا نموذجًا من نماذج الدول التى أصرت على توفير الخدمات الاجتماعية للمواطنين وتطوير نظام الرفاهة لديها, وذلک من خلال انتهاجها عددًا من المبادرات والاستراتيجيات على مدار العقود الاخيرة وکانت فلسفتها فى تلک المبادرات والخطط تحقيق النمو الاقتصادي مقترنًا بالتوزيع العادل على جميع فئات الشعب.([31])

     وعند تناول الحديث عن الرفاهة الماليزية وهل تحققت أم لا؟, وعلي الرغم من صعوبة القياس, إلا أنه هناک العديد من المؤشرات التى يمکن من خلالها معرفة ما إذا تم تحقيق تلک الرفاهة من عدمها, فمثلًا هناک مؤشر يعرف بمؤشر التقدم الاجتماعي والصادر عن منظمة "سوشيال بروجرس امبيراتيف"(*), ومن أهم المعايير التي يستند عليها هذا المؤشر: الوضع الصحي لمواطني الدولة، وأمانهم الشخصي، ومنافذ الدخول للمعلومات المتاحة لهم، إضافة إلى منافذ التعليم، وخدمات الصرف الصحي، والاستدامة، إلى جانب حصة الفرد من الناتج، والحريات الشخصية، والتسامح, وهذا يعنى أنه فى حال کانت کل تلک المؤشرات جيدة لدولة ما کان مستوى الرفاهة فى حالة جيدة وقد أوضح هذا المؤشر ترتيب ماليزيا فى المرتبة 50 من بين 146 دولة وهذا بنسبة 72.7%  لعام 2018, وهذا يعد مؤشرًا جيدًا للرفاهة الاجتماعية للدولة([32]), وهناک تقرير آخر يدعى تقرير السعادة العالمى(*) والذى حصلت ماليزيا فيه على المرتبة 35 ما بين عامى 2017:2015 وذلک بنسبة 6.32%.([33])

      وبشأن الحقوق الاجتماعية للماليزين وإيمانًا من الحکومة الماليزية بأهمية تعزيز تلک الحقوق وأهمية دور العنصر البشري فى المجتمع, فقد خصصت ما قيمته 21 % من الميزانية السنوية للدولة للانفاق على تطوير العنصر البشري من خلال تطوير التعليم والتدريب بما يعادل 40 مليار رينغيت ماليزي, وهذا بموجب الخطة الماليزية التاسعة (2010:2006) والتى وضعت الخطوط العريضة لضرورة تطوير التعليم وذلک بضمان حصول جميع المواطنين على فرص تعليمية متکافئة وملائمة دون النظر للاختلافات العرقية أو الدينية([34]), ولأن تأمين سکن لائق يعد من الحقوق الانسانية والاجتماعية لأفراد المجتمع وإيمانًا من الدولة بذلک, فقد قامت الحکومة الماليزية بتوفير وإتاحة السکن المناسب وبأسعار ميسرة لکافة فئات الشعب دون التفرقة على أسس عرقية ودينية.

    کما أنّ الحکومة الماليزية تهتم أيضًا بالمرأة کونها تعد مساهمًا وعاملًا حقيقيًا فى التنمية المطلوب تحقيقها فى الدولة ولذا قامت بوضع العديد من السياسات والتشريعات للنهوض بالمرأة, فتم وضع السياسة الوطنية الأولى للمرأة فى العام 1989, والسياسة الثانية فى العام 2006-2009 وذلک من أجل تحقيق العديد من الأهداف منها العمل على مشارکة النساء فى العمل على حسب قدراتهن ومهاراتهن, المساواة بين الجنسين, وحيازة الموارد وإتاحة الفرص بالتساوي بين الجميع وهذا من أجل تنمية المرأة والاستفادة القصوى من إمکانياتها, هذا بالإضافة إلي تحقيق الرخاء فى المجتمع والقضاء على الفقر والجهل, وفي سبيل تحقيق ذلک قامت الحکومة الماليزية بإنشاء عدد من اللجان من ضمنها "اللجنة الحکومية المعنية بالمساواة بين الجنسين"برئاسة مجلس الوزراء وهذا عام 2004 وذلک لضمان ومراقبة تحقيق تلک الأهداف المرجو تحقيقها.([35])

   إن فلسفة التنمية فى ماليزيا تقوم علي البشر وتحقيق المساواة بينهم فى الحقوق والواجبات والدخل والثروة, لذا فإن مکاسب التنمية التى تحققها الدولة لابد أن تنعکس على کافة أفرادها بتحقيق مستوي معيشي لائق وتوزيع عادل للدخل وهذا سينعکس بالطبع علي مستوي الرفاهة الذي سيتحقق تلقائيًا جراء حدوث ما سبق ذکره, ومن هنا فإن تحقيق الرفاهة يعد قائمًا بالأساس علي تنمية البشر والاستثمار فيهم بالتعليم والتدريب وغيرها من الوسائل التي تساهم فى تنميته وجعل مخرجاته تتوائم مع متطلبات سوق العمل.([36])

مما سبق يتضح أنّ الدولة الماليزية تهتم بکافة فئات وأفراد المجتمع على حد سواء وتسعي لترسيخ مبدأ أن للجميع الحق فى العيش عيشة کريمة, دون النظر للجنس أو العرق أو الدين وهذا هو الشعار الذى قامت بالفعل عليه الدولة الماليزية والذى کان عاملاً مساعدًا وهامًا فى تحقيق نهضتها التي هي عليها الآن.

دراسة العلاقة بين متغيرات الدراسة

اعتمدت الباحثة على استخدام معامل ارتباط بيرسون لقياس العلاقة الارتباطية بين متغيرات الدراسة و ذلک باستخدام البرنامج الإحصائي E-views 10

 

Covariance Analysis: Ordinary

Date: 08/15/21   Time: 01:55

Sample: 1992 2018

Included observations: 27

Correlation

Probability

LIFE_EXPECTENCY 

HDI 

GDP_PER_CAPITA 

LIFE_EXPECTENCY 

1.000000

 

 

 

----- 

 

 

 

 

 

 

HDI 

0.992529

1.000000

 

 

0.0000

----- 

 

 

 

 

 

GDP_PER_CAPITA 

0.983810

0.972856

1.000000

 

0.0000

0.0000

----- 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                                      

 

من الجدول السابق يمکننا ملاحظة أن

-         هناک علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين مؤشر التنمية البشرية (HDI) و مؤشر العمر المتوقع عند الميلاد (Life Expectancy) حيث کانت قيمة المعنوية 0.0001 و هى أقل من 0.05. و بالنظر إلى قيمة معامل الارتباط نجد أنها تساوي  0.99 مما يدل على وجود علاقة طردية قوية بين المتغيرين.

-         هناک علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين مؤشر التنمية البشرية (HDI) و نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي  (GDP per capita) حيث کانت قيمة المعنوية 0.0001 و هى أقل من 0.05. و بالنظر إلى قيمة معامل الارتباط نجد أنها تساوي  0.972 مما يدل على وجود علاقة طردية قوية بين المتغيرين.

-         هناک علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي  (GDP per capita) و مؤشر توقع الحياه عند الميلاد (Life Expectancy) حيث کانت قيمة المعنوية 0.0001 و هى أقل من 0.05. و بالنظر إلى قيمة معامل الارتباط نجد أنها تساوي  0.983 مما يدل على وجود علاقة طردية قوية بين المتغيرين.

وبناءا على ما سبق, ولأن دليل التنمية البشرية (HDI) يفسّر جزءًا کبيرًا من رفاهية الافراد کما تمذکرهسابقا فيمکن القول أن الدولة الماليزية تمکنت من تحقيق رفاهية افراد شعبها, کما استطاعت تحقيق نهضة حقيقية باستغلالها للثروة الحقيقية وهم البشر "مواطنين وقادة سياسيين", فقد استطاعت أن تحقق ميزة تنافسية فريدة لها فى دول شرق آسيا, حيث تمکنت من تحقيق تنمية بشرية حقيقية وهذا يتضح من خلال مؤشر التنمية البشرية الذى بلغت قيمته 0.8 وهى قيمة تقترب من أعلى قيمة للمؤشر وهى الواحد الصحيح, ولأن هذا المؤشر بالتحديد يعکس التطور الحادث فى عدد من مناحى الحياة الاجتماعية والصحية والتعليمية لذا فيمکن القول أن الرفاهة الاجتماعية فى ماليزيا توجد وبنسبة مقبولة استطاع المواطن أن يستشعر آثارها من خلال انعکاس النمو الحادث على حياته المعيشية مما ساهم فى تحقيق الرفاهة الاجتماعية.

 

الخاتمة

بعد العرض السابق لما تناولته الورقة البحثية من توضيح لماهية رأس المال غير الملموس - والذى يتمثل فى رأس المال البشري- والرفاهة الاجتماعية وکيف تحققت فى ماليزيا, يمکننا القول أن هناک ارتباط وثيق بين الاستثمار فى رأس المال غير الملموس( البشري) وتحقيق الرفاهة الاجتماعية لمواطنى الدولة, فقد أثبتت التجربة الماليزية ذلک الفرض بأن ثروة الأمة الحقيقة تتمثل فى شعبها وهم أساس النهضة الحقيقية على کافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها.

 

    وفى سبيل تحقيق تلک التنمية والمستوي من الرفاهة الاجتماعية فقد واجهت الحکومة الماليزية تحديات کبيرة من ضمنها الفقر, ولإيمانها القوي بأن الاساس الذى تقوم عليه التنمية البشرية السليمة هو تحسين الاوضاع المعيشية للأفراد والمساواة فى توزيع الدخل, فقد استطاعت الدولة الماليزية تحويل البشر إلى طاقة انتاجية واسعة تساهم فى تنافسية الدولة وتحقيق تنمية حقيقية انعکست بالإيجاب علي مستوي رفاهة الأفراد وذلک من خلال استثمارها فيهم بالتعليم والتتدريب وأيضًا بتوفير الرعاية والخدمات الصحية لهم, وأخيرًا يمکن القول أن تلک التجربة التنموية أثبتت أن الثروة الحقيقية للأمم هم البشر "مواطنى الدولة"  ولذا يجب أن تولى الدولة اهتمامًا بهم فى حال ما إذا کانت ترغب فى تنمية حقيقية وخاصة فى غضون الاتجاه العالمى نحو تحقيق ذلک, ومن أهم الاستنتاجات التى توصلت إليها الورقة البحثية:

  1. أن ثروة الامم تتمثل فى رأسمالها البشري ( الغير ملموس).
  2. هناک علاقة تبادلية بين الاستثمار فى رأس المال البشري (الغير ملموس) وتحقيق الرفاهة الاجتماعية.
  3. تمکنت ماليزيا من تحقيق الرفاهة الاجتماعية باعتمادها على رأسمالها البشري والاستثمار والتطوير فيه.

التوصيات

  1. توصى الباحثه بضرورة تغيير النظرة لرأس المال واعتبار رأس المال البشري هو أساس التنمية والنهضة الحقيقية.
  2. من الافضل النظر للتجارب الدولية الناجحة والاقتداء بها والاستقاء منها.
  3. العمل على الاهتمام بالعنصر البشري وتطويره من خلال التعليم والتدريب والصحة وغيرها.
  4. اعتبار الرفاهة الاجتماعية حق مکتسب للمواطنين وضرورة السعى من قبل الدول لتحقيقها.

 



(*) رئيس وزراء ماليزيا الأسبق, ولد فى شمال ماليزيا عام 1925, لأسرة والدها معلم من أصول هندية ووالدة ملاوية حصل على منحة لدراسة الطب وتخرج طبيبا عام 1953, ثم بعد ذلک درس فى جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الامريکية ليتخصص فى الشؤون الدولية وذلک عام 1967, وبدأ ظهوره فى الحياة السياسية الماليزية عام 1970 عندما ألف کتاب معضلة المالايو(Malay Dilema ) الذى اتهم فيه الشعب الماليزى بالکسل والاتکالية داعيا إلى ثورة صناعية من أجل النهضة وفى نفس الوقت کان عضوا فى الحزب الحاکم وحينها قرر الحزب منع الکتاب من التداول نظرا لما يحتويه من آراء عنيفة ولکن مهاتير محمد لم يستسلم لتلک الآراء واستطاع اقناع الحزب بقدراتة السياسية ومن هنا بدأ انطلاق مهاتير محمد بالحياة السياسية إلى أن تولى رئاسة  وزراء ماليزيا عام 1981 واستمر بمنصبه لعام 2003 إلى أن قدم استقالته وانسحب ليترک خلفه تاريخا حافلا بالانجازات مثبتا  للعالم أجمع إمکانية قيام دولة قائمة على تعاليم الدين الاسلامى وتحقيقها للنهضة الاقتصادية بالاعتماد على شعبها والتآلف بين أفراده بمختلف أعراقهم ودياناتهم

(*) هى منظمة غير ربحية و تتخذ الولايات المتحدة الأمريکية مقر لها. يتم إصدار المؤشر سنويًا منذ عام 2013 ، ويهدف إلى قياس مستوى التقدم الاجتماعي في الدول من خلال قدرة الدولة على تلبية احتياجات الإنسان الأساسية لمواطنيها وتعزيز جودة حياتهم والحفاظ عليها, کما يقيس هذا المؤشر التقدم الاجتماعي عام 2018 لحوالى 146 دولة باستخدام 51 مؤشر منه (79٪ من البيانات الإحصائية و 21٪ من الاستبيانات), وتندرج المؤشرات تحت 12 محور يضم کل منها عدداً من المؤشرات الفرعية مجمعة في 3 أبعاد مختلفة (الاحتياجات، الإنسانية الأساسية ، أسس الرفاهية والفرص).

(* )هو مقياس للسعادة تنشره شبکة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة, وتم إصدار أول تقرير السعادة العالمي  في 1 أبريل 2012 , ويحدد هذا التقرير حالة السعادة العالمية وأسباب السعادة والبؤس والآثار المترتبة على السياسات التي تظهرها دراسة الحالة, ويضم التقرير أکثر من 150 دولة، ويتم وفقاً لعدد من المعايير، منها نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط العمر والحرية وسخاء الدولة على مواطنيها، کما يتضمن الدعم الاجتماعي وغياب الفساد في الحکومات أو الأعمال



([1]) Derya Findik and Murat Ocak," The Empact Of Intangible Assets And Sub-Components Of Intangible Assets On Sustainable Growth And Firm Value:Evidence From Turkish Listed Firms",article at MDPI,27 sep2019,p3, available at this link/ https://www.mdpi.com/2071-1050/11/19/5359/htm.

([2]) " أين تکمن ثروة الأمم: قياس رأس المال للقرن الحادي والعشرين", دراسات مترجمة 29 عن البنک الدولى, مرکز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية, 2008, ص13.

([3]) ساجد خالد محمد,"واقع رأس المال الفکري وأثره علي الاداء المالي فى البنوک المدرجة فى بورصة فلسطين", کلية الاقتصاد والعلوم الادارية, الجامعة الاسلامية بغزة, 2019, ص24.

([4]) Christiaan Grootaert , Thierry van Bastelaer," UNDERSTANDING AND MEASURING Social CAPITAL: A SYNTHESIS OF FINDINGS ANDRECOMMENDATIONS FROM THE SOCIAL CAPITAL INITIATIVE",

Social Capital Initiative, Working Paper No. 2, The World Bank, April2001, p4.

 

[5])) منى الزايد, "الاستثمار في رأس المال البشري: نموذج مقترح", المؤتمر الثاني لمعاهد الإدارة العامة والتنمية الإدارية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية, المحور الرابع: رأس المال البشري وتطوير القطاع الحکومي, ص927.

([6]) Nabylah Abo dehman ," Human Capital (Growth economics)",Universite Di Roma, 2015/2016, p2.

[7])) مشروع رأس المال البشري"جزء من النص الوارد في تقرير عن التنمية في العالم 2019 : الطبيعة المتغيرة للعمل" , مجموعة البنک الدولي , ص 34:37 , متاح على الرابط التالي /

https://openknowledge.worldbank.org/bitstream/handle/10986/30498/33274AR.pdf?sequence=7&isAllowed=y.

([8]) أحمد السيد النجار, أولا کودمندسون ومجموعة من الباحثين, "دولة الرفاهية الاجتماعية, بحوث ومناقشات الندوة الفکرية", نظمها مرکز دراسات الوحدة العربية والمعهد السويدى بالاسکندرية, سبتمبر 2006, ص106, 105.

([9]) متاح على الرابط التالي/ https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%B1%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%8A%D8%A9>.

([10]) بول سبيکر, ترجمة حازم مطر," مبادىء الرعاية الاجتماعية: مقدمة للتفکير فى دولة الرعاية", المرکز الديمقراطي العربي, ألمانيا, 2017, ص13.

[11])) "تقرير التنمية البشرية للعام 2006- ما هو أبعد من الندرة: القوة والفقر وأزمة المياه العالمية", برنامج الأمم المتحدة الانمائى, ص394.

([12]) HANNU PIEKKOLA,"Intangible Capital- Driver Of Growth In Europe", REPORTS 167, University of VAASA,2011, p3,31,63,64.

([13])بکاري مختار," الاستثمار في رأس المال البشري کخيار استراتيجي لتطوير الکفاءات البشرية في الجزائر",مجلة التنظيم والعمل, المجلد8 , العدد2 , 2019,ص30.

([14])Thomas A. Hemphill," Capitalism without Capital: The Rise of the Intangible Economy by Jonathan Haskel and Stian Westlake",CATO institute, Cato Journal, Washington, 2018, Available at the following link/ https://www.cato.org/cato-journal/fall-2018/capitalism-without-capital-rise-intangible-economy-jonathan-haskel-stian.

[15])) متاح على الرابط التالى/ https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B1%D8%A3%D8%B3_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D8%B1%D9%8A.

([16]) لبنى بابا سعيد," دور الاستثمار في الرأس المال البشري في النمو الاقتصادي بالجزائر", جامعة الشهيد حمة لخضر بالوادي, کلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير, قسم العلوم الاقتصادية, الجزائر, 2014/2015, ص 17-18.

([17]) متاح على الرابط التالى/https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%B2%D9%8A%D8%A7.

([18]) أميرة أحمد حرزلى"دور القيادة الماليزية فى تحقيق التنمية المستدامة والاصلاح السياسي فى عهد مهاتير محمد",دراسة ضمن کتاب جماعي, المرکز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية,برلين-ألمانيا , 2019,ص276.

[19]))خويلدات صالح, طرايش معمر, " قوة تنويع محفظة الاستثمار بدون نفط, التجربة الماليزية- قراءة الخطط التنموية, نظرة استشرافية 2020", مجلة التنمية والاقتصاد التطبيقي,جامعة المسيلة,العدد1,مارس 2017,ص85.

([20](available at the following link/ https://www.imf.org/external/datamapper/profile/OEMDC.

([21])  Available at the following link / https://data.albankaldawli.org/country/malaysia?view=chart>

([22]) "أدلة التنمية البشرية ومؤشراتها: التحديث الإحصائي لعام 2018", برنامج الامم المتحدة الإنمائي, 2018, ص26.

(([23] متاح على موقع البنک الدولي- بيانات احصائية لدولة ماليزيا, ويمکن الاطلاع عليه من خلال الرابط التالي/ https://data.albankaldawli.org/country/malaysia?view=chart.

([24]) کتوش عاشور, فورين حاج," التجربة الماليزية فى مجال التنمية البشرية ومقومات نجاحها", مرکز الدراسات الاقليمية, دراسات اقليمية 4(10), ص9.

([25]) "تقرير وطنى من مرفق قرار مجلس حقوق الانسان", مرجع سبق ذکره, ص10.9.

([26]) البنک الدولى,بيانات احصائية , ماليزيا, متاح على الرابط التالى/ https://data.albankaldawli.org/country/malaysia?view=chart.

([27])أحمد مجدي محمود عبد السلام," التعدد العرقي في ماليزيا واثره علي الاستقرار السياسي",دراسات بحثية, المرکز الديمقراطي العربي, 11. أغسطس 2016, متاح علي الرابط التالي/ https://democraticac.de/?p=35492 .

([28]) المرجع السابق ذکره, ص12, 11.

([29]) أميرة أحمد,مرجع سبق ذکره,ص281,280.

([30]) طاهر کنعان, مى حناينة,"دولة الرفاهية الاجتماعية, أنظمة الرفاهه فى شرق آسيا: حالات منتقاة کوريا الجنوبية, ماليزيا والصين", الفصل السابع, بحوث ومناقشات الندوة الفکرية, نظمها مرکز دراسات الوحدة العربية والمعهد السويدى بالاسکندرية, سبتمبر 2006, ص299:297.

([31]) محسن محمد صالح,"النهوض الماليزي: قراءة فى الخلفيات ومعالم التطور الاقتصادي", مرکز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية, العدد 136, الطبعة الاولى 2008,ص88:85.

([32])متاح على الرابط التالى/ https://fcsa.gov.ae/ar-ae/Pages/Competitiveness/Reports/Social-Progress-Index.aspx?rid=20

([33]) Jeffrey, John and Richard Layard, "World Happiness Report 2018", The United Nations, p25.

([34]) "تقرير وطني مقدم وفقًا للفقرة 15 (أ) من مرفق قرار مجلس حقوق الإنسان5/1, ماليزيا ", مجلس حقوق الانسان, الجمعية العامة, الأمم المتحدة, الدورة الرابعة, جينيف, 13:2 فبراير 2009, ص7.

([35] (available at the following link/ http://docstore.ohchr.org/SelfServices/FilesHandler.ashx?enc=FhOD6sgqgzAhFXD9F%2FeKaFMm83LbFY75RhkIFGrig%2B7dyZvhaBy1eX%2FMq2xyluuUYOlspZrudGzwdzz%2BeaqOzuT0K%2FkFsc1UfHBi7wjqYxtv%2BEw98YzStZZEdEXUNiOR.

([36])  حنان حکار, وداد غزلاني," التجربة الماليزية في التنمية المستدامة: استثمار في الفرد وتوفير للقدرات", احدى اصدارات المرکز الديمقراطي العربي, مجلة العلوم السياسية والقانون, العدد الثالث - يونيو2017.