التداعيات الاقتصادية الکلية لکوفيد ١٩ على دول افريقيا جنوب الصحراء وسياسات المواجهة

نوع المستند : مقالات سیاسیة واقتصادیة

المؤلفون

1 قسم السياسة والاقتصاد، کلية الدراسات الافريقية اىعليا، جامعة القاهرة

2 کلية التجارة، جامعة اسوان

المستخلص

ألقت جائحة کوفيد-19 (کرونا) بظلالها على کل دول العالم النامية والمتقدمة مخلفة العديد من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على کل الدول، دفعت البعض للجزم بأن العالم اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً سيختلف هيکليا عما کان عليه قبل هذه الجائحة. وقد اهتمت العديد من الکتابات مؤخراً بدراسة جميع أبعاد هذه الأزمة وتداعياتها على الدول المختلفة وکيفية مواجهة هذه التداعيات أو التقليل من أثارها، ومن أبزها بالطبع البعد الاقتصادي حيث ذهبت العديد من التحليلات أن من شأن هذه الأزمة أن تنقل اقتصادات العالم کلها إلى وضع أشبه ما يکون -إن لم يکن أسوأ- بالکساد الکبير الذي ساد العالم في ثلاثينات القرن الماضي.
وتهدف هذه الورقة لتحليل الأثار الاقتصادية الکلية المتوقعة لجائحة کرونا على اقتصادات دول افريقيا جنوب الصحراء والتي من المتوقع أن تشهد تداعيات صحية واقتصادية کبيرة جراء جائحة کوفيد-19 في ظل ما لديها من أنظمة وخدمات صحية محدودة، وذلک من خلال تحليل قنوات التأثير الداخلية والخارجية ومحددات هذا التأثير وکذلک السياسات الاقتصادية التي يمکن من خلالها التعامل مع هذه التداعيات

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


مقدمة:

ألقت جائحة کوفید-19 (کرونا) بظلالها على کل دول العالم النامیة والمتقدمة مخلفة العدید من التداعیات الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة على کل الدول، دفعت البعض للجزم بأن العالم اقتصادیاً وسیاسیاً واجتماعیاً سیختلف هیکلیا عما کان علیه قبل هذه الجائحة. وقد اهتمت العدید من الکتابات مؤخراً بدراسة جمیع أبعاد هذه الأزمة وتداعیاتها على الدول المختلفة وکیفیة مواجهة هذه التداعیات أو التقلیل من أثارها، ومن أبزها بالطبع البعد الاقتصادی حیث ذهبت العدید من التحلیلات أن من شأن هذه الأزمة أن تنقل اقتصادات العالم کلها إلى وضع أشبه ما یکون -إن لم یکن أسوأ- بالکساد الکبیر الذی ساد العالم فی ثلاثینات القرن الماضی.

وتهدف هذه الورقة لتحلیل الأثار الاقتصادیة الکلیة المتوقعة لجائحة کرونا على اقتصادات دول افریقیا جنوب الصحراء والتی من المتوقع أن تشهد تداعیات صحیة واقتصادیة کبیرة جراء جائحة کوفید-19 فی ظل ما لدیها من أنظمة وخدمات صحیة محدودة، وذلک من خلال تحلیل قنوات التأثیر الداخلیة والخارجیة ومحددات هذا التأثیر وکذلک السیاسات الاقتصادیة التی یمکن من خلالها التعامل مع هذه التداعیات.

وفی هذا الإطار تنقسم الورقة إلى أربعة أجزاء بالإضافة إلى مقدمة وخاتمة. یتناول الجزء الأول الإطار النظری للتأثیرات الاقتصادیة الکلیة لجائحة کوفید-19، ثم الجزء الثانی یعرض بعض الدراسات السابقة التی اهتمت بتحلیل الاثار الاقتصادیة للأوبئة ومنها کوفید-19، ثم الجزء الثالث یتناول الاثار الاقتصادیة الکلیة المتوقعة للجائحة فی افریقیا جنوب الصحراء، ثم السیاسات الاقتصادیة: المالیة والنقدیة التی اتبعتها دول افریقیا جنوب الصحراء للحد من هذه الاثار وکذلک عرض لأهم سیاسات أو إجراءات المواجهة على المستوى الإقلیمی والقاری.

1. الاثار الاقتصادیة الکلیة لجائحة کوفید-19: إطار نظری:

ألقت جائحة کوفید-19 (کرونا) بظلالها على اقتصادات دول افریقیا جنوب الصحراء من خلال ما تسببت من صدمات داخلیة وخارجیة لاقتصادات هذه الدول، وتجدر الإشارة هنا أن هذه الجائحة فی تأثیرها الاقتصادی تختلف عن أی أزمة اقتصادیة سابقة فی کونها اجتاحت اقتصادات دول العالم کلها فأصبح تأثیرها مزدوجاً على الدول النامیة ما بین تأثر اقتصاداتها داخلیاً بالأزمة والأثار التی تنتقل إلیها جراء ما أصاب اقتصادات الدول الکبرى التی تقود الاقتصاد العالمی وفی مقدمتها الصین والولایات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبی، کما أنها أعادت الجدل حول جدوى وإمکانیة صمود العدید من الأفکار والنظم الاقتصادیة التی سادت النظام الاقتصادی الحدیث مثل العولمة والرأسمالیة والتکامل الاقتصادی.

        ویمکن من خلال الشکل التالی تتبع الاثار الاقتصادیة الکلیة المحتملة لجائحة کرونا. وفقاً لهذا الشکل فإن التأثیرات الاقتصادیة الکلیة لکوفید-19 تمر بعدة مراحل أو موجات، حیث تبدأ فی موجتها الأولی بإحداث صدمة فی الإنتاج المحلی نتیجة انخفاض مستویات التشغیل بل وغلق العدید من مؤسسات الإنتاج المحلیة تزامناً مع الإجراءات الاحترازیة للمرض وهو ما یترتب علیه انخفاض حاد فی الإنتاج المحلی یؤدی بدوره إلى خلل فی الإنتاج فی إطار سلاسل الإنتاج أو التورید العالمیة کما أنه یؤدی إلى انخفاضاً متزامناً فی الطلب المحلی نتیجة انخفاض الدخل من جهة وحالة عدم الیقین فی المستقبل من جهة أخرى. هذا بالإضافة إلى انخفاض الطلب على القطاعات التی تأثرت مباشرة بالأزمة مثل الموارد الطبیعیة -نتیجة انخفاض الطلب العالمی مع تأثر الإنتاج- والسیاحة والنقل والخدمات اللوجستیة متسبباً بدوره فی صدمة جدیدة للعرض المحلی. ویجدر الملاحظة هنا أن التغیرات التی تطرأ على الطلب المحلی تختلف وفقاً لطبیعة السلع فبینما یرتفع الطلب على السلع الأساسیة مثل الغذاء، المستلزمات الطبیة وغیرها من الاحتیاجات الأساسیة بصورة کبیرة، فإن الطلب على السلع غیر الأساسیة أو الضروریة فی مثل هذه الأزمات یشهد انخفاضاً حاداً. هذا بالإضافة للتأثیر المباشر على حرکة الأفراد على المستوى المحلی والخارجی (Barua, 2020).

هذه التأثیرات التی اجتاحت الطلب والعرض المحلی تخلف فی الموجة أو المرحلة الثانیة أثراً جوهریاً على العرض والطلب العالمیین وسلاسل الانتاج أو التورید العالمیة خاصة أن الدول التی أصابتها الجائحة فی البدایة تعد من الدول التی تلعب دوراً محوریاً فی الاقتصاد العالمی مثل الصین ودول الاتحاد الأوروبی والولایات المتحدة الأمریکیة حیث تؤثر بصورة کبیرة على حرکة التجارة العالمیة وتدفقات رؤوس الأموال.

أما فی المرحلة أو الموجه الثالثة، فتبدأ التأثیرات الاقتصادیة للجائحة فی الانعکاس على مؤشرات الاقتصاد الکلی، حیث ینخفض کلاً من العرض الکلی والطلب الکلی، کما ترتفع معدلات التضخم خاصة فی أسعار السلع الأساسیة لارتفاع الطلب علیها وکذلک السلع الواردة من الخارج لانخفاض المعروض وصعوبات النقل، فی مقابل انخفاض أسعار السلع غیر الأساسیة لانخفاض الطلب علیها. بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة نتیجة قیام العدید من مؤسسات الإنتاج بتسریح جزء من العمالة سواء بسبب الإجراءات الاحترازیة او بسبب انخفاض الطلب على المنتجات فی حالة السلع غیر الأساسیة إلا لو کانت تتمتع بقدر من المرونة یمکنها من التکیف مع التغیرات الطارئة.

کذلک قد تؤدی التغیرات التی طرأت على التجارة الدولیة إلى إحداث تأثیر على سعر الصرف، ویتوقف هذا التأثیر بالطبع على الهیکل الاقتصادی للدولة ومدى وطبیعة ارتباطه بالأسواق العالمیة. کذلک قد تؤدی الأزمة إلى ارتفاع معدلات الاستدانة الخارجیة لتوفیر التمویل اللازم لمواجهة الأزمة وتوفیر الاحتیاجات والخدمات الطبیة والاجتماعیة وکذلک موجهة التأثیرات الاقتصادیة للأزمة خاصة فی الدول النامیة.

کل هذه التأثیرات تؤدی فی الموجه الرابعة والخامسة إلى انخفاض الناتج المحلی الإجمالی العالمی ودخول الاقتصاد العالمی إلى مرحلة من الکساد، کما أنها من المتوقع أن تؤدی إلى إحداث تغیرات هیکلیة فی نظام الاقتصاد العالمی والفاعلیین الرئیسیین فیه وعلى التفاعلات الاقتصادیة والسیاسیة الدولیة.


 

2. الدراسات السابقة:

بالرغم من وجود العدید من الدراسات السابقة التی تناولت العلاقة بین مؤشرات الصحة بشکل عام وأثارها الاقتصادیة وعلى الرفاهیة المجتمعیة، إلا أن الدراسات التی تناولت تقییم الاثار الاقتصادیة لجائحة مثل الکوفید-19 تعتبر إلى حد ما محدودة (نظراً لحداثة الموضوع) کما أن تحلیل الاثار الاقتصادیة لمثل هذه الجائحة یجب أن یراعی اختلافها عن باقی الازمات أو الجوائح الصحیة (مثل السارس، الإیدز، الانفلونزا الاسبانیة) التی قد تکون تم تناولها من قبل من حیث معدل الانتشار واتساع النطاق وتأثیراته الحادة على اقتصادات العالم فی الأجل القصیر بل وفی الأجل الطویل کذلک.

ومن الدراسات التی تناولت الاثار الاقتصادیة الکلیة للجوائح الصحیة دراسة (McKibbin L. J., 2004) عن الاثار الاقتصادیة لجائحة السارس فی عام 2003، وقد خلصت الدراسة إلى أن التأثیر الأکبر لهذه الأزمة کان من خلال الانخفاض الکبیر فی معدلات الاستهلاک الخاص، وزیادة تکلفة الإنتاج، وزیادة معدلات عدم التأکد أو الیقین فی مناخ الأعمال وما ارتبط بذلک من انخفاض فی مستوى تقییم المخاطر فی الاقتصادات التی تأثرت بهذه الجائحة.

هناک أیضاً دراسة (Bloom, 2005) والتی هدفت إلى تقییم الاثار الاقتصادیة لأزمة الانفلونزا فی عام 2003 فی اطار سیناریوهات مختلفة لانتشار المرض من بین متوسط إلى حاد باستخدام نموذج محاکاة أعدته جامعة أکسفورد، وقد ذهبت الدراسة إلى أن التأثیر الأکبر لهذه الجائحة یکون من خلال تأثیرها الاستهلاک الخاص فی دول شرق اسیا، وقد قدرت الدراسة هذا الانخفاض بحوالی 2.5% من الناتج المحلی الإجمالی أی حوالی 113.2 ملیار دولار فی الأجل القصیر، أما فی الأجل الطویل فمن شأنها فی حال استمرار معدلات انتشار المرض أن تؤدی إلى خفض الاستهلاک بقرابة 6.5% من الناتج المحلی الإجمالی لهذه الدول. وعلى المستوى العالمی قدرت الدراسة الانخفاض فی الناتج المحلی الإجمالی العالمی بحوالی 0.6% کما أنها ستؤدی لانخفاض التجارة الدولیة بحوالی 14% أی بقرابة 2.5 تریلیون دولار.  

أما فیما یتعلق بالدراسات التی تناولت التأثیرات الاقتصادیة الکلیة لجائحة کوفید-19 فهناک دراسة  (McKibbin W. a., 2020) عن تقدیر الخسائر الاقتصادیة الناجمة عن کوفید-19 فی 24 دولة باستخدام G-Cubed model، قدرت الدراسة الخسائر الاقتصادیة الاجمالیة فی الدول محل الدراسة الناجمة عن الأزمة بمعدلات تتراوح من 283 ملیار دولار إلى 2230 ملیار دولار وفقاً لسیناریوهات انتشار المرض ومعدلات الوفیات الناجمة عنه.

وفی السیاق الأفریقی، هناک دراسة (Ozili, 2020) التی تناولت الاثار الاقتصادیة المتوقعة على الاقتصاد النیجیری جراء جائحة کرونا والسیاسات الاقتصادیة التی انتهجتها الدولة لمواجهة هذه التأثیرات. وفی هذا الإطار ذهبت الدراسة إلى أن الاقتصاد النیجیری قد تأثر نتیجة لتزامن جائحة کرونا مع الانخفاض الحاد فی أسعار البترول منذ بدایة العام وتسارع هذا الانخفاض مع الجائحة. وهو ما خلف أثراً بالغاً على اقتصاد الدولة الذی یعتمد بصورة کاملة على قطاع النفط سواء فی تولید الناتج المحلی الإجمالی أو کنسبة من الصادرات ومصدراً للنقد الأجنبی. أما فیما یتعلق بالسیاسات الاقتصادیة فقد تبنت الدولة سیاسة مالیة تعتمد على تقدیم الحوافز وبرامج الدعم لقطاعات ومؤسسات الإنتاج (ولیس للقطاع المعیشی)، وفی إطار السیاسة النقدیة فقد أتاحت الدولة قروض بقیمة 3.5 تریلیون دولار لدعم قطاع الإنتاج. إلا أن الدراسة خلصت إلى أن هذه السیاسات لم تؤتی بثمارها فی الحد من الأثار الاقتصادیة للأزمة وعدم استجابة قطاعات الإنتاج لهذه الحوافز السیاسیة والمالیة.

3. القنوات التی تؤثر من خلالها جائحة (کوفید-19) على الاقتصادات الأفریقیة:

یمکن تحلیل قنوات تأثیر أزمة کرونا على اقتصادات افریقیا جنوب الصحراء من خلال تحلیل تأثیرها الحالی والمحتمل على جانبی الطلب والعرض الکلی. فمن جانب الطلب من المتوقع أن تخلف هذه الأزمة أثاراً هیکلیة على کل من الانفاق الحکومی، الصادرات والواردات، الانفاق الاستثماری بجانب الاثار المتوقعة على الاستهلاک الکلی، أما من جانب العرض الکلی فمما لا یدعو للشک أنها ستخلف أثارا کبیرة على القطاعات الانتاجیة المختلفة، کما أن الصدمات التی قد تطرأ على العرض تخلف بدورها تأثیراً إضافیاً على الطلب الکلی یؤثر بدوره على العرض (الإنتاج ومعدلات التوظف) بحیث تدخل الدول إلى أزمات کساد متتالیة لا یمکن الفکاک منها دون تبنی سیاسات مالیة ونقدیة قادرة على کسر هذه الحلقة. کذلک یمتد تأثیر هذه الأزمة إلى ما تحدثه من صدمات خارجیة لاقتصادات هذه الدول لما تخلفه من تأثیر کبیر على تدفقات التجارة ورؤوس الأموال وسلاسل القیم المضافة العالمیة. وبشکل عام یمکن تحدید المحددات الرئیسیة لحجم التأثیر الاقتصادی للجائحة فی دول افریقیا جنوب الصحراء فیما یلی:

أ‌)       درجة الانفتاح لاقتصادی للدولة على الاقتصادات العالمی ومدى اعتماد اقتصاداتها على الخارج سواء فی التجارة أو الاستثمارات أو حتى فی المساعدات الخارجیة.

ب‌)  طبیعة الهیکل الاقتصادی للدولة ومدى ارتباطه بسلاسل القیمة المضافة العالمیة والتی تأثرت بشدة جراء الجائحة، أو مدى ارتباطه بالأسواق العالمیة والطلب الخارجی مثل قطاع البترول والتعدین وقطاع السیاحة وقطاع النقل والخدمات اللوجستیة.

ت‌)  مستوى انتشار المرض فی الدولة والمدى الزمنی لهذا الانتشار.

ث‌)  سرعة استجابة السیاسات الاقتصادیة (المالیة والنقدیة) للأزمة والاثار المترتبة علیها بحیث تکون إما سیاسات احترازیة استباقیة تحد من الأثار أو سیاسات معالجة للآثار الناجمة عن الأزمة.

ویستلزم تحلیل الاثار الاقتصادیة للأزمة فی البدایة تقسیم دول افریقیا جنوب الصحراء إلى أربعة مجموعات تختلف حدة وقنوات التأثیر بینها، وهی الدول الأفریقیة المنتجة للبترول، الدول الأفریقیة الغنیة بالموارد الطبیعیة غیر البترولیة، الدول الافریقیة التی یعتمد اقتصادها على القطاعات الأشد تضرراً مثل السیاحة والخدمات اللوجستیة، الدول الأفریقیة الأخرى (ویبین الجدول رقم (م1) فی الملاحق تقسیم دول افریقیا جنوب الصحراء على هذه المجموعات).

فبالرغم من أن الاقتصادات الإفریقیة کلها من المتوقع أن تتأثر بشدة نتیجة الأزمة، إلا أن الدول الافریقیة المنتجة للبترول من المتوقع أن تکون من أکثر الاقتصادات المتضررة جراء هذه الأزمة ذلک لأنه بجانب الاثار الاقتصادیة المتوقعة للکرونا، فهناک أیضاً الاثار المترتبة على الانهیار أو التداعی الکبیر فی أسعار البترول والذی بدأ منذ بدایة العام -وإن کان تسارع مؤخراً نتیجة تباطؤ الطلب العالمی، حیث انخفض من قرابة 65 دولار ینایر 2020 إلى حوالی 21 دولار فی نهایة شهر ابریل ومن المتوقع أن یستمر فی الانخفاض کما یتبین من الشکل رقم (2). وهو الأمر الذی من شأنه أن یخلف أثاراً کبیرة على اقتصادات الدول خاصة فی ظل اعتمادها الکبیر على هذا القطاع کمصدر رئیسی للدخل وعدم تنوع هیاکلها الاقتصادیة مما یجعل اقتصاداتها شدیدة الهشاشة والتأثر لهذا الانخفاض الکبیر فی الطلب وبالتالی أسعار البترول.

 

 

 

 

 

 

 

وبالمثل ستکون الدول الافریقیة التی یعتمد اقتصادها على الموارد الطبیعیة أو التی تعتمد بصورة على قطاع السیاحة أو الخدمات اللوجستیة أکثر تضرراً من الدول الأخرى لانخفاض أسعارها لتدنی الطلب العالمی علیها أیضاً وذلک کم یتبین من الشکل رقم (3).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أما باقی القطاعات الإنتاجیة فمن المتوقع ان تتأثر کذلک بالأزمة نتیجة مجموعة من العوامل المتداخلة منها:

أولا: انخفاض الاستهلاک الخاص، وهو المکون الرئیسی فی الطلب المحلی لاقتصادات معظم الدول الافریقیة نتیجة لانخفاض الدخل الناتج عن تقلیل العمالة کإجراء وقائی للمرض، وکذلک انخفاض المعروض من السلع الاستهلاکیة نتیجة انخفاض معدلات التجارة العالمیة. ومن ناحیة أخرى العوامل النفسیة التی تدفع الافراد فی حالة عدم التأکد إلى تقلیل الاستهلاک الحالی تحسباً لما قد یطراً مستقبلاً أو تحسباً لاستمرار الجائحة لفترة أطول (Lewis, 2020).  

ثانیاً: تراجع إنتاجیة القطاعات الاقتصادیة المختلفة نتیجة انخفاض مستویات العمالة تزامناً مع الإجراءات الوقائیة المصاحبة للأزمة من جهة، تراجع معدلات الاستثمارات المحلیة والأجنبیة على وجه خاص من جهة أخرى.

ثالثاً: استمرار حالة عدم التأکد والتی تؤثر سلباً على معدلات الادخار والاستثمار.

بالإضافة إلى الصدمات الداخلیة للعرض الکلی والطلب الکلی هناک أیضاً الصدمات الخارجیة الناتجة عن جائحة کرونا التی انتشرت فی دول العالم أجمع والتی من شأنها أن تؤثر على دول أفریقیا جنوب الصحراء من جانبین:

أولاً: انخفاض الطلب العالمی على السلع والموارد الطبیعیة (ومنها البترول) والذی من شأنه لأن یؤثر سلباً على حجم الصادرات الأفریقیة وکذلک تأثر الواردات من السلع الأساسیة والرأسمالیة التی تعتمد علیها الدول الأفریقیة مما یخلف تأثیراً بالغاً على موازینها التجاریة ومشکلة ضغوط تضخمیة بهذه الدول نظراً لأن الواردات للدول الأفریقیة عادة ما تکون من السلع الأساسیة.

ثانیاً: انخفاض حجم التدفقات الرأسمالیة سواء کانت استثمارات أجنبیة أو مساعدات خارجیة نتیجة حالة عدم الیقین أو التأکد الی أصابت اقتصادات العالم أجمع.

 

4. التأثیرات الاقتصادیة الکلیة المتوقعة لجائحة کوفید-19 فی دول افریقیا جنوب الصحراء:

من المتوقع أن تؤدی التأثیرات المباشرة وغیر المباشرة لجائحة کوفید-19 إلى مجموعة من الـتأثیرات على مؤشرات الأداء الاقتصادی الکلی لدول أفریقیا جنوب الصحراء سواء الأداء الداخلی (مثل العجز العام والبطالة والتضخم) أو الأداء الخارجی (العجز التجاری ومیزان المعاملات الرأسمالیة). حیث توقع تقریر صندوق النقد الدولی عن الأداء الاقتصادی الإقلیمی لأفریقیا جنوب الصحراء أن ینخفض الناتج المحلی الإجمالی لهذه الدول بصورة حادة لیصبح المعدل السنوی المتوقع لعام 2020 لدول جنوب الصحراء حوالی -1.6%، وذلک کما یتبین من الشکل رقم (4)، وهو أقل بحوالی 5.2 نقطة مئویة عن النمو المتوقع لهذه الدول قبل الجائحة (IMF, 2020). وقد قدر البنک الدولی التکلفة الناجمة عن هذا الانخفاض فی الناتج المحلی الإجمالی لإفریقیا جنوب الصحراء بما یتراوح ما بین 37 ملیار دولار إلى 79 ملیار دولار (World Bank, 2020).  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

      وبنظرة أکثر عمقاً للنمو الاقتصادی المتوقع على مستوى الدول الأفریقیة، کما یتبین من الشکل رقم (5)، فیلاحظ أن الدول المنتجة للبترول من المتوقع أن تحقق مستوى أقل من النمو الاقتصادی حیث من المتوقع أن ینخفض الناتج المحلی الإجمالی فی عام 2020 فی الدول الأفریقیة البترولیة بمعدل -2.8% وهو أقل من معدل النمو المتوقع قبل الجائحة بحوالی 5.3 نقطة مئویة، بل أن نیجیریا وهی أکبر دول افریقیا جنوب الصحراء المنتجة للبترول من المتوقع أن ینخفض ناتجها المحلی الإجمالی فی 2020 بحوالی -3.4%.

أما الدول المصدرة للموارد الطبیعیة غیر البترولیة، فمن المتوقع کذلک أن ینخفض ناتجها المحلی الإجمالی فی عام 2020 وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولی، حیث من المتوقع أن ینخفض بحوالی -2.7% بانخفاض حوالی 5 نقاط مئویة عن معدل النمو الذی کان متوقع تحقیقه لهذه الدول قبل الجائحة (IMF، 2020).

فی حین أنه من المتوقع أن تکون الدول التی لا یعتمد اقتصادها على الموارد الطبیعیة هی الأقل تأثراً بالجائحة بل أنها من المتوقع أن تحقق متوسط معدل نمو إیجابی یبلغ 2% وإن کان یظل أقل من النمو المتوقع قبل الجائحة بحوالی 4.2 نقطة مئویة. باستثناء الدول التی کان یعتمد اقتصادها بصورة کبیرة على السیاحة مثل الرأس الأخضر، وجزر القمر، ومورشیوس، وسیشل وجامبیا وساوتومی وبرنسیب، حیث من المتوقع أن ینخفض متوسط معدل نموها السنوی خلال عام 2020 لیبلغ حوالی -5.1% (IMF، 2020).   

 

أ‌)  التأثیرات على الأداء الاقتصادی الداخلی:

أما فیما یتعلق بالموازنة العامة، فمن المتوقع أن یرتفع حجم العجز العام فی موازنات حکومات أفریقیا جنوب الصحراء نتیجة ارتفاع النفقات خاصة المرتبطة بالقطاع الصحی حیث قدرت الاحتیاجات المالیة للقطاع الصحی فی افریقیا جنوب الصحراء خلال 2020 بحوالی 10.6 ملیار دولار (Kitenge, 2020)، وکذلک انخفاض الإیرادات الحکومیة سواء المرتبطة بقطاعات الموارد الطبیعیة أو غیرها من الإیرادات الضریبیة، حیث من المتوقع أن یبلغ متوسط هذا العجز فی دول افریقیا جنوب الصحراء کنسبة من الناتج المحلی الإجمالی حوالی 7% بعد أن کان یبلغ 4.3% عام 2019. ومن المتوقع أن یبلغ متوسط هذه النسبة فی الدول البترولیة حوالی -5.8% بعد أن کانت -3.4% فی العام السابق، أما الدول غیر البترولیة فتبلغ حوالی -7.7% بعد أن کانت -4.9% فی عام 2019.

 

على صعید اخر، من المتوقع أن تؤدی الازمة إلى ارتفاع معدلات البطالة، حیث قدرت احد الدراسات الأخیرة  الزیادة المتوقعة فی معدلات البطالة فی قطاع الزراعة والذی یساهم فی تشغیل النسبة الأکبر من سکان افریقیا جنوب الصحراء بحوالی 60%، بالإضافة إلى الخسائر التی ستلحق بمؤسسات الأعمال الصغیرة والمتوسطة نظراً لعدم قدرتها على مواجهة الاثار الاقتصادیة للأزمة وما یرتبط بها من إجراءات وقائیة وهو ما سیخلف أثراً بالغاً على الاقتصادات الدول الافریقیة ومعدلات التشغیل بها نظراً للأهمیة الاقتصادیة لمثل هذه المشروعات فی الاقتصادات الافریقیة.

أما معدلات التضخم فمن المتوقع أن یرتفع متوسطها فی افریقیا جنوب الصحراء من 8.4% عام 2019 إلى 9.3% عام 2020، وتکون الزیادة أکبر فی الدول البترولیة حیث من المتوقع أن یبلغ متوسط معدل التضخم لعام 2020 فیها حوالی 12.6%.

ب‌)التأثیرات على الأداء الاقتصادی الخارجی:

من المتوقع أن تشهد دول افریقیا جنوب الصحراء ارتفاعاً کبیراً فی الدین الخارجی سواء کقیم مطلقة أو کنسبة من الناتج المحلی الإجمالی وهو ما یرجع إلى مجموعة من العوامل منها:

1-  تدهور سعر الصرف نتیجة الصدمات الخارجیة التی ألمت بالصادرات والواردات الافریقیة مشکلة ضغطاً على النقد الأجنبی، وذلک کما یتبین من الشکل رقم (7).

2-  العجز المتزاید فی التمویل المحلی نتیجة ارتفاع النفقات الصحیة وغیرها من النفقات العامة المرتبطة بالجائحة والسیاسات المالیة والنقدیة المختلفة لمواجهة أثارها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

     ومن المتوقع أن ترتفع الدین الخارجی لدول أفریقیا جنوب الصحراء خلال عام 2020 وفقاً لتقدیرات صندوق النقد الدولی من قرابة 54% من الناتج المحلی الإجمالی إلى 64%. ومن المتوقع أن تتباین معدلات الزیادة من فی المدیونیة وفقاً لطبیعة اقتصاد الدول بحیث تتراوح معدلات الزیادة من 10% إلى 25% من الناتج المحلی الإجمالی، بحیث تکون الزیادة الأکبر فی الدول البترولیة والأقل فی الدول غیر الغنیة بالموارد الطبیعیة. (IMF، 2020).

أما فیما یتعلق بالمیزان التجاری، فمن المتوقع أن تشهد دول افریقیا جنوب الصحراء ارتفاعاً فی حجم العجز التجاری نتیجة تراجع صادراتها خاصة فی الدول البترولیة والغنیة بالموارد الطبیعیة، ومن المتوقع أن یبلغ متوسط العجز التجاری لدول افریقیا جنوب الصحراء لعام 2020 بحوالی -4.7% من الناتج المحلی الإجمالی و-4.2% من الناتج المحلی الإجمالی فی 2021. وبالنظر إلى مجموعات الدول الافریقیة یلاحظ أن الدول البترولیة من المتوقع أن تشهد الانخفاض الأکبر حیث من المتوقع أن یرتفع العجز التجاری فی الدول البترولیة من -2.6% من الناتج المحلی الإجمالی عام 2019 إلى -4.2% من الناتج المحلی الإجمالی لعام 2020 و -3% فی عام 2021 (IMF، 2020).

بالإضافة إلى الانخفاض المتوقع فی التدفقات المالیة المتمثلة فی الاستثمارات الأجنبیة المباشرة والمساعدات الخارجیة، هناک کذلک الانخفاض المتوقع فی حجم تدفقات المالیة للعاملین فی الخارج والتی تساهم بنسبة کبیرة فی موازین مدفوعات الکثیر من دول افریقیا جنوب الصحراء.

5. السیاسات الاقتصادیة لمواجهة آثار کوفید-19 فی افریقیا جنوب الصحراء:

اتخذت الدول الافریقیة- کباقی دول العالم- تدابیر وسیاسات معینة لمنع انتشار الوباء، ومن ضمن هذه الاجراءات التی تم فرضها للسیطرة على انتشار الوباء تقیید الانشطة غیر الضروریة واغلاق المدارس والجامعات وتشجیع الافراد على البقاء فی المنازل بل واغلاق مدن بأکملها، الأمر الذی أثر بطبیعة الحال على الانشطة الاقتصادیة فی الدول الافریقیة. وبالتالی کان لابد من استخدام سیاسات اقتصادیة على المستوى المالی والنقدی للتخفیف من اثار هذ الازمة.

وفی ظل مواجهة وضع سریع بالإضافة الی حالة شدیدة من عدم الیقین، استخدمت معظم الحکومات فی جمیع انحاء العالم تدابیر ومقاربات وسیاسات مماثلة – الی حد کبیر- لاحتواء هذه الجائحة. وعلی الرغم من أن بعضاً من الدول الأفریقیة استخدمت سیاسیات تتماشی مع التجارب الدولیة، إلا أنه – نظرا للطبیعة الخاصة للهیاکل الاقتصادیة لدول افریقیا جنوب الصحراء- یمکن القول إن السیاسات الاقتصادیة المنفذة فی دول افریقیا جنوب الصحراء تختلف عن تلک المعتمدة فی الدول المتقدمة وبعض الدول متوسطة الدخل.  ویرجع هذا الاختلاف عن السیاسات العالمیة الی ثلاثة اسباب رئیسیة تتعلق بطبیعة الهیکل الاقتصادی للدول الافریقیة بشکل عام ولدول افریقیا جنوب الصحراء بشکل خاص، وهی:

أولاً: تعد العمالة غیر الرسمیة المصدر الرئیسی للعمالة فی أفریقیا بشکل عام جنوب الصحراء، حیث تمثل فی دول افریقیا جنوب الصحراء نحو 89.2% من اجمال العمالة، وباستثناء الزراعة، تمثل العمالة غیر الرسمیة 76.8% من إجمالی العمالة. کما یفتقر هؤلاء العمال إلى مزایا مثل التأمین الصحی والتأمین ضد البطالة والإجازة مدفوعة الأجر، حیث تتمیز منطقة افریقیا جنوب الصحراء بأقل تغطیة للحمایة الاجتماعیة، فنحو 80% من سکان المنطقة غیر مشمولین بای شبکة امان او براج حمایة اجتماعیة. ومن ناحیة اخرى، فإن غالبیة العمال المعینین فی وضع غیر مستقر، ومعظم هذه الوظائف مؤقتة وذات أجور منخفضة، ولا تقدم الضمان الاجتماعی (World Bank, 2020).

ثانیاً: معظم الشرکات فی دول أفریقیا جنوب الصحراء صغیرة وغیر رسمیة ولدیها عدد قلیل من الموظفین بأجر بل وتعتمد بشکل کبیر على التمویل المجتمعی. حیث تمثل الشرکات الصغیرة والمتوسطة الحجم فی افریقیا جنوب الصحراء ما یصل إلى 90% من جمیع الشرکات ونحو 38% من الناتج المحلی الإجمالی (World Bank, 2020). 

ثالثًا: دفعت المخاوف بشأن التأثیر الاقتصادی السلبی لتفشی کوفید-19 إلى خفض أسعار الفائدة فی العدید من البلدان الأفریقیة تماشیًا مع إجراءات السیاسة النقدیة حول العالم. ومع ذلک، قد لا یکون هذا النوع من التحفیز النقدی فعالاً فی افریقیا جنوب الصحراء لسببین: أولهما انتشار تأثیرات العرض فی ذروة الاحتواء (أی انخفاض عرض العمالة والأعمال المغلقة خاصة فی القطاعات کثیفة العمالة)، والثانی ضعف النقل النقدی فی البلدان ذات الأسواق المالیة المحلیة المتخلفة. وفی هذا السیاق هناک حاجة إلى نوع مختلف من تدخل البنک المرکزی یوفر دعماً للسیولة من خلال خطوط الائتمان المباشر أو القروض التجاریة المضمونة للشرکات الرسمیة وغیر الرسمیة التی یمکن أن تستمر فی الإنتاج فی المستقبل.

وقد تنوعت السیاسات الاقتصادیة التی انتهجتها دول افریقیا جنوب الصحراء ما بین سیاسات مالیة توسعیة تهدف الی زیادة الانفاق الحکومی لتعزیز النظم الصحیة، وتوفیر دعم للعمالة – الرسمیة وغیر الرسمیة-ومساعدة الشکات وقطاعات الانتاج المتضررة، وکذلک ضمان توفیر الخدمات العامة والحکومیة، ومنح ومساعدات من خلال المؤسسات الدولیة وکذلک سیاسات نقدیة تتخذها البنوک المرکزیة لدول افریقیا جنوب الصحراء. وبشکل عام یمکن تحدید أولویات السیاسات الاقتصادیة لمواجهة الأزمة فی:

أولاً: توفیر الموارد المالیة اللازمة لمواجهة التداعیات الصحیة وتلبیة الاحتیاجات الضروریة من غذاء ودواء ومستلزمات طبیة وخدمات أساسیة طوال فترة الأزمة. وقد یتطلب ذلک تدخلات من الحکومة فی النشاط الاقتصادی مثل إعطاء الأولویة لابرام عقود حکومیة لتوفیر مستلزمات الإنتاج والسلع النهائیة الضروریةن أو تحویل صناعات إلى احتیاجات بعینها ، أو اجراء عملیات تأمیم انتقائیة لبعض الأنشطة أو الصاعات. ومن أمثلة ذلک قیام الصین وفرنسا بمصادرة الکمامات الطبیة فی وقت مبکر من الأزمة ومنع تصدیرها، وقیام الولایات المتحدة بتفعیل قانون "الإنتاج الدفاعی" لضمان انتاج المعدات الطبیة اللازمة، وقد یصل الأمر إلى سیاسات تحدید الأنصبة وفرض ضوابط للأسعار وتطبیق قواعد مکافحة الاکتناز.

ثانیاً: توفیر موارد کافیة للمتضررین من الأزمة من الأفراد مثل المنح والمساعدات النقدیة والعینیة وإعانات البطالة.

ثالثاً: دعم القطاعات الإنتاجیة المتضررة من الأزمة من خلال السیاسات المالیة (تقدیم حوافز أو إعفاءات ضریبیة أو حتى دعم لمستلزمات الإنتاج) والنقدیة مثل القروض المیسرة وتسهیلات السداد.

رابعاً: الحیلولة دون أو محاولة تقلیل الاثار الاقتصادیة الکلیة الناجمة عن الأزمة والحیلولة دون الاضطراب الاقتصادی المفرط، مثل سیاسات توفیر النقد الأجنبی وامتصاص صدمات القطاع الخارجی. أو دعم الأسواق المالیة؛

وقد کانت أهم أهداف السیاسات المالیة لمواجهة الأزمة توفیر الدعم اللازم للأفراد ومؤسسات الأعمال لمواجهة الأزمة بجاب توفیر التمویل اللازم لتلبیة الاحتیاجات الأساسیة وتمکین الحکومات من التدخل بشکل ملائم فی الاقتصاد المحلی، بینما استهدفت السیاسات النقدیة مواجهة الاختلالات النقدیة الخارجیة وکذلک توفیر السیولة اللازمة لدفع الطلب المحلی ومعالجته ما ألم به من صدمات أدت إلى انکماشه. وفیما یلی أهم السیاسات المالیة والنقدیة التی تبنتها الدول الافریقیة لمواجهة الأزمة وکذلک السیاسات على المستوى الإقلیمی القاری.

5.1: السیاسات المالیة:

فیما یتعلق بالإنفاق العام؛ لم یستخدم سوى عدد قلیل من البلدان الأفریقیة أموالاً عامة کبیرة للتخفیف من آثار کوفید-19، حیث أعلنت نیجیریا عن صندوق لتخفیف أثر الفیروسات التاجیة بقیمة 9.1 ملیار دولار أمریکی (Ozili, 2020)، وأعلنت غانا عن صندوق إغاثة بقیمة 100 ملیون دولار أمریکی لتوسیع البنیة التحتیة وشراء المواد والمعدات وتحسین التعلیم العام. ومن ناحیة اخرى، طلبت بعض الدول الأفریقیة تبرعات من القطاع الخاص لجمع أموال إضافیة للإغاثة من فیروسات التاجیة مثل وجنوب إفریقیا. ولم یمثل إجمالی الإنفاق الوطنی المحلی فی البلدان الأفریقیة سوى 25٪ من إجمالی الأموال المحلیة والأجنبیة على حد سواء التی استخدمتها البلدان الأفریقیة للاستجابة لوباء کوفید-19 فی حین شکلت القروض الأجنبیة والمنح الأجنبیة 75% من إجمالی الإنفاق من قبل البلدان الأفریقیة. وتهدف سیاسة الانفاق العام الی[1]:

  • تعزیز القدرات الصحیة، حیث وفر وباء الإیبولا الذی ضرب دول غرب ووسط افریقیا فی السنوات الاخیرة سلسلة من الدروس المستفادة فی تحدید اولویات مکافحة کوفید-19 فی مجالات الاتصال الفعال، والمشارکة المجتمعیة، والرعایا الشاملة.
  • توفیر دعم للعمالة الاکثر تضررا، فمن بین 106 دولة علی مستوى العالم وضعت برامج للحمایة الاجتماعیة للتعامل مع الازمة، قدمت 10 دول فی افریقیا جنوب الصراء برامج للحمایة الاجتماعیة[2]. ففی جنوب أفریقیا، وافقت وکالة الضمان الاجتماعی على تقدیم مدفوعات مبکرة للمنح الاجتماعیة لکبار السن وذوی الإعاقة من 30-31 مارس 2020. کما قررت الحکومة انها ستدفع إجازة مرضیة للعمالة المتضررة من الإغلاق لمدة 21 یومًا أو أولئک الذین أصبحوا مرضى أثناء تفشی الوباء، سیتم دفع إعانات التأمین ضد البطالة للعمال المتضررین من خلال الإعانة الوطنیة الجدیدة.  وفی نامیبیا نفذت الحکومة عدة تدابیر للتعامل مع الصعوبات الاقتصادیة وزیادة الإنفاق الصحی بسبب کوفید-19، فعلی سبیل المثال، الموظفون الذین فقدوا وظائفهم فی القطاع الرسمی أو غیر الرسمی ولا یتلقون أی منح أخرى سیحصلون على دفعة لمرة واحدة بقیمة 750 دولارًا نیوزیلندیًا، کما یمکن لدافعی الضرائب اقتراض واحد من اثنی عشر من مدفوعاتهم الضریبیة فی السنة الضریبیة السابقة لیتم سدادها بعد عام واحد بأسعار فائدة منخفضة على خلفیة ضمان حکومی Orton, 2020)).
  • دعم الشرکات لمعالجة مشاکل السیولة. تعانی غالبة الشرکات فی دول افریقیا جنوب الصحراء – نظرا لصغر حجمها وکونها غیر رسمیة- من مشاکل فی السیولة، وبالتالی یعد الحصول على التمویل أحد التحدیات الرئیسیة التی تواجه الشرکات الصغیرة والمتوسطة فی الأوقات العادیة، فقد قدرت الفجوة التمویلیة للشرکات الصغیرة والمتوسطة فی المنطقة - قبل کوفید-19 - بحوالی 331 ملیار دولار أمریکی  (Loayza and Pennings 2020).

5.2: السیاسات النقدیة:

خفض البنک المرکزی لدولة موریشیوس سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة اساس، کما خفض البنک المرکزی لجمهوریة الکنغو الدیموقراطیة سعر الفائدة بمقدار 150 نقطة اساس، وخفض البنک المرکزی لدولة سیشل بمقدار 100 نقطة اساس. فی حین ان البنک المرکزی النیجیری ترک السیاسة النقدیة دون تغییر رغم ارتفاع معدلات التضخم.  وفی مدغشقر، ضخ البنک المرکزی نحو 111 ملیون دولار فی بدایة مارس واعاد ضخ 53 ملیون دولار فی نهایة مارس 2020، کما أصدر تعلیماته بالحفاظ على العملات الاجنبیة. وفی سیشل أعلن البنک المرکزی قصر استخدام احتیاطی النقد الأجنبی لشراء ثلاث بنود فقط هی: الوقود والسلع الغذائیة الأساسیة والأدویة. ویوضح الجدول رقم (م2) فی الملاحق سیاسات البنک المرکزی المتبعة لکل دولة علی حدى من دول افریقیا جنوب الصحراء (Gentilini et al. 2020).

5.3: السیاسات على المستوى الإقلیمی والقاری:

وتجدر الاشارة هنا الی ان التدابیر والسیاسات التی اتخذتها الدول الافریقیة بشکل عام ودول افریقیا جنوب الصحراء بشکل خاص لم تقتصر فقط على السیاسات التی اتخذتها حکومات تلک الدول سواء فی الشق المالی او الشق النقدی، وانما کان هناک سیاسات وتدابیر تم اتخاذها من قبل مؤسسات اقلیمیة وقاریة لتخفیف الاثار الاقتصادیة ل کوفید19. ومن هذه المؤسسات:

1)    مکتب جمعیة الاتحاد الافریقی   The Bureau of the Assembly of the Union: حیث وافقت الجمعیة على إنشاء صندوق قاری لمکافحة کوفید-19، کما وافقت الدول الأعضاء فی المکتب على المساهمة الفوریة بمبلغ 12 ملیون دولار أمریکی کتمویل أولی. والدول الأعضاء والمجتمع الدولی والکیانات الخیریة مدعوة للمساهمة فی هذا الصندوق وتخصیص 4.5 ملیون دولار لتعزیز قدرة مرکز السیطرة على الأمراض فی أفریقیا. ایضا دعت الجمعیة المجتمع الدولی إلى تشجیع الممرات التجاریة المفتوحة، خاصة للأدویة والمستلزمات الصحیة الأخرى. ایضا حثت مجموعة العشرین على تزوید الدول الإفریقیة على الفور بمعدات طبیة ومجموعات اختبار ومعدات واقیة لمکافحة الجائحة ومجموعة حوافز اقتصادیة فعالة تتضمن الإغاثة والمدفوعات المؤجلة. ودعت الجمعیة البنک الدولی وصندوق النقد الدولی ومصرف التنمیة الأفریقی والمؤسسات الإقلیمیة الأخرى على استخدام جمیع الأدوات المتاحة فی ترسانتها للمساعدة فی التخفیف من هذه الآفة وتوفیر الإغاثة للقطاعات الحیویة للاقتصادات والمجتمعات الأفریقیة UNECA ,2020)).

2)    وزراء مالیة الدول الافریقیة: أعلن بیان مشترک مع العدید من وزراء المالیة الأفارقة أن القارة بحاجة إلى 100 ملیار دولار أمریکی للدفاع عن أنظمة الرعایة الصحیة ومواجهة الصدمة الاقتصادیة التی یسببها المرض (CAEMU, 2020).

3)    بنک التنمیة الافریقی: جمع بنک التنمیة الأفریقی سندات استثنائیة بقیمة 3 ملیارات دولار فی سندات مدتها ثلاث سنوات أطلق علیها سندات Fight Covid-19 الاجتماعیة للمساعدة فی تخفیف الأثر الاقتصادی والاجتماعی لوباء کوفید-19. وقد اکتسبت هذه السندات اهتمامًا من البنوک المرکزیة والمؤسسات الرسمیة بما فی ذلک المستثمرون المسؤولون اجتماعیًا، مع عروض تجاوزت 4.6 ملیار دولار.

4)    البنک الافریقی للاستیراد والتصدیر: أعلن البنک عن تسهیلات بقیمة 3 ملیارات دولار أمریکی لمساعدة الدول الأعضاء على تحمل الآثار الاقتصادیة والصحیة لکوفید-19. وکجزء من التخفیف من الاثار، سیقدم البنک الدعم المالی لأکثر من 50 دولة من خلال التمویل المباشر، وخطوط الائتمان، والضمانات، والمبادلات بین العملات وغیرها من الأدوات المماثلة.

وعلی جانب اخر، تلقت العدید من البلدان الأفریقیة مساعدات ومنحاً دولیة للتعامل مع هذه الجائحة. حیث قدم البنک الدولی للحکومة الکینیة نحو 60 ملیون دولار أمریکی (6.1 ملیار شیلن کینی) للمساعدة فی مکافحة جائحة الفیروس التاجی[3]، کما قدمت هیئة التنمیة الدولیة البریطانیة (The UK’s Department for International Development (DFID ما یقرب من 2.24 ملیون دولار أمریکی للیونیسف لتعزیز قدرة ملاوی للتعامل مع الوباء فی البلاد[4]. أیضا وافق البنک الدولی على 14.25 ملیون دولار أمریکی کدعم استجابة رواندا لوباء الفیروس التاجی[5]، بالإضافة الی 47 ملیون دولار أمریکی لدعم جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة خلال جائحة کوفید-19[6]. وافقت مؤسسة التنمیة الدولیة التابعة للبنک الدولی World Bank’s International Development Association (IDA) على منحة بقیمة 2.5 ملیون دولار أمریکی لمساعدة حکومة ساوتومی وبرینسیب فی الاستجابة للتهدید الذی یمثله کوفید-19. ویوضح الجدول رقم (1) المنح والمساعدات التی تلقتها الدول الافریقیة من المؤسسات الدولیة المختلفة لمواجهه کوفید-19.

جدول رقم (1): المساعدات الدولیة لدول افریقیا جنوب الصحراء لمواجهه کوفید 19

الدولة

الجهة المانحة

المبلغ (ملیون دولار)

غامبیا

مؤسسة التنمیة الدولیة التابعة للبنک الدولی(IDA)

10

سان تومی

الحکومة الامریکیة

2.5

الکنغو

البنک الدولی  (47)، البنک الدولی (6)

53

لیبیریا

الحکومة الامریکیة

6

رواندا

البنک الدولی

14.15

ملاوی

هیئة التنمیة الدولیة البریطانیة(DFID)

2.24

کینیا

البنک الدولی

60

السنغال

البنک الدولی

20

جیبوتی

البنک الدولی

5

جنوب افریقیا

البنک الدولی

7.6

الصومال

الحکومة الامریکیة

7

سیرالیون

البنک الدولی

7.5

5)    Peterson K Ozili "COVID-19 in Africa: Socioeconomic Impact, Policy Response and Opportunities", SSRN Electronic Journal, 2020, p.7.

6. خاتمة ورؤى مستقبلیة:

تناولت الورقة دراسة الاثار الاقتصادیة المتوقعة لجائحة کرونا على اقتصادیات دول افریقیا جنوب الصحراء، وقد اوضحت أن تأثیرات هذه الازمة جاءت مزدوجة على الدول النامیة بشکل عام، الامر الذی میزها عن کافة الازمات الاقتصادیة السابقة. حیث تبدأ هذه الازمة بصدمة فی الانتاج المحلی تخلق اثارا فی العرض والطلب وسلاسل الإنتاج أو التورید العالمیة، ثم ینتقل التأثیر بعد ذلک على مؤشرات الاقتصاد الکلی مثل التضخم والبطالة وغیرها وتنتهی بحدوث الکساد.

وفیما یتعلق بتأثیرات هذه الجائحة على مؤشرات الاقتصادی الکلی لدول افریقیا جنوب الصحراء، توصلت الدراسة الی أربع محددات رئیسیة لمدى تأثر الدول وهی: درجة الانفتاح الاقتصادی للدولة، وطبیعة الهیکل الاقتصادی، ومستوى انتشار المرض، والسیاسات الاقتصادیة المتبعة على المستویین المالی والنقدی ومدى استجابتهما للازمة. واستنادا الی تلک المحددات؛ أوضحت الدراسة ان الدول الافریقیة البترولیة، وتلک التی یعتمد اقتصادها على الموارد الطبیعیة والسیاحة هی الدول الاکثر تضررا من الازمة. توقعت الدراسة ایضا حدوث خلل فی الأداء الاقتصادی الداخلی والخارجی لدول افریقیا جنوب الصحراء، یتمثل الخلل الداخلی فی عجز موازنات دول افریقیا جنوب الصحراء مرتبط بزیادة الانفاق على القطاع الصحی وانخفاض الایرادات الخاصة بقطاعات الموارد الطبیعیة والایرادات الضریبیة. واما الخلل الخارجی فیتمثل فی عجز فی موازین مدفوعات الدول کنتیجة لتراجع الصادرات بالإضافة الی تزاید اعباء الدین الخارجی نظرا لانهیار اسعار الصرف.

أما فیما یتعلق بالسیاسات الاقتصادیة التی اتخذتها دول افریقیا جنوب الصراء للتعامل من کوفید-19، اوضحت الدراسة ان ما استخدمته دول افریقیا جنوب الصحراء قد یختلف الی حد ما عن السیاسات المتبعة عالمیا وذلک لأسباب تتعلق وطبیعة الهیاکل الاقتصادیة لهذه الدول، کما استعرضت الدراسة اهم السیاسات المالیة والنقدیة التی تم اتخاذها سواء من قبل حکومات هذه الدول او من مؤسسات على المستوى الاقلیمی القاری.

وتجدر الاشارة هنا أنه یجب التعامل مع أزمة الکرونا باعتبارها أزمة کاشفة لما یشوب الأداء الاقتصادی من عوار أو خلل ومعالجة تفرض على الدول علا اختلالاتها الاقتصادیة ومنشأة لأوضاع اقتصادیة جدیدة. بمعنى أن جزء کبیر من الاثار الاقتصادیة المترتبة على الأزمة والتی تم تناولها فی هذه الورقة هو یرجع فی الأصل إلى اختلالات هیکلیة فی اقتصادات دول افریقیا جنوب الصحراء جعلتها أکثر انکشافاً للصدمات الاقتصادیة الخارجیة وأکثر عرضة للتقلبات والصدمات المحلیة، مثل اعتمادها المفرد على قطاعات اقتصادیة أولیة، اعتمادها وارتباطها بشکل کبیر بالأسواق العالمیة فی توفیر احتیاجاتها الأساسیة، اعتمادها بصورة مکثفة على مصادر التمویل الخارجیة وهکذا. وهنا یأتی دور الأزمة الحالیة فی کونها کاشفة لهذا العوار الاقتصادی، وموجبة للتعامل معه وعلاجه، ولیس التعامل مع الأزمة وتأثیراتها بصورة مؤقتة مثل ما حدث فی الأزمات الاقتصادیة السابقة (وکان اخرها الأزمة المالیة العالمیة) حیث تتنکب اهتمام الدول فی معالجة الاثار المؤقتة فقط. دون احداث تغییر هیکلی حقیقی فی اقتصادات الدول.    

بذلک یجب على دول افریقیا جنوب الصحراء تطویر قدرة النظم الصحیة، بالإضافة الی توفیر الحمایة للشرکات صغیرة ومتوسطة الحجم خلال الازمة. کما یجب على حکومات دول افریقیا جنوب الصحراء استصدار تشریعات من شأنها حمایة العمالة والقطاعات الحیویة للحفاظ على القدرة الانتاجیة وراس المال البشری للمؤسسات وهو أمر ضروری لإعادة تشغیل الاقتصاد بعد انتهاء الوباء الصحی. کما یستلزم الأمر أیضاً وضع برامج أکثر فعالیة للرعایة الإجتماعیة. فعلی الرغم من تعدد تلک البرامج، إلا ان التحویلات النقدیة لا تزال تعد هی الأفضل والأنسب لدول افریقیا جنوب الصحراء لیس فقط لسهولة تقدیمها بل ولإمکانیة وصولها الی القطاع غیر الرسمی.

على صعید أخر، فإن الأزمة الحالیة یجب أن تکون بدایة للإعادة ترتیب الأولویات الاقتصادیات للدول الأفریقیة. بحیث تدفع هذه الدول بضرورة الإسراع فی تنوع هیاکلها الاقتصادیة، وتطویر وتنمیة قطاعاتها الصناعیة المحلیة (توطین الصناعات) استغلالاً لانخفاض المعروض من السلع المستوردة نتیجة الأزمة، وتقلیل معدلات انکشافها واعتمادها على الاقتصاد العالمی. کما أنها جاءت کاشفة لضرورة تطویر البنیة التحتیة فی الاقتصادات الأفریقیة خاصة البنیة التحتیة الصحیة مما یستلزم إعادة ترتیب أولویات الاتفاق العام فی تلک الدول. کذلک فإن هذه الأزمة قد تکون حافزاً للتعجیل بعملیة الرقمنة الاقتصادیة أو التحول الرقمی التی تبناها مؤخراً الاتحاد الأفریقیة ودوله خاصة فیما یتعلق بالقطاع المالی والمصرفی.

وترى الدراسة ان هناک مجموعة من التساؤلات التی ربما تحتاج الی دراسات مستقبلیة للإجابة عنها وهی: مدى تأثر الفقر وجهود التنمیة الاقتصادیة المستدامة بالزمة؟ هل ستقلل دول افریقیا جنوب الصحراء من تعرضها التجاری لدول مثل الصین من أجل الحد من تعرضها للصدمات الخارجیة فی المستقبل؟ هل ستقلل الدول الأفریقیة البترولیة من اعتمادها على عائدات النفط لتقلیل تعرضها للصدمات الناجمة عن الانخفاض الکبیر فی أسعار النفط؟ هل ستقوم الحکومات الأفریقیة بتطویر البنیة التحتیة الحالیة أو إنشاء بنیة تحتیة جدیدة، بما فی ذلک البنیة التحتیة للرعایة الصحیة، التی یمکن أن تساعد فی الحد من تأثیر الأزمات المستقبلیة؟ هل ستقوم البنوک الإفریقیة ببناء احتیاطیات رأسمالیة کافیة أو احتیاطیات رأسمالیة لا تحتاج إلى منح فی اوقات الازمات؟ وأخیرًا، فإن هذه الأزمة هی أیضًا فرصة للتفکیر فی التعاون الإقلیمی فی معالجة هذا الوباء والأزمات المستقبلیة، فهل یعتبر الاتحاد الافریقی الان ومؤسساته مؤهلاً لذلک.