أثر تغيرات اسعار النفط على أداء اسواق الاسھم في دول مجلس التعاون الخليجي

نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة

المؤلف

کلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، مصر

المستخلص

لقد أثر الإنخفاض الأخير في سعر النفط على العديد من الدول، وخاصةً کبار منتجي ومصدري النفط ومنهم دول مجلس التعاون الخليجي التي تمتلک نصف احتياطي النفط العالمي. يثير إنخفاض سعر النفط مخاوفاً بشأن تأثير ذلک على معدل النمو الإقتصادي وتحرکات أسواق الأسهم. تهدف هذه الورقة البحثية إلى التعرف على أثر تغيرات أسعار النفط على أسواق الأسهم الخليجية التي تتضمن البحرين والکويت وعمان وقطر والمملکة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة خلال فترة عشر سنوات من ٢٠٠٥ إلى ٢٠١٥. تقوم الدراسة بفحص اتجاه التأثير وامتصاص التأثير من خلال اختبار سببية جرانجر Granger Causality ودالة استجابة الدافع Impulse Response. وتعد نتائج هذه الورقة مهمة لمديري المحافظ على المستوى الدولي، بالإضافة إلى أهميتها لصانعي القرار من خلال مساعدة الحکومة والجهات التنظيمية على اتخاذ القرارات الصائبة عند حدوث تغيرات في أسعار النفط. هذا وتدعو نتائج هذه الورقة إلى لمزيد من التنوع الإقتصادي على المستوى المحلي والإقليمي للتخفيف من حدة التغيرات في أسواق الأسهم الخليجية المصاحبة لأزمات النفط.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


 

 مقدمة

أدى الإنخفاض الأخیر فی أسعار النفط نهایة ٢٠١٥ لإثارة قلق العدید من الدول المصدرة للنفط. حیث انهارت أسعار النفط من ١٤٥ دولار للبرمیل (یولیو ٢٠٠٨) إلى ٣٦ دولار للبرمیل (دیسمبر ٢٠١٥)، وهو انخفاض یقدر بنسبة ٤٩% فی الأشهر الستة عشر الأخیرة. وقد جاء هذا الانخفاض نتیجة لزیادة إنتاج النفط الصخری فی الولایات المتحدة الأمریکیة، بشکل جعل العالم غارقاً فی البترول فائض من النفط الخام، لیصل الفائض فی ٢٠١٦ ما یکفی لتغطیة احتیاجات دولة فی حجم بریطانیا. ویعنی الإنخفاض فی أسعار النفط أرباحاً أقل للدول المصدرة للنفط بالإضافة إلى إعاقة نمو التصدیر (The Economist, 2015). وتعد دول الشرق الأوسط أکثر عرضة من غیرها للتأثر بتغیرات أسعار النفط، حیث أن بعضها من کبرى الدول المنتجة والمصدرة للنفط، بالإضافة إلى امتلاکها جزء ضخم من النفط العالمی یقارب ٨١٠ ملیار برمیل ممثلاً ٤٧.٧% من المخزون العالمی (راجع الملحق ١).

یضم مجلس التعاون الخلیجی ستة دول من الشرق الأوسط هی البحرین والکویت وعمان والمملکة العربیة السعودیة والإمارات العربیة المتحدة وقطر، التی وقّعت الدول اتفاقیة للتعاون الاقتصادی والتجاری علم ١٩٨٣. وتعد دراسة العلاقة بین أسعار النفط وأسواق الأسهم الخلیجیة على قدر من الأهمیة لعدة أسباب؛ أولاً، إن دول مجلس التعاون الخلیجی هی الدول الرئیسیة المنتجة والمصدرة للنفط (کما هو موضح فی الملحق ١)، بالإضافة إلى عضویتها فی منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبک)؛ مما یجعل أسواق الأسهم فیها شدیدة الارتباط بالتغیرات فی أسعار النفط. ثانیاً، بالرغم من کون إقلیم مجلس التعاون الخلیجی مستقلاً عن أسواق الأسهم العالمیة، إلا أنه شدید التأثر بالأحداث الإقلیمیة السیاسیة والجغرافیة. ثالثاً، تحمل نتائج هذه الدراسة إضافة وأهمیة معرفیة لصانعی السیاسات والمنظمین الحکومیین والمستثمرین فی المنطقة.

کانت المملکة هی المؤسس الأول لمنظمة الأوبک واستمرت فی قیادتها بفعالیة، ویعود ذلک لعدة أسباب؛ أولها أنها تمتلک أضخم احتیاطی نفط خام فی العالم، متجاوزةً فی ذلک أقالیم الأمریکتین ومنطقة آسیا والمحیط الهادئ وأوروبا وأوراسیا، بلغ حوالی ٢١% من احتیاطی الأوبک وحوالی ١٨% من الاحتیاطی العالمی فی عام ٢٠١٣. ثانیاً، أن المملکة هی أکبر مصدر للنفط فی الأوبک، کما أن لها ما یقارب من ثلث النفط المستخرج (Hamilton, 2014). ثالثاً، تمتلک المملکة أکبر طاقة إنتاجیة احتیاطیة فی العالم مما یمکنها من العمل کمنتج موازن swing producer، وهو ما یعنی قدرتها على زیادة أو تخفیض إمدادها للنفط بحد أدنى من التکلفة الإضافیة، وبالتالی یمکنها التأثیر على أسعار النفط وموازنة السوق على نحو یوفر الحمایة من المخاطر على المدى القریب والمتوسط.

یلعب النفط دوراً هاماً فی الاقتصادات الخلیجیة؛ فعندما تتغیر أسعار النفط یتأثر النشاط الإقتصادی الفعلی، مما ینعکس على أرباح الشرکات التی ترتبط بشکل مباشر أو غیر مباشر بصناعة النفط، وبالتالی، تتأثر أسعار أسهم تلک الشرکات. یوجد أضخم احتیاطی نفط فی المملکة العربیة السعودیة، متبوعةً بالکویت والإمارات العربیة المتحدة على التوالی (راجع الملحق ٢). وتذهب مجموعة واسعة من الأدبیات نحو إثبات العلاقة بین أسعار النفط الخام وأسواق الأسهم فی الدول المتقدمة. ویعد إقلیم مجلس التعاون الخلیجی موقعاً ثریاً وجذاباً لإجراء البحث العلمی لتقصی فوائد الإستثمار فیه وإدارة المحافظ فی الأسواق المالیة بالمنطقة.

تبحث هذه الدراسة فی العلاقة بین أسعار النفط وأسواق الأسهم الخلیجیة خلال الفترة ٢٠٠٥-٢٠١٥ باستخدام نموذج الانحدار الذاتی (Vector Auto Regression-VAR) للإجابة عن سؤالین رئیسیین: الأول، ما هی العلاقة السببیة بین أسعار النفط وأسواق الأسهم الخلیجیة؟ ثانیاً، ما المدة التی تستغرقها أسواق الأسهم الخلیجیة لاستیعاب تأثیر سعر النفط؟

یناقش القسم الثانی من الدراسة خلفیة أسواق الأسهم الخلیجیة، ویقدم القسم الثالث عرضاً للأدبیات، کما یصف القسم الرابع المنهجیة والبیانات، ویعرض القسم الخامس النتائج الکمیة للنموذج ویتم مناقشة النتائج وتداعیاتها فی الجزء السادس، وأخیراً تنتهی الدراسة بعرض الخاتمة فی القسم السابع.

 أسواق الأسهم فی دول مجلس التعاون الخلیجی

یمثل مجلس التعاون الخلیجی إتحاداً إقتصادیاً وسیاسیاً لستة دول عربیة تتشارک الخلیج العربی، هذه الدول هی البحرین والکویت وعمان وقطر والمملکة العربیة السعودیة والإمارات العربیة المتحدة والتی وقّعت اتفاقیة إقتصادیة وتجاریة فی ١٩٨٣. تحمل دول مجلس التعاون عضویة منظمة الأوبک وتحتل صدارة منتجی النفط فی العالم. ویتمثل العامل المشترک بین دول المجلس فی اعتمادها الکبیر على الموارد الطبیعیة غیر المتجددة (بنک الکویت الوطنی، 2011)، وإن کان بمستویات مختلفة (Arouri & Rault, 2012). وتتصل السیاسات النقدیة لدول المجلس بالدولار الأمریکی لکون أسعار الصرف الخاصة بها مربوطة بالدولار (Karam, 2001) .

تصنف أسواق أسهم دول مجلس التعاون الخلیجی کأسواق حدودیة frontier markets، فهی أسواق مجزأة بشکل کبیر ولدیها استعداد/قابلیة کبیرة للتأثر بالعوامل الإقلیمیة أکثر من تأثرها بالعوامل العالمیة (Balcilaret et. al., 2013; Arouri & Rault, 2012). وتشترک أسواق الأسهم الخلیجیة فی خصائص مؤسسیة عامة، مثل ارتفاع درجة ترکز القطاعات المصرفیة والمالیة والتی تعمل کوسیط/ناقل mediatorللتقلبات volatility الإقلیمیة والعالمیة بین هذه الأسواق خاصة أثناء الأزمات المالیة (Jamaani & Roca, 2015). علاوةً على ذلک، تشهد أسواق دول مجلس التعاون الخلیجی مشارکات أجنبیة ضئیلة بسبب القیود القانونیة الحاکمة للملکیات الأجنبیة وعدم تناظر المعلومات الناتج عن حداثة وضعف هذه الأسواق (Jamaani & Roca, 2015). حیث تشهد الأسواق الخلیجیة أجحاماً منخفضة من التعاملات مقارنة بأسواق الأسهم المتقدمة، کما أنها أکثر عرضة للتلاعب من قبل بعض کبار التجار (Bley, 2011). یضاف إلى ذلک انخفاض سیولة وصغر حجم هذه الأسواق وتکرر تعرضها للتقلبات فی المدى القصیر (Bahlous, 2013). ویعرض الجدول(١) المستوى المنخفض لحجم الأسواق الخلیجیة الستة.

 

 

جدول ١: مؤشرات أسواق الأسهم الخلیجیة

الدولة البورصة الحجم

(متوسط ٥٠ یوم) ٪ الحجم من إجالی الأسواق الخلیجیة

 (متوسط ٥٠ یوم)

البحرین بورصة البحرین 2,232,090 0.2851

الکویت بورصة الکویت 138,592,173 17.7031

عمان سوق مسقط للأوراق المالیة 14,853,725 1.8973

قطر بورصة قطر 6,237,943 0.7968

المملکة العربیة السعودیة البورصة السعودیة 202,324,072 25.8440

الإمارات العربیة المتحدة سوق دبی المالی 294,553,898 37.6250

 بورصة أبو ظبی 124,073,910 15.8486

إقلیم مجلس التعاون الخلیجی 782,867,811 100.0000

المصدر: www.gulfbase.com (تم الحصول على البیانات بتاریخ 20 سبتمبر 2015)

 

ومن منظور إقلیمی وعالمی، قدّرت قیمة أسواق الأسهم الخلیجیة بحوالی ٧% من القیمة المالیة للأسواق ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وبلغت ١.٣٢٪ و٣.٧٥٪ من القیمة السوقیة العالمیة والأمریکیة على التوالی فی عام ٢٠١٢. وعلى الرغم من أن بعض دول المجلس شهدت تجارة فی الأسهم عام ١٩٣٠، إلا أن عام ١٩٨٣ کان بدایة أول نظام رسمی للسوق فی دولة الکویت. ومنذ ذلک الحین، تم تأسیس أسواقاً للأسهم فی دول خلیجیة أخرى، والتی استمرت فی النمو والتطور الملحوظ حتى وصلت إلى ٦٥٨ شرکة مدرجة عالمیاً فی سبعة أسواق مالیة مع نهایة عام ٢٠١٢.

 أسعار النفط وأسواق الأسهم الخلیجیة فی سیاق الأدبیات الاقتصادیة

تحمل أسعار النفط تأثیرات مباشرة على أسعار الأسهم؛ حیث تمثل أسعار الأسهم فی أی وقت إنعکاساً للتدفقات النقدیة المستقبلیة المتوقعة future cash flows (Huang, Masulis & Stoll, 1996). وقد یکون انخفاض سعر النفط مفیداً للمستهلکین، ولکنه یعنی إنخفاضاً فی أرباح الدول المصدرة له. لذلک فإن انخفاض أسعار النفط یؤدی إلى ارتفاع أسعار الأسهم (Hamilton, 1983)، سواء من خلال التأثیر المباشر على تدفقات النقد المستقبلی أو بشکل غیر مباشر من خلال تأثیر معدلات الفائدة المستخدمة لخصم هذه التدفقات (Basher et al., 2012). وتعتبر العلاقات بین المتغیرات الإقتصادیة الکلیة المختلفة على درجة من الأهمیة لدول مجلس التعاون الخلیجی المصدرة للنفط، وخاصةً تلک العلاقة بین أسعار النفط ومؤشرات أسواق الأسهم، فضلاً عن أهمیة تقدیر/معرفة المدة الزمنیة التی یستغرقها الاقتصاد المحلی لاستیعاب التغیرات أو الصدمات فی أسعار النفط؛ وتمثل تلک النقاط أهدافاً لهذه الدراسة.

هناک عدد من الدراسات التطبیقیة التی تم اجراءها على العلاقة بین أسعار النفط وأسواق الأسهم، رکزت أغلبها على الدول المتقدمة والتی تعتبر فی الغالب مستوردة للنفط. انتهت نتائج هذه الدراسات إلى وجود تأثیر سلبی معنوی لتغیرات أسعار النفط على أسواق الأسهم (Charles & Kaul, 1996; Huang et al., 1996; Papapetrou, 2001; Park and Ratti, 2008; Kaneko and Lee, 1995 and many others). وقد تقصت بعض الدراسات الأخرى هذه العلاقة فی الدول المصدرة للنفط والأسواق الناشئة ودول مجلس التعاون الخلیجی على وجه الخصوص؛ ولکن جاءت غیر متسقة فی نتائجها على نحو لا یمکننا من التعمیم. یقدم القسمان التالیان تحلیلاً للأدبیات التی تناولت العلاقة بین أسعار النفط وأسواق الأسهم الخلیجیة؛ حیث نعرض الدراسات ذات نتائج العلاقة الإیجابیة فی القسم الأول بینما یقدم القسم الثانی الأدبیات استنتجت ضعف أو غیاب هذه العلاقة.

 الأدبیات المؤیدة للعلاقة بین أسعار النفط وأسواق الأسهم

یؤید تیار من الباحثین انتقال تأثیر التقلبات volatility spill-over من سوق النفط إلى أسواق الأسهم الخلیجیة، وکذلک انتقال هذا التأثیر من سوق لآخر داخل منطقة دول مجلس التعاون الخلیجی. حیث وجد کلاً من حمودة وألیسا (2004) باستخدام نماذج إتجاه الإنحدار الذاتی واختبارات التکامل المشترک co-integration؛ أن عائدات أسهم المملکة العربیة السعودیة ترتبط بعلاقة ثنائیة الإتجاه مع تغیرات أسعار النفط. فی حین لم تستنتج الدراسة وجود أی علاقة مباشرة مماثلة فی دول الخلیج الأخرى التی بدت أکثر تأثراً بالمتغیرات الاقتصادیة المحلیة. وفی دراسة أخرى؛ وجد زارور (2006) أن المملکة العربیة السعودیة وعمان فقط یمکنهما التأثیر على أسعار النفط، فی حین تتأثر عائدات أسواق الأسهم الخلیجیة الأخرى (باستثناء قطر) بالارتفاع فی أسعار النفط. کما وجد کلاً من حمودة وتشوی (2006) تأثیراً غیر مباشراً قصیر الأجل لأسعار النفط فی معظم الأسواق الخلیجیة. ومن جهة أخرى، وجد کلاً من جوینی (2013) والحداد وسبیتی (2013) تأثیراً معنویاً وإیجابیاً طویل الأجل لأسعار النفط على أسواق الأسهم الخلیجیة. وقد أکد أروری وآخرون (2011) volatility spill-overs بین أسعار النفط وأسواق الأسهم الخلیجیة فی الأجلین القصیر والطویل، مع وجود استجابة أکبر للتغیرات السلبیة مقارنة بالتغیرات الإیجابیة فی أسعار النفط. وبالمثل؛ خلص کلاً من ماغیریه والکانداری (2007) إلى أن أسعار النفط تؤثر على أسواق الأسهم الخلیجیة بطریقة غیر خطیة nonlinear fashion. فی حین أن حمودة ومالک (2007) لم یدعما هذه النتائج؛ حیث خلصت دراستهما إلى وجود تأثیر أحادی الاتجاه unidirectional volatility transmission من سوق النفط إلى أغلب أسواق الأسهم الخلیجیة، فی حین ظهر الانتقال ثنائی الاتجاه فقط bidirectional volatility transmission فی المملکة العربیة السعودیة.

وقد استخدم أروری ورولت (2010) بیانات أسبوعیة وشهریة لأسواق الخلیج وخلصا إلى أن التغیرات فی أسعار النفط تسبب تغیرات سلبیة Granger causality فی أسعار الأسهم، بالإضافة إلى وجود علاقة معنویة قویة ثنائیة الإتجاه فی سوق المملکة العربیة السعودیة. وقد أظهرت دراسة أخرى استخدم فیها أروری ورولت (2012) بیانات أسبوعیة فقط، انتقال سببی قوی قصیر الأجل من سوق النفط إلى أسواق الأسهم الخلیجیة، مع استجابة أکبر للتغیرات السلبیة فی الأسعار، وعدم تسجیل أی استجابة فی الأجل الطویل.

وفی حین أثبتت معظم الدراسات أن المملکة العربیة السعودیة هی الأکثر تأثراً بالتغیر فی أسعار النفط، إلا أن دراسة دالی وفیاض (2011) سجلت أن قطر والإمارات العربیة المتحدة هما الأکثر تأثراً، وقد ظهر انتقال الأثر من سوق النفط إلى أسواق الأسهم بشکل أکبر خلال التقلبات الموجبة positive oil shocks والأزمة المالیة العالمیة. وبالمثل؛ فقد وجد حراثی والمحیمید (2015) أن أسواق الأسهم الخلیجیة مرتبطة بأسعار النفط، وإن کانت الفواصل الهیکلیة structural breaks تقلل من حدة التأثیر. هذا وقد أشار باشر وسادورسکی (2016) إلى أن النفط هو أفضل الأصول لتحوط أسعار أسواق الأسهم الناشئة فی حالة فترات الأزمات.

 الأدبیات المعارضة لتعمیم العلاقة بین أسعار النفط وأسواق الأسهم

یذهب تیار آخر من الدراسات إلى وجود آثار ضعیفة أو معدومة وأحیاناً غیر متناظرة بین دول مجلس التعاون الخلیجی الفردیة بخصوص العلاقة بین أسواق الأسهم وتغیرات أسعار النفط. وقد وجد أروری وفوکاو (2009) انتقالاً معنویاً لأسعار النفط إلى ثلاثة أسواق فقط (قطر والإمارات العربیة المتحدة وعمان) مع تعاظم التأثیر الناتج عن الصدمات السالبة للنفط negative oil shocks، فی حین لا تظهر أیة تأثیرات على أسواق أسهم البحرین والکویت والمملکة العربیة السعودیة. وبالمثل؛ وجد أروری ودین ونجوین (2010) تأثیراً قصیر الأجل على أسواق الأسهم فی المملکة العربیة السعودیة والإمارات العربیة المتحدة وقطر وعمان، مع عدم وجود أیة تأثیرات على أسواق البحرین والکویت.

وقد فحص لیسکارو ومیجنون (2008) ستة وثلاثون دولة متضمنة دول الأوبک لیجد تکاملا ضعیفاً weak co-integration بین سوق النفط وأسواق أسهمها. وبالمثل, لاحظ أکوما وآخرون (2012) عدم وجود علاقة قویة فی الأجل القصیر بین سوق النفط وعائدات أسواق أسهم دول الأوبک، ولکن أظهرت الدراسة ذاتها وجود حرکة متزامنة co-movement فی الأجل الطویل.

کما وجد رازفی وماسیه (2014) نتائج غیر متناظرة بین دول مجلس التعاون الخلیجی؛ حیث لم تظهر أسواق أسهم المملکة العربیة السعودیة وعمان والکویت أی تأثر بتغیرات الأسعار فی الأجلین القصیر والطویل، فی حین ظهر تأثر سوقی أسهم قطر والبحرین بتغیرات أسعار النفط فی الأجلین القصیر والطویل، بینما یتأثر سوق الأسهم فی الإمارات فی الأجل الطویل فقط. وعلى خلاف ذلک؛ توصل الحایکی (2014) إلى وجود تأثیر سلبی لأسعار النفط على أسواق أسهم البحرین والمملکة العربیة السعودیة والإمارات العربیة المتحدة، فی حیث یظهر تأثیراً إیجابیاً على أسواق أسهم الکویت وقطر وعمان. وکذلک أظهرت الدراسة وجود علاقة سببیة ثنائیةbidirectional causal relationship الإتجاه بین اسعار النفط وعائدات أسواق الأسهم فی کافة الدول باستثناء البحرین.

وتظهر دراسة أخرى من قبل موهانتیا وآخرون (2011) علاقة إیجابیة قویة بین تغیرات أسعار النفط وعائدات أسواق الأسهم الخلیجیة، باستثناء الکویت. کما سجلت الدراسة وجود تأثیر غیر متماثل لاتجاه تحرک أسعار النفط؛ حیث تؤدی التقلبات السالبة فی أسعار النفط إلى الإضرار بعائدات کافة أسواق الأسهم الخلیجیة، فی حین تعمل الزیادة فی أسعار النفط لها علی زیادة عائدات سوقی الإمارات العربیة المتحدة والمملکة العربیة السعودیة فقط.

بناءً على العرض السابق للأدبیات یظهر عدم وجود إجماع حول النتائج الخاصة بمنطقة دول مجلس التعاون الخلیجی، وقد تنسب هذه النتائج المختلطة إلى اختلاف الفترة الزمنیة فی کل دراسة أو أسالیب التقدیر المتبعة. تمثل هذه الدراسة استطراداً للبحث فی العلاقة بین أسعار النفط وأسواق الأسهم فی منطقة الخلیج العربی فی الفترة من ٢٠٠٥ إلى ٢٠١٠ من خلال اختبار العلاقة السببیة وتقدیر الفترة التی تستغرقها أسواق الأسهم لاستیعاب التغیر فی أسعار النفط. وبذلک تضیف هذه الورقة البحثیة جزءاً من المعرفة إلى الأدبیات الاقتصادیة کونها تفحص دینامیکیات تأثیر التغیر فی أسعار النفط على أسواق الأسهم الخلیجیة، کما أنها تضیف رؤیة للنقاش الجیوسیاسی الأخیر حول النفط، مما یسمح لصانعی السیاسات والمستثمرین ومدیری المحافظ وغیرهم على الصعیدین المحلی والدولی باستشراف الآثار المترتبة على أزمات النفط المستقبلیة والتأهب لها بقدر من الحرفیة والکفاءة.

 

 قنوات انتقال تأثیر أسعار النفط على أسواق الاسهم الخلیجیة

تمثل صادرات النفط المحدد الأول لإیرادات الدولة ونفقاتها، الطلب الکلی، وأرباح الشرکات فی دول مجلس التعاون الخلیجی، فالتغیرات فی أسعار النفط تؤثر من خلال الطلب الکلی على ناتج الشرکات ومستوى الأسعار المحلیة وهو ما یؤثر بالتبعیة على ارباح الشرکات، حیث تسبب الزیادة فی أسعار النفط انخفاضًا کبیرًا فی أسعار الأسهم الخلیجیة من خلال التأثیر السلبی لها على الناتج الحقیقی فی هذه الدول مما یفدی فی نهایة المطاف إلی انخفاضًا کبیرًا فی أرباح الشرکات (Nguyen، 2012).

فضلًا عن أن دول مجلس التعاون الخلیجی تعد مستوردًا للسلع المصنعة. لذا فإن الزیادة فی أسعار النفط من شأنها أن تؤدی إلی رفع أسعار هذه السلع المستوردة وهو ما یؤدی إلى ضغوط تضخمیة والتی تؤثر بدورها على أسعار الفائدة، أسعار الخصم وصافی التدفقات المستقبلیة. کما تؤثر أسعار النفط على أسواق الأسهم فی الدول المصدرة للبترول من خلال تحویل الدخل، حیث یؤدی ارتفاع اسعار النفط إلى نقل الدخل من الدول المستوردة للدول المصدرة للنفط، مما یعنی زیادة الدخل القومی من خلال ارتفاع حصیلة الصادرات، وبالتالی زیادة القوة الشرائیة وطلب المستهلک فی أسواق هذه الدول مما ینشط هذه الاسواق من خلال تأثیر الدخل والثروة. وحیث ان النفط یعتبر مکونًا اساسیًا فی العملیة الانتاجیة، فإن الزیادة فی أسعار النفط تؤدی إلى ارتفاع تکالیف الإنتاج مما یسبب انخفاضا فی أسعار الاسهم من خلال خفض الطلب علیها. (Al-Maadid، 2016).

 

 الفرضیات والمنهجیة والبیانات

 فرضیات الدراسة

تختبر الدراسة ثلاث فرضیات أساسیة. الفرضیة الأولى: توجد علاقة طویلة وقصیرة الاجل بین تغیرات أسعار النفط وسوق الأسهم فی دول التعاون الخلیجی. الفرضیة الثانیة: تؤثر صدمات اسعار النفط معنویًا على أسواق الأسهم فی دول مجلس التعاون الخلیجی. الفرضیة الثالثة: تتأثر أسواق الاسهم الخلیجیة بتقلبات أسعار النفط فی الاسواق العالمیة.

 

قمنا بإجراء عدد من الإختبارات التشخیصیة قبل القیام بتحلیل VAR. ومن أجل تحدید سکون stationarity البیانات؛ قمنا باختبار unit root اعتماداً على نتائج اختبارات Dickey-Fuller وPhillips-Perron. تم تحدید فترات الإبطاء المثلى التی نستخدمها فی نموذج إتجاه الإنحدار الذاتی، بالاعتماد علىAkaike information criteria التی رجحت استخدام فترتی إبطاء. وبما أن اختبارات إتجاه الإنحدار الذاتی معروفة فی الأدبیات الاقتصادیة، فإننا نقتصر على عرض مختصر لها فی الجزء التالی.

 

 نموذج إتجاه الإنحدار الذاتی (VAR)

یعد نموذج إتجاه الإنحدار الذاتی ضمن أکثر النماذج مرونةً وثباتاً فی تحلیل السلاسل الزمنیة متعددة المتغیرات multivariate time series analysis. حیث یقدم النموذج امتداداً طبیعیاً للنموذج أحادی المتغیر، لیدعم بذلک النماذج متعددة المتغیرات التی تشمل المتغیرات الحتمیة deterministic والداخلیة endogenous والخارجیة exogenous. وقد أثبت نموذج VAR على مر السنین کونه مُجدٍیاً فی وصف الخصائص الدینامیکیة لتحلیل السلاسل الزمنیة للمتغیرات الإقتصادیة والمالیة؛ بالإضافة إلى توفیر تنبؤات وتوقعات لهذه المتغیرات. کما یقدم نموذج VAR تنبؤات أکثر دقة من قریناتها أحادیة المتغیر ونماذج المعادلات الآنیة simultaneous equation models. بالإضافة إلى میزة تعدد المتغیرات فی نموذج VAR التی تسمح بجعل التنبؤات مشروطة بالاتجاه المستقبلی للمتغیرات الأخرى المستخدمة فی النموذج.

تقوم الورقة البحثیة بدراسة العلاقة بین أسعار النفط وأسواق الأسهم الخلیجیة من خلال استخدام نموذج VAR. وبفرض أن المعادلة Y_t=〖(Y〗_(1,t),Y_(2,t),⋯,Y_(n,t))' تمثل متجه السلسلة الزمنیة للمتغیر (k×1)، فإن نموذج VAR للمتجه الأساسی - مع وجود الدرجة p – یصبح VAR(p):

 

Y_t=c+Π_1 Y_(t-1)+Π_2 Y_(t-2)+⋯+Π_p Y_(t-p)+u_t (1)

 

حیث t=1,⋯,T، وتکون (k×1) و Π_i مصفوفات المعامل، ویکون c متجه ثابت (𝑘 × 1) و u_t عملیة المتجه (k×1) للضوضاء البیضاء white noise مع متوسط صفر غیر ملاحظ ومصفوفة التغایر Σ.

وعلى سبیل المثال، بافتراض 𝑌 متجه ثنائی الأبعاد؛ فإن متجه الإنحدار الذاتی VAR(1) یتکون من معادلتین ویمکن کتابته بصیغة المصفوفة (bivariate VAR) کالتالی:

Y_t=(■(Y_(1,t)@Y_(2,t) ))=(■(c_1@c_2 ))+(■(π_11^1&π_12^1@π_21^1&π_22^1 ))(■(Y_(1,t-1)@Y_(2,t-1) ))+(■(π_11^2&π_12^2@π_21^2&π_22^2 ))(■(Y_(1,t-2)@Y_(2,t-2) ))+(u_(1,t)¦u_(2,t) )

 (2)

ویکون cov(u_(1,t),u_(2,s) )=σ_12 حیث t≠s. ویمکن استخدام معاملات الإبطاء لتمثیل VAR(p) حیث قد تبدو کعملیة إنحدار ذاتی أحادیة المتغیر کالتالی:

Π(L) Y_t=c+u_t, (3)

حیث Π(L) Y_t=I_n-Π_1 L-⋯-Π_p L^p. وینتج عن تطبیق السکون stationarity على Y_t قیمة غیر متوقعة وغیر مشروطة کالتالی:

μ=〖(I_n-Π_1-⋯-Π_p)〗^(-1) c. (4)

 

وفی کثیر من الحالات تکون المتغیرات الخارجیة العشوائیة stochastic exogenous variables و/أو غیرها من المتغیرات الحتمیة deterministic جزءً من خصائص نموذج VAR. وعلیه یکون VAR(p) ذو صیغة عامة کالتالی:

 

Y_t=Π_1 Y_(t-1)+Π_2 Y_(t-2)+⋯+Π_p Y_(t-p)+ΘX_t+u_t

 (5)

حیث یرمز X_t إلى مصفوفة متغیر خارجی أو حتمی لـ(m×1)، ویرمز Θ إلى مصفوفة معاملات. ویجب ملاحظة أن Y_t هو متجه (n×1. وتتضمن هذه الدراسة کلاً من المتغیرات الداخلیة والخارجیة لتضمین أثر أسعار النفط على مؤشرات أسواق الأسهم. هذا وتشمل منهجیة VAR عدة جوانب واختبارات یتم مناقشتها فیما یلی.

 اختبار سببیة جرانجر Granger causality

تکمن أهمیة تطبیق نموذج VAR - الذی قدمه جرانجر عام (١٩٦٩) - فی تمکنه من تقدیر التنبؤات، حیث یقدم معلومات عن قدرة المتغیر أو مجموعة من المتغیرات على توقع المتغیرات الأخرى. فعندما یکون Y_1 متغیر أداة أو مجموعة من متغیرات الأدوات instrumental للتنبؤ بمتغیر أو مجموعة متغیرات Y_2، فإن Y_1 یؤدی وفقاً لسببیة جرانجر إلى Y_2. فی حین؛ فإن Y_1 لا یؤدی وفقاً لسببیة جرانجر إلى Y_2إذا کان لکل s>0 یکون متوسط مربعات الأخطاء فی توقع Y_(2,t) المعتمد على (Y_(2,t),Y_(2,t-1),⋯) مماثلاً لمتوسط مربعات الأخطاء لتوقع Y_(2,t+s) المعتمد على (Y_(2,t),Y_(2,t-1),⋯) و (Y_(1,t),〖Y1〗_(2,t-1),⋯). ومن الجدیر بالذکر أن مفهوم سببیة جرانجر یقدم فقط القدرة على التوقع. ویتمکن نموذج VAR(p) ثنائی المتغیر لـY_t=(Y_(1,t),Y_(2,t) )' من ملاحظة عدم قدرة Y_2 على تقدیم سببیة جرانجر للمتغیر Y_1 نظراً لکون کافة مصفوفات VAR(p) مثلثیة أدنى lower triangular. کما یمکن لإحصاء والد Wald statistics اختبار القیود الخطیة لـ p على المعاملات. کما تکون مصفوفات المعاملات الخاصة ب VAR قطریة diagonal فی حالة عدم قدرة کلاً من Y_2 و Y_1 فی أن یؤثرا فی بعضهما البعض وفقاً لسببیة جرانجر. وتستخدم سببیة جرانجر على نطاق واسع فی مجال التمویل کونها مفیدة فی توضیح السببیة أحادیة وثنائیة الإتجاه لبیانات السلاسل الزمنیة. ویکمن المضمون فی کیفیة وطریقة مساهمة المتغیرات فی عملیة التنبؤ بمتغیر معین؛ ویعنی ذلک تحدید هویة المتغیرات أو المعلومات المهمة لعملیة التنبؤ بمتغیر معین.

یعد اختبار السببیة مناسبا لتحلیل العلاقة بین أسعار النفط وأسواق المال. نستشهد فی ذلک بدراسة کل من لاسکاروکس ومیجنون (2008) فی تحلیل العلاقة طویلة وقصیرة الاجل بین أسعار النفط والاسواق المالیة باستخدام عدة اختبارات للسببیة، وأثبتت الدراسة قوة سببیة جرانجر فی دراسة تأثیر اسعار النفط على الأسهم خاصة فی الدول المصدرة للنفط. کما قام نجویان وأخرون (2012) بإجراء اختبار سببیة جرانجر، واظهرت النتائج وجود علاقة سببیة بین أسعار النفط وأسواق الاسهم الخلیجیة، کما قاموا بدراسة هذه العلاقة السببیة من خلال نموذج VAR واظهرت ایضا وجود علاقة سببیة بین اسعار النفط واسواق الاسهم.

 

 تحلیل استجابة الدافع Impulse response

یقوم أسلوب استجابة الدافع بقیاس مدة وتأثیر التغیر فی أسعار النفط من مؤشر إلى آخر، عن طریق تعقب تأثیرات الصدمة السعریة فی أحد المتغیرات الداخلیة على المتغیرات الأخرى فی نموذج VAR. کما تمکن دالة Impulse response أیضاً من التعرف على العلاقة الدینامیکیة بین المتغیرات. ویمکن استخدام عملیات متجه المتوسطات المتحرکة vector moving averages لتمثیل VAR(p) کما یلی:

Y_t=μ+μ_t+ζ_1 u_(t-1)+ζ_2 u_(t-2)+⋯+ζ_s u_(t-s), (6)

بحیث تکون مصفوفات المتوسط المتحرک ζ_s من نوع المصفوفة (k×k)؛ وتمثل عناصر مصفوفة المعامل تأثیرات الصدمة على Y_t. وبناءً على ذلک؛ یمکن تحدید استجابة الدافع بالصیغة التالیة:

(∂Y_(i,t+s))/(∂μ_(j,t) )=(∂Y_(i,t))/(∂μ_(j,t-s) )=ζ_ij^s, (7)

حیث تمثل مجموعات المعامل ζ_ij (s)=ζ_ij^s دوال استجابة الدافع وتکون i ,j = 1,⋯,T.

 البیانات

تتقصى هذه الدراسة التکامل الدولی بین أسعار النفط وأسواق الأسهم الخلیجیة مع تسلیط الضوء على البحرین والکویت وعمان وقطر والمملکة العربیة السعودیة والإمارات العربیة المتحدة. تستخدم الدراسة بیانات أسبوعیة لأسواق الأسهم من مؤشر السوق الواسع لمؤسسة ستاندرد آند بورز S&P Board Market Index. ویتم عرض کافة المؤشرات بالدولار الأمریکی، وتکون البیانات المستخدمة على هیئة العائدات على مؤشرات الأسعار والتی یتم حسابها بواسطة المعادلة: Rt = ln(pricet/pricet-1)×100 . ومن ثم یتم ترجیج المؤشرات بناءً على القیم الأسبوعیة لسوق الأسهم بغرض السیطرة على اختلاف حجم الأسواق control for market size. تستخدم الدراسة بیانات النفط من مؤشر برنت للنفط الخام Brent Crude Oil الخاص بالتبادل التجاری بین القارات. وقد تم جمع کافة البیانات الأسبوعیة السابق توصیفها من قاعدة بیانات تومسون رویترز Thomson Reuters DataStream للفترة من ٧ ینایر ٢٠٠٥ إلى ٢٥ دیسمبر ٢٠١٥ التی تتضمن ٥٧٣ أسبوع. یعرض الشکل (١) التحرکات النسبیة لمؤشرات أسعار النفط وأسواق الأسهم الخلیجیة فی الفترة من ینایر ٢٠٠٥ إلى دیسمبر ٢٠١٥.

شکل ١: تحرکات مؤشرات أسعار النفط وأسواق الأسهم (٢٠٠٥-٢٠١٥)

 

یظهر شکل (١) تذبذب سعر النفط من ١٤٥ دولار للبرمیل (یولیو ٢٠٠٨) إلى ٣٦ دولار للبرمیل (دیسمبر ٢٠١٥)، بالتزامن مع تذبذب volatile مؤشرات أسواق الأسهم الخلیجیة. ویستمر المؤشر السعودى فی تسجیل أعلى النقاط فی المنطقة، لیصل إلى أقصى ارتفاع له فی ٢٠٠٥ ثم یشهد انخفاضاً شدیداً عام ٢٠٠٨ بسبب الأزمة المالیة العالمیة؛ وقد تمتعت أسواق أسهم الإمارات والبحرین بنمواً مستمراً منذ ٢٠١٣، کما شهدت أسواق الأسهم الخلیجیة الأخرى تحرکات مماثلة.

 النتائج

 التحلیل الإحصائی للبیانات

یوضح الجدول (٢) أن سوق أسهم المملکة العربیة السعودیة قد حققت أعلى عوائد أسبوعیة متبوعة بسوق قطر للأسهم، فی حیث عانت الکویت والبحرین من انخفاض فی العائدات على مدار فترة الدراسة. ویشیر الإنحراف المعیاری إلى تقلبات کبیرة high market volatility فی مؤشر النفط وسوق الأسهم السعودی. هذا وتظهر کل الأسواق الخلیجیة أنها negatively skewed مشیرة إلى توزیع long left tail distribution. Kurtoses الخاص بکل الأسواق أکبر من ٣ وهو ما یدل أن البیانات leptokurtic or peaked بالمقارنة مع التوزیع المعتاد الطبیعی. یؤکد اختبار Jarque-Bera أن الأسواق تتمتع بالتوزیع المعتاد الطبیعی. اختباری Augmented Dickey-Fuller (ADF) و Phillips-Perron (PP) یقدما رفضاً للفرض العدمی (أی H0:  = 0) بأن السلسلة الزمنیة لها جذراً للوحدة، وبالتالی فإنها تؤکد أن کافة السلاسل الزمنیة الخاصة بالعائدات تتمتع بالسکون stationary. ویظهر انخفاض معامل الارتباط بین سعر النفط والأسواق الفردیة للأسهم، وسجل أعلى معاملی ارتباط 0.267 و 0.263 فی عمان وقطر على التوالی.

جدول (٢): الوصف الإحصائی لبیانات الأسهم الخلیجیة (٢٠٠٥-٢٠١٥)

 البحرین الکویت عمان قطر السعودیة الإمارات النفط

المتوسط -0.002 -0.009 0.001 0.010 0.013 0.005 -0.15

الانحراف المعیاری 0.049 0.609 0.060 0.411 2.018 0.578 4.208

الإنحناء -1.544 -1.555 -1.732 -0.821 -1.177 -1.411 -0.443

التفرطح 14.809 17.309 15.513 16.181 9.557 14.981 5.660

Jarque-Bera 3557 5119 4024 4212 1159 3617 188

الإحتمالیة 0.000 0.000 0.000 0.000 0.000 0.000 0.000

ADF -9.773 -11.110 -24.199 -22.737 -22.810 -20.321 -22.471

PP -24.110 -22.962 -25.022 -23.522 -22.894 -21.019 -22.946

الارتباط بین النفط 0.156 0.109 0.267 0.263 0.152 0.225 1.000

ملاحظات: *تعتبر اختبارات Jarque-Bera وDickey-Fuller وPhillips-Perron مهمة، کما تظهر النتائج أن البیانات تتمتع بالسکون وتتبع التوزیع المعتاد الطبیعی.

 معنویة العلاقة بین أسعار النفط وأسواق الأسهم الخلیجیة

قمنا أولاً باجراء تحلیل سببیة جرانجر فی سیاق نموذج VAR لتحدید ما إذا کانت أسعار النفط تؤثر على أسواق الأسهم الخلیجیة. وأثناء أداء هذا التحلیل؛ تم التحکم/السیطرة على تأثیر حجم کل سوق على حدى. قمنا بتقدیر نموذج VAR اعتماداً على العائدات المرجحة لکل سوق؛ حیث یمثل کل وزن نسبی weight نسبة رسملة کل سوق بالنسبة لإجمالی رأسمال أسواق الأسهم الخلیجیة المشتق من مؤشر S&P Board Market Index.

نعرض نتائج سببیة جرانجر فی جدول (٣) ونمثلها بیانیاً فی الشکل (٢). ویظهر من الجدول أن أغلب المعاملات معنویة بین کل سوق أسهم وآخر وبین کل سوق أسهم والنفط عند مستویات المعنویة 1% و5% و10% سواء کان سوق معین یؤثر على الآخر أو أن هناک سوق معین یتم التأثیر علیه.

جدول (٣): سببیة جرانجر

 المتغیرات التابعة

المتغیرات المستقلة البحرین الکویت عمان قطر السعودیة الإمارات النفط

البحرین *** ** **

الکویت *** * *

عمان *** *

قطر

السعودیة * * **

الإمارات * ***

النفط *** *** *** ** **

ملحوظة: *** معنوی عند المستوى 1%. ** معنوی عند المستوى 5%. * معنوی عند المستوى 10%.

 

وتشیر النتائج بشکل عام إلى ترابط الأسواق الخلیجیة فی الأجل القصیر، مما یعنی وجود ترابط معنوی significant interdependence بین کافة الأسواق. تشیر النتائج إلى أن التغیرات فی أسعار النفط تسبب تغیرات فی کافة أسواق الأسهم الخلیجیة وفقاً لجرانجر، عند المستویات المعنویة 1% و5%، فی حین لم یظهر تأثیر على سوق الأسهم العمانی ربما بسبب صغر حجم سوق النفط الخاص بعمان.

تظهر النتائج کذلک تأثر أسواق الأسهم الخلیجیة بشکل کبیر بتغیرات الأسعار فی سوق النفط العالمی والعکس صحیح؛ فقد تأثرت کلاً من الکویت والمملکة العربیة السعودیة والإمارات العربیة المتحدة بالتغیرات فی أسعار النفط عند مستویات معنویة 10% و5% و1% على التوالی؛ مما یشیر إلى تأثیر النفط على کبار منتجی النفط، وهی نتائج تتفق مع ما توصلت له مجموعة من الدراسات الأخرى (Hammoudeh & Aleisa, 2004; Zarour, 2006; Hammoudeh & Choi, 2006; Hammoudeh & Malik, 2007). وبالتالی ینبغی على کلاً من الکویت والمملکة العربیة السعودیة والإمارات العربیة المتحدة الشروع فی تطبیق تنوع إقتصادی بشکل حال وضروری، خاصة وأن هذه الدول هی مصدر انتقال التأثیر إلى أسواق الأسهم الخلیجیة الأخرى.

 

 

 

 

 

 

 

الشکل (٢): سببیة جرانجر بین أسواق الأسهم الخلیجیة والنفط

 

 

تشیر نتائج سببیة جرانجر إلى أن الکویت هی الأکثر تأثراً بغیرها من أسواق الأسهم الخلیجیة، وتتبعها فی ذلک البحرین. وتتأثر العلاقة و/أو التذبذب volatility بین أسواق الأسهم الخلیجیة بدرجة انفتاح السوق فی کل دولة بالإضافة إلى القیود التی تفرضها کل دولة على الملکیة الأجنبیة؛ حیث یمکن ملاحظة وجود انتقالات قویة ثنائیة الإتجاه للتذبذبات strong and heavy bidirectional volatility and shock spill-over بین أسواق أسهم البحرین والکویت وعمان والإمارات العربیة المتحدة، وهی دول منفتحة نسیبیاً أکثر من غیرها ولا تفرض قیوداً صارمة على الملکیة الأجنبیة، فی حین أن المملکة العربیة السعودیة أقل انفتاحاً للمستثمرین الأجانب بحد أقصى ٢٥٪. هذا وتحد سیاسیات الأسواق المغلقة فی دول الخلیج من انتقال المعلومات من الأسواق المتقدمة إلى الأسواق الخلیجیة، فی حین تسمح القیود الأقل على الملکیة بالمزید من التقلبات بین الأسواق الخلیجیة (Eissa & Elgammal, 2015). نقوم فی القسم التالی بتقصی درجة وأسلوب التفاعل/الترابط بین الأسواق شدیدة الترابط ببعضها من خلال تطبیق تحلیل استجابة الدافع.

 التفاعل بین النفط وأسواق الأسهم: الفترة الزمنیة والسرعة

فی الجزء الأخیر من الدراسة تم تحلیل سرعة وفترة تأثیر التغیر فی أسعار النفط على أسواق الأسهم الخلیجیة. یقدم تحلیل استجابة الدافع impulse response analysis دلیلاً على حجم وسرعة انتقال التغیر/التحرک من أحد الأسواق إلى الأسواق الأخرى. فکلما زادت سرعة وانخفضت الفترة اللازمة للانتقال زاد اندماج وتکامل الأسواق، وعلى العکس؛ فکلما انخفضت السرعة وزادت الفترة اللازمة للانتقال تضاءل التکامل بین الأسواق. یعرض شکل (٣) استجابة کل سوق من أسواق الأسهم الخلیجیة لتغیر الأسعار فی الأسواق الأخرى.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الشکل (٣): استجابات أسواق الأسهم الخلیجیة للتغیرات فی أسعار النفط

 

 

 یبین شکل (٣) أن کافة الاستجابات بین الأسواق هی استجابات فوریة؛ حیث ظهرت استجابة کل سوق للمعلومات الواردة من الأسواق الأخرى خلال الأسبوع الأول. وإن استمرت استجابات البحرین والکویت والمملکة العربیة السعودیة بشکل إیجابی طفیف slight positive response فی الأسبوع الثانی، وقد حدث التصحیح فی الأسبوع الثالث عندما بدأت الاستجابات فی الارتداد responses start to reverse؛ وهو ما یشیر إلى أن الصدمات یتم امتصاصها مبدئیاً من خلال الاستجابة الموجبة absorbed initially with positive response، ثم یحدث التصحیح أو التعدیل ببطء.

یتضح تأثر کافة الأسواق الخلیجیة بالتغیرات فی أسعار النفط، وقد تم امتصاص معظم الاستجابات خلال أول أسبوعین واستیعابها بالکامل خلال فترة من خمسة إلى ستة أسابیع، ویعنی ذلک انتهاء تفاعل/استجابة کل سوق مع الأسواق الأخرى خلال هذه الفترة الزمنیة التی تنتهی بتلاشی/اختفاء کافة الاستجابات responses slowly fade to zero.

هذا وقد أظهرت المملکة العربیة السعودیة أعلى استجابة للتغیر فی أسعار النفط، وهو ما یعنی أن تغیرات أسعار النفط تحمل أکبر تأثیر على سوق الأسهم السعودی. وهو أمر طبیعی کون النفط یشکل ٩٠٪ من إیرادات المملکة و تمثل ١٤ شرکة بتروکیمیائیة العمود الفقری لسوق الأسهم السعودی بنسبة ٣٤٪ من وزن المؤشر العام.

وجاءت کل من الإمارات العربیة المتحدة وقطر فی المرتبتین الثانیة والثالثة من الاستجابة. وقد یمکن قراءة سبب ارتفاع استجابة هذه الدول تحدیداً إلى اعتماد هذه الدول على النفط وتصدیره. وعلى الرغم من ذلک ظل التصنیف الائتمانی للإمارات مستقراً بسبب الوفرة المالیة الکبیرة التی تمتلکها أبوظبی على هیئة أصول واستثمارات خارجیة قادرة على دعم الاستقرار الاقتصادی والمالی للدولة خلال أزمة أسعار النفط وانخفاض معدل النمو الاقتصادی.

وإجمالاً یخلص تحلیل استجابة الدافع إلى زیادة التکامل والتقلبات بین أسواق الأسهم الخلیجیة عقب التغیرات أو الصدمات فی أسعار النفط، مما یجعل اقتصادات الدول الخلیجیة أکثر تقلباً من الاقتصادات الأخرى ذات مستوى مماثل من التنمیة.

 مناقشة النتائج والتداعیات

تؤکد النتائج السابق التوصل لها أن أسواق الأسهم الخلیجیة لیست محصنة ضد الصدمات الإقلیمیة والعالمیة، بما فی ذلک التغیرات فی أسعار النفط، مما یتطلب تنسیق وإشراف مشترک لتقلیل الآثار السلبیة لمثل تلک التداعیات. حیث یؤثر تغیر أسعار النفط على مؤشرات الاقتصاد الکلی الأساسیة، الأمر الذی یهدد ربحیة الشرکات المتداولة وحجم السیولة المتاحة فی أسواق الأسهم الخلیجیة. یلاحظ أنه منذ تخلی البترول عن مستویات الأمان الفنیة والتی تقع عند مستوى ٥٠ دولاراً، اتجه المتعاملین بأسواق الأسهم الخلیجیة بشکل عام نحو تسییل المراکز الشرائیة التی تم تکوینها سابقاً بالأسهم القیادیة. مع اتجاه بعضهم للأسهم المتوسطة والصغیرة لاستغلال بعض المستویات المغریة التی وصلت إلیها تلک الأسهم. خلصت الدراسة إلى تأثر کل من المملکة العربیة السعودیة والإمارات العربیة المتحدة والکویت بشکل کبیر بالتغیرات فی أسعار النفط، والتی بدورها تنقل تلک الآثار إلى الأسواق الخلیجیة الأخرى؛ مما یجعلها أکثر دول الخلیج احتیاجاً للتنویع الإقتصادی.

ومن المتوقع أن یمتد التأثیر السلبی لانهیار أسعار النفط إلى کافة القطاعات الاقتصادیة فی دول الخلیج ؛ النفطیة، والسیاحیة، والعقاریة منها وکذلک مستویات إنفاق المستهلکین الذین سوف یمیلون تباعاً نحو مزید من التقشف. وإن کانت الأثار السلبیة تتضح بشکل أسرع فی الأسواق المالیة بسبب سهولة البیع والشراء فی الأجل القصیر.

هذا وقد قام البنک الدولی فی الربع الأول من ٢٠١٦ بخفض توقعاته لنمو دول مجلس التعاون الى ٢٪ مقارنة ب ٢.٩٪ فی ٢٠١٥ بعد انخفاض أسعار النفط. وأعقب ذلک اعلان مودیز للتصنیف الائتمانی السلبی للشرکات الخلیجیة خلال العام ٢٠١٧، بسبب انخفاض معدلات النمو وضعف ثقة المستهلکین للشرکات والمخاطر الجیوسیاسیة المتفاوتة، وتذبذب أسعار صرف العملات.

وعلى ذلک بدأت دول الخلیج فی تنفیذ تدابیر للإصلاح الاقتصادی وتعزیز الاستقرار المالی لضمان الاستدامة، اشترکت هذه الاجراءات فی عدة سیاسات عامة هی:

 الإصلاح المالی والاقتصادی

 تنویع مصادر الدخل غیر النفطیة وتقلیل الاعتماد على المنتجات الهیدروکربونیة

 ضبط وترشید الانفاق الحکومی

 تخفیض الدعم الحکومی على الطاقة والموارد الطبیعیة غیر المتجددة

 زیادة الإیرادات الضریبیة والرسوم: اتفقت دول مجلس التعاون الخلیجی على استحداث ضریبة للقیمة المضافة بنسبة ٥٪ یبدأ العمل بها بحلول عام ٢٠١٨ لتعزیز استدامة التدفقات المالیة للحکومات.

 تشجیع استثمارات القطاع الخاص والاتجاه نحو الخصخصة: للمساهمة فی توسیع القاعدة الضریبیة وخلق فرص عمل

 توفیر بدائل للتمویل خارج سوق الأسهم: مثل اصدارات السندات السیادیة لتحویل مسار السیولة بعیدا عن أسواق الأسهم، وکذلک إصدار سندات عالمیة بدلاً من الاعتماد على الاقتراض المحلی.

وفی ما یلی یعرض جدول (٤) أبرز وأهم التدابیر والقرارات الاقتصادیة التی اتخذتها کل دولة من دول مجلس التعاون الخلیجی خلال عام ٢٠١٦.

 

جدول (٤): أهم التدابیر والقرارات الاقتصادیة فی دول مجلس التعاون الخلیجی خلال عام ٢٠١٦

الدولة الاجراءات

السعودیة الإصلاح المالی والاقتصادی

 تنویع مصادر الدخل غیر النفطیة الإعلان عن رؤیة المملکة ٢٠٣٠ (دیسمبر ٢٠١٥) :

“المملکة العربیة السعودیة بدون النفط: تحول فی الاتجاه المالی والإنتاجی”:

 تحویل قیادة الاقتصاد السعودی من الحکومة إلى اقتصاد السوق

 بیع الأصول الحکومیة لتمویل الخطة الانتقالیة

 خفض وظائف القطاع العام وخاصة العمالة الوافدة

 خفض الدعم

 تأسیس صندوق استثماری بقیمة ٢ تریلیون دولار

 طرح أقل من ٥% من أرامکو السعودیة للنفط

  الإعلان عن خطة التحول الوطنی ٢٠٢٠

 تمکین المرأة فی قطاع الأعمال والتجارة

 زیادة الضرائب على استیراد التبغ والسجائر

 تقنین الدعم الحکومی للماء والکهرباء

 التوسع فی الخصخصة وتحفیز استثمارات القطاع الخاص

 دعم الصادرات غیر النفطیة

 تطویر التعلیم العام والعالی

 تنویع الاقتصاد ورفع المحتوى المحلی

 ضبط/ترشید الانفاق الحکومی خفض رواتب ومزایا الوزراء وأعضاء مجلس الشورى

  خفض مکافآت الموظفین فی القطاع الحکومی

  هیکلة ودمج وتعدیل عدد من وزارات ومؤسسات الدولة

  صرف رواتب موظفی الدولة على التقویم المیلادی بدلا من الهجری

  إلغاء مشاریع مقترحة بقیمة ٢٦٧ ملیار دولار (نوفمبر ٢٠١٦)

 تخفیض الدعم الحکومی إلغاء الدعم عن عدد من السلع والخدمات: الوقود بأنواعه، والمیاه والکهرباء

 توفیر بدائل للتمویل خارج سوق الأسهم طرح سندات سیادیة لسد عجز الموازنة الذی بلغ ٨٧ ملیار دولار

الإمارات الإصلاح المالی والاقتصادی اعتماد مشروع المیزانیة العامة عن السنة المالیة ٢٠١٧-٢٠٢١

 أول دولة عربیة تقوم بإعداد میزانیة دوریة لخمس سنوات.

 تخفیض الدعم الحکومی إلغاء الدعم عن عدد من السلع والخدمات: الوقود بأنواعه، والمیاه والکهرباء

 زیادة الإیرادات الضریبیة والرسوم الضریبة على القیمة المضافة

  رسوم استخدام مرافق المطارات: دبی- الشارقة – أبوظبی

 تشجیع استثمارات القطاع الخاص إقرار اللائحة التنفیذیة للمشاریع والمنشآت الصغیرة والمتوسطة.

  إقرار قانون الإفلاس بهدف معالجة أوضاع الشرکات المتعثرة وحمایة أموال الدائنین

  إنشاء هیئة شرعیة علیا موحدة للإشراف على قطاع التمویل الإسلامی ووضع معاییره لتعزیز نمو القطاع

الکویت الإصلاح المالی والاقتصادی اقرار وثیقة الاصلاح المالی والاقتصادی

 تعدیل أسعار الطاقة

 تنمیة الإیرادات غیر النفطیة من خلال تطویر النظام الضریبی

 ترشید الإنفاق العام

 زیادة مساهمة القطاع الخاص فی الاقتصاد

 تخفیض الدعم الحکومی إقرار قانون للسماح برفع أسعار المیاه والکهرباء على الوافدین والشرکات

  زیادة أسعار الوقود ومراجعة الأسعار کل ثلاثة أشهر حسب أسعار النفط العالمیة

 توفیر بدائل للتمویل خارج سوق الأسهم اصدار الحکومة سندات وسندات توریق إسلامیة بحوالی ٦٠٠ ملیون دینار کویتی

قطر تخفیض الدعم الحکومی زیادة أسعار الوقود

 زیادة الإیرادات الضریبیة والرسوم رسوم استخدام مرافق المطارات

البحرین تخفیض الدعم الحکومی زیادة أسعار الوقود

  خطة لرفع الدعم عن الکهرباء والمیاه: زیادة السعر بقفزات متتالیة

سلطنة عمان تخفیض الدعم الحکومی تحریر أسعار الوقود مع مراجعة شهریة حسب أسعار النفط العالمیة

 زیادة الإیرادات الضریبیة والرسوم موافقة البرلمان على زیادة الضرائب على قطاع البتروکیمیائیات والموارد الطبیعیة غیر النفطیة والغاز الطبیعی المسال

 

وعلى ذلک یبدو أن حکومات الدول الخلیجیة قد بدأت فی اتخاذ الخطوات الواجب اتخاذها آخذة فی الاعتبار قنوات الإنتقال التی تؤثر من خلالها التغیرات العالمیة على اقتصاداتها المحلیة. حیث أن تنویع مصادر التمویل للإقتصاد الحقیقی یعد أمراً مطلوباً لزیادة المرونة resilience of balance sheet وتوزیع المخاطر. کما أن زیادة تعمیق أسواق الأصول والسندات سیمد الشرکات بوسائل بدیلة لتمویل الإستثمار (Sedik & Williams, 2011). إلا أنه من الجدیر بالذکر أن دعم مشروعات الخصخصة قد یزاحم قیم التداول فی سوق الأسهم، عندما توفر مشروعات الخصخصة فرصاً استثماریة مغریة ذات عائد ومخاطرة أفضل.

ننتهی بالقول، نتوقع استمرار تحرک أسواق الأسهم الخلیجیة فی إطار عرضی بین مستویات دعم، ومقاومة ینتج عنها حالات بین الارتفاع والانخفاض الطبیعی، فی ظل تذبذبات أسعار النفط من جهة وعدم استقرار الأوضاع الجیوسیاسیة اقلیمیاً وعالمیاً من جهة أخرى.

إن نتائج هذه الدراسة الدالة على ترابط أسواق الأسهم الخلیجیة فی سیاق تغیرات أسعار النفط الأخیرة، تعد ذات أهمیة لکل من المستثمرین وصانعی السیاسات. حیث یجب على المستثمرین إعادة النظر فی تنویع محافظ الإستثمار، المضاربة، والتحوط من خلال وضع استراتیجیات مختلفة فی حالات توقع الارتفاع أو الانخفاض فی أسعار النفط. کما ینبغی على الهیئات الحکومیة وصانعی السیاسات فی دول مجلس التعاون الخلیجی الاستمرار فی إتخاذ قرارات تنظیمیة بخصوص سیاسات أسعار النفط وأسواق الأسهم (Jouini, 2013).

 الخاتمة

تتقصى هذه الدراسة تأثیر التغیرات فی أسعار النفط على أسواق الأسهم الخلیجیة المتضمنة البحرین والکویت وعمان وقطر والمملکة العربیة السعودیة والإمارات العربیة المتحدة فی الفترة ٢٠٠٥-٢٠١٥ باستخدام بیانات أسبوعیة من مؤشر السوق الواسع لمؤسسة ستاندرد وبورز S&P. وتمثل دول مجلس التعاون الخلیجی فاعلاً رئیسیاً لانتاج وتصدیر النفط. استخدمت الدراسة سببیة جرانجر Granger causality وتحلیل استجابة الدافع Impulse response ضمن نموذج متجه الإنحدار الذاتی VAR. أثبتت نتائج اختبار سببیة جرانجر التأثر الکبیر للمملکة العربیة السعودیة والإمارات العربیة المتحدة والکویت بالتغیر فی أسعار النفط، کما أکدت ترابط وتکامل أسواق الأسهم الخلیجیة ببعضها بشکل عام، وقد یلعب إعتماد الدول على النفط و الإدراج المشترک للأسهم cross-listing دوراً فی دعم هذا الترابط. أما بالنسبة لنتائج تحلیل استجابة الدافع؛ فقد أظهرت أن کافة استجابات الأسواق الخلیجیة کانت فوریة خلال الأسبوع الأول، فی حین تم امتصاص هذا التغیرات تدریجیاً حتى تلاشت کلیاً خلال خمسة إلى ستة أسابیع. وتشیر هذه النتائج إلى التقلب والتکامل المتزاید بین أسواق الأسهم الخلیجیة خلال التغیرات الأخیرة فی أسعار النفط، وهو ما یدعم فرضیة زیادة الترابط والتکامل integration and volatility بین أسواق الأسهم الخلیجیة خلال/فی أعقاب صدمات النفط Oil shocks. وذلک فی سیاق إعتماد الدول الخلیجیة على النفط من جهة وانخفاض مستوى التنوع الاقتصادی فی هذه الدول من جهة أخرى. وبذلک تؤکد هذه الورقة على أهمیة التنوع الاقتصادی لموازنة التأثیر السلبی للتغیرات فی أسعار النفط على اقتصادیات الدول الخلیجیة أعضاء منظمة الأوبک.

بدأ البحث بمجموعة من الفرضیات وقامت بتطویر عدة اختبارات لبحث العلاقة بین أسعار النفط وأسواق الأسهم. وقد أنتهت الدراسة إلی قبول جمیع هذه الفرضیات. حیث أثبتت النتائج وجود علاقة بین التغیرات فی أسعار النفط وسوق الأسهم فی دول التعاون الخلیجی. کما توصلت إلی أن أسواق الخلیج لیست محصنة ضد الصدمات الداخلیة والخارجیة، فضلًا عن أن التغیرات فی أسعار النفط فی دول الخلیج تحمل تأثیرًا سلبیًا على کافة المتغیرات الاقتصادیة وأولها أسواق الأسهم.

وفی ضوء هذه النتائج، توصی الدراسة بضرورة توخی صناع القرار الحذر فی نشر بیانات غیر دقیقة عن تقلبات أسعار النفط تجنبًا لأی تغیرات فی أسواق الأسهم وعوائدها خاصة عندما یکون سوق الأسهم صاعدًا أو هابطا. کما تلفت الدراسة صناع القرار بضرورة تتبع العلاقة المتزامنة بین أسواق النفط وأسواق الأسهم، وتوصی بضرورة الدراسة والتنبؤ قبل تنفیذ السیاسات الداعمة لتثبیت أسعار الأسهم فی مواجهة تقلبات أسعار النفط حرصا على تجنب المشکلات قصیرة وطویلة الاجل لأسواق النفط.

تسهم نتائج هذه الدراسة فی المعرفة بأسواق الأسهم الخلیجیة وارتباطها بالتغیرات فی أسعار النفط؛ وهو ما یفید أصحاب المصالح المشارکون فی السوق مثل المنظمات الحکومیة والمستثمرون وصناع السیاسات من خلال القدرة على التنبؤ بأسواق الأسهم الخلیجیة. لا زال مزید من البحث المستقبلی مطلوباً فی هذه المنطقة لفحص قطاعات أسواق الأسهم لکل دولة بشکل منفرد وتقدیم تحلیل أکثر عمقاً عن العلاقة بین أسعار النفط وأسهم کل قطاع اقتصادی فی الأسواق الخلیجیة. ویکون من المفید کذلک تضمین أسواق أسهم عالمیة ومقارنتها بأسواق الأسهم الخلیجیة لتقدیم نتائج أکثر تعمیماً.