نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة
المؤلف
الجامعة البريطانية في مصر
المستخلص
الكلمات الرئيسية
الموضوعات الرئيسية
مقدمة:
خلال العقود الأخیرة من القرن العشرین شهد العالم اهتمامًا دولیًا خاصًا بقضایا المرأة ، وکرس عام 1975 لیکون العام العالمی للمرأة. وضع عام 1975 الأساس لاتفاقیة القضاء على جمیع أشکال التمییز ضد المرأة (CEDAW) خلال المؤتمر الدولی الأول للمرأة الذی عقد فی المکسیک فی عام 1979. أعقب مؤتمر المکسیک مؤتمرات دولیة هامة أخرى بشأن المرأة المنعقدة فی کوبنهاغن (1980) ، نیروبی (1985). تسارعت وتیرة الاهتمام بقضایا المرأة فی بدایة التسعینیات ، مع تزاید القلق الدولی بشأن استمرار التمییز ضد المرأة وتهمیش دورها ، ما یترتب على ذلک من إهدار للطاقة ، وتعطیل القوى الأساسیة فی عملیة التنمیة الشاملة. وکان للمؤتمر الدولی للسکان والتنمیة فی القاهرة فی عام 1994 أثر کبیر على الاهتمام الناشئ بقضایا النوع الاجتماعی. وأعقب ذلک مؤتمر بیجین عام 1995 الذی مهد الطریق لتعزیز مشارکة المرأة فی عملیة صنع القرار والمراکز العلیا والمصادقة علیه التأثیر التراکمی للجهود السابقة لجمیع المؤتمرات التی تؤکد على مساءلة الدول والتزامها بتبنی خطط عمل ملموسة تستجیب لمنهاج عمل بکین (BPFA) .ولتعزیز هذه الجهود لدعم المرأة ودورها التنموی والسیاسی ، حددت الأهداف الإنمائیة للألفیة (MDG'S) فی عام 2000 بوضوح أهمیة دعم تنمیة المرأة فی الهدف رقم 3 ؛ لتعزیز المساواة بین الجنسین وتمکین المرأة. لم تذکر الأهداف الإنمائیة للألفیة الأخرى بشکل صریح النوع الاجتماعی کهدف. ومع ذلک ، یتم تناول قضایا المرأة ضمنًا فی العدید من مجالات الأهداف الإنمائیة للألفیة مثل الفقر والتعلیم والصحة.
ولم تکن المنطقة العربیة بمعزل عن النقاش العالمی حول المرأة وحقوق الإنسان ، حیث لعبت الإرادة السیاسیة دورًا رئیسیًا فی تعزیز تنمیة المرأة العربیة. شهدت الدول العربیة خلال العقود الماضیة تحولات کبیرة فی التنمیة السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة وهی تواجه منفردة ومجتمعة مجموعة من القضایا المعقدة، أهمها الصراع العربی الإسرائیلی وتداعیاته ، والتدخل الاجنبی فی دول المنطقة والصراعات الناجمة عن ذلک وما ترتب على هذا من ظروف اقتصادیة غیر المستقرة وتحدیات سیاسیة واجتماعیة ودیموغرافیة وبیئیة جمة. هذه التحدیات لم تعرقل فقط عملیة التحول الدیمقراطی ، ولکنها أخرت أیضًا الجهود الرامیة إلى تعزیز تمکین المرأة والمشارکة المتساویة فی صنع القرار. یصنف برنامج الأمم المتحدة الإنمائی العالم العربی على أنه ثانی أدنى منطقة فی العالم من حیث مؤشر تمکین النوع الاجتماعی. حظی قصور الحریة والدیمقراطیة فی الدول العربیة باهتمام کبیر منذ صدور تقریر التنمیة البشریة العربیة الأول عام 2002 . بالإضافة إلى ذلک ، صنف الاتحاد البرلمانی الدولی (IPU) المنطقة العربیة على أنها أدنى منطقة من حیث مشارکة المرأة فی البرلمانات . لذلک ، لا یزال الوضع السیاسی للمرأة العربیة قضیة ملحة.
أولاً: أهمیة البحث:
ضرورة تمکین المرأة سیاسیاً من حقوقها وتفعیل قدراتها بشکل إیجابی هو موضوع متفق علیه لدى الاغلبیة، فالدراسة تعنی بعلاج قضیة غایة فی الاهمیة وهی قضیة المرأة ومشارکتها فی صنع السیاسات العامة للدولة، والاعتراف بأن المرأة من أهم الطاقات فی المجتمع، وسیتناول البحث ذلک من خلال التعرف على قدر التمکین السیاسی الذی تتمتع به المرأة العربیة،
ثانیاً: مشکلة البحث:
اصبحت قضیة المرأة قضیة عالمیة، واصبح موضوع مشارکة المرأة فی الحیاة السیاسیة یحتل مرتبة متقدمة من مؤشرات تقدم الحیاة الدیمقراطیة فی المجتمعات، فالتمکین السیاسی للمرأة یرتبط بالشرعیة القانونیة لها وهی الاشتراک فی عملیات صنع القرارات السیاسیة والانتخابات والتصویت، تکمن المشکلة الرئیسة للدراسة فی معرفة أهم التحدیات التى لا زالت تعیق التقدم فی مشارکة المرأة العربیة فی السیاسة وصنع القرار. ویصبح السؤال الرئیس:
• ما مستوى التمکین السیاسی الذی وصلت الیه المرأة العربیة خلال العقدین الأخیرین؟
التساؤلات الفرعیة:
• إلى أی مدى نجحت الدول العربیة فی تبنی سیاسات تدعم المساواة النوعیة والتمکین السیاسی للمرأة؟
• ما هی أهم التحدیات التی تعیق تمکین المرأة من المشارکة فی السیاسة و صنع القرار؟
منهج الدراسة:
یُعرف المنهج، بأنه الطریقة العلمیة التی یتبعها الباحث فی دراسة موضوع ما، وذلک لترتیب الأفکار بشکل ممنهج وواضح، مما ینتج عنه فهم حقیقة معینة أو التوصل إلى قانون عام بشأن ظاهرة معینة، ولمعالجة موضوع الدراسة سوف تستخدم الدراسة:
المنهج الوصفی:
المنهج الذى یعتمد على دراسة الظاهرة کما توجد فی الواقع، ویهتم بوصفها وصفاً دقیقاً ویعبر عنها کیفیاً بوصفها وتوضیح خصائصها، وکمیاً بإعطائها وصفاً رقمیاً من خلال ارقام وجداول توضح مقدار هذه الظاهرة أو حجمها أو درجة ارتباطها مع الظواهر الأخرى، وفی کثیر من الحالات لا تقف البحوث الوصفیة عند حد الوصف أو التشخیص الوصفی، وتهتم أیضاً بتقریر ما ینبغی أن تکون علیه الأشیاء والظواهر التی یتناولها البحث وذلک فی ضوء قیم ومعاییر معینة واقتراح الخطوات أو الأسالیب التی یمکن أن تتبع للوصول بها إلى الصورة التی ینبغی أن تکون علیه فی ضوء هذه المعاییر أو القیم، فیعتمد المنهج الوصفی على تفسیر الوضع القائم ای ما هو کائن وتحدید الظروف والعلاقات الموجوده بین المتغیرات، کما یتعدى المنهج الوصفی مجرد جمع بیانات وصفیة حول الظاهرة الى التحلیل والربط والتفسیر لهذه البیانات وتصنیفها وقیاسها واستخلاص النتایج منها، والمتتبع لتطور العلوم یستطیع أن یلمس أهمیة المنهج الوصفی فی هذا التطور، ویرجع ذلک إلى ملائمتهُ لدراسة الظواهر الاجتماعیة، لأن هذا المنهج یصف الظواهر وصفاً طبیعیاً من خلال البیانات التی یتحصل علیها باستخدام أدوات البحث العلمی، وبذلک فسوف یُستخدم هذا المنهج فی الدراسة لدراسة ووصف أثر التطورات السیاسیة على الصعید العالمی وما صحبها من تغیرات سیاسیة فی البلاد العربیة على دور المرأة.
کما ستستخدم الدراسة منهجاً آخر وهو منهج الدور:
تنطلق فکرة نظریة الدور من المجتمع عبارة عن مجموعة من مراکز إجتماعیة مترابطة ومتضمنة ادواراً اجتماعیة یمارسها الأفراد الذین یشغلون هذه المراکز وتستند کذلک على مفهوم التوقعات المتصلة بهذه المراکز الاجتماعیة أنواعاً مختلفة من التوقعات التی تحدد تصرفات الأفراد وتتصل ببعضها لتکون شبکة من العلاقات الأجتماعیة داخل المجتمع، وعلى إطار هذه الدراسة سیتم تطبیق منهج الدور لإیضاح دور المرأة العربیة ومدى التمکین السیاسی الذی وصلت له المرأة العربیة خلال العقدین الأخیرین.
الإطار المفاهیمی للدراسة:
التمکین السیاسی للمرأة:
یشیر مصطلح تمکین المرأة إلى تقویة النساء فی المجتمعات وبالتالی منحها مصادر القوة لتکون عنصراً فعالاً ومؤثر فی عملیة صنع القرار، أی أن مفهوم التمکین السیاسی یرتبط ارتباطاً وثیقاً بتحقیق ذات المرأة على أرض الواقع بتعزیز قدرتها فی المشارکة السیاسیة من خلال المشارکة فی نشاطات المنظمات السیاسیة والشعبیة والنقابات المهنیة ومکاتبها الإداریة، أی إیصالها لمواقع اتخاذ القرار فی المجتمع، أو إلى مراکز صنع القرار ووضع السیاسات، وقد اعتمد برنامج الأمم المتحدة الإنمائی مقیاساً لتمکین المرأة وذلک اعتماداً على حصة النساء فی مقاعد البرلمان.
المساواة:
المساواة تعنی التمتع بجمیع الحقوق السیاسیة والإقتصادیة والإجتماعیة دون التمییز بسبب الدین أو اللون أو اللغة أو الجنس أو الرأی السیاسی أو المستوى الإجتماعی وقد دعى الإعلان العالمی لحقوق الإنسان إلى عدم التمییز بین البشر.
تقسیم البحث:
یتناول هذا البحث موضوعان رئیسان حیثُ یستعرض المبحث الأول التمکین السیاسی للمرأة ویتناول نقطتین رئیستین، أولاً لمحة تاریخیة عن تمکین المرأة العربیة، وثانیاً أهم النجاحات التی حققتها المرأة العربیة فی مجال المشارکة السیاسیة، فی حین یُرکز المبحث الثانی على التحدیات التی تواجه التمکین السیاسی للمرأة العربیة والذی یتناول النقاط الرئیسة التالیة، أولاً أثر الثقافة على المشارکة السیاسیة للمرأة العربیة، ثانیاً دور المنظمات النسائیة والمنظمات الغیر حکومیة، ثالثا التشکیک فی أجندة النهوض بالمرأة، رابعا أوجه القصور فی الأطر المؤسسیة والقانونیة لتنفیذ السیاسة، خامسا دور الاجزاب السیاسیة. أما المبحث الثالث فهو یرکز على مستقبل تمکین المرأة والطریق إلى الأمام.
المبحث الأول: تمکین المرأة فی الوطن العربی
إن مفهوم تمکین المرأة جزء لا یتجزأ من معاهدات حقوق الإنسان. تم تضمین احترام حقوق الإنسان والحریات الأساسیة فی میثاق الأمم المتحدة (1945) الذی اعتمدته جمیع الدول الأعضاء ، وفی إعلان حقوق الإنسان (1948) . رکزت جمیع اتفاقیات القضاء على جمیع أشکال التمییز ضد المرأة (CEDAW) بما فی ذلک بکین (1995) على أجندة واضحة لتمکین المرأة وحقوقها. یعکس اتجاه تنمیة المرأة خلال هذه المؤتمرات الإجراءات والتدخلات المبکرة التی ترکز على مساواة المرأة فی التنمیة (نهج المرأة فی التنمیة) خاصة فیما یتعلق بالتعلیم والصحة والتوظیف والتی تطورت لاحقًا إلى إضفاء الطابع المؤسسی على آلیات النهوض بالمرأة . أما بالنسبة لمفهوم تمکین المرأة ، فقد کان یُنظر إلیه منذ فترة طویلة على أنه جوهر حمایة حقوق المرأة وهو أمر بالغ الأهمیة لتحقیق التقدم والتنمیة الوطنیة. انضمت معظم الدول العربیة إلى الاتفاقیات والمعاهدات الدولیة الخاصة بالمرأة ، وأبرزها اتفاقیة القضاء على جمیع أشکال التمییز ضد المرأة ومنهاج عمل بیجین والأهداف الإنمائیة للألفیة. ومن المثیر للاهتمام أن موضوع تمکین المرأة کان أحد المحاور الرئیسیة للإصلاح السیاسی الذی نوقش خلال القمة العربیة فی تونس فی مایو 2004. ناقش القادة العرب لأول مرة قضیة النهوض بالمرأة العربیة کعنصر أساسی فی التنمیة السیاسیة والاقتصادیة للعالم العربی.
أولا، لمحة التمکین السیاسی للمرأة العربیة: لمحة تاریخیة
أفاد الترکیز على تحدیث الدولة فی العدید من الدول العربیة مکانة المرأة العربیة حیث تبنت العدید من الدول دساتیر ومواثیق جدیدة تدمج النساء صراحة کمواطنات متساویات. ونتیجة لذلک ، أثرت استثمارات الدول العربیة فی التعلیم والصحة وخلق فرص العمل والمزید من الحقوق السیاسیة على تقدم المرأة. تم تبنی سیاسات تقدمیة على المستویات الوطنیة خاصة من قبل الدول التی تمیزت بالاقتصاد المکثف للعمالة والتصدیر مثل تونس والمغرب. أدرکت هذه البلدان أهمیة الحاجة إلى التغییر الاجتماعی من خلال دمج المرأة فی سوق العمل لتحسین الاقتصاد والنهوض به، لذلک بدأ الاستثمار فی المرأة فی سیاق فکرة بناء الدولة .
بالإضافة إلى ذلک ، أنشأت جامعة الدول العربیة لجنة المرأة فی الأمانة العامة للجامعة فی أوائل السبعینیات من القرن العشرین واعتمدت الاستراتیجیة العربیة للنهوض بالمرأة حتى عام 2000. وأعقب ذلک الموافقة على برنامج التعاون العربی حیث تمت الموافقة على أولویات النهوض بالمرأة العربیة من قبل الاجتماع الوزاری العربی رفیع المستوى فی الأردن عام 1996. ورکز الاجتماع الوزاری العربی رفیع المستوى على ثلاثة مجالات رئیسیة ؛ المجالات الاقتصادیة والسیاسیة والاجتماعیة. أقرت العدید من الدول العربیة الأخرى سیاسات ملموسة لتشجیع مشارکة المرأة فی الحیاة العامة من خلال قوانین عمل جدیدة تسمح للمرأة بإجازة الأمومة ومزایا رعایة الطفل ، وإدخال حق المرأة فی التصویت ، بالإضافة إلى ذلک ، أنشأت معظم الدول العربیة أشکالًا مختلفة من الوزارات والوزارات الوطنیة مؤسسات للمرأة بهدف تحقیق المساواة النوعیة. کما تم إنشاء وزارات منفصلة لشؤون المرأة مثل فلسطین والجزائر ومصر والعراق. شکلت دول أخرى مجالس أو لجان نسائیة کما فی البحرین والأردن ولبنان ، أو نموذج مختلط من المجالس والوزارات النسائیة فی نفس الوقت مثل الأردن ومصر.
تتمتع المجالس أو الوزارات المصممة بمسؤولیات التخطیط والتوصیة بالسیاسات والتشریعات ومراقبة وتنسیق الأنشطة لمختلف قضایا المرأة وکذلک إعداد التقاریر الوطنیة للأمم المتحدة . فی بعض الحالات ، تترأس السیدة الأولى هذه المنظمات ، کما هو الحال فی الإمارات العربیة المتحدة ولبنان والبحرین للتأثیر بشکل مباشر فی صنع القرار. لذلک ، نجحت العدید من المنظمات فی الشروع فی تعدیلات فی بعض القوانین ، فی رفع التحفظات على اتفاقیة القضاء على جمیع أشکال التمییز ضد المرأة ، وفی إدخال استراتیجیات / خطط عامة لعنصر النوع الاجتماعی فی الخطط الوطنیة على سبیل المثال ، لتعزیز الوضع القانونی للمرأة فی الأردن ، أعدت اللجنة الوطنیة الأردنیة لشؤون المرأة ، بالتنسیق مع المؤسسات النسائیة الرسمیة ومنظمات المجتمع المدنی ، قائمة مطالب لأعضاء مجلس النواب الخامس عشر . کان الهدف من هذه المبادرة تعزیز العلاقة وتطویر الحوار مع أعضاء مجلس النواب فیما یتعلق بقضایا التمکین فیما یتعلق بالسیاسات والتشریعات ضمن أولویات الاستراتیجیة الوطنیة للمرأة الأردنیة لتعزیز مکانة المرأة فی الأردن. ونتیجة لهذا التقلید ، وافق مجلس النواب على عدد من التشریعات الرئیسیة بین الأعوام 2004 - 2009 مثل قانون معدل التقاعد المدنی ، وقانون البلدیات ، ونظام الخدمة المدنیة ، وقانون الحمایة من العنف الأسری ، ومکتب أمین المظالم ، والصحة العامة. القانون وقانون منع الاتجار بالبشر وقانون الانتخابات وغیرها.
تأسست منظمة المرأة العربیة (AWO) فی عام 2003. وهی منظمة حکومیة دولیة تأسست تحت مظلة جامعة الدول العربیة فی مصر. انبثق من إعلان القاهرة الصادر عن قمة المرأة العربیة الأولى فی القاهرة عام 2000 ، وأصبح حقیقة واقعة بإعلان إنشاء منظمة المرأة العربیة (AWO) فی قمة المرأة العربیة الثانیة فی الأردن عام 2002 فی الأردن . کما أطلقت جلالة الملکة رانیا العبد الله فی تلک القمة الاستراتیجیة الإقلیمیة للنهوض بالمرأة العربیة. یضم المجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربیة السیدات الأوائل العرب أو من یمثلهم. وتتناوب رئاستها کل سنتین حسب الترتیب الأبجدی المعمول به فی جامعة الدول العربیة. تخلق هذه القمم الإقلیمیة الزخم والإرادة السیاسیة لتعزیز مکانة المرأة فی العالم العربی. لعبت السیدات الأوائل العرب دورًا مهمًا فی تغییر حقوق المرأة وانخراطها فی الحیاة العامة فی العالم العربی مثل الأردن ومصر والبحرین والإمارات العربیة المتحدة.
تعتمد منظمة المرأة العربیة على ضمان تعاون وتکامل أکبر للمرأة العربیة بالإضافة إلى تعزیز التعاون العربی العربی وتزامن الموقف العربی على الساحتین الإقلیمیة والدولیة. کما تهدف المنظمة إلى معالجة قضایا المرأة فی المحافل الإقلیمیة والدولیة من أجل رفع مستوى الوعی حول وضع المرأة العربیة. تسعى AWO إلى تحقیق تمکین المرأة من خلال سیاسات تعزز التشریعات القائمة على المساواة والکفاءة ، ودمج قضایا المرأة ضمن أولویات خطط التنمیة الشاملة ، وزیادة الوعی الشعبی بشأن القضایا المتعلقة بالمرأة وقدرتها على المشارکة فی صنع القرار على الجمیع مستویات لتعزیز دورهم داخل الأسرة والمجتمع. تم تحدید المجالات ذات الأولویة لتعزیز تنمیة المرأة فیما یتعلق بمحو الأمیة ، وتعزیز الصحة ، وزیادة الوعی بالبیئة ومحاربة الصور النمطیة السلبیة للمرأة العربیة.
بالإضافة إلى ذلک ، تم تسلیط الضوء على مشارکة المرأة فی السیاسة وصنع القرار باعتبارها واحدة من المجالات الرئیسیة ذات الأولویة لتنمیة المرأة. واستجابة لذلک ، تمت صیاغة المزید من السیاسات التی ترکز على المساواة بین الجنسین ، وخاصة فیما یتعلق بحقوق المرأة ، کما تم تطویر استراتیجیات وطنیة تهدف إلى تمکین المرأة ومعالجة القضایا من أجل النهوض بدور المرأة العربیة فی السیاسة والاقتصاد والاجتماعی التنمیة. خلق هذا طلبًا کبیرًا على الحکومات المحلیة والمانحین الدولیین والمنظمات غیر الحکومیة لدعم الأنشطة التی تستهدف البرامج والمشاریع النسائیة فی عدة مجالات ، لا سیما فی مجالات التعلیم وصحة المرأة والتخفیف من حدة الفقر. مع مرور الوقت ، تزاید الاهتمام بالمساواة بین الجنسین وأهمیة وطبیعة دور المرأة العربیة فی السیاسة وصنع القرار.
لا زالت حرکة المساواة النوعیة فی العالم العربی تحتاج إلى توطید ، ولکن ظهرت بوادر مبکرة فی حرکة تعلیم الفتیات فی القرن التاسع عشر والتی بدأت فی أوائل القرن العشرین لإشراک المرأة مشارکة فاعلة فی الجهود والحرکة الوطنیة لتحقیق الاستقلال الوطنی . شهدت الحرکة النسائیة مزیدًا من التطور خلال الخمسینیات والستینیات من القرن الماضی ، من کونها تطلعات الجماعات التقدمیة بشکل أساسی إلى وضعها على أجندة الدولة کجزء من خطط التنمیة الوطنیة الشاملة خلال فترة استقلال العدید من الدول العربیة . ونتیجة لذلک ، وبحلول منتصف الثمانینیات ، غیّر کل من الخطاب والتدخّلات من قبل الدول العربیة استراتیجیتها لتنمیة المرأة بعد إدراک حقیقة أن التغییر لا یمکن تحقیقه من خلال العمل مع المرأة وحدها ، بل یجب أن یکون الرجل والمجتمع ککل مسؤولین على قدم المساواة. لإدخال التغییر الاجتماعی والسیاسی.
شهدت التسعینیات ظهور مفهوم "المقاربة الجنسانیة" حیث التزمت الحکومات بتعمیم المساواة النوعیة فی مؤسساتها وسیاساتها وتخطیطها. شهدت السنوات الأخیرة زیادة فی عدد الدول العربیة التی صادقت على اتفاقیة السیداو . بعد مؤتمر بکین ، بدأت الحکومات فی تطویر استراتیجیات وخطط وطنیة تستهدف المرأة ، فضلا عن تعمیم مراعاة المنظور الجنسانی أو ا لجندر فی السیاسات الوطنیة. نجح العدید من المجالس الوطنیة للمرأة والمؤسسات النسائیة الأخرى فی تعمیم مراعاة المنظور الجنسانی فی الخطط الوطنیة وإدخال التحلیل الجنسانی للمیزانیات والإحصاءات القائمة على النوع الاجتماعی إلى حد ما. الإنجاز الرئیسی الآخر للمجالس هو إنشاء مکتب أمین المظالم لتلقی شکاوى النساء على سبیل المثال. الأردن والبحرین.
من الآثار الإیجابیة الأخرى لمؤتمر بکین تزاید عدد المنظمات غیر الحکومیة ودورها ، حیث بدأت فی العالم العربی فی اتخاذ إجراءات لإحداث تغییرات فی العدید من القضایا ذات الصلة بتمکین المرأة وزیادة مشارکتها فی اتخاذ القرار- لذلک ، أصبحوا شرکاء فاعلین فی تعزیز المساواة النوعی . اتخذت العدید من الدول العربیة خطوات تقدمیة نحو تغییر التشریعات لتعزیز مساواة المرأة فی قانون العمل والضمان الاجتماعی وإدخال المزید من الحمایة للمرأة من العنف. خلال مشارکتها فی المؤتمرات الدولیة ، حولت النساء العربیات طبیعة مشارکتهن من مشارکین سلبیین إلى مشارکین فاعلین ، مما أثر على أولویات المرأة على أساس المجالات السیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة. وفی الوقت نفسه ، تم توثیق التعاون على المستوى الوطنی فی الدول العربیة بین المنظمات غیر الحکومیة والحکومیة وکذلک الجمعیات الأهلیة لإعداد تقاریر وطنیة شاملة حول وضع المرأة فی کل دولة ، وتنسیق الجهود الوطنیة لمشارکتها فی المؤتمرات الدولیة.
ثانیا، المرأة العربیة والمشارکة السیاسیة: أهم النجاحات
یتمثل أحد المقاییس المهمة لتنمیة المرأة فی وصولها إلى صوتها فی مجال صنع القرار ، کما یُقاس بمشارکتها فی الحیاة العامة وفی الجمعیات المهنیة. التعریف الشائع للمشارکة السیاسیة هو نشاط یهدف إلى - أو نتیجة - للتأثیر على عمل الحکومة ، إما بشکل مباشر عن طریق التأثیر على صانعی السیاسات أو تنفیذ السیاسات ، أو بشکل غیر مباشر من خلال التأثیر على اختیار الأشخاص الذین یضعون هذه السیاسات . مثل العدید من البلدان فی العالم ، یتم تحدید السیاسة فی العالم العربی مع المجال العام الذی یحتله الرجال ویستمرون فی السیطرة . کانت مشارکة المرأة فی السیاسة وصنع القرار أحد المجالات المرکزیة والحاسمة للترکیز على منهاج عمل بیجین فی عام 1995 ، والذی أعید تأکیده فی عام 2000 من خلال الأهداف الإنمائیة للألفیة. کما تلفت الأهداف الإنمائیة للألفیة الانتباه إلى أهمیة تمکین المرأة ودور المرأة فی الحکم. تعد مشارکة المرأة فی الحیاة العامة وعملیات صنع القرار أمرًا بالغ الأهمیة لتحقیق تمکین المرأة والمساواة النوعیة والأهداف التنمویة الأخرى .
تعد مشارکة المرأة فی الحیاة العامة وعملیات صنع القرار أمرًا بالغ الأهمیة لتحقیق تمکین المرأة والمساواة بین الجنسین والأهداف التنمویة الأخرى . فی إعلان تونس للقمة العربیة المنعقدة فی مایو 2004 ، أعرب قادة الدول العربیة لأول مرة فی قمتهم العربیة عن التزامهم بتعزیز مشارکة المرأة فی المجالات السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة والتعلیمیة وتعزیز حقوقها ومکانتها. 28- اتخذ العدید من الدول العربیة تدابیر لتحسین تمثیل المرأة فی البرلمان. وتشمل هذه الإجراءات إصلاح النظام الانتخابی. بالإضافة إلى التعدیلات التی أدخلت على قوانین الانتخابات ، کان أهم تغییر تم إجراؤه فی بعض الدول العربیة هو إدخال کوتا المرأة فی البرلمان ، مع عدد من المقاعد المحجوزة للنساء. کما اتخذت الأحزاب السیاسیة إجراءات لتعزیز تمثیل المرأة فی البرلمان. تعتبر المشارکة الکاملة للمرأة على جمیع مستویات دورة صنع القرار والحیاة السیاسیة محرکًا حاسمًا لتحقیق المعاییر الدولیة.
حققت الدول العربیة تقدما فی مکانة المرأة ، منذ مؤتمر بکین ، على الرغم من التفاوت فی المجالات المختلفة. من الضروری أن یحدث تمثیل عادل للمرأة على جمیع المستویات السیاسیة والقیادیة بما فی ذلک الفرع التنفیذی والبرلمان (حیث یتم صیاغة جمیع القوانین) لمنح المرأة صوتًا متساویًا فی تشکیل السیاسات التی تؤثر على حیاتها وخیاراتها. وسیضمن ذلک تنفیذ سیاسات أکثر عملیة وموجهة للتعامل مع قضایا المرأة على أرض الواقع. یجب أن یکون للمرأة دور فی تشکیل السیاسات والاستراتیجیات التی تؤثر على حیاتها.
البرلمان هو المنتدى المؤسسی الرئیسی حیث یتم صیاغة القوانین وحیث یمکن ممارسة تأثیر کبیر فی عملیة صنع السیاسات ، وبالتالی فإن التمثیل العادل للمرأة ضروری فی البرلمانات الوطنیة للسماح لأصواتهن وقضایاهن بأن تُسمع بوضوح لتعزیز المساو اة النوعیة وضمان أن حقوق المرأة محترمة ومضمنة فی القانون . ظهرت مبادرات وطنیة مهمة تتعلق بتمکین المرأة ، بقیادة النساء والشخصیات السیاسیة والمجتمعات المحلیة. تبنت بعض الدول شکلاً من أشکال العمل الإیجابی ، مثل الحصص الحزبیة أو حجز مقاعد للنساء فی البرلمان لضمان مشارکتهن السیاسیة ، کما هو الحال فی الأردن ومصر والمغرب والأردن وفلسطین وموریتانیا والسودان والصومال. بلدان أخرى لا تعتمد هذا الإجراء ؛ وبالتالی ، فإن متوسط نسبة مشارکة المرأة فی المجالس التشریعیة العربیة هو الأدنى فی العالم. على الرغم من ذلک ، اعتبارًا من نوفمبر 2019 ووفقًا للاتحاد البرلمانی الدولی ، فإن 24.5٪ فقط من البرلمانیین فی العالم هم من النساء ، کما أن المنطقة العربیة تحتل المرتبة الأضعف ، مع وجود النساء فی البرلمان بنسبة 16.8٪ فقط مقارنة بـ 12.4٪ عام 2010.
سنت البلدان فی جمیع أنحاء المنطقة الإصلاحات الدستوریة وإدخال أنظمة الحصص لضمان تمثیل المرأة فی البرلمان. المغرب کان أول من شرع فی هذه العملیة ، فی عام 2002. کان کذلک ثم تلاه العراق (2005) والسودان (2008) والمملکة العربیة السعودیة (2011) ، الجزائر ، الأردن ، لیبیا وموریتانیا (2012) ، مصر وتونس (2014) ، والإمارات العربیة المتحدة (2019). أدت الإصلاحات إلى تقدم غیر مسبوق فی مجال المرأة التمثیل فی السیاسة فی المنطقة. الخمسة بلدان التی حققت أکبر المکاسب من حیث تمثیل المرأة فی البرلمان منذ عام 1995 (الجزائر ، موریتانیا والمغرب والمملکة العربیة السعودیة والإمارات العربیة المتحدة) اعتمدت جمیعها حصصًا للمرأة بما فی ذلک حصص المرشحین والمقاعد المحجوزة.
وبالرغم من هذا التقدم، تمیل العدید من الأحزاب العربیة إلى تجاهل المرشحات فی قوائمها من منطلق اعتقادها بأن المرأة غیر قادرة على الفوز بمقاعد فی الانتخابات لأنها تفتقر إلى المهارات القیادیة ، بافتراض أن ذلک قد یؤثر على فرص الحزب فی الفوز فی الانتخابات. ومع ذلک ، لا تزال الأحزاب السیاسیة شابة فی العدید من بلدان العالم العربی ، ولا یعتمد غالبیة الرجال فی العالم العربی على أحزابهم ، فهم یستخدمون إلى حد کبیر الهیاکل المجتمعیة للشبکات العائلیة الشخصیة والانتماءات القبلیة أو الإقلیمیة لحشد الدعم بین الناخبین. تتدخل العوامل الثقافیة عادة فی انتخابات النساء المرشحات للبرلمانات. بالإضافة ، یتأثر وصول المرأة إلى مناصب صنع القرار والقیادة ، فی الفروع التنفیذیة أو غیرها خارج الهیکل التشریعی ، بالإرادة السیاسیة وثقتها فی کفاءة المرأة. نجحت العدید من النساء العربیات فی إثبات قدراتهن فی هذه المناصب. ومع ذلک ، فقد وصلت بعض النساء إلى مناصب قیادیة علیا بسبب روابط القرابة والصلات مع النظام. أما بالنسبة لتمثیل المرأة العربیة فی السلطة التنفیذیة ، ففی عام 1990 ، کان لدى ثمانی دول عربیة وزیرة أو وزیرتان (الجزائر ، جزر القمر ، مصر ، الأردن ، موریتانیا ، السودان ، سوریا وتونس). بحلول عام 2017 ، کان لدى الغالبیة العظمى من الدول العربیة وزیرات تتراوح بین 2-8 وزیرات فی مجلس الوزراء. تشغل النساء فی بعض البلدان مناصب تنفیذیة علیا أخرى ، کما هو الحال فی الأردن ومصر والجزائر ، حیث یتم تعیین النساء کمحافظات ، وفی الأردن ومصر والسودان حیث تشغل النساء مناصب قضائیة علیا ، وفی مصر حیث تعمل العدید من النساء فی السلک الدبلوماسی. أما منصب رئیس الدولة ، فقد شارکت ثلاث مرشحات فی الانتخابات الرئاسیة فی الجزائر وموریتانیا ولبنان دون حظ. بالتأکید ، لا یزال هناک طریق طویل لنقطعه قبل أن تشغل المرأة العربیة نفس عدد المقاعد أو تشغل مناصب على أعلى المستویات ، مثل الرؤساء أو رؤساء الوزراء.
أما بالنسبة لتطویر منظمات المجتمع المدنی ، فإن وضعها یتوقف على مکانة الناس وتطورهم. دور منظمات المجتمع المدنی لا یقل أهمیة عن دور الأحزاب السیاسیة أو البرلمانات ، مع الأخذ فی الاعتبار أن النشاط المدنی وتعزیز دور المجتمعات المدنیة إن دور منظمات المجتمع المدنی لا یقل أهمیة عن دور الأحزاب السیاسیة أو البرلمانات ، مع الأخذ فی الاعتبار أن النشاط المدنی وتعزیز دور المجتمعات المدنیة یعنی زیادة منافع المرأة وتعزیز قدراتها للتأثیر على السیاسة على المستوى الحکومی. وتختلف نسبة النساء فی مجالس إدارات المنظمات غیر الحکومیة من دولة إلى أخرى ، حیث یأتی لبنان على رأس القائمة (45٪) تلیها فلسطین (41٪). تبلغ نسبة مصر (18٪) والأردن (22٪) . أخیرًا ، ترتبط الاختلافات بین الدول العربیة فیما یتعلق بمشارکة المرأة فی الحیاة العامة والسیاسیة عمومًا بنسبة الإناث المتعلمات ، وکثافة المعاییر الثقافیة والتقلیدیة السائدة ، وتوافر بیئة داعمة.
المبحث الثانی: التحدیات التی تواجه التمکین السیاسی للمرأة العربیة
على الرغم من اتخاذ غالبیة الدول العربیة العدید من الإجراءات لتعزیز تمثیل المرأة فی مواقع صنع القرار ، إلا أن مشارکة المرأة فی الحیاة العامة ومناصب السلطة لم تصل إلى المستوى المنشود ، الأمر الذی یتطلب المزید من الجهود من الحکومات والمجتمع المدنی والجهات الحکومیة. حتى فی ظل وجود إرادة سیاسیة قویة فی العدید من الدول العربیة ، فقد تسود القیود الثقافیة ولا تزال المرأة تمثل نسبة مئویة صغیرة من إجمالی المشرعین والمسؤولین المنتخبین فی مختلف هیئات ومؤسسات المجتمع. یشیر الواقع الحالی فی العالم العربی إلى أوجه القصور والقصور فی مجالات تمکین المرأة العربیة فی السیاسة بسبب العدید من التحدیات.
أولا، السیاسة والثقافة فی العالم العربی
لا یزال الموقف السائد وثقافة التمییز ضد المرأة قائما فی المنطقة العربیة ، على الرغم من برامج التمکین والجهود الوطنیة لتعزیز مکانة المرأة والقضاء على هذا التمییز. لا تزال الثقافة العربیة تتمیز بثقافة یهیمن علیها الذکور وذات طبیعة أبویة ، وهی مدفوعة بالعادات والتقالید القبلیة التی هی فی الغالب غیر ودیة وتحجم عن مشارکة المرأة فی السیاسة . لذلک فالسلطة والصلاحیات فی أیدی الرجال حیث من المفترض أن یسیطروا على موقع صنع القرار فی المؤسسات التشریعیة والتنفیذیة والقضائیة. ویتجلى ذلک فی انخفاض عدد النساء فی السیاسة وفی العدید من الممارسات مثل إجراء الانتخابات التمهیدیة داخل العدید من المجموعات القبلیة لضمان مقاعدهم الانتخابیة وأصواتهم فی البرلمان. ویبقى عدم وضوح المفاهیم الثقافیة والاجتماعیة حول الأدوار والوظائف والحقوق عقبة أمام نهوض المرأة. کما هو الحال فی معظم البلدان ، ترتبط السیاسة فی العالم العربی بالمجال العام الذی یحتله الرجال ویستمرون فی السیطرة علیه. لا تزال ثقافة العدید من الدول العربیة تفصل بین المجال الشخصی والمجال العام. یرکز المجال الشخصی على مسؤولیات المرأة تجاه الأسرة فی المنزل بینما المجال العام هو عالم الرجال. لذلک لا یُسمح للمرأة بالعمل فی المجال العام بشکل عام وفی الحیاة السیاسیة على وجه التحدید. وبحسب جمعة عام 2001 ، على عکس مشکلة المرأة فی الدول الصناعیة فیما یتعلق بالسقف الزجاجی فی التنقل المهنی ، تعانی المرأة العربیة من جدار سمیک یمنعها من الانتقال من المجال الخاص إلى المجال العام. یجب على المرأة العربیة أن تثبت نفسها عدة مرات فی جمیع جوانب العمل والحیاة قبل أن تحصل على قبول أقرانها. ومع ذلک ، کشف تقریر المعهد الدولی للدیمقراطیة والانتخابات حول المرأة فی البرلمان: ما وراء الأرقام فی عام 2005 أن مکان المرأة یمثل مشکلة عالمیة "تهیمن على المجتمعات فی جمیع أنحاء العالم أیدیولوجیة مکانة المرأة" . ووفقًا لهذه الأیدیولوجیة ، یجب على المرأة أن تلعب دور الأم العاملة فقط ، والتی هی عمومًا منخفضة الأجر وغیر سیاسیة. بالإضافة إلى ذلک ، فی بعض البلدان ، حتى الرجال یخبرون النساء کیف یصوتون." وهذا عائق حقیقی أمام تحقیق العلاقات بین الجنسین فی الدول العربیة ، وجعل الجهود الجبارة لاستراتیجیات برامج تمکین المرأة فی التطلعات العربیة صعبة المنال. وتجدر الإشارة إلى أن نفاذیة الحدود بین المجالین العام والخاص قد نوقشت من قبل الناشطات والمؤیدات . توفر هذه النفاذیة منطقة مختلطة بین المجالین الخاص والسیاسی مما یؤدی إلى حقیقة أن کل مجال من مجالات التفاعل هو مجال سیاسی یتضمن القوة والسلطة.
ثانیا، المنظمات النسائیة والمنظمات غیر الحکومیة
على الرغم من أن دعوة المنظمات النسائیة والمنظمات غیر الحکومیة قد نجحت فی بدء تعدیلات إیجابیة فی بعض القوانین ، إلا أن الفجوات لا تزال موجودة. تدعم المنظمات النسائیة والمنظمات غیر الحکومیة النساء للمشارکة فی السیاسة ، من خلال توفیر برامج رفع الوعی ، ومساعدة النساء بالأموال وتعزیز مهاراتهن فی إدارة حملتهن الانتخابیة مثل الأردن ومصر والبحرین ودول أخرى. ومع ذلک ، فإن هذه البرامج تحتاج إلى تعدیل لتحسین الفعالیة / الکفاءة على المستویین الوطنی والإقلیمی. أفادت التقاریر أن عمل المنظمات النسائیة والمنظمات غیر الحکومیة قد تحرک ببطء نحو أنشطة التوعیة والدعوة والتدریب وبناء القدرات البشریة والمؤسسیة . هناک مجالات تحتاج إلى جهود أکثر جدیة من المنظمات النسائیة والمنظمات غیر الحکومیة خاصة فیما یتعلق بالإعلام.
ساهمت الرسائل الإعلامیة النمطیة عن دور المرأة فی المجتمع ، وسوء استخدام وسائل الإعلام ، وعدم وجود برامج إعلامیة قویة على مستوى القاعدة الشعبیة تهدف إلى تغییر الصورة النمطیة للمرأة ، بشکل سلبی فی مشارکة المرأة فی صنع القرار والسیاسة. إن نقص اهتمام وسائل الإعلام بمساهمات وإمکانیات المرأة یؤدی إلى عدم وجود دائرة انتخابیة للنساء. المنظمات النسائیة والمنظمات غیر الحکومیة هی عوامل اجتماعیة للتغییر ویجب علیها إزالة الصور النمطیة السلبیة التی یبدو أنها تُعرض دائمًا عن النساء فی وسائل الإعلام. هناک مجال آخر یحتاج إلى مزید من التحقیقات الجادة والدعم من المنظمات النسائیة والمنظمات غیر الحکومیة ، وهو یتعلق بنقص ثقة النساء العربیات فی المرشحات وکذلک عدم ثقة النساء بأنفسهن للقیادة. فی بعض البلدان ، مثل الأردن ، شکلت النساء أکثر من 50٪ من جمیع الناخبین ، مما یعنی أن الرجال یزیدون من فرص الفوز بأغلبیة ساحقة من النساء. علاوة على ذلک ، فی بعض البلدان ، یخبر الرجال النساء کیف یصوتون. عزت دراسة صدرت فی مارس / آذار 2007 من قبل صندوق الأمم المتحدة الإنمائی للمرأة (UNIFEM) فشل المرأة فی الحصول على مقاعد فی البرلمان إلى عوامل اجتماعیة وسیاسیة ، بما فی ذلک انعدام الثقة فی المجتمع الأردنی بأن المرأة قادرة على العمل فی السیاسة . إن تدنی احترام المرأة لذاتها وثقتها بنفسها تدعمه أنماط ثقافیة معینة ، والتنشئة الأسریة التی تمیز بین الذکر والأنثى فی مسائل الحریات والمسؤولیات والحقوق. من ناحیة أخرى ، یؤدی العدد المتزاید للمنظمات النسائیة والمنظمات غیر الحکومیة إلى تنافس جاد على الموارد وضعف التنسیق بین المؤسسات بسبب الاعتماد الشدید على الدعم الحکومی والمانحین الدولیین. رکز تقریر الإسکوا عن الحرکات النسائیة فی العالم العربی على نقص التنسیق والصراع فی بعض الحالات بین المجموعات والمؤسسات النسائیة على المستوى الوطنی . بالإضافة إلى ذلک ، أفاد تقریر منظمة المرأة العربیة فی عام 2006 أن جمیع المشاریع والبرامج النسائیة فی المنطقة العربیة تعانی من غیاب الرؤیة الاستراتیجیة ، وضعف التخطیط الاستراتیجی ، والمتابعة الضعیفة ، والرصد والتقییم ، وضعف التنسیق بین أصحاب المصلحة ، وعدم کفایة واختلال التوازن فی التنفیذ والتمویل على مستوى الحکومات ومؤسسات المجتمع المدنی والقطاع الخاص . لذلک ، یجب أن تتفاعل المنظمات النسائیة والمنظمات غیر الحکومیة لمعالجة هذه الفجوات ، وتحسین التدابیر ، ومواجهة القیود الثقافیة والقانونیة التی تعیق مشارکة المرأة فی السیاسة وصنع القرار.
ومن المعروف أن الاستراتیجیات الوطنیة لتعزیز تنمیة المرأة فی الدول العربیة قد تمت صیاغتها من قبل فئة النخبة من النساء ، وغالباً ما أیدتها "الإرادة السیاسیة العلیا". إلى حد ما ، ظلت النساء على مستوى القاعدة الشعبیة فی عزلة من حیث تخطیط وتطویر وتقییم المشاریع والبرامج التی ترکز على قضایا المرأة. لقد أصبحوا متلقین للخدمات والبرامج التی صممتها "النخبة" ، وبالتالی لا یوجد إحساس بالملکیة للعدید من المبادرات القویة لتنمیة المرأة فی العالم العربی. ویتجلى ذلک فی ارتفاع عدد أصوات النساء العربیات التی تذهب لمرشحات الرجال للبرلمان.
ثالثا، التشکیک فی أجندة النهوض بالمرأة
لسوء الحظ ، فإن السیاسات والإجراءات التی تستهدف تقدم المرأة العربیة لا تواجه فقط العدید من الصعوبات والتحدیات المتعلقة بالقضایا الثقافیة وغیرها ، ولکن هناک أیضًا شک فی أجندة تنمیة المرأة حیث ینظر البعض إلى المساواة بین الجنسین باعتبارها فرضًا غربیًا. غیر ملائم للسیاق الدینی والثقافی للدول العربیة. وقد اشتبه العدید من المتطرفین الدینیین فی الحقوق التی اکتسبتها بالفعل النساء ، مما دفع النساء والمؤیدین إلى توضیح موقفهن من خلال المناقشات والتوضیحات القویة حول حقوق المرأة فی الفکر الإسلامی وکذلک اتفاقیة القضاء على جمیع أشکال التمییز ضد المرأة من منظور الإسلام . تتزاید شکوک المتطرفین الدینیین وأنصارهم بشأن أجندة تنمیة المرأة ، ویدعو بعض البلدان إلى تقیید دور المرأة فی الأسرة. لذلک ، یجب أن تستمر الحرکات النسائیة فی العالم العربی دون إغفال التاریخ والثقافة والدین العربی والإسلامی. ومن الجدیر بالذکر أن العوائق التی تواجه المرأة فی السیاسة لا تکمن فی الدین ، حیث أن الدول الإسلامیة الأخرى لدیها نساء فی مناصب قیادیة علیا - أی کرئیسات: بینظیر بوتو فی باکستان ، ومیجاواتی سوکامو بوتری فی إندونیسیا ، وخلدا زیا فی بنغلادیش
رابعا، أوجه القصور فی الأطر المؤسسیة والقانونیة لتنفیذ السیاسة
على الرغم من بعض التعدیلات الإیجابیة التی أدخلت على التشریعات فی العدید من الدول العربیة ، لا یزال التمییز القانونی یمثل عقبة کبیرة أمام تقدم المرأة. توجد فجوات وتباینات قائمة بین التشریعات والتنفیذ والممارسات الاجتماعیة. على سبیل المثال ، فی بلدان مختلفة ، لا تزال هناک مشاکل تتعلق بالسن القانونی للزواج والطلاق والنفقة والحضانة وإجراءات الزیارة وحقوق المیراث وختان الإناث والعنف ضد المرأة. کما توجد فجوة بین صیاغة السیاسات وتنفیذ الإستراتیجیات فی العدید من الدول العربیة بسبب نقص البیانات النوعیة والکمیة القویة حول المرأة فی العالم العربی ، وعدم وجود مؤشرات أداء واضحة لرصد وتقییم التقدم والنتائج ، وقیود المیزانیة لتنفیذ البرامج ، والافتقار إلى الوسائل الفعالة لربط جهود تعمیم مراعاة المنظور الجنسانی بالسیاسات والخطط الوطنیة الأخرى. تتطلب أجندة النهوض بالمرأة استثمارًا طویل الأجل فی الموارد وشراکات مستدامة عبر القطاعات. المجالس الوطنیة العربیة للمرأة أو المؤسسات ذات الصلة ، هی مؤسسات صغیرة نسبیًا ، ولکن لدیها مهمة ضخمة باعتبارها "نقاط مرجعیة للحکومة" فی جمیع القضایا المتعلقة بالنهوض بالمرأة. وتجد هذه المجالس / المؤسسات صعوبة فی مراقبة / متابعة تنفیذ السیاسات / الخطط التی تضعها ، لأنها تفتقر إلى الآلیات التی تمکنها من أداء المهمة ، ولیس لها سلطة إداریة على الأجهزة التنفیذیة لهذه المسؤولیة. وهذا یتطلب من المجالس الوطنیة للمرأة أو المؤسسات ذات الصلة أن یکون لها أسنان وأذرع قویة فی جمیع الوزارات القویة والمؤسسات ذات الصلة لدعمها فی أداء مسؤولیاتها ؛ ومع ذلک ، لا یمکن أن یعمل هذا دون تحسین الوضع القانونی والسلطة والتنفیذیة
خامسا، الأحزاب السیاسیة والانتخابات التمهیدیة القبلیة
عادة ما یتم تهمیش المرأة فی الحیاة الحزبیة السیاسیة ، وهو ما یتجلى فی عدم وجود دعم حزبی للمرأة التی غابت إلى حد کبیر عن قیادة الحزب هناک . لذلک ، لا یزال تمثیل المرأة فی السیاسة فی المنطقة العربیة منخفضًا. فی بعض الدول العربیة ، أدخلت الأحزاب السیاسیة إجراءات لتعزیز تمثیل المرأة فی البرلمان من خلال تخصیص نسبة معینة من النساء فی قوائمها الحزبیة ، الأمر الذی یعزز بالتأکید تمثیل المرأة فی البرلمان. بالإضافة إلى ذلک ، فإن العملیات الانتخابیة نفسها هی قضیة أخرى لمشارکة المرأة فی السیاسة فی المنطقة العربیة لأنها تتمیز بخصائص معینة تمیز ضد المرأة. هذا واضح فی ممارسة الانتخابات التمهیدیة القبلیة. تنظم العدید من القبائل فی العدید من الدول العربیة انتخابات تمهیدیة قبلیة تهدف إلى استبعاد المرشحین الضعفاء الذین لدیهم أقل فرصة للفوز من أجل الترکیز على المرشحین الأقویاء الذین لدیهم فرص فوز أفضل.
توفر هذه الممارسة "شبکة أمان" للقبائل للبقاء على قید الحیاة فی بیئة سیاسیة صعبة فی بعض الدول العربیة مثل الأردن والکویت والإمارات العربیة المتحدة والعراق والبحرین. بالنظر إلى التکلفة المتزایدة لإدارة حملة فعالة وانعدام الثقة فی المرشحات ، فإن ذلک یشکل عقبات خطیرة أخرى أمام المرأة فی البلدان العربیة. ومن المثیر للاهتمام أن السنوات القلیلة الماضیة قد أظهرت تحولًا فی مثل هذه الممارسات. على سبیل المثال ، أظهرت الانتخابات الأردنیة فی عامی 2007 و 2010 انفراجًا فی النظام الانتخابی عندما تلقت المرشحات العشائر دعمًا عشائریًا هائلاً فی العدید من مناطق البلاد بما فی ذلک مناطق البدو. وشهدت الکویت انفراجة أخرى بنجاح أربع نساء فی البرلمان. وهذا یعکس ظهور "منطقة الراحة" للمرأة التی تحتاج إلى تقییم دقیق لفحص العوامل المساهمة فی هذا التغییر فی دولتین عربیتین معروفتین بقبلیتهما (الأردن والکویت) والإسلامویة (الکویت). یجب أن تتعلم المرأة وتعید تقییم استراتیجیاتها للاستثمار فی "منطقة الراحة" هذه وبناء الجسور فیما بینها وتطویر تحالفات مع القوى السیاسیة القائمة مثل القبائل والجماعات الدینیة والأحزاب والمجتمع
المبحث الثالث: الطریق للأمام
على الرغم من بعض الإنجازات الإیجابیة للمرأة العربیة فی مجالی التعلیم والصحة فی العدید من الدول العربیة ، إلا أن مشارکة المرأة فی الحیاة الاقتصادیة والسیاسیة لا تزال منخفضة ، وهو ما یعتبر عائقاً أمام التقدم نحو المشارکة الحقیقیة للمرأة العربیة فی التنمیة المستدامة. التحدیات التی تواجه المرأة فی السیاسة هائلة. فهی تتطلب توحید کل الجهود مع الإیمان العمیق بقدرات المرأة کبشر قادرة على القیادة وتحمل المسؤولیة فی بناء دولها. یتطلب دمج المرأة فی الحیاة العامة والسیاسیة تدخلات سیاسیة قویة تهدف إلى تمکین المرأة وتوعیة الرجال والنساء فی العالم العربی بقیمة دور المرأة لیس فقط فی المجال الخاص ولکن أیضًا فی المجال العام. تحتاج الدول العربیة إلى توجیه الإجراءات المستقبلیة التی تتخذها الحکومات لمعالجة الفجوات والتحدیات القائمة والمساهمة فی المساواة بین الجنسین والنهوض بالمرأة فی جمیع قطاعات التنمیة ؛ الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیة. والأهم من ذلک ، أن الدول العربیة بحاجة إلى الاستمرار فی مراجعة التشریعات القائمة بما یتماشى مع الاتفاقیات والمؤتمرات الدولیة والتأکد من وعی الجمهور وفهمه للتشریعات وأهمیة إنفاذ القانون. بالإضافة إلى ذلک ، یجب تجسید تکافؤ الفرص فی القانون والسیاسة. لذلک ، فإن سد الفجوة بین الخاص (الأسری) والعامة (المجال السیاسی) ضروری لتعزیز دور المرأة فی السیاسة.
یجب على النساء العربیات ومناصریهن الضغط من أجل المزید من السیاسات المراعیة للنوع الاجتماعی لتعزیز مشارکة المرأة بما فی ذلک تدابیر التمییز الإیجابی للمرأة وإصلاح الأنظمة الانتخابیة بالإضافة إلى بناء قدرات ومهارات النساء فی السیاسة والقیادة. یتطلب الطریق إلى الأمام النهوض بالقدرات البشریة وتطویر إستراتیجیات صلبة متعددة المستویات لتعزیز مشارکة المرأة العربیة فی الحیاة العامة. یجب أن تغطی هذه الاستراتیجیات جمیع مسارات التنمیة (الاجتماعیة والاقتصادیة ، والسیاسة ، والتشریعات ، والبیئة الداعمة ، والحکومة والمنظمات غیر الحکومیة ، ووسائل الإعلام ، والشباب ، والذکور والإناث ، إلخ ..) وأن تستهدف الأفراد ، والأسرة ، والمجتمع ککل. إن تمکین المرأة هو الأساس الأساسی لهذه المسارات. هناک مسألة حاسمة أخرى وهی ضمان مشارکة النساء من القاعدة إلى القمة فی تخطیط وتنفیذ وتقییم البرامج والخدمات المقدمة لهن ، للتأکد من ملاءمتها لاحتیاجاتهن / أولویاتهن وکذلک لتوطید العلاقة بین مختلف أصحاب المصلحة (الحکومات والنساء والمنظمات غیر الحکومیة والقطاع الخاص) لضمان تنسیق وتعاون أفضل من أجل التنفیذ الکامل للاستراتیجیات وخطط العمل للنهوض بالمرأة.
وهذا ینطوی على صیاغة المنهجیة الصحیحة لمساعدة المرأة على الاندماج فی الحیاة العامة والسیاسیة ، وهو أمر لا یمکن تحقیقه إلا عندما نترجم الشعارات إلى خطط عمل ، ونتخذ إجراءات جذریة لتحقیق المشارکة الحقیقیة للمرأة وإشراکها فی جمیع جوانب التنمیة. الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة. وهذا یشیر إلى "العودة إلى القواعد الشعبیة" وصیاغة برامج تعلیمیة تغرس مفاهیم المساواة وتکافؤ الفرص وحقوق المرأة کمواطنات کاملة بما فی ذلک حقوقهن فی تقاسم المجال العام مع زملائهن الرجال. یجب على المؤسسات والمنظمات غیر الحکومیة العمل معًا لتعزیز الحوارات والإجراءات لضمان أن تصبح قضیة حقوق المرأة مرادفة لقضیة حقوق الإنسان. کما یجب تعزیز التعاون والتنسیق بین جمیع المؤسسات ذات الصلة بالمرأة ووضع معاییر علمیة لقیاس مدى نجاح هذه المؤسسات فی تحمل مسؤولیاتها الرئیسیة.
یعزز التعلیم التمکین الاقتصادی والاجتماعی والسیاسی للمرأة. یجب أن یکون نظام التعلیم فی العالم العربی هو الأداة المتغیرة لثقافتنا ، على سبیل المثال ، یحتاج إلى تعزیز والتأثیر على الثقافة والموقف العام فی اختیار ممثلیهم على أساس الجدارة بدلاً من الاعتبارات الأخرى ، وتعزیز الرأی القائل بأن الممثل المناسب فی عملیة دیمقراطیة یمکن أن تکون امرأة. بالإضافة إلى ذلک ، على الدول العربیة تعزیز وتکثیف حملات التوعیة بأهمیة دور المرأة فی التنمیة المستدامة: الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة ، من خلال المؤسسات التعلیمیة والإعلامیة والمنظمات غیر الحکومیة ، لتحقیق الهدف المنشود. ینبغی تعزیز حملات التوعیة وتقییمها ، وسیکون من المهم بنفس القدر الإدماج الفعال لبرامج محو الأمیة القانونیة فی حملات التوعیة على جمیع المستویات ، بما فی ذلک المناهج الدراسیة وکذلک تزوید النساء بالمعلومات المتعلقة بحقوقهن فی جمیع المجالات.
تتحمل وسائل الإعلام على المستویین الوطنی والإقلیمی مسؤولیة جذب المزید من الاهتمام البناء لقضایا المرأة. یجب أن یعطی صورة أکثر إیجابیة للمرأة العربیة ومشارکتها فی السیاسة وفی جمیع مواقع صنع القرار فی جمیع القطاعات. کما ذکرنا سابقاً ، ناقش القادة العرب ، ولأول مرة ، موضوع النهوض بالمرأة العربیة کعنصر أساسی فی التنمیة السیاسیة والاقتصادیة فی العالم العربی. والآن تقع على عاتق المرأة العربیة مسؤولیة اغتنام هذه الفرصة الثمینة والمشارکة فی تحقیق الإصلاح السیاسی فی بلادها. فرصة أخرى للمرأة هی إنشاء منظمة المرأة العربیة. یجب على المرأة فی العالم العربی أن تستثمر فی حماس وطاقة السیدات الأوائل اللواتی یدافعن عن حقوق المرأة ویتوقن إلى تغییر الوضع الحالی للمرأة. أما بالنسبة لتوافر المعلومات حول المرأة العربیة ، فقد ترکزت معظم الدراسات حول المشارکة السیاسیة للمرأة على دراسات کمیة تقیس نسبة وأعداد النساء فی مواقع صنع القرار بدلاً من الدراسات النوعیة. تُستخدم الأرقام والنسب المئویة عادةً کوجهین لعملة واحدة اعتمادًا على الموضوع قید المناقشة ، وتُستخدم لتقدیم نظرة سلبیة عن تمثیل المرأة الناقص فی السیاسة ، أو لتقدیم وجهة نظر وردیة حول المرأة فی السیاسة فی العالم العربی. .
لذلک ، هناک حاجة إلى أبحاث ودراسات نوعیة لاکتساب رؤى حول تجارب النساء ووجهات نظرهن فیما یتعلق بالتحدیات والعقبات التی تواجه السیاسة لتقدیم تحلیل متعمق لوضع المرأة فی العالم العربی. بالنسبة للنساء فی السیاسة ، هناک حاجة إلى بیانات نوعیة تتعلق بالطبیعة الدینامیکیة للمشارکة السیاسیة والسلطة بین النساء فی مناصب صنع القرار العلیا. بالإضافة إلى ذلک ، ینبغی دراسة نتائج وتأثیر برامج تمکین المرأة وکذلک تدابیر التمییز الإیجابی للمرأة من حیث التغییرات الحقیقیة فی حیاة ووضع المرأة. ومع ذلک ، لا یزال التحدی یکمن فی دمج نتائج البحوث فی السیاسات والبرامج المستقبلیة. بالإضافة إلى ذلک ، هناک حاجة إلى بذل جهود جادة فی مجال تطویر مؤشرات تراعی الفوارق بین الجنسین لقیاس النتائج الجنسانیة وکذلک إنشاء آلیة قویة للرصد والتقییم ذات الصلة بالنوع الاجتماعی. حتى الآن ، تعتبر مؤشرات تنمیة المرأة وأنظمة المراقبة والتقییم من القضایا المزمنة الرئیسیة التی لم یتم حلها فی العالم العربی. یعد رصد النتائج جانباً حاسماً من التقدم المحرز فی تعزیز المساواة النوعیة.
خاتمة:
فی الختام ، بالنسبة للمرأة العربیة ، یعتبر شغل المناصب العامة والسیاسیة إنجازًا کبیرًا یجب الحفاظ علیه والاعتراف به. بعد مرور خمسة وعشرون عامًا على مؤتمر بیجین ، ما زلنا نراجع ونصوغ استراتیجیاتنا وخطط عملنا لتنمیة المرأة وتمکینها فی البلدان العربیة. من الحقائق التی یجب ملاحظتها فی هذا الصدد ، أن التنمیة المستدامة لا یمکن أن تتحقق فی الدول العربیة ما لم تلعب المرأة دورًا کاملاً فی المجتمع وهذا لا یمکن أن یحدث إذا لم تُمنح المرأة حقوقها الکاملة. إن تعزیز الدیمقراطیة فی العالم العربی بالإضافة إلى الحریة والإنصاف والمساواة والشفافیة سیساعد على تعزیز السلامة والأمن والحریة لجمیع الناس ، وخاصة النساء اللائی یواجهن تحدیات کبیرة فی المشارکة فی المجال السیاسی. تعکس حجة تقدم المرأة وتنمیتها حقیقة واحدة ، وهی أن المرأة عنصر رئیسی وحیوی فی عملیة التنمیة التی تهدف إلى تحقیق مجتمع تقدمی ومزدهر ، أی لأن النساء یشکلن نصف الإمکانات الإنتاجیة فی مجتمعاتهن. لا تقدم بدون التنمیة البشریة والبشر هم الکنوز الحقیقیة لأیة أمة. وهذا یتطلب درجة کبیرة من الشفافیة والمصداقیة والتفانی ، لیس فقط من جانب النساء ، ولکن أیضًا من جانب الرجال وجمیع قطاعات المجتمع. دعا تقریر التنمیة البشریة العربیة لعام 2009 حول التحدیات التی تواجه الأمن البشری فی الدول العربیة "صناع القرار وغیرهم من أصحاب المصلحة إلى الابتعاد عن المفهوم التقلیدی للأمن المتمحور حول الدولة إلى مفهوم یرکز أیضًا على أمن الأفراد و حمایتهم و تمکینهم ".